في البداية أود أن أتوجه بالشكر الكبير لكل أهلنا الأعزاء والكرام، لكل الإخوة والأخوات في مختلف المناطق اللبنانية، الذين احتشدوا بالأمس في داخل المساجد وأمام بوابات المساجد واحتضنوا المصحف الشريف ورفعوا صوتهم عالياً وأسمعوه لكل العالم، ولبوا نداء كتاب الله والنصرة لكتاب الله عز وجل، الذي يتعرض للعدوان والتدنيس والإحراق والإساءة، وأيضاً بقية البرامج التي نُفذت بالأمس في كل المجالس النهارية والليلية في مختلف المناطق بناءً على البيان الصادر عن حركة أمل وحزب الله، في كل المجالس شهدنا هذا الحضور الكبير وهذا الإحتضان العظيم للقرآن الكريم، هذا التقديس العظيم للقرآن الكريم، وهذه كانت مُبادرة كبيرة جداً من أهلنا المؤمنين والمؤمنات جميعاً.

أيضاً يجب أن نُنوه بكل التحركات التي حصلت في العالم رداً على الحادثة السابقة قبل أيام، حيث كان الشعب اليمني أكبر المُبادرين، كذلك الشعب العراقي، وأمس شهدنا في العراق وفي إيران وفي اليمن وفي باكستان وفي العديد من الدول العربية والإسلامية تحركات شعبية قوية ومناسبة.

طبعاً على مستوى الموقف، سوف أعود بعد قليل إلى موقف سماحة الإمام القائد السيد الخامنئي( دام ظله)، على مستوى الحكومات الرسمية كانت مبادرة الحكومة العراقية برئاسة السيد السوداني إلى اتخاذ موقف كبير وعالي، ما زالت هي الأهم على المستوى الرسمي، المبادرة إلى استدعاء القائم بالأعمال العراقي من السويد وطرد السفيرة السويدية من العراق، والتهديد بِقطع العلاقات الديبلوماسية، وأُضيف إلى ذلك تجميد عدد من الشركات السويدية العاملة في العراق.

أمس واليوم أيضاً على مستوى الموقف الرسمي الإيراني، الآن صودف أن إيران كانت قد عينت سفيراً في السويد وكانت سترسله إلى السويد، وعندما صارت الحادثة السابقة، جمد الإيرانيون إرسال سفيرهم إلى السويد وما زال مُجمداً، وأيضاً السويد  كانت قد عينت سفيراً جديداً وأرادت إرساله إلى إيران، أمس الحكومة الإيرانية أبلغت السويد بأنها لن تستقبل السفير السويدي الجديد حتى تُعالج الحكومة السويدية هذا الموقف بالطريقة المناسبة.

في لبنان، بعد الموقف أمس وأول أمس، أُجريت الإتصالات المناسبة يوم أمس، وفي النتيجة غادرت السفيرة السويدية، الآن يوجد أُناس قالوا أنه لم يبعث ورائها احد، ويوجد أُناس آخرين قالوا أنه يوجد أحد قد بعث ورائها، حكوا معها أو لم يحكوا معها، أنا لن أدخل في هذا التفصيل، لكن أن تُغادر السفيرة السويدية، قيل أنها الآن (فاقت) أنه لديها إجازة أو أنها تُريد أن تذهب في إجازة، على كل حال بالطريقة اللبنانية، اللبنانيون "شاطرين بترتيب الأمور"، مغادرة السفيرة السويدية من لبنان هو أمر مُهم لنا كشعب لبناني وهو مَطلب لنا كشعب لبناني، وقيل لنا بأن السفير اللبناني في السويد على كل حال هو موجود الآن في لبنان، لن يعود إلى السويد في المرحلة الحالية، لكن هذا الأمر سنتابعه بالشكل الرسمي والمطلوب.

الموقف الذي أشرنا له سابقاً عندما قُلنا أضعف الإيمان هو طرد السفراء السويديين واستدعاء سفراء الدول العربية والإسلامية من السويد كمرحلة أولى، وما إصرار الحكومة السويدية يجب أن يتطور الموقف إلى قطع العلاقات الديبلوماسية والإقتصادية مع هذه الدولة المُعتدية.

طبعاً حصل أيضاً في اليومين الماضيين، في العديد من الدول العربية والإسلامية استدعاء للسفراء السويديين المُعتمدين، وإبلاغهم التنديد والإستنكار والإحتجاج من قبل الحكومات العربية والإسلامية التي قامت بذلك، هذا أمر جيد ومهم لكنه ليس كافياً وليس رادعاً، يجب أن يتطور هذا الموقف.

هناك دعوة أُعلن عنها اليوم رسمياً من قبل الحكومة العراقية بأنه سيكون لقاء قريب لوزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي، يعني منظمة مؤتمر الدول الإسلامية، لدراسة الموقف المناسب.

يجب أن لا نغترّ بالإعتذارات، بالأمس وزير خارجية السويد والحكومة السويدية يُصدرون بياناً ويقولون أنهم يُدينون ويَحتجون ولا يَقبلون الإساءة، ولكنهم يَسمحون بها، ويقومون بِحراستها وحمايتها، كما فعلوا في المرتين.

ما جرى في الدانمارك، طبعاً يجب التدقيق هل أذنت الحكومة الدانماركية بهذه الإساءة التي حصلت كما فعلت الحكومة السويدية؟

قبل قليل، صَدرت بيانات عن الحكومة الدانماركية تُندد وتستنكر وتستهجن و..و,, و..، أيضاً هذا ليس كافياً، يجب أن تَمنع هذه الحكومات أي إعتداء على المصحف الشريف وعلى رموزنا المقدسة، إذا لم تفعل، فكلها في موقف واحد وفي جبهة واحدة.

يجب أن أُشير هنا إلى البيان الصادر عن سماحة الإمام السيد الخامنئي ( دام ظله الشريف ) اليوم، هناك جملة في البيان على درجة عالية من الأهمية، وأنا أنصح الحكومة السويدية أن تستشير خبراء في القانون وفي الفقه الإسلامي، وتسألهم عن هذه الجملة لِتعرف إلى أين هي ذاهبة، وكذلك حكومة الدانمارك إذا أصرّت ولم تُعالج الموقف،

توجد جملة في البيان، سماحة الإمام الخامنئي يقول:" وعلى الحكومة السويدية أن تعلم أيضاً أنها بِمساندة المجرم ( أي الذي اعتدى على المصحف) اتخذت اصطفافاً حربياً تجاه العالم الإسلامي، وجذبت نحوها كراهية وعداوة الشعوب الإسلامية وكثير من حكوماتها". هنا تعبير "اصطفافاً حربياً" يعني بلا طول شرح، إذا الحكومة السويدية تُكمل هكذا فهي ستُصنف دولة مُحاربة للإسلام، دولة مُحاربة للمسلمين، دولة حرب على الإسلام وعلى المسلمين، أنصح الحكومة السويدية أن تستشير وأن تسأل ماذا يعني إذا صُنفت دولة السويد دولة مُحاربة للإسلام، هذا ماذا يعني؟ ما هي تبعاته؟ ما هي لوازمه في العالم؟ في العالم الإسلامي وفي العالم كله وحيث هناك مسلمون؟

هذا الخطاب عالي اللهجة جداً، هذا الخطاب أكبر من إصدار فتوى بِحق المجرم، الذي قال سماحة القائد ( حفظه الله) أن العلماء المسلمين يُجمعون على إنزال أشد العقوبات فيه.

هنا الخطاب هو مع الدول والحكومات التي ترعى  هذه الإعتداءات تحت عنوان:" حرية التعبير وحرية الرأي".

على كلٍ، يبدو أن هذه المعركة قد فُتحت، وإذا صَحّ التقدير بان الموساد الإسرائيلي هو الذي يقف خلف هذه الحركة، هذا يعني أننا أمام حركة ستتواصل وتستمر، وتحتاج إلى مواكبة وإلى مواقف واضحة وقوية على مستوى الشعوب الإسلامية وعلى مستوى الحكومات والدول الإسلامية والعربية.

نحن وإياكم إن شاء الله يجب أن نُواكب أي تطور.

لدّي ملاحظة أُريد أن أقولها: أمس كان الموقف في لبنان مُنسجماً جداً ومُنضبطاً جداً وملتزماً جداً ومُعبّراً بِقوة عن الموقف المطلوب.

نحن تعرفون أن لبنان اليوم في وضع، أتكلم عن لبنان أما بقية الدول فلديهم علماء وحُكماء يعرفون كيف يتصرفون، في لبنان الأوضاع السياسية والأمنية حساسة، والبلد لا يتحمل أي صدامات أو مواجهات صغيرة أو كبيرة، لذلك أقول لكل اللبنانيين، خصوصاً للمسلمين، وبالاخص للشباب المُتحمسين، أو الذين قد يتحمسوا في المستقبل إذا حصلت تطورات سيئة: هناك مرجعيات دينية وسياسية تتحمل المسؤولية، تُواكب وتَقود هذه المُواجهة.

أدعو إلى عدم القيام بأي مبادرات فردية خارج التوجيهات، لأن بعض المبادرات الفردية حتى ولو كانت حسنة النية قد تُسيء إلى الهدف وإلى مسار المواجهة، هذه المعركة ليست للإنفعال وإنما للإنتصار، والإنتصار فيها إنما يتحقق من خلال الخطوات المحسوبة والمدروسة والقوية والمفيدة والمنتجة، ولا يجوز على الإطلاق في لبنان أن نَفتح الباب لأي مصطادٍ في الماء العكر، ولأي مُستغل في الظروف الحساسة التي يعيشها بلدنا.

أكتفي بهذا المقدار الليلة، وأقول: نحن وإياكم إن شاء الله كما كُنتم بالأمس في حالة إستنفار كبير جداً وحشود وحضور كبيرين جداً في كل المناطق اللبنانية، من خلال الموقف والتحرك والميدان إن شاء الله نَستطيع سوياً أن نُواكب هذه المعركة، وأن نَصل إلى اليوم الذي نَمنع فيه هذه الأيدي وهذه الألسن من التطاول على رموزنا وعلى مقدساتنا.