نور فاطمة الزهراء يُدهش الملائكة
هذه النجمة المتوهّجة في عالم الوجود هي ليست فقط ما تراه أعيننا. السيّدة فاطمة الزّهراء سلام الله عليها أرفع بكثير من هذه الأوصاف. نحن لا نرى سوى توهّج النور؛ لكنّها أرفع بكثير من هذا الكلام. لكن ما الذي نستفيده أنا وأنتم؟ هل يكفينا أن نعلم أنّها الزّهراء (سلام الله عليها)؟ قرأت في إحدى الروايات أنّ توهّج نور فاطمة الزّهراء (سلام الله عليها) يدهش أنظار الكاروبيم في الملأ الأعلى: «زَهَر نورها لملائکة السّماء (مقطع من الحديث النبوي - امالي شیخ صدوق - المجلس ٢٤ - ص ۹۹.)» هي تشعّ لهم. أيّ استفادة نستفيدها من هذا الإشعاع والتوهّج؟ ينبغي علينا من خلال هذه النّجمة المتلألأة أن نعثر على الطريق إلى الله الذي هو طريق الخق وقد قطعته فاطمة الزّهراء سلام الله عليها وبلغت تلك المراتب الرفيعة. إذا رأيتم أنّ الله قد جعل خميرتها أيضاً من الخميرة المتعالية، فهذا سببه أنّه كان هذا المخلوق سينجح بتفوّق من امتحان عالم المادّة وعالم الناسوت؛ «امتحنك اللَّه الذي خلقك قبل أن یخلقك فوجدك لما امتحنك صابرة (الإمام الصادق (ع) - التهذّیب - ج ٦ - ص ۱۰)»؛ القضيّة على هذا النّحو. فإذا كان الله عزّوجل يشمل تلك الخميرة بألطاف خاصّة، فجزء من ذلك مردّه إلى أنّه يعلم كيف ستتمكّن من تأدية هذا الامتحان؛ وإلّا فهناك العديد من الذين كانت لديهم خميرة جيّدة. وهل استطاعوا جميعاً النجاح في الامتحان؟ هذا جانبٌ من حياة فاطمة الزّهراء (سلام الله عليها)، وهو ما نحتاجه من أجل خلاصنا.
~الإمام الخامنئي ١٩٩٤/١١/٢٤
حياة الزهراء (س) درسٌ للإنسانيّة
المراتب المعنوية للسيدة فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) تعدّ ضمن أرقى المراتب المعنوية لعدد قليل من أفراد البشرية. فهي معصومة، والعصمة شيءٌ يختصّ به عددٌ قليل من الأولياء الإلهيّين بين أبناء البشر. وهذه الإنسانة الجليلة - فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) - من هذه الفئة، خصوصاً في ضوء حقيقة أنّ هذه المرأة المسلمة المجاهدة في سبيل الله لم تعش أكثر من نحو عشرين عاماً - طبعاً على اختلاف الروايات التي تترواح ما بين ثمانية عشر عاماً وخمسة وعشرين عاماً - فهي امرأة شابة لها هذه المرتبة العليا في مصاف الأولياء والرسل وأمثالهم، ويُلقّبها الرسل الإلهيين بـ «سيدة نساء العالمين». إلى جانب هذا المقام المعنوي فإن الخصال الممتازة والأداء الفذّ في الحياة الشخصية لهذه السيّدة الجليلة تُعدّ كلّ محطة فيها درساً. تقواها وعفّتها وجهادها وحُسن تبعّلها وحُسن تربيتها للأبناء وفهمها السياسي ومشاركتها في أهم ميادين حياة الإنسان خلال ذلك العهد - سواءً في فترة الحداثة والطفولة أو فترة ما بعد الزواج - كل شيء في حياتها كان درساً، وهو ليس درساً لكنّ فقط أيتها السيدات، بل هو درس لكل الإنسانية. إذاً، هذا الاقتران هو فرصة لنا، فيجب التدقيق في حياة فاطمة الزهراء (ع) ومعرفة هذه الحياة بنظرة جديدة وفهمها وجعلها نموذجاً وقدوة بالمعنى الحقيقي للكلمة.
~الإمام الخامنئي ٢٠١٤/٤/١٩
شخصية فاطمة الزهراء (س) الجامعة للأطراف أسوة للمرأة المسلمة
إنّ جهاد تلك السيّدة الجليلة في الميادين المختلفة هو جهادٌ نموذجي، في الدفاع عن الإسلام وفي الدّفاع عن الإمامة والولاية، وفي الدفاع عن النّبي (صلّى الله عليه وآله) وفي المعاشرة مع أكبر القادة الإسلاميين وهو أمير المؤمنين الذي كان زوجها. وقد قال أمير المؤمنين (عليه السلام) مرّة بشأن فاطمة الزهراء (عليها السلام): «ما أغضبتني ولا خرجت من أمري». ومع تلك العظمة والجلالة فأنّ فاطمة الزّهراء (سلام الله عليها) كانت زوجة في بيتها، وامرأة كما يقول الإسلام، وعالمة رفيعة في الساحة العلميّة.
وفيما يخصّ الخطبة التي أوردتها فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) في مسجد المدينة بعد رحيل النّبي (صلّى الله عليه وآله) قال العلّامة المجلسي: إنّ على كبار الفصحاء والبلغاء والعلماء أن يجلسوا ويوضّحوا كلمات وعبارات هذه الخطبة. فقد كانت قيّمة إلى هذه الدّرجة، ومن حيث الجمال الفنّي فإنّها كانت مثل أجمل وأرفع كلمات نهج البلاغ وفي مستوى كلام أمير المؤمنين (عليه السلام). ذهبت فاطمة الزهراء (عليها السّلام) ووقفت في مسجد المدينة وتكلّمت ارتجالاً أمام الناس حوالي ساعة كاملة بأفضل وأجمل العبارات وأصفى المعاني، هكذا كانت عبادتها وفصاحتها وبلاغتها وحكمتها وعلمها ومعرفتها وجهادها وسلوكها كزوجة كأم، وإحسانها إلى الفقراء.
فمرّة أرسل النبي (صلّى الله عليه وآله) رجلاً عجوزاً فقيراً إلى بيت أمير المؤمنين (عليه السلام) وقال له أن يطلب حاجته منهم، فأعطته فاطمة الزّهراء (عليها السّلام) جلداً كان ينام عليه الحسن والحسين حيث لم يكن عندها شيء غيره، وقالت له أن يأخذه ويبيعه ويستفيد من نقوده. هذه هي شخصية فاطمة الزّهراء (سلام الله عليها) الجامعة للأطراف، إنّها أسوة للمرأة المسلمة.
~الإمام الخامنئي ١٩٩٢/١٢/١٦
رؤية الإسلام الشمولية تجاه المرأة، لا فرق بين فاطمة (س) ورسول الله (ص) وأمير المؤمنين (ع)
وهناك ساحات ينبغي أن لا تلجها المرأة، وهي ما ذكرته من أمثلة ولا أودّ أن أركّز عليها الآن بشكل خاص. لكن على كلّ حال هناك بعض الأمور لكن فيما يخصّ الساحات التي لا توجد فيها حدود طبيعيّة وفطريّة بالنسبة للمرأة والرجل ويمكن للجميع المشاركة فيها، فعلى النّساء أن يشاركن، ويوسّعن الأبحاث ويملأن الساحات. نصف قدرات أيّ بلد تختصّ بالنساء. أنظروا إلى الإسلام بعد ولادة السيّدة فاطمة الزّهراء سلام الله عليها كيف يظهرها على أنّها في منزلة واحدة مع الرّسول الأكرم وعلي (عليه السلام) أي أنّ الآثار والروايات تثبت لنا أنّ فاطمة الزّهراء (سلام الله عليها) لم تكن تتحمّل مسؤولية النبوّة والإمامة فقط، بل أنّه لا فرق بينها وبين أمير المؤمنين عليهما الصلاة والسلام من الناحية المعنويّة، وهذا ما يثبت رؤية الإسلام الشموليّة تجاه المرأة.
~الإمام الخامنئي ١٩٩٣/١١/٢٩