بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا و نبينا أبي القاسم المصطفى محمد، و على آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين، سيما بقية الله في الأرضين.
مرحباً بكم كثيراً أيها الإخوة و الأخوات الأعزاء من أهالي مدينة قم. لقد تسجل اسم قم في التاريخ بهمم أهاليها باعتبارهم رواداً و طلائع. مهما مضى الزمن، من ذلك الحين إلى هذا الحين، عززت الأحداثُ و التجاربُ التي خاضها أهالي قم الأعزاء ذلك المفهوم و عملت على استمراره. الحمد لله على أن قم قطب الثورة و مركزها و منبتها و ستكون إن شاء الله منطلق استمرارها و تعزيزها المطرد. مرحباً بكم كثيراً، و أجزل الله تعالى لكم الأجر. و هذا النشيد الجميل الذي قرأتموه و ذلك الجزء الذي يتكرر بعد عدة أبيات يجب أن يخاطب به سيدنا الإمام المهدي المنتظر (أرواحنا فداه) و لا أحد سواه. لنتعوّد على أن نهدي و نقدم كل إخلاصنا و كل تضحياتنا و كل محبتنا و كل قلوبنا لذلك الإنسان الجليل الكبير. الدعاء لذلك العظيم يستدعي أن يدعو هو أيضاً لمن يدعو له. هذا شيء موجود في رواياتنا.
قيل الكثير حول التاسع عشر من دي [انتفاضة أهالي قم ضد نظام الشاه فی التاسع من کانون الثاني 1978 م] الذي اجتمعتم اليوم هذا الاجتماع الدافئ الصميمي بمناسبته. تحدثنا نحن خلال هذه الأعوام و تحدث الآخرون. و بعض الكلام مكرر و ليس بجديد، و لكن رغم كل هذه الأحوال فإن التاسع عشر من دي لا يقدم و لا يبلى. أن نكرر بعض الأشياء التي سبق أن قلناها فهذا لا يقتضي أن تكتسي الحادثة لون القدم، و الأمر في ذلك مثل حادثة عاشوراء. لا نريد المقارنة بين أهمية تلك الحادثة و الحوادث الأخرى، و لكن في مقام التشبيه مثل حادثة عاشوراء. حادثة كالشمس المشرقة موجودة كل يوم لكنها لا تقدم و لا تبلى و لا تكتسي لون القدم. في كل سنة و في كل شهر تشع بالنور و الطاقة و القوة في حياة هذا المجتمع و المجتمعات الإسلامية. و هذه الحادثة أيضاً على هذا النحو، فهي من سنخ حادثة عاشوراء. و السبب هو أن الفعل الذي حصل في التاسع عشر من دي كان فعلاً عظيماً. فعل متى ما حصل شبيهه بين أبناء شعب من الشعوب أو جماعة ستكون له آثار مذهلة. طيب، الأرضية كانت مهيأة بين شعب إيران، و من دون الأرضية المهيأة لا يصل أي عمل إلى ثماره و نتائجه. كلمات الإمام الخميني طوال أعوام الكفاح هذه، و كفاح الذي كافحوا و جاهدوا، و إيضاح و نشر الأفكار الثورية في كل أنحاء البلاد، أضف إلى ذلك مكانة رجال الدين و المرجعية بين الشعب و التي تكرّست بين الناس منذ قرون، كانت كلها أرضية، لكن هذه الأرضية كانت بحاجة إلى مفتاح يحركها و يشغلها، و قد حرّك أهالي قم ذلك المفتاح. كان عملاً عظيماً. نزلوا إلى الساحة دفاعاً عن الإمام الخميني الجليل. و لم تكن الساحة ساحة مألوفة عادية. كانت ساحة رصاص و إطلاق نار و رعب و قمع. نزلوا إلى الساحة من دون خوف و بشجاعة تامة و بإدراك و وعي في الوقت المناسب - و أنا أشدد على هذه الكلمة: الوعي في الوقت المناسب، و الشعور بالواجب في الوقت المناسب، لا بعد تأخير و بعد فوات الوقت المناسب - و قد فعل الدم المراق بغير حق في التاسع عشر من دي و شجاعة أهالي قم و تدخلهم في اللحظة المناسبة اللازمة و إدراك الواجب في اللحظة اللازمة، فعل كل هذا فعله. و قد كان هذا في الواقع مفتاحاً أدير و تحرك فتحركت تلك الأرضية و نهض الشعب. إذن، كان عمل أهالي قم عملاً لا يطاله النسيان.
لا أريد استعراض التاريخ. لدي�و رجل دين، كان هذا مستحيلاً. لذلك لم يستطع أي جهاز من الأجهزة الاستخبارية في العالم تخمين وقوع هذا الحدث، لأنه لم يكن منسجماً مع الحسابات العادية.
في مثل هذا البلد تقع مثل هذه الثورة و لا تخفق و لا تفشل - و سوف أشير إلى مقارنة بينها و بين أحداث أخرى في هذا البلد - و تقيم الثورة نظاماً و تصنع نظاماً و تظهر جمهورية إسلامية و تبقى هذه الجمهورية الإسلامية و تتعزز و تتقوى يوماً بعد يوم و تتجذر، لم تكن هناك أية قاعدة مادية أو حسابات مادية تقبل حصول مثل هذا الشيء أو تعتبره ممكناً، لكنه حصل. و حصوله دليل على أن هناك قوانين تسود عالم الوجود لا يعرفها أهل المادة و الماديات، و لا يرونها، «سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذينَ خَلوا مِن قَبل» (1). و يقول في موضع آخر: «سُنَّةَ اللهِ الَّتي قَد خَلَت مِن قَبل» (2). سنة الله معناها القوانين الإلهية. هناك قوانين في عالم الوجود و في كل هذا الكون العظيم. إنها قوانين مثل القوانين الطبيعية و مثل قوانين الجاذبية و مثل قوانين النجوم و الشمس و القمر و حركة القمر و الشمس في الأيام و الليالي. هذه قوانين، قوانين طبيعية. و هكذا توجد قوانين في المجتمعات الإنسانية، و أهل المادة لا يستطيعون مشاهدة هذه القوانين و إدراكها بأعينهم القصيرة النظر، لكنها موجودة. طيب، عندما نوفر أرضية هذه القوانين بأيدينا فإن الله تعالى سيحكّم القوانين. النار تحرق، و يجب أن توفروا أنتم الأرضية و تشعلوا ناراً و تضعوا الجسم غير المرطوب على النار و سوف يشتعل. وفروا الأرضية و سوف يفعل القانون الطبيعي فعله. يجب توفير الأرضية المناسبة، و قد وفر الشعب الإيراني هذه الأرضية. هذا كلام قاله كبارنا، و قد قاله القرآن الكريم تكراراً، و ورد في كلمات الأئمة الأطهار (عليهم السلام) و أحاديث الرسول الأكرم (ص) الشريفة. «فَلَمّا رَأَى اللهُ صِدقَنا اَنزَلَ بِعَدُوِّنَا الكبتَ وَ اَنزَلَ عَلَينا النَّصر» (3). يقول الإمام أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (عليه السلام) في نهج البلاغة: خوضوا غمار الساحة بصدق و اصبروا و اثبتوا و قاوموا و سيكبت الله عدوكم و يقمعه و ينصركم. هذه قاعدة كلية و قانون. و قد تحققت هذه القاعدة في الثورة، فقد نزلت جماهير الشعب إلى الساحة بصدق و صبرت و قاومت.
طيب، لنخلص هنا إلى نتيجة، و هي أن ثمة أمامنا جبهة واسعة من الأعداء. جبهة واسعة من الأعداء تمتد من زعماء الكيان الصهيوني إلى ساسة الحكومة الأمريكية إلى باقي عملاء و أذرع الاستكبار العالمي، إلى العناصر التكفيرية و داعش، أي إنها جبهة بهذا الحجم الكبير. طيف هائل و غير متجانس. هؤلاء كلهم أعداء نظام الجمهورية الإسلامية. إذن، هناك جبهة، و بوسعهم فعل الكثير، فهم يشنون الهجمات الإعلامية، و كل هذه الأجهزة الإعلامية في العالم في قبضتهم، و ينشرون و يروّجون عن الجمهورية الإسلامية كل ما يحلو لهم. و المفاتيح الاقتصادية بأيديهم، و القدرات السياسية بأيديهم، و الأنظمة الأمنية بأيديهم، و الأجهزة الاستخبارية أجهزتهم. هؤلاء يقفون مقابل نظام الجمهورية الإسلامية. البعض حينما تقع أنظارهم على هذه الجبهة ترتعد قلوبهم. و السبب هو أنهم غافلون عن تلك الكلمة المفتاحية المهمة أي السنة الإلهية. لقد واجهت الثورة مثل هذه العداوات بل و أكثر، لكنها انتصرت. و اليوم أيضاً توجد نفس تلك العداوات، و اليوم أيضاً إذا عملتم بلوازم النصر فسوف تنتصرون، لا شك في هذا. «فَلَمّا رَأَى اللهُ صِدقَنا اَنزَلَ بِعَدُوِّنا الكبت». هذا شيء يصدق اليوم أيضاً. عندما نخوض الميدان بصدق أنا و أنتم، و نعمل بلوازمه، و نصمد و نكون على بصيرة، و نتصرف في اللحظة اللازمة، و نتحدث بشكل صحيح، و نعمل بصورة صائبة، و ننزل للساحة بصدق، فسيكون نفس هذا الذي قاله الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب: «اَنزَلَ بِعَدُوِّنا الكبتَ وَ اَنزَلَ عَلَينا النَّصر»، سيكون النصر لنا، و سيكون الكبت و القمع للعدو. طيب، إذن إلى هنا كانت الثورة باعتبارها قطباً أساسية و نيراً، كانت درساً كبيراً لمستقبلنا.
و قد قلنا إن هذه الثورة حدث منقطع النظير بالمقارنة إلى الأحداث الأخرى. إذا قارنّاها بالأحداث الأخرى التي وقعت في هذا البلد أو أحداث العالم وجدنا أنها منقطعة النظير. و سيطول المقام إذا أردت الخوض في هذا الموضوع و مقارنتها ببعض الثورات الكبرى. و سبق أن تحدثنا في هذا المجال، و لكن إذا قارنّا الثورة بالأحداث في داخل بلادنا، من قبيل نهضة تأميم النفط مثلاً و التي كانت حدثاً كبيراً في البلاد، هناك أيضاً نزلت الجماهير إلى الساحة و كان لهم حضورهم و مشاركتهم، و قد اتخذت حركتهم عنوان النهضة الوطنية في لغة السياسيين. بماذا كانت تطالب النهضة الوطنية؟ لقد كانت تطالب بالحد الأدنى، لم تكن تسعى إلى الاستقلال الاقتصادي و الاستقلال السياسي و الاستقلال الشامل. كان نفطنا كله بيد البريطانيين، و كانت المطالبة في النهضة الوطنية لتأميم النفط هي إخراج النفط من يد الإنجليز ليكون في أيدينا. هذا لم يكن شيئاً كبيراً جداً، كان بالطبع مهماً لكنه لم يكن يمثل استقلالاً كاملاً. في تلك النهضة أيضاً نزل الشعب إلى الساحة و وقعت أحداث، لكن النهضة لم تستمر لأكثر من سنتين أو ثلاث سنوات، لم تستمر أكثر من سنتين أو ثلاث سنوات! استطاع العدو قمع تلك النهضة، فلم تستمر. و بعد ذلك عندما قمعت النهضة عاد وضع النفط إلى أسوء مما كان عليه في السابق، أي إن الكنسرسيوم الذي تشكل بعد أحداث الثامن و العشرين من مرداد في البلاد كان وضعه أسوء بكثير مما كان في السابق، بمعنى أن النفط إذا كان سابقاً بيد الإنجليز، صار الآن بيد الإنجليز و أمريكا! كان وضع النفط بيد الأعداء تماماً و على الإطلاق، و بقي هكذا إلى النهاية، و إلى أن انتصرت الثورة. لاحظوا هنا أن قضية الثورة لم تكن قضية النفط بل قضية الاستقلال الكامل، الاستقلال السياسي و الاستقلال الاقتصادي و الاستقلال الثقافي. رفعت هذه الشعارات في الساحة، و هذا مما لا يقبل المقارنة بالنهضة الوطنية، و مع ذلك لم تصمد تلك النهضة بينما نجحت هذه النهضة أي الثورة و بقيت و استمرت.
المقارنة مع نهضة الدستور، لنقارن الثورة بقضية النهضة الدستورية. الدستورية بدورها حادثة على جانب كبير من الأهمية في هذا البلد، و لكن ماذا كانت مطالبات النهضة و الثورة الدستورية؟ تقييد حكومة الملوك الاستبدادية المطلقة، أي ليبقى الملك و تبقى أوامره و نواهيه و لكن تتقيد تلك السلطة المطلقة التي كانت لديه، كأنْ يتشكل على سبيل المثال مجلس شورى، هذه كانت مطالبة النهضة الدستورية. و قد نزل الكثير من أبناء الشعب إلى الساحة - شارك أفراد متنوعون - و قتلوا و استشهدوا، لكن العدو تسلط عليهم و أمسك زمام الأمور بيده، و الواقع أنه قضى على النهضة الدستورية. و تضاعفت الدكتاتورية بعد القضاء على الثورة الدستورية! أي بعد خمسة عشر عاماً على توقيع الدستورية وصل رضا خان إلى سدة الحكم، رضا خان الذي لا يمكن مقارنة دكتاتوريته بأية واحدة من الدكتاتوريات السابقة: ظالم هتاك عدواني بكل الطرق و خادم للأجانب. الآخرون إذا كانوا مستبدين لم يكونوا مستسلمين للأجنبي بهذه الصورة. جاء رضا خان بأمر الأجنبي و ذهب بأمر الأجنبي، و كان البريطانيون الكل في الكل. ما إن إراد أن يتحرك قليلاً حتى لطموه على رأسه و انتهى و ذهب. النهضة الدستورية رغم أنها كانت مطلباً في الحد الأدنى لكنها لم تكن ممكنة الاستمرار، و لم تستمر، و انتهت.
فماذا عن الثورة الإسلامية؟ لم تقل الثورة الإسلامية لنقيد سلطة السلاطين و الملوك، بل قالت: ما معنى الملكية أساساً؟ ما معنى الحكم الملكي؟ شعب يعيش و البلاد بلاده فلماذا يجب أن يتسلط شخص واحد على الشعب و تنفذ أحكامه و أوامره في حياة الشعب. الثورة قضت على أساس الملكية و أساس الحكومة المطلقة. لكن الثورة بقيت. لاحظوا أن هذا البقاء له تحليله و تعليله أنْ لماذا بقيت؟ لماذا مع أن الشعب كان له حضوره في النهضة الوطنية - طبعاً ليس مثل الثورة، لكن الشعب كان له حضوره هناك إلى حد كبير - و مع أن مطاليبها كانت في الحدود الدنيا لم تستطع الدوام، لكن الثورة الإسلامية بقيت بمطاليبها الكبيرة القصوى في الاستقلال؟ لماذا لم تستطع النهضة الدستورية بمطاليبها القليلة الدنيا المتمثلة بتقييد السلطة المطلقة أن تستمر، بينما نجحت و بقيت الثورة الإسلامية بمطاليبها الكبرى القصوى و المطالبة باستئصال السلطة الملكية و النظام الشاهي في البلاد؟
هذه أمور تحتاج إلى تحليل. أنتم الشباب قوموا بهذه التحليلات فالأمر واضح بالنسبة لي. ليذهب الشباب و يحللوا و يفكروا و ينظروا ما الذي كان له دور هنا؟ و أي عنصر كان له تأثيره بحيث لم تستطع تلك النهضات أن تتواصل و تستمر و تؤتي ثمارها و نتائجها النهائية، بينما استطاعت هذه الثورة أن تصمد باقتدار؟ ما كان السبب؟ ليحلل الشباب هذه الأمور و يفكروا فيها. إذا استطعنا تقديم تحليلات صحيحة لهذه الأحداث، عندها ستعود بذور الرعب و الخوف و اليأس التي ينثرها البعض في قلوب الناس بالية ميتة تماماً و ستزول من الوجود. إذا استطعنا أن نفهم بصورة صحيحة فسيكون طريق مستقبل هذا البلد مشرقاً تماماً. البقاء و الاستمرار و الصبر و الإطاقة بالنسبة لحدث اجتماعي عنصر مهم للغاية. نعم تقع أحداث في العالم تكون أحياناً كبيرة جداً لكنهم يمحونها، و يتسلط العدو عليها و يقضي عليها. أنْ تستطيع ثورة البقاء فهذا شيء مهم جداً. طبعاً هذه أمور تستلزم بحوثاً مطولة و على الشباب أن يطالعوا و يبحثوا بعض الشيء.
خذوا على سبيل المثال الثورة الفرنسية الشهيرة - و المعروفة بالثورة الفرنسية الكبرى - و التي كانت ثورة حقاً، ثورة كاملة و شاملة و بمشاركة الجماهير، بما فيها من أحداث مريرة. و قد انتصرت الثورة في نهاية المطاف، لكنها لم تبق لأكثر من خمسة عشر عاماً. كانت الثورة ضد الملكية، و بعد أقل من خمسة عشر عاماً من انطلاق الثورة بدأت ملكية نابليون، و هي ملكية كاملة مطلقة، ثم نسيت الثورة بالكامل! نفس الذين أزاحتهم الثورة، أي العائلة التي أسقطتها الثورة، عادوا و حكموا لسنين طويلة. و بعد ذلك أثيرت ضجات أخرى و عاد الوضع إلى تلك الحالة، و استمرت هذه الأوضاع و التجاذبات قرابة مائة عام في فرنسا، إلى أن أقيمت تلك الجمهورية التي سعت إليها الثورة بعد حدود تسعين عاماً أو مائة عام. لم يستطيعوا الاحتفاظ بالثورة. و الثورة السوفيتية هي الأخرى كانت على نحو آخر، و هي كذلك منيت بهذه الحالة. أنْ تستطيع الثورة البقاء و الحفاظ على نفسها و ملاوات أعدائها و الانتصار عليهم، فهذه قضية مهمة جداً. ثورتنا هي الثورة الوحيدة التي استطاعت القيام بذلك، و يجب أن تستطيع ذلك بعد الآن أيضاً.
و أقولها لكم إن كل التفكير و الهموم السياسية في العالم الاستكباري الآن - سواء في أمريكا أو بعض البلدان المستكبرة الأخرى - منصبة على: ماذا يستطيعون فعله لاستئصال و القضاء على هذه الشجرة الفارعة الضخمة التي كانت ذات يوم غرسة صغيرة و لم يستطيعوا القضاء عليها و أصبحت الآن شجرة هائلة. كل همهم منصب على هذا الشيء. دققوا و تنبهوا لتستقر الفكرة في الأذهان. الأخبار التي لدينا و التحليلات التي تصلنا من جانبهم حيث تصلنا تحليلاتهم، تقول إنهم يفكرون دائماً بما يجب أن يفعلوه للقضاء على هذه الثورة. لكن هذه الثورة تسير قدماً إلى الأمام بتوفيق من الله و بهممكم أنتم الشعب، و هي تزداد قوة و تقدماً يوماً بعد آخر.
كل هممهم منصبة على إفساد هذا البقاء و الاستمرار بشكل من الأشكال. و يجب أن تكون كل هممنا أنا و أنتم على تكريس هذا البقاء. منذ بداية الثورة و إلى الآن فكروا دائماً بالقضاء على الثورة، و قد كانت الحرب المفروضة من أجل هذا، و معارك القوميات في أطراف البلاد كانت من أجل هذا، و الحصار الاقتصادي كان لهذا السبب، و الحظر الشديد الذي فرضوه في السنوات الأخيرة كان لهذا السبب، و تشكيل الفرق التكفيرية في بلدان تقع شرق بلادنا و غربها كله من أجل القضاء على هذه الثورة، و من أجل إفشال هذا البقاء و الاستمرار الذي كان صعباً و موجباً و مذهلاً بالنسبة لهم. كل هممهم معقودة على هذا.
و هم يبتكرون كل يوم شيئاً جديداً، و لقد كانت أعمال سنة 88 [2009 م] من الابتكارات الجديدة للأمريكيين. طبعاً كانوا قد جرّبوها في عدة أماكن أخرى، و لم تكن حالة تختص بنا. جرّبوا مثل هذا الشيء في عدة بلدان أخرى ثم جاءوا بنفس هذه التجربة و طبقوها في بلادنا، لكنهم تلقوا تلك الصفعة القوية. و قد كان ذلك الابتكار أو الإبداع: إنه بذريعة الانتخابات، في بلد يوجد فيه انتخابات و توجد فيه مثلاً حكومة لا تريدها أمريكا و لا تؤمّن مصالح أمريكا كما يحلو لهم، قاموا بانتخابات و حازت حكومة معينة على الأصوات، يأتون و يجرّون تلك الأقلية التي لم تحرز الأصوات إلى الشوارع. و من أجل التركيز على تلك الأقلية و تضخيمها يضعون لها لوناً معيناً، اللون الأرجواني أو الوردي أو الأخضر أو غير ذلك. و كان نصيبنا من ذلك اللون الأخضر، و كانوا قد استخدموا قبل ذلك في أماكن أخرى الألوان الأحمر و البرتقالي و ما إلى ذلك، ليستطيعوا جرّ تلك الأقلية التي لم تحرز الأصوات إلى الشوارع. فهم من الشعب على كل حال - و هم من الشعب حقاً لكن مرشحهم الذي يريدونه لم يحرز الأصوات، و لا شك في كونهم من الشعب - ليقفوا أين ما كانوا، و هم يساعدونهم دوماً و إذا اقتضت الضرورة يعطونهم المال و الدعم السياسي، و إذا استدعت الضرورة يعطونهم حتى السلاح من أجل أن يقلبوا طاولة نتائج الانتخابات. قاموا بهذا العمل في عدة بلدان و نجحوا، و أرادوا أن يقوموا به هنا أيضاً لكنهم لم يستطيعوا. حصل هنا عين تلك القضية.
طبعاً حين وقعت تلك الأحداث أوصاني أصدقاؤنا دوماً بأن لا أشير إلى اسم الثورة الملونة، و لأنني أؤمن بالمشورة - و المستشارون بالتالي لهم آراؤهم و هم من أهل التفكير - لم أذكر اسم الثورة الملونة، لكنها كانت بالتالي ثورة ملونة، و هي في الواقع انقلاب ملون، انقلاب ملون فاشل. هذا شيء على جانب كبير من الأهمية. هذا الحدث الذي قام به الأمريكان في بلدان أخرى - في أربعة أو خمسة بلدان - بالأموال و الإمكانيات و نجحوا، لم ينجحوا فيه في الجمهورية الإسلامية، رغم دعمهم و إسنادهم.
كان رئيس جمهورية أمريكا قد كتب لي قبل مدة قصيرة من تلك الأحداث رسالة - الرسالة الثانية - و ضمّنها الكثير من التصريحات الموافقة لي و لنظام الجمهورية الإسلامية، و كنتُ أعتزم الإجابة و لم أكن أريد عدم الإجابة، و لكن بعد ذلك عندما وقعت هذه الأحداث سارع إلى اتخاذ موقف مساند لأولئك الذين كانوا ضد النظام الإسلامي و ثورة الإسلامية و ضد اسم الإسلام في الجمهورية الإسلامية، و ظهروا في شوارع طهران، و أيدوا كل الأعمال التي قام بها المعارضون. و بالطبع أرادوا القيام بأكثر من هذا لكنهم لم يستطيعوا. و الآن يقول بعض معارضي رئيس جمهورية أمريكا الحالي إنكم لم تقوموا في سنة 88 بدعم كامل لأولئك الذين عملوا ضد الجمهورية الإسلامية. و لكن بلى، لقد دعموهم و ساندوهم، و لكن الشعب الإيراني تحرّك في الوقت المناسب و نزل إلى الساحة في اللحظة المناسبة و قام بالعمل الصحيح.
القصد هو أن بقاء الثورة قضية مهمة، و ينبغي النظر لهذا البقاء كهدف و التفكير في كيفية تأمينه و تحقيقه. انظروا و لاحظوا ما هي عناصر بقاء الثورة، و ينبغي علينا فرداً فرداً تأمين تلك العناصر، كلنا يجب أن نؤمّن تلك العناصر. و طبعاً أقولها لكم إن تحليل ذلك يقع على عاتقكم. هذه الفترة التالية للمفاوضات النووية سمّاها الأمريكيون أنفسهم باسم: «فترة التشدد مع إيران» و قالوا إننا يجب أن نتشدد. طيب، التشدد لن يكون أشد من التشدد السابق. على شباب إيران و شعب إيران و مسؤولي البلاد أن يقفوا بوجه عداء الأعداء بوعي و يقظة و أمل و شهامة و توكل على الله تعالى و بالاعتماد على نقاط القوة الكثيرة التي لديهم. هذا شيء مهم للغاية. ثمة واجب في كل لحظة، و يجب معرفة ذلك الواجب و النهوض به. طيب، لقد طال بنا الكلام حول هذا الموضوع بعض الشيء.
لنتحدث عن الانتخابات. من الأعمال و المهام هي هذه الانتخابات. الواقع أن الانتخابات بمثابة منح الشعبَ الإيراني أنفاساً جديدة، إذ سيكتسب الشعب الإيراني أنفاساً جديدة، هذه هي طبيعة الانتخابات. أن يأتي الشعب الإيراني و يشارك كل واحد من أبنائه و يقترع و يقول هذا هو رأيي و عقيدتي، و يجب أن يكون فلان هو المسؤول - سواء في رئاسة الجمهورية أو في مجلس الشورى الإسلامي أو في مجلس خبراء القيادة، و كل واحدة من هذه المؤسسات مهمة للغاية في محلها - كل فرد من أفراد الشعب يشعر بهذه المسؤولية فسيكون من العناصر الحارسة للثورة و الحافظة لها. مشاركة الشعب من العناصر التي تفرض الإخفاق على الشعب. حين نشدد و نؤكد و نصرّ على مشاركة الشعب كله في الانتخابات، و هذا ما قلته مراراً في السابق - و لا أتذكر كم مرة - بأنه حتى الذين لا يؤيدون النظام و لا يوافقونه ليأتوا و يشاركوا في الانتخابات من أجل صيانة البلد و حفظ اعتباره. قد يكون هناك شخص لا يقبلني و لا يوافقني، لا بأس، لكن الانتخابات ليست ملك القيادة، بل هي ملك إيران الإسلامية، و ملك نظام الجمهورية الإسلامية. الكل يجب أن يأتوا و يشاركوا في الانتخابات، فهذا من شأنه تقوية نظام الجمهورية الإسلامية و تأمين صلابته و بقائه و سيبقى البلد داخل أسوار الأمن الكامل - و الأمن موجود و متوفر اليوم و الحمد لله - و من شأنه أن يكتسب الشعب الإيراني سمعة حسنة في أنظار الشعوب الأخرى و يرتفع مستوى اعتباره. و سيكتسب هيبة و أبهة في أعين أعدائه. هكذا هي الانتخابات. إذن، الأصل في الانتخابات هو مشاركة الشعب عند صناديق الاقتراع و التصويت. ليشارك الجميع، فالمشاركة في الانتخابات تحفظ سمعة نظام الجمهورية الإسلامية و ماء وجهها. إنها سمعة للإسلام، و سمعة لشعب إيران، و سمعة حسنة للبلاد. هذه هي القضية الأولى.
القضية الثانية هي الانتخاب الصحيح. الأذواق و الأفكار قد تكون مختلفة، لا بأس و لكن ليحاول الجميع أن ينتخبوا الانتخاب الصحيح. لنحاول ذلك، و قد تصل هذه المحاولة إلى نتيجة و يكون الانتخاب صحيحاً، و قد لا تصل إلى نتيجة و يكون الانتخاب خاطئاً، لا بأس، سوف يتقبل الله تعالى منا لأننا قمنا بواجبنا و عملنا و حاولنا محاولتنا و بذلنا جهدنا. أمامنا الآن انتخابان مثلاً: انتخابات مجلس الشورى الإسلامي و انتخابات مجلس خبراء القيادة.
مجلس الشورى الإسلامي مهم جداً، سواء من حيث القوانين أو من حيث التخطيط لحركة الحكومات - في المجلس هو الذي يخطط و يضع سكك الحديد ليسير عليها القطار نحو الأهداف - و أيضاً بالنسبة للقضايا الدولية. تلاحظون أن المجلس الحالي و الحمد لله له مواقف جيدة جداً في القضايا الدولية، و هذه حالة مغتنمة جداً بالنسبة للبلاد. أين هذا و أين أن نشكل مجلس شورى يكرر نفس كلام الأعداء الدوليين و جبهة الأعداء المتحدة و نحن في مواجهتهم؟ هذان يختلفان عن بعضهما كثيراً. أين أنْ يكون لنا مجلس شورى يكرر كلام العدو في القضية النووية أو في القضايا الأخرى، أو لا، يكون المجلس مستقلاً و حراً و شجاعاً، و يرفع شعارات شبيهة بالتي يرفعها الشعب، و يتخذ مواقف في داخل المجلس بالشكل الذي يريده الشعب. هذا شيء مهم جداً. إذن، مجلس الشورى الإسلامي له أهمية بالغة سواء بالنسبة لقضايا البلاد الداخلية أو بالنسبة لاعتبار البلاد الدولي و العالمي، و لكل واحد من النواب دوره. أنتم تريدون الانتخاب، المدينة الفلانية لها نائب واحد، و المدينة الفلانية - المحافظة الفلانية مثلاً - لها عشرة نواب، و لكل واحد من هؤلاء دوره و نشاطه، و يجب أن يصل المرء إلى نتيجة مطمئنة.
ما يبدو لي هو: لأننا قد لا نعرف الأشخاص واحداً واحداً - أنا بالذات حينما يأتون بهذه القوائم لنصوّت، لا أعرف بعض الأشخاص في هذه القوائم، و لكن أثق بالأشخاص الذين عرّفوهم، و أنظر لأرى الأشخاص الذين عرّفوا هذه القائمة من هم، فإذا وجدتهم أشخاصاً متدينين مؤمنين ثوريين أثق بكلامهم و أمنح صوتي لقائمتهم، و إذا وجدت أنه لا، الأشخاص الذين أطلقوا هذه اللائحة لا يهتمون كثيراً لقضايا الثورة و الدين و استقلال البلاد، و قلوبهم تسعى وراء كلام أمريكا و غير أمريكا، فلا أثق بكلامهم. أعتقد أن هذه طريقة جيدة - لننظر و نرى هذه اللائحة التي أعطيت لنا لمجلس الشورى الإسلامي أو لمجلس خبراء القيادة مثلاً، من الذي يعطينا هذه اللائحة. لنثق بالأشخاص الذين نؤمن حقاً بتدينهم و التزامهم، و نعلم أنهم متدينون و ثوريون و سائرون على خط الإمام الخميني و دربه، و يؤمنون بالإمام الخميني حقاً. و الطريق إلى ذلك أن نعرف هؤلاء. إذا عمل أفراد بهذه الطريقة و تحقق هذا الشيء يكونوا قد أنجزوا مهمتهم و واجبهم، و سيمنّ الله تعالى عليهم بثوابه، حتى لو وقع خطأ في حالة من الحالات. مثلاً الشخص الذي ظننتُه إنساناً صالحاً و منحتُه صوتي لم يكن في الواقع إنساناً صالحاً، لكنني بذلت سعيي و سيمنّ الله تعالى بالأجر و الثواب.
و مجلس خبراء القيادة على جانب كبير من الأهمية. مجلس خبراء القيادة في ظاهره - إذا نظرنا له بعين الظاهر - يجتمع مرتين في السنة، فيجتمع الأعضاء و يبحثون في الشؤون السياسية و غير السياسية ثم يتفرقون. ينبغي عدم النظر لمجلس خبراء القيادة بهذا الاعتبار. المقرر لمجلس خبراء القيادة أن يختار القائد، فهل هذا بالهزل و المزاح؟ يوم لا يكون القائد الحالي في هذه الدنيا أو لا يكون هناك قائد، يجب على هؤلاء أن يختاروا قائداً. من الذي سيختارونه؟ هل سيختارون شخصاً يقف مقابل هجوم العدو، و يتوكل على الله و يبدي الشجاعة و يواصل درب الإمام الخميني؟ هل سينتخبون مثل هذا الشخص أم ينتخبوا شخصاً من نوع آخر؟ هذا شيء على جانب عظيم من الأهمية. إنكم تريدون انتخاب شخص لمجلس خبراء القيادة سينتخب القائد الذي يمسك في يده بمفتاح مسيرة الثورة. هذا شيء مهم جداً و ليس بالعمل الصغير. لذلك ينبغي التحقيق و إحراز الثقة. إذن، هناك قضية أصل الانتخابات و المشاركة في الانتخابات، و هناك أيضاً قضية انتخاب الأصلح أو الصالح، و هي بدورها قضية ينبغي أن تحظى بالاهتمام.
و قضية المؤشرات و المميزات الثورية أيضاً على جانب كبير من الأهمية. يجب أن نعلم حقاً ما هي المؤشرات و السمات، و ينبغي أن نجد السمات الثورية بنحو صحيح، و نحددها في أذهاننا، و نسأل من هم أكثر اطلاعاً منا. إذا حصل هذا فسيكون في ذلك بقاء الثورة بلا شك.
هناك خصوصيتان في العمل بهذه الواجبات: إحدى الخصوصيتين هي أن الثورة ستبقى مستمرة. من البديهي أن لدينا حالات تساقط و حالات نماء. هذا ما قلته مراراً. هناك أشخاص كانوا في يوم من الأيام ثوريين، و بعد ذلك أعرضوا عن الثورة بسبب عارض من العوارض، سواء كان حقاً أو غير حق. البعض تحدثُ أحداث و أعمالٌ بخلاف توقعاتهم - كأنْ يتعرضوا لظلم ما في مكان ما - و الحق معهم، لكن هذا يؤدي بهم إلى الإعراض عن الثورة. هذا العمل ليس بحق. و البعض يعرضون عن الثورة لمسائل شخصية أو عائلية أو شتى المسائل. و سيكون هذا تساقطاً في الثورة. كل الثورات فيها تساقط و كل النهضات الاجتماعية فيها تساقط، و لكن ثمة إلى جانب هذا التساقط حالات نماء. ليست معلوماتي قليلة فأنا مطلع على كثير من الأماكن و المواطن، و حين أنظر أجد أن حالات النماء أكثر من حالات التساقط. كل هؤلاء الشباب المؤمنين المتدينين، و كل هؤلاء الخريجين المؤمنين، و كل هؤلاء المحللين المتدينين، و كل هؤلاء الأشخاص الكفوئين في المجالات التقنية و العلمية، و كلهم متدينون، هؤلاء يمثلون حالات النماء في الثورة. ذات يوم كانت مشكلتنا في البلاد أن كل الذين بوسعهم التدريس في الجامعات لا يصل عددهم إلى الخمسة آلاف شخص. كان وضعنا في بداية الثورة وضعاً خاصاً، فكان البعض قد ذهبوا، و البعض لا يأتون، و البعض لا أهلية لديهم، أما اليوم فلدينا عشرات الآلآف من الأساتذة المتدينين في المجالات الجامعية المختلفة، أساتذة مؤمنون و ملتزمون بالثورة بشكل حقيقي و مؤمنون بها إيماناً عميقاً، هذا ليس بالشيء القليل و لا بالشيء الصغير، و الثورة هي التي أنجبت هؤلاء و أعدّتهم و خرّجتهم. كل هؤلاء الشباب المتدينين و الكتاب و الفنانين و العلماء و التقنيين و المبلغين و الخطباء في المجالات المختلفة، و في الشؤون الداخلية و الخارجية، هؤلاء يمثلون نماء الثورة، نماء يانعاً أخضر، و هذا شيء له قيمة عظيمة. إذن، لو عملنا بواجباتنا في مضمار الثورة فسيكون في ذلك بقاء و زيادة هذا النماء و تراكمه بشكل هائل.
ثانياً الطمأنينة التي تستقر في قلب الإنسان. يقول الله تعالى في القرآ الكريم حول البيعة مع الرسول الأكرم (ص): «لَقَد رَضِي اللهُ عَنِ المُؤمِنينَ اِذ يبايعونَك تَحتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ ما في قُلوبِهِم فَاَنزَلَ السَّكينَةَ عَلَيهِم» (4). أيها الرسول، إن الذين بايعوك - الله تعالى يعلم ما في قلوبهم - هذه البيعة بدافع صادق تؤدي إلى أن ينزل الله تعالى السكينة و الطمأنينة في قلوبهم. عندما تنزل السكينة على القلوب ستزول الهموم و حالات القلق و اليأس. من الأعمال المهمة التي يقوم بها الأعداء الآن بث اليأس و نشر القنوط. يحاولون بث اليأس في نفوس الشباب في قطاعات عدة، و يحاولون نشر اليأس في قلوب الشيب و الثوريين السابقين. هذه السكينة و الطمأنينة الإلهية تمنح الإنسان الأمل. هكذا هي مبايعة الرسول الأكرم (ص). إنكم اليوم حين تبايعون الثورة و تجددون بيعتكم تبايعون الرسول الأكرم. الذي يبايع اليوم الإمام الخميني يبايع الرسول. عندما تحييون الخط الثوري للإمام الخميني و لا تسمحون بطمسه و تراكم ألوان القدم عليه، فإنكم في الواقع تبايعون الرسول، و كأنكم قد بايعتم الرسول. عندئذ «اَنزَلَ اللهُ سَكينَتَهُ على رَسولِه وَ على المُؤمِنينَ» (5). و هذا في آية أخرى. و في هذه الآية «فَاَنزَلَ السَّكينةَ عَلَيهِم»، سيمنح الله تعالى السكينة للقلوب، و حينما تكونوا مطمئنين في قلوبكم عندئذ لا تصيبكم الحيرة في ساحة المواجهة مع العدو، و لن يصيبكم اليأس، و لن يصيبكم التزلزل. من منطلق هذه السكينة و الطمأنينة يمكن للإنسان اليوم أن يتيقن أن الشعب الإيراني سينتصر بالتأكيد على أمريكا و مؤامراتها (6).
وفقكم الله تعالى جميعاً، و ثبّت أقدامنا جميعاً في هذا الطريق، و جعلنا من الجنود الذين يجاهدون من أجل بقاء الثورة، و لا يبخلون ببذل شيء عندهم. اللهم نسألك بمحمد و آل محمد أنزل ألطافك و فضلك على هذا الشعب، و اجعل الروح الطاهرة لإمامنا الخميني راضية عنا مسرورة بنا، و سرّ بنا القلب المقدس لإمامنا المهدي المنتظر (أرواحنا فداه).
و السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته.‌

الهوامش:
1 - من ذلك: سورة الأحزاب، شطر من الآية 38 .
2 - سورة الفتح، شطر من الآية 23 .
3 - نهج البلاغة، الخطبة رقم 56 .
4 - سورة الفتح، شطر من الآية 18 .
5 - سورة التوبة، شطر من الآية 26 .
6 - تكبير الحضور و رفعهم شعارات: الموت لأمريكا.