أكّد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أنّه يرى نهاية الكيان الإسرائيلي قريبة جداً، وأضاف: المشهد لدي هو مشهد ناس ذاهبة إلى المعابر والموانئ والمطارات ولا نحتاج إلى 40 ربيعاً أخرى لنرى هذه النتيجة.

وأشار السيّد نصر الله في «حوار الأربعين»، على قناة «الميادين» في الذكرى الأربعين لتأسيس حزب الله، إلى مسار معادلات الردع التي رسمتها المقاومة، قائلاً: إن بدايات الردع بدأت عام 1984 – 1985 عندما اضطر العدو مبكراً للانسحاب من الكثير من المناطق التي احتلها، وأضاف: المرحلة الثانية من الردع بدأت من خلال فعل المقاومة في القرى الأمامية وصولاً إلى عام 1993 حين بدأت المرحلة الثالثة، وتابع «من عام 1993 حتى عام 1996 تم تحقيق مستوى عال من الردع»، وأوضح أن «تفاهم نيسان 1996 أسس لانتصار عام 2000 حيث بات للردع عناوين عدة بينها منع الاحتلال من قصف أهداف مدنية من دون رد»، ولفت السيد نصر الله إلى حرب تموز 2006 موضحاً أنّه قد «أدرك بعدها العدو أن قدرات المقاومة باتت تتجاوز المواجهة عند الحدود».

مسيّراتنا دخلت إلى منطقة الجليل عشرات المرات

السيّد نصر الله اعتبر أنّ «العدو يلجأ اليوم إلى عمليات لا تترك أي بصمة ومنذ العام 2006 إلى اليوم لا يجرؤ على أي عمل ضد لبنان». وعن امتلاك حزب الله قوة جوية، قال إن «حجم الاستباحة الجوية من المسيّرات الإسرائيلية دفعنا إلى اتخاذ قرار باستخدام بعض قدراتنا. وبعدما كانت المسيرات تستبيح البقاع والجنوب بشكل كبير خفّت الوتيرة كثيراً بعد رد المقاومة». وأشار إلى أن «مسيّراتنا دخلت إلى منطقة الجليل عشرات المرات في السنوات القليلة الماضية من دون اكتشافها أو إسقاطها». وكشف أن إسرائيل لم تتمكّن في الثاني من الشهر الجاري من إسقاط إلا مسيّرتين «أردنا أن يسقطهما العدو، فيما فشل في إسقاط مسيّرة ثالثة لم يأت على ذكرها لأنها سقطت في البحر».

وأوضح السيد نصر الله «ضمن مستوى معين قادرون على مواجهة المسيرات الإسرائيلية ونحن نعمل في ظروف صعبة»، وأكد «نحن سنمنع استخراج النفط والغاز الإسرائيلي ما لم يسمح للبناني باستخراج النفط والغاز ولو أدى ذلك إلى وقوع حرب والأمور مرهونة بأداء العدو الإسرائيلي»، وتابع «اذا ذهبت الأمور إلى الحرب يجب أن يكون للبنانيين ثقة بربهم وثقة بهذه المقاومة التي ستتمكن من فرض إرادة لبنان على العدو واحتمال أن تدخل قوى أخرى في الحرب وارد جداً».

لبنان الآن أمام فرصة تاريخية.. وقادرون على ردع العدو

وأكّد السيد نصر الله أنّ «لبنان الآن أمام فرصة تاريخية في ظل حاجة أوروبا إلى تأمين بديل عن النفط والغاز الروسيين، أميركا وأوروبا بحاجة إلى النفط والغاز وإسرائيل ترى فرصة في ذلك». وتابع «لا يوجد هدف إسرائيلي في البحر أو في البر لا تطاوله صواريخ المقاومة الدقيقة. لدينا قدرات بحرية هجومية كافية لتحقيق الردع المطلوب وتحقيق الأهداف المنشودة». وقال: «الأمر متوقف على كيف سيتصرف العدو والأميركي والأوروبي»، مذكّراً بأن «المطلوب الالتزام بالحدود التي تطلبها الدولة اللبنانية ورفع الفيتو عن استخراج النفط والغاز في لبنان». وشدّد على أن «المهلة غير مفتوحة وإنما حتى أيلول المقبل. إذا بدأ استخراج النفط والغاز من كاريش في أيلول قبل أن يأخذ لبنان حقه، فنحن ذاهبون إلى مشكل. وضعنا هدفاً وسنلجأ من دون أي تردد إلى كل ما يحقق هذا الهدف»، مشيراً إلى أن «الدولة اللبنانية قدمت تنازلاً كبيراً عندما تحدثت عن الخط الـ23+. والكرة الآن ليست في ملعب لبنان لأنه هو الممنوع من استخراج النفط والغاز»، لافتاً إلى أن «الأميركيين أدخلوا لبنان في دوامة المفاوضات بينما إسرائيل حفرت الآبار ونقّبت عن الغاز وتستعد لاستخراجه».

وتابع: «إننا قادرون على ردع العدو وضرب أهداف في أي مكان في بحر فلسطين المحتلة وفي المديات نفسها غرباً»، و«على اللبنانيين أن يثقوا بأن لدى المقاومة من القدرات البشرية والعسكرية والمادية ما يجعل العدو يرضخ». وأضاف: «إذا وقعت الحرب فإن دخول قوى أخرى فيها احتمال وارد وقوي جداً».

داخلياً، أكد السيّد نصر الله «أننا جاهزون لجلب الفيول الإيراني إلى معامل الكهرباء مجاناً إذا كانت الحكومة اللبنانية تجرؤ على قبول ذلك. ولكن، للأسف الشديد، هناك خوف من العقوبات الأميركية على الأشخاص وعائلاتهم».

ثقافتنا أصيلة.. ومشكلتهم مع ثقافة المقاومة

وتعليقاً على قضية المطران موسى الحاج، لفت السيد نصر الله إلى أن «من اعترض علينا عندما تحدثنا عن حادثة تفجير المرفأ يقوم اليوم بتهميش الأجهزة الأمنية والقضاء»، واصفاً الكلام عن أن الأجهزة الأمنية اللبنانية تعمل تحت إمرة حزب الله «كذب وافتراء». وأكد أن «ليس لحزب الله علاقة بهذه الحادثة التي تستخدم للتجييش الطائفي والمذهبي. وهذا المسار خطير ولا يخدم مصلحة البلد»، مشيراً إلى أن «نقل أموال من فلسطين المحتلة إلى لبنان عمل خارج القانون بغض النظر عن أسبابه».

وشدّد على أن «من يتحدثون عن أن ثقافتنا مستوردة يفعلون ذلك عمداً أو جهلاً. هذه ثقافتنا ونحن من صدّرها إلى أماكن كثيرة في العالم ولا نقبل أن يشكك أحد في وطنيتنا ولبنانيتنا. ومن يتحدث بمنطق «لا يشبهوننا» هل يعبّر هو عن صورة لبنان؟».

وذكر السيد نصر الله إن «الشيعة موجودون في لبنان منذ 1400 سنة وأقول لكل اللبنانيين اعطوني بشاهد واحد أن أمراً قام به حزب الله خدمة لإيران»، وسأل «ما هي المعايير والمقاييس المعتدة لديكم للقول إن هذه الجماعة لبنانية أو الحزب أو الطائفة؟»، ولفت إلى أن «حزب الله دافع وقدم دم وحرر البلد ولولا هؤلاء كان لبنان في الزمن الإسرائيلي»، وتابع «لبنان تاريخيا مؤلف من مسلمين ومسيحيين وثقافتنا ثقافة إسلامية تكون مستوردة؟ ثقافتنا من 1400 سنة وكتب العلماء العامليين تدرس في حوزات في دول العالم»، وأضاف «كتب العلماء اللبنانيين العامليين تدرس في أهم الحوزات العلمية في العالم ونحن صدرنا هذه الثقافة إلى أماكن كثيرة في العالم»، وأشار إلى أن «شيعة لبنان يؤمنون بالإمام المهدي (عج) منذ 1400 سنة ولبنان بلد متنوع ثقافياً وكان ملاذ الخائفين على عقيدتهم وفكرهم وتقاليدهم».

وأكد السيد نصر الله أن «هذا الجيل يخاف منه الإسرائيلي لأنه ينظر بعمق ورسالة «سلام يا مهدي» سواء في لبنان أو في ايران جميلة وقوية جدا»، وأضاف «لمن يقول إننا لا نشبههم يمكن أن تقول أنت مين وما هي ثقافتك وما هي حضارتك ومن قال إنك صورة لبنان وتعالوا لنقرأ التاريخ والحاضر»، ورأى أن «مشكلتهم ليست مع الـ 100 ألف مقاتل بل مع ثقافة المقاومة لأن المطلوب في المنطقة ثقافة التطبيع»، وشدد على أن «فكرة الإمام المهدي جامعة لدى كل المسلمين وهي مرتبطة بالسيد المسيح وسوياً سيقيمان العدل في الأرض بعد أن ملئت ظلماً وجورا».

وفي ما يتعلق بانتخابات رئاسة الجمهورية، أكد أن «حزب الله لن يكون لديه مرشح لرئاسة الجمهورية بل سيقرر من يدعم من بين المرشحين الطبيعيين». واعتبر أن تقييم عهد الرئيس ميشال عون «يجب أن يأخذ في الاعتبار صلاحيات رئيس الجمهورية». وأكد أن «الرئيس عون كان خلال عهده شخصاً قوياً ولم يضعف وهناك قرارات ما كان لأحد أن يتخذها غيره. وكل ما أمكننا القيام به تجاه عهده قمنا به».

التحولات الدولية ستكون مؤثرة جداً في نهاية الكيان

وحول الصراع مع الكيان الإسرائيلي، قال نصرالله: «أرى نهاية الكيان الإسرائيلي قريبة جداً». وتابع: «أنا أؤمن بأن لا مستقبل للكيان الصهيوني وأنا أسميه الكيان المؤقت واليوم القادة الإسرائيليون الكبار يتحدثون عن مخاطر وجود». واعتبر أن «التحولات الدولية ستكون أيضاً مؤثرة جداً في نهاية الكيان... والنظام الدولي يتحول إلى نظام متعدد الأقطاب والمشهد لدي هو مشهد ناس ذاهبة إلى المعابر والموانئ والمطارات ولا نحتاج إلى 40 ربيعاً أخرى لنرى هذه النتيجة». وأضاف إن «الإنكليز من جاء بالإسرائيليين إلى فلسطين وليس التوراة وهم يعرفون هذه الكذبة وهذه الأرض ليس لهم أي صلة بها على الإطلاق وكل عناصر البقاء تخمد وعناصر الذهاب تقوى يوماً بعد يوم».

 وأشار إلى أنه في معركة «سيف القدس»، فإن «كل ما كان يتوافر لدينا من معلومات كنا نقدمه إلى الفلسطينيين من خلال غرفة العمليات المشتركة. والتواصل بين قوى محور المقاومة قائم وحرس الثورة كان مشاركاً في غرفة العمليات المشتركة خلال المعركة».

ولفت إلى أن «حماس هي حركة مقاومة إسلامية فلسطينية وقضيتها الأول فلسطين وتحرير القدس وإنقاذ الشعب الفلسطيني وكل هذه الويلات التي يعيشها»، وتابع «في إطار هذه الأولوية أي حركة مقاومة فلسطينية عندما تجد أصدقاء وحلفاء يجب أن تتمسك بهم وإذا حصل في يوم من الأيام خلل والتباس في العلاقة يجب أن يعالج»، وأضاف «عندما ترى الفصائل والشعب في فلسطين أن الأنظمة العربية متجهة نحو التطبيع وفي نهاية المطاف سيتطلع إلى من يقف معه».

سوريا جزء أساسي في محور المقاومة

وذكر السيد نصر الله أنّ «سوريا جزء أساسي في محور المقاومة وإذا كنت تريد أن تستكمل الصراع مع العدو الإسرائيلي فلا تستطيع أن تدير ظهرك لسوري»، وأضاف: «الإخوة في حماس وصلوا بالإجماع إلى نتيجة مفادها أنه لا يمكن إدارة الظهر لسوريا لأنها جزء من محور المقاومة». وأكّد «أنني شخصياً مهتم بتسوية العلاقة بين حماس وسوريا، ودمشق منفتحة والمسار إيجابي».

وفي سياق آخر، قال السيد نصر الله «أردوغان ليس مهيأ للتسوية وما زال يراهن على مجموعة من الأمور بحال أنه إذا جاء وقت التسوية في زمن ما يكون في موقع أفضل»، وتابع «أردوغان يدرك انه لا يستطيع أخد حلب وهو حريص على المحافظة على المسلحين الذي يدعمهم لتحسين موقعه التفاوضي»، وأضاف «هناك أجواء في تركيا تتحدث عن موضوع 1923 وان لهم مطالبات في الأراضي السورية والعراقية ولا نستطيع أن ننفي الطمع بالسيطرة على الأراضي».

وبشأن الأحاديث عن طلب التوسط لدى اليمنيين، قال السيّد نصر الله: «لم يطلب من حزب الله بشكل رسمي التوسط لدى السيد عبدالملك الحوثي وفي هذا الأمر نحن لسنا وسطاء نحن طرف وأنا لست وسيطا مع السعودية في اليمن»، وتابع لسنا لدينا مشكلة جذرية مع السعودية والإمارات وعلاقاتنا ليست مبنية على خلفية عقائدية أو دينية أو ما شاكل وقبل أحداث اليمن التقينا مع السفراء السعوديين في لبنان»، وأضاف «إشكالنا الأساسي مع السعودية بدأ في اليمن وهو مرتبط حكماً باليمن وصداقاتنا وعلاقاتنا لها علاقة بمجموعة من المبادئ والمصالح»، وسأل «حزب الله بماذا أخطأ مع الإمارات ؟ لماذا هذه الاعتقالات في الإمارات؟»، وأوضح أن «كل الذين اعتقلوا في الإمارات لا علاقة لهم بحزب الله ويجب على الدولة اللبنانية علاج هذا الأمر».

وفي الشأن العراقي، قال السيّد نصر الله «لدينا علاقات جيدة مع الجميع في العراق ولا علاقة لنا بمن يأتي رئيساً للحكومة ونحن خارج دائرة حتى تقديم النصح»، وتابع «ليس لدينا مشروع خاص في العراق ولدينا صداقات وليس لدينا جهة نريد نبنيها على حساب جهات أخرى وحزب الله حريص على تقريب وجهات النظر»، وأضاف «لو أرادت إيران أن تكون صاحبة نفوذ أكبر في المنطقة لذهبت إلى المصالحة مع أمريكا وتعود إيران شرطيا للخليج وهذا لا يمكن أن يحصل».

موقف الجمهورية الإسلامية حول فلسطين عقائدياً وليس سياسياً

واكد السيد نصر الله «موقف الجمهورية الإسلامية في موضوع فلسطين عقائدي وديني وليس موقفاً سياسياً او استراتيجياً وهناك أناس لا يفهمون هذا ولا تريد جزاء ولا شكورا»، ولفت إلى أن «الموقف الإيراني من فلسطين ليس بهدف تحصيل نفوذ»، وقال «ايران لم تطلب مني شيئاً في يوم من الأيام حول لبنان ومصالح ايران والحاج قاسم سليماني طلب مني المساعدة في العراق وليس ايران»، وسأل «هل شنت ايران حرباً على بلد عربي أو إسلامي منذ قيام الثورة؟»، وأضاف «جريمة ايران في العراق أنها منعت تمدد داعش، وايران تقف إلى جانب حلفائها لتدافع عنهم وهي لا تسيطر عليهم وهي لا تتدخل في السياسة السورية».

وفي الختام لفت السيد نصر الله إلى مسيرة حزب الله بالقول: «كل إنجازات حزب الله هي بفضل الله أولا وبمجموع الجهود ولا نستطيع إعطاء نسب مئوية والإنجاز لحزب الله ليس فقط تنظيمياً بل لكل الجمهور»، وتابع «نحن لدينا حصة في إنجاز تحرير عام الـ 2000 وفي تحقيق الأمن والأمان في الجنوب»، وأضاف «كنا شركاء في صد الهجمة الكونية الكبرى في المنطقة وكنا جزءا من السد الصلب في مواجهة هذا المشروع»، واكد «نحن من الجهات المساهمة في تثبيت السلم الأهلي في لبنان».

وتابع السيّد نصر الله: «افتقد في الأربعينية الكثيرين وفي مقدمتهم الشهداء والقادة الشهداء وبالأخص الذين كنا نعمل سوياً وكنا رفاق درب»، وأضاف: «كل ما بنا من نعمة هو من الله سبحانه وتعإلى وأتوجه بالشكر إلى الناس ونحن لا نجاملهم عندما نقول إنهم أشرف الناس وأطهر الناس»، وأردف قائلاً: «الناس هم المقاومة وتحملوا أعباء خلال 40 عاماً ودائماً كانوا أوفياء ولم يطعنوا في الظهر ولم يتركونا لا في الليل ولا في النهار».