عندما نناجي الباري عزّوجل، ونشعر بوجوده قربنا، ونعتقد أنّه مخاطبنا ويستمع لكلامنا، هذه المعطيات هي من جملة فوائد وعوائد الدعاء. الدعاء يحيي ذكر الله في القلوب، ويزيل الغفلة - التي هي أساس الانحراف والفساد اللذان يعتريان حياة الإنسان- ويعوّد الإنسان على الذكر وترسيخه في قلبه. إنّ أكبر الخسائر التي تنتج عن ترك الدعاء هي زوال ذكر الله من القلب. إنّ النسيان والغفلة عن الله تعالى من أكبر خسائر البشر، وفي القرآن الكريم ذُكرت عدّة آيات في هذا الصّدد، وفيها بحث تفصيلي.

 

الدعاء يقضي على الإنحراف(جودة عالية)

 

الفائدة الثانية للدعاء، هي تقوية وترسيخ الإيمان في قلب الإنسان؛ لأنّ من خصوصيات الدعاء إقامة وتثبيت الإيمان في القلب. إنّ الإيمان مهدّد بالزّوال عند اصطدامه بأحداث العالم ومشاكله ومغرياته وملذّاته والحالات المختلفة للإنسان. لقد تعرّفنا على أشخاص مؤمنين، إلّا أنّهم فقدوا إيمانهم عندما امتُحنوا بالأموال والسّلطة والشهوات الجسديّة والقلبيّة؛ إنّ مثل هذا الإيمان مزلزلٌ وغير ثابت. إن من خصوصيات الدعاء الدعاء ترسيخ الإيمان واستقراره في قلب الإنسان؛ ومن خلال الدعاء واستمراره، والتوجّه لله عزّوجل  يزول الخطر الذي يهدّد الإيمان بالزّوال.

 

الدعاء يرسخ الإيمان(جودة عالية)

 

الفائدة الثالثة تتمثّل في نفث روح الإخلاص في نفس الإنسان. إنّ الحديث مع الله عزّوجل والقرب منه يُعمّق في الإنسان روح الإخلاص، والإخلاص هو العمل لله بنيّة خالصة. إنّ جميع الأعمال يمكن أن تُنوى لله عزّوجل. عباد الله الصالحين يقومون بتأدية جميع أعمالهم الحياتية اليوميّة مع نيّة التقرّب لله عزّوجل ويقدرون على ذلك. وبعضهم لا يستطيعون أن يؤدّوا حتّى أهم الأعمال العباديّة -كالصلاة- قربة لله تعالى. إنّ عدم الإخلاص ثقلٌ كبير على روح الإنسان، والدعاء وظيفته أن يهبَ للإنسان روح الإخلاص.

 

الدعاء يعمّق روح الإخلاص(جودة عالية)

 

وفائدة الدعاء الرابعة هي ترسيخ وتنمية الفضائل الأخلاقيّة في نفس الإنسان. إنّ الإنسان من خلال الارتباط بالله عزّوجل ومناجاته، يقوّي الفضائل الأخلاقيّة في نفسه؛ أي أنّ الدعاء هو من الأمور التكوينيّة والطبيعيّة للاستئناس بحضرة الباري عزّوجل، وبناءً على ذلك، فإنّ الدعاء يُعدّ سلّم عروج الإنسان نحو الكمالات. وبالمقابل، فإنّ الدعاء يزيل الرذائل الأخلاقيّة من نفس الإنسان ويبعدها عن وجوده، فهو يبعد الإنسان عن البخل والتكبّر والأنانيّة والعداء لعباد الله وضعف النفس والجبن والجزع.

 

الدعاء يرسّخ الفضائل ويمحو الرذائل(جودة عالية)

 

فائدة الدعاء الخامسة هي إيجاد المحبّة لله عزّوجل، فالدعاء يحيي العشق القلبي لله جلّ وعلا، وهو مظهر لجميع كمالات الباري عزّوجل. الدعاء والأنس ومناجاة الله عزّوجل يخلق هذه المحبّة في القلوب.

 

الدعاء إحياء للحب الإلهي(جودة عالية)

 

فائدة الدعاء السادسة هي بثّ روح الأمل في وجود الإنسان. إنّ الدعاء يمنح الإنسان قابليّة مواجهة التحدّيات في حياته. الدعاء يعطي الإنسان القوّة والقابليّة، ويجعله قادراً على مواجهة المشاكل؛ ولهذا عُبّر عن الدّعاء في الرواية بأنّه سلاح، فقد نُقل عن الرسول الأكرم (ص) أنّه قال: ألا أدلّكم على سلاح يُنجيكم من أعدائكم، تدعون ربّكم بالليل والنّهار فإنّ سلاح المؤمن الدعاء. 
إنّ الاستعانة بالله كالسلاح القاطع في يد الإنسان المؤمن؛ ولهذا فإنّ الرّسول الأكرم (ص) مع ما كان يمارسه من أعمال في ساحة الحرب، كتجهيز الجيش، وترتيب الصّفوف، وتوفير الإمكانات اللازمة له؛ كان يسجد في وسط الميدان رافعاً يديه بالدعاء والتضرّع الشديد، يناجي الله عزّوجل ويستمدّ منه العون. إنّ هذا الارتباط بالله يبعث على القوّة في قلب الإنسان.

 

الدعاء قوّة وأمل(جودة عالية)

 

إنّ إحدى مكتسبات الدعاء هي قضاء الحوائج التي يطلبها الإنسان من الباري عزّوجل. إنّ قضاء الحوائج ليس هو الهدف الوحيد للدعاء؛ بل هو أحد فوائد الدعاء، يُذكر إلى جانب الفوائد الأخرى كما قال عزّوجل: {واسألوا الله من فضله}، التي تظهر نتيجته في دعاء أبي حمزة الثمالي المنقول عن الإمام السجّاد (عليه السلام) حيث قال فيه: وليس من صفاتك يا سيّدي أن تأمر بالسؤال وتمنع العطيّة وأنت المنّان بالعطيّات على أهل مملكتك. عندما يأمرنا الله أن ندعوه ونسأله قضاء الحوائج، فهذا يعني أنّه عازمٌ على أن يعطينا ما نريد؛ ولهذا جاء في الرّواية: ما كان الله ليفتح لعبدٍ الدعاء فيغلق عنه باب الإجابة، والله أكرم من ذلك.

~الإمام الخامنئي ٢٠٠٥/١٠/٢١

 

قضاء الحوائج ليس الهدف الوحيد للدعاء(جودة عالية)