بسم الله الرحمن الرحيم
أرحب بجميع الشباب الأعزاء و الحضور المحترمين. يوم الثالث عشر من آبان لا يعتبر عيداً بالطبع، لكنه يعتبر يوماً وطنياً. الذكريات التي تعتبرها الشعوب على مرّ العام أياماً وطنية أو احتفالات وطنية كبيرة لا بد و أن تنطوي في داخلها على مضمون. كلما كان هذا المضمون أعمق كلما كان ذلك اليوم أهم لدى ذلك الشعب في طابعه الرمزي. و على هذا، يكون يوم الثالث عشر من آبان يوماً مهماً بحق. أطلق على هذا اليوم اسم » اليوم الوطني لمقارعة الاستكبار «.. القضية قضية الاستكبار، و ليست قضية حكومة معينة أو كيان معين. طبعاً مظهر الاستكبار في العالم اليوم - بمعناه القبيح البشع - هو أمريكا. و إلا فالقضية ليست قضية عداء لعرق معين، أو شعب، أو بلد معين. القضية هي أن لكل شعب عزته و شخصيته و لا يرغب في أن تتلاعب القوى الخارجية بعزته متوسلة بقوتها أو أخاديعها. لكل شعب ثروته و لا يرغب في أن تنهب ثروته.
قبل انتصار الثورة الإسلامية كانت بلادنا تعد جزءاً من منظومة الامبراطورية الأمريكية في المنطقة، و كانت وفيّة لأمريكا جداً. كانت السياسات الأمريكية تنفذ من قبل حكومة إيران في إيران و أي مكان آخر تطالها يدها. الثروات الوطنية كانت تمنح لأمريكا مجاناً. العناصر السياسية، و الحكومة، و المجلس الصوري، و الجهاز القضائي التابع يومذاك، كلها كانت تحت تصرف الإرادة الأمريكية. و بلدان الجوار أيضاً كانت على هذه الشاكلة بدرجات متفاوتة. طبعاً كان الاتحاد السوفيتي المنافس الكبير لأمريكا في العالم، و كان متاخماً لنا، لذلك زاد الأمريكان من دموية قبضتهم على بلادنا و غرسوا أظافرهم فيها دون اكتراث لشيء. كان الوضع عجيباً في هذا البلاد.
حين كانت بلادنا تحت السلطة الأمريكية - و بكل ذلك النهب الذي مارسته أمريكا ضد بلدنا - لم تقطع حتى خطوة واحدة نحو التقدم. لم نسجل في ذلك العهد تقدماً علمياً، و لا تقدماً اقتصادياً، و لم ننجز أي عمل صناعي. كنا بلداً تابعاً مائة بالمائة و سوقاً مستهلكاً للصناعات الأمريكية و غير الأمريكية. لم نكن مستهلكين للبضائع و المنتجات الصناعية فحسب، بل و مستهلكين للمحاصيل الزراعية و الثقافية و غيرها أيضاً! منطقة ثرية مثل إيران كانت ملكاً مطلقاً للسياسات الأمريكية و تحت تصرف الشركات التي تدير الحكومة الأمريكية في الحقيقة. حينما انطلقت النهضة الإسلامية في سنة 41(1) شعرت الأجهزة التجسسية و الاستخبارية الأمريكية قبل سواها بخطر هذه النهضة. لذلك نفوا الإمام من إيران في سنة 43 - نفته الحكومة الإيرانية طبعاً. لكن الإرادة الأمريكية كانت وراء ذلك - إلى البلد الجار الذي كان أيضاً تحت هيمنة العسكر و الحكومات التابعة لأمريكا.
المضمون الأول للثالث عشر من آبان عبارة عن مواجهة النظام الأمريكي للنهضة الإسلامية و الصحوة الإسلامية. و السبب هو أنهم خمّنوا لو أن الإسلام بعث في قلوب المسلمين و تجلّى في أعمالهم و سلوكهم فإن ذلك لن يبقى مقتصراً على إيران بل سيستغرق العالم الإسلامي. و هذا ما تم تجريبه بعد انتصار الثورة في فلسطين، و لبنان، و العديد من البلدان الإسلامية و العربية. بعد مضي عدة أعوام تصاعدت النهضة الإسلامية في إيران. و في الثالث عشر من آبان سنة 57(2) - قبل انتصار الثورة - وقعت مذبحة ضد طلاب المدارس، فظهر تارة أخرى الوجه الفظ العنيف للنظام الذي تقف وراءه الأجهزة الاستخبارية الأمريكية. و كانت هذه أيضاً مواجهة للنهضة الإسلامية، طبعاً بفظاظة حيوانية. في تلك الأيام ذكر رئيس جمهورية أمريكا و العاملون في الإعلام الأمريكي إيران باعتبارها المنطقة الأمثل و جزيرة الاستقرار و الأمن، و تفاخروا بذلك، و لم يكن ثمة أي كلام عن حقوق الإنسان و غيرها من الأمور التي تسمعون الأمريكان يكررونها اليوم دائماً!
أما الثالث عشر من آبان سنة 58 فكان الوجه الآخر للعملة حيث قُلبت الصفحة، فالنهضة كانت قد انتصرت بفضل صمود الشعب المسلم و قيادة الإمام الكبير، لذلك اتخذت الدسائس و الإيذاءات الأمريكية ضد البلد شكلاً مختلفاً. حوّلوا سفارتهم هنا إلى مركز للتخريب سياسي، و التجسسي، و شراء الأشخاص المشاركين في الثورة. كان من أدواتهم شراء الشخصيات و الأفراد المؤثرين المتنفذين. و هناك دوماً و في كل مكان أشخاص عديمو الإيمان و الضمائر أو خسيسو المعدن يمكن لليد الثرية المقتدرة أن تشتريهم. و أسعار الأشخاص متباينة. البعض يشترونهم بسعر زهيد، و البعض بأسعار أكثر قليلاً! لو راجعتم وثائق وكر التجسس - التي نشر منها نحو ستون أو سبعون مجلداً أو أكثر - فسترون آثار و بصمات تلك الخيانات. و قد استدعى هذا ردة فعل الشعب الإيراني، و قد كان الطلبة الجامعيون مظهر شجاعة الشعب الإيراني و سرعة أدائه.. و هم طلبة جامعيون سائرون على خط الإمام، و ليسوا طلبة جامعيين تابعين للحزب السياسي الفلاني أو التنظيم الفلاني البعيد عن الإيمان، كلا، الطلبة الجامعيون المؤمنون بخط الإمام. تحلّى هؤلاء بالشجاعة اللازمة و ساروا و احتلوا السفارة و حصلوا على هذه الوثائق. هذا هو مضمون الثالث عشر من آبان.. أي مواجهة منطق القوة و الدسائس و الاستكبار.
الاستكبار معناه روح التكبر و عدم الاكتراث لقيم الشعوب الأخرى و التدخل في شؤونها و إعطاء الحق للذات دوماً، و هو ما تلاحظونه الآن في كلمات الرؤساء الأمريكيين. يتحدثون حول تدخلهم في العراق أو أي مكان آخر و كأن العالم ملكهم! الواقع أنه قلما يجد المرء حكومة تتحدث باللغة التي يتحدث بها هؤلاء عن بلدان الشرق الأوسط! يرون هذه البلدان ملكهم. هذا معنى الاستكبار.
ضغطوا كثيراً على نظام الجمهورية الإسلامية لكنهم لم يستطيعوا فعل شيء. العربدة التي تشاهدونها اليوم و استعراض العضلات الذي يمارسه الأمريكيون هو من طبيعة القوى الاستكبارية. لا بد لهم من الصراخ و التهديد، بل إن جزءاً مهماً من قوتهم ناجم عن هذه التهديدات! يرعبون شعباً من الشعوب و مسؤوليه و يفرضون عليه إرادتهم في ظل هذا الإرعاب.. هذه هي القضية. و إلا فأمريكا ليس لديها القدرة على الهجوم العسكري على بلد من دون دفع تكاليف ثقيلة لا تحتمل، كلا، متى ما اقتضت الضرورة فسيهجمون عسكرياً، لكن الشرط الأول لذلك أن يعلموا أنهم لن يخفقوا في ذلك الهجوم العسكري و لن يتلقوا صفعة على أفواههم. و حيثما يحتملون وجود قدرة على المقاومة فلن يقحموا أنفسهم في مثل هذا الخطر إطلاقاً. ثانياً: هم يشنون الهجوم العسكري حينما لا يقدرون على فرض إرادتهم على البلد المعني بالطرق الأخرى. يحاولون بالتهديدات و الصراخ و الضجيج و التهريج السياسي و القدرات الإعلامية فرض إرادتهم على ذلك البلد.
بخصوص بلدنا العزيز و شعبنا الشجاع المقاوم لكن المظلوم، جرّب الأمريكان كل شيء.. و هذه بحد ذاتها تجربة أن يصرخوا، و يهددوا، و يخيفوا، و يمرروا أجندتهم في ظل الإرهاب و التخويف. ما يتمنونه بخصوص بلدنا العزيز و أنتم الشعب الإيراني المؤمن الشجاع - خصوصاً أنتم الشباب - هو عدة أمور يتابعونها إلى جانب بعضها: الأمر الأول هو زرع الخلافات و بث الخمول و اليأس، أو لا سمح الله شراء البعض، و بذلك ضعضعة عزيمة المسؤولين على اتخاذ خطوات و مبادرات أساسية بناءة في البلاد، و أن لا يسمحوا لحكومة إيران - و هي حكومة إسلامية ترفع راية الإسلام - بمتابعة المطاليب الحقيقية المشروعة للشعب. النظام الذي يريد الهيمنة على بلادنا مرة أخرى كما كان في السابق و غرز أظافره في جسد هذا الشعب، يتحتّم عليه فعل هذا في جملة ما يتحتم عليه. وإذا نجحوا فيه ستكون النتيجة برود الشعب عن النظام الإسلامي. لذا تلاحظونهم في إعلامهم الواسع جداً يروجون دوماً أن الشعب لم يبلغ مطاليبه و هو غير راض و يعيش حالة يأس و برود.
الأمر الثاني الذي يرومون تحقيقه هو زعزعة المحفزات و الدوافع الأساسية التي بوسعها إبقاء هذا الشعب مقاوماً متلاحماً واقفاً أمامهم. يريدون قلب القناعات، و تغيير الإيمان، و إفساد الآمال، و تصوير الآفاق و المستقبل حالكاً غامضاً. و أدواتهم في هذه العملية هي الإعلام. لوسائل الإعلام في العالم قدرات كبيرة و تنجز أعمالاً كبيرة لصالح أصحابها. اعلموا و أنتم تعلمون أن أهم وسائل الإعلام في العالم - سواء وكالات الأنباء، أو الإذاعات، أو التلفزيونات، أو الصحف الكبرى - هي ملك للرأسماليين، أي الأركان الرئيسة للاستكبار العالمي. في الأخبار التي يبثونها في العالم يتم تنظيم كل شيء طبقاً لمصالحهم. إذن، هذا أيضاً مطلب من مطاليبهم أن يسلخوا الجماهير و الشباب عن رصيد الأمل و القدرة و السعي الذي يبقيهم صامدين حيال العدو المتطاول المعتدي.
و من الأمور و الآمال التي يتابعونها هو أن يفصموا عرى الوحدة الوطنية و الوحدة بين المسؤولين، و أن يعزلوا أبناء الشعب و مجاميعه عن بعضهم بمسميات مختلفة و يشيدوا الجدران بينهم.. يقيموا بين كتلة الشعب الإيراني الهائلة جدراناً عالية من القوميات، و الانتماءات المذهبية، و الحزبية، و السياسية، و السجالات و المجادلات، فيمحون بذلك وحدتهم و تلاحمهم. جاءت الثورة الإسلامية فرفعت الجدران و وحدت الشعب، لكن هؤلاء يتوخّون العكس. و يثيرون قضايا هامشية مضلّلة ليحطموا من جهة ثانية الوحدة بين مسؤولي البلاد و يزرعوا بينهم الخلافات دوماً.. يضعّفون واحداً و يقوّون الآخر.. يتابعون هذه الأهداف. أريد أن أقول إن ما يفعلونه هو ممارسات ليس لديهم هم أنفسهم الأمل في وصولها إلى نتيجة ويعلمون أنها لن تؤتي أية نتائج. إذا كنا واعين و علمنا ما هي واجباتنا و عملنا بها، ستؤول كافة تدابير الأعداء إلى الإخفاق.
من ممارساتهم الأخرى إرهاب الشعب و تخويفه، و الحال أن شعبنا و شبابنا لا يخافون. ميزة شعبنا هو أن فيه أعلى نسبة شباب بين شعوب العالم. الشاب يطفح بالأمل و الحيوية و يرغب في إيكال عمل إليه ليقوم به بشجاعة و مجازفة. أولئك يحاولون إرعاب الشعب؛ و إذا لم يستطيعوا إرعابه صوّروا عبر تهريجهم و استبياناتهم المزيفة أن الشعب أصيب بالفزع. الاستبيانات المفتعلة التي يزيفها لهم عملاؤهم عن طريق بعض عناوين الصحف و بعض كتابات الانهزاميين الخائفين توقعهم هم أيضاً في الالتباس و يخالون أن لديهم فعلاً بعض الأمل، و الحال أنه لا أمل هناك، و الحاذقون منهم يعلمون أنه لا أمل لهم هنا. لذلك يسعون عسى أن يجدوا محطّ أقدام لمقاصدهم.
على الشعب الحفاظ على وحدته. يلزمنا في هذا البلد تعبئتان اثنتان: الأولى تعبئة الجماهير، و خصوصاً الشباب، إذ لا بد من تعبئتهم لأجل استعدادهم و إحيائهم عزة البلاد و الشعب و إبقاء راية الإسلام مرفوعة خفاقة. فجميع مشكلات هذه البلاد ستعالج في ظل الإسلام و العمل بقوانين الإسلام. ليبنى الشباب أنفسهم علمياً، و أخلاقياً، و معنوياً، و دينياً. و ليبنوا أنفسهم جسمياً و يحافظوا على معنوياتهم و أملهم للدفاع عن هذا البلد، و هذا رصيد جد كبير، و هو النقيض لما يرغب الأعداء بأن يحصل في إيران. في الاجتماعات و الجلسات المختلفة و من خلال تواصلي مع جيل الشباب و ما يعكسه واقعهم أرى و الحمد لله أن شبابنا يتحلون بمثل هذا الاستعداد و الجاهزية. خلافاً لإرادة العداء فإن معظم شبابنا مستعدون في أي وقت و كيفما اقتضت الضرورة للدفاع عن بلادهم، و نظامهم، و دينهم، و شرفهم، و عزتهم الوطنية. هذا ما تدل عليه التجمعات الجماهيرية.
في نهاية شهر رمضان المبارك - و نحن الآن على أعتابه و علينا جميعاً أن ننتهل من بركاته إن شاء الله و نرد على مائدة الضيافة الإلهية - سيكون هناك يوم القدس .. و سيتجلّى في ذلك اليوم دفاع الشعب عن شعب فلسطين المظلوم المقاوم. الفلسطينيون الآن أعجزوا بأيديهم العزلاء الخالية من السلاح و الإمكانات أكثر أنظمة المنطقة تجهيزاً و من ورائه دعم أمريكا - أعني به النظام الصهيوني - في داخل ديارهم و جعلوه متبرماً. لم يستطيعوا فعل شيء لهذا الشعب المقاوم.. هكذا هي مقاومة الشعوب. الاستكبار و أمريكا يعلمون هذا .. يعلمون أن الشعوب إذا صمدت فلن تستطيع أية قوة عسكرية الهيمنة على شعب غير خائف و مستعد للدفاع عن شخصيته و هويته و عزته و مستقبله. أوضاع الكيان الصهيوني متلاطمة دوماً، لكن شعب فلسطين واقف بثبات، و يقاوم، و يزخر بالأمل و يبث الأمل في الشعوب الأخرى. لقد جسدوا في أنفسهم نموذج الشجاعة.
طبعاً شعب إيران العظيم و بلد إيران الكبير المترامي، و السلطة السياسية التي بيد الشعب اليوم مما لا يمكن مقارنته بأي بلد و بأي شعب.. عظمة هذا الشعب أكبر من هذا بكثير. على الشعب و الشباب أن يتحلوا بالجاهزية و لا يتركوا للخوف من العدو مكاناً في قلوبهم، فالعدو يريد بواسطة هذا الخوف فرض أوامره و آرائه على الشعب من دون أن يتحمل تكاليف عمليات كبيرة أو تدخل عسكري. هذا ما يتعلق بالشعب.
و التعبئة الثانية هي تعبئة المسؤولين ... التعبئة في سبيل الخدمة. على المسؤولين التنفيذيين إثبات قدراتهم على حل العقد و المشكلات في شؤون الجماهير. قضية العمالة التي قيلت مراراً منذ السنة الماضية - و قيلت هذا العام أيضاً مراراً و تمت متابعتها و انطلقت بعض الأنشطة و الحمد لله - يجب أن تصل إلى نتائج. ينبغي متابعة الحرب ضد نهب المفسدين الاقتصاديين - أينما كانت أوكارهم - بشكل جاد، و لملمة موائد الفساد الاقتصادي. يجب إبراز القدرات الذاتية في هذا المضمار . الجماهير تتوقع هذا و هو توقع حق. تقع على كافة مسؤولي البلاد - سواء في السلطة التنفيذية، أو السلطة التشريعية، أو السلطة القضائية - مسؤوليات في هذه القضايا الهامة.. لا يسمحوا للعدو بأن يبقى آملاً متفائلاً.
نحن قادرون. تحت تصرف المسؤولين ما يكفي من الإمكانت التي تؤهلهم لإنجاز الأعمال، و يبقى شرط ذلك أن يجعلوا العمل الموضوع الرئيس لهممهم. الانشغالات السياسية، و إثارة القضايا الخيالية غير الضرورية، و تضخيم الأمور الصغيرة و التغطية في ظل ذلك على قضايا البلاد الرئيسية هذه كلها ممارسات ضارة. قضايا البلاد الرئيسية هي قضية الاقتصاد، و قضية العلم، و رفع المستوى العلمي للجامعات، و قضية النهضة البرمجية التي طرحناها مراراً في الجامعات و خلال لقاءاتنا بطلبة الجامعات والأساتذة. و كذلك صيانة الروح و الثقافة الدينية لدى الشباب. هذه هي العناصر التي بمقدورها الإبقاء على الشعب و خصوصاً شعبنا قوياً صامداً و تحبط مؤامرات الأعداء. إذن، على المسؤولين أولاً الجد و السعي في الميادين الثقافية، و الاقتصادية، و العلمية، و في مجال العمل ضد المفسدين و المخربين، و أن يركزوا هممهم على العمل. و ثانياً عليهم ترك الخلافات جانباً. هذه الخلافات و الانقسامات مضرة بمصالح البلد و الناس و قوى المقاومة ضد العدو.
حدّد الدستور البنية السياسية للبلاد بكل إتقان، و لكلٍّ واجبه المعلوم في موقعه. لينهض الجميع بواجباتهم و لا يعارضوا بعضهم، و ليحافظوا على وحدة الكلمة و لا يخشوا الأعداء. طبعاً مسؤولونا رفيعو المستوى لا يخشون الأعداء و الحمد لله. يدركون الأمور و يعلمونها جيداً، و يعتمدون على القوة الوطنية - و هي القدرة الإلهية و قوة إيمان الشعب - و اعتمادهم هذا في أرقى الدرجات و أمتنها. يعلمون أن العدو عاجز عن فعل شيء، لكن البعض هنا و هناك قد يصيبهم الفزع. الفزع من العدو حالة ضارة جداً تغير التحليلات و وجهات النظر و تفسد القرارات و تخلّ في الأعمال.
ليعلم الشعب و المسؤولون أن القوة الهائلة التي أبداها هذا الشعب في الثورة الإسلامية العظيمة و استطاع إذهال الاستكبار العالمي لا تزال موجودة لديه بنفس درجتها و شدتها. ليثقوا بهذه القوة و يعرفوا قدرها و يتابعوا شؤون البلاد في ظلها و بفضل التوكل على الله العظيم. سيستطيع الإسلام بفضل من الله و بهمم المسؤولين و الجماهير العزيزة و مساعيهم أن يرفع رأس الأمة الإسلامية الكبرى في العالم.
نسأل الله تعالى أن يستجيب الأدعية الزاكية لسيدنا بقية الله أرواحنا فداه بحق شعبنا العزيز و بحقكم أيها الشباب، و يجعلنا جميعاً خدماً لدرب الإسلام و الثورة و شموخ هذا البلد.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

الهوامش :
1 - 1962 م.
2 - 4/11 / 1978 م.