تلاحظون في الثقافة والتعاليم الإسلامية إلى أيّ مدى تمّت التوصية بمراعاة المعلّم، وكيف أنّ التلميذ يعتبر نفسه صغيراً أمام المعلّم ويُصغّر نفسه أمامه. هذا التصغير محبّذ؛ مع أنّكم تعلمون أنّ الإسلام لا يقبل بتصغير وتحقير الإنسان لنفسه أمام إنسانٍ آخر؛ لكنّ هذا من الحالات الاستثنائيّة. تصغير النّفس أمام الوالدين هو أيضاً من الحالات الاستثنائيّة. ينبغي للإنسان أن يُصغّر نفسه أمام والديه؛ «واخفض لهما جناح الذّل». في الوقت الذي لا ينبغي للإنسان المسلم أن يُذلّ نفسه لأحدٍ، إلّا أنّ الأب والأمّ مستثنيين؛ والمعلّم أيضاً. 
ورد في الروايات أن عندما تسير مع المعلّم، تقدّم على المعلّم إن كان ذلك في حلكة اللّيل، حتّى إذا كانت هناك حفرة في المسير، تسقط أنت فيها ويبقى معلّمك سالماً. هذا إنّما يُظهر روح ذلك التعاطي التكريمي تجاه المعلّم. متى ما راجت هذه الروحيّة في المجتمع وشعر كلّ فرد بالخضوع لمعلّمه، فإنّ الأجواء ستكون أجواء ملائمة للأساتذة؛ وإذا ما شعر الأساتذة بالارتياح فإنّ التعليم سينتشر. هذا هو معنى التكريم والتقدير.

~الإمام الخامنئي ١٩٩١/٥/٢

 

إحدى خصائص التعليم التي من الجيّد أن تلتفتوا إليها أنتم الأساتذة الأعزّاء والأساتذة الجدد ومجتمع المعلّمين، هي أنّه تتوفّر في هذا العمل بما ينطوي عليه من الخصائص التي تناولناها في حديثنا -مصاعب كثيرة وأجر مادّي قليل- إمكانيّة الإخلاص؛ [وهذا] أمرٌ في غاية الأهميّة.  فخلاص الإنسان في الحياة الأبديّة يكون بواسطة الإخلاص؛ والعمل لأجل الله عزّوجل ولأجل الحقيقة، فالعمل بإخلاص سبيل النّجاة؛ وهذا ما لا يُلاحظ وجوده في العديد من الأماكن. توجد أعمالٌ كثيرة يظنّ الإنسان أنّه أدّاها في سبيل الله عزّوجل، ثمّ بعد أن يدقّق فيها قليلاً ببعض الإنصاف يلاحظ أنّها ممزوجة [بأمور أخرى]. وَأستَغفِرُكََ مِمّا أَردتُ بِه وَجهكَ فَخَالطَني ما لَيسَ لَك؛ هذا الدّعاء هو من الأدعية الواردة بين نافلة الصّبح وفريضة الصّبح حيث أنّه يقول بأنّني أستغفرك لأجل العمل الذي أردت القيام به لأجلك لكنّ "فخالطني ما ليسَ لك"، امتزجت به نيّة ودافع غير إلهي؛ والكثير من أعمالنا هي على هذا النّحو. إنّني أتحدّث عن نفسي. أينما كان بمقدور الإنسان أن يُخلص فهذه غنيمة؛ وإحدى تلك الأماكن هي التّعليم. يمكنكم العمل بإخلاص؛ وإذا ما عملتم بإخلاص، فإنّ البركة ستشمل عملكم.

عندما تعملون بإخلاص، فإنّ كلّ واحد من هؤلاء الناشئة والشباب الذين تتكفّلون بتعليمهم سيكونون قادرين على بناء مستقبل لهذا البلد، وسوف يكون هذا المستقبل سبباً في سعادتكم الأبديّة أنتم الذين تعلّمونهم؛ ولو لم يعرفكم أحد. فلا أحد يعرف أساتذة الإمام الخميني العظيم -أولئك الذين درّسوه في طفولته- لكنّ مؤلفات الإمام تُكتب أيضاً في صحيفة أعمالهم لأنّهم ربّوا هذا الرّجل على هذا النّحو وجعلوه بهذه الشخصيّة.

~الإمام الخامنئي ٢٠١٦/٥/٣

 

كما أنّ للمعلّم حُرمته في نظر الإسلام وينبغي أن يُكرّم، كذلك المتعلّم والتلميذ ينبغي أن يُكرّم أيضاً، يجب أن لا يُهان التلميذ، هذا جانبٌ تربويّ عميق جدّاً، وهنا أيضاً توجد رواية تقول: "تواضعوا لمن تعلّمون منه وتواضعوا لمن تُعلّمونه، ولا تكونوا جبابرة العلماء". الجبابرة على نوعين: جبابرة سياسيّون وجبابرة علماء، فلا تكونوا جبابرة العلماء كفرعون، شاهدت مثل هذا الأستاذ في إحدى جامعات البلاد قبل نحو أربعين سنة أو خمس وأربعين سنة، كان كلامه وتعليمه وسلوكه مع تلاميذه فرعونيّاً، وليس من قبيل تعامل الأب مع ابنه، فقد يحتدّ المعلّم أحياناً، لكنّ الحدّة غير الإهانة، ينبغي تكريم التلميذ، لكلّ واحد منكم بلا شكّ تجارب كثيرة عن تلاميذ كرّمتموهم وكانت النّتائج إيجابيّة؛ أي أنّ هذا التّكريم سهّل عمليّة تربيتهم، فالسّباب والإهانة وحتّى الضّرب ممارسات سلبيّة -و"الضّرب للتّأديب" من الكلمات التي ذاعت قديماً وعملوا بها ولكن ثبت لاحقاً أنّها خاطئة وأنّ الضرب غير محبّذ- وهذا هو رأيي. ينبغي معاملة التّلميذ كالشّمع في يد العامل بحيث يمنحها هو الشّكل المناسب، ولكن بمرونة. هذا هو فنّ التعليم.

~الإمام الخامنئي ٢٠٠٨/٥/١

 

إنّ لقاءنا بالمعلّمين في كلّ سنة له هدفٌ أساسيٌ وعدّة أهداف جانبيّة. الهدف الأساسي هو التكريم الرمزي للمعلّم. نرغب من خلال لقائنا هذا إظهار حبّنا واحترامنا لمنزلة المعلّم. هذه الخطوة الرمزيّة هي عملٌ واجبٌ وضروريٌ، يجب أن يكون تكريم المعلّم ومهنة التعليم عامّاً شاملًا في مجتمعنا، وينبغي أن يفتخر المعلّمون بكونهم معلّمين، أن يفتخر الجميع إذا ما سلّموا على المعلّم وأبدوا له الاحترام. كلّما ارتفع مقام المعلّم ارتقت منزلة التربية والتعليم في المجتمع.
إنّ قِصَر النظر في التعامل مع المعلّم هو خسارة للمجتمع، يجب العمل على منع هذا الأمر. النظرة للمعلّم ينبغي أن تكون نظرة تجليل وتكريم. الكثير من الأعمال والمهن والوظائف في البلاد لها بهارجها وبريقها ومظاهرها المتنوّعة لكن منزلتها جميعًا هي أدنى بكثير من منزلة التعليم ومهنة التعليم. هذا ما يجب أن نفهمه وندركه جميعنا.
حينما يُروى عن الرسول الأكرم (ص) قوله: "إنّما بُعثت معلّماً"، فهذا أجلُّ افتخار أن يعتبر الرسول نفسه معلّمًا. مستويات التعليم ومضامينه متفاوتة ومختلفة بالطبع، ولكن في المراتب العليا وفي مراتب ودرجات أمثالنا، فإنَّ حقيقة التعليم واحدة، وهي مصدر افتخار؛ هذا هو ما نوَد بيانه. نرغب من خلال هذا اللقاء أن نعرب عن مدى احترامنا وتكريمنا للمعلّم. إنّنا مدينون للمعلّم وله الفضل والمنّة علينا، وعلى أبنائنا وأعزّائنا وعلى كلّ الذين يهمّنا مستقبلهم. كلّ الناس يشتركون في هذه القضيّة وجميعنا مدينون لفضل المعلّم وممتنون له.

~الإمام الخامنئي ٢٠١٤/٥/٧