إحدى لوازم الحجّ بالمعنى الصحيح للكلمة، هي أنّ الحجّاج يتعاطون في ميدان الحجّ وميدان هذه الفريضة الإسلامية الكبرى مع بعضهم البعض بإخوّة بكلّ ما تحمله هذه الكلمة من معنى، ينظرون إلى بعضهم البعض نظرة أخوّيّة، وليست نظرة غريب لآخر، ولا نظرة عداوة، ينظرون إلى بعضهم البعض نظرة أشخاص يسيرون نحو هدف واحد، يبحثون عن أمر واحد، يدورون في فلك واحد. قال تعالى: "فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحجّ"، المراد من لا جدال ليس الجدال مع الأعداء، فالحجّ أساساً هو مظهر للجدال مع الأعداء. بعض أصحاب الآراء المنحرفة، وسيّئي النفوس أرادوا القول لا جدال في الحجّ، لماذا تقيمون أنتم مراسم البراءة في الحجّ؟ هذا الجدال الموجود في مراسم البراءة هو جدال مع الشرك، جدال مع الكفر، هذا أحد أهمّ خطوط الحياة الإسلامية، الجدال الذي لا ينبغي أن يكون في الحجّ هو جدال الإخوة مع بعضهم البعض، جدال المؤمنين مع بعضهم البعض، جدال القلوب المعتقدة بالتوحيد مع بعضها البعض، هذا الجدال لا ينبغي أن يكون. ينبغي أن نعمل ليس فقط على التخلّص من الجدال اللساني، بل على التخلّص أيضاً من النفور القلبي، على العكس تماماً ممّا يحاول أعداء الإسلام اليوم إيجاده في المجتمع الإسلامي، عليكم أن تلتفتوا إلى هذا. اختلاف المذاهب الإسلامية، الاختلاف بين الشيعة والسنّة في حدود الاختلاف العقائديّ (أن يعتقد أحد عقيدة ما، ويعتقد الآخر عقيدة أخرى، هذان يختلفان فيما بينهم) لا يوجد فيه مشكلةً، المشكلة تحصل عندما يؤدّي هذا الاختلاف العقائديّ إلى الاختلاف الروحي والاختلاف الفكري وإلى المنازعة وإلى الخصومة وإلى العداوة.