وأقولها لكم أيها الشباب الأعزاء، وأنتم من أبناء الثورة وأبناء النظام الإسلامي: إن الجبهة التي تصطف اليوم مقابل إيران الإسلامية وتنصب عداءها لإيران إنما تركّز هجماتها على هذه النقطة، أعني قوّة إيران و تحولها إلى قدرة. إنهم لا يريدون حصول هذا الشيء. يجب أن تنظروا هذه النظرة العامة دوماً لجميع الأحداث والقضايا السياسية والاقتصادية والدولية والإقليمية المتنوعة ذات الصلة ببلادكم، ولا تنسوها. ثمة في العالم اليوم جبهة سياسية قوية لا تريد أن تتحوّل إيران الإسلامية إلى بلدٍ مقتدر وشعبٍ قويّ، وقد كانوا على هذه الشاكلة منذ بداية الثورة. وأنقل لكم أنه في عام ١٩٧٩ حين قامت الثورة الإسلامية وأحدثت تلك الضجة الهائلة في العالم، كتب بعض النخبة السياسيين الكبار في الغرب - مثل كيسنجر، وهانتينغتون، وجوزيف ناي، وأمثالهم من الوجوه البارزة للنخبة السياسية في أمريكا وأوروبا - كتبوا مقالات في بداية الثورة وعلى مدى فترة من الزمن، كان مضمونها تحذيرات للأجهزة السياسية الغربية والنظام السياسي الغربي والحكومات الغربية من أن هذه الثورة التي اندلعت في إيران لا تعني تغيير هيئة حاكمة وحلول هيئة حاكمة محل أخرى، إنما تعني ظهور قوة جديدة في المنطقة التي يسمّونها الشرق الأوسط - و أنا لا أحبّ هذه التسمية أبداً - و التي نسمّيها منطقة غرب آسيا. ثمّة قوة جديدة آخذة بالظهور قد لا تضاهي القوى الغربية من حيث التقنية والعلم، لكنها تفوقهم أو هي في مستواهم من حيث النفوذ السياسي والمقدرة على التأثير في الأجواء المحيطة بها، وستخلق لهم التحديات. هذا ما أعلنوه في يومها وقرعوا أجراس الخطر. 
وهذا يعني أن ظهور مثل هذه القوة - من وجهة نظرهم - معناه انتهاء نفوذ الغرب في هذه المنطقة الحساسة و الغنية والاستراتيجية جداً، وهذا القطب الموصل بين ثلاث قارات، وقطب النفط والثروة والمعادن المهمة التي يحتاجها البشر، والتي كان الغرب مصرّاً على بقاء هيمنته عليها - هيمنته السياسية والاقتصادية، وهيمنته الثقافية طبعاً - أو تزلزل هذه الهيمنة على الأقل وانتقاصها. هذا ما خمّنوه في ذلك اليوم وكان تخمينهم صحيحاً بالطبع. واليوم بعد مضيّ أكثر من ثلاثة عقود تحوّل ذلك الكابوس الذي رأوه إلى واقع، بمعنى أن قوة وطنية كبيرة في المنطقة ظهرت ولم تستطع شتى صنوف الضغط الاقتصادية والأمنية والسياسية والنفسية والإعلامية أن تسقطها، بل على العكس، استطاعت التأثير على شعوب المنطقة وتكريس الثقافة الإسلامية العامة ونشرها، وإشعار شعوب المنطقة بهويّتها. 

~الإمام الخامنئي ٢٠١٣/١٠/٩