أشار الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في خطاب له خلال احتفالية «أبجدية النصر» الذي أقامه حزب الله مساء الاثنين في الضاحية الجنوبية لبيروت بمناسبة اختتام فعاليات ذكرى الـ40 ربيعا إلى أننا «عندما نتحدث عن 40 ربيعا، نحن لا نقطع الصلة عن ما كان قبل 1982 بل هناك صلة عميقة وأساسية بكل الجهود والنضالات والأعمال والأطر التي كانت قائمة قبل 1982».

وعن مسيرة حزب الله والمقاومة، قال السيد نصر الله «نذكر بالإلهام الكبير الذي قدمه الشهيد الكبير سماحة السيد محمد باقر الصدر، وقال «كما نخص بالذكر سماحة الإمام القائد السيد موسى الصدر أعاده الله بخير لأنه كان المتصدي الأكبر والأول للشأن العام وتأسيس وقيادة المقاومة»، ونوه «بجهود علمائنا الكبار وكل علمائنا في ساحتنا الإسلامية الذين نشروا الوعي وأمروا بالمعروف».

وتابع سماحته: ويبقى بالنسبة إلى انطلاقتنا ومسيرتنا منذ البداية وإلى اليوم والى ما شاء الله يبقى ملهمنا الأكبر ‏وهادينا الأعظم وباعث النهضة وروح الثورة في هذه الأمة وفي هذا العصر سماحة الإمام السيد روح الله ‏الموسوي الخميني قدس سره الشريف الذي لا نستطيع أن نتحدث عن إنجاز مسيرتنا قبل ان نوجّه التحية ‏والسلام الى روحه العظيمة الطاهرة على ما أحيا وأرشد وألهم.

السيد نصر الله: المقاومة قادرة على صنع المعادلات وإلحاق الهزيمة بالعدو

ولفت الأمين العام لحزب الله أنَّه «منذ بداية التأسيس والانطلاقة المشاركة في مواجهة الاجتياح الإسرائيلي من خلال المجموعات التي شاركت في أكثر من منطقة وفي مقدمتهم الأخوة في "أمل" وفصائل المقاومة الفلسطينية والجيش العربي السوري، ولا ندعي نسبة كل هذه الإنجازات لنا وحدنا».

وشدَّد على أنَّ التحرير عام 2000 أنهى أسطورة الجيش الذي لا يقهر، وساهم في إيجاد بنية أمنية وعسكرية للمقاومة قادرة على صنع المعادلات، وأضاف: «نحن نؤكد أن حزب الله لم يصنع التحرير 2000 لوحده بل بالمساهمة مع غيره من القوى المقاومة».

وأكَّد السيد نصر الله أنَّ من نتائج الصمود الأسطوري عام 2006 إسقاط مشروع الشرق الأوسط الجديد، وفشل العدو في سحق المقاومة بل خرجت أقوى وأشد وأصلب، إضافةً إلى المساهمة في استنهاض الناس وإحياء الأمل بالنصر والقدرة على الحاق الهزيمة بالعدو.

السيد نصر الله: الحفاظ على المعادلة الذهبية وتحرير بقية الأرض اللبنانية المحتلة

وأشار سماحته إلى أنَّ المطلوب في المرحلة المقبلة الحفاظ على المقاومة وحضورها وجهوزيتها ولا يتصوَّرن أحد أن الحملات الدعائية والضوضاء والتوهين والإساءات والشتائم والشائعات يمكن أن تفُتَّ من عزيمة هذه المقاومة. وأضاف: «في المرحلة المقبلة المطلوب تطوير بنية وقدرات المقاومة والتأكيد على معادلة الجيش والشعب والمقاومة لأنها أثبتت جدواها، والعمل على تحرير بقية الأرض اللبنانية المحتلة».

وحول موضع ترسيم الحدود البحرية اللبنانية، قال سماحته: الاستحقاق الداهم موضوع النفط والغاز وترسيم الحدود البحرية لن أتكلم شيئا جديدا فكل ما يجب ان نقوله قلناه وكلنا منتظرون ومن انتظر اكثر من 10 سنين ينتظر أياما معدودة والتهديدات لا قيمة لها وقرارنا وتوجهنا واضح وننتظر الأيام القليلة المقبلة ليبني على الشيء مقتضاه.

 وتابع السيّد نصر الله: ما جرى في مثل هذه الأيام التحرير الثاني عندما قامت المقاومة وبمساندة أهل البقاع وبعلبك الهرمل وفي المرحلة الأخيرة من خلال المشاركة الهجومية المباشرة للجيش اللبناني في تحرير هذه الجبال والجرود مما أدى الى هذا الانتصار الذي قدمت فيه تضحيات جسام.

السيد نصر الله: فلسطين كانت قضيتنا طوال 40 عامًا

وعن القضية الفلسطينية، قال السيد نصر الله: «خلال 40 عاما كنا نؤمن بفلسطين والقضية الفلسطينية ونعلن التزامنا بها بكل الوسائل وسنستمر بهذا الالتزام القاطع والجازم والحاسم ونعتبر أن قضية فلسطين هي جزء من دين هذه الأمة وشرفها وعرضها وبالتالي لا مكان للتخلي ولا الحياد والتراجع، ولفت قائلاً: والأصل في استراتيجيتنا الرهان على ثورة ومقاومة الشعب الفلسطيني.

وتابع السيد نصر الله: «خلال 40 عاما تبنينا قضايا اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات ومتابعة حقوقهم وسنواصل الوقوف الدائم الى جانب إخواننا الفلسطينيين»، مؤكدًا أنَّ حزب الله واجه ورفض كل أشكال التطبيع ودعا كل أحرار العالم الى عدم التطبيع مع هذا الكيان العنصري الوحشي.

وأضاف السيّد نصر الله: «اليوم التحقت فتاة لبنانية شابة بزميلها شربل ابو ضاهر الفتاة نادية قاسم فواز من بلدة شحيم بطلة لبنان بالشطرنج في مهرجان أبو ظبي انسحبت في مقابل اللاعب الإسرائيلي هؤلاء الشباب نحن نفتخر بهم ونراهن عليهم كثيرًا»، مشيرًا إلى أنَّ كل الشعب اللبناني الذي يُجمِع على أن "إسرائيل" عـدو يجب أن يفتخر بشربل وناديا.

السيد نصر الله: ساهمنا بتشكيل محور المقاومة ونحن جزءٌ منه

السيد نصر الله أوضح أنَّ حزب الله ساهم الى جانب القيادة السورية والجيش السوري وبقية الأصدقاء والحلفاء في صنع الانتصار الكبير الذي تحقق وقدم الشـهداء والجرحى ويوما بعد يوم يزداد قناعة بصحة الخيار الذي اتخذه.

وأضاف: «وقفنا دائمًا إلى جانب سوريا ونؤكد على وحدة المسار والمصير وسنبقى نؤكد على ذلك لان سوريا أساس في جبهة المقـاومة وفي رفض الاستسلام، يوما بعد يوم نزداد قناعة بصحة خيارنا بالذهاب الى هناك واليوم غدا وفي أي وقت وإذا تعرضت فيه سوريا المقاوِمة الى أي موجة جديدة مشابهة لن نتردد في الحضور في ميادين المواجهة والتحدي»، وأكَّد أنَّ حزب الله سيبقى يعبر عن مواقفه وتضامه مع الشعوب العربية في المستقبل وهو جاهز لتحمل التبعات لأنَّ هذا موقف حق وتضامن يجب أن يعبر عنه.

كذلك، قال السيد نصر الله: «ساهمنا ضمن إمكاناتنا بمحاربة تنظيم "داعش" الإرهابي في العراق وإذا تعرض العراق لذلك مرة جديدة وطلب منا كما في السنوات الماضية لن نتردد في أن يذهب قادتنا وإخواننا ليقـاتلوا جنبًا الى حنبٍ مع إخواننا هناك».

ورأى أنَّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي القوة الإقليمية الكبرى التي يستند إليها جميع المقاومين والمظلومين في المنطقة.

وشدَّد على أنَّ حزب الله كان مساهمًا في تكوين وتشكيل محور المقاومة ونحن جزء منه وسنبقى جزءًا منه ونراهن عليه كمحور للقوة القادرة على مواجهة مشاريع الهيمنة والاحتلال والتسلط.

السيد نصر الله: جنَّبنا لبنان الانزلاق الى أيِّ حرب أهلية وفتنة مذهبية

وأكَّد الأمين العام لحزب الله أنَّه «خلال 40 عامًا في لبنان تجنبنا الانزلاق الى أي حرب أهلية أو فتنة مذهبية وهذا ما كان يحضر للبنان في 2005 لكن تعاونا مع القوى السياسية لمنع ذهاب لبنان الى حـرب وفتنة مذهبية وهذه كانت حيثية التحالف الرباعي».

وبيَّن أنَّه «لن ننجر ولن نذهب الى أي حرب أو فتنة مذهبية وهذا يحتاج الى حكمة وصبر وبصير وآخر مشهد كان مؤلمًا وخطيرًا جدًا هو مشهد الشهداء في الطيونة والذي وضع لبنان أمام حرب أهلية لولا أن أهل الشهداء وأحزاب الشهداء تحلوا بالصبر والبصيرة».

السيد نصر الله: نتطلع لدولة مستقلة لا تخضع للسفارة أميركية

وذكر أنَّه «قبل عام 2006 كانت لنا مواقف معروفة من السياسات الاقتصادية والمالية المتبعة وكنا غالبًا لا نعطي الثقة ولكن كنا دائمًا مستعدين للتعاون، وسنواصل الحضور في الحكومات مستقبلا لنفس الظروف والأسباب وللدفاع عن مصالح الناس ولأجل ما تبلور لدينا من رؤية سياسية للوضع الداخلي».

وشدَّد السيد نصر الله على أنَّه «منذ سنوات عديدة وخصوصًا في الوثيقة السياسية عام 2009 حسمنا رؤيتنا حول الخيارات: لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه وبناء الدولة العادلة والقادرة».

وأكَّد أنَّ حزب الله يؤمن بقوة بمبدأ الشراكة الوطنية الحقيقية بين مختلف المكونات بعيدًا عن الاستئصال والإلغاء ونتطلع الى دولة سيدة مستقلة حقيقية وفي قراراتها لا تخضع لا لسفارة أميركية ولا لأي هيمنة خارجية، مشيرًا إلى أنَّه «يبدو أن مستوى تدخل السفارة الأميركية في تفاصيل في الوزارات اللبنانية أكثر من أي وقت مضى ويُلتزَم ويُخضَ».

السيد نصر الله: خدمة الناس عندنا من أعظم العبادات

الأمين العام لحزب الله لفت إلى أنَّ الحزب سيكمل في خدمة الناس في كل الأطر والمؤسسات والمناطق رغم الحصار والعقوبات والضغوط والتهديد، وسيعزز مؤسساته فخدمة الناس عنده أساس وأصل ومن أعظم العبادات.

وأضاف: «نحن الآن في قلب المخاطرة وهذا يعبر عن مدى التزامنا في هذه المساهمة لإنقاذ الوضع المعيشي والاقتصادي للبنانيين».

السيد نصر الله: نراهن على الجيل الجديد لإكمال الطريق

وشكر سماحته «الأخوة في سوريا خلال 40 عاما وقفوا الى جانبنا وفتحوا لنا الأبواب وأمّنوا لنا الحماية السياسية والدبلوماسية والأمنية وهذا يجب أن تشكر عليه سوريا وقيادته»، كما شكر الجمهورية الإسلامية في إيران، ووجَّه شكرًا خاصًا لـ«آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي وكل المسؤولين في الجمهورية والحكومات المتعاقبة والأخوة الأعزاء في حرس الثورة الإسلامية الذي جاؤوا في الأيام الأولى في معسـكرات التدريب وقدموا في معسكراتنا شـهداء وشاهد جهادهم ونضالهم معنا هو الشـهيد الكبير الحاج قاسم».

وشكر السيد نصر الله «لشهدائنا وقادتنا الشهداء وعوائل شهدائنا لجرحانا وأسرانا وللمجاهدين المقاومين وأجيال المقاومين الذين لم يخلوا الساحات كل الشكر والتحية الاعتزاز».

وتوجَّه للجيل الجديد قائلًا: «نحن نراهن عليكم وأنتم الشباب والشابات وتحملون الراية وتكملون الطريق وتحققون آمال الشهداء، وندعوكم الى الجدية في الحياة والأخلاق والالتزام والتقوى وبر الوالدين وحسن الأمانة وحسن العشرة والعلم والاختصاص لأنه على أكتافكم يحفظ التحرير ويبنى الوطن».

وختم السيد نصر الله قائلًا: «ختاماً يجب أن أتوجه باسمكم جميعا الى قائدنا ومرجعنا وإمامنا وداعم وراعي مسيرتنا منذ اليوم الأول ‏حتى ‏في حياة الإمام الخميني رضوان الله تعالى عليه كان سماحة الإمام الخامنئي دام ظله هو الذي يباشر ‏هذه ‏الرعاية وهذا الاهتمام وهذا الدعم وعلى مدى أربعين عاما في حياة الإمام وبعد ذلك بعد رحيل ‏الإمام من ‏موقع القيادة والولاية، كان دائما الأب الحنون والقائد الكبير والحكيم والشجاع والملهم والمرشد ‏والذي لم ‏يتركنا في لحظة من اللحظات طبعا فضله على المقاومة في لبنان وفي المنطقة وعلى محور ‏المقاومة قد ‏لا تتاح الفرصة في الدنيا في هذا العالم لكي يعرفه الناس، ولكن يوم تبلى السرائر وتنكشف ‏الحقائق سوف ‏يكتشف الشعب اللبناني وشعوب المنطقة وعالمنا العربي والإسلامي عظمة وقيمة ما قدمه ‏هذا الإمام القائد ‏وما يقدمه لشعوبنا ولقضيتنا المقدسة، نسأل الله سبحانه وتعالى له طول العمر والبقاء إن ‏شاء الله والعزّة ‏ومزيد من القوة والشهامة والشجاعة.

وفي بداية حديثه، شكر السيّد نصر الله «الأخوة والأخوات القائمين على احتفالية أبجدية النصر، هذا العمل الفني وهي مبادرة وخطوة جيدة نشجعهم عليها والحمد الله رغم التأخير كانوا موفقين»، وتابع «أشكر جميع الأخوة والأخوات الذين جهدوا على مدى شهرين في تقديم صورة واقعية ومشرقة وغير مبالغ فيها عن عطاءات وجهود وتضحيات كل العاملين والعاملات والمجـاهدين والمجـاهدات في هذه المسيرة المباركة»، وأضاف «على مدى شهرين الأخوة والأخوات في كل مؤسسات حزب الله عملوا على شرح الجوانب المتعددة من تاريخ هذه المسيرة خلال 40 عاما من عطاءاتها في المجالات المختلفة»، وقال «نعتذر عن التأخير الذي حصل في بداية الاحتفال ونشكر صبركم ونشكر الأخوة الذين عملوا في هذه الاحتفالية».