بسم الله الرحمن الرحيم
أرحب بجميع الإخوة و الأخوات الأعزاء الذين تجشموا عناء السفر من أماكن بعيدة و نوّروا الحسينية اليوم بأنفاسهم الدافئة و قلوبهم المشتاقة الواجدة. مرحباً بكم كثيراً أيها الإخوة و الأخوات الأعزاء - خصوصاً عوائل الشهداء الجليلة و العلماء المحترمين و المسؤولين الكادّين الخدومين - الذين جدّدتم ذكری هذه الخاطرة الكبری، أي السادس من بهمن، في الأذهان و الخواطر و هي من الملاحم البارزة للشعب الإيراني و يعود الفخر فيها لأهالي مدينة آمل.
نعم أنا أيضاً أعتقد أنه يجب أن لا يخبو في الأذهان بريق هذه الذكريات العظيمة و الأحداث النادرة و المصيرية لتاريخ الثورة. ينبغي لجيلنا الشاب أن يعرف هذه المناسبات بصورة صحيحة و يتمكن من تحليلها و يجعلها نبراساً لطريقه المستقبلي الحافل بالأحداث و لأهدافه السامية.
طبعاً مفاخر مازندران، و في هذه المناسبة علی الخصوص أهالي آمل، ليست بالقليلة. سواء في ميدان الجهاد في سبيل الله أو في ساحة العلم و الفقه و المعرفة و العرفان لآمل - و الحق يذكر - وجه مشرق مجيد. و اليوم أيضاً و الحمد لله فإن الشخصيات العلمائية الكبيرة من آمل هي من مفاخر الحوزات العلمية و من الأرصدة العلمية الدينية القيمة في بلادنا. و أيضاً خلال الامتحان العظيم المتمثل بالحرب المفروضة التي استمرت ثمانية أعوام كانت مدينة آمل و محافظة مازندران الكبری من المناطق الفاخرة و المجيدة في البلاد. كنت في حينها علی معرفة بالألوية المتواجدة في مازندران و بالتعبويين المنتمين لها و الشباب المضحين فيها. كنت أعرفهم من قريب أو بعيد و أعرف تضحياتهم و جهادهم. هذه أمور لن تبرح ذاكرة الثورة. تلاحظون بناءً شامخاً متيناً عظيماً.. فمن الذي وضع هذه اللبنات و الأحجار علی بعضها لكي يرتفع هذا البناء؟ من الذي استطاع تنفيذ هذه الخريطة الفاخرة عملياً و إيجاد هذا الصرح؟ و هل يمكن تجاهل دور تلك الأحداث و الشخصيات التي كان من شأن كدّها و عملها و جهادها و تضحياتها و شعورها بالمسؤولية أن يكوّن هذا البناء ذرة ذرة ليرتفع و يتشكل و يعظم؟ من الأخطاء التي تقع أحياناً تجاهل هؤلاء الذين مارسوا الأدوار الكبيرة.
«مدينة الألف خندق».. هل هذا تعبير قليل؟ و هل هو كلام بسيط؟ كانت قضية السادس من بهمن من الأهمية بحيث أدرجها إمامنا الجليل في وصيته التاريخية و جعلها ذكری لكي لا تنسی. فلماذا يجب أن لا تنسی؟ لأن في الأحداث التاريخية دروس و عبر. القضايا التي تجري علی الشعب غالباً ما تتكرر في مقاطع التاريخ المختلفة. مضت الآن ثمانية و عشرون عاماً علی ذلك الزمن، لكن طريق الجمهورية الإسلامية لم يتغير. و أعداء الجمهورية الإسلامية لم يتغيروا. إذن ما حدث يومذاك يمكن أن يكون درساً و عبرة للحاضر و للمستقبل طالما كان الشعب الإيراني بحول الله و قوته محباً لهذه المبادئ و هذه الثورة. لذلك يجب أن لا تنسی.
و لنقل كلمة أخری في فضل السادس من بهمن في مدينة آمل: ما معنی «الألف خندق»‌؟ ظاهر الأمر هو أن الناس في داخل المدينة أوجدوا خنادق لمجابهة الجماعات الشريرة المعتدية - إما إنها كانت ألف خندق أو تزيد أو تنقص - و لكن لي تفسير آخر: هذه الخنادق ليست خنادق الشوارع بل هي خنادق القلوب. و هي ليست ألف خندق بل هي آلاف الخنادق. بعدد كل المؤمنين و المندفعين الشرفاء هناك خنادق لمواجهة هجمات الأعداء. إذا سار الشعب لنيل هدف معين و لم يعلم ما هي الأخطار التي تكمن له في الطريق و ما الذي ينبغي له أن يفعله في مواجهتها و إذا ترك نفسه و لم يتقيد و لم يحذر و كان لاأبالياً فسوف يتلقی ضربات. كافة الشعوب التي سارت باتجاه هدف معين كبير و تلقت الضربات وسط الطريق و أحياناً سقطت سقوطاً لم تستطع النهوض منه لقرون، إنما ابتدأت مشكلتها من هنا: لم تعلم ما الذي ينتظرها و لم تهيأ نفسها لمواجهة ما صادفته في طريقها. دروس الماضي تساعدنا علی فهم طريقنا و معرفته و معرفة الكمائن و من فيها.
انتصرت الثورة الإسلامية بكل تلك العظمة. و وقف أبناء الشعب بأجسادهم العزلاء غير المدرعة أمام أسلحة عملاء النظام المتجبر و عملوا علی انتصار الثورة. ثم جاء نفس هؤلاء الناس و منحوا أصواتهم للجمهورية الإسلامية و انتخبوها. حسناً ما الذي يفعله الإنسان المنصف الشريف مقابل إرادة الشعب هذه؟ البعض نزلوا إلی وسط الساحة و ادعوا مناصرة الجماهير و الديمقراطية و الشعب و عندها اصطدموا بنفس هذا الشعب الذي أسس هذا النظام بأغلی الأثمان. كان فيهم المنافق و الكافر الصريح و المناصر للغرب و المتظاهر بالدين. كل هؤلاء صاروا جبهة واحدة و حركة واحدة مقابل النظام الإسلامي و الشعب الإيراني. زعموا مناصرة الشعب و اصطدموا بالشعب. زعموا التحيز للديمقراطية و أصوات الشعب و اشتبكوا مع أصوات الشعب و نتائج أصوات الشعب. زعموا الثقافة و الاستنارة و التفكير الحر و تقبّلوا بطريقة متحجرة الأطر المستعارة من المفكرين الغربيين و الممتزجة بسوء النوايا و سوء الطويّة. وقفوا بوجه الشعب الإيراني. بداية أخذوا يعترضون علی الإمام و الجمهورية الإسلامية و مبادئ الإمام بالكلام الثقافي أو شبه الثقافي و راحوا يوجهون النقود و الكلام و ما إلی ذلك، و بعد مدة تركوا شيئاً فشيئاً المجاملات جانباً و نزلوا إلی الساحة و بدلوا الصراع الفكري و السياسي إلی صراع مسلح و توترات و اضطرابات و أخذوا يخلقون المشاكل و المتاعب. هذه أحداث وقعت في بلادنا و هي ليست من التاريخ البعيد بل وقعت في العقد الأول من الثورة. بدل أن يفكروا و يتأملوا ما هي مشكلات البلاد - كانت بلادنا تواجه مشكلات كثيرة بعضها موروث عن الماضي و بعضها فرض علينا - و يساعدوا علی حلها و يمدوا يد العون للمسؤولين فيقدموا التوجيهات إذا بدی لهم أنهم يجب أن يقدموا التوجيهات، أو يتحملوا بعض الأعباء، بدل كل هذا راحوا يصطدمون و يعارضون و يسيئون، ثم جابهوا الناس أينما استطاعوا في القطاعات و المواطن المختلفة. كان البلد مشتبكاً في الحرب علی الحدود فلم يأبهوا حتی للحرب و راحوا يجابهون الجمهورية الإسلامية و النظام في شوارع طهران و في تقاطع الطرقات و أينما استطاعوا.
ليس للجمهورية الإسلامية هوية غير هوية الشعب و إيمانه و عزيمته. و كذلك الحال اليوم أيضاً. إننا لسنا بشيء مهم. الله تعالی يحمي هذا النظام بواسطة هذا الشعب و هذه القلوب. «هو الذي أيّدك بنصره و بالمؤمنين»(1) . يقول الله تعالی لرسوله إنه أيده بالمؤمنين. و كذا الحال بالنسبة للجمهورية الإسلامية اليوم أيضاً. ليس لدينا وسيلة أخری. الوسيلة هي إيمان الشعب الذي يعدّ سلاحاً أمضی من أي سلاح و وسيلة أكثر تأثيراً من أية وسيلة أخری. و كان الحال كذلك يومذاك أيضاً حيث نزل الناس إلی الساحة و انتصروا علی هذه المؤامرات. طبعاً حينما يجري الانتصار علی مؤامرة فليس معنی ذلك أن المؤامرات قد انتهت. العدو يقظ علی كل حال و يختلق لعبة أخری و مؤامرة أخری و أحداثاً أخری . إذا كان الشعب يقظاً فلن يؤثر ذلك شيئاً، حتی لو حاكوا مائة مؤامرة سيقف الشعب إزاءها و يواصل مسيرته. المسيرة الضخمة للشعب الإيراني لن تتوقف. الشعب يتقدم و يواجه في الوقت نفسه المعارضات و العداوات و المضايقات. هذا هو الوضع الذي كان طوال هذه الأعوام الثلاثين.
كانت ثمة أخطاء لدی معارضي الجمهورية الإسلامية طالما بقيت فيهم فإن كل ما يفعلونه قد يسبب للشعب بعض الإيذاء و المضايقة لكنه يعود علی الأعداء أنفسهم بأضرار أكبر. من هذه الأخطاء أن معارضي الجمهورية الإسلامية غالباً ما تصوروا أنفسهم فوق الشعب و أعلی منه. و الخطأ الثاني أنهم ارتبطوا بأعداء هذا الشعب و عقدوا عليهم الآمال. هذان هما الخطآن الكبيران. حينما خالوا أنفسهم فوق الناس ستكون نتيجة ذلك أن الشعب إذا أراد شيئاً أو لم يرد شيئاً أو فعل شيئاً أو انتخب شيئاً في إطار خطوة قانونية قال هؤلاء: لا، الناس كانوا عواماً و هذه نزعة عامية و پوپوليسم و نحن لا نرضی ذلك. هنا تظهر حالة التعالي علی الشعب. ليس الادعاء ملاكاً كأن يقولوا نحن شعبيون و مع الشعب، إنما ينبغي إثبات الحالة الشعبية علی المستوی العملي. هذا هو الإشكال الأول.
الإشكال الثاني أنهم يرتبطون بأعداء هذا الشعب الذين ثبت عداؤهم و اتضح. من الذي عادی هذا الشعب طوال هذه الأعوام الثلاثين؟ أمريكا و الصهيونية بالدرجة الأولی . هل هناك أعدی من هؤلاء للجمهورية الإسلامية؟ منذ اليوم الأول وقفت الحكومة الأمريكية و الكيان الصهيوني و الصهاينة في العالم بوجه نظام الجمهورية الإسلامية. و هم اليوم أيضاً - للحق و الإنصاف - أعدی الأعداء. أنني حينما أنظر أجد أحياناً أن بعض الحكومات الغربية تطلق كلاماً غير مدروس و غير ذي معنی لكن المحفز و المحرض هم الصهاينة. الدافع هم الطبقة المتسلطة المهيمنة علی الحكومة الأمريكية و الدولة الأمريكية و الانتخابات الأمريكية. هم الذين يديرون المسرح. لذلك فهم ألدّ أعداء الشعب الإيراني.
و إذا ارتبط بهم من يقف بوجه الشعب كان ذلك الخطأ. الارتباط بالعدو؟ حينما نری هذا العدو ينزل إلی الساحة فيجب علينا أن نفهم ذلك و نعرفه. و إذا كنا قد ارتكبنا خطأ فعلينا تلافي الخطأ و تصحيحه. تآمر الأمريكان ضد الجمهورية الإسلامية منذ اليوم الأول. و من فضلة القول أن نقول إن هذه المؤامرات كانت عديمة التأثير. واضح أنها كانت عديمة التأثير. لو لم تكن عديمة التأثير لما بقي أثر اليوم للجمهورية الإسلامية. و ترون راهناً أن الجمهورية الإسلامية أقوی من يومها الأول عشرات المرات. إذن كانت تلك المؤامرات عديمة التأثير. و اليوم أيضاً لا يفتأون يرسمون الخطط الجديدة و المؤامرات و لا يعتبرون. و أنا استغرب ألا يفكرون في الماضي فيقولوا لأنفسهم: مارسنا كل هذه المؤامرات و أنفقنا كل هذه الأموال ضد الجمهورية الإسلامية، و ذهبنا هنا و هناك و التقينا بهذا و ذاك، و ربّينا المرتزقة في الداخل، و عبّأنا في الخارج فلاناً و فلاناً ضد الجمهورية الإسلامية، فلم يؤثر ذلك شيئاً. يأتون مرة أخری و يصادقون علی ميزانية قدرها 45 مليون دولار لإسقاط الجمهورية الإسلامية! يصادقون علی ميزانية للقضاء علی ثورة إيران و إسقاط الجمهورية الإسلامية عن طريق الأنترنت! لاحظوا كم هذا العدو بائس و عاجز. كم 45 مليون دولار سابقة أنفقتموها لحد الآن؟ كم عملتم عملاً دبلوماسياً لدحر الجمهورية الإسلامية و كم فرضتم من الحظر الاقتصادي و حكتم صنوف المؤامرات و بعثتم الجواسيس و دربتموهم، فما الفائدة التي جنيتموها حتی تريدون السير في هذا الطريق مرة أخری لفصل الشعب الإيراني عن الثورة حسب ما تتوهمون؟ هذا ما لا يفهمه الأعداء. و هذه هي السنة الألهية. إنها الضرب علی أعين العدو الغافل و آذانه من قبل الله تعالی حتی لا يفهم الحقائق و يبقی غافلاً «فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة»(2). ينفقون الأموال ثم يتحسرون عليها لأنها ذهبت هدراً. أنا لا أدري كم جلسوا و خططوا و عملوا حتی يستطيعوا إشعال اضطراب في طهران بذريعة من الذرائع. الله يعلم منذ كم من الوقت جلس هؤلاء و خططوا، فما كانت النتيجة؟ هل سوی أن استيقظ الناس أكثر مما كانوا؟ إذا كان شخص من أبناء الشعب يتصور أنه لم يعد ثمة حاجة لتواجده في الساحة للدفاع عن نظام الجمهورية الإسلامية فمع هذه الأحداث شعر الجميع أن عليهم التواجد دائماً للدفاع عن الجمهورية الإسلامية.
و أحياناً تطلق هذه الألاعيب التي يختلقها العدو لأجل ابتزاز الجمهورية الإسلامية. و قد كان الحال كذلك في بداية الثورة أيضاً. بعض الألاعيب التي كانوا يفعلونها كانت من أجل أن يفرضوا علی نظام الجمهورية الإسلامية إشراكهم في السلطة من دون استحقاق و من دون أن يكون الناس قد أرادوا ذلك و من دون رصيد شعبي و جماهيري. أحياناً يختلق أعداؤنا الدوليون هذه الضجات من أجل فرض ابتزاز معين علی الجمهورية الإسلامية ككثير من الحكومات التي بمجرد أن تشعر بخطر تذهب و تعلن عن استعدادها لدفع ابتزاز أمام الأرباب الأكابر، ابتزاز مالي أو ابتزاز سياسي. الإمام لم يخضع للابتزاز - ليعلم الجميع هذا - و نحن أيضاً لن نخضع للابتزاز لا من طرف شعبنا و لا من طرفنا. عندنا كلمة حق و نحن مصرون علی كلمة الحق هذه. إننا لم نرتكب ذنباً. إننا نريد أن نكون شعباً لا يسيطر علينا أقوياء العالم و نتولی نحن بأنفسنا إدارة شؤوننا. نريد أن نكون شعباً متوثباً و متحركاً إلی الأمام. نروم أن نكون شعباً نثبت الإسلام علی المستوی العملي و ليس بمجرد الادعاءات. نريد أن نعمل بالأحكام الإلهية. نروم أن يكون مجتمعنا مجتمعاً مسلماً إسلامياً. لا نريد أن نتقبل ما يحيكه و يتوهمه المفكرون الماديون و الساسة الغربيون كدساتير لحياتنا. نريد أن نقبل حكم الله. فهل هذه جريمة؟
و قد أدركنا أننا إذا أردنا أن نعيش مسلمين فيجب أن نكون مقتدرين حتی نستطيع الدفاع مقابل الأعداء عن أنفسنا و عن أهدافنا و عن عقائدنا. ينبغي أن نكون أقوياء حتی نستطيع الدفاع عن حقوق بلدنا و حقوق شعبنا و حقوقنا. هذا ما نرنو إليه. فهل هذا جريمة يرتكبها الشعب؟ إذن، كلامنا حق. و نحن صامدون علی هذا الحق. و نعتقد أن الحق حينما يشتبك و يتجابه مع الباطل، إذا كان أصحاب الحق صادقين في صمودهم علی الحق فإن الباطل سيهزم لا محالة. و قد جربنا و كانت هذه هي النتيجة. لقد جربنا طوال الثلاثين عاماً المنصرمة و صمدنا و تقدمنا إلی الأمام. أينما تجدون تراجعاً أو إخفاقاً فما ذلك إلا لأن صمودنا قد تضعضع. و أينما صمدنا تقدمنا إلی الأمام. و كذا سيكون الحال بعد الآن أيضاً.
ما يلزمنا هو أن لا يفقد أبناء الشعب و المسؤولون و غير المسؤولين و خصوصاً الشباب و خصوصاً من لهم كلمة مؤثرة، أن لا يفقدوا شعورهم بمسؤولية التواجد في الساحة. لا يقل أحد إنني لا يقع علی عاتقي واجب أو مسؤولية.. الكل مسؤولون. و ليس معنی المسؤولية أن نحمل السلاح و نمشي في الشارع. يجب أن نشعر بالمسؤولية في أي عمل أو موقع كنا.. مسؤولية الدفاع عن الثورة و نظام الجمهورية الإسلامية، أي عن الإسلام و عن حقوق الشعب و عن عزة البلاد. هذا هو الشرط الأول. علینا جميعاً الشعور بهذه المسؤولية. و أری أننا نتحلی بمثل هذا الشعور بالمسؤولية. لقد أثبتت جماهير بلادنا هذا المعنی و ستثبته. النموذج الجلي لذلك هو يوم التاسع من دي الذي أشير إليه. و هناك نماذج أخری. الثاني و العشرون من بهمن علی الأبواب و عشرة الفجر قريبة. لقد أبدی الشعب تواجده و استعداده و حيويته و نشاطه و سيبديه أيضاً.
مسؤولو البلاد خصوصاً يجب أن يبذلوا كل جهدهم لمعالجة المشكلات بأيدي التدبير و العمل المستمر و عدم التعب و بكل شوق و ذوق و توكل علی الله و استمداد للعون منه. ليس القصد مجرد المشكلات السياسية و الأمنية - فهذه جزء من المشكلات - إنما القصد التقدم بالبلاد إلی الأمام في مجال الاقتصاد و العلم و المسائل الاجتماعية المختلفة التي تقع علی عاتق المسؤولين. ليعلم مسؤولو السلطات الثلاث و جميع مسؤولي البلاد أن من واجبهم العمل لهذا الشعب.. العمل و العمل و العمل. و التدبير و التدبير و التدبير. لا تغفلوا لحظة واحدة. إننا نسير مسيرة جيدة إلی الأمام فلا تسمحوا لهذه المسيرة بأن تتوقف. يجب أن لا تخرج هذه الحركة عن مسارها. إننا نتقدم و يجب أن نواصل التقدم إلی الأمام. بل يجب أن نضاعف من سرعتنا و نزيدها شمولاً و نستوعب بها المناطق التي لم تكن تستوعبها من قبل.
و واجب أبناء الشعب حيال المسؤولين هو الثقة بهم و مواكبتهم. الثقة بالمسؤولين و مواكبتهم ليس معناها أن لا ننبّه المسؤولين و لا نلفت نظرهم و لا ننتقدهم حينما يلزم النقد، لا، و لكن لنكن سوية. من أهداف العدو زعزعة ثقة الشعب بالمسؤولين في البلاد. هذه حيلة الأعداء. إذن، الواجب العام علی الجميع - من أولنا إلی آخرنا - هو التواجد في ساحة الثورة و ميدان الدفاع عن البلد حيال جبهة الأعداء، و لحسن الحظ فإن هذه الجبهة اليوم متأخرة كثيراً كثيراً عمّا كانت عليه قبل ثلاثين سنة و مشاكلها أكثر. إنهم متورطون في أفغانستان و في العراق و في باكستان و قد ورطوا أنفسهم أخيراً في اليمن. لديهم مشاكلهم مع شعوب منطقتنا و مع شعوبهم و لهم مشاكلهم في أوربا.
من واجب الجميع الشعور بمسؤولية التواجد في الساحة مقابل جبهة الأعداء هذه. وظيفة المسؤولين هي العمل و اغتنام الوقت لخدمة الشعب و اغتنام كل لحظة و كل ساعة للعمل و حل العقد و معالجة المشكلات. و الواجب العام حيال المسؤولين هو الثقة بهم و مواكبتهم و دعمهم و مساعدتهم. إذا كان لدی أحد وجهة نظر للمساعدة فليذكرها. و إذا كان لدی أحد اعتراض فلا مانع من الاعتراض، و لكن يجب أن لا يتحول الاعتراض إلی مجابهة و إنما ينبغي أن يكون من قبيل المواكبة كما لو يعترض جندي علی صاحبه الذي معه في خندق واحد فيقول له مثلاً لماذا مددت رجلك أو لماذا نمت؟ هذان الجنديان ليسا مقابل بعضهما.
اعلموا يا أعزائي أن يد القدرة الإلهية بحسب القرائن العديدة سند لشعبنا. اعلموا أن دعاء إمامنا المهدي المنتظر (أرواحنا فداه) المستجاب سيشمل شعبنا إن شاء الله. و اعلموا أن الله تعالی سيبلغ بتوفيقه و فضله هذا الشعب أهدافه السامية و آماله الكبيرة، و سوف يذل الأعداء حيالكم.
ربنا تعامل مع هذا الشعب الكبير علی قدر إيمانه و نواياه و قلوبه الطاهرة. اللهم احشر شهداءنا الأبرار و شهداء حادثة آمل و شهداء محافظة مازندران مع أوليائك. اللهم احشر إمامنا الجليل و أرواح الشهداء مع أئمة الهدی.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

الهوامش:
1) سورة الأنفال، الآية 62.
2) سورة الأنفال، الآية 36.