ينشر موقع KHAMENEI.IR الإعلامي مقاطع من خطاب سماحة السيد حسن نصرالله بمناسبة يوم شهيد حزب الله.

اليوم كما في كل سنة في 11-11 نُحيي ذكرى يوم الشهيد، للتذكير فقط لمن يُتابعوننا وُيُواكبوننا على الشاشات على التلفزيون، هذه المناسبة تعود ذكراها إلى 11-11 – 1982، أي بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان بأشهر قليلة، عندما قام فاتح عصر العمل الإستشهادي في لبنان وأمير الإستشهاديين أحمد قصير، الشاب الذي لم يَبلغ العشرين من العمر، بإقتحام مقر الحاكم العسكري الإسرائيلي في مدينة صور، والذي أدى إلى تدمير هذا المقر بالكامل، وأَسقط ما يَزيد عن مئة ضابط وجندي إسرائيلي في أقوى ضربة عسكرية تَلقاها العدو من حركة مقاومة منذ قيام هذا الكيان. وفي كل سنة، كُنت أُجدد القول وأقول: ما زالت عملية الإستشهادي أحمد قصير الأقوى في تاريخ المقاومة، على أمل أن تأتي عملية أقوى منها إن شاء الله في المستقبل للمقاومة في قلب فلسطين وفي عمق فلسطين أو في أي ساحة من ساحات المواجهة مع العدو الإسرائيلي.

إختار حزب الله منذ البداية هذا اليوم العظيم والمبارك في تاريخ المقاومة، في تاريخ المقاومة في لبنان عموماً، في تاريخ المقاومة الإسلامية تحديداً، وفي تاريخ المقاومة في المنطقة في مواجهة المشروع الصهيوني، إختار هذا اليوم ليكون يوماً لكل شهدائه. نحن نَعتبر هذا اليوم بمثابة ذكرى سنوية لكل شهيدٍ وشهيدةٍ في مسيرتنا، من علمائنا وقادتنا، من سيد شهداء المقاومة الإسلامية السيد عباس الموسوي إلى أُم ياسر إلى إبنه حسين، إلى شيخ شهداء المقاومة الإسلامية الشيخ الشهيد السعيد الشيخ راغب حرب( رضوان الله تعالى عليه)، إلى قادتنا الجهاديين الكبار: الحاج عماد مغنية، السيد ذوالفقار، القادة الكُثر، الذين لا أُريد أن أقول إسماً حتى لا أقول أسماء وأترك أسماء أخرى، إلى شهدائنا الإستشهاديين الذين اقتحموا بأجسادهم وأرواحهم مواكب العدو وقلاع العدو، إلى كل شهدائنا المجاهدين الذين حضروا في كل الميادين وفي كل الساحات، ودافعوا عن هذا البلد وعن هذه الأمة وعن هذه القضية، هذه ذكرى سنوية لهم جميعاً، ولذلك كل عائلة شهيد في حزب الله وفي مسيرتنا المقاومة تَعتبر هذا اليوم يوم شهيدها، سواءً كان هذا الشهيد أباً أو أخاً أو زوجاً أو إبناً أو عَماً أو زوجةً أو إبنةً، الكل يَحمل هذه المشاعر في مثل هذا اليوم.

 

اسرائيل تعيش القلق الوجودي وتخاف من معركة "الجليل"

وأضاف قائلا: “إسرائيل” التي بدت في زمن الربيع العربي ‏بدأت تتحدث عن بيئة استراتيجية مناسبة جداً لها، تذكرون تلك الأحاديث، عادت “إسرائيل” مجدداً للقلق، القلق ‏في لبنان والقلق في فلسطين والقلق في المنطقة والقلق الوجودي، عندما نُشاهد المناورات الجارية الآن في ‏شمال فلسطين المحتلة والتي بدأت قبل أيام وتستمر لمدة شهر، كانوا في السنة يَجرون مناورة، الآن في ‏السنة كل عدة أشهر يجرون مناورة، لماذا هذه المناورات في شمال فلسطين المحتلة؟ هل لأنه يوجد في ‏لبنان فرق موسيقية؟ وكانوا يتحدثون عن الفرقة الموسيقية سنة 1967، لا، لأنهم قلقون من لبنان، لأول ‏مرة في تاريخ هذا الكيان منذ أكثر من سبعين سنة، يخاف هذا الكيان من لبنان، لا يَخاف من لبنان أن يطلق عليه قذيفة ‏أو صاروخ كاتيوشا أو عبوة ناسفة وإنما يَخاف من لبنان أن يقتحم على العدو مساحة كبيرة في الشمال في ‏ما عنوانه “معركة الجليل”، اليوم اصطلاح الجليل ومعركة الجليل أصبحت حاضرة بقوة في الوجدان ‏الإسرائيلي، في الثقافة الاسرائيلية، في الحسابات العسكرية لدى القيادات السياسية والعسكرية الاسرائيلية، ‏ولذلك يُشيدون الجدران ويُغيرون الجغرافيا ويَأتون بالفرق إلى الحدود ويُقيمون مناورات شبه شهرية أو ‏شبه فصلية في منطقة الشمال لماذا؟ ويضعون فرضيات المناورة بناءً على فرضية وهي أنّ المقاومة في لبنان ‏ستدخل إلى الجليل.

الكيان الصهيوني يحاول التنفس من خلال التطبيع

عمق ‏الكيان الاسرائيلي يعيش عنواناً اسمه القلق الوجودي، قلق البقاء والوجود. واليوم عند النخب ‏وعند الناس في هذا الكيان، توجد أسئلة حول مشروعية البقاء وموضوعية البقاء، هل يمكن أن نبقى في ‏هذه المنطقة؟ أمام كلّ هذه التحولات والتحدّيات الداخلية والإقليمية هم يُحاولون أن يتنفسوا من خلال موضوع ‏التطبيع، ومن خلال فتح العلاقات مع بعض الدول العربية. ولكنّ الإسرائيليين في عمق أعماقهم ‏يَعرفون بأنّ كل هذه الدول التي تُطَبّع معهم لن تستطيع أن تحمي لا احتلالهم، ولا أسوارهم ولا ‏قلاعهم من رجال المقاومة في لبنان وفي فلسطين وفي كلّ المنطقة. هم يَعلمون ذلك، هم يسلّون ‏أنفسهم بحركات التطبيع التي نشهدها في منطقتنا.‏

 

السعودية تبحث عن حجة لتفتعل أزمة مع ‏لبنان

قبل أيام أخرج أحدهم تصريحًا لوزير الإعلام اللبناني الأستاذ جورج قرداحي ‏يتحدّث فيه عن حرب اليمن، وحديثه هادئ وموضوعي، ولم يهاجم أحد، ولم يستعمل أي تعابير ‏قاسية، وفي ذلك الحين لم يكن وزيرًا في الحكومة اللبنانية. بعد مضي أسابيع من هذه المقابلة ‏استُحضرت، وأفاق عليها السعوديون وضخّموها، وبدأ ما سمّي الآن بالأزمة الحالية، ‏الأزمة المفتعلة. نستطيع القول أن ردة الفعل السعوديّة على تصريحات ‏الأستاذ جورج قرداحي هي مبالغة جداً جداً جداً جداً جداً وغير مفهومة، ‏ما هو الداعي لهذا المستوى من المبالغة؟ نفس هذه التصريحات مثلها تماماً، ‏الحرب العبثية والمطالبة بوقف الحرب، بل ما هو أشد منها وأقسى ‏منها قالها سياسيون رسميون في العالم العربي وقاله مسؤولون أميركيون ‏في إدارة بايدن وقاله الأمين العام للأمم المتحدة، وقاله آخرون ولم نرَ ‏أي رد فعل حتى بسيط من السعودية، لماذا إلا الأستاذ جورج قرداحي؟ ‏هذا أمر غير مفهوم، هذا برسم اللبنانيين أن يسألوا أنفسهم، لماذا؟ منذ البداية هي لا قصة ‏تصريح ولا قصة وزير، السعودية تبحث عن حجة لتفتعل أزمة مع ‏لبنان. عندما نَصل إلى الأزمة التي افتعلتها السعودية مع لبنان ‏وهذا الضغط الذي بدأ هو جزء من المعركة مع المقاومة في لبنان، فلنتكلم ‏الأمور بصراحة، ليس مع حزب الله كحزب الله، وليس كحزب سياسي، ‏مع حزب الله كمقاومة وبالتالي مع المقاومة ومع مشروع المقاومة في ‏لبنان، وهم خلال كل السنوات الماضية في الحد الأدنى منذ الـ2006 ‏وليس من الـ2005، السعودية هي في هذه المعركة قائمة وموجودة، نحن ‏نَعرف الدور السعودي في حرب تموز ونَعرف التحريض السعودي ‏للإسرائيلي في حرب تموز كي يكمل الحرب.

 

الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي الصديق وليست السعودية

المملكة العربية السعودية كما تقدم نفسها أنها صديق للبنان وللشعب اللبناني، نحن نفهم أن لديها مشكلة مع حزب ‏الله، أليست هي من تُقدم نفسها صديقاً للشعب اللبناني وللبنانيين؟ وهي ‏مشكلتها مع جزء من الشعب اللبناني الذي أسمه حزب الله، هل هكذا ‏يتعاطى الصديق مع صديقه؟ لديك مشكلة مع وزير الإعلام، خير إن شاء ‏الله، تحصرها مع وزير الإعلام، ولكن تستدعي سفيرها وتطرد سفير ‏لبنان، وتمنع الواردات وتضع اللبنانيين في دائرة التهويل والتهديد وتبدأ ‏بالشتم باللبنانيين، رؤسائهم وكبارهم وصغارهم وتعابير ما أنزل الله بها ‏من سلطان، هل هكذا يتعاطى الصديق مع صديقه؟ هذا سؤال لأصدقاء ‏السعودية في لبنان، في هذا المقطع سأتكلم بهدوء، لأننا نحن اللبنانيون ‏بحاجة إلى أن نتكلم بهدوء، خذوا مثلا آخر، سورية، التي نحن نقول أنها ‏صديقة لبنان، 15 سنة 16 سنة حتى 2005، رئيسها في لبنان يُشتم، ‏حكومتها، شعبها، من قبل الرؤساء في لبنان، وليس وزراء، رؤساء ‏ووزراء ونواب أحزاب وإعلام وبشكل يومي وعلى مدار الـ16 سنة، ‏وأكثر من ذلك، أرسلوا مسلحين لقتال الدولة في سورية، وأرسلوا سلاح ‏وذخائر ومقاتلين وفتحوا الحدود وجاؤوا بالسفن، صحيح أو غير ‏صحيح؟ عندما أتينا إلى مشكلة وهي مشكلة الكهرباء في لبنان والتي ‏كُلنا نعرف في لبنان ومتفقون أنها في رأس أولويات المشاكل، لأنه عندما ‏تُحل مشكلة الكهرباء في لبنان فإن هذا سيكون له تأثيره على كل حياتنا، على ‏مصانعنا ومستشفياتنا وأفراننا ومدارسنا وبيوتنا وعيشتنا…الخ ببركة سفن ‏المازوت الإيراني وعندما رفع الأمريكيون الحظر عن الغاز المصري ‏والكهرباء الأردنية، وحكما سيأتوننا هؤلاء عن طريق سورية، لم تقف ‏سورية لتقول “علقتم أيها اللبنانيون بين يدي”، تريدون الكهرباء؟ ‏صحيح الغاز المصري والكهرباء الأردنية تعالج جزء كبير من مشكلة ‏الكهرباء في لبنان، لكن أهلاً وسهلاً بكم، تريدون أن يمروا من عندي من ‏سورية، يجب أن يعتذر فلان وفلان، وفلان يستقيل وفلان يذهب ‏والتلفزيون الفلاني يُغلق، لم يقولوا هذا، لم يقولوا أنتم شتمتمونا ‏وسبيتمونا وأهنتمونا واعتديتم علينا وفتحتم علينا حرباً ودعمتم الحرب ‏الكونية علينا، قالوا أهلا وسهلا، هذا صديق. الجمهورية الإسلامية في ‏إيران أيضاً منذ 16 سنة، من الـ2005 الى اليوم، كل يوم سباب وشتائم ‏واتهامات، تعرفونهم، ليس هناك من داعي لإعادتهم، ومسؤولين ووزراء ‏ورؤساء ونواب، دائما الجمهورية الإسلامية تقول بأنها ستبقى تمد لنا يد ‏المساعدة، هل أتى يوم منّت فيه ايران على الشعب اللبناني؟ رغم كل الشتائم ‏والسباب لم يسحبوا سفيرهم من لبنان ولم يطردوا السفير اللبناني من ‏طهران، هذا هو الصديق، السؤال لأصدقاء السعودية في لبنان، هل هكذا ‏يتصرف الصديق مع صديقه؟ لأن لديه مشكلة مع وزير أو مع حزب ‏لبناني ما، يُقاطع لبنان ويُحاصر لبنان ويُهدد اللبنانيين ويفرض على بقية ‏الدول ويقوم بحرب دبلوماسية بالمنطقة على لبنان؟ هذا صديق أو ماذا؟

 

تداعيات مأرب ستكون كبيرة ‏جداً والسعودية تدرك ذلك

نأتي الى موضوع اليمن أيضاً ونقول كلمتين، إذا كانت القصّة في موقفنا الإعلامي، من أول ليلة شُنّت الحرب ‏العدوانية على اليمن وعلى الشعب اليمني حزب الله كان واضحاً وسجّل موقفاً، حسناً 7 سنوات نحن ‏نخطب وعاقبتمونا، المنار استبعدتموها عن النايل سات والعرب سات وعاقبتمونا كحزب وقلنا لا بأس ‏نحن نقبل هذه العقوبة ونعتبرها تضحية في سبيل موقفنا الإنساني والأخلاقي والإيماني الشريف تجاه شعب ‏اليمن والعدوان على اليمن ولم نحزن وقلنا إن شاء الله خيراً، حسناً 7 سنوات وهذا كان موقفنا، وبالعكس ‏نحن في الأشهر الأخيرة قليلاً ما كنا نتكلم لأن ما كان يشغلنا في لبنان هو موضوع المازوت والبنزين ‏والدولار والمحطات و...، واذا ما تطرّق المرء لموضوع اليمن يمكن أن يقول الشعب اللبناني انظروا نحن ‏أين والسيد أين والحزب أين وفي ماذا يتكلمون، في الآونة الأخيرة إذا ما أردنا أن نقيّم سنقول إن الهجمة ‏الإعلامية من حزب الله على السعودية وعلى الحرب السعودية كانت أقل من أي وقت مضى بسبب ‏انشغال حزب الله اللبناني، حسناً إذاً لماذا الآن؟ إذا كانت القضيّة قضيّة إعلام! نعم القضيّة في اليمن أيها الإخوة ‏والأخوات، أيها الشعب اللبناني، لتعرفوا أين يريدون أن يُحدثوا مشكلة لديكم، القصّة قصّة مأرب، هي ‏قصّة الحرب العدوانية على اليمن ونتائج هذه الحرب، ليس هناك داعي لإجراء تحليل لضيق الوقت، بعد ‏‏7 سنوات من الحرب مئات مليارات الدولارات، نتيجة الحرب فشل كامل، يكفيكم ما يعرفه اللبنانيون ‏جيداً، يعرفه السياسيون، الأحزاب، خصوصاً الـ ‏NGO’S‏ الذين كانوا يجلسون معه في السفارة، شينكر ‏تتذكرونه، ماذا يقول؟ يقول منذ يومين إنّ سقوط مأرب هزيمة للرياض وواشنطن، إنَّ سقوط مأرب يعني أن الطرف ‏الآخر فاز في الحرب اليمنية، هذا شينكر وليس واحداً من محور المقاومة، تداعيات مأرب ستكون كبيرة ‏جداً في اليمن وفي المنطقة والسعودية تدرك ذلك، هنا ممكن أن يعتقد أحد أن الأزمة المفتعلة مع لبنان وأن ‏يا شعب لبنان ويا دولة لبنان مشكلتنا مع حزب الله اضغطوا عليه، هناك من يقول انه من الممكن أن يكون ذلك كي نضغط ‏على لبنان، وهو بدوره يضغط على حزب الله، ويقوم حزب الله بدوره بالضغط على انصار الله بغية إيقافهم ‏للحرب في اليمن، الآن اذا السعودي يفكّر بهذه الطريقة معناه أنّه يحرّك عقله لا أنها فشّة خلق بنا فقط، ‏لكن أيضاً هذا الموضوع غير صحيح وغير منطقي، ويمكن لأحد أن يشغّل عقله بقضايا غير منطقية.

 

الزيارات العربية لسوريا هي بمثابة إعلان هزيمة المشروع الإرهابي

في الأسابيع القليلة الماضية أعلن عن اتصالات هاتفية لملوك ورؤساء عرب مع السيد ‏الرئيس بشار الأسد، في الأيام القليلة الماضية وزير خارجية الإمارات يأتي إلى دمشق، طبعاً الكثيرين ‏علقوا ودرسوا وكله قابل للتحليل ولكن يساوي الاعتراف العربي بانتصار سوريا، الاعتراف العربي ‏بهزيمة المشروع الذي أنفق فيه مئات مليارات الدولارات العربية، هذه الزيارة هي إعلان الهزيمة، الآن ‏كل شخص يُريد أن يقرأها على مهله، إيجابي، سلبي، على كلٍ أنا أقرأها من هذه الزاوية، من زاوية ‏الشهداء الذين قاتلوا في مواجهة الإرهاب التكفيري وقدموا دماءهم، من زاوية الجرحى، من زاوية ‏المجاهدين والمقاومين. ‏