حضرَ قائد الثورة الإسلامية، الإمام الخامنئي، مراسمَ التخريج المشترك لطلاب جامعات الضباط في القوات المسلحة. في بداية حديثه، قال في إشارة إلى الأحداث الأخيرة في البلاد: «جرى ظلم الشرطة في البلاد والتعبئة والشعب الإيراني أكثر من الجميع... طبعاً الشعب الايراني ظهر قوياً في هذه الحادثة على نحو تام كما في الحوادث الأخرى، وسيكون على هذا النحو في المستقبل أيضاً».
وأوضح الإمام الخامنئي أن الشعب الإيراني شعبٌ مظلوم وقوي في الوقت عينه، مضيفاً: «في هذه الحادثة، توفّيت فتاة شابة، واحترق قلبي أيضاً، لكن رد الفعل على هذه الحادثة، دون تحقيق ودون أي أمر محتوم، بأن يقوم بعض الأشخاص فيجعلون الشوارع غير آمنة، ويحرقون القرآن، وينزعون الحجاب عن امرأة محجبة، ويضرمون النار بالمسجد وسيارات الناس، كله ليس رد فعل عادياً وطبيعياً».
وأكد سماحته أن أعمال الشغب الأخيرة كانت مخططة، وقال: «حتى لو لم تكن قضية هذه الفتاة الشابة موجودة أيضاً، لكانوا أوجدوا ذريعة أخرى من أجل زعزعة الأمن وإثارة الشغب في البلاد في بداية شهر مهر (أواخر أيلول) هذا العام».
وأشار قائد الثورة الإسلامية إلى الدور الذي لعبه الأجانب في الأحداث الأخيرة في البلاد، مستدركاً: «أقول بصراحة إن أعمال الشغب وزعزعة الأمن هذه من تخطيط أمريكا والنظام الصهيوني الغاصب والزائف ومرتزقتهم، وقد ساعدهم بعض الخونة من الإيرانيين في الخارج».
وأشار سماحته إلى المعايير المزدوجة لأمريكا والغرب في ما يتعلق بأحداث الشغب الأخيرة، مؤكداً: «تحدث أعمال شغب كثيرة حول العالم... في أوروبا وفرنسا وباريس تحديداً، تندلع أعمال شغب كبيرة كلّ مدة، لكن هل حدث حتى الآن أنْ دعم الرّئيس الأمريكي مثيري الشغب وأصدر بياناً؟ هل سبق أن أصدر بياناً وقال فيه إننا بجانبكم؟ هل حدث أن دعمت وسائل الإعلام التابعة للرأسمالية الأمريكية وعملاؤهم، مثل بعض الحكومات في المنطقة بما في ذلك الحكومة السعودية، مثيري الشغب؟ هل سبق أن أعلن الأمريكيون توفير بعض الأجهزة أو برامج الإنترنت لمثيري الشغب حتى يتمكنوا من التواصل بسهولة؟ لكن مثل هذا الدعم حدث مرات عدة في إيران».
وتابع الإمام الخامنئي قائلاً: «تعبير الأمريكيين عن أسفهم لوفاة فتاة هو كذب، وعلى عكس الظاهر هم سعيدون بالحصول على هذه الذريعة لاختلاق الأحداث».
في جزء آخر من خطابه، طرح سماحته هذا السؤال: «ما الدافع لدى الحكومات الأجنبية لإثارة الشغب وزعزعة الأمن في البلاد؟»، وقال: «هم يشعرون أن البلاد في حالة تقدّم نحو القدرة الشاملة ولا يمكنهم تحمّل هذا الأمر». كما أكد أن الحكومات الأجنبية خططت لإشغال المسؤولين في قضايا جديدة في الشمال الغربي والجنوب الشرقي من البلاد، وقال: «العدو مخطئ في حساباته حول الشمال الغربي والجنوب الشرقي للبلاد. لقد عشتُ بين القوم البلوشيين، وهم يُكنون وفاء عميقاً للجمهورية الإسلامية... كما أن الكرد من أكثر الأقوام الإيرانية تقدماً وهم محبون للوطن والإسلام والنظام... لذا إن خطتهم لن تنجح».
ضمن تأكيد قائد الثورة الإسلاميّة أن أمريكا ليست ضد الجمهورية الإسلامية فقط، بل ضد إيران القوية والمستقلة، قال: «إنهم يريدون إيران كما في عهد بهلوي، التي كانت مطيعة لأوامرهم مثل بقرة حلوب».
وتابع سماحته في هذا الصدد: «النزاع ليس حول وفاة فتاة شابة، أو الرأس بحجاب تام أو رديء... النزاع والمسألة هما حول استقلال إيران الإسلامية وصمودها وتقويتها واقتدراها».
كذلك، ذكر الإمام الخامنئي بعض النقاط بخصوص منفذي أعمال الشغب الأخيرة في البلاد، قائلاً: «هؤلاء الأشخاص الذين يرتكبون الفساد والتخريب في الشوارع ليس حكمهم واحد، فهناك بعض الشباب والناشئين الذين نزلوا إلى الشارع بسبب الحماسة الناجمة عن مشاهدة برنامج على الإنترنت... تمكن توعية مثل هؤلاء الأشخاص بأنهم يخطئون وذلك بتنبيه ما، وبالطبع بعض هؤلاء الذين يخرجون إلى الشوارع هم من فلول العناصر المتضررة من الجمهورية الإسلامية، وعلى السلطة القضائية تحديد العقوبة ومحاكمتهم بما يتناسب مع مشاركتهم في التخريب والإضرار بأمن الشوارع».
قضية أخرى ذكرها سماحته في حديثه هي انعدام الأمن في الدول الكبرى، بما في ذلك أمريكا، وقال في هذا الصدد: «يوجد انعدام للأمن في الدول الكبرى، والأسوأ منه كله في أمريكا، ونرى دائماً الهجمات على المدارس والمتاجر والمطاعم».
قائد الثورة الإسلاميّة رأى أن «الأمن الداخلي» امتياز كبير للبلاد، وقال: «أمننا داخلي بالكامل ودون الاعتماد على الآخرين، وهذا الأمن يختلف تماماً عن الذي يؤمّنه الآخرون من الخارج فينظرون إلى ذلك البلد نظرة استفادة من بقرة حلوب».
ولفت سماحته إلى أنّ أمن جمهورية إيران الإسلامية هو نتيجة الاعتماد على القدرة الإلهية، ومساندة ولي العصر (عج)، وفكر وصمود الشعب والقوات المسلحة في إيران. وأضاف: «مَن يعتمد على الأجنبي، فسوف تتركه هذه القوة الأجنبية نفسها وحيداً في اليوم الحرج، لأنها لا تريد ولا تستطيع أن تحرسه وتصونه».
في جزء آخر من خطابه، رأى الإمام الخامنئي أنّ التحاق آلاف من الشباب الجامعیین المفعمین بالنشاط والدافع بالقوات المسلحة كل عام هو «قوة وبشارة عظيمتان، ويحمل رسالة تجديد وصلابة للبلاد». وأضاف: «حضور الشباب الإيرانيين في مختلف المجالات العلمية والاقتصادية والسياسية والعسكرية للبلاد أمر يبعث على الأمل حقاً».
تجدر الإشارة إلى أنّه قبل بدء كلمة قائد الثورة الإسلامية، ألقى رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة، اللواء باقري، كلمة تحدث فيها عن الأحداث الأخيرة في البلاد، موضحاً: «تحركات بعض الأشخاص الغافلين أو العملاء في زعزعة الاستقرار لن تُحدث تردداً في الحركة المليئة بالمفخرة للشعب الإيراني الشامخ في جبهة الحقّ... ستؤدي القوات المسلحة إلى جانب الناس دوراً بارزاً وذلك بالوحدة والانسجام في تنفيذ أمر التقدّم وإستراتيجية المقاومة الفعّالة».