بعث سماحة آية الله العظمی السيد علي الخامنئي قائد الثورة الإسلامية نداء للملتقی الدولي للمكافحة العالمية للإرهاب أشار فيه إلی سوابق القوی المهيمنة في الأعمال الإرهابية، و دعم الكيان الصهيوني الإرهابي، و صحيفة أعمالهم الطويلة في الدعم المالي و الإعلامي لأرهابيين المنظمين، و في نفس الوقت إدعاءادتهم بخصوص مكافحة الإرهاب، مؤكداً: من الأعمال المهمة لهذا الملتقی التعريف الواضح و الدقيق للإرهاب، و الجمهورية الإسلامية تعتبر مكافحة هذه الظاهرة الشيطاينة واجباً لا بد منه يقع علی عاتقها، و سوف تواصل باقتدار العمل و السعي في سبيل هذا الكفاح.
و كان الدكتور علي أكبر ولايتي قد قرأ نص نداء‌ قائد الثورة الإسلامية لملتقی المكافحة العالمية للإرهاب في افتتاحية هذا الملتقی الذي بدأ أعماله في طهران يوم السبت 25/06/2011 م، و في ما يلي الترجمة‌ العربية لنص النداء:
بسم الله الرحمن الرحيم
الضيوف الأعزاء.. الحضور المحترمين.. أرحب بكم و أشكركم لاجتماعكم من أجل دراسة إحدی الظواهر الكارثية الراهنة التي تعيشها البشرية ألا و هي ظاهرة الإرهاب. هذه الدراسات التي يجب بلا شك أن تستمر و تفضي إلی عزيمة و مساع صادقة في المجتمع العالمي، ستستطيع إن شاء الله أن تمثل خطوة أساسية في احتواء الإرهاب و إنقاذ الإنسانية من هذه الظاهرة المؤلمة. إننا نتابع هذه المهمة بأمل متوكلين علی الله و مستمدين منه الهداية و العون، و سوف نمضي قدماً في هذا الطريق برفقة جميع المخلصين الصادقين و أصحاب الشعور بالمسؤولية.
ليس الإرهاب ظاهرة جديدة و حصيلة العصور المتأخرة، إلا أن ظهور الأسلحة الفتاكة و سهولة المذابح الشاملة المفجعة جعلت هذه الظاهرة البشعة أخطر و أفظع مئات المرات.
النقطة المهمة و المذهلة الأخری هي الحسابات الشيطانية للقوی المهيمنة‌ التي أدخلت استغلال الإرهاب في سياساتها و مخططاتها كأداة للوصول إلی أهدافها اللامشروعة.
إن الذاكرة التاريخية لشعوب منطقتنا لن تنسی أبداً كيف نظمت الدول الاستعمارية جماعات إرهابية جرارة كالشبكة‌ الصهيونية الدولية و أكثر من عشر جماعات مشابهة لها من أجل اغتصاب فلسطين و تشريد شعبها المظلوم من أرضهم و ديارهم، و خلقوا فاجعة‌ دير ياسين و ما شاكلها من الفجائع.
و الكيان الصهيوني منذ بداية ظهوره و إلی اليوم يواصل علناً سلوكه الإرهابي داخل فلسطين و خارجها، و يعلن عنه دون أي خجل. و القادة السابقين و الحاليين للكيان الصهيوني يفخرون علانية بتاريخهم الإرهابي، بل حتی بمشاركتهم في العمليات الإرهابية بعض الأحيان.
النموذج الآخر هو نظام الولايات المتحدة الأمريكية الذي كان له طوال العقود الأخيرة لائحة طويلة من الممارسات الإرهابية، و كذلك الدعم المالي و التسليحي للإهاربيين المنظمين في بلدان المنطقة. الهجمات الدامية للطائرات من دون طيار علی عوائل المدنيين العزل في القری و المناطق الأفغانية و الباكستانية الفقيرة‌ التي بدلت مرات عديدة حفلات أعراس الناس هناك إلی مآتم، و جرائم بلاك ووتر في العراق و تقتيل المواطنين و النخبة العراقيين، و مساعدة جماعات زراعة المتفجرات في إيران و العراق و باكستان، و اغتيال العلماء النوويين الإيرانيين بالتعاون مع الموساد، و إسقاط الطائرة المدنية الإيرانية في الخليج الفارسي و قتل ركابها البالغين نحو ثلاثمائة طفل و رجل و امرأة، ما هي إلا جانب من هذه اللائحة المخزية المستعصية علی النسيان.
و قد أضافت أمريكا و بريطانيا و بعض الدول الغربية الأخری ذات الملفات السوداء الكافية لإدانتهم في السلوك الإرهابي، أضافت دعوی مكافحة الإرهاب إلی دعاواها الزائفة. الإرهابيون الذين قتلوا في عقد الستينات الآلاف من الناس دون رحمة، و من ذلك قتلهم في حادث واحد 72 شخصاً من النخبة العلمية و السياسية و مسؤولي البلاد رفيعي المستوی، و قتلوا في حادث آخر رئيس الجمهورية و رئيس وزارء بلدنا، يعيشون الآن بدعم من‌ الدول و الساسة الأوربيين و تحت حمايتهم.
بمثل هذه الممارسات يبدو ادعاء مكافحة الإرهاب ادعاء‌ وقحاً للغاية.
و في الوقت نفسه تسمّي أمريكا و الدول الأوربية التابعة لها الجماعات الفلسطينية المناضلة التي تمارس كفاحاً مظلوماً لإنقاذ أرضها، تسمّيهم إرهابيين! هذا التعريف المضلل للإرهاب من أسس مشكلة‌ الإرهاب في العالم اليوم.
الإرهاب من وجهة نظر قادة نظام الهيمنة عبارة عن كل ما يهدّد مصالحهم اللامشروعة. إنهم يعتبرون المناضلين الذين يستخدمون حقهم المشروع في مجابهة المحتلين و المتدخلين إرهابيين، لكنهم لا يعتبرون خلاياهم الخبيثة المرتزقة التي أنزلت الويلات بأرواح الأبرياء و أمنهم إرهابية.
يمكن أن يكون تعريف الأرهاب تعريفاً واضحاً دقيقاً من الأعمال الأساسية لملتقاكم الحالي.
إننا بالاعتماد علی التعاليم الإسلامية التي تضع كرامة الإنسان علی رأس أولوياتها و تعتبر قتل حتی إنسان واحد بمثابة قتل كل الناس، و باعتبارنا شعباً تحمّل خلال العقود الثلاثة الأخيرة خسائر جسيمة من الإرهاب العنيف، نعدّ مكافحة هذه الظاهرة الشيطانية واجباً لا بد منه علی عواتقنا، و سوف نواصل باقتدار السعي في سبيل هذا الكفاح.. بحول الله و قوته.
و السلام عليكم و علی عباد الله الصالحين.
السيد علي الخامنئي
3 تير 1390