اَخبَرَنا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ قالَ: حَدَّثَنَا الشَّريفُ الصّالِحُ اَبو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ حَمزَةَ العَلَوي (رَحِمَهُ اللَّهُ) قالَ: حَدَّثَنا اَحمَدُ بنُ عَبدِ اللَّهِ، عَن جَدِّهِ اَحمَدَ بنِ اَبي عَبدِ اللّهِ البَرقي، عَنِ الحَسَنِ بنِ فَضّالٍ، عَنِ الحَسَنِ بنِ الجَهمِ، عَن اَبِي اليقظانِ، عَن عُبَيدِ اللَّهِ بنِ الوَلِيدِ الوَصّافي قالَ: سَمِعتُ اَبا عَبدِ اللّهِ جَعفَرَ بنَ مُحَمَّدٍ (عَلَيهِمَا السَّلامُ) يقولُ: ثَلاثٌ لا يضُرُّ مَعَهُنَّ شَي‌ءٌ: الدُّعَاءُ عِندَ الكرُباتِ وَ الِاستِغفارُ عِندَ الذَّنبِ وَ الشُّكرُ عِندَ النِّعمَة. (1)

ثَلاثٌ لا يضُرُّ مَعَهُنَّ شَي‌ء
يقول الإمام الصادق (عليه السلام): إذا كانت فيكم هذه الخصال الثلاث فلا تقلقوا من الحوادث الدنيوية والأخروية المتنوعة. لا أنه لن تقع حادثة لكم، بل المراد هو أنه سوف تتوفر فيکم مناعة وحصانة بحيث لا تصيبكم هذه الحوادث بأضرار. إذا راعيتم هذه الخصال والصفات الثلاث فسيكون هذا أثرها ونتيجتها. 
 

اَلدُّعَاءُ عِندَ الكرُبات
بدايةً عندما تقع لكم حادثة مريرة – الكربة معناها المعضلة والهم والغم الكبير – فتوسلوا بالعناية الإلهية والدعاء، الدعاء والتضرع. وقد ورد في القرآن: «فَلَولا اِذ جاءَهُم بَأسُنا تَضَرَّعوا» (2) عندما تقع حادثة يجب على الإنسان أن يلجأ إلى الله تعالى ويدعوه. وهذا الدعاء لا يتنافى مع أن يقوم الإنسان على المستوى العملي في مقام التدبير بكل تلك الأعمال التي تقع على عاتق الإنسان العاقل المفكر المدبر، لكن الدعاء ضروري في الوقت ذاته. عندما كانت الأمور تصعب في ساحة الحرب كان الرسول الأكرم يرفع يديه بالدعاء ويذرف الدموع ويطلب النصر من الله تعالى. لو تضرعنا إلى الله تعالى في قضية من القضايا وكأننا نخجل من الناس ومن الذين يشاهدوننا ويروننا، وكأنّنا نشعر أنّ هذا الدعاء والتضرع لله اعتراف بعجزنا أمام هذه القضية! لنفترض مثلاً أن مؤامرة حيكت من قبل الاستكبار ويجب أن نرفع قبضاتنا ونهتف بالشعارات الحماسية، ألن تكون هناك ضرورة للدعاء ولنداء «يا إلهي أعنا بعونك» وما شاكل؟ هكذا نتصور، لكن الرسول الأكرم في وسط ساحة المعركة والعدو يحيط به والأحداث الكبرى أمامه، كان يتضرع ويبكي ويتوسل ويدعو ويطلب من الله تعالى. طبعاً كان يحارب أيضاً ويدبر الأمور وينظم الصفوف للحرب على أحسن وجه. وقد كان الأمر كذلك في ملحمة الدفاع المقدس عندنا أيضاً. هناك أيضاً كان شبابنا يتوسلون بالعناية الإلهية والأئمة الأطهار (عليهم السلام) ويدعون في الصعاب والشدائد والمشكلات الكبيرة، وكان الله تعالى يفرج عنهم. إذاً، الدعاء في الشدائد والكربات أوّلاً. 
 

وَ الِاستِغفارُ عِندَ الذَّنب
ثانياً، الاستغفار عندما يصدر عن الإنسان ذنب. نحن مبتلون ليل نهار بالمعاصي والذنوب الصغيرة والكبيرة. ندرك البعض منها ولا نلتفت للبعض الآخر منها لأنها أصبحت طبيعية بالنسبة لنا! يجب أن نستغفر فوراً من ذلك الذنب والمعصية التي نقوم بها ونلتفت لها. والاستغفار ليس مجرد قول: «أستغفر اللّه وأتوب اليه» بل أن نعتذر حقاً. الاستغفار معناه الاعتذار من الله، الاعتذار، بمعنى: يا إلهي إني أعتذر. هذا هو الاستغفار. وهذا ما يؤدي إلى رفع عقبات استجابة الدعاء، ترتفع عقبات صدور الدعاء وترتفع عقبات وموانع التضرع. هذه هي خصوصية الاستغفار: «اَللّهُمَ اغفِر لِي الذُّنوبَ الَّتي تَهتِك العِصَمَ، تُنزِلُ النِّقَمَ، تُغيرُ النِّعَمِ، تَحبِسُ الدُّعاء» (3). إذاً، الاستغفار هو العملية الثانية التي لو قمنا بها لزال قلقنا من الأضرار التي قد تلحقنا من الحوادث والكربات. 
 

وَ الشُّكرُ عِندَ النِّعمَة
ثالثاً، اشكروا كل نعمة يمنّ الله تعالى بها عليكم «لَئِن شَكـرتُم لَاَزيدَنَّكم» (4). شكر النعمة يتسبب في زيادتها. جاء في الرواية أنه متى ما تذكرتم النعمة – لا فقط الآن حيث أعطى الله نعمة، بل حتى النعمة التي منّ بها عليكم سابقاً – فخرّوا ساجدين وقولوا: «اَلحَمدُ لِله رَبِّ العالمين» (5). إذا كنتم راكبين على الخيل – أحياناً يكون الإنسان في الشارع أو الزقاق ولا يمكنه أن يقع ساجداً على الأرض – فاحنوا رؤوسكم على السّرج وقولوا: «اَلحَمدُ لِله رَبِّ العالمين». وفي الزقاق إذا تذكرتم النعمة ولا تستطيعون السجود، فقولوا: «اَلحَمدُ لِله رَبِّ العالمين» أي شكر النعمة في كل الأحوال. هذه هي الخصوصيات الثلاث التي تجعل الإنسان غير قلق وغير مضطرب من الأضرار التي تلحقها به الأحداث المتنوعة التي تحيط به. 

الهوامش:
1 – الأمالي للطوسي، المجلس السابع، ص 204. 
2 – سورة الأنعام، شطر من الآية 43 .
3 – اقتباسٌ من دعاء كميل، مصباح المتهجّد، ج 2 ، ص 844. 
4 – سورة إبراهيم، شطر من الآية 7. 
5 – سورة الحمد، الآية 1.