بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيدنا و نبينا أبي القاسم المصطفى محمد و على آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين، سيما بقية الله في الأرضين.
لمحرم أهمية تاريخية و معنوية و إنسانية
الجلسة ذات معنى و مغزى كبير، و نتمنى أن تشمل البركات و الرحمات و الهداية الإلهية هذه الجلسة الكبيرة، و أن يحفظنا الله تعالى جميعاً. كانت كلمة رئيس جمهوريتنا العزيز جد وافية و شافية و تحمل العديد من مكنونات قلبي. عبّر عن أفكار جيدة و نقاط مهمة ببيان جيد. نتمنى أن يتفهم جميع أبناء الشعب هذه المفاهيم الجيدة و المميزة و ينتفعوا مثلما انتفعنا.
تصادف هذه الأيام بداية العام الهجري القمري و أيام محرم، و تصادف أيضاً أعتاب السنة الشمسية الجديدة. أيام محرم لها عندنا أهمية تاريخية و معنوية و إنسانية. و واقعة محرم ليست واقعة تبلى بالتكرار و إقامة المراسم. الذكر و التذكير حالة دائمية و ضرورية في كل الأوقات. في بداية كلمتي سأتحدث قليلاً عن قضية ثورة الإمام الحسين عليه الصلاة و السلام.
مجابهة الطواغيت أهم واجبات الأنبياء
لقد أبدى البشر طوال التاريخ أكبر قدر من الأخطاء و المعاصي و مجانبة التقوى في ساحة الحكم و الدولة. الذنوب التي صدرت عن الحكام و الساسة و المسلطين على مصائر الناس لا تقبل المقارنة مع الذنوب الكبار جداً للأفراد العاديين. في هذا المجال قلما استخدم الإنسان عقله و أخلاقه و حكمته. و في هذا الميدان كانت سيادة المنطق أقل بكثير منها في الميادين الأخرى من حياة الإنسان. الذين دفعوا ثمن هذا الابتعاد عن العقل و المنطق، و هذا الفساد و مقارنة الذنوب هم أبناء البشر، أحياناً أبناء مجتمع معين و في أحيان أخرى أبناء عدة مجتمعات. كانت هذه الحكومات في بداياتهاعلى شكل استبداد فردي، ثم تحولت مع تطور المجتمعات البشرية إلى استبداد جماعي منظم. لذلك كان أهم أعمال الأنبياء الإلهيين العظام مجابهة الطواغيت و الذين يضيعون أنعم الله: (و إذا تولّى سعى في الأرض ليفسد فيها و يهلك الحرث و النسل)(1). تذكر الآية القرآنية هذه الحكومات الفاسدة بهذه التعابير الشديدة . لقد حاولوا تعميم الفساد و عولمته. (ألم ترى إلى الذين بدلوا نعمة الله كفراً و أحلّوا قومهم دار البوار جهنم يصلونها و بئس القرار)(2) . أبدلوا النعم الإلهية و الإنسانية و الطبيعية كفراناً، و احرقوا الناس الذين كان يجب أن يتمتعوا بهذه النعم، في جحيم محرقة أوجدوها بكفرانهم. اصطف الأنبياء مقابل هؤلاء. و لو لم يجابه الأنبياء طواغيت العالم و عتاة التاريخ لما كانت ثمة حاجة للحروب و النزاعات. حين يقول القرآن الكريم: (و كأين من نبي قاتل معه ربيون كثير)(3) ما أكثر الأنبياء الذين قاتلوا و حاربوا برفقة المؤمنين الموحدين.. مع من كانت هذه الحروب؟ الجانب الآخر في حروب الأنبياء هي الحكومات الفاسدة و القوى العاتية الطاغية في التاريخ التي جلبت على الإنسانية التعاسة و الدمار.
إنزال الكتب و إرسال الرسل من أجل سيادة القسط و العدل
الأنبياء هم منقذو البشر. لذلك يذكر القرآن الكريم أن أحد الأهداف الكبرى للنبوات و الرسالات هو إقامة العدل: (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات و أنزلنا معهم الكتاب و الميزان ليقوم الناس بالقسط)(4). بل إن إنزال الكتب الإلهية و إرسال الرسل كانت أساساً من أجل تسويد القسط و العدل في المجتمعات، أي لرفع رموز الظلم و العسف و الفساد. و قد كانت حركة الإمام الحسين (عليه السلام) مثل هذه الحركة. يقول: إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي(5) و قد قال: من رأى سلطاناً جائراً مستحلاً لحرام الله أو تاركاً لعهد الله مخالفاً لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم و العدوان، ثم لم يغيّر عليه بقول و لا فعل، كان حقاً على الله أن يدخله مدخله(6). بمعنى: إذا شاهد أحد قطب الظلم و الفساد و لم يكترث له كان مصيره عند الله تعالى نفس مصير ذلك القطب الفاسد. يقول عليه السلام إنني لم أخرج للتمرد و التفرعن. كانت دعوة أهل العراق للإمام الحسين (عليه السلام) من أجل أن يحكم، و قد استجاب الإمام الحسين لهذه الدعوة. أي إن الإمام الحسين (عليه السلام) لم يكن عديم التفكير في الحكومة و استلازم زمام الحكم. كان الإمام الحسين (عليه السلام) يفكر بضرب القوى الطاغوتية، سواء باستلام السلطة أو بالاستشهاد و التضحية بالدم.
صمت أدعياء الحق حيال الظلم
كان الإمام الحسين (عليه السلام) يعلم إنه إذا لم يقم بهذا التحرك لكان هذا منه إمضاءً و صمتاً و سكوناً يُنزل بالإسلام ما يُنزل. حينما تمسك قوةٌ بجميع إمكانيات المجتمعات أو بإمكانيات مجتمع واحد، و تنتهج سبيل الطغيان و تسير فيه، إذا لم يقف بوجهها رجال الحق و دعاته و لم يؤشروا إلى مواطن الخطأ في مسيرتها، فإنهم إنما يمضون ممارساتها بفعلهم هذا، أي إن الظلم سينال إمضاء أهل الحق من دون أن يشاءوا ذلك. كان هذا خطأً و ذنباً ارتكبه يومذاك الأكابر و أبناء السادة من بني هاشم و أبناء الشخصيات الكبرى في صدر الإسلام. لم يطق الإمام الحسين (عليه السلام) ذلك، فثار.
ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) إحياء للعقل و المنطق
يروى أنه بعد عودة الإمام السجاد (عليه السلام) إلى المدينة المنورة عقب واقعة عاشوراء - ربما كانت المدة الزمنية من خروج هذه القافلة من المدينة حتى عودتها، عشرة أشهر أو أحد عشر شهراً - جاءه أحد الرجال و قال له: يا بن رسول الله أرأيت ما الذي حصل بذهابكم؟ و كان على حق، فهذه القافلة حينما سارت كان الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) شمس أهل البيت المشرقة و ابن رسول الله و العزيز على قلبه على رأسها و بين أفرادها. و ابنة أمير المؤمنين قد سارت في القافلة بعزة و شموخ، و سار فيها أبناء أمير المؤمنين، العباس و سواه، و أبناء الإمام الحسين، و أبناء الإمام الحسن، و الشباب الألمعيون الأفذاذ من بني هاشم، كلهم ساروا في هذه القافلة، و ها هي الآن تعود و ليس فيها إلاّ رجل واحد هو الإمام السجاد (عليه السلام). و النساء ذقن طعم الأسر و الفجيعة و الثكل، و لم يعد هناك الإمام الحسين، و لا علي الأكبر، و لا حتى الطفل الرضيع. فقال الإمام السجاد (عليه السلام) جواباً لذلك الرجل: تصوّر ماذا كان سيحدث لو لم نذهب! نعم، لو لم يذهبوا لبقيت الأجسام حيّة و لكن لماتت الحقيقة و لذابت الروح و لسحقت الضمائر، و لأدين العقل و المنطق على مرّ التاريخ، و لما بقي من الإسلام حتى اسمه.
الإيمان بالكفاح المشعل الوحيد المنوّر للقلوب
حركة الثورة الإسلامية و النظام الإسلامي في زماننا هي بهذا الاتجاه. الذين شرعوا بهذه الحركة ربما خطر بأذهانهم أنهم سيستلمون السلطة يوماً و يؤسسون نظام الحكم الذي يريدونه، و لكن كان يخطر في أذهانهم أيضاً و بقوة أنهم قد يستشهدون في هذا السبيل أو يعيشون عمرهم كله في كفاح و مشقة و إخفاق. كان كلا السبيلين موجوداً، بالضبط كحركة الإمام الحسين (عليه السلام). في سنة 41 و 42 و بعد أعوام العسر السوداء و القمع في السجون، كان المشعل الوحيد الذي يدفّىء القلوب و يحضها على الحركة هو مشعل الإيمان بالكفاح، و ليس حبّ استلام السلطة. هذا الدرب هو درب الإمام الحسين (عليه السلام)، و الظروف الزمانية و المكانية قد تغيرت. تارة تتوفر الإمكانيات و ترفع راية الحكومة الإسلامية، و أحياناً لا تتوفر هذه الإمكانيات في الدرب فينتهي الأمر إلى الاستشهاد. ثمة الكثير من هذه النماذج على طول التاريخ.
العلوم البشرية المعقدة في خدمة أهداف غير نزيهة
في الفترة التي وضع فيها الإمام أقدامه في هذا الطريق كانت العلاقات الإنسانية و ظروف الزمن أعقد بكثير من الزمن الذي وضع فيه الإمام الحسين (عليه السلام) أقدامه في هذا الدرب، و لا تزال العلاقات بين البشر تتعقد يوماً بعد يوم. تقاربت الطرق و تسهّلت الاتصالات لكن العلاقات تعقدت و صعبت، و ازدادت العوامل المتنوعة المؤثرة في كل حدث. الذين ينوبون اليوم عن يزيد بن معاوية في ذلك الزمن يمكنهم تركيز اهتمامهم على كل العالم، أي نشر الطغيان و الفساد في كل البشرية. هذا شيء ممكن عملياً في الوقت الحاضر بواسطة الاتصالات القريبة، و للأسف ثمة طغيان في العالم و هو ينمو و ينتشر. التقنية المتقدمة و العلوم المعقدة. بمقدار ما وفرت للناس العاديين السهولة و السرعة، وفرت الإمكانيات و السهولة و السرعة للنوايا و الأهداف غير النزيهة. بمقدور القوى الطاغوتية في العالم اليوم أن تجعل هدفها الهيمنة على العالم و على كل البشرية و على كافة مصادر الثروة لدى الإنسان. بوسعها أن تجعل هدفها تدمير كل الموانع و العقبات التي تصدها في سبيلها هذا، و للأسف تلاحظ في العالم أحياناً حالات طغيان كبرى تدل على مثل هذه الأهداف القذرة الخبيثة. الواجب اليوم جسيم جداً.
النظام العالمي الجديد هدف الخطط الأميركية
بعد انهيار المعسكر الشيوعي، حينما أعلن رئيس جمهورية أمريكا في حينها - والد رئيس الجمهورية في أمريكا حالياً - عن النظام العالمي الجديد، فقد كشف عن الهدف الاستكباري القديم لأمريكا، و أفصح عن ما في ضميره و ما في ضمير أجهزة التخطيط الأمريكية. و لم يكن هذا الأمر مختصاً بذلك الزمن، فقد قرروا منذ عشرات الأعوام و أعلنوا بأنهم لن يسمحوا لأية قوة أخرى بالدخول إلى أمريكا اللاتينية. يعتبرون أمريكا اللاتينية منطقة خاصة بحكومة الولايات المتحدة الأمريكية. ثم اتسع هذا المعنى ليشمل العالم كله، لكنهم لم يكونوا يذكرون هذا الشيء كهدف معلن و لا تلهج به ألسنتهم. بعد أن شعروا أنه لا يوجد أمامهم منافس كبير كالاتحاد السوفيتي، أعلنوا عن هذا الهدف بصراحة نسبية و رفعوا شعارات عالم بقطب واحد، و النظام العالمي الجديد، و قوة واحدة تهيمن على كل العالم. الهدف الذي تدل عليه ممارسات أمريكا طوال هذه العقود. الهدف هو نشر الهيمنة العسكرية، و تبعاً لذلك الهيمنة السياسية و الاقتصادية، و كل ذلك لصالح الشركات التي ترسم هي في الحقيقة سياسة الحكومة الأمريكية. هذه الشركات هي التي تحدد الاتجاهات و المسارات. هذه حقائق إذا أدركها الإنسان المعاصر فسوف يتخذ قراره في الوقت المناسب. إذا علمت الجماهير ما الذي يجري في عالمهم فسوف يكتسبون القدرة على اتخاذ المواقف و القرارات. بوسع الشعوب القيام بأعمال كبيرة.
دور الحكومة الأمريكية في إسقاط أربعين حكومة مستقلة
زوّدوني بإحصائيات تفيد أن الحكومة الأمريكية كان لها منذ سنة 1945 و إلى اليوم دور في إسقاط أربعين حكومة مستقلة غير تابعة لأمريكا، و كان لها تدخلها العسكري في أكثر من عشرين موطن و حالة! ترافقت هذه التدخلات بلا استثناء بحالات قتل جماعي و فجائع كبيرة. و كان النجاح حليف أمريكا في بعضها، بينما لم تنجح في حالات أخرى. ما يجول في أذهاننا و لا يفارقها هو أمثلة ساطعة و جلية، منها القصف النووي لليابان في نهاية الحرب العالمية الثانية التي أشار لها السيد رئيس الجمهورية. و هناك مثال فيتنام و ما دار فيه من حروب دامية و تلك الفجائع التي لا تنسى و التي انتهت بإخفاق أمريكا، و مثال شيلي، و مثال إيران نفسها في انقلاب 28 مرداد - حيث جاء المأمور الأمريكي إلى طهران و خطّط و عمل، ثم أعلن هو نفسه عن هذه الحقيقة و نشرت الوثائق و هي الآن في متناول أيدي الجميع - و كذلك في أماكن عديدة أخرى. السبب في كل ذلك هو الشركات الاقتصادية الكبرى، و زعماء المال الكبار في أمريكا، و الأحزاب المتعطشة للسلطة و الهيمنة، و المجاميع الصهيونية المتنفذة، و الشخصيات غير السويّة من الناحية الفكرية و الأخلاقية و التي تمسك بزمام الأمور و الأعمال. هذه ملفات جد ثقيلة و ماضٍ جد مخزٍ. هذه ليست بالأشياء الصغيرة. القضاء على البشر غير مهم بالنسبة لهم، و إهدار الثروات غير مهم بالنسبة لهم، و سحق العدالة غير مهم بالنسبة لهم، و الفجائع الإنسانية غير مهمة بالنسبة لهم.. لا تشكل أي من هذه الأمور موانع في طريقهم. طبعاً، من أجل حفظ الظواهر يستخدمون إمكاناتهم الإعلامية الهائلة. ذكروا عبارة الصوت الأعلى و هي عبارة صحيحة. يحاولون بصوتهم الأعلى تنظيم المناخ العالمي بنحو يتكتمون معه على هذه الفجائع، و إظهار أنفسهم باعتبارهم مناصرين للسلام و الديمقراطية و حقوق الإنسان.
إطلاق المبادئ السليمة ظاهرياً باعتبارها مبادئ أمريكية
تجري حالياً محاولات لتعريف المبادئ السليمة في ظاهرها على أنها مبادئ أمريكية. أشار رئيس جمهورية أمريكا في كلمة له في الكونغرس الأمريكي إلى هذا الموضوع، و بعد ذلك أصدر للأسف عدد من المثقفين الأمريكيين بياناً مطولاً لتوفير رصيد نظري لهذا الكلام، و قد ذكروا للعالم أشياء هي بخلاف الواقع، أي إنهم كذبوا على مستمعيهم. حاولوا التكتم على أصل القضية ألا و هي الجشع و التعطش للهيمنة و السلطة على العالم. طبعاً الرأي العام الأمريكي مهم جداً بالنسبة لهم - شريان حياتهم بيد الشعب الأمريكي - و سمعت أنه بسبب أن البيان أشار إلى بعض نقاط الضعف في أمريكا - و هي طبعاً نقاط ضعف صغيرة جداً في قبال نقاط ضعف كبيرة في أمريكا - لم ينشر أدعياء حرية الفكر و التعبير عن الرأي هذا البيان في داخل أمريكا! في نفس هذا البيان الواضح جداً و بلا شك أنه أعِدّ بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية و العسكرية و الاستخبارية الأمريكية، لأن بعض مقاطعه لم تكن مما يرغبون فيه، أي إنها اشتملت على قليل - قليل جداً و ليس كثيراً - من كشف الحقائق - و ستعرفون ذلك إذا اطلعتم على البيان - لم يسمحوا بنشر البيان كاملاً في داخل الولايات المتحدة، بل نشروه في مناطق أخرى من العالم. نشروا داخل أمريكا الأجزاء الخاصة بالحرب ليثبتوا أن بوش ينشد حرباً عادلة! حرب تنطوي على الدفاع عن المصالح الوطنية الأمريكية. نشروا هذا الجزء فقط.
مواجهة خطر أعدّوا له ركائز نظرية
إننا نواجه اليوم خطراً أعدوا له ركائز نظرية لخداع الرأي العام، و عرضوه في الواجهة. تعاضد السياسة و بعض المثقفين و وضعوا يداً بيد ليطلقوا في العالم هذا الواقع المحرّف. و وراء هذا الكلام تلك الأهداف الدائمية.. أطماع الهيمنة على العالم، و التسلط على جميع الثروات، و عدم إطاقة بلد واحد أو حكومة مستقلة واحدة غير مستعدة لقبول السياسات الأمريكية و الدساتير المملاة من قبل أمريكا، بأعين معصوبة. أرادوا إخفاء هذا الهدف وراء هذه الظواهر البراقة. هذه قضية مهمة جداً.
ضرورة معرفة أرضية الخطر و دوافعه
طبعاً، قلنا مراراً إننا لا نستطيع الأدعاء أبداً أن إيران ستتعرض لهجوم أكيد، لا، ليس هذا الأمر مؤكداً، و لكن لا مراء أيضاً أن ثمة أخطاراً تحدِّق بنا. و نحن الذين يجب أن نستطيع إحباط الأخطار التي تهددنا و محوها، و هذا بحاجة إلى أن يدرك النخبة و المسؤولون و الخواص، و هم أنتم في الغالب - المجتمعين في هذه الجلسة - الظروف بشكل صحيح، و يشخصوا الواجبات بنحو صائب، و أن تشعروا بأعباء المسؤولية على عواتقكم.. ليس من حقنا اليوم أن نخطئ. الخطر المحيق بنا - فقد ذكر رئيس جمهورية أمريكا الاسم علناً و صراحة، طبعاً أشار إلى ستين بلداً، لكنه ذكر أسماء ثلاثة بلدان منها بلدنا - يعدّ من حيث الأرضية و المحفزات مسألةً مركبةً و متعددة العناصر، و ينبغي معرفة عناصرها.
إيران، العنصر الأول
العنصر الأول هو بلدنا العزيز إيران.. البلد المطل على نصف سواحل الخليج الفارسي، أي المصدر الأعظم و الأكثر بركة للطاقة في العالم اليوم و غداً. الموقع الجغرافي، و مجاورة الخليج الفارسي، و الإطلال على نصف سواحله، مضافاً إلى الخيرات المادية الكبيرة في البلد و كذلك الموارد الهائلة من الطاقات الإنسانية، هذه كلها من العناصر الأصلية التي تكوِّن هذه القضية.
العنصر الثاني: نظام الجمهورية الإسلامية
العنصر الثاني هو نظام الجمهورية الإسلامية.. نظام مستقل عزيز شجاع يعتمد على الجماهير، و الجماهير هنا جماهير خرجت مرفوعة الرأس من الامتحانات.. جماهير تحمل إيماناً عميقاً جسّدوه و أثبتوه لا باللسان بل بالعمل، و لا في ميدان واحد بل في ميادين متعددة. شعب يبغض بشدة الهيمنة الخارجية و يحمل ذكريات جد مريرة عنها. إنها نفس تلك الفكرة التي قالها الإمام السجاد (عليه السلام): ما كان سيحصل لو لم نفعل ما فعلنا. لقد جرب الشعب الإيراني هذا في حياته ذات يوم. يوم جرى تهديد البلد بإنقلاب 28 مرداد الأمريكي، لو تواجد الشعب في الساحة و شارك في الميدان لما جرب 25 سنة من الدكتاتورية السوداء و إهدار تلك الفترة الحساسة و المهمة جداً، مضافاً إلى إهدار كل تلك الثروات المادية و المعنوية. الشعب الذي جرّب الحالة المناقضة لتلك الحالة أيضاً، أي إنه شارك في الساحة في الثورة الإسلامية و ساهموا و تواجدوا و شاهدوا كيف يمكن عبر المرابطة في الساحة و من دون سلاح، احتلال أقوى قلاع الاستكبار في المنطقة، و طرد أمريكا من نقطة على جانب كبير من الأهمية و الخطر.. يمكن طرد أمريكا من إيران، و تبديل مقر الاقتدار و النفوذ الأمريكي ضد المنطقة كلها إلى مقر ضد مصالح أمريكا و هيمنتها. هذا ما خبره الناس و شهدوه.
كل عزة و عظمة تمرّ بطرق التضحية و الشجاعة و الإقدام
و كذا كانت الحال في الحرب أيضاً. في الحرب أيضاً كان البعض مترددون و يتساءلون: كيف نريد أن ندافع؟ حين كانت آلاف الكيلومترات المربعة من ترابنا تحت أحذية العدو، و كان العدو يقترح علينا في تلك الظروف وقف إطلاق النار و التفاوض و الحوار، كان البعض يضغطون على الإمام و غيره من المسؤولين لقبول وقف إطلاق النار. لكن الإمام صمد، و الشعب قاوم، و المسؤولين وقفوا ثابتين و شهدوا النتائج الحلوة لهذا الصمود. أجل، أية عزة و عظمة إنما تمرّ عن طريق التضحية و الشجاعة و الإقدام. لا يمكن فتح أية قمة من القمم بالاستسلام و الكسل و عدم مكابدة المشكلات. هؤلاء الذين ترونهم اليوم يجمعون الثروات و العلوم في العالم و يوظفونها لصالح مطامعهم، هؤلاء أيضاً مرّوا بأيام صعبة، و قطعوا طرقاً وعرة. الجريمة الأكبر التي ارتكبتها الحكومات المستبدة طوال تاريخنا هي أنهم لم يسمحوا للشعب بالتواجد في الساحة يوم كان يجب عليه تأمين مصالحه بتواجده و فاعليته و شجاعته. كان أشرف الأفغاني و محمود الأفغاني و جيوشهما يحاصرون إصفهان، كانت قلوب الناس تجيش و تندفع بشدة للدفاع عن المدينة، لكن الحكام الخاملين المنهزمين نفسياً خافوا و لم يسمحوا للناس بالدفاع عن أنفسهم. استسلم الحكام و سلّموا الناس أيضاً في الحقيقة. و كانت النتيجة أنه حينما اضطر المهاجمون بعد سنوات صعبة سوداء للخروج من إيران، أخذوا معهم كأسرى المئات و ربما مائتي ألف من النساء و الفتيات و اليافعين الإيرانيين. أي إنهم حتى حينما يغادرون سيتصرفون مع الناس بهذه الطريقة.
أهم ما قام به الإمام فسحه المجال لدوافع الناس و مشاعرهم
الجماهير جماهير جاهزة و مستعدة. العمل الأهم الذي قام به إمامنا الجليل هو أنه فسح المجال أمام دوافع الناس و مشاعرهم، و جعل تواجد الجماهير أمراً ممكناً. لم يلزم الإمام أحداً أو يجبره على الحرب، بل كان الشباب يأتون و يتوسلون بالتوجّه للجبهات. و قد رأى الشعب الإيراني نتيجة ذلك، و شاهد شموخه و عزته، و رأى بعينه ذلة العدو و خفّته، و سمع بأذنيه اعتراف العالم بأحقيته و مظلوميته، بعد عدة سنوات طبعاً. إنه شعب صاحب تجربة، و يتكئ على ثقافة غنية و يتمتع بينابيع الإسلام المعنوية، و له و الحمد لله مسؤولون واعون و أقوياء. إذن، أحد العناصر هو إيران بما لها من خصوصيات. و من العناصر أيضاً هو هذا النظام و هذا الشعب بهذه الخصوصيات، إذ ليس من السهل إيقاعه في الفخ و فرض الاستسلام و التبعية عليه. ليس من السهل تطميع هذا الشعب و خداعه و تسليط جماعة عميلة عليه، كما يفعلون ذلك في العديد من البلدان.
العنصر الثالث: الطبيعة الاستكبارية لأمريكا
العنصر الثالث هو الطبيعة الاستكبارية للطرف المقابل. تحتاج أمريكا إلى أن لا تكون هناك على مستوى العالم حكومة أو بلد ينال عملياً من كونها قوى عظمى. هذا شيء ضروري للنظام الجديد الذي طرحوه و صوروه. لا تستطيع أمريكا أن تطيق شعباً لا يخاف من تهديداتها و لا ينخدع بتطميعها، و لا يسير وراء سياساتها التي تمليها، بل ينتهج سياسة مستقلة، و لا يقبل قوامة أو سيادة أحد عليه.
العنصر الرابع: التكتّم على المشكلات الداخلية
العنصر الآخر الذي له تأثير أكيد في هذه القضية و في هذا التهديد هو المشكلات التي يعاني منها الجانب المقابل. ينبغي عدم الظن بأن الأمريكان يهددون العالم بسبب استغنائهم و عدم حاجتهم و امتلاء بطونهم، لا، ليس الأمر كذلك. ثمة لديهم مشكلات داخلية و ركود اقتصادي، و تهديدات جادة ضد الحكومة الصهيونية في فلسطين المحتلة - و مصير هذه الحكومة مرتبط و قريب جداً من مصير أمريكا - و هناك تفعيل للوضع الاقتصادي للبلد من خلال صفقات السلاح بين الشركات و الحكومة الأمريكية. هذه قضايا على جانب كبير من الأهمية تفرض عليهم اتخاذ مثل هذه المواقف حتى تغطي على المشكلات الداخلية. في كلمة رئيس الجمهورية الأمريكي في الكونغرس يعد الرئيس الأمريكي الشعب بتخفيض الضرائب و وضع معلم كفوء لكل صف دراسي. هذه هي مشكلاتهم. و فوق ذلك توجد المشكلات الأخلاقية.. المشكلات الداخلية.. التصاعد الدائم للعنف، و تفاقم الانحلال و الفساد الأخلاقي، و الانهيار المستمر للعائلة داخل أمريكا. هذه ليست بالمشكلات الصغيرة. هذه بحار من الوحول كل من يقسط فيها - حتى لو كان بحجم أمريكا - سوف يغرق و يختنق. في مواجهة هذه المشكلات، يكتسب لفت الرأي العام الأمريكي إلى عدو أو حدث خارجي أهمية بالغة. هذا من العناصر الرئيسية للقضية.
العنصر الخامس: اتساع موجة الصحوة الإسلامية
العنصر الخامس هو اتساع موجة الصحوة الإسلامية في العالم. أن يقولوا برياء إننا نتقبل الإسلام لكننا لا نتقبل الأصولية فهذا ناجم عن نظرة سطحية و تحليل صبياني حملوه دوماً تجاه العالم الإسلامي و لاقوا انعكاساته ضدهم. موجة الصحوة الإسلامية اليوم واقع جاد و حقيقة لا تقبل الإنكار. يشعر المسلمون اليوم أنهم قادرون على التأثير في العالم و في وضع البشرية، و في مصيرهم. حينما يصل هذا الشعور لدى الشعوب إلى نقطة معينة فسوف يتبلور و يتجسّد و يتحول إلى واقع. هم يعلمون هذا و قلقون منه. و نموذج ذلك حدث الانتفاضة الفلسطينية النادر جداً. أناس بلا سلاح و لا أبسط إمكانيات، مقابل واحدة من أكثر القوى في المنطقة جاهزية و عُدّة، يتعرضون للمجازر و القتل دون أي قيد أو شرط، و تنهال عليهم شتى صنوف الضغط الجسمي و الروحي و الاقتصادي، و مع ذلك يصمدون و يواصلون الانتفاض 17 شهراً. بأي تحليل عادي سياسي دارج يمكن تحليل هذا الحدث؟ لماذا يصمدون؟ لماذا لا يستسلمون؟ لماذا لا يستطيع العدو بكل ضغوطه تركيع هذا الشعب الفلسطيني الفائر الروح؟.. هذا الشعب القليل العدد و المحاصر و الذي لا تصله مساعدات من أي مكان.. ما هي الدوافع و الينابيع المتدفقة في قلوبهم التي لا تدعهم يتعبون؟ من أين ينبع كل هذا؟ ما هو ذلك العامل الذي يجعل الأم الفلسطينية تقبِّل ابنها و تبعثه ليقتل ثم تقول لو كان لي مائة ابن لبعثتهم؟ هذا العامل على جانب كبير من الأهمية. ما هو هذا العامل الذي يستعصي على الحسابات السياسية و الحوارات و المفاوضات الدبلوماسية و معادلات الشركات؟ إنهم يرون هذا و يخافونه بشدة، و يسعون لتجفيف هذا المعين، و القضاء على هذا العامل المحفز الخلاّق.
التهديد الأمريكي الجاد موجّه لإيران الإسلامية
ينبغي النظر للقضية بكل أبعادها. ليست القضية الآن أن يقال هناك أربعة أشخاص هربوا من البلد الفلاني و لجأوا للبلد الفلاني، حتی تأتي أمريكا بكل حجمها لمحاربة هذا البلد لأن أربعة أشخاص هربوا إليه. ليست هذه هي القضية.. النظرة للمسألة بهذه الطريقة تبسّط و سذاجة. أبعاد القضية أعمق بكثير و سأشير إلى بعضها. حصلية الجمع بين هذه العناصر هي تهديد جاد يستهدف إيران الإسلامية و نظام الجمهورية الإسلامية.
وصمة سوداء لا تنسى في جبين التيار التنويري في أمريكا
طبعاً، ليس رئيس جمهورية أمريكا هو المخطط لهذه السياسة، كما إنها ليست سياسة تختص بزمانه. ثمة رجال خلف كواليس السياسة الأمريكية يفعلون ذلك. طبعاً يمكن للظروف أن تقرِّب أو تبعِّد المطاليب الكبيرة. و الأمر بحاجة لتبريرات يُخدع بها العوام من الناس، حيث جاء للأسف هذا البيان الذي أصدره المثقفون الأمريكيون للنهوض بهذه المهمة و لا أريد الخوض فيه، لأن ذلك من مهمة مثقفينا و وظيفة أساتذتنا و النخبة السياسيين و الثقافيين في بلادنا أن يدرسوا هذه الكلمات و يكشفوا للملأ الحقيقة المرّة التي انطوى عليه البيان باسم الثقافة. لكنني أقول فقط إن ترقيع هذا البيان من قبل عدد محدود - أكثر من خمسين شخصاً أو ستين شخصاً - من المثقفين الأمريكان وَصَمَ الاستنارة الأمريكية بوصمة سوداء لا تنسى. المثقفون الذين يجب أن يعارضوا بصراحة و علانية الحرب و التعدي و الاعتداء و المجازر المنفلتة، و قد فعل المثقفون الأمريكيون ذلك طوال سنوات متمادية، يبررون الآن تصرفات الشركات الأمريكية التي تريد بحرابها تمرير مشاريع الأجهزة السياسية و رئاسة الجمهورية، و يصدرون فتاوى المجازر، فتاوى ثقافية! الجلوس على موائد الشركات الصهيونية و إصدار فتاوى المجازر شيء لن تمحى وصمة عاره عن جبين أي مثقف يرتكبه، و للأسف فإن هؤلاء المثقفين الذين وضعوا أنفسهم للإيجار ارتكبوا مثل هذا الخطأ الكبير.
لا يمكن للمبادئ الأمريكية أن تكون مبادئ عالمية شاملة
يطرح الأمريكان مبادئ باعتبارها المبادئ الأمريكية و يقولون إنها أصول عالمية شمولية. هذه المبادئ هي حرية الإنسان، و حرية الفكر، و كرامة الإنسان، و حقوق الإنسان، و أمور من هذا القبيل. هل هذه مبادئ أمريكية؟! هل هذه هي خصوصيات المجتمع الأمريكي اليوم؟! هل سمات الحكومة الأمريكية اليوم هي هذه التي تذكرونها؟! ألم تكن هذه الحكومة هي التي ارتكبت المجازر ضد سكان أمريكا الأصليين؟ و قضت على الهنود الحمر في أمريكا؟ ألم تكن هذه الحكومة و العناصر المؤثرة في هذه الحكومة هي التي أخذت ملايين الأفارقة من بيوتهم عبيداً، و اختطفت بناتهم و بنينهم الشباب للاستعباد، و عاملتهم طوال سنوات متمادية بأفجع ما يمكن؟ من الأعمال الفنية التراجيدية اليوم عمل اسمه كوخ العم توم(7)، الذي يروي حياة العبيد في أمريكا، و هو كتاب لا يزال حياً رغم ما يقارب مائتي عام على ظهوره. هذه هي حقائق أمريكا و هذه هي الحكومة الأمريكية. هذه هي السمات و الخصيصة التي عرضها النظام الأمريكي على العالم، و ليس حرية الإنسان أو المساواة بين البشر. أية مساواة؟! إنكم لا تساوون لحد الآن بين الأسود و الأبيض. لا يزال العرق الأحمر في الشخص لحد الآن نقطة ضعف لديه في كل مرحلة من مراحل التوظيف الإداري عندكم. المساواة بين البشر؟! حرية الفكر؟! هل أنتم على استعداد لبث هذه الكلمة أو كلمة السيد رئيس الجمهوري في وسائل إعلامكم في أمريكا؟ إذا كانت هناك حرية فكر و حرية تعبير خذوا كلمة السيد خاتمي هذه التي استغرقت نصف ساعة و بثوها. أية حرية فكر؟! وسائل الإعلام متنوعة، لكن أزمّتها كلها مرتبطة بالأجهزة الرأسمالية و الرأسماليين الكبار في أمريكا و معظمهم في قبضة الصهاينة! هل هذا هو معنى حرية وسائل الإعلام في أمريكا؟! لماذا تكذبون على الناس في العالم؟ هل هذه هي المبادئ الأمريكية؟! ثمّ يقولون إن المبادئ الأمريكية عالمية شاملة. و من أنتم حتى تسمحون لأنفسكم بوضع مبادئ عالمية للبشر؟ قبلكم كان للشيوعيين مبادئ عالمية. استالين أيضاً كانت له مبادئ عالمية. كان يقول إن العالم كله يجب أن يطيعني و يتبع هذه المبادئ. و الفاشيون في العالم أيضاً كانت لهم مبادئ عالمية حسب ظنهم. أي منطق هذا الذي يقول إن مبادئنا هذه مبادئ عالمية و كل من لا يقبلها في العالم يجب أن نقصفه بالقنابل النووية. هل هذا المنطق منطق شعب حرّ؟! هل هذا منطق حكومة تؤمن حقاً بكرامة الإنسان؟! هكذا تكذبون على البشرية؟!
المظهر الأسوء للروح الاستكبارية
يقول ذلك الرجل(8) في كلمته: كل من ليس معنا فهو علينا! تكررت هذه العبارة عدة مرات. هذا هو أسوء مظاهر الروح الاستكبارية لقوة من القوى أو حكومة من الحكومات. من قال إن من حقكم الريادة و القيادة في مجابهة الإرهاب؟ إذا كان الملاك قتلاكم على أيدي الإرهابيين فتعالوا و انظروا كم من أبناء الشعوب الأخرى قتلوا على يد الإرهاب. حالياً يقتل أبناء فلسطين كل يوم في ديارهم و يُغتالون صراحة و علناً على يد غاصبي ديارهم. ألم يكن هجومكم على فيتنام عملاً إرهابياً؟ ألم يكن هجومكم على هيروشيما و ناكازاكي عملاً إرهابياً؟ ألم يحترق البشر هناك بنيران غضبكم عمداً و وفق حسابات معينة و من دون أن تعرفوا من هم أصلاً؟ بأي حقّ يجب أن تكونوا حداة قافلة مكافحة الإرهاب؟ و بأي حق تفسرون أنتم الإرهاب؟ أي استكبار هذا؟ هنا، حينما تبث هذه الكلمات في العالم و يسمع الناس في الدنيا هذا الكلام منهم، يدركون لماذا جعلت الثورة الإسلامية الاستكبار و المستكبرين منذ البداية ضمن مفرداتها السلبية و ركزت إعلامها عليها. الناس في العالم يفهمون معنى الاستكبار الذي تقصده الثورة الإسلامية.
موقفنا الواضح: التفاهم، و التعاطف، و سياسة مكافحة التوتر
يتجاهلون الوجه البارز للمجتمع الأمريكي - أي العنف، و الإباحية، و إشاعة التحلل، و عسف الأفراد ضد بعضهم، و انعدام الأمن في وضح النهار - يتجاهلون كل هذا و يسكتون عنه. كما تعتمد تلك الحكومة على حق قوتها و عسفها و تسمح لنفسها بالتعدي، كذلك الحال في شوارع نيويورك و بعض المدن الأمريكية الأخرى. كل من يمتلك القوة و يستطيع استخراج المال من جيوب الآخرين بالقوة، يفعل ذلك. و كل من يملك سلاحاً و يستطيع أن يقتل عدداً من زملائه في المدرسة، يعطي لنفسه الحق بأن يفعل ذلك. هذه هي نتيجة ذلك المنطق. هذه مشكلات كبرى يعانون منها. ثم يقول رئيس جمهورية أمريكا مخاطباً الشعب الإيراني: عودوا إلى العائلة العالمية.. انضموا إلى العائلة العالمية! أي إنكم ضد العالم كله. هل الجمهورية الإسلامية الإيرانية ضد العالم كله؟! أنتم اليوم بتفردكم و غطرستكم تبتعدون تدريجياً عن المجتمع العالمي و العائلة العالمية. ليس لإيران مشكلة مع العالم. علاقاتنا مع آسيا، و أوربا، و أفريقيا، و معظم بلدان العالم علاقات قريبة و علاقات صداقة و تعاون. كنت أودّ كثيراً لو توفرت اليوم للسيد رئيس الجمهورية الفرصة لتقديم تقرير عن زيارته الخيرة الناجحة جداً و الحوارات التي أجراها، و لكن يبدو أن الوقت لم يتسع(9). العالم كله يعرف تفاهمنا و تعاطفنا مع العالم و سياسة مكافحة التوتر التي لا نعتزم في إطارها إثارة التوتر مع أي طرف لا يريد الدخول في توتر معنا، و التعاون مع أي جانب يروم التعاون معنا. مواقفنا مواقف واضحة.
تهديد أمريكا لن يقتصر على عدة بلدان
بالطبع، أدرك الكثيرون في العالم اليوم أنه لو قُدِّر لهذا السياق التعسفي المتغطرس المتفرِّد أن يستمر فإن هذا التهديد لن يقتصر على عدة بلدان، كما لن يقتصر على العالم الإسلامي. و قد ظهر تهديدهم النووي مؤخراً بشكل غير رسمي ضد روسيا و الصين(10). و لو استطاعوا لهددوا حتى أوربا. ليس لهذا السياق و لهذه العملية المغلوطة المعيبة حدود تقف عندها. العالم كله ضدها. كل من ينكر قدرتها المطلقة فهو ضدها. هذا أمر لا يختص ببلد واحد و بلدين. ينبغي إيقاف هذه العملية المعيوبة.
واجب النخبة معرفة الواقع
نحن اليوم أمام هذه الظاهرة. الواجب الأول الذي يقع على عاتق النخبة في البلاد هو معرفة الواقع، و اختيار أفضل الطرق للبلاد و الشعب و النظام. هذا هو واجب النخبة. البعض قد لا يرى وجود أية أخطار تهدد النظام، فيقولوا: لا، ما من خطر يهدد النظام. و البعض قد يوافق وجود الأخطار لكنه يراه موجّهاً ضد جزء من النظام و ليس كل النظام، و يتصور نفسه خارج ذلك الجزء المهدد. و البعض قد يعتبرون الخطر جاداً لكنهم يتصورون الحل في الاستسلام و تقديم الاعتذار. كل هذه السبل خاطئة. التهديد موجود و هو ضد النظام برمته. لا يظننّ أحد أن المعتدي المستكبر المتمرد يقنع بأقل من الهيمنة الكاملة و أنه سوف يبقي على أحد. طبعاً، من التكتيكات المعروفة و البالية في العالم هو أن يحاولوا إخراج جماعة من دائرة الأعداء بشكل مؤقت، ليستطيعوا القضاء على الباقين، ثم يعودوا إلى أولئك الذين استثنوهم. الخطر موجود و يشمل الجميع. و السبيل لمواجهته الحفاظ على عناصر القوة داخل النظام و مضاعفتها.
الدفاع الشامل مقابل شن الحرب
لدينا الكثير من عناصر القوة. يجب علينا المحافظة على هذه العناصر و مضاعفتها باستمرار. إننا لسنا ضعفاء، و يجب أن نكون جاهزين أمام الخطار و التهديدات. إذا لم نكن جاهزين فعلينا أن ننتقل إلى حالة الجاهزية، و إذا كنا جاهزين فينبغي لنا المحافظة على هذه الجاهزية و مضاعفتها. إعلان الدفاع الشامل مقابل إعلان الحرب - و أوكد و أشدد على كلمة الشامل - و المبادرة إلى الدفاع و توجيه الضربات المضادة مقابل المبادرة للحرب.
عدم الترحيب بالحرب
ما هو موقفنا؟ إننا لا نرحب بأية حرب. ليعلم الجميع هذا. هذا هو الموقف الموحد و المتلاحم لكافة المسؤولين في النظام. إننا نعتبر تجنب الحرب واجبنا. و نعتقد أن التوجّه الحالي لأمريكا يجر المنطقة و العالم إلى عدم الاستقرار. و نعتقد في الوقت ذاته أن أمريكا تبالغ في تقدير قدراتها و قواها. ليست الصواريخ و الذرة كل العناصر اللازمة لما يريدون الحصول عليه. لا بد من الكثير من الأشياء الأخرى التي لا يمتلكونها. و هم يعانون الغفلة و اللاوعي فيما يتصل بقدرات شعبنا الكبير و منطقتنا الحساسة و مسؤولينا الواعين. لدينا قدرات إنسانية، و قدرات جغرافية. منطقتنا منطقة حساسة جداً. عدم الاستقرار في هذه المنطقة يعرض العالم لعدم الاستقرار. هذه حقائق مهمة جداً ينبغي التنبه لها. و الجمهورية الإسلامية الإيرانية ليست طالبان المرتبطة ببلد أجنبي حتى تموت تلقائياً إذا قطعوا هذا الارتباط. الجمهورية الإسلامية بلد كبير بشعب عظيم، و إمكانيات هائلة، و حيوية و نشاط، و إسناد كبير من كل العالم الإسلامي، و قدرة رادعة عالية جداً. الجمهورية الإسلامية لا تقبل المقارنة بنماذج أخرى.
الإصرار على الحق و استخدام العقل و التدبير و الحزم
جوهر كلام الطرف الأمريكي هو أنهم يقولون لنا: كونوا ضعفاء و تابعين و عملاء لكي لا نهاجمكم، و هذا شيء مستحيل. إننا لسنا ضعفاء، بل أقوياء و أعزاء و شامخون. لا شعبنا، و لا حكومتنا، و لا تاريخنا، و لا ثقافتنا تسمح لنا بالاستسلام مقابل أي عدو، و هذا الشعب سوف لن يستسلم أبداً. موقفنا هو الإصرار على الحق و استخدام العقل و الحزم و التدبير، و هذا ما نعتبره السبيل الوحيد لصيانة البلد. علينا المحافظة على مواقفنا الحقة، كما يجب علينا استخدام العقل و التدبير و الحزم في جميع المراحل و الأطوار. تقع على النخبة في هذه الفترة واجبات جسيمة، و هذه الفترة هي فترة امتحان مهمة.
عين التاريخ قلقة علينا أنا و أنتم. أنتم اليوم تديرون واحدة من أهم الحقب في تاريخ بلادكم، و أنتم أبطالها و رجالها الأصليون. عليكم التنبه و التركيز جداً. لحسن الحظ فإن الأقسام الأصلية التي ترتبط هذه القضايا بها - أي المجلس الأعلى للأمن القومي و كل الفروع في مختلف القطاعات الحكومية ذات الصلة بهذا المجلس - ناشطة فعالة بشكل جيد. و على الأجهزة الخرى أيضاً زيادة سعيها و جدّها.
القيام بالواجبات القانونية على أحسن نحو
لدينا يجب أكيدة، و لدينا أيضاً يجب أن لا أكيدة. . الـ يجب الأكيدة هي أن يقوم الجميع بالواجبات الملقاة على عواتقهم حسب القانون. هذا هو أساس العمل. أي إن القطاعات الحكومية المختلفة إذا أرادت القيام بواجباتها الحقيقية فعليها النهوض بالمهمات التي تقع على كاهلها حسب القانون بنحو جيد و كامل و سالم. على كافة القطاعات المختلفة أداء واجباتها بشكل جيد. و ثمة قطاعات تختص بفترات تشبه هذه الفترة. هؤلاء أيضاً عليهم أداء أعمالهم على أحسن نحو. هذه هي الـ يجب الأكيدة التي تعود علينا جميعاً. هذه اللحظات الحساسة في تاريخ البلدان و الشعوب قد تبدو عادية بالنسبة للذين يعيشونها، لكنها مهمة جداً بالنسبة للذين سيصدرون أحكامهم عنها في المستقبل. أي تصريح أو سكوت، أية حركة أو مبادرة ستكون تحت مجهر الجماهير في المستقبل، كما أنها اليوم تحت مجهر الكرام الكاتبين. المأمورون الإلهيون يرصدون أعمالنا: و كنت أنت الرقيب عليَّ من ورائهم و الشاهد لما خفي عنهم(11) أية حركة منكم اليوم يمكنها أن تكون مؤثرة. لذلك، ينبغي التدقيق و المراقبة في كل كلمة و خطوة و موقف و قول و صمت يصدر عنّا. هذه هي الـ يجب اللازمة الأكيدة.
لا تهابوا الأعداء
و ثمة يجب أن لا و هي عبارة عن عدم الخوف و التهيّب. الخطأ و الضرر و الخطر الأكبر الذي قد يتعرض له بلد في مثل هذه الظروف هو أن يشعر العدو أنه استطاع إرعابه و إخافته. بل من أدوات القوى العظمى هي الإرعاب و الإرهاب. أحياناً تبدو هيبة كون الدولة الفلانية قوة عظمى أمام الضعفاء أكثر تأثيراً من السلاح. البعض يُنزِلون بأنفسهم، خوفاً من القوى الكبرى، ذات البلاء الذي قد تنزله بهم القوى الكبرى. لا تهابوهم! البعض يتحدثون في الحوارات المختلفة التي تدور هذه الأيام، و يتصرفون بطريقة تفسد الانضباط اللازم الذي يحتاجه البلد في مثل هذه الظروف. نعتقد أن بعض هذه التصريحات و المواقف سببها سوء الذوق و التقدير، و بعضها نتيجة الخوف و التهيّب.
مفاوضة الظالم المتغطرس لا تعالج أية مشكلة
لا يتصور أحد أن سبيل الحل في مثل هذه الظروف هو العودة لنفس هذا ذلك الظالم المتعسف المهدِّد، فنتفاوض معه و نستشيره فيما يصلح و ما لا يصلح! التفاوض ليس سبيل حل. و التفاوض لا يعالج أية مشكلة من هذه المشكلات. البلدان الأخرى التي تعرضت للتهديد لها أبواب مفتّحة للتفاوض مع أمريكا، و لها علاقاتها معها، و مع ذلك تتعرض للتهديد. قد تكون هناك مفاوضات و حرب في نفس الوقت. و قد لا تكون ثمة مفاوضات و لا تكون حرب أيضاً. و قد تكون ثمة حرب معها العزة و الانتصار. و قد لا تكون هناك حرب لكن حالة عدم الحرب هذه مصحوبة بالذلة و الأسر. لا يظننّ أحد أننا لو ذهبنا إليهم و قلنا لهم ما الذي تريدونه، و طالما كنتم غاضبين إلى هذه الدرجة، قولوا إذن ما تريدون و سوف تعالج المشكلة. العزيمة و التوكل هما العوامل الحاسمة. و في المقابل فإن الانهزام النفسي و التهيّب أيضاً عوامل مصيرية حاسمة.
نحن أصحاب حوار في العالم
نحن أصحاب حوار و تفاوض في العالم. منذ أن كنت في رئاسة الجمهورية كنت أوكد على وزارة الخارجية و الأجهزة المختلفة أن اذهبوا و تحدثوا مع الحكومات و البلدان و شاركوا في المحافل العالمية. و كنت أشدد دوماً على رؤساء الجمهورية بعد رئاستي للجمهورية أن سافروا و زوروا البلدان، و شاركوا في المفاوضات و الحوارات و تواصلوا مع الآخرين. لتكن لكم زياراتكم المتبادلة. إنني مؤمن بالحوار و التفاوض أساساً، و لكن التفاوض مع من و على ماذا؟ التفاوض للوصول إلى قدر مشترك يجب فيه على الجانبين أن يعترفا ببعضهما، و يكون ثمة حدّ وسط يتفاوضان للوصول إليه. الجانب الذي لا يعترف بكم أساساً و يعارض أساس وجودكم كجمهورية إسلامية، أية مفاوضات يمكن أن تكون لكم معه؟! إنه يقول صراحة إنني أعارض النظام الديني، و أعارض نظام الجمهورية الإسلامية على وجه الخصوص لأنه صار مصدراً لصحوة المسلمين في العالم. و هو يعتبر بصراحة الحركة الإصلاحية في إيران حركة معادية للنظام الإسلامي و يفهمها بهذا المعنى. إخوتنا و أخواتنا العاملون تحت عنوان الإصلاحيين لا يعتبرهم إصلاحيين أساساً! الذين يعتبرهم إصلاحيين هم أولئك الذين يريدون زوال هذا التيار و ذاك التيار، بل لا يريدون وجود النظام الإسلامي أساساً. إذن، أية مفاوضات يمكن أن تجري مع الذي يعارض أساس النظام الإسلامي، و إذا بادر مبادرة معينة، أو مدّ يد الصداقة لأحد، إنما يفعل ذلك على أساس تكتيك معين و للخداع و الحيلة؟ ما هي النتائج التي يمكن أن تتمخض عنها مثل هذه المفاوضات؟
التفاوض يجب أن يأتي من منطلق القوة و الاقتدار
يجب أن تأتي المفاوضات من منطلق القوة و الاقتدار. الذين يفكرون في التفاوض أثناء ظروف الخطر و التهديد إنما يعلنون عن ضعفهم بأعلى الأصوات. هذه خطوة خاطئة جداً. لقد ذكر الإمام الخميني ما هو فوق المفاوضات، قال: إذا أصبحت أمريكا آدميةً سنقيم معها علاقات! أي إذا تخلت عن طباعها الاستكبارية و كانت جانباً متكافئاً، و لم تشأ متابعة أهدافها داخل إيران عندئذ ستكون حكومة مثل سائر الحكومات. لكن الواقع غير هذا.. ليس هذا هو الواقع. إنهم لا تزال تراودهم أحلام الهيمنة التي كانت لهم على عهد النظام البهلوي. يفكرون في عودة تلك الفترة و الهيمنة. إنهم يعارضون من الأعماق النظام المستقل الذي يريد أن تكون له سياسته و مواقفه، و يدافع عن دينه و عقائده و ثقافته. و رغم أنهم لا يقولون هذا بصراحة في الوقت الراهن، لكنه يبدو و يستشف من ثنايا كلامهم.
أمريكا غاضبة من أصل التفكير الإسلامي
أمريكا تعارض الإسلام حتى لو لم يكن إسلاماً يحكم، أي حتى بالمقدار الموجود اليوم في العربية السعودية و مصر. على فرض المحال لو استطاع الأمريكان تحقيق أهدافهم هنا، فسوف يتبيّن ما هو موقفهم منهم. زوّدوني بتقرير يفيد أن المأمورين الأمريكان قالوا لأحد وزراء أحد البلدان الإسلامية المعروفة إن عليكم التقليل من تدريس قضايا الدين و الجهاد في كتبكم المدرسية، لماذا تأتون بمثل هذه الأمور في كتبكم المدرسية؟ هذه هي المسألة. إنهم منزعجون و غاضبون من أصل الإسلام و التفكير الإسلامي الذي يحضّ صاحبه على عدم الخوف و التهيّب من أية قدرة مادية. و هذه هي خصوصية القرآن و الإسلام.
اتفاق المسؤولين حيال غطرسة العدو
يجب علينا المحافظة على عناصر القوة و الاقتدار. العنصر الأهم من عناصر اقتدارنا هو الشعب، و العامل المهم الذي يبقي الشعب حيوياً ناشطاً في الساحة هو إيمانه و اتحاده. أرجو أن لا يتحدث أصدقاؤنا في مفاوضاتهم و تصريحاتهم بطريقة تشيع شبهة عدم الاتحاد و الوحدة في قلوب الجماهير. قال رئيس الجمهورية المحترم و هو على صواب إنه لا يوجد اليوم بين مسؤولي البلاد أي خلاف - و الحمد لله - حول هذه الموضوعات المطروحة. كلهم يفكرون بطريقة واحدة و يؤكدون على الصمود و المقاومة و عدم الاستسلام و الإصرار على الحق.. لا أحد يفكر بغير هذا، و هذا ما يريده الشعب.. الشعب يغتبط و يفرح بمشاهدة المواقف المتحدة للمسؤولين، فأبناء الشعب مؤمنون. ينبغي عدم الانخداع بإعلام العدو حين يقول إن الشعب منفصل عن النظام. ليس الأمر كذلك. الشعب مؤمن و محبٌّ للنظام الإسلامي، و قد أثبت للحق و الإنصاف وفاءه في جميع المراحل و الأطوار. نحن المسؤولين قصّرنا كثيراً، لكن الشعب لم يقصّر، و سوف لن يقصِّر، و علينا نحن أيضاً أن لا نقصِّر. على المسؤولين في القطاعات المختلفة أداء واجباتهم المرسومة لهم في القانون بنحو كامل و سالم و على أفضل وجه. هذا حق الشعب، و هو من أهم عناصر وحدتنا.
الاختلاف بين المسؤولين أكبر مشجِّع للعدو
أي اختلاف يظهر يشجع العدو على الهجوم. ثمة من يقول: لا تشجِّعوا العدو على الهجوم، و أنا أوافق هذا القول. ينبغي عدم تشجيع العدو على الهجوم. و لكن هل تعلمون ما الذي يشجع العدو على الهجوم؟ أكبر ما يشجع العدو على الهجوم هو أن يشعر بوجود اختلاف بين مسؤولي البلد و بين الساسة و النخبة السياسيين. الاتحاد و الوحدة التي أوكد عليها كل هذا التأكيد و يشدد عليها كافة مسؤولي الدولة و مدراؤها ليس الاتحاد و الاتفاق على مختلف القضايا السياسية. قد تكون هناك اختلافات بين المسؤولين في القضايا الاقتصادية و السياسية، و لكن هناك اتفاق حول ضرورة مقاومة الشعب الإيراني و صموده حيال غطرسة العدو عسفه. على الجميع أن يتفقوا على هذا الموقف و هم متفقون، و يجب أن يعلنوا ذلك. يجب أن يذكروا هذه الوحدة و هذا الاتفاق بصراحة. أي شيء ينال من هذه الوحدة و يشي بالاختلاف يشجع العدو. الذين يبثون أصواتهم عبر القنوات غير الشرعية و غير المباركة للأجهزة العملية للمنظمات الاستخبارية للعدو في العالم و يشبِّهون الجمهورية الإسلامية برضا خان المستبد و نادر شاه صانع المآذن من جماجم البشر، هؤلاء يشجعون الأعداء.
دروس الإمام الخميني حيّة في قلوبنا
إننا نشكر الله على أن ربط على قلوبنا بفضل الإيمان به، و نشكره على أن جعل دروس إمامنا الجليل حيّة متفاعلة في قلوبنا. نشكره تعالى على أن منَّ علينا بتلك الشخصية التي تبلورت فيها التقوى و الشجاعة و التوكل على الله، و كانت تجسيداً لقدرة الله في وجود الإنسان. شهدناه و تمّت علينا الحجة.. نشكر الله على أن القلوب مستنيرة بهذه الحقائق. عمِّقوا هذه الحقائق في قلوبكم يوماً بعد يوم عن طريق التوجّه إلى الله. اصمدوا فإن الحق معكم و النصر لكم.
اللهم، أنزل بركاتك و رحمتك و هدايتك علينا، ربنا اجعل حضورنا و موقفنا في هذه الجلسة و ما قلناه و سمعناه لكَ و في سبيلك و مقبولاً عندك. اللهم أعزز الإسلام و المسلمين، و أمحق أعداء الإسلام و المسلمين. ربنا، بمحمد و آل محمد أرضِ عنا القلب المقدس لسيدنا الإمام المهدي المنتظر أرواحنا فداه، و اشملنا بعونك و عونه.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الهوامش:
1 - سورة البقرة، الآية 205
2 - سورة إبراهيم، الآية 28 - 29
3 - سورة آل عمران، الآية 146
4 - سورة الحديد، الآية 24.
5 - بحار النوار، ج 44، ص 329.
6 - رجال النجاشي، ص 144.
7 - هارييت بيتشرستاو (1811 - 1896م)، ترجمة منير جزني.
8 - جورج بوش.
9 - زيارة السيد خاتمي للنمسا و اليونان (11 إلى 15 آذار 2002 م).
10 - تقرير سري للبنتاغون نشر في صحيفة لوس انجلس تايمز، يفيد إعداد خطة طارئة لاستخدام محتمل للأسلحة النووية ضد إيران، و الصين، و روسيا، و سورية، و العراق، و كوريا الشمالية، و ليبيا.
11 - مفاتيح الجنان، دعاء كميل.