وفي كلمته اعتبر قائد الثورة الإسلامية أنّ سرّ استمرار جاذبية الإمام الخميني الراحل التي لا نظير لها هي ميّزات شخصيّة سماحته والمواهب التي وهبه الله إياها وشرح الإمام الخامنئي أبعاد وأجزاء "مسار ومنطق المقاومة والصّمود" بصفته درس الإمام الخميني العظيم للشعب والمسؤولين ثمّ أكّد سماحته قائلاً: هذا الفكر والمسار المحفوف بالجاذبيّة يجذب يوماً بعد يوم الشعوب إليه وإنّ الشعب الإيراني ومسؤولي النظام أيضاً سوف يواصلون السير على هذا المسار الإلهي المضيء حتى بلوغ نقطة الرّدع في كافة الأبعاد الاقتصاديّة، والسياسيّة، والعسكريّة، والاجتماعيّة والثقافيّة.
كما ركّز الإمام الخامنئي في خطابه على الحديث حول إحدى الخصائص الأساسيّة التي كانت متوفّرة لدى الإمام الخميني أي "المقاومة والصمود أمام الموانع والمشاكل" وتابع سماحته قائلاً: هذه الخصائص هي التي قدّمت الإمام الخميني خلال فترة حياته وعلى مدى التاريخ أيضاً على شكل "مدرسة، وفكر، ونهج ومسار"
وشرح قائد الثورة الإسلامية معنى المقاومة قائلاً: المقاومة تعني اختيار المسار الصحيح، والانطلاق والسير في هذا المسار، والتصدي للموانع والمشاكل ومواصلة طريق الحق دون الانسحاب أو التوقف.
ولفت سماحته إلى أنّ مسار الإمام الخميني كان يتمحور حول سيادة الدين الإلهي على المجتمعات الإسلامية وعلى حياة جميع الناس وأردف سماحته قائلاً: ذلك الرجل عظيم الشأن بعد أن أٍسّس نظام الجمهورية الإسلامية أعلن أنّنا في مسارنا هذا لن نظلم أحداً ولن نرضخ للظّلم وهذا المنطق يعني "مقاومة الظالم والدفاع عن المظلوم" وهو نابع من نصّ الدين والقرآن ويؤيّده عقلاء العالم وأيّ عقل سليم أيضاً.
واعتبر الإمام الخامنئي أنّ غضب الحكومات الاستكبارية والمستعمرة الناجم عن إطلاق الإمام الخميني لهذا الشعار الاستراتيجي أمر بديهي وطبيعي وتابع سماحته قائلاً: إنّ ظهور "نظام حكومي يدافع عن المظلوم ويقاوم الظلم" كان صعباً جدّاً بالنسبة للظالمين والمعتدين والمبتزّين حول العالم وهذا السبب في أنّهم أعلنوا منذ اليوم الأول عدائهم وخبثهم وسفالتهم المستمرّة حتّى اليوم.
ورأى قائد الثورة الإسلامية أنّ "التأسيس للفكر المقاوم"، و"الانطلاق بقوة وذكاء في هذا المسار" و"عدم إضاعة الهدف" من ضمن دروس وودائع الإمام الخميني (قدّس سرّه) الكبيرة التي تركها لدى الشعب والمسؤولين ولفت سماحته قائلاً: هذا المسار المشرّف سوف يتخطّى تدريجيّاً حدود إيران وستزداد رقعة توسّعه.
وقال الإمام الخامنئي أنّ "المقاومة" كلمة مشتركة ومقبولة لدى كافة الشعوب في منطقة غرب آسيا(الشرق الأسط) وأشار سماحته إلى أنّ جبهة المقاومة هي أكثر قوّة اليوم من أيّ زمن مضى ثمّ أضاف سماحته: هزائم الأمريكيّين في لبنان، والعراق، وسوريا وفلسطين هي خير دليل على قوّة جبهة المقاومة.
واعتبر سماحته أنّ مقاومة الشعب الإيراني المستمرّة ونجاح وتقدّم الجمهوريّة الإسلامية شكّل حافزاً لسائر الشعوب للمقاومة وتابع سماحته قائلاً: أصحاب الرأي الدوليين وبعض المحلّلين الأمريكيّين يذعنون لهذه الحقيقة أيضاً.
وصنّف قائد الثورة الإسلامية صمود وتفوّق الشعب والنظام على هذه الموانع ضمن أهمّ أسباب عداء الأمريكيّين وأضاف سماحته قائلاً: هم يريدون من الشعب الإيراني أن يرفع أيديه مستسلماً لغطرستهم ويمارس المستكبرون العداء لعدم رضوخ الشعب لهذا الذّل.
وأكّد الإمام الخامنئي على أنّ الخطوة التي أقدم عليها الإمام الخميني باختياره لمسار وفكر المقاومة تستند إلى ركيزة قويّة من حيث المنطق والعقل والعلم والدين، وشرح سماحته عناصر وأقسام منطق فكر الإمام المقاوم قائلاً: إحدى أقسام منطق المقاومة هي "شرف وهويّة وإنسانيّة أيّ شعب" ومتى ما تعرّضت للتهديد والغطرسة والإملاء فإن الشعب ينهض ويتصدّى [للعدوّ].
ورأى قائد الثورة الإسلامية أنّ حقيقة "تراجع العدو أمام المقاومة والصمود" تشكّل إحدى الأقسام الأخرى لمنطق وفكر المقاومة وتابع سماحته قائلاً: إنّ الاستسلام أمام العدو يؤدّي إلى تقدّمه لكن إذا ما ووجهت ابتزازات وجشع العدو بالمقاومة فسوف يتوقّف تقدمه، لذلك فإنّ الخيار الأنسب من هذه الزاوية أيضاً هو المقاومة.
وأردف سماحته قائلاً: تجربة الجمهورية الإسلامية خلال الأربعين عام الماضية أيضاً تثبت هذا الأمر، لأنّنا أينما صمدنا حقّقنا النجاح والتقدم وأينما سرنا وفق إرادة الطرف المقابل تلقينا الضربات.
وشرح الإمام الخامنئي ثالث قسم من أقسام منطق المقاومة قائلاً: المقاومة والصمود لها أثمان، لكن ثمن الاستسلام أكثر بأضعاف من ثمن المقاومة.
وأشار قائد الثورة الإسلامية إلى مثال حول قضية ثمن الاستسلام للمتغطرسين خلال حكم نظام الشاه حيث أنّه كان يُهان رغم كافة التنازلات والامتيازات التي كان يمنحها لأمريكا.
وواصل سماحته الحديث في هذا المضمار قائلاً: الحكومة السعودية نموذج آخر حيث أنها تنفق الدولارات وتسير وفق إرادة أمريكا في مواقفها لكنها تتلقى الإهانات أيضاً ويلقّبونها بالبقرة الحلوب.
ولفت الإمام الخامنئي إلى أنّ الأسس الدينية والآيات القرآنية شكّلت قسماً آخر من أقسام منطق وفكر المقاومة لدى الإمام الخميني وتابع سماحته قائلاً: وردت في القرآن آيات عديدة تعد جبهة الحقّ والمقاومة بالنصر وتؤكّد على أنّ جبهة الحق قد تقدّم التضحيات لكنها لن تُمنى بالهزيمة.
كما اعتبر قائد الثورة الإسلامية أنّ "إمكانيّة المقاومة أمام القوى العظمى" تشكّل قسماً من أقسام منطق المقاومة في فكر الإمام الخميني وأضاف سماحته قائلاً: لقد كان الإمام الخميني العظيم وخلافاً للأفكار الخاطئة التي تقول "لا جدوى من ذلك" أو "نحن غير قادرون"، يعتبر أنّ مقاومة جبابرة العالم أمر ممكن وبناء على هذا الأساس صمد وتصدّى خلال فترة النهضة الإسلامية وبعد انتصار الثورة الإسلامية للضغوط.
وأكّد قائد الثورة الإسلامية على ضرورة الاطلاع على حقائق جبهة الاستكبار وقدرات الجبهة الذاتية، واعتبر سماحته أنّ إحدى قدرات وطاقات نظام الجمهورية الإسلامية تتمثّل في قدرة المقاومة المستندة إلى فكر الإمام الخميني (قدّس سرّه): يطلقون في الأدب السياسي الدولي على هذا الموضوع اسم "المقاومة وفق أسلوب الإمام الخميني (قدّس سرّه)" وبعض السياسيّين وأصحاب الرأي البارزين في الغرب كتبوا مقالات في هذا المجال وأطلقوا عليه اسم "نظريّة مقاومة الخميني" وأكّدوا على أنّ نظرية المقاومة تستهدف شرايين التسلّط الأمريكي والغربي.
وشدّد الإمام الخامنئي على أنّ سرّ بقاء نظام الجمهورية الإسلامية هو نهج المقاومة والصمود ونهج استغلال الطاقات المحليّة وتابع سماحته قائلاً: التقييم الصحيح لجبهة المقاومة يثبت أنّ هذه الجبهة في المنطقة وفي مراكز تتعدى حدود المنطقة هي اليوم منسجمة أكثر من أي وقت مضى وهذه حقيقة ينبغي أن يتمّ لحاظها في المحاسبات.
كما أشار قائد الثورة الإسلامية إلى إحصائيات رسمية تدلّ على أفول أمريكا من الناحية الاقتصادية وتراجعها المذهل في قدرتها على التأثير في الاقتصاد العالمي وأضاف سماحته قائلاً: لقد أفلت قوّة أمريكا في الجانب السياسي أيضاً وإنّ اختيار شخص يحمل خصائص السيد دونالد ترامب يشكّل أوضح وأبرز دليل على أفول السياسة الأمريكيّة.
واعتبر الإمام الخامنئي أنّ واحدة أخرى من مؤشرات الهبوط الأخلاقي للحكومة الأمريكية هو دعم هذه الحكومة لجرائم الكيان الصهيوني في الأراضي المحتلّة وأيضاً دعمها لجرائم عدّة حكومات في اليمن وقتل شعب هذا البلد ثمّ أردف سماحته قائلاً: أمريكا عالقة في المآزق في الشأن الاجتماعي أيضاً ومن ضمن المآزق إحصائيات القتل والجريمة المرتفعة، والجوع، والإدمان والعنف. ثمّ يأتي الرئيس الأمريكي ليتظاهر بالإشفاق على حال الشعب الإيراني وتمنّي السعادة لهم لكن ينبغي أن يُقال له فلتذهب وتحلّ مشاكلكم إذا كنت قادراً على ذلك.
وفي معرض آخر من كلمته رأى سماحته أنّ الهدف من المقاومة هو "بلوغ نقطة الردع في مختلف المجالات الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية والعسكرية" ثم تابع سماحته قائلاً: ينبغي أن نبلغ نقطة تجعل العدو ييأس وينصرف عن التعرّض للشعب في كافة المجالات.
وشدّد قائد الثورة الإسلامية قائلاً: نحن اليوم بلغنا نقطة الردع في المجال العسكري إلى حد كبير. فسبب ما ترونه من إصرارهم على قضية الصواريخ وأمثالها هو هذا. هم يعلمون أننا بلغنا نقطة الردع ويريدون أن يحرموا البلاد منها وطبعاً لن يستطيعو ذلك أبداً.
كما لفت الإمام الخامنئي إلى أنواع خدع العدو الرامية إلى إضعاف فكر المقاومة لدى الشعب الإيراني وتابع سماحته قائلاً: يهدّدون أحياناً ويُمارسون سياسة التطميع أحياناً أخرى؛ مثل الرئيس الأمريكي الذي يتذاكى ويقول بأنّ إيران يمكنها مع قادتها الحاليّين أيضاً أن تحقق مستوى كبيراً من التقدّم، أي قادة إيران الحاليّّين! نحن لا نسعى لإسقاطكم ومستعدّون لأن نؤيّدكم أيضاً، لذلك لا تنزعجوا.
ووصف قائد الثورة الإسلامية أنّ خطوة الأمريكيّين لا تعدو كونها مجرّد "تحايل سياسي" وأردف سماحته قائلاً: طبعاً إذا شحذ القادة والمسؤولون الإيرانيّون الحاليّون هممهم ولم يعرفوا ليلهم من نهارهم وتآزروا واستغلّوا الإمكانات بالنحو المطلوب فسوف يتحقّق مستوى أكبر من التقدّم لكن شرط التقدّم هو أن لا يقترب الأمريكيّون.
وأكّد الإمام الخامنئي: تحايل الرئيس الأمريكي السياسي لن يخدع الجمهورية الإسلامية وشعبها. ينبغي عدم السماح للأمريكيّين بالاقتراب، فأينما حلّوا انعدمت البركة وأينما وضعوا أقدامهم اندلعت الحروب واقتتل الإخوة أو اشتعلت الفتنة أو استثمروا واستعمروا وحقّروا الشعوب.
وفي معرض آخر من كلمته شكر قائد الثورة الإسلامية مشاركة الناس الواسعة في مسيرات يوم القدس معتبراً أن هذا الحضور دليل جلي على استمرار جاذبية الإمام الخميني الراحل وأردف سماحته قائلاً: لقد انطلقت مسيرات يوم القدس في أكثر من مئة دولة حول العالم وأثبتت بعد مرور ٤٠ عاماً أنّ سبب استمرار هذه الخطوة التي أقدم عليها الإمام الخميني في تحديده لهذا اليوم العالمي هي جاذبيته ونفوذه الذي يدفع الشعوب للتحرّك.
ثمّ أشار الإمام الخامنئي للمساعي الخبيثة التي يمارسها الأمريكيّون وأتباعهم ومن ضمنهم بعض الحكام العرب الخونة الرامية إلى إيداع قضية فلسطين غياهب النسيان وتابع سماحته قائلاً: في ظل هذه الظروف يدافع التكتل الشعبي في أكثر من ١٠٠ دولة حول العالم عن القدس الشريف والفلسطينيّين المظلومين في ظلّ نفوذ الإمام الخميني الخالد وتُثبت هذه الحقيقة مرّة أخرى بأن لا وجود لأي قضية في العالم يمكن مقارنتها بجاذبية الإمام الخميني الكبير المولّدة للحماس.