اعتبر سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي في نداء مهم المشاركة الحاسمة و المقتدرة و الرصينة و الباعثة على الهدوء للشعب الإيراني الكبير القدير في الجمعة الملحمية 22 خرداد ]12 حزيران 2009 م[ لطفاً و رحمة من الخالق الحكيم و حدثاً فذاً مذهلاً، و أشار إلى تجلي النضج السياسي، و العزيمة الثورية، و الإمكانيات المدنية لدى شعب إيران في انتخابات رئاسة الجمهورية الحماسية الجميلة العظيمة مردفاً: مشاركة الشعب بنسبة تزيد على ثمانين بالمائة و التصويت بـ 24 مليون صوت لرئيس الجمهورية المنتخب هو احتفال حقيقي يحاول الأعداء بتحريضاتهم المغرضة قتل حلاوته في نفوس الشعب الإيراني، لذلك على جميع أبناء الشعب و خصوصاً الشباب الأعزاء التحلي بمنتهى اليقظة، و اجتناب أنصار المرشح المنتخب و أنصار سائر المرشحين المحترمين أية أفعال أو أقوال تحريضية منبعثة من سوء الظن.
و فيما يلي ترجمة نص النداء:
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الشعب الإيراني العزيز!
أيها الرجال و النساء الواعون الشجعان العارفون بزمانهم!
سلام من الله عليكم إذ أثبتّم جدارتكم بتقلي السلام و الرحمة الإلهيين. لقد كانت جمعتكم الملحمية حدثاً فريداً مذهلاً عرض فيها النضج السياسي و الوجه الثوري الراسخ و القدرات و الإمكانيات المدنية للشعب الإيراني أمام أنظار العالم في صورة جميلة رائعة.
الاقتدار و العزة الذان سجلتموهما بهدوئكم و رصانتكم و كمالكم في تاريخ البلاد، و الإرادة الراسخة التي أبديتموها بمشاركتكم في هذه الساحة المصيرية وسط نيران الحرب النفسية التي شنها الأعداء، من الأهمية بحيث لا يمكن وصفها بأي بيان عادي دارج. و يمكن القول فقط إن الشعب الإيراني استطاع الاحتفاظ بموجبات الرحمة الإلهية في نفسه، و إبقاء يد القدرة الإلهية فوقه حمايةً لتقدمه و رفعته.
لقد سجّلت انتخابات الـ 22 من خرداد، و بالتميز الذي أبداه الشعب الإيراني، رقماً قياسياً جديداً في المسلسل الطويل للانتخابات الوطنية.
المشاركة الشعبية التي زادت على الثمانين بالمائة عند صناديق الاقتراع و الأصوات التي بلغت 24 مليوناً لرئيس الجمهورية المنتخب هي احتفال حقيقي و ستستطيع بحول الله و قوته ضمانة تقدم البلاد و رفعته و أمنه الوطني و حماسه و حيويته المستمرة. لقد استطعتم يوم أمس إثبات أن إيران و بفضل شعارات و قيم الثورة الإسلامية منيعة و صلبة حيال الهجمات السياسية و النفسية إلى درجة أنه رغم مرور ثلاثين عاماً على بداية الديمقراطية الدينية في هذا البلد، لا تزال متواجدة في الساحة بتأهّب و توثب أكبر من أي وقت آخر، تؤكد للأصدقاء و الأعداء مواصلتها طريقها النيّر.
إنني و بكل تواضع أمام عزيمتكم و إيمانكم أيها الشعب العزيز، أبارك هذا النجاح الكبير لسيدنا ولي الله الأعظم روحي فداه و لروح إمامنا الكبير و لجميع أبناء الشعب، و أوصي الجميع بمعرفة قدر هذا اللطف الإلهي و شكر الخالق الحكيم العليم. يغلب الظن بأن الأعداء يرومون عبر بعض التحريضات المغرضة قتل حلاوة هذا الحدث في نفوس الشعب. أوصي جميع أبناء الشعب و خصوصاً الشباب الأعزاء و هم أصحاب الدور الأكبر في هذا الحدث الحماسي أن يتحلوا بمنتهى اليقظة. ينبغي أن يكون السبت الذي يعقب الانتخابات يوم عطف و صبر دوماً. و على أنصار المرشح المنتخب و كذلك أنصار سائر المرشحين المحترمين اجتناب أية أفعال أو أقوال تحريضية مبعثها سوء الظن.
رئيس الجمهورية المنتخب المحترم هو رئيس جمهورية كل الشعب الإيراني و على الجميع بمن في ذلك منافسي الأمس دعمه و مساعدته. و لا شك أن هذا أيضاً امتحان إلهي يمكن للنجاح فيه أن ينزّل رحمة الله تعالى.
أرى من واجبي أن أشكر من الصميم جميع الذين مارسوا أدوارهم في خلق هذا الحدث الكبير: المرشحين المحترمين الذين طرحوا آراءً سياسية و اقتصادية و تحدثوا و تصرفوا بطريقة اجتذبت أصحاب الأذواق المختلفة إلى الساحة، و كذلك النخب و الشخصيات التي دعت جمهورها للمشاركة في هذا الاختبار الكبير، و مراجع الدين العظام و العلماء الأعلام و الشخصيات الجامعية و الثقافية و السياسية، و وسيلة الإعلام الوطنية و مدراء الإذاعة و التلفزيون و مصمميها و مقدميها و فنانيها الذين كان لإبداعاتهم الرائعة دوراً مؤثراً في هذا الحدث العصي على النسيان، و وزارة الداخلية و مجلس صيانة الدستور الذين عملا بمنتهى الإخلاص و الأمانة و الصدق و المثابرة بواجبهما الخطير، و قوات الشرطة و سائر أجهزة حفظ الأمن التي وفرت للجماهير الأجواء السليمة و المنفتحة و الهادئة، و أخيراً و قبل كل شيء: كل واحد من المقترعين الذين وفروا لأنفسهم و بلادهم السمعة و الاستقرار و الأمن...
أشكر الله العزيز القدير من الأعماق و بكل تضرع و ابتهال، و أسأله الهدي و الرحمة لهذا الشعب و هذا العبد العاجز، و أهدي التحية لسيدنا ولي الله الأعظم روحي فداه عاقداً الأمل على أدعيته و رعايته و حمايته باعتباره المالك الأصلي لهذا البلد، و أحيي روح الإمام الراحل و أرواح الشهداء الأبرار الطيبة.
و السلام عليكم و رحمة الله
السيد علي الخامنئي
23 خرداد 1388