إثر الملحمة التاريخية العظيمة للشعب الإيراني في انتخابات الدورة الحادية عشرة لرئاسة الجمهورية و انتخابات الدورة الرابعة للمجالس البلدية، أصدر سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي قائد الثورة الإسلامية بيان شكر و تقدير موجّه للشعب الإيراني.
و أشار سماحة الإمام علي الخامنئي في هذا البيان إلى المشاركة المكثفة و المذهلة للشعب الإيراني المؤمن الغيور في ساحة الانتخابات الملحمية، معتبراً هذه المشاركة العظيمة دليلاً على الرشد السياسي المتزايد لدى الشعب، و إصراره على الديمقراطية الدينية الصادقة، و بطلان سحر الأعداء و تخرّصاتهم النابعة من الحسد، و أكد قائلاً: المنتصر الحقيقي في الانتخابات هو الشعب الإيراني الكبير الذي استطاع بحول الله و قوته أن يقطع خطوة راسخة و يستعرض جوهره العصيّ على التغلغل و وجهه الملئ بالنشاط و الحيوية و التصميم، و فؤاده المفعم بالأمل و الإيمان.
و في ما يلي الترجمة العربية للنص الكامل لبيان قائد الثورة الإسلامية بهذه المناسبة:
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الشعب الإيراني العزيز...
كان المشهد الملحمي و الحماسي للانتخابات في يوم الجمعة الرابع و العشرين من خرداد اختباراً مذهلاً آخر عرض على أنظار الأصدقاء و الأعداء الوجه المصمِّم و المفعم بالأمل لإيران الإسلامية. الرشد السياسي المتصاعد و الإصرار على الديمقراطية الدينية الصادقة حقيقة ساطعة جرى إثباتها عملياً مرة أخرى بمشاركتكم المكثفة عند صناديق الاقتراع، و التي أبطلت ما ينسجه الأعداء و الحسّاد و الطامعون من سحر و تخرّصات.
استعرضت ملحمة مشاركتكم الوشائج المتينة لإيران و الإيرانيين بالنظام الإسلامي أمام كل الخصوم و ذوي النوايا السيئة الذين قصدوا بألف حيلة سياسية و اقتصادية و أمنية فصم أو حلحلة هذه الثقة و الأواصر المقدسة.
لقد صوّر الإيراني المؤمن الغيور في انتخابات يوم أمس، و بكل جمال و مهارة، طاقاته الهائلة في مواجهته الرصينة العقلانية للحرب النفسية التي يشنّها لاعبو الهيمنة و الاستكبار، و ضمِن بذلك بلادَه و مصالحه الوطنية و مستقبله المشرق الزاخر بالمساعي الدؤوبة.
المنتصر الحقيقي في انتخابات الأمس هو الشعب الإيراني الكبير الذي استطاع بحول الله و قوّته قطع خطوة راسخة و استعراض جوهره العصيّ على التغلغل و وجهه الطافح بالنشاط و التصميم و فؤاده المفعم بالأمل و الإيمان.
أمرّغ جبهة الشكر على الأرض بكل خشوع و خضوع أمام ألطاف الله الحكيم العليم و رحمته، و أدعو نفسي و أدعوكم لتذكّر و شكر و تقدير هذه النعمة الكبيرة، و أقدّم التحيات و آيات الإخلاص لسيدنا ولي الله الأعظم (روحي فداه) و أبارك للشعب العزيز و لرئيس الجمهورية المنتخب حضرة حجة الإسلام الحاج الشيخ حسن روحاني، مُقدِّماً له و لكل أبناء الشعب هذه النقاط:
1 - الآن و قد انتهت الملحمة السياسية و ذروتها في يوم الجمعة الرابع و العشرين من خرداد بانتصار الشعب الإيراني و نظام الجمهورية الإسلامية، يجب أن يترك هياجُ و حُمّى أيام التنافس و أسابيعه مكانَه للتعاون و الصداقة، و ينبغي أن يكسب أنصارُ المرشحين المتنافسين مكانتهم اللائقة في اختبار الصبر و الرزانة و الحلم أيضاً. يجب أن لا تدفع أية مشاعر، سواء كانت مشاعر الفرح أو اللافرح، أي شخص إلى أفعال و أقوال بعيدة عن منزلة التعقل و الوعي. لا تسمحوا للخصوم و ذوي النوايا السيئة أن يجعلوا من مشاعر الشعب أدوات للوصول إلى مقاصدهم القذرة. الوحدة الوطنية و الرفق و المداراة هي رصيد أمن البلاد و العامل الذي يحبط أحابيل الأعداء.
2 - رئيس الجمهورية المُنتخَب هو رئيس جمهورية الشعب كله. على الجميع مساعدته و زملاءه في الحكومة لأجل تحقيق الأهداف و المطامح الكبرى التي يتعهدون و يتحمّلون المسؤولية لتحقيقها، و يتعاونوا معهم لأجل ذلك تعاوناً صميمياً.
3 - الآن و بعد أسابيع من الأقوال و الاستماع حان الدور للعمل و الأفعال. أمام رئيس الجمهورية المنتخب إلى يوم تولّي المسؤولية رسمياً فرصة قيّمة من المناسب أن ينتهزها إلى أقصى حدّ، و يبدأ دون تأخير بالأعمال التي يستلزمها الشروع بتولّي مسؤولية رئاسة الجمهورية الخطيرة.
4 - لم يكن تحقيق ملحمة الانتخابات ممكناً لو لا مشاركة و تنافس و مساعي سائر المرشحين لرئاسة الجمهورية. أرى لزاماً عليّ أن أتقدّم بالشكر من الصميم لكل الشخصيات المحترمة التي نزلت إلى هذه الساحة و أوجدت بمساعيها الدؤوبة مشهداً تنافسياً حماسياً، و أدعوهم إلى مواصلة ممارسة أدوارهم في ميادين الثورة و النظام الإسلامي المختلفة.
5 - كما أرى لزاماً عليّ أن أتقدّم بالشكر الصميمي لكل أبناء الشعب الذين خلقوا هذه المرة أيضاً حدثاً خالداً، و خصوصاً السادة مراجع الدين العظام و العلماء الأعلام و النخب الجامعية و السياسية و الثقافية الذين كان لهم دور قيّم في الترغيب في المشاركة، و أشكر أيضاً المسؤولين و العاملين على إقامة انتخابات رئاسة الجمهورية و المجالس البلدية و أخصّ بالذكر وزارة الداخلية و مجلس صيانة الدستور المحترمين الذين تحمّلوا بكل صبر الجهود المضنية لهذه الأسابيع المكتظة بالعمل، و أوصلوا هذه الأعباء الثقيلة إلى محلّها بمنتهى الأمانة، و كذلك المأمورين الدؤوبين الذين ضمنوا أمن هذه الظاهرة الحساسة في بلادٍ بهذه السعة إلى أقصى أرجائها، و كذلك كل الأجهزة المتعاونة معهم، و أسأل لله لهم الأجر الوافر.
6 - أرى من اللازم أن أتقدّم بالشكر البالغ اللائق لوسيلة الإعلام الوطنية [مؤسسة الإذاعة و التلفزيون] و العاملين المحترمين فيها، الذين جعلوا حماس الانتخابات رهن جهودهم الفنية الإبداعية، و كانوا رواة صادقين صريحين للميول و الأفكار و الأهداف التي طرحها مرشحو رئاسة الجمهورية، و عرضوا أمام أنظار العالم بكل جلاء كيفية تداول السلطة في نظام الجمهورية الإسلامية، و أسأل الله لهم الأجر و التوفيق.
و في الختام أحمد مرة أخرى بخشوع و ابتهال النعم الإلهية الكبرى، و أحيّي ذكرى الإمام الخميني الجليل و الشهداء و المضحّين الأجلّاء، و أتمنى لهذا البلد و الشعب أفضل مستقبل.
و السلام عليكم و رحمة الله.
السيد علي الخامنئي
25 خرداد 1392