لقد كانت الثورة الإسلامية أساساً ثورة ضد أمريكا، اعلموا هذا أيها الشباب الأعزاء! الثورة الإسلامية التي حدثت في عام 57 بقيادة الإمام الخميني وبمشاركة عموم الشعب الذي نزل إلى الساحة وأسقط النظام الملكي الفاسد وأسس للجمهورية الإسلامية، كانت في الأساس ضد أمريكا. شعارات الشعب وشعارات الجماعات التي تسير في الشوارع وتعرض نفسها للمخاطر كان شعارات ضد أمريكا. وقد فعلت أمريكا خلال هذه المدة – منذ عام 57 وإلى اليوم أي طوال 41 عاماً – كل ما تجيده من الأعمال في معاداة الشعب الإيراني. كل عمل تستطيع القيام به وتجيد وتحسن القيام به قامت به ضد شعب إيران من تدبير الانقلاب إلى التحريض إلى محاولات التجزئة إلى الحظر وما شاكل، وأنتم تلاحظون بالتالي. والحمد لله على أن شباب اليوم واعون أذكياء، في فترة شبابنا لم يكن الشباب مثل شباب اليوم عارفين بالأمور والأوضاع. تلاحظون أن الأمريكيّين فعلوا خلال هذه الفترة كل ما استطاعوا، خصوصاً مع المؤسسات المنبثقة من الثورة، ومن ذلك مع النظام الإسلامي نفسه، ومع الجمهورية الإسلامية نفسها المنبثقة من الثورة. مارسوا العداء ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً. وبالطبع لم نكن في هذا الجانب مكتوفي الأيدي وعديمي الفعل والتحرك، فنحن أيضاً في هذا الطرف فعلنا كل ما نستطيعه لمواجهة أمريكا، وفي مواطن كثيرة حصرناهم في زاوية الحلبة ولم يستطيعوا الدفاع عن أنفسهم بشكل مناسب. هذا أيضاً شيء واضح تماماً والعالم كله يرى ذلك. 
لكن أهم رد ردت به الجمهورية الإسلامية على مؤامرات أمريكا – أريد أن تتنبهوا أنتم الشباب لهذه النقطة – هي أنها سدّت طريق عودة التغلغل السياسي الأمريكي في هذا البلد. أغلقت الجمهورية الإسلامية طريق الدخول الأمريكي مجدداً إلى البلاد وتغلغل أمريكا ثانية في أركان البلاد. منع المفاوضات هذا الذي يجري الحديث عنه «لا نفاوض، لا نفاوض» من حالات وأدوات منع أمريكا وسد الطريق أمامها. وهي حالة صعبة جداً على الأمريكيّين طبعاً. أمريكا المتكبرة المستكبرة التي تمنّ على رؤساء البلدان ومسؤولي البلدان بالجلوس والتحدث معهم، تصرّ منذ سنين على التفاوض مع رؤساء الجمهورية الإسلامية، والجمهورية الإسلامية تمانع، وهذا شيء صعب جداً على أمريكا. معنى ذلك أنه يوجد في العالم شعب ودولة لا ترضى بسلطة أمريكا الغصبية وهيمنتها الطاغوتية ودكتاتوريتها الدولية ولا ترضخ لها. منع التفاوض هذا ليس مجرد ممارسة عاطفية إنما يوجد خلفها منطق رصين، فهي تحول دون نفوذ العدو وتسد عليه الطريق وتعرض على العالم اقتدار الجمهورية الإسلامية وهيبتها وأبهتها، وتحطم الهيبة الخاوية للطرف المقابل أمام أنظار كل العالم، لأنها لا تجلس معها خلف طاولة المفاوضات. 
يتصور البعض أن التفاوض مع أمريكا يحلّ مشاكل البلاد. هذا خطأ كبير، إنهم مخطؤون مائة بالمائة. الطرف المقابل يعتبر جلوسنا خلف طاولة المفاوضات وقبول التفاوض من قبل إيران بمعنى ركوع الجمهورية الإسلامية. يريد أن يقول إننا استطعنا أخيراً بالضغط الاقتصادي والحظر الشديد أن نركع إيران لتأتي وتجلس معنا خلف طاولة المفاوضات. يريد أن يقول هذا الشيء للعالم. يريد أن يثبت أن سياسة «الضغوط القصوى» سياسة صحيحة وقد تركت تأثيرها وجاءت بالجمهورية الإسلامية أخيراً إلى طاولة المفاوضات. ثم إنه لن يقدم أي امتيازات، أقولها لكم. قطعاً ويقيناً لو أن مسؤولي الجمهورية الإسلامية تعاملوا بسذاجة وذهبوا وتفاوضوا مع المسؤولين الأمريكيّين لما حصلوا على أي شيء، لا الحظر كان سيقل وينخفض ولا الضغوط كانت ستنخفض وتقل. بمجرد أن تبدأ المفاوضات يطرحون توقعات جديدة وأشياء جديدة يريدون فرضها، ومن ذلك أن صواريخكم يجب أن تكون كذا ولا تكون لديكم صواريخ ومديات صواريخكم يجب أن لا تتجاوز الـ 100 والـ 150 كيلومتراً. بتوفيق من الله صنع شبابنا في الوقت الحاضر صواريخ دقيقة مداها 2000 كيلومتر فهي تصيب أي هدف تريده بخطأ في الإصابة لا يتجاوز المتر الواحد عن بعد 2000 متر. وهذا شيء صعب بالنسبة لهم. يقولون إنكم يجب أن تدمروا هذه الصواريخ ولا تكون مديات صواريخكم أكثر من 150 متراً. هذا ما يطرحونه. إذا وافقتم على هذا فالويل لكم وإن لم توافقوا فالحالة نفسها ستبقى، ويعاودون ما يقولونه الآن. الطرف المقابل لن يمنحكم أي تنازل. 

~الإمام الخامنئي ٢٠١٩/١١/٣