نحن أمام فرصة إيمانية جهادية رمضانيّة للتعبير عن تضامننا مع فلسطين

أكّد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله فشل رهانات التطبيع مع الكيان الإسرائيلي المؤقت، داعياً إلى المشاركة الواسعة والكثيفة في يوم القدس العالمي.

وأشار السيّد نصرالله في كلمة له حول آخر التطورات إلى بطولات الشعب الفلسطيني، قائلاً: يجب أن نقف بكل إجلال وتقدير واعتزاز أمام ‏بطولات شباب فلسطين، رجال فلسطين، نساء فلسطين، أمام بطولات اطفالها وشيوخها، أمام عظيم الايمان ‏بالله والقضية، أمام عظيم الشجاعة والبأس الشديد، واقتحام الموت من أجل صنع حياة عزيزة لشعبهم ‏ووطنهم، وأملاً بالوصول لتحرير مقدساتهم ومقدسات الأمة، كذلك الوقوف بإجلال وتعظيم أمام عائلات ‏الشهداء الأباء والأمهات وأفراد العائلة ومواقفهم الواضحة والحاسمة والقوية والواعية وأمام صمود هذه ‏الشعب المجاهد والصابر رغم التاريخ الطويل من المجازر.

جيل الشباب يتوارثون القضية والجهاد وعشق الشهادة

السيّد نصرالله تحدّث عن الدلالات العظيمة لما جرى ويجري على موضوع الصراع مع العدو ومستقبل فلسطين ومستقبل الكيان المؤقت الكيان ‏الاسرائيلي الغاصب، قائلاً: طبعاً من أهم الدلالات ومن أهم النتائج وفي رأيي من أهم النتائج الاستراتيجية لما ‏جرى في الأيام القليلة الماضية هو ما كُنا نتحدث عنه منذ سنوات ولكن في الأيام القليلة الماضية أنا قرأت ‏تصريحات لمعلقين إسرائيليين ومحللين وكتّاب إسرائيليين يعترفون بهذه الحقيقة التي كُنا نتحدث عنها ‏خلال السنوات الماضية وهي: أنكم إذا كنتم تراهنون على يأس الشعب الفلسطيني، على انهيار إرادة الشعب ‏الفلسطيني، على إحباط الشعب الفلسطيني، على تخلّي الشعب الفلسطيني عن فلسطين وقضيته المقدسة ‏وعن المقدسات أنتم واهمون ومشتبهون، هذا الشعب منذ 1948 وما قبل 1948 إلى اليوم وعلى مدى أجيال يتوارث ‏الشباب والصبايا الذين سمعنا أسماءهم وشاهدنا صورهم على شاشات التلفزة، هؤلاء من هذا الجيل الجيل ‏الجديد جيل الشباب، يتوارثون المقاومة والصمود والقضية والجهاد وعشق الشهادة وإرادة القتال جيلاً بعد ‏جيل، إذا كنتم تظنون أن التطبيع مع بعض الدول العربية وأن زيارات بعض المسؤولين العرب المطبعين ‏إلى الكيان الصهيوني المؤقت، إذا كنتم تظنون أن هذا الخذلان الرسمي العربي يمكن أن يؤدي إلى أن ‏يتخلى هذا الشعب الفسطيني عن قضيته ويقبل بالفتات كما راهنتم في صفقة القرن أنتم واهمون.‏

نحو مشاركة واسعة في يوم القدس العالمي

في جانب آخر من حديثه، أشار السيّد نصرالله إلى واجب الأمّة حيال ما يحدث، موضحاً: نحن أمام فرصة إيمانية جهادية رمضانية للتعبير عن تضامننا وتضامن شعوب العالم ‏وتضامن الأمة مع فلسطين في آخر يوم جمعة من شهر رمضان من كل سنة، الذي كان قد أعلنه سماحة ‏الإمام الخميني (قدس سره) يوماً عالمياً للقدس يوم القدس العالمي، أنا أدعو في هذه المناسبة أيضاً الجميع في عالمنا ‏الاسلامي في لبنان خصوصاً إلى المشاركة الواسعة والكثيفة في جميع الفعاليات في لبنان وفي غير لبنان، ‏وفي لبنان خصوصاُ نحن إن شاء الله سنقيم مهرجاناً شعبياً كبيراً يوم الجمعة في مجمع سيد الشهداء (عليه السلام) في ‏الضاحية الجنوبية وأنا آمل من جميع إخواني وإخواتي وجميع المؤيدين لهذه القضية المقدسة أن ننتهز هذه ‏الفرصة لنعبّر في يوم القدس عن تضامننا ودعمنا وصمودنا وتأييدنا المطلق لشعب فلسطين لمقاومته ‏لرجاله ونسائه وأطفاله وشيوخه وتضحياته وصبره، وأننا شركاء هذه المعركة وشركاء هذه المصير وشركاء ‏هذا الانتصار الآتي إن شاء الله بعونه سبحانه وتعالى.

السيد نصرالله للسعوديين: الطريق الوحيد للحل السياسي هو التفاوض المباشر مع صنعاء

 وحول ما يجري في اليمن، أشار السيّد نصرالله إلى سعادته بهدنة الشهرين، داعياً إلى وقف العدوان ورفع الحصار والذهاب إلى الحوار والحل السياسي. وأضاف: هؤلاء اليمنيون المظلومون صنعوا المعجزات، صنعوا الأساطير، صمدوا، ثبتوا، غيروا ‏المعادلات وفرضوا أنفسهم على العالم، اليوم المبعوث الدولي مُجبر أن يجلس معهم، المبعوث ‏الأميركي مُجبر أن يجلس معهم، الأوروبيين مُجبرين أن يجلسوا معهم، والعالم كله يريد أن يسمع لهم ‏ويريد أن يتحدث معهم. وتابع سماحته: طبعاً نحن سعداء للهدنة لأنه كل موقفنا وخطابنا ‏السياسي محوره وقف الحرب، وقف العدوان، ونأمل إن شاء الله أن تفتح الهدنة باباً للحوار السياسي ‏والوصول إلى الحل السياسي، نأمل أن تكون الهدنة مدخلاً لوقف الحرب ورفع الحصار والذهاب إلى ‏الحل السياسي،

في السياق، توجّه السيّد نصرالله بنصيحة إلى السعوديين: أنا أود في هذه النقطة أن أوجه نصيحة ‏للحكام في المملكة العربية السعودية، هناك جهة معنية ‏بالتفاوض هي حكومة الإنقاذ في صنعاء، المجلس السياسي الأعلى في اليمن، حركة أنصار الله ‏ورمزهم وقائدهم وكبيرهم القائد السيد عبد الملك بدرالدين الحوثي نصره الله وحفظه الله، هؤلاء طرف ‏التفاوض تحدثوا معهم، الحديث مع دول أخرى مثل الجمهورية الإسلامية في إيران أو أصدقاء آخرين ‏لا تتوقعوا أن أصدقاء هؤلاء اليمنيين المظلومين سيضغطون عليهم ليتنازلوا عن حقوقهم، أبداً، ‏الجمهورية الإسلامية لا تفعل ذلك، وأصدقاء هؤلاء المظلومين في أي مكان في العالم لا يمكن أن ‏يفعلوا ذلك على الإطلاق. إذاً الطريق الوحيد للحل السياسي هو التفاوض والحديث المباشر مع هؤلاء، ‏والإصغاء إلى منطقهم، إلى حقهم، إلى لغتهم، إلى موقفهم، ولا تنتظروا من أحد من أصدقائهم أن ‏يضغط عليهم ليتنازلوا عن شيء لا عن كراماتهم التي بذلوا من أجلها الدماء ولا عن حقوقهم التي ‏قدموا من أجلها كل هذه التضحيات.

أمريكا دافعت عن كل المجازر الإسرائيلي في فلسطين ولبنان وسوريا ومصر

السيّد نصرالله أشار إلى ذكرى عدوان نيسان عام 1996 الذي سماه العدو بعملية "عناقيد الغضب"، متوقّفاً عند نقطتين: النقطة الأولى، إن المقاومة في ذلك الوقت استطاعت أن تفرض على العدو وعلى ما يسمى بالمجتمع الدولي معادلة حماية المدنيين في لبنان مع ‏استمرار المقاومة والعمليات العسكرية في الشريط الحدودي المحتل في ما عرف في ذلك وقت بتفاهم نيسان، ‏الذي يُجيز للمقاومة أن تقاتل على الاراضي اللبنانية المحتلة وتستهدف جنود الاحتلال وعملاء الاحتلال ‏في الشريط الحدودي وعلى خط التماس ويمنع على العدو أن يقصف قرانا وبلداتنا، وهي الوسيلة التي كان ‏يلجأ دائماً إليها للرد على عمليات المقاومة، هذا التفاهم الذي حصل برعاية دولية وأُجبرت على القبول به ‏أميركا وأوروبا وتشكلت لجنة وكان لهم مندوبون فيها، ويجب أن نُسجل هنا في البعد الدبلوماسي إلى جانب ‏الصمود الشعبي وصمود المقاومة وأيضاً موقف الدولة الرسمي في ذلك الوقت، لكن يجب أن نُسجل بشكل ‏خاص الجهد المميّز الذي قام به الرئيس الراحل حافظ الأسد وأيضاً الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي ‏أدّى إلى ما سمّي حينئذٍ بتفاهم نيسان وتشكيل لجنة تفاهم نيسان، والتي أسّست لانتصار المقاومة عام ‏‏2000 وهزيمة العدو لأنها أطلقت يد المقاومة، حمت المدنيين، وقيدت يدي العدو، هم يقولون إنّ تفاهم نيسان ‏حولهم إلى كيس ملاكمة في جنوب لبنان مما أجبرهم على الانسحاب عام 2000 وهذا من إنجازات ‏المقاومة وسلاح المقاومة وجهاد المقاومة.

وتابع السيّد نصرالله: والأمر الآخر الذي يجب أن أذكّر به وأشير إليه أنه في مجزرة قانا وقفت أميركا ‏ومنعت أن يقوم مجلس الأمن الدولي بإصدار قرار يُدين العدو الاسرائيلي لارتكابه هذه المجزرة، ‏وهذا موقف أميركا وما يسمى أيضاً بالمجتمع الدولي، من مجزرة دير ياسين في فلسطين 1948 إلى ‏اليوم، أمام كل الحروب التي شنّت على الفلسطينيين في غزّة وفي الضفة وأمام كل الحروب التي شنت ‏على لبنان والمجازر التي ارتكبت في فلسطين وفي لبنان والحروب على بقية الدول العربية، على سوريا ‏في الجولان وعلى مصر في سينا، دائما نجد أن الولايات المتحدة الامريكية تدافع عن العدو المعتدي، عن ‏المرتكب للمجازر وعن الذي يشن الحروب وعن الذي يحتل أراضي الآخرين، وتمنع حتى من إدانته فضلاً عن ‏اتخاذ قرارات عقوبات بحقه، أُنظروا كيف تتعاطى أميركا وما يسمى بالمجتمع الدولي مع "إسرائيل" ‏وعدوانها على الفلسطينيين واللبنانيين وشعوب المنطقة، وكيف تتصرف اليوم في موضوع الحرب الروسية ‏الأوكرانية والعقوبات الهائلة التي تفرضها والتي ليس لهل سابقة في التاريخ، هذا للتذكير أيضاً لأصدقاء ‏أميركا في لبنان وفي المنطقة.

وفي جانب آخر من كلمته، تحدّث السيّد نصرالله عن الانتخابات اللبنانية، داعياً إلى الدخول إلى "هذه العملية الانتخابية وهذه المعركة ‏السياسية بكامل العدة بكامل الحماسة، وبكامل الفعالية بكامل الجهد حتى لحظة إغلاق الصناديق".‏

وفي ختام كلمته، أشار السيّد نصرالله إلى الذكرى السنوية لإستشهاد ‏ السيد محمد باقر الصدر (رضوان الله عليه)، ‏وأخته الفاضلة العالمة والمجاهدة بنت الهدى، قائلاً: طبعاً هذه الجريمة جريمة ‏العصر، الجريمة التاريخية التي ارتكبها النظام العراقي السابق، وأدّت ‏الى خسارة للعقل البشري، خسارة إنسانية، خسارة للأمة الاسلامية، ‏وخسارة للإسلام، الإسلام كدين وحضارة وكفكر، مضيفاً: مسؤوليتنا جميعا أن نحفظ اسمه وأن نُعلي اسمه واسم أخته ‏الشهيدة العظيمة، وأن نحافظ على تراثه وأن نواصل دربه.