الأربعا 2023/1/4، صبيحة يوم غائم في الشتاء؛

مع أنّني لم أنم أكثر من ساعتين أو ثلاث، تناولت طعام الفطور الذي كان حبّة من الشوكولا وخرجت من المنزل. كانت الطرقات مكتظّة لكنّي لم أتأخّر. وصلت على الموعد إلى المكان المتّفق عليه، وحصلت على بطاقة الدخول الخاصّة بي واتّجهت نحو حواجز التفتيش خارج الحسينيّة. أمضيت الانتظار في الصفّ الطويل خلف الحاجز بالضحك والمزاح مع السيّدات هناك، سيدات لم أرهنّ من قبل. أخيراً دخلنا إلى الحسينيّة. كان الأطفال يتحرّكون بحريّة ويركضون على البُسط الزرق القديمة داخل الحسينيّة، وأرجاء الأخيرة تعجّ بأصوات ضحكاتهم البريئة والطفوليّة. الأعمدة التي نُقشت عليها ورودٌ زاهية جعلت الأجواء أكثر أنوثة وزادت رقّة القلوب، فقد كانت بارزة جدّاً وتشدّ أنظار كلّ من تدخل وترسم ابتسامة على شفتيها؛ إنّه لقاء نسائي بالكامل! انشغلت بالحديث مع القريبات منّي وكنّ من الفئات كلّها: طالبات في الحوزات والجامعات وطبيبات ومؤلّفات وكاتبات ومهندسات وأمّهات جئن مع أبنائهنّ. أنا أيضاً طالبة جامعيّة منشغلة بالدراسة والبحث في شؤون المنطقة، وقد جلست آخر الحسينيّة وأسندت ظهري إلى الحائط.

 

ليت أخواتي العرب كنّ معي!

 

نظرت إلى الأمام فلفتتني قدما طفل صغير لعلّهما أصغر من كفّ يدي، وقد خرجتا من جانب أحد الكراسي. بعد ثوانٍ، أطلّت عليّ من بين الكراسي عينا طفلة مليئتان بعلامات المشاغبة الطفوليّة. التقت عيناي بعينيها، وصفنت بي لحظات ثمّ ضحكت بدهاء، وضحكتُ أيضاً! تمتمتُ قائلة: معك حق... هو بيت الأب والمشاغبات الطفوليّة التي تعمّ أرجاءه!

 

ليت أخواتي العرب كنّ معي!

 

كنّ قد جئن من مختلف الأماكن في إيران: همدان وكيلان وخوزستان وسيستان وبلوشستان. كانت إحدى السيّدات الجيلاكيّات تقول: تحرّكنا من مدينتي فأخذني النعاس ولم ألتفت إلى القيادة السريعة لسائق الحافلة. حين استيقظت رأيت أنّ الساعة تشير إلى الثالثة صباحاً وقد وصلت منذ الآن إلى حواجز التفتيش عند بيت القائد، واللقاء سيبدأ عند الثامنة صباحاً! سألناها: ماذا فعلت هذا الوقت كلّه! ضحكت وقالت: الحرّاس أشفقوا عليّ وأرسلوني إلى غرفة الأخوات في قسم الحماية.

في الواقع، كنت مستحضرة باستمرار أخواتي العربيّات، فأنا أعلم أنهنّ بالآلاف، وأنّ قلوبهنّ تخفق للحضور في هذا المكان وهذا المبنى الذي أتنفّس الآن تحت سقفه. أخواتي من جغرافيا المقاومة: سوريا والعراق واليمن والسعوديّة ولبنان... ولو كان الأمر في يدي، لرغبت أن تتّسع جدران الحسينيّة ليتمكّنّ جميعهنّ من الحضور تحت سقفها.

أمامي، على الحائط الذي تقع أسفله المنصّة التي يدخل الإمام الخامنئي ويقف عليها، يتوسّط تلك الورود الورديّة نفسها حديث عن الإمام الصادق (ع): «أكثرُ الخير في النّساء». كنت أشعر بالفرحة تجتاحني كلّما وقعت عيناي على هذا الحديث، ويلفتني اختلاف الرؤية لدى سماحة القائد إلى المرأة عن بعض أصحاب الفهم التقليدي للدين، الذين لا ينفكّون عن تكرار عبارات من قبيل: النساء مكرهنّ عظيم، والنساء ناقصات عقل! وقفت على قدميّ وتفحّصت الحسينيّة من زاوية أعلى. كم كنت متلهّفة إلى ما سأسمعه اليوم من سماحة القائد خاصّة في ظروف نشبت خلالها فتنة جديدة أطلقها معسكر الشيطان لتستهدف معسكر الحق بذريعة «المرأة» والقضايا ذات الصّلة كالحجاب، التي كنت أقرؤها في أخبار الدول العربيّة أيضاً، إذ إنّ هناك من يحاولون مع التذرّع بهذه الأحداث تشويه صورة النظام الإسلاميّ.

كانت هذه الأفكار تتجاذبني حين شعرت فجأة بشيء يصعق وجودي... وقعت عيناي على تلك النقطة في الحسينيّة التي دوماً جلس فيها قائدنا الشهيد وناصر المستضعفين كلّهم حول العالم، الحاج قاسم سليماني... تذكّرت أنّه دوماً تنفّس تحت هذا السقف قبل ذاك اليوم المشؤوم في مطار بغداد، الذي نعيش اليوم ذكراه السنويّة الثالثة، أي لعلّ عطر أنفاسه لا يزال حاضراً في هذه الأجواء. لا بدّ أن أقرّ بأنّني بعد أيّام من الحيرة والتيه نتيجة غياب الحاج قاسم أشعر الآن بسكينة غريبة لحضوري في هذا اللقاء. جلست مرّة أخرى وأسندت رأسي إلى الحائط ثمّ أغمضت عينيّ. كان قلبي يزداد سكينة مع انقضاء كل لحظة، لكن حين تذكّرت سهر رفيق دربي وزوجي الليالي وبذله كلّ ما لديه من أجل سيّد شهداء مقاومتنا، غمرت قلبي حسرة، وحدّثت نفسي: ليت الإخوة كان مسموحاً لهم باللقاء، لعلّ قلبه المتلوّع والمثخن بالجراح يهدأ قليلاً، فأنا لم أعتد أن أشعر وحدي بهذه السكينة.

علت أصوات الهمهمات، وحين فتحت عيناي، رأيت السيّدات في الصّفوف الأولى وما خلفها ينهضن ويقفن. عرفتُ فوراً معنى ذلك، فنهضت من مكاني سريعاً كي أتأمّل محيّا قائدنا وحامل راية مسيرتنا. لم أحاول التقدّم إلى الأمام، ورغبتُ لو تستطيع الأمّهات حمل أبنائهنّ الرضّع بسهولة أكبر ويهتفن معاً: «لبّيك يا خامنئي» كي تُنقش هذه الذكرى الحُلوة من اللقاء في أذهان جنود المستقبل لهذه النهضة حتى الأبد وتنير دروبهم وتشدّ على قلوبهم. أطلّ الإمام الخامنئي، وكما جرت العادة، ردّ سلام الحضور بتلويحات من يده. كانت الحاضرات كلّهن يهتفن ويطلقن الشعارات بأصواتهنّ الهدّارة. أشار سماحة القائد إلى الحضور أن تفضّلن بالجلوس. هدأ الحضور رويداً رويداً وعمّ الصّمت أرجاء الحسينيّة. عملت بما عاهدني زوجي عليه، فقرأت سورة «التوحيد» وآية «الكرسي» أربع مرّات بنيّة حفظه وسلامته وعزّته وكفّ الأعين كلّها التي تتربّص به سوءاً عنه. اعتلت مقدِّمة الحفل المنصّة. كانت من الأمّهات الشاعرات والباحثات. طلبتْ من الإمام الخامنئي أن يتكرّر هذا اللقاء مع السيّدات سنوياً في حال كون ذلك ممكناً. وقرأتْ شعراً جميلاً أنشدت أبياته وقدّمته إلى الحاج قاسم. ارتسمت ابتسامة على شفتيّ. ثمّ جاءت فرقة من الفتيات الصغيرات أيضاً وألقين نشيداً. كان نص النشيد وموسيقاه منسجمين وجميلين لدرجة أن الأطفال الصّغار أيضاً كفّوا عن اللعب وراحوا يتفرّجون على فرقة الإنشاد ثمّ دعت مقدّمة الحفل الضيوف واحدة تلو أخرى ليرتقين المنبر ويطرحن ما لديهنّ من هواجس وكلام.

 

 

بدءاً من ربّة المنزل وصولاً إلى رئيسة المستشفى المتخصّص في شؤون النساء والسيّدة المخرجة والقاضية التي طردوها في إحدى المحاكم الألمانيّة... إحداهنّ تحدّثت عن وجوب إعادة الإنتاج لنماذج إستراتيجيّة من أجل إزالة العوائق أمام لعب النساء أدواراً اجتماعيّة، وأخرى اشتكت من المسلكيّات المخطئة التي تجعل القيمة العُليا لربّة المنزل مُغفلة. كذلك، طالبت الطبيبة النسائية المتخصّصة بطرح آلية لزيادة المستشفيات المتخصّصة في شؤون النساء وتحسين الأوضاع الصحيّة لهذه الفئة من المجتمع. بدا أنّ مجموع النقاط المطروحة كانت نقاطاً شاملة وغالبيتها تندرج ضمن المطالب في مجال المرأة. كان سماحة القائد يُنصت بدقّة. كنت آخر الحسينيّة ولم أكن قادرة على الرؤية بوضوح لكنّني كنت متأكّدة أنّ سماحته – كما جرت عادته – يدوّن أهمّ النقاط التي تطرحها المتكلّمات على المنبر. بعد اللقاء لاحظت أنّ الأمر كذلك حين كنت أتصفّح الصور.

ألقت سبع سيّدات كلماتهنّ. بعد ذلك بدأ الإمام الخامنئي كلمته وعبّر عن استمتاعه بما سمعه من الكلام العميق الذي ألقته هؤلاء السيّدات العالمات والواعيات. ثمّ وجّه سماحته كلامه إلى اللواتي ألقين كلماتهنّ طالباً منهنّ أن يسلّمن نصوص كلماتهنّ حتّى تجري دراسة مطالبهنّ في المراكز المتخصّصة وتُنفّذ عند الحاجة.

تريّث سماحة القائد لحظات قليلة. كانت الأفكار والتوقّعات تتجاذبني وأفكّر في ما سيقوله سماحته اليوم. لا شكّ في أنّ الإمام الخامنئي سيتّخذ موقفاً دفاعيّاً ويقول إنّ الجمهوريّة الإسلاميّة ليست كما أظهر العدوّ خلال الأحداث الأخيرة وأمثال هذا الكلام. لكن لعلّه كان مقرّراً أن أُذهَلَ كما جرت العادة من كياسة سماحته! فجأة قال سماحته دون مقدّمات: «إنّ موقفنا في قضية المرأة تجاه المدعين الغربيين المنافقين هو موقف مساءلة وليس موقف دفاع. ذات مرة، ومنذ سنوات، حين سألني الطلاب في الجامعة: ما دفاعك في القضية الفلانية؟ قلت: ليس لدي دفاع، بل لدي هجوم. في قضية المرأة الأمر كذلك. العالم مقصّر، وحينما أقول "العالم" أي هذا العالم الغربي والفلسفة والثقافة الغربية. حتى إنني أتمنى أنكن كرّرتن هذه الأمور التي نطرحها حول قضيّة المرأة وموضوعها - بحمد الله، أراكنّ ضليعات في هذه القضايا، فهؤلاء النساء اللواتي تحدثن هن متمكّنات بالكامل – ولو أن أمثالكنّ كرّرن وبيّنَ هذه الأمور، فمن المؤمل أن تتمكنّ حقاً من التأثير في الرأي العام للغربيين، لأن نساءهن يعانين حقاً».

صُعقت!

ثمّ واصل سماحته كلامه: «بخصوص نظرة الإسلام، يمكن القول إنّه من حيث التقييم إنها إنسانية وإسلامية. الإسلام يتحدّث عن "الإنسان" ولا اختلاف أبداً بين الرجل والمرأة، ولا خصوصية [لذلك]، والمساواة بين الرجل والمرأة في مجال القيم الإنسانية والإسلامية هي من مسلّمات الإسلام. ليس هناك أدنى شك في هذا الموضوع. في آيات القرآن والآيات نفسها التي تُليت هنا، تكملة هذه الآيات على النحو التالي: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ} (الأحزاب، 35). يذكر عشر خصوصيات للمرأة والرجل - الخصوصيات الرئيسية – إذ يتساوى جميعهم [في الأجر]؛ ثم {أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (الأحزاب، 35). هذه رؤية الإسلام، أو في آية أخرى: {أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى} (آل عمران، 194)».

كدتُ أطيرُ فرحاً.

لو أنّ الإمام الخامنئي تريّث قليلاً لتبادر إلى الأذهان هذا السؤال: لماذا تنحصر بعض الأعمال في الرّجال؟ لكنّ سماحته أجاب عن هذا السؤال غير المطروح فوراً، فقال: «في ما يتعلق بالواجبات المتبادلة بين الرجل والمرأة تجاه بعضهما بعضاً إنّ هذه الواجبات مختلفة بالطبع لكنها متعادلة. [يقول] الشارع المقدّس، في القرآن في سورة "البقرة": {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (228). ذاك المقدار نفسه الذي هو حق لهن هو حقّ عليهن أيضاً. شيء ما يخصهن بالمقدار نفسه، وهناك شيء يخصّ الطرف المقابل، أي يقع على عاتقهم، أي تكليفهم. فكل واجب يُكلف لشخص ما هناك حق قبالته. كلّ امتياز يُعطى لكل واحد منهما هناك واجب مقابله؛ تعادل كامل. في النظرة إلى المسؤوليات، يعتمد الأمر هنا على الخصائص الطبيعية للمرأة والرجل. هناك اختلافات بين المرأة والرجل، أي الطبيعة الأنثوية والذكورية. هناك اختلافات في الجسد والروح والأمور المعنوية أيضاً، والمسؤوليات متناسبة مع تلك الاختلافات».

ثمّ قال سماحته: «إذن، ما دور المرأة في الأسرة، وما دورها في بيئة الأسرة؟ أنا مع الالتفات إلى مجموعة المعارف الواردة في الآيات والروايات وأمثالها التي تحضر في ذهني. أصوّر الأمر على هذا النّحو: المرأة هي الهواء الذي يملأ أجواء الأسرة، أي كما تتنفسّون في الأجواء، ولن يكون التنفّس ممكناً دون ذاك الهواء؛ المرأة كذلك، فهي في الأسرة بمنزلة التنفّس في هذه الأجواء».

المرأة بمنزلة الهواء والأكسيجين الذي يتنفسّه أهل المنزل! يا إلهي!

ثمّ تحدّث سماحته عن عظمة الزوجيّة والأمومة وأنّهما لا بدّ أن تشكّلا الأولويّة لكلّ سيّدة بغضّ النظر عن أدوارها الاجتماعيّة التي هي جيّدة أيضاً، إضافة إلى ضخّها المحبّة والسكينة في زوجها والتربية الصحيحة للأبناء ونقل الهويّة الدينيّة السليمة إليهم. لقد كان سماحته يوصي برعاية شؤون العائلة. كنت أفكّر في أنّ هذا الكلام يعني تماماً «النموذج الثالث للمرأة» الذي يختلف عن المجتمعات التقليديّة والمتخلّفة، فهناك تبقى المرأة في البيت دون أن تتعلّم وتحقّق أيّ غاية، ويختلف أيضاً عن المجتمعات الغربيّة حيث لا حدود أبداً للنساء وهنّ تائهات في الشوارع! نموذج المرأة الذي تقدّمه الثورة الإسلاميّة ينطوي على العفّة الزوجيّة والأموميّة، وأيضاً يشمل أدواراً اجتماعيّة في العلم والفنّ والسياسة والرياضة.

أنا التي تزوّجت منذ سنة تقريباً وضعتُ يدي على عينيّ وقلت لسماحته في قلبي: على عيني، يا سيّدي!

كما جرت العادة، أسرح بناظريّ في سماحة القائد حين لا يكتمل بالنسبة إليّ موضوعٌ معيّن وأرتقب ما سيقوله سماحته.

قال الإمام الخامنئي إنّ نظام الرأسماليّة ذكوريٌّ بالمناسبة! الرّجل يقع في الأولويّة لأنّ قوّته الجسديّة أكبر ويتعامل أكثر مع رأس المال، خلافاً تماماً لما يذكرونه بشأن الإسلام، وهم يخطئون في ذلك.

تسمّر الحضور كلّهم في الحسينيّة في أمكنتهم أمام هذه الصّلابة.

ثمّ واصل سماحته كلامه بلحن حزين ووجهٍ مقطّب قائلاً إنّ المرأة في الغرب وسيلة استمتاع غير محدودة للرجل، ولا يرغب المرء حتّى في طرح هذه الأمور...

شعرتُ بالمرارة.

لكنّ الإمام الخامئئي لم يسمح بأن تعكّر هذه الحقائق صفو أجواء الحسينيّة في ذلك اليوم ويزول جمالها. فانتقل فوراً إلى مدح الحاضرات في تلك الجلسة: «أيتها النساء الحكيمات والعالمات والفهيمات والمتعلمات - الحمد لله - أنتنّ حاضرات في الميادين كلها، وأنتنّ هنا غيض من فيض، أي أنتنّ زهرةٌ من البستان الكبير. بحمد الله، كثيراتٌ هنّ النساء الفهيمات والحكيمات والمتعلمات والمطلّعات في أنحاء البلاد كافة». في الواقع، أراد سماحته أن يشير مرّة أخرى إلى الفرق بين نموذج المرأة في الثورة الإسلاميّة والنموذج لدى الغربيّين. كان يُمكن فهم ذلك بسهولة من أسلوب كلام سماحته.

اختُتم اللقاء بالدعوات الخيّرة من الإمام الخامنئي لنا وللأخوات كافة اللواتي لم يُوفّقن للحضور في ذاك اللقاء. خرجت من الحسينيّة وأجريت لقاءين أو ثلاثاً من لقاءات العمل الخاصّة بي وها أنا الآن في المنزل. كتبتُ جملة واحدة من هذا اللقاء وألصقتها على باب غرفتي كي لا أضيّع الطريق أبداً:

«أكثر دور أساسي للمرأة من وجهة نظر الإسلام هو دورها في إدارة المنزل لكن ما يهمّ أنّ إدارة المنزل لا تعني الانعزال فيه. بعض الأشخاص يشتبهون بين هذين الأمرين. عندما نقول: إدارة المنزل، يظنّون أنّنا نقول: اجلسنَ في البيوت ولا تفعلنَ أيّ شيء، ولا تؤدّين أيّ مسؤوليّة، ولا تدرّسن ولا تجاهدنَ ولا تمارسنَ العمل الاجتماعي والأنشطة السياسيّة. ليس هذا ما تعنيه إدارة المنزل. إنها تعني الاهتمام به، وإلى جانب ذلك، يمكنكنّ فعل أيّ عمل آخر في وسعكنّ أداؤه وترغبن فيه وتشعرنَ بالتوق لإنجازه، لكن ذلك كلّه يندرج تحت إدارة المنزل».