أكّد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، أنّ "المسيرات المليونية الأخيرة في ذكرى انتصار الثورة الإسلامية في إيران، لافتاً إلى أنّه عندما تنكشف إرادة الشعب الحقيقية يصمت العالم ويسكت ويتجاهل.‏

وتوجّه السيد نصر الله، خلال كلمة في ذكرى القادة الشهداء بالتبريك في ذكرى انتصار الثورة الإسلامية ‏في إيران في شباط 1979 قائلاً: "نُبارك للشعب الإيراني العزيز، لسماحة السيد القائد (دام ظله)، لِجميع ‏المسؤولين، لِمراجعنا الكرام، لكل أفراد الشعب الإيراني فرداً فرداً بهذه المناسبة العظيمة والجليلة وهذا ‏الانتصار الإلهي التاريخي، الذي تحقق على يدي سماحة الإمام الخميني (قدس سره الشريف)".

الرهانات على سقوط إيران سراب وأوهام

وأشار السيّد نصر الله إلى المسيرات المليونية للشعب الإيراني من مختلف فئات الشعب وفي مختلف المدن الإيرانية في أجواء البرد والصقيع والشتاء وفي بعض ‏المناطق الثلج، والتي غابت عن وسائل الإعلام، قائلاً: عندما يَخرج بعض الأشخاص عشرات أو مئات أو ألف أو ألفين مثلاً في ميدان معين في ساحة معينة، ‏يقطعون بعض الطرقات يمارسون بعض الشغب، نَجد بأن كل وسائل الإعلام في العالم وعلى مدار ‏الساعة تعتبره خبر أول وخبر عاجل، وتبدأ ببناء تحليلات استراتيجية على هذا الجهد البسيط.

وتابع الأمين العام لحزب الله: ولكن عندما ‏يَتظاهر الملايين وعشرات الملايين وبعد 44 سنة من انتصار الثورة وقيام النظام الإسلامي، هذا الأمر ‏يَتجاهله العالم، عندما تنكشف إرادة الشعب الحقيقية يصمت العالم ويسكت ويتجاهل.‏

ولفت السيّد نصر الله إلى خطأ حسابات الذي راهنوا على سقوط إيران، وحللوا كثيرًا خلال الشهور القليلة الماضية، مشددًا على أن هذا الأمر انتهى من خلال إرادة الشعب الإيراني الجادة، وأضاف: لكل الذين راهنوا في السابق أو ‏اليوم أو في المستقبل أقول لهم حساباتكم خاطئة ورهاناتكم سراب وأوهام، وإذا بنيتم خططكم ومشاريعكم ‏وأمالكم وتحليلاتكم على هذا الخطأ الجسيم ستصلون إلى نتائج خاطئة جداً وسلبية جداً.

وأوضح السيّد نصر الله أن أهميّة إيران كونها في قلب محور المقاومة، وتابع قائلاً: عندما يُراهنون على إيران ‏هذا سيترك أثره على العراق، على سوريا، على لبنان، على فلسطين، على اليمن، على أفغانستان، على ‏كل المنطقة، وبالتالي بنون عليها الحسابات.‏ وأضاف سماحته: "هذه الجمهورية الإسلامية هذا النظام الإسلامي الواثق بالله المُتكل على الله سبحانه وتعالى، وخصوصاً في ‏الأحداث الأخيرة، فعلوا كل ما يستطيعون أن يفعلوا وخابت حساباتهم وظنونهم."

التعاطي الغربي مع زلزال تركيا وسوريا سقوط إنساني مدوٍّ

وفي كلمته، توجه السيد نصر الله، برسالة تعزية إلى كل من سوريا وتركيا، حكومة وشعباً، بضحايا الزلزال المدمر الذي ضرب البلدين، الأسبوع الماضي، وقال: إنّ ما حصل "مأساة إنسانية عظيمة، وهو اختبار لإنسانية كل شخص وطرف وجمعية وبلد".

وأردف سماحته: "الناس الطبيعيون يتصرفون بإنسانية ويضعون الخصومات السياسية جانبا ويؤجلون معاركهم مهما كان مهمة ومصيرية وتصبح الأولوية هي المسارعة إلى إنقاذ من تحت الأنقاض عسى أن تتمكن فرق الإنقاذ من إخراجهم أحياء ومعالجة الجرحى".

وشدّد السيّد نصر الله على أنّ "الإدارة الأميركية سقطت أمام اختبار الإنسانية في سوريا، وكشفت عن وجهها الإجرامي الوحشي"، إذ "تركت الناس يموتون في الأيام الأولى للزلزال من خلال عقوباتها على سوريا"، وأضاف: 9 أيام انتظرت أميركا لتقول هناك تجميد لبعض عقوبات قيصر.. تركوا الناس تموت 8 و 9 أيام، ثم لاحقا قد يكون نتيجة التنديد والصراخ شعروا قليلاً بالحرج وأقدموا على هذه الخطوة".

وأشار السيد نصر الله إلى "التعامل بتمييز وازدواجية على صعد مختلفة مع تداعيات الزلزال في تركيا وسوريا"، موضحاً أنّ "التعامل الغربي بازدواجية مع الزلزال المدمر في البلدين هو سقوط إنساني مدوٍّ".

ودعا الجميع، في السياق، إلى مساعدة سوريا وتركيا من أجل عودتهما إلى الحياة الطبيعية، مؤكّداً أنّ ذلك "يمثل التحدي الأصعب".

كيفية التعاطي مع الزلزال

وفي جانب آخر من حديثه، قال السيّد نصر الله إنه "أمام هول الزلزال والهزة التي شعرنا بها جميعًا، في تلك الثواني القليلة شعر كل واحد منا بضعفه وعجزه، كنا جميعا بين يدي رحمة الله، في تلك اللحظة الجميع تساوى، الغني والفقير والقوي والضعيف، هذا يجب أن ينبهنا الى حقيقتنا ويعيدنا الى أنفسنا فلا نغتر ولا نتكبر.. كل واحد شعر منا أن بينه وبين الموت لحظات، هذا يجب أن يذكرنا أن الموت قد يأتي بأي لحظة وان دنيانا فانية وعندما نخرج منها سنخرج بلا شيء بل نحن وإيماننا وعملنا الصالح".

وأضاف "كل هذا الرعب والخوف أمام زلزال محدود في منطقة محدودة من الكرة الأرضية يجب أن يذكرنا بيوم القيامة بزلزلة الساعة الآتية في يوم القيامة، ويجب أن نعرف أننا أعطينا عمرا جديدا فكيف نتصرف بهذا العمر الجديد لآخرتنا ودنيانا؟".

وتابع قائلا "نحن أمام استحقاق جديد اسمعه احتمال الزلزال وهو احتمال لا ينفيه عاقل وكل العلماء يقولون لا يستطيع أحد أن يوقّت لا زمان ولا مكان ولا حجم الزلزال، لكن هذا احتمال قائم.. الدعاء والصدقة وإغاثة الملهوف والإحسان الى الأيتام أكيد جميعها تخفف البلاء وآخر الخط تعين على البلاء".

على لبنان وضع خطط طارئة تحسباً لوقوع زلزال 

كما أشار السيد نصر الله إلى أنّ "لبنان بات أمام تحدّ جديد، ألا وهو احتمال وقوع الزلزال بحسب توقعات الخبراء"، مؤكّداً أنّ "على الحكومة - حتى ولو كانت حكومة تصريف أعمال - المبادرة إلى وضع خطط طارئة تحسباً لوقوع زلزال". 

وأضاف السيد نصر الله أنّ "لبنان، ورغم إمكاناته المتواضعة، يمكنه وضع خطط طارئة وشاملة لمواجهة احتمال وقوع زلزال". ووفق السيد نصر الله، فإنّ "من ضمن الخطوات الأولى الواجب دراستها من قبل الدولة، هو ترميم الأبنية المتصدعة". 

كما لفت إلى أن "ما قامت به الحكومة اللبنانية تجاه سوريا من إرسال وفد رسمي أمر ممتاز جدًا، وفتح المطار والمرافئ وإرسال فرق المساعدة أمر مهم جدا والدولة والحكومة مشكورة عليه".

وأضاف "في لبنان رغم الظروف هناك تم تقديم مساعدات، أشكر كل من لبّوا دعوة حزب الله للمساعدة، والقافلة الثانية ستسير خلال أيام إلى حلب وبعدها القافلة الثالثة إلى حماه".

حرب أهلية في الكيان الإسرائيل

السيد نصر الله تطرق إلى الوضع الإسرائيلي الداخلي، مؤكداً أن "الوضع في كيان العدو هو غير مسبوق على المستوى الداخلي وفي البيئة الاستراتيجية والحكومة الحمقاء الحالية تدفع الأمور باتجاه صدامين كبيرين. وأوضح أنّ "الصدام الأول، هو داخلي إسرائيلي، أمّا الثاني ففلسطيني"، مشيراً إلى أنّ الصدام الفلسطيني "قد يمتد إلى المنطقة كلها". 

وأشار السيد نصر الله إلى أنه "لأول مرة في تاريخ الكيان تكون أدبيات الحديث عن قرب الحرب الأهلية وسفك الدماء وأنه لا حل للتحديات الجديدة إلا بسفك الدماء وقرب الانفجار، لأول مرة في تاريخ الكيان بدأت تتشكل منظمات للمغادرة، الكل اليوم يتحدث عن عقدة الثمانين عامًا".

وتابع قائلاً: "الوضع الإسرائيلي الداخلي هو غير مسبوق، وخصوصاً في ظل تأكيد أركان في الكيان عن حرب داخلية، كما أن "رئيس كيان الاحتلال نفسه أقرّ بمخاوفه من انفجار وشيك داخلي وانهيار الكيان".

نقف إجلال أمام الشعب الفلسطيني

وجدد سماحته الوقوف "بإجلال أمام الشعب الفلسطيني وخصوصًا أمام جيله الشاب في القدس المحتلة والضفة الغربية وقطاع غزة"، لافتًا إلى أن "الشعب الفلسطيني أمام هذا الجيل الشاب سيكشف أكثر وأكثر اليوم أننا أمام انتفاضة فلسطينية حقيقية".

وأضاف "الشعب الفلسطيني يرد بقوة ويجب أن نقف له جميعا بإجلال واحترام خصوصا أمام هذا الجيل الشاب، كنا نتحدث بالعشرين و19 بتنا نتحدث بعمر الـ13 و14، هذا الشعب سيكشف أكثر وأكثر، اليوم نحن أمام انتفاضة فلسطينية حقيقية".
وتابع "هؤلاء الاستشهاديون يذلون العدو ويصنعون البسمة على وجوه أمهات الشهداء"، وأن "هذه الحكومة الحمقاء قد تدفع بالتصعيد الى كل المنطقة وهو احتمال وارد خصوصا اذا مست بالمسجد الأقصى".

أحذّر من التسويف في موضوع النفط والغاز

وفي جانب آخر من حديثه، أشار السيّد نصر الله إلى موضوع استخراج النفط قائلاً: إذا حصل تسويف بموضوع النفط والغاز من المياه اللبنانية هل سنسمح باستمرار استخراج "إسرائيل" النفط والغاز من كاريش؟ أقول لكم أبدًا.. هذا معنى إذا أردت أن تجوعنا سوف نقتلك وأنا كنت قد فكّرت جيداً بما قلت.. أنا أحذّر من التسويف في موضوع النفط والغاز".

ونبّه الأمين العام لحزب الله الأميركيين بالابتعاد عن هذه المسألة، قائلاً: "إنّ "من يراهن على أنّ الألم والوجع سيجعلان بيئتنا تتخلى عن مبادئها وإنجازاتها، فهو واهم".

وتابع "البيئة التي تريدون استهدافها من خلال الفوضى والتشويه صحيح هي بيئة تتألم، لكن من يراهن أن المعاناة أو الألم يمكن أن يدفع هذه البيئة أن تتخلى عن خيارها وموقفها، أن تصافح مصافحة اعتراف أن تتخلى عن وصية السيد عباس وعن إنجازات عماد مغينة وعن بقائها ووجودها وشرفها وسيادتها وصون عرضها وخيرات بلادها هم واهمون".

ولفت السيّد تصر الله إلى أنّ من يريد أن يدفع بلبنان إلى الفوضى والانهيار، عليه أن يتوقع كل ما لا يخطر في باله"، وأضاف: إذا دفعتم لبنان إلى الفوضى، فعليكم أن تنتظروا الفوضى في كل المنطقة، وفي مقدمتها ربيبتكم "إسرائيل".

وتابع سماحته: كما كنا جاهزين للحرب دفاعاً عن نفطنا فنحن جاهزين لمد أيدي سلاحنا إلى ربيبتكم "إسرائيل".

إنجازات المقاومة تحققت بفضل دماء الشهداء

وبالحديث عن القادة الشهداء في ذكراهم، أكّد السيد نصر الله أنّ "إنجازات المقاومة تحققت بفضل دماء الشهداء القادة وكل الشهداء في حركات المقاومة، والجيش اللبناني، والفصائل الفلسطينية والجيش السوري كذلك". 

وأضاف السيد نصر الله: "إننا نستحضر الشهداء القادة في كل عام وفاء لهم ولجهادهم وتضحياتهم لهؤلاء الرجال العظام وتلك السيدة الجليلة أم ياسر، ونحيي ذكراهم تعريفا وتذكيرا بهم من جديد لأن الكثير من الأجيال الحاضرة قد لا يعرفون من 40 أو 30 سنة ماذا حصل".

لفت السيّد نصر الله إلى أن بعث الأمل والروح عام 2000 من جديد في المقاومة الفلسطينية هي من الإنجازات التي تحققت بدماء هؤلاء الشهداء، وأضاف: هذه الإنجازات اليوم يجب أن نحافظ عليها وهي المعركة التي تخاض اليوم.

علينا إسقاط مشروع الفوضى

وأشار سماحته إلى أن هذا البلد منذ تشرين 2019 دخل في استهداف جديد للنيل من هذه الإنجازات ولإعادة لبنان إلى الهيمنة الأميركية، وتابع قائلا: "نحن أمام هذه المعركة وهذا التحدي الذي تأتي فيه أدوات إعلامية وسياسية واقتصادية وفي مقدمها سعر الدولار الذي يتأثر به كل شيء.. هذا جزء من اللعبة".

وبحسب السيد نصر الله، فإنّ "ما يساعد الأميركيين في خطتهم، هو وجود الفساد والأخطاء في الإدارات في البلد المستهدف. وأردف متوجهاً إلى الناس: "علينا المبادرة والتخطيط والتعاون من أجل إسقاط مشروع الفوضى والهيمنة والعبث بعقول شعوبنا للسيطرة عليها". 

وفي بداية حديثه، ذكر السيّد نصر الله الشهيد الإيراني العميد حسن شاطري قائلاً: "يجب أن نذكر بالخير الشهيد القائد العميد حسن شاطري الذي ترأس الهيئة الإيرانية لإعادة إعمار لبنان، وبعد حرب تموز وفي مثل هذه الأيام الذكرى العاشرة لاستشهاده وستبقى أياديه البيضاء حاضرة إن شاء الله".