بسم الله الرحمن الرحيم (1)

أولاً نشكر الإخوة و الأخوات الرياضيين الأعزاء لأنهم فكّروا في تمييز الشهداء الرياضيين عن جموع الشهداء العظيمة في البلاد و تعريفهم ليعلم المجتمع أن التضحية في سبيل الله و في سبيل الدين و في سبيل الثورة بتقديم النفوس أو الإعاقة، ليس أمراً مختصاً بشريحة معينة دون غيرها. كل شرائح البلد شاركت في هذا السباق المعنوي العظيم «سابِقوا إلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكم» (2). أعتقد أن هذا عمل لافت جداً و ابتكار جميل تعريفُ الرياضيين الشهداء. و ربما كنتُ أنا كالآخرين لا أعلم أن لدينا خمسة آلاف شهيد من الرياضيين، أو بين هؤلاء الذين استشهدوا في الآونة الأخيرة في الدفاع عن ولاية أهل البيت (عليهم السلام) و الدفاع عن حرم أهل البيت (عليهم السلام) هناك رياضيون و أبطال، هذا شيء له قيمة كبيرة. إنكم بخطوتكم هذه عززتم الروح الثورية في البلاد، و رفعتم الفكر الثوري. نعم، صحيح ما قلتموه (3) من إن الشاب الرياضي هو بشكل طبيعي نموذج لقطاع واسع من الشباب، و أخلاقه و سلوكه و كيفيات حياته و أسلوب حياته يمكن أن يكون مؤثراً. كم هو مهم أن يستطيع الشاب الرياضي بما له من مديات تأثير و نفوذ، أن يهدي الناس نحو الدين و الأخلاق و المعنوية.
لقد أعجبتُ في نفسي دوماً و أثنيتُ على ما تفضل به الإمام الخميني (رضوان الله تعالى عليه) في بداية الثورة عن الرياضي ببيان مفهوم و محلي تماماً حيث كرّمه و قال إنه «پهلوان» (4). الپهلوانية كما في المصطلح لقب له امتيازه في رؤية شعبنا و في أدبياتنا المحلية و الوطنية. استخدم الإمام الخميني تعبير الپهلوان، و هو تعبير حسن جداً.
طيب، لحسن الحظ قام رياضيونا طوال هذه الأعوام في البيئة الرياضية بأعمال و خطوات جيدة و مميزة. لا أروم القول إن كل الرياضيين كانوا هكذا، و لكن كان هناك بين الرياضيين أشخاص يعتبرون مبعث فخر و اعتزاز. الفخر ليس مجرد أن يقرأوا نشيدنا الوطني، و هذا طبعاً فخر و شيء جيد و ممتاز، و لكن فوق هذا الفخر هناك مثلاً أن لا يتصارع مصارعنا مع منافسه الصهيوني، هذا عمل كبير جداً. أو تلك السيدة البطلة تعتلي منصة البطولة بالشادر (5). هذا شيء مهم للغاية. لاحظوا من يطيق فعل هذا مقابل أعين العالم المادي اللوّام المتسائل الذي يعتبر فخر المرأة أن تظهر عارية؟ الرجال مستورون من رؤوسهم إلى أقدامهم بينما المرأة يجب أن تظهر عارية حتماً، أي لا بدّ أن يكون جزء من جسمها عارياً و يُنظر إليه. هذا فعل خاطئ و سخيف و إيذائي تماماً و من الألاعيب السياسية. في مثل هذا العالم تأتي سيدة بالشادر أو بحجاب إسلامي كامل و تقف على المنصة و تستلم جائزة بطولتها. هذا شيء مهم جداً. هذا أهم من العلم الذي يُرفع. هذا مؤشر على الروح القوية للإيراني المسلم. و هذا شيء يدل على أن هذا الشخص لا ينهزم و لا يغلب مقابل أمواج الأوهام و المشاعر الوهمية. هكذا يمكن فهم هوية شعب و متانة معدنه إذا كان له معدن قوي مقاوم. هذا شيء قيم جداً. لقد كان لنا من هذه النماذج و الحمد لله. و قد ضربتُ المصارعة مثالاً، و قد كان لنا أمثال ذلك في كرة الطائرة و في حقول أخرى من لم يكونوا مستعدين للمباراة مع العدو، و أدى ذلك إلى تأخّرهم في المسابقات، فقبلوا ذلك، لكن العالم أثنى عليهم. هذا شيء كالمسير إلى ساحة الحرب، أي إنه نابع من نفس الروحية و نفس متانة و قوة الشخصية و الهوية التي يشاهدها المرء هناك، يشاهدها هنا أيضاً. هذا شيء قيم جداً. يجب أن تعملوا إن شاء الله ما من شأنه أن يجعل البيئة الرياضية مثل هذه البيئة. و قد كان هناك عكس ذلك أيضاً. كان لنا في البيئات الرياضية نوع آخر رأيناه و سمعناه و اطلعنا عليه. افعلوا ما من شأنه أن يهدي البيئة الرياضية إن شاء الله بهذا الاتجاه. طبعاً مشروعكم هذا و ابتكار «تكريم الشهداء الرياضيين» خطوة جيدة جداً. هذه خطوة حسنة جداً، و الحالات التي ذكرتموها مهمة.
هذا الشيء الذي قلتُه، أي تكريم ذلك الرياضي الذي يدافع عن القيم في ساحة البطولة و بشكل علني و مقابل كاميرات مليارات البشر، فالمتفرجون بالمليارات، شيء قيم جداً. كرّموا هؤلاء أيضاً، ليكن من أعمالكم و نشاطاتكم تكريم مثل هؤلاء الرياضيين. أو ذلك الرياضي الذي يذكر اسم الله أو الرياضي الذي يسجد لله بعد أن يصرع منافسه و يلقيه أرضاً، هذه أشياء مهمة للغاية، و تدل على رمز معين، إنها من رموز هوية و شخصية إيران الإسلامية. كرّموا هؤلاء الأشخاص و شجّعوهم و قوّوهم. أين هذا و أين ذلك الرياضي الذي على سبيل المثال - و لا أقول من بلدنا، فهناك من هذا القبيل في البلدان الأخرى أيضاً - عندما يذهبون لمسابقات عالمية يقضون نهارهم بالمسابقة أو التمارين و يقضون ليلهم بشكل آخر و بنحو غير مناسب. لا يكن الأمر كذلك، أي شجّعوا الذين يراعون القيم الإسلامية و يتقدمون إلى الأمام.
حسناً جداً، سررتُ لأنكم تقومون بهذا المشروع و الحمد لله، و ستجعلون البيئة الرياضية أنظف و أسطع يوماً بعد يوم إن شاء الله.

الهوامش:
1 - افتتح هذا المؤتمر بتاريخ 02/02/2016 م في طهران.
2 - سورة الحديد، شطر من الآية 21 .
3 - الأمين العام للمؤتمر.
4- صحيفة الإمام، ج 7 ، ص 541 ، كلمة الإمام الخميني في حشد من رياضي الرياضات التقليدية بإيران بتاريخ 29/05/1979 م، و الپهلوان هو البطل أو الفتى.
5 - السيدة سمية حيدري (الفائزة بالمرتبة الثانية في الجودو في الألعاب الآسيوية).