أكد الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، في كلمة له في الذكرى السادسة لتحرير الجرود اللبنانية الشرقية أنّ المعادلة الاستراتيجية الوطنية اللبنانية، والقائمة على الجيش والشعب والمقاومة، حقّقت انتصارات عظيمة.

واستهلّ السيّد نصرالله الكلمة بتعزية اللبنانيين جميعًا برحيل أحد الأعمدة الكبيرة في الصحافة اللبنانية والعربية الأستاذ طلال سلمان الذي كان بحق مقاومًا كبيرًا وعزيزًا بالفكر والبيان والقلم وكان مع المقاومة وساندها في كل مراحلها في لبنان وفلسطين حتى آخر نفس في حياته.

المقاومة أخذت قرارها.. فكان التحرير الثاني

 وبعد أن بارك الأمين العام لحزب الله ذكرى الانتصار الكبير الآخر الذي حققه لبنان على هذه الجماعات الإرهابية، أشار إلى أنّ هناك قوى في لبنان "راهنت على بقاء الجماعات المسلحة في الجرود وانتصارها"، مؤكّداً أنّ المقاومة أخذت قرارها ودخلت بكلِّ قوة في هذه المعركة حينها.

ولفت السيّد نصر الله إلى أن "الجماعات المسلّحة في تلك الفترة اعتمدت الأراضي اللبنانية قاعدة لإرسال السيارات المفخخة، وللتوسع في البقاع والوصول إلى بيروت والمزيد من العدوان باتجاه سوريا، مضيفًا أن لبنان كان جزءًا من خريطة دولة الخلافة "الداعشية" وكان حضور "داعش" في البقاع قاعدة انطلاق للامتداد الواسع.

وأوضح الأمين العام لحزب الله أنّ الحكومة اللبنانية آنذاك "لم تأذن للجيش اللبناني بشنِّ هجومٍ على المسلحين في الجرود، بسبب الضغط الأميركي عليها"، مُشيراً إلى أنّ الأميركيين "هدّدوا الجيش اللبناني بإيقاف المعونات عنه إذا شنّ هجوماً على المسلحين في الجرود".

واعتبر السيد نصر الله أن مجموعة كبيرة من المعارك خيضت على مدى سنوات حتى تحقّق الإنجاز بالنصر، مضيفا: هذه تجربة جديدة لمعادلة الجيش والشعب والمقاومة، تجربة مشهودة، ملموسة، بالعين، هؤلاء ‏الناس رأوها، كل اللبنانيين رأوها، كل المنطقة رأوها، هذا ما سميناه بالتحرير الثاني، التحرير الأول ‏كان نتيجة معادلة جيش شعب مقاومة، الانتصار في حرب تموز نتيجة معادلة جيش شعب ‏مقاومة، التحرير الثاني في جرود البقاع معادلة جيش شعب مقاومة، وما بدا قبل أيام في موضوع ‏التنقيب عن الغاز في البلوك 9 هو أيضا ما سميناه بالتحرير الثالث لترسيم الحدود البحرية ‏واستعادة حقولنا وحقنا في المياه الاقليمية والمنطقة الاقتصادية والتحرير الثالث هو نتيجة معادلة ‏جيش شعب مقاومة.

ولفت الأمين العام لحزب الله أنّنا نقدّم معادلة استراتيجية دفاعية هي جيش شعب مقاومة، هذه ‏الاستراتيجية الدفاعية الوطنية القائمة على معادلة جيش وشعب ومقاومة حققت انتصارات تاريخية ‏وعظيمة وكبرى.

أي اغتيال إسرائيلي سيكون له رد فعل قوي

وعن الوضع في الضفة الغربية قال السيد نصرالله إن العدو الإسرائيلي أمام تصاعد المقاومة في الضفة الغربية هرب إلى اتهام إيران وتصوير أن ما يحصل هناك هو خطة إيرانية وأن الفلسطينيين هم أدوات، وأكّد أن المقاومة في الضفة الغربية هي "إرادة فلسطينية بحتٌ، والشعب الفلسطيني يقاتلهم منذ 75 عاماً، أي قبل انتصار الثورة الإسلامية في إيران. والصهاينة يريدون أن يتنكّروا لحقيقة أن هناك شعباً فلسطينياً له الحق في الوجود والحياة العزيزة والكريمة وحق استعادة أرضه ومقدّسا".

من جهة أخرى، أكّد الأمين العام لحزب الله أن "أي اغتيال إسرائيلي على الأرض اللبنانية يطاول لبنانياً أو فلسطينياً أو إيرانياً أو سورياً أو إلى أي تابعية، سيكون له رد فعل قوي، ولا يمكن السكوت عنه ولن نسمح أن تُفتح ساحة لبنان للاغتيالات". ودعا العدو الإسرائيلي إلى الاعتراف بأنه "في مأزق وجودي، ولن يجد حلولاً مهما اجتمعت قيادته، ولو استشاروا كل خبراء العالم لن يستطيعوا الخروج من مأزقهم. والحل الوحيد أمام كيان العدو هو ترك فلسطين لشعبها وأهلها وأصحابها، وإلا فالقتال سيتواصل جيلاً بعد جيل".

وشدّد السيد نصر الله على أنّ "هذه التهديدات لا تجعل المقاومة تتراجع، لا التهديد ولا تنفيذ التهديد سيضعف المقاومة، بل سيزيدها عنادًا وعزمًا"، وتساءل "هل استطاعت الاغتيالات أن تهزّ من إرادة المقاومة بل دفعت للمزيد من الحضور في الميدان والأمل بالانتصار وهذا ما حصل مع كل المقاومين في منطقتنا؟".

وفيما خص أسرى فلسطين والبحرين، شدد السيد نصر الله على أنّه يجب التضامن الحقيقي مع الأسرى في فلسطين ومع السجناء السياسيين في البحرين.

أمريكا القائد الفعلي للحرب على سوريا

وحول ما يجري في سوريا، اعتبر السيد نصرالله أن "هناك مشروعاً أميركياً استعانت فيه أميركا بعدد من الدول الإقليمية التي ساندتها، بينما القائد الفعلي منذ اليوم الأول للحرب على سوريا كان الأميركي باعتراف السفير الأميركي في دمشق. وكان التكفيريون المسلحون مجرد أدوات غبية في المشروع الأميركي، وبحجة داعش عادت القوات الأميركية إلى العراق، وبحجّتها دخلت لتحتل شرق الفرات".

 ودعا الأمين العام لحزب الله الشعب السوري إلى أن يتذكر البديل الذي كان يتحضّر له، ولفت إلى أنهم عندما وجدوا أن المشروع العسكري فشل وأن سوريا بدأت بالتعافي كان قانون قيصر والعقوبات التي فرضت حصاراً قاسياً.
وإذ أوضح أن أهم حقول النفط والغاز السورية موجودة شرقَ الفرات، والأميركيون ينهبونها كل يوم ويمنعون عودتها إلى الحكومة السورية، شدّد على أن "سوريا وحلفاءها قادرون ببساطة على تحرير شرق الفرات لكنها منطقة محتلة من قبل القوات الأميركية، فالمعركة في شرق الفرات ليست مع قسد والقتال هناك قد يتحول إلى صراع إقليمي ودولي، وأضاف: أننا نشهد الضغط الأميركي في شرق الفرات وتشديد العقوبات ومحاولة إحياء "داعش" من جديد، كما أن الأميركيين يمنعون الحل بين الأكراد والدولة في سوريا وتحرير شرق الفرات.

وتابع السيّد نصر الله إنّه "إذا أراد الأميركيين أن يقاتلوا بأنفسهم أهلًا وسهلًا، وهذه هي المعركة الحقيقية التي ستغيّر كل المعادلات، لافتًا الى أن ما يُشاع أنّ الأمريكان يريدون إغلاق الحدود السورية العراقية فكل ذلك أوهام ولن يُسمح بذلك.

تحويل "اليونيفيل" إلى جواسيس لـ"إسرائيل"

وفي الشأن اللبناني، أوضح الأمين العام لحزب الله أنّه يُراد أنّ "تتحول قوات "اليونيفيل" في لبنان إلى جواسيس للاحتلال الإسرائيلي".

ولفت السيد نصر الله إلى أنّ "خلفيّة إجراء هذا التعديل له علاقة بالكرامة وإلاّ هذا سيبقى حبرًا على ورق والناس في الجنوب لن يسمحوا بأن يُطبق قرار بالرغم من رفض الحكومة اللبنانية".

وتوجّه الأمين العام لحزب الله بالشكر للحكومة اللبنانية لسعيها لتصحيح خطأ العام الماضي الذي أعطى الحرية الكاملة لليونيفيل للتحرك بدون تنسيق وإذن، ونشدّ على أيدي الحكومة اللبنانية ونأمل أن تُوفق لإجراء هذا التعديل، كما نـأمل أن يساعد أصدقاء لبنان على إجراء هذا التعديل.

ذكرى تغييب الإمام الصدر

وبمناسبة الذكرى 45 لتغييب الإمام السيد موسى الصدر، قال السيد نصر الله أنّ "قضية الإمام الصدر ستبقى حيّة حتى يعود مع رفيقيه إلى ساحة جهاده ونضاله وإنْ كان قد كبر به السن، وسنواصل درب الإمام الصدر في المقاومة واحتضان المقاومة الفلسطينية وفي التطلّع إلى القدس وفي الإصرار على العيش الواحد في لبنان وفي الإيمان بلبنان وطنًا نهائيًا لجميع أبنائه ويأبى التقسيم والتفرقة، مضيفًا أننا نضم صوتنا إلى صوت إخواننا في قيادة وجمهور حركة أمل ونعتبر أنفسنا جميعًا أبناء هذا الإمام الكبير والجليل وتلامذته.

مشهد الأربعين المليوني نقطة قوّة لدى الأمّة

وبيّن السيد نصر الله أن مشهد الملايين الذين يذهبون مشيًا على الأقدام إلى كربلاء في ذكرى أربعين الإمام الحسين (عليه السلام) يدفع إلى الكثير من الأسئلة الروحية والعاطفية والإنسانية والإيمانية خصوصًا في زمن القحط الفكري والانحطاط الفكري ‏والثقافي.

وتساءل السيّد نصرالله: كيف يمكن خلال أيام قليلة لبلد خارج من حرب، ‏أن يحتضن عشرين مليون أو 27 مليون أو 25 مليون، وتتم إدارة هذه المواكب ‏المليونية، وإطعامها وسقايتها وتأمينها على المستوى الأمني، وتأمين مأوى لها، ‏مكان إقامة ومكان نوم، المشهد الذي يُعبّر عن كرم العراقيين، والعائلات العراقية ‏والعشائر العراقية الذين على مدى أيام يقدمون الطعام والشراب ومن كل الأشكال، ‏إلى حد الكرم المفرط، هذا مشهد مثير، مشهد مهيب ومشهد كبير، يحتاج في الحقيقة ‏للتوقف عنده.

كما اعتبر السيد نصر الله أن هذا المشهد المليوني يعبّر عن نقاط القوة لدى الأمة كما في موسم الحج نتمنى أن تكون هذه المواسم مواسم البراءة من الظالمين والطغاة، إذ أننا نشهد اليوم وجود فلسطين والقدس في مسيرة أربعين الإمام الحسين (ع)، وذلك في المؤتمر وزيارة الحسين وطريق المسير.