أمين عام جبهة النضال الشعبي الفلسطيني السيد خالد عبد المجيد، سلام عليكم ورحمة الله، تقبّلوا منّا فائق التقدير والاحترام.
بداية، أي تأثير تركته كلمة الإمام الخامنئي في يوم القدس على الروحيّة الجهاديّة ودوافع الفلسطينيّين من أجل استمرار النّضال حتّى زوال الكيان الصهيونيّ؟

كان تأثير كلمة سماحة الإمام الخامنئي في يوم القدس العالمي كبيراً، وشكّلت الكلمة نبراساً وهدى للمقاومة وللشعب الفلسطيني المظلوم، وفتحت آفاقاً جديدة في مواجهة الإحتلال الصهيوني الغاشم، ولإسقاط صفقة القرن. ولقد جاءت الكلمة لتعطي أملاً جديداً لشعبنا وثورتنا، وتأكيداً على الالتزام العقائدي للقيادة والشعب الإيراني في دعم نضال الشعب الفلسطيني من أجل استعادة كامل حقوقه وفي المقدمة منها حق العودة واستعادة مدينة القدس المقدسة. لذلك فمهما تحدثنا فإن تأثير الكلمة في هذا الوقت بالذات كان كبيراً وعظيماً، خاصة أنها جاءت في ظل حالة من الإحباط التي أصابت فئات من شعبنا من الأوضاع والدول العربية، التي بدأت تطبع علاقاتها مع العدو وتتآمر على القضية الفلسطينية.

اعتبر الإمام الخامنئي في كلمته أنّ الثورة الإسلامية في إيران شكّلت انطلاقة لمرحلة جديدة في مقاومة الفلسطينيّين وتشكيل محور المقاومة أيضاً، معتبراً أن مستقبل هذا المحور مشرق وناجح. ما هو من وجهة نظركم دور الثورة الإسلامية في إيران ودعم الجمهورية الإسلامية لحركات المقاومة في مصير منطقة غرب آسيا وماذا سيكون دورها في المستقبل؟
نعم لقد شكلت كلمة الإمام إنطلاقة جديدة لقوى المقاومة الفلسطينية والعربية ولكل محور المقاومة، بعد أن استطاع محور المقاومة هزيمة الإرهاب الذي ترعاه أمريكا وأدواتها في المنطقة وبعد هزيمة المشروع الأمريكي واندحار الوجود الأمريكي، نتيجة الضربات التي تلقاها على يد المقاومين وخاصة بعد توجيه الضربات المؤلمة في قاعدة عين الأسد، والرد على القرصنة الغربية في البحار والمحيطات، وآخرها ارسال خمسة بواخر إلى فنزويلا وفك الحصار عنها، إذ إن مستقبل منطقة غرب آسيا سيكون أكثر أمناً واستقراراً وأكثر قدرة على مواجهة الأزمات السياسية والإقتصادية التي تواجه العالم، وتمتلك سيادتها الوطنية التي تمكنها من التكامل والتعاون على الأصعدة المختلفة وخاصة الإقتصادية والإنتاجية التي تؤمن لشعوب المنطقة حالة من استقرار الأمن الغذائي والكرامة الوطنية في ظل حالة الإرباك التي تصيب العالم.

ما هو هدف أمريكا والكيان الصهيوني وعملائهما في المنطقة وبعض الدول العربيّة من طرح قضيّة السلام مع الكيان الصهيوني والترويج لها وتطبيع وجود هذا الكيان في المنطقة؟ هل يعتبر الفلسطينيّون أنّ السلام والاستسلام يشكّل حلّاً لظلمهم على يد العدوّ؟
هدف أمريكا وإسرائيل وعملائهما من الدول العربية من ما يسمى بعملية "السلام" وتطبيع العلاقات مع العدو الصهيوني، هو تصفية القضية والحقوق الفلسطينية ومحاولة خداع الشعب الفلسطيني كما جرى عام 48، والعمل لإقامة تحالف بين "إسرائيل" والسعودية ودول الخليج وبعض الدول المستسلمة وخاصة مصر والأردن في مواجهة إيران ومحور المقاومة الذي حقق إنجازات كبيرة على مستوى ردع أمريكا والكيان الصهيوني، وفتح آفاقاً جديدة أمام شعوب المنطقة من أجل التعاون والتكاتف والتكامل لمعالجة قضاياها السياسية والأمنية والإقتصادية والإجتماعية بعيداً عن الهيمنة الأمريكية الصهيونية والتدخلات الخارجية.
ونحن كفلسطينيین لا نعتبر أن ما يسمى بخطط وعملية "السلام" المطروحة من قبل أمريكا بغطاء من دول عربية حلاً لقضيتنا، خاصة أن فريقا فلسطينياً انخرط منذ أكثر من ربع قرن في هذه العملية ووقع اتفاقات أوسلو التي جلبت الكوارث لشعبنا وشكلت غطاءً للتهويد والإستيطان، ونعتبر أن المقاومة هي الطريق لإستعادة الحقوق وكسر غطرسة وعدوانية وعنصرية هذا الكيان الغاصب. 

كانت توصية الإمام الخامنئي الأساسيّة في يوم القدس، استمرار الكفاح والتعاون وترتيب أمور الحركات الجهاديّة من أجل توسيع رقعة الجهاد في الأراضي المحتلّة. بصفتكم أحد مسؤولي تحالف القوى الوطنيّة الفلسطينيّة، ما هو السبيل من وجهة نظركم لتطبيق هذه التوصية؟
كانت توصية سماحة الإمام حول أهمية التعاون والتنسيق بين قوى المقاومة الفلسطينية، ضرورية وأساسية في دفع وإرشاد هذه القوى المقاومة نحو الطريق لتحقيق الإنتصار وتصعيد المقاومة ضد الإحتلال، وبنظري أن تطبيق هذه التوصية بحاجة لإعطاء الأولوية لهذه القضية وعقد اللقاءات الجادة بين هذه القوى بعيداً عن أية مراهنات مع فريق السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية التي أفرغت من محتواها ودورها النضالي لمصلحة القيادة التي وقعت الإتفاقات مع العدو. 
كما يتطلب تعزيز التعاون المشترك في غرفة العمليات المشتركة في غزة بعيداً عن هيمنة فريق واحد في دورها والذي كان الفضل فيها للشهيد الكبير قاسم سليماني"رحمه الله". كما أعتقد أن زيادة التفاعل والإهتمام والنقاش والدعم من دول وقوى محور المقاومة، سيشكل عاملاً مساعداً كبيراً في تعزيز خطوات تخدم وحدة القوى الفلسطينية المناضلة.

أشار قائد الثورة الإسلامية في كلمته في يوم القدس إلى الدعم الشامل وتجهيز المقاومين الفلطسينيّين من الناحية العسكرية من قبل الجمهورية الإسلامية والذي نجم عنه تغيير لمعادلة القوة بين الكيان الصهيوني والمجاهدين الفلسطينيّين. كيف نجح الشهيد سليماني بصفته أبرز شخصيّة إيرانيّة في دعم وتعضيد الفلسطينيّين والنجاح في أداء هذه المهمّة؟
إن إشارة الإمام إلى النجاح في الدعم العسكري واللوجستي لقوى المقاومة الفلسطينية من خلال الدور الريادي والهام والكبير الذي قام به الشهيد سليماني، يمثل وفاء للشهيد الكبير وثناء لما قام به تجاه المقاومين في فلسطين، حيث نجح في بناء قوة ردع للإحتلال في غزة ولبنان، يحسب لها ألف حساب، ونجاح الشهيد سليماني في هذا هو أوّلاً إيمانه العقائدي العميق بما قام به هو وفريقه المخلص والمتفاني في مهماته ومثابرته ومتابعته الدقيقة لمجريات الأمور ميدانياً مع كل المعنيين إلى أن استطاع بناء هذه القوة على كل المستويات.
 

٦- في الفقرة السابعة من توصياته في يوم القدس العالمي، وجّه الإمام الخامنئي كلمته للفلسطينيّين مشيراً إلى الاستفتاء العام الذي يشمل كافّة الأديان والقوميات الفلسطينيّة بشأن إدارة هذه البلاد، ووصفها بأنّها النتيجة الوحيدة التي ينبغي أن تترتّب على التحديات الحالية والمستقبليّة في فلسطين، وقد أشار سماحته مسبقاً إلى أنّ المقاومة والكفاح سيستمرّان حتى تحقيق هذه الإرادة الفلسطينيّة. بصفتكم قائداً لإحدى الحركات الفلسطينيّة، كيف تقيّمون مسار تحقّق هذا المطلب؟
نحن نعتبر أن ما طرحه سماحته حول إجراء استفتاء عام في فلسطين بمشاركة كل أصحاب الديانات والقوميات هو مشروع إنساني ومنطقي في مواجهة الإحتلال والعنصرية الصهيونية ، كما أنه مشروع تصادمي في مواجهة صفقة القرن الأمريكية، وصفعة كبيرة للمستسلمين والخانعين من الدول العربية. ونعتبر أن إنهاء النظام العنصري الإستيطاني هو مهمة أساسية من مهمات المقاومة بكل أشكالها ومن قبل كل القوى والدول التي تسعى لتحقيق الإستقرار في المنطقة واستعادة الحقوق وفي مقدمتها حق عودة اللاجئين الفسطينيين إلى ديارهم وممتلكاتهم التي شردوا منها والمشاركة في هذا الإستفتاء الذي طرحه سماحة الإمام، وإمكانية تحقيق ذلك ممكنة في ظل قوة الردع للمقاومة وفي ظل تغيير في موازين القوى الإقليمية والدولية وإنهاء الهيمنة أحادية الجانب لأمريكا والتي تشكل حامياً وداعماً للعنصرية والعدوانية الصهيونية.