أكد الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله أن قوة لبنان تكمن في نقاط القوة التي يملكها وفي معادلة الجيش والشعب والمقاومة، وأضاف: يتوجب على شعوب وحكومات المنطقة، وبدل أن ننتظر ونربط مصيرنا بالجمهوري والديمقراطي في أمريكا، يجب أن نعود ونراهن على أنفسنا ووحدتنا والحوار فيما بيننا وتعزيز عناصر قوتنا الوطنية والقومية على أن نتكئ على الله وأنفسنا وأصدقائنا المخلصين.

وقال السيد نصر الله في كلمة له الجمعة 11/11/2022 خلال الاحتفال الذي أقامه حزب الله بمناسبة يوم شهيد حزب الله: إن الله تعالى هو الذي يهبنا الأنفس ويعطينا المال ثمّ يقول لنا بيعوني هذه الأنفس ولكم في مقابل ذلك الجنة. وأشار سماحته إلى أننا في يوم 11-11 من كل عام نلتقي وإياكم في يوم الشهيد، وفي مثل هذا اليوم اقتحم أمير الاستشهاديين احمد قصير مبنى الحاكم العسكري الإسرائيلي في صور مما أدى الى مقتل ما يزيد عن مئة عسكري وضابط إسرائيلي في دقيقة واحدة»، وتابع «هذه العملية هزت كيان العدو وفتحت عصر هذا النوع من العمليات الاستشهادية بمواجهة الاحتلال الإسرائيلي في لبنان»، وأضاف: هذه العمليّة أسّست لمقاومة المحتل بعد انسحابه من بيروت ومن غالبية المناطق وصولا للشريط المحتل، هذه العملية كانت مفاجأة عظيمة للعدو الإسرائيلي.

11-11 يوم لكل الشهداء

وأضاف «هذه المناسبة العظيمة اتخذها حزب الله يومًا للشهيد، وهو يوم لكل الشهداء، ونحن نعتبر جميع الشهداء في محور المقاومة في العراق واليمن وسوريا شهدائنا»، وقال «اليوم نحتفي بيوم شهدائنا بعد أربعين عامًا وبعض إخواننا وأخواتنا توفاهم الله وكانوا قد أعطوا كل عمرهم لمسيرة المقاومة، وكان بينهم علماء وقادة ومضحون ومضحيات ولطالما حضروا في كل الميادين والجبهات».

وتابع سماحته «في يوم الشهيد وفي الأربعين ربيعًا وهذه المسيرة لم تتوقف عن تقديم الشهداء الذين هم غالبيتهم شهداء، ونحن نعتقد أن الفضل في وجود هؤلاء الـشـهداء بعد الله يعود إلى الأمهات والآباء وإلى العائلات التي ربّت أبناءها وبناتها على هذه الثقافة وهذا الطريق وهذه الأهداف وهذه الروحية».

وأردف السيّد نصر الله قائلاً: «نحن في مسيرتنا نعتقد بأهمية أن الآباء والأمهات شجعوا أبناءهم وبناتهم على الالتحاق بهذا الطريق وشجعوا أبناءهم على الذهاب إلى الجبهات، وهذا له قيمة أخلاقية وشرعية خاصة.. هذه العائلات الشريفة عندما استشهد عزيزها صبرت واحتسبته عند الله واعتزت به ورفعت رأسها به وحفظت أمانته، وهذا العبء حملوه وصبروا واحتسبوا وثبتوا وحفظوا وصايا الشهداء وأمانتهم ولذلك نجد أن أبناء بل أحفاد هؤلاء الشهداء هم الآن رجال ومقاومون وكوادر وقادة في المقاومة، وهذا أعلى تعبير عن حفظ الأمانة والوصية».

الأمين العام لحزب الله أضاف «نحن نعلم أهمية وقيمة هؤلاء الشهداء وقيمة دمائهم وتضحياتهم، كل شهيد له مرحلتان، الأولى هي جهاده عندما انتمى إلى المقاومة وأعطاها شبابه ودمه ووقته وجهده، والثانية هي مرحلة الاستشهاد والخاتمة الحسنة»، معتبرًا أن «هذا العلم بقيمة الشهداء يظهر عندما ننسب إليهم ما نحن فيه من قوة وانتصارات ومنعة وعزة وكرامة، وهذه المعرفة مهمة لأن الجحود والإنكار والتغاضي والتجاهل له آثار اجتماعية ونفسية وسياسية وأمنية خطيرة».

السيد نصر الله حذّر من أنه «عندما نتجاهل عنصر القوة سنصبح ضعفاء، وعندما نعرف هذه القيمة نشكرها وشكرها يكون في حفظها»، مردفًا «شهداؤنا كلهم معروفون ومعلنون، ولكن بعضهم ما زالوا مفقودي الأثر ومفقودي الأجساد، وبعضهم ما زال في يد العدو وهو يتنكر لوجودهم وبعضهم ما زال في بعض ساحات القتال في سوريا، ولدينا أخوة مفقودون لعلهم شهداء ولعلهم أحياء».

العدو يراهن على الجيل الثالث

وفي جانب آخر من حديثه، لفت السيّد نصر الله إلى أنّ العدو «يراهن على الجيل الثالث، فهم يعملون على استهدافه وهذا ما يحصل في مجتمعاتنا العربية والإسلامية عبر نشر ثقافة التفاهة والتفكك الأخلاقي والأسري والمثلية التي تعمل الولايات المتحدة على إدخالها في المناهج»، وتابع «عندما يحصل اجتياح كما حصل في الـ82 يكون الجيل الأول من المقاومة ذا بصيرة عالية رغم الإمكانات القليلة والجيل الثاني يحمل من حماسة الجيل الأول ولكن لا يضاهيه بسبب انخفاض مستوى التحدي» وتابع قائلًا «هم دائمًا يعملون على الجيل الثالث، ما يجري في مجتمعاتنا في العالم العربي والإسلامي من مخططات لإفساد الشباب والشابات عبر ثقافة التفاهة والميوعة وترويج الانفلات الأخلاقي والتحلل الأخلاقي والاجتماعي والتفكك الأسري والمثلية وترويج المخدرات».

ونوّه إلى أنه «في معركة الجيل الثالث يجب أن نتحمل المسؤولية، وحتى الآن هم خسروا في معركة الجيل الثالث عندنا والدليل مسيرتنا وشهدائنا، وفي السنوات الـ10 الماضية قضى من إخواننا الكثير وكلهم شباب ومن أبناء وأحفاد شهداء الجيل الأول، وهذه علامة ممتازة أننا لم نفقد شبابنا وأحفادنا وأنهم ما زالوا يرفعون هذه الراية ويتنافسون. صدقوني خلال بعض الجبهات في السنوات الماضية كانوا يتنافسون على الذهاب الى الجبهات». وأضاف: «في فلسطين أيضًا العدو اليوم تفاجأ، أمثال الشهيد عدي التميمي وكل يوم هناك أسماء يمكن وضعها، منيرة مشرقة إلى جانب اسم عدي التميمي، يعترف العدو أنه فوجئ بهم».

لا يمكن الوثوق إلاّ بعنصر قوة المقاومة

وعن نتائج الانتخابات في كيان العدو، قال السيد نصر الله «بالنسبة إلينا لا فرق من يفوز في الانتخابات الإسرائيلية، فكله أسوأ من بعض فجميعها حكومات ظالمة وقاسية»، وتابع «هذه الانتخابات لها تداعياتها وتأثيراتها في داخل الكيان لأنها قد تنعكس على مستوى التصعيد والمواجهة في فلسطين المحتلة وهذا ما قد يعجل في زواله»، وأضاف «بالنسبة في لبنان المعارك كانت في زمن من يسمونهم بالمعتدلين في الكيان الصهيوني وهم حزب العمل»، وأكد أن «لبنان يحميه الله ومعادلة القوة وهي الجيش والشعب والمقاومة والأمر لا يتغير بالنسبة إلينا بعد الانتخابات الإسرائيلية فقوتنا موجودة».

وشدد السيد نصر الله على أنه «بخصوص تعيين الحدود البحرية من يراهن على الضمانة الأمريكية فليسأل الفلسطينيين الذين راهنوا على الضمانات الأمريكية في اتفاقياتهم ولكن بالنسبة لنا النتيجة التي أوصلت للاتفاق ستبقى قائمة وموجودة»، وذكّر أن «الأهداف والثوابت لكل الإدارات الأمريكية واحدة ومشتركة وتختلف فقط في التكتيك والطريقة»، ولفت الى أنه «أول من يتحمل مسؤولية بقاء الكيان الصهيوني في منطقتنا هي الإدارات المتعاقبة في الولايات المتحدة»، واعتبر أن «كل ما يقوم به كيان العدو من اعتداءات على الفلسطينيين تتحمل مسؤوليته الولايات المتحدة الأمريكية».

الانتخابات الأمريكية لا تغيّر شيء... واشنطن أساس «اللعنة والطاعون»

وتعليقاً على الانتخابات الأمريكية، اعتبر السيد نصر الله أنّ نتائج الانتخابات الأمريكية لا تغير شيئاً لأنّ الولايات المتحدة بجمهورييها وديمقراطييها ذات وجه واحد. 

ورداً على تصريحات مسؤولة أمريكية تحدثت عن «سيناريوهات كارثية يمكن أن تؤدي إلى الخلاص من حزب الله، واصفةً إيّاه «بالطاعون أو اللعنة»، شدّد السيد نصر الله على أنّ «حزب الله هو الذي أزال لعنة الولايات المتحدة من لبنان وقتل هذا الطاعون».

وأضاف أنّ «الولايات المتحدة هي أساس اللعنة والطاعون والوباء، وهي التي تتسلل من جديد إلى كل مكان، وترتكب فيه المجازر بعدما واجهت شعوبنا لعنتها وطاعونه». 

وأشار إلى أنّ «الولايات المتحدة هي التي أتت بالطاعون الإرهابي التكفيري إلى لبنان، وحزب الله واجهه وأزاله»، مضيفاً أنّ «الولايات المتحدة هي التي أرادت الفوضى في لبنان عام 2019 من خلال دعم التظاهرات بعدما فشلت مخططاتها»، وتابع: «الولايات المتحدة هي التي رعت فوضى تشرين عام 2019 وزرعت لعنتها التي تصدى لها حزب الله والشرفاء»، كما لفت إلى أنّ «الحصار الأميركي ما زال مستمراً على لبنان من خلال منع أي استثمارات أو مساعدات اقتصادية للبلد، وهذا بحد ذاته لعنة وطاعون».

وبيّن السيد نصر الله أنّ «الولايات المتحدة تمنع أي دولة من مساعدة لبنان»، مضيفاً أنّه «إذا أرادت دولة ما مساعدة لبنان والخروج عن الحصار الأمريكي، فإنّ الولايات المتحدة تقوم بمنع الحكومة اللبنانية من قبول تلك المساعدة». 

وبشأن الأحداث الأخيرة في إيران، أكّد السيد نصر الله أنّ «إيران انتصرت على المؤامرة الفتنوية الأمريكية الإسرائيلية الغربية بشكل حاسم». 

رئيسًا للجمهورية لا يطعن المقاومة في ظهرها

وحول انتخابات رئاسة الجمهورية، لفت سماحته إلى أن هذا ملف مهم جدًا ننظر إليه بأهمية بالغة، والفراغ في الرئاسة ليس هدف أحد، وأضاف: «المقاومة كجزء كبير من الشعب اللبناني تريد رئيسا للجمهورية في بعبدا مطمئنا للمقاومة وتريده شجاعا يبدي مصلحة لبنان على مصلحته الشخصية ولا يخاف ولا يباع ولا يُشترى»، وتابع: «المقاومة التي صنعت التحرير عام 2000 والتي قاتلت بالسياسة والعسكر في الـ2006 كانت مطمئنة في ظهرها لأن الرئيس إميل لحود لن يطعنها أو يتركها»، وأضاف: «الرئيس العماد ميشال عون سواء أحببته أم لا على مدى 6 سنوات كانت هذه المقاومة التي سطرت معادلات الردع ودافعت عن لبنان وكانت عاملا حاسما في إنجاز الحدود البحرية كانت آمنة الظهر لأنه كان في بعبدا رجل شجاع لا يُباع أو يُشترى ولا يخاف».

وأوضح الأمين العام لحزب الله: «لا نريد رئيسا يغطي المقاومة أو يحميها المقاومة في لبنان ليست بحاجة لغطاء أو حماية وما نريده رئيسًا لا يطعنها في ظهرها ولا يبيعها وهذا من الحد الأدنى لمواصفات رئيس الجمهورية».