بسم الله الرحمن الرحيم،
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين، ولا سيما بقية الله في الأرضين.
أهلاً وسهلاً بكم. أُعرب عن سعاتي وأشكر الله على توفيقي بلقائكم، أيها الإخوة الأعزاء والمجتهدون والطلائعيون، مرة أخرى هنا، في مثل هذا اليوم المهمّ الذي هو يوم من أيام الله حقاً.

واقعة 19 بهمن إحدى عجائب الثورة الإسلامية
واقعة التاسع عشر من بهمن 1357 (8 فبراير/شباط 1979) (2) هي إحدى عجائب الثورة الإسلامية، وهذه العجائب ليست واحدة أو اثنتين أو مئة مثلاً، فقد حدثت آلاف العجائب والمفاجآت على مرّ هذه السنين [لكن] يوم 19 بهمن واحد من أوائلها وأهمّها؛ أن ينفصل جزء مهم من جيش الطاغوت عن جسم الجيش ويأتي ويعبّر عن اتّباعه الإمامَ وانضمامه إلى الشعب هذه واقعة مهمة. وهي شجّعت الجيش بأكمله على الانضمام إلى الجمهورية الإسلامية. ولما رأى قادة الجيش في ذلك الوقت هذا الواقع، اضطروا إلى إعلان الحياد تجاه الثورة، في حين أن حيادهم لا معنى له، فكيف يمكن لجيش نظام الطاغوت أن يكون محايداً في الدّفاع عن نظام الطاغوت؟ لكنهم أعلنوا الحياد. لم يكن لديهم خيار [لأنهم] رأوا أنّ جسم الجيش كان منضماً إلى الشعب بصورة كاملة تقريباً، فكانت بمنزلة المعجزة. لقد كانت معجزة حقاً!
الاعتماد الأساسي لنظام الطاغوت هو على الجيش و«السافاك». لم يكن لهؤلاء علاقة مع الناس، ولا أصلاً كانوا معتمدين عليهم، بل اعتمادهم الأساسي في الخارج على أمريكا، وعلى الجيش و«السافاك» في الداخل. [لذا] كانت هذه النقطة من الارتكاز وآمال الشياطين عاملاً مهماً في الإطاحة بالشياطين. وهي معجزة طبعاً.
بالفعل، إنّ من العوامل القوية في انتصار الثورة انضمامُ الجيش إلى الشعب. لو لم يحدث ذلك، لجرت مواجهات بين الشعب والجيش وحدثت الكوارث. هذا الانضمام للجيش، الذي حدث بمبادرة القوات الجوية، مكّن الثورة من النجاح دون تلك المشكلات العجيبة والثقيلة التي لا يمكن تحسّبها.

إخفاق الانقلاب الأمريكي بدايات انتصار الثورة
طبعاً كان الأمريكيون يعقدون أملهم على الجيش حتى اللحظة الأخيرة. ويظنون أنّه يمكن أن يصمد، كما خططوا لانقلاب عسكري – أمرٌ ربما رأيتموه في بعض المصادر لكن هذا الكلام قاطع ودقيق - على أن يحدث في شباط/فبراير، وأن يؤدي إلى اعتقال قادة الثورة وطلائعها، وأن يتعامل الجيش مع الشعب أعنف بعشرات المرات من انقلاب 28 مرداد(3) (19 مارس/آذار 1953)، ويزيل العقبات البشرية التي تقف في طريقه كافةً. لقد كانت خطة أمريكية. الجنرال [روبرت] هايزر الشهير، الذي كان من أبرز المأمورين الأمريكيين في «الناتو» في ذلك اليوم ويتردد إلى إيران تكراراً، يروي في مذكراته أن الجنرال [هارولد] براون، الذي كان وزير الدّفاع في الحكومة الديمقراطية في ذلك اليوم – آنذاك أيضاً كانت الدولة الحاكمة في أمريكا تنتمي إلى الحزب الديمقراطي – قد أوعز إلى هايزر بمنع سقوط نظام الشاه، حتى على حساب قتل عشرات الآلاف من الناس. كان يُخَطَّطُ لمثل هذا الانقلاب. وبالفعل، بين الأشياء التي أحبطت تلك الخطة الشيطانية هذه الحركة للقوات الجوية، أي مجيء أولئك [الشباب]. ربما لم يتخيل الشباب الذين أتوا وبايعوا الإمام – كُنت شاهداً ورأيتهم من كثب - أنّ عملهم مهم جداً.

خطأ الحسابات الأمريكية في تقييم وضع البلاد والناس والجيش
حسناً، هناك نقطة مهمة في هذه القضية وهي درسٌ لحاضرنا ومستقبلنا: لقد أخطأ الأمريكيون في حساباتهم خطأً كبيراً في تقييم أوضاع البلد وقضية الجيش والشعب. هذه نقطة مهمة؛ كان لديهم خطأ في الحسابات. أملهم في الجيش نَبَعَ من خطأ الحسابات نفسه الذي فاجأهم. لقد فوجئوا بهذا الخطأ! في الوثائق التي نُشرت بعد ذلك بسنوات، اعترفوا بأنهم حتى قبل شهر بهمن 1357 (فبراير/شباط 1979) بقليل لم يكن لديهم أي تقدير حول سقوط الشاه وسلسلة بهلوي. لا شيء! أضف على ذلك أنه حتى أيام قليلة قبل 22 بهمن أعلن البنتاغون أنه من المستحيل سقوط نظام بهلوي، أي كانوا مخطئين إلى هذه الدرجة. لقد ارتكبوا خطأ حسابياً عجيباً، وكانوا يقولون إنّ الجيش يملك سيطرة كاملة، و[سقوط النظام] غير ممكن. بالطبع، حملَ الجيش الإيراني أهمية أكثر للأمريكيين من الشاه نفسه. قالوا إنّ الشاه شخص واحد، حتى لو مات أو رحل أو أتى... نستبدل به شخصاً آخر، لكن مؤسسة الجيش كانت مهمة جداً لهم وعلّقوا عليها كثيراً [من الآمال]. هذا الجيش نفسه الذي كان مهماً جداً للأمريكيين وعملوا عليه جاهدين وعيّنوا عليه أربعين ألف مستشار أمريكي في تلك الأيام تسبّب في الهزيمة لنظام الطاغوت ودمّر آمال أمريكا في إيران. وكما يقول الله في القرآن: {فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا} (الحشر، 2). لقد تلقّوا صفعة وضربة من المكان الذي لم يتخيّلوه.

الاستمرار في خطأ الحسابات في فتنة 2009 ومسألة الحظر
بالطبع، لا يزال هذا الخطأ مستمراً، أي حتى يومنا الأمريكيون يخطئون في الحسابات في قضايا إيران، وجهاز الحسابات السياسية لديهم لا يعمل حقاً. لا يُدركون! إنهم لا يعرفون الشعب الإيراني بعد، ويخطئون باستمرار. لقد أخطأ الأمريكيون في فتنة 2009(4)، حين دعم الرئيس الأمريكي(5) الديمقراطي آنذاك الفتنة رسمياً ودافع عنها. تصوّروا أنها ستُنهي كل شيء، وبالطبع، كان خطأ في الحسابات.
ينطبق الشيء نفسه على مسألة الحظر، مع هذا الحظر الشديد الذي يصفونه بـ«غير المسبوق» و«الشامل»، وكما يقولون عنه: لا يوجد مثله في التاريخ، وقد أصابوا القول، وظنّوا أنهم سوف يُنهكون إيران. حسناً، كانت الحسابات غير صائبة. لقد كان خطأ في الحسابات، وكان أملهم عبثياً. قال أحد الحمقى(6) من الدرجة الأولى الذين أشرت إليهم في هذا المكان سابقاً(7)، قال قبل عامين أو ثلاثة: «سنحتفل في طهران بعيد رأس 2019». كان أملهم أنّه في رأس 2019 سترحل [الجمهورية الإسلامية] وسيأتون إلى هنا للاحتفال. والآن، هذا الشخص نفسه دخل مزبلة التاريخ، ورئيسه(8) رُكِلَ من البيت الأبيض وطُرد بطريقة فاضحة، وذهب كلاهما إلى مزبلة التاريخ، [لكن] الجمهورية الإسلامية واقفة مرفوعة الرأس، بفضل لله.

عوامل نجاحنا في مواجهة الأعداء: حضور الناس، والثقة بالوعد الإلهي، وزيادة مقوّمات القوّة
بالطبع، لا ينبغي تبسيط الأمر. نعم، العدو يخطئ في حساباته، لكن يجب أن نكون حذرين من أنّ ما يجعلنا ننجح ليس الخطأ لجهاز الحسابات لدى العدو، بل علينا أن نعمل وأن نسعى. إنّ حضور الناس في الميدان، وإيمانهم بضرورة حضورهم فيه، وثقة الناس والمسؤولين بالوعد الإلهي، والتخطيط المضاد [ضد العدو]، كل ذلك كان ولا يزال مؤثراً.
لو لم يأمر الإمام العظيم بكسر حالة الطوارئ العسكرية خلال 21 و22 بهمن، لكان الوضع مختلفاً. لا يقوم الأمر على الجلوس والتفرّج، وعلى الأمل في خطأ العدو. يجب السعي، والحضور في الميدان، والعمل، والثقة بالله، كما يجب الاجتهاد، و«التخطيط المضاد» باستمرار، وهذا كله واجب المسؤولين.
كذلك، يجب زيادة المقوّمات للقوة الوطنية، إذ تُعدّ القوات المسلحة واحدة منها، فيجب إنتاج القوّة وإظهار هذه القوّة عملياً. لذلك، كنت أُؤكد دائماً أنه يجب تعزيز قواتنا المسلحة المؤمنة والشعبية. وبفضل الله، إنّ قواتنا، بما في ذلك الجيش و«حرس الثورة الإسلامية» و«التعبئة» وقوى الأمن، مؤمنون وشعبيون على حد سواء. هذه من واجبات مسؤولي الدولة، وبالطبع، يجب أن يكون هذا التعزيز عبر النظر في المتطلّبات الإقليمية والدولية، وإيجاد الأولويات والتركيز عليها... حديثي هذا دائماً كان ولا يزال موجهاً إلى مسؤولي قوى الأمن والدولة.

تعزيز القوات المسلحة بصفتهم حافظي الأمن القومي بجميع أبعاده
حسناً، لحسن الحظ، في الشهر أو الشهرين الماضيين، وَضَع كل من الجيش و«حرس الثورة الإسلامية» ووزارة الدّفاع قدرات بارزة أمام أعين الجميع: لقد شاهد كلٌّ من شعبنا والعالم المناورات العسكرية التي جرت - ربما نحو عشرة - ورأتها عيون الأقمار الاصطناعية المتربّصة وانبهروا بها، وأعرب بعضهم عن دهشتهم من كونها مذهلة حقاً خاصة في ظروف الحظر. فحصولنا على المعلومات، وحصولنا على المواد، وحصولنا على الإمكانات والمُعدّات من الخارج، محدودٌ جداً. في مثل هذه المحدودية، تمكّنت قواتنا المسلحة - سواء في وزارة الدّفاع أو الجيش أو «حرس الثورة الإسلامية» - من تنفيذ مثل هذه الأعمال العظيمة وعرضها.
كان ذلك في الواقع عملاً بأمر أمير المؤمنين (ع) الذي قال في حُكمه الشهير لمالك الأشتر: «فالجنود بإذن الله حصون الرعيّة»، ثم في جمل أخرى: «وسبُل الأمن»(9). إن القوات المسلحة هي مصدر الأمن القومي، وكم باعث على الفخر أنّ بلداً يستطيع توفير أمنه القومي بعناصره وأبنائه وقواته المسلحة وألا ينتظر الآخرين. طبعاً التفتوا! إن تعزيز القوات المسلحة لا يتعلق بالمُعدّات فقط. المُعدّات جزء من العمل، والتنظيم جزء منه. الجزء المهم هو المعنويات والإيمان والقوّة المعنوية في القلوب. تعزيز القوات المسلحة يعني كل هذا. [حتى] الجوانب المعنوية.

الخطأ الكبير لبعض الدول هو طلب المساعدة من أمريكا في الأمن القومي
الخطأ الكبير الذي ترتكبه بعض الدول أنها تريد أمنها القومي من أمريكا. ليس لديهم مثل هذه القدرات، ولا مثل هذه الإرادة، ولا مثل هذا الفهم الصحيح لقضايا العالم، بل يُنفقون – يُنفقون المليارات – ثم يُذَلُّون ويُهانون، وفي الوقت نفسه لا يجري تأمينهم في اللحظات الحاسمة. في تلك اللحظات، الشخص الذي كانوا يعقدون عليه آمالهم يرفع يده من ورائهم ويتخلّى عنهم. رأيتم في حالتي مصر وتونس قبل بضع سنوات وما شابه: رغم أن المسؤولين هناك من الأوفياء لأمريكا، فإنّها رفعت يدها من وراء ظهرهم. وماذا تستطيع أن تفعل مقابل الناس، مقابل حركة الناس؟ و[حالة] محمد رضا بهلوي هكذا أيضاً. عندما هرب وغادر إيران، أراد البقاء في أمريكا لوقت، لكن طرده الأمريكيون، فاضطر إلى الذهاب إلى بَنَما وإلى هنا وهناك. الأمريكيون لم يبقوه عندهم، وقد عمل من أجلهم كل ذلك وخدمهم، وكان لديه أملٌ فيهم! عندما نعقد الأمل على الآخرين، يحدث ذلك. أما عندما نستفيق ونتكل على أنفسنا ونسأل الله العون، ونسعى أن نوفّر الأمن القومي بأنفسنا، فتكون [النتيجة] هي العزة التي تتمتع بها الجمهورية الإسلامية، بفضل الله. ولذلك، إنّ خطأ العدو في الحسابات، الذي أشرت إليه، نقطةٌ مهمة.

الخوف من العدو أو عقد الأمل على الأجنبي من الأخطاء الكبرى
هذا الخطأ في الحسابات موجود [أيضاً] في الأمور الاقتصادية وفي أمور أخرى. علينا التنبّه إلى هذا وأخذ العبرة. ويجب أن نلتفت إلى أخطاء بعضنا، وأن نَحذَر من أخطاء أنفسنا أيضاً. سأشير إلى أحد الأخطاء التي قد يرتكبها بعضنا: الخوف من قوّة العدو. هذا خطأ كبير، وأحد أخطائنا... أو أن نعقد الأمل على العدو. في وضعنا، نعقد الأمل بشأن بعض أعمالنا - سواء في القضايا الاقتصادية أو السياسية أو الدولية - على الأجنبي! الأجنبي القائم على العدوان والنهب والتدخّل؛ سيكون ذلك خطأ كبيراً. بالطبع، لا أوصي بأي حال أن ننظر إلى قدراتنا الداخلية بعين المبالغة. لا! فلنرَ الواقع، ولنسعَ إلى تحسينه، لكنني أوصي بشدة ألّا نخاف من العدو مهما كانت قدراتنا. إذا أُصبنا بالخوف، سنفشل.

أُفول أمريكا من حيث الهيبة والقوّة والنظام الاجتماعي
أولئك الذين لديهم تقديرات غير واقعية حول قدرات أمريكا وبعض القوى الأخرى عليهم أن يتنبّهوا إلى الحقائق الصحيحة. إن ضجة القوى العالمية عالية، وهم بالضجة يضخّمون الأمور [لكن] واقع الأمر ليس كذلك. الآن، في هذه القضايا التي جرت أخيراً في أمريكا، قضية سقوط ترامب بهذه الطريقة الفاضحة والأحداث التي دارت حول ذلك(10) - ليست أموراً بسيطة - لم يكن الأمر مجرد سقوط رئيس سيّئ، بل سقوطاً لهيبة أمريكا، وأفولاً لقوّتها، وانهياراً للنظام الاجتماعي. لست أنا من يقول هذا، بل قالوه بأنفسهم. أصحاب الرأي السياسي البارزون أعلنوا أن النظام الأمريكي مهترئ من الداخل. هذا ما قاله الأمريكيون أنفسهم في الأحداث الأخيرة. قالوا إن النظام الاجتماعي الأمريكي مهترئ من الداخل. هذا كلام في غاية الأهميّة. وآخرون قالوا إن عصر ما بعد أمريكا قد بدأ. هذا كلامهم. وهو حقيقة الأمر. وبالطبع، لديهم مشكلات اقتصادية أيضاً، لكن مشكلتهم الرئيسية تتعلّق بالنظم على الصعيدين الاجتماعي والسياسي، ما يدلّ على أنهم متزلزلون بالكامل.

التستّر على أفول أمريكا عبر الإمبراطورية الإعلاميّة
لو حدثت مثل هذه القضايا الأمريكية في نقطة أخرى من العالم، وبالأخص الدول التي لا تربطها علاقات جيّدة مع أمريكا، فهل كانوا ليتركوهم بهذه السرعة؟ لكنهم يمسكون بغالبية الإمبراطورية الإعلاميّة في العالم، فيسعون إلى التستّر على الأمر وإظهار أنه انتهى، لكنّ القضية لم تنتهِ، وإنما لها تبعات. لقد أفَلَتْ أمريكا حقاً، وهذا سبب الارتباك والذعر لدى الأنظمة التابعة لها في المنطقة، وبالأخص الكيان الصهيوني. هذه الترّهات التي تسمعونها في المدة الأخيرة من قادة الصهاينة هي في الغالب بسبب خوفهم وذعرهم وقلقهم بشأن ما حدث في أمريكا. بالطبع، فهموا الأمر على نحو صحيح. يشهد العالم في هذا الصدد أن أمريكا تتراجع داخلياً ودولياً.

لا يحقّ لأمريكا والدول الأوروبية الثلاث أن تضع شروطاً لاستمرار الاتفاق النووي
أمّا في قضيّة الحظر، حسناً، فاليوم هناك بعض التصريحات والنقاشات في العالم: الأوروبيون يقولون أشياء والأمريكيون يقولون شيئاً آخر أيضاً. أوّلاً، لا أحد في الجمهورية الإسلامية يعير اهتماماً لثرثرة أصحاب الادعاءات غير المحقّة، سواءً في أوروبا أو أمريكا. يُدلون بكلام فارغ، ولا آذان صاغية إلى كلامهم. ثانياً، إنْ أردنا التحدث بمنطقٍ واستدلال، فالمنطق يقول إنّ أمريكا والدول الأوروبية الثلاث التي تخلّفت عن التزاماتها كافّة في الاتفاق النووي، هؤلاء لا يحقّ لهم وضع شروط للاتفاق النووي. لم يفوا بأيّ التزام في ذلك الاتفاق. لقد رفعوا بعض الحظر - ليس كله – مؤقتاً ولمدة قصيرة جداً، ثم عادوا إلى فرضه، بل زادوه، وربما ضاعفوه ضعفين أو ثلاثة. لذلك، ليس لديهم الحق في وضع شروط في هذا الصدد.

السياسة الحازمة: على أمريكا رفع الحظر كاملاً ثم تتأكّد إيران وحينئذ تعود إلى التزاماتها
الطرف الذي يحقّ له وضع الشروط من أجل الاستمرار في الاتفاق النووي هو إيران وحدها. السبب أنّها التزمت منذ البداية تعهّداتِها كافةً في ذلك الاتفاق. طبّقت الجمهورية الإسلاميّة التزاماتها كافّةً في الاتفاق النووي، وهم من نقضها. نحن من يحقّ لنا وضع الشروط من أجل الاستمرار في النووي وقد وضعنا هذا الشرط وأعلناه، ولن يعدِلَ عنه أيّ أحد: إنْ يريدوا عودة إيران إلى التزاماتها في الاتفاق النووي، وهي قد ألغت عدداً من الالتزامات، إنْ يريدوا عودتها إلى التزاماتها في الاتفاق النووي، فعلى أمريكا رفع الحظر كاملاً، وليس بالكلام وعلى الورق فقط، أي تُصرّح أنها رفعته. كلّا! عليهم رفع الحظر عملياً، ثم نتأكّد من صحة ذلك ونشعر بأنّ الحظر قد زال بالطريقة الصحيحة، وحينئذ نعود إلى التزاماتنا في الاتفاق النووي أيضاً. هذه هي سياسة الجمهوريّة الإسلامية الحازمة، وهي مورد إجماعٍ بين مسؤولي البلاد، ولن نتراجع عنها.

وحدة الكلمة للشعب والمسؤولين سببٌ لتجاوز مشكلات كثيرة
وصيّتي المؤكدة: وحدة الكلمة، الحفاظ على وحدة الكلمة للمسؤولين والمعنيين بشؤون البلاد، ووحدة الكلمة لشعبنا العزيز. إنّ هذه الوحدة لكلمة الشعب كانت العامل الرئيسي في تجاوز مشكلات كثيرة، بفضل الله. ولا بُدّ أن يستمر هذا الانسجام ووحدة الكلمة. ليتحرك المسؤولون معاً بانسجام وتوافق، ولْتؤدِّ القوات المسلحة ما عليها من واجبات مهمّة يعرفونها، وليواصلوا إنتاج القوّة بالمعنى الحقيقي للكلمة، إن شاء الله. فبلطف الله ودعاء ولي العصر - عجّل الله فرَجَه الشّريف - سيكون غدُ الشعب الإيراني وهذا البلد أفضل وأعلى بمراتب من اليوم. نسأل الله – تعالى - أن تشمل بركات الدماء للشهداء حال هذا الشعب على الدوام، وأن يُرضي عنّا الروح الطاهرة لإمامنا العظيم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

الهوامش:
1) قرأ قائد القوات الجوية في جيش الجمهورية الإسلامية في إيران، العميد الركن عزيز نصير زاده تقريراً بداية هذا اللقاء الذي عُقد في ذكرى البيعة التاريخية لضباط القوّة الجوية في الجيش الإيراني مع الإمام الخميني (قده). 
2) حادثة البيعة المشار إليها.
3) انقلاب 19 مارس/آذار 1953 ضد حكومة محمد مصدق بتخطيط ودعم مشترك بين المخابرات البريطانية والمخابرات الأمريكية وجيش الشاه وأنصار محمد رضا بهلوي، ويُعرف أيضاً باسم «عملية أجاكس».
4) الفتنة التي حدثت في إيران بعد الانتخابات الرئاسية عام 2009.
5) باراك أوباما.
6) جون بولتون، مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب (أبريل/نيسان 2018-سبتمبر/أيلول 2019).
7) من كلمته في لقاء أهالي قم (9/1/2019) بمناسبة ذكرى قيام 19 دي.
8) دونالد ترامب.
9) نهج البلاغة، الرسالة رقم 53.
10) مهاجمة مبنى الكونغرس.