عندما تأسّست المقاومة الإسلامية في لبنان بهمّة الأبطال اللبنانيّين وبتوصية ودعم من الإمام الخميني الرّاحل، كانت إسرائيل تحتلّ بيروت أي العاصمة اللبنانيّة وقابضة على مقدّرات هذا البلد السياسيّة. في ذلك اليوم أطلقت المقاومة الإسلاميّة شعار "زحفاً زحفاً نحو القدس"، ووصفتهم جماعة من الجهلة بالبسطاء وسألوهم باستهزاء: هل يمكن السير باتجاه القدس حيث أنكم أنتم اللبنانيّون عاجزون عن دخول عاصمة بلدكم؟ لم يطل الأمر منذ ذلك اليوم حتى تحقيق النصر التاريخي للمقاومة الإسلامية على إسرائيل سوى ١٨ عاماً. صدّقوا أنّ ١٨ عاماً ليست زمناً يُذكر في تاريخ  الشعوب النّضالي.

...إسرائيل التي كانت تعربد في هذه المنطقة وتملي إرادتها على الشّعوب العربيّة، ها هي اليوم عاجزة وكئيبة وترضخ لعظمة المقاومة الإسلاميّة؛ هذا جانب صغير من قدرات الشّعوب المسلمة والعربيّة. لا يراودكم الشكّ في أنّنا سنشهد زوال الكيان الصّهيوني في حال تمّ استخدام كافّة إمكانيّات العالم الإسلامي أو حتّى جزء من هذه الإمكانيّات في هذا السّبيل. لقد ألحقت مجموعة تضمّ بضعة آلاف من المقاومين الهزيمة بإسرائيل في جنوب لبنان. صحيح أنّ حزب الله كانت لديه ركيزة شعبيّة كبيرة واستطاع عند الضرورة تعبئة الآلاف بل عشرات آلاف؛ لكنّه استفاد بشكل متواصل من بضعة آلاف فقط، بل في بعض الأحيان من بضعة مئات في محاور التصدي للمحتلّين الصهاينة. أي أنّ إسرائيل مع ما تملكه من إمكانيات عسكرية وتلك التكنولوجيا المتطوّرة في أسلحتها -المتّصلة بالترسانة الأمريكيّة- هُزمت على يد بضعة مئات من الشباب المؤمنين والمتحمّسين الذين يستخدمون في الحرب أسلحة بدائيّة للغاية. طبعاً لقد كان سلاح الإيمان سلاحهم القوي الذي لا يُهزم.

إذاً ها هو نموذج المقاومة ماثلٌ أمامنا؛ أي أن بلوغ النصر متاح من خلال المقاومة والكفاح وطبعاً تحمّل الخسائر. في الوقت عينه نرى أمامنا نموذج الهزيمة المتمثّل في التعلّق بالأساليب السلمية واستجداء السلام. ونتيجة ذلك هي الإذلال والاستحقار وفي نهاية الأمر فرض إرادة إسرائيل من طرف واحد، وهذا ما شاهدناه بأمّ أعيننا. إنّ انتصار حزب الله التاريخي اليوم يشكّل ركيزة لانتفاضة الشعب الفلسطينيّ، وطبعاً هي ركيزة قويّة للغاية.
~الإمام الخامنئي ٢٠٠١/٤/٢٤

 

ظاهرة حزب الله في لبنان الموجودة في المنطقة ومحاذاتها للكيان الصهيوني الغاصب صنعٌ إلهي، وهي قد استطاعت إخضاع عدوّ تمّ على مدى أعوام الترويج لكونه لا يُقهر وإجباره على الفرار. لقد شكّل انتصار المقاومة الإسلامية أولى مراحل التصدّي للعدو ويجب على حزب الله بانتهاجه الحكمة والتدبير والتخطيط والحفاظ على الوعي أن يجهزّ نفسه للمراحل التالية ومواصلة الطريق حتّى تحقيق النّصر النهائي. كما أنّ الانتصارات الأخيرة في جنوب لبنان قد مهّدت الأرضية لالتحاق الجيل الفلسطيني الجديد أكثر فأكثر بحركة النضال والجهاد ضدّ الكيان الغاصب للقدس، ودعم ومساندة النظام الإسلامي في إيران لحزب الله في لبنان دعم معنوي والدليل الرئيسي عليه هو وجود عامل الإيمان الموحّد وإنّ مجموعة حزب الله هي مجموعة منظّمة تقرّر بشكل مستقلّ واستناداً إلى الحكمة والتدبير.
~مقتطفات من كلمة الإمام الخامنئي في لقاء مع السيد حسن نصرالله ٢٠٠٠/٧/٤

 

فقد استطاع الشباب اللبناني المؤمن والمجاهد استثمار العنصر الإعلامي على أفضل نحو أثناء المواجهات الكبيرة التي خاضوها مع العدو الصهيوني، وتمكّنوا من إبراز عنصر المقاومة والتضحية والفداء بصورة صحيحة إلى العالم الإسلامي، حتى أخضعوا العدو وآيسوه، فأدرك العالم الإسلامي ماذا تفعل المقاومة في الجنوب اللبناني، وماذا تريد، وما هي غايتها. فهنا قد تمّ توظيف الإعلام توظيفاً صحيحاً ساهم في تدعيم الروح المعنوية للمجاهدين، وفي المقابل أثار الرعب واليأس لدى العدو. وهذا ما يجب علينا القيام به دائماً. فالعالم الإسلامي في حرب مستمّرة وهو عرضة لهجمات دائمة. فهذه قطعة من جسد العالم الإسلامي تمكث بين مخالب الصهاينة، ينهشون بها صباحاً ومساءً، لذلك يجب استثمار الجانب الإعلامي إلى أبعد الحدود وتوظيفه لهذه القضية.
~الإمام الخامنئي ٢٠٠٢/١/٣١

 

لبنان وحزب الله البطل أظهر بأنَّه قادرٌ على التصدّي لإسرائيل وإلحاق الهزيمة بها؛ من خلال الثبات والعزم الراسخ، وهو مما كان لا يخطر على مخيَّلة بعض ساسة البلدان الإسلامية، إلّا أنَّه حدث فعلاً، وتحققت هزيمة إسرائيل؛ نتيجة للتصدَّي والمقاومة، والتوكّل على الله تعالى، واستخدام جميع الإمكانات والوسائل من قِبَل حزب الله والشعب اللبناني. إنَّ هذه إحدى الصور الشاملة والمتعلّقة بالعالم الإسلامي بأسره، دون فرق بين بلد وبلد، وإنَّ شرط تحقق ذلك هو تخلّينا ـ كمسؤولين للبلدان الإسلامية ـ عن منافعنا ورغباتنا وأهوائنا الشخصية، وترجيح مصلحة الشعب والأمَّة على ذلك، فلو حافظنا على هذه الشروط، فسوف تكون النتيجة لصالحنا بالتأكيد.
~الإمام الخامنئي ٢٠٠٦/١٠/٢٤