تمّت الإشارة إلى قضيّة حضور أمريكا المروّج للفساد في غرب آسيا وضرورة انتهائه في كلمة قائد الثورة الإسلاميّة بتاريخ ٨ كانون الثاني ٢٠٢٠ خلال استقباله الآلاف من أهالي مدينة قم حيث تمّ التأكيد على ضرورة ”إنهاء وجود القوات الأمريكيّية في المنطقة“ كسبيل حلّ لهذه المشكلة: ”المهم في مقام المواجهة هو انتهاء التواجد المفسد لأمريكا في هذه المنطقة. لقد جلبوا الحرب لهذه المنطقة وجلبوا الاختلافات والفتن والدمار وتخريب البنى التحتية… هذه المنطقة ترفض تواجد أمريكا في بلدان المنطقة، شعوب المنطقة ترفض والحكومات المنبثقة من الشعوب ترفض، بلا شك. ٨/١/٢٠٢٠

وقد كانت قضيّة التواجد الأمريكي المُفسد في منطقة غرب آسيا طوال العام الماضي إحدى المحاور التي شدّد عليها الإمام الخامنئي في لقاءاته الدبلوماسيّة والدوليّة. ففي لقاء جمعه برئيس وزراء العراق في نيسان من العام ٢٠١٩ أشار قائد الثورة الإسلامية إلى مسار التطوّرات في هذا البلد وتحدّث حول قضيّة تطلّع الحكومة الأمريكيّة إلى الديموقراطيّة في العراق واستقلال هذا البلد كتهديد لمصالحها: ”الأمريكيّون وخلافاً لما يصرّحون به كلاميّا، ينظرون إلى الديموقراطيّة ومجموعة الناشطين السياسيّين الحاليّين في العراق كتهديد لمصالحهم .. الأمريكيّون وأذنابهم في المنطقة يعارضون تطوّر العراق ضمن إطار الديموقراطيّة الحاليّة والشخصيات والحركات الفعليّة التي تتولّى زمام الأمور وينظرون إليه كتهديد لمصالحهم.“  ٦/٤/٢٠١٩ وعلى هذا الأساس طرح سماحته قضيّة خروج الجنود الأمريكيّين من هذا البلد قائلاً: ”على الحكومة العراقيّة أن تفعل ما من شأنه أن يجعل الجنود الأمريكيّين يخرجون من العراق في أسرع وقت ممكن.“ ٦/٤/٢٠١٩

ثمّ لفت الإمام الخامنئي خلال استقباله لضيوف مؤتمر الوحدة الإسلاميّة إلى الآثار السيّئة التي يتركها تواجد الأمريكيّين في المنطقة من عدم استقرار وشرّ وفساد  وأردف سماحته قائلاً: ”لم يجلب تواجد أمريكا في منطقتنا سوى الشرّ والفساد؛ فما إن وطأوا بأقدامهم هذه المنطقة حتّى جاؤوا بالشّر والفساد. أينما يطأون بأقدامهم نرى إما انعدام الاستقرار أو الحروب الأهليّة أو أعمال من قبيل إنشاء داعش.“ ١٥/١١/٢٠١٩ كما اعتبر سماحته أنّ التغلغل وبثّ النزاعات ”السلاح الرّئيسي لأمريكا“ : ”سلاح  أمريكا الرئيسي في هذه المنطقة هو التغلغل -التغلغل في مراكز اتّخاذ القرار الحسّاسة-  وبثّ النزاعات، وزعزعة الإرادة الوطنيّة للشعوب، وخلق أجواء من عدم الثقة بين الشعوب،  وبين الشّعوب والحكومات، والتدخّل في حسابات أصحاب القرار والتظاهر بأنّ حلّ المشاكل لا يتمّ سوى بالانضواء تحت راية أمريكا والاستسلام لأمريكا.“ ١٥/١١/٢٠١٩

التأكيد على سعي الأمريكيّين للتفرقة بين الشعوب والبلدان الإسلامية كان منذ الأساس أحد النقاط الرئيسيّة التي وقعت مورد اهتمام قائد الثورة الإسلامية في اللقاءات الدبلوماسيّة. فقد أشار سماحته بشكل واضح في لقاء مع عدد من مسؤولي النظام وسفراء البلدان الإسلاميّة إلى هذه القضيّة قائلاً: أينما تدخّلت يوماً ما سياسات بريطانيا، واليوم أمريكا في البلدان الإسلاميّة، اشتعلت هذه الفتن؛ فهم يزرعون الخلافات بين البلدان الإسلاميّة، وينشرون الحقد والنزاع، ويفعلون ذلك داخل البلد أيضاً.“ ٥/٦/٢٠١٩ كما شدّد الإمام الخامنئي في لقاء مع رئيس وزراء أرمينيا على ”عدم إمكانيّة الوثوق بالأمريكيّين“ قائلاً: ”الأمريكيّون ليسوا جديرين مطلقاً بالثّقة ويسعون في كلّ مكان وراء الفتن، والفساد، والنزاعات والحروب ويقفون ضدّ مصالح الشعوب.“  ٢٧/٢/٢٠١٩

من جهة أخرى أشار قائد الثورة الإسلامية في لقاء مع رئيس جمهوريّة روسيا السيّد فلاديمير بوتين إلى انهزام أمريكا في منقطة غرب آسيا: ”الأمريكيّون كانوا ينوون من خلال استغلال الظروف التي شهدتها في تلك المرحلة البلدان العربيّة تعويض الضربة التي تلقّوها في مصر وتونس داخل سوريا من خلال إسقاط النظام المؤيّد للمقاومة لكنّهم اليوم هُزموا بشكل كامل.“  ٧/٩/٢٠١٨  وهذه القضيّة ذاتها تمّ التأكيد عليها من قبل الإمام الخامنئي لدى لقائه برئيس جمهوريّة تركيا السيّد رجب طيّب أردوغان: ”إنّ اتحاد وتعاون الدّول الإسلاميّة سوف يمهّد قطعاً لحل مشاكل المنطقة ولذلك فإنّ الاستكبار وعلى رأسه أمريكا قلقٌ من التعاون والتقارب بين الدّول الإسلاميّة وتشكيل قوّة إسلاميّة.“ ٧/٩/٢٠١٨

واعتبر سماحته أيضاً خلال لقائه برئيس جمهوريّة سوريا السيّد بشار الأسد أنّ التواصل المستمرّ والاستراتيجي بين سوريا وإيران يشكّل عائقاً أمام تنفيذ المخطّطات الأمريكيّة.

خلاصة الأمر هي أنّ السياسة الاستراتيجيّة التي يشدّد عليها الإمام الخامنئي ويتابعها تتمثّل في ”طرد أمريكا“ من ”منطقة غرب آسيا“. السياسة التي تنبع ضرورتها من تأمين مصالح إيران الوطنيّة وسائر دول وشعوب هذه المنطقة. من وجهة نظر قائد الثورة الإسلامية فإنّ تواجد الأمريكيّين وتدخّلهم في غرب آسيا سبب في خلق الأزمات، وزعزعة الاستقرار، وانعدام الأمن والنّزاعات وهذه القضيّة يُمكن إنهاؤه من خلال التعاون المباشر بين شعوب وحكومات هذه المنطقة. وفي هذه الأيام نتجت عن التطوّرات المهمّة والمصيريّة الناجمة عن جريمة الحكومة الأمريكيّة الإرهابيّة التي تمثّلت باغتيال اللواء الفريق الحاج قاسم سليماني خطوةٌ هامّة تدفع باتّجاه تسريع التطوّرات واستيقاظ وتآزر الشعوب أكثر فأكثر. التطوّرات التي قد تنتهي بانتزاع انتصار وإنجاز تاريخي ورئيسي للشعوب وإلحاق الهزيمة وتوجيه ضربة موجعة وأساسيّة لنظام الهيمنة والحكومة الأمريكيّة.