بسم الله الرحمن الرحيم
مرحباً بكم كثيراً أيها الإخوة و الأخوات الأعزاء من محافظة فارس. الحقيقة أنكم بجماعتكم المؤمنة الصميمية الودودة هذه، و بشعاراتكم العميقة الزاخرة بالمعاني، و حضوركم النيّر الصميمي هنا أحييتم اليوم ذكرى البطولات الكبرى لأهالي محافظة فارس و أهالي شيراز، و هي بطولات ليست بالقليلة على مرّ التاريخ المعاصر، و في الماضي التاريخي القريب.
الحق و الإنصاف أن محافظة فارس و مدينة شيراز من القمم البارزة في بلادنا و شعبنا، قمة ممتازة للطاقات البشرية المميزة في العلم و الأدب و في التقدم على مختلف صعد الحياة الاجتماعية و النضالية و الجهادية و الدينية. و حينما ننظر للتاريخ القريب قبل انتصار الثورة نجد أن اسم شيراز يتألق في أكثر قضايانا الاجتماعية حساسية و حيوية. خذوا على سبيل المثال قضية تحريم التنباك التاريخية، و هي منطلق نضال شعبي واع ضد الهيمنة الغربية، حيث نجد فيها اسم الميرزا الشيرازي. و لو استمرت حركة الميرزا الشيرازي (رضوان الله عليه) هذه، و لو واصل ساسة البلاد و نخبها ذلك الخط، لكان مصير إيران غير ما وقع. و لكن المستعمرين استغلوا حالات الغفلة و الطمع و نزلوا إلى الساحة و قطعوا هذا الخط. أو في أحداث حروب الشعب العراقي ضد الاستعمار البريطاني و تدخل البريطانيين، هناك أيضاً نجد اسم شيراز. كان قائد تلك الحركة العظيمة المرحوم الميرزا محمد تقي الشيرازي المعروف بالميرزا الشيرازي الثاني، و قد كان رجلاً كبيراً و عالماً و مرجع تقليد. و في فارس نفسها كان هناك علماء كبار و شخصيات بارزة و أشخاص راقون، سواء في جهاد فترة الثورة الدستورية أو بعد ذلك خلال فترة النضال للثورة الإسلامية، أو في انتصار الثورة، أو بعد ذلك و إلى اليوم. هذا ما يتعلق بموضوع الجهاد و النضال. طبعاً «الجهاد باب من أبواب الجنة فتحه الله لخاصة أوليائه» (1). باب الجهاد ليس باباً قليل الأهمية. إنه باب من أبواب الجنة، و لا يُفتح أمام الجميع، إنما يفتح بوجه الأولياء. و هذا دليل على أن شعبنا المجاهد من أولياء الله إذ فتح الله هذا الباب في وجهه.
و إذا نظرنا إلى المشهد العلمي كان الحال كذلك. في الحركة العلمية الممتازة خلال فترة ما بعد الثورة - خصوصاً في الأعوام الأخيرة - كانت شيراز من المحافظات الرائدة. و في القضايا السياسية و في القضايا الاجتماعية - في هذه الأحداث الصعبة الملغزة - كان أهالي شيراز من أوعى الناس و أكثرهم بصيرة. أحياناً تكون الأحداث السياسية معقدة إلى درجة تشبه اللغز، و فتحها ليس من المتاح لأيّ كان، لكننا نرى أن شعبنا واع يقظ و الأهالي الأعزاء في محافظة فارس من ضمن الرواد و المتقدمين.
من النقاط المهمة‌ بخصوص شيراز و محافظة فارس - و خصوصاً شيراز - هي أنهم اختاروا في عهد النظام الطاغوتي عدة مناطق لجعلها مراكز للانحراف عن الأخلاق و المعنويات الدينية، و منها شيراز. أرادوا استغلال الروح الأدبية و الفنية المتفاعلة في هذه المحافظة. محافة فارس و شيراز من الأقطاب الأدبية على كل حال. إنها محافظة الفن و الشعر و شتى صنوف الفنون، ما يدل على روح الناس هناك و طباعهم. إنهم أناس عارفون بالفن و حاضنون له و أصحاب ذوق و عاطفة. و أراد النظام الطاغوتي استغلال هذه الميزة لدى الناس ليجعل ذلك المكان مركزاً لنشر الفساد. و قد صفع الناس يومها النظام الطاغوتي. ثم لكم أن تقارنوا اهتمام الناس بمرقد السيد أحمد بن موسى و إخوانه (عليهم السلام) بالماضي و تلاحظوا كم زاد توجه الناس و حبهم لهؤلاء الأجلاء. أي إن الناس ساروا ولا زالوا في الخط المعاكس لسياسة النظام الطاغوتي، و هكذا سيكون الحال بعد اليوم أيضاً. و لهذا السبب نبدي إخلاصنا لأهالي محافظة فارس و أهالي شيراز.
و هناك أربعة عشر ألف و ستمائة‌ شهيد، منهم خمسة آلاف من نفس مدينة شيراز، و هذا رقم كبير جداً. حينما نقول شهيد واحد فمعنى ذلك أن عشرات الأشخاص نزلوا إلى هذه الساحة و جاهدوا و وضعوا أرواحهم على الأكف فاستشهد واحد منهم و عاد الآخرون. و بذلك لكم أن تحسبوا ما معنى أربعة عشر ألف و ستمائة شهيد. معناه أن المحافظة كلها كانت حماساً و حركة و حباً و تضحيات.
إننا لا نريد مدح أهالي شيراز أو مدح شعبنا العزيز، فلا أنتم بحاجة إلى هذا و لا تتوقعون هذا. فلماذا إذن نذكر هذه الأمور؟ من أجل أن يتجلى تاريخنا و حقيقة وجود شعبنا و واقعه للصديق و العدو و للحاضر و المستقبل على الرغم من إرادة الأعداء، لأن إعلام العدو في الاتجاه المعاكس لهذا الواقع تماماً. أن يصمد شعب هكذا على كلامه، و هو كلام حق و مهم بالنسبة له لدنياه و آخرته، فهذا هو المفتاح الرئيسي لتقدم الشعوب. و هو تماماً في الطرف المقابل لأهداف الجشعين و المتغطرسين و العتاة في العالم الذين يريدون السيطرة على الشعوب اغتصاباً و جعل الناس أسرى و عبيداً لهم. و الشيء المبطل لسحر الأعداء هذا هو أن يختار الشعب الكلام الحق و يصمد على هذا الكلام. الصمود على هذا الكلام يوصله إلى الهدف و يجعله نموذجاً للذين ينظرون و يراقبون من الخارج، و قد أصبحتم أيها الشعب الإيراني نموذجاً. و هذه هي أيضاً تحليلات العالم فيما يتعلق بقضايا منطقتنا، حيث يقولون إن إيران أصبحت نموذجاً و الشعب الإيراني أضحى نموذجاً، و يخشون أن يقع هناك نفس الحدث الذي وقع هنا، أي رفرفة راية الإسلام و قيام نظام على أساس الإسلام. هذه ميزة الصمود.
لذلك كلما أثنى المرء على الشعب الإيراني الكبير - بهذه المؤشرات التي ذكرناها بخصوص محافظة فارس - لما كان ذلك كثيراً و لا فيه مبالغة. ثمة صراع و حرب على طول التاريخ. حرب بين عدد قليل من الجشعين و طلاب السلطة و الاحتكاريين و المستكبرين في العالم و بين كتل الشعوب و الجماهير. كانت هذه الحرب قائمة على امتداد التاريخ. أولئك المستكبرون كانوا يمتلكون السلاح و المال و الأصوات العالية. و لم يكونوا يمتلكون بعض الأشياء، إذ لم تكن لديهم رحمة على الإطلاق، و لا إنصاف، و كانوا على استعداد لارتكاب أفجع الجرائم من أجل الوصول إلى غاياتهم. و لم يكن لدى الشعوب سوى أرواحهم و عزائمهم و إيمانهم. إينما عرضت الشعوب هذه الأدوات الكبرى في الميدان و صمدت و قاومت كانت الهزيمة من نصيب الطرف المقابل. لكن الأمر لم يكن هكذا دائماً حيث تصمد الشعوب و تستقيم و تأخذ إلى الميدان أرواحها و عزائمها و هممها و إيمانها بالكامل، و حيثما أخذتها إلى الميدان تقدمت إلى الأمام.
و هذه الحرب قائمة اليوم أيضاً. القوى المستكبرة في العالم - أي القوى الغربية و الأمريكية و الصهيونية - لا تقف عند حدّ معين، و تريد الاستيلاء على العالم كله و على جميع المصادر المالية في العالم و على كل الطاقات البشرية، فما هو ذنب الشعوب؟ لماذا يجب على الشعوب أن تطيق هذا الوضع؟ و لكن للأسف هذا هو الواقع، يضعون أشخاصاً من سنخهم على رأس الشعوب ليضمنوا لهم مصالحهم و يعملوا ما استطاعوا ضد مصالح الشعوب و يضغطوا عليهم. منذ حوالي مائتي عام، حيث ظهر الاستعمار، حدث هذا الشيء بأشكال مختلفة في العالم. الشعوب الأخرى لم تكن مشكلتهم خلال هذه الحقبة مجرد تسلط مستبد عليهم إنما كانت مشكلتهم هي أن هذا المستبد له سنده من القوى الدولية التي تسحق و تحطم مصالح هذا البلد و هذا الشعب. هذه هي المشكلة خلال فترة الاستعمار. إذا نظرنا من هذه الزاوية فسوف يمكن تحليل جميع هذه القضايا بصورة صحيحة. و كذا الحال بالنسبة للقضايا الراهنة.
تقع في المنطقة حالياً أحداث معينة ببركة الإسلام و ببركة الثورة الإسلامية‌ و بفضل الصحوة الإسلامية العامة. و لا مراء في أن هذه الصحوة الشعبية سوف تؤتي نتائجها، و قد آتت نتائجها إلى هذا اليوم و إلى هذه الساعة في بعض المناطق. عزيمة الشعوب و إيمانها و استعدادها للتضحية كلما استمر أكثر كلما كان احتمال انتصارها أكبر. و هذا ما لا يريد الاستكبار و الصهاينة وقوعه و لا يريدون للشعوب أن تصمد. لقد وقعت أمريكا في هذه الأحداث في مباغتة و حلت الضربة بها على حين غرة و بصورة مفاجئة، و كذا الحال بالنسبة للصهاينة، و كذا الحال بالنسبة للحكومات الاستعمارية الأوربية المتشدقة - لقد تفاجؤا - لكنهم يريدون الهيمنة على الساحة بأي شكل من الأشكال، إلا أنهم لحسن الحظ لم يستطيعوا ذلك لحد الآن. في بلد أو بلدين لم يستطيعوا ذلك إطلاقاً، و هم يحاولون في بلد أو بلدين آخرين. من الأكيد أن هذه الصحوة ليست بالشيء الذي ينتهي. تحرك الجماهير إلى الأمام هذا ليس شيئاً يمكن أن يرجع إلى الوراء. مهما فعلوا سيكون لهذه الحركة نهاية جيدة و لصالح الشعوب و بضرر القوى الكبرى. طبعاً يجب أن تكون الشعوب يقظة و تعلم أن العدو يتربص لها في كمائنه.
و في بعض الأماكن يمارسون - للحق و الإنصاف - ظلماً علنياً جلياً. في قضية البحرين و في قضية ليبيا و في قضية اليمن الآن، كل الذين يستطيعون إبداء آراءهم في هذه القضايا إذا دققوا سيجدون هذه القوى الغربية مجرمة و مقصرة لا يمكن التغاضي عنها. هؤلاء يظلمون الناس. و تحليل ذلك من شأن المحللين السياسيين، فهم يحللون و يتحدثون، و محصلة كل ذلك هو أن أمريكا و الغرب يمارسون الضغط على الشعوب و يظلمونها لصالح الصهاينة و لصالح الحكومة الإسرائيلية المزيفة، و الذين تعرضوا للظلم أكثر من غيرهم هم الشعب البحريني للأسف.
لأن الجمهورية الإسلامية تتخذ الموقف الحق و تقول كلمتها بصراحة فإنهم يوجهون جميع هجماتهم الإعلامية ضد نظام الجمهورية الإسلامية. كانوا يتمنون أن تكون الجمهورية الإسلامية متفرجاً غير مكترث، و مثل هذا الشيء غير ممكن، و هذا ليس من طبيعة الجمهورية الإسلامية. لا يمكن لشعب إيران و لا للمسؤولين الإيرانيين و لا للحكومة الإيرانية و لا للنخب السياسية في إيران بطبيعة الحال أن يبقوا متفرجين غير مكترثين في هذا الصراع الظالم الذي يشنه المستكبرون ضد الشعوب. فيقولون إن إيران تتدخل! أي تدخل؟! أي تدخل؟! ما هو التدخل الذي قامت به إيران في البحرين و في ليبيا و في اليمن؟ نعم التدخل هو أننا ذكرنا رأينا بصراحة، و لم نخف أبداً من عبوس القوى الورقية و لم و لن نكترث لها. إننا نذكر مواقفنا الحقة و كلامنا الحق بكل صراحة. الموقف الحق هو أن الحق مع الشعب البحريني، فهو شعب معترض و اعتراضه في محله. أي إنسان صاحب بصيرة في العالم إذا عرضتم عليه هذه القضية و ذكرتم له وضعهم و أخبرتموه بنوع الحكومة‌ التي تحكم هذا الشعب، و طبيعة الأعمال التي يمارسها الحكام هناك في استغلال ذلك البلد الصغير، لكم أن تشاهدوا هل سيدين الجهاز الحاكم هناك أم لا يدينه. إنهم مخطئون إذ يجابهون الشعب، و لا فائدة من عملهم هذا. قد تستطيعون الضغط و ممارسة الأعمال الوحشية فتطفئوا النار لأيام معدودات، لكن النار لن تنطفئ، إنما ستزيدون عقد الناس يوماً بعد يوم، و ذات يوم سيفلت الزمام من أيديكم بحيث لا يمكن تلافي الأمر بأي شكل من الأشكال. إنهم مخطئون. هم على خطأ و الذين يبعثون القوات للبحرين من الخارج أيضاً يرتكبون خطأ كبيراً. يتصورون أنهم بهذا يستطيعون القضاء على حركة الشعب. هذا هو رأي الجمهورية الإسلامية و كلامها. و كذا الحال بالنسبة لليمن، و كذا الحال بالنسبة لليبيا. في ليبيا يتلاعب الغربيون بالشعب الليبي. بلد بالقرب من أوربا - ساعة واحدة حتى قلب أوربا - و زاخر بالنفط، و لا يريدون قيام حكومة شعبية و خصوصاً حكومة تمثل الشعب المسلم هناك. لذلك يواصلون اللعب و التردد و التذبذب و مخادعة الناس. الشعب يفهم و يدرك، الشعب الليبي يفهم ذلك. و كذا الحال في المواطن الأخرى.
المجرم الرئيسي في هذه الأحداث هم بلا شك مستكبرو العالم و أجهزة الاستكبار الدولي و الشبكة الصهيونية الدولية، و الصهاينة الآن يستغلون هذا الضجيج و الصخب و يمارسون الضغوط على أهالي غزة و يقتلونهم يومياً. من المهم أن لا تغفل شعوب المنطقة و حكوماتها و الذين تخفق قلوبهم للحقيقة عن ما يفعله الكيان الصهيوني.
هذا هو وضع نظام الجمهورية الإسلامية. لذلك تلاحظون أن المساعي الإعلامية و السياسية و الاقتصادية و الأمنية التي تبذلها أمريكا و أعوانها تتركز على الجمهورية الإسلامية. و الجمهورية الإسلامية طبعاً تقف بقوة بتوفيق من الله، لكنهم يمارسون أعمالهم الرذيلة و لا يتنازلون، إلا أن قوة نظام الجمهورية الإسلامية‌ جعلت سيوفهم كليلة و تضرب على الصخر. و أريد أن أقول لشعبنا و حكومتنا العزيزين أن يحافظا على هذه الحالة الصخرية القوية. لا تسمحوا بنشوب خلافات و تصدعات. لا تسمحوا للعدو بتحقيق ما يريد تحقيقه في إعلامه و في خبثه السياسي و إثارته للفتن السياسية ضد بلدنا.
لاحظوا أي ضجيج أثاروه في العالم خلال الأيام الخمسة أو الستة الماضية حول مسألة لا تتمتع بأهمية كبيرة هي مسألة الأمن و ما إلى ذلك. ساقوا التحليلات نحو القول بوجود صدع داخل نظام الجمهورية الإسلامية، و وجود ثنائية في الحكم، و أن رئيس الجمهورية لم يطع كلام القيادة! ملأوا أجهزتهم الإعلامية بهذا الكلام الهشّ المفتقر لأية أسس. لاحظوا كيف يتربصون الذرائع. لاحظوا كيف يتربصون في كمائنهم كالذئب ليجدوا ذريعة و يشنوا هجومهم بأية طريقة من الطرق. يعلمون أن الحكومة تعمل و تجهد و تقدم الخدمات. و الحق أن هناك خدمات يجري تقديمها في البلاد. أينما كانت هناك خدمة‌ كان الشعب معاضداً لها و كانت القيادة أيضاً معاضدة لها. إننا لا نحكم على الأشخاص إنما نضع الأعمال و الخطوط و التوجهات ملاكات و معايير. حيثما كان هناك عمل و خدمة‌ و جهود كان دعمنا و دعم الناس هناك أيضاً. و الحمد لله فإن الأعمال في الوقت الحاضر جارية و المسؤولون الحكوميون للحق و الإنصاف يبذلون جهودهم سواء أعضاء الحكومة أو على الخصوص رئيس الجمهورية. أنهم يعملون ليلاً و نهاراً و أنا أرى ذلك و أشهده عن كثب. إنهم يعملون دوماً و يقدمون الخدمات و يبذلون الجهود. و هذا بالتالي شيء ثمين جداً للبلاد. و أنا طبقاً للأصول لا أريد الدخول في أعمال الحكومة و قراراتها. المسؤوليات محددة في الدستور، لكلّ مسؤوليته، إلا حينما أشعر بأن هناك مصلحة تكاد تفوت و تضيع، و كذا كان الحال بالنسبة للقضية الأخيرة. يشعر المرء أن هناك غفلة عن مصلحة كبرى و تفويت لها. فيتدخل ليحول دون تفويت المصلحة. هذه ليست بالمسألة المهمة و قد حدثت أمثالها، لكن المعارضين و الأعداء الخارجيين و أصحاب المنابر الدولية و الأبواق الإعلامية يستخدمون هذه المسألة لإثارة الضجيج في المناخ الإعلامي.
ما أقوله للعناصر الداخلية و لشعبنا المخلص و للإخوة و الأخوات ذوي الصلة في الداخل بالقضايا الإعلامية هو أن يحاولوا عدم مساعدة هذا الضجيج. ما الضرورة لهذه التحليلات، هذا من هناك، و هذا من هنا، و هذا ضد ذاك، و ذاك ضد هذا، من أجل لا شيء؟‌ لا، الأجهزة و الحمد لله أجهزة قوية و مقتدرة و المسؤولون عاكفون على أعمالهم، و أنا القليل باعتباري قائداً رغم كل صغري فقد أعان الله تعالى و لا نزال نقف بقوة عند مواقفنا الصحيحة. ما دمت حياً و ما دمت أتولى المسؤولية فلن أسمح بحول من الله و قوة أن تنحرف حركة الشعب العظيمة هذه عن الأهداف و المبادئ حتى بمقدار ذرة. طالما كان شعبنا العزيز على هذه الحال من الحماس و الوعي و البصيرة و العزيمة الراسخة متواجداً في الساحة‌ فإن اللطف الإلهي سيشمله، اعلموا هذا. طالما كنا في الساحة كانت ظلال اللطف الإلهي على رؤوسنا. و إذا جرينا - أنا بشكل و أنتم بشكل و ذاك الآخر بشكل و الرابع بشكل - وراء قضايانا الشخصية و نسينا الأهداف فسوف يقلّ العون الإلهي طبعاً.
لكنكم تلاحظون اليوم أن الشعب متواجد في الساحة لحسن الحظ في كل مكان من البلاد. و كذا الحال بالنسبة للمسؤولين و السلطات الثلاث بصفتها العامة. السلطات الثلاث - السلطة التشريعية و السلطة التنفيذية و السلطة القضائية - متواجدة في الساحة بحق. إنني أشاهد هذا و أراه عن قرب، و أرى أنهم يجهدون و يعملون و يجاهدون و يكدون كداً مجهداً جداً، فالأعمال أعمال ثقيلة و ليست أعمالاً صغيرة.
و قد قلنا الجهاد الاقتصادي و هناك حركة‌ عظيمة أمام همم المسؤولين في البلاد. على أبناء الشعب و على المسؤولين أن يضعوا يداً بيد، و يبدأوا هذا العام حركة‌ الجهاد الاقتصادي. و كما قلنا فإن شعارات الأعوام تعني بدء‌ التحرك لا أن يختص ذلك التحرك أو الشعار بذلك العام. و هذا شيء يحدث و الحمد لله. و هناك طبعاً نواقص في أعمالنا جميعاً، أنا أيضاً توجد نواقص في عملي، و رؤساء السلطات لا يخلون من نواقص، و المسؤولون لا يخلون من نواقص. يجب أن نلجأ إلى الله تعالى، و نتعرّف على نواقصنا و نقللها، و لا نخلق العقد و العقبات في الأمور العظيمة لهذا الشعب الكبير و حركته العظيمة.
نطلب من الله تعالى أن لا يسلب شعبنا أبداً نظرته الرحيمة الراحمة. و أن يجعل القلب المقدس لإمامنا الحجة المنتظر إن شاء الله عطوفاً علينا و يشملنا بأدعيته. نسأل الله تعالى أن ينزل شهداءنا الأبرار و إمامنا الجليل - الذي فتح لنا هذا الدرب العظيم - في أعلى و أرفع درجات القرب إليه.
و السلام عليكم و رحمة‌ الله و بركاته.

الهوامش:
1 - نهج البلاغة، الخطبة رقم 27 .