الخطابات

كلمته في أساتـذة الجامعات‎

بسم الله الرحمن الرحيمأهلاً وسهلاً بالإخوة والأخوات الأعزاء، أساتذة وأعضاء الهيئات‎‎ العلمية‎ المحترمين.إنَّ الهدف الأساسي من هذا الإجتماع ـ الذي نعقده في كل عام خلال السنين الماضية ـ أمران، وإن كان هناك أهداف أخرى أيضاً يمكن أن تندرج ضمن هذين الأمرين ـ في هذا الاجتماع الأخوي الخالص ـ :أول هذين الأمرين، هو إظهار التكريم لمنزلة الأستاذة والشخصيات من أصحاب المكانة العلمية في البلاد.إننا نريد من خلال هذه الجلسة، ومن خلال هذه الفرصة ـ التي تُعد واسعة نسبياً ـ إبراز رغبتنا لتكريم الأساتذة المحترمين، حيث يجد الأساتذة المحترمون هنا ميداناً في كل عام ـ يُعقد لعدَّة ساعات ـ من أجل فسح المجال لهم؛ لإظهار آرائهم من خلال منبر عام ـ يُعرض في جميع أنحاء البلاد ـ وإنَّ ذلك يعتبر برأينا من الأهداف المهمّة.فلو أننا قمنا بتكريم العالِم، سوف يكرَّم العلم نتيجة لذلك، وإنَّ تكريم العلم، من شأنه أن يؤدي إلى تقدَّمه ونشره وتوسعته، ونحن بحاجة لذلك من أجل مستقبل بلدنا.الهدف الثاني هو: طرح المسائل الجامعية الأساسية من قبل مجموعة من الطلائع والمفكرين وأصحاب الخبرة في الأمور الجامعية والعلمية في البلد، من خلال هذا الملتقى الأخوي والخالص، بعيداً عن الاجتماعات الرسمية التي تُعقد عادةً والتي ينتابها شيء من التقييد،وبالطبع، لابدّ من طرح المسائل المتعلقة بالجوانب العلمية للجامعات، والأمور المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالأساتذة؛ من أجل أن تتعرّف الأجواء الذهنية للحاضرين في هذا الاجتماع، ولمسؤولي البلد في المجال العلمي، والأجواء العامة للبلد تبعاً لذلك، على أهم المسائل الجامعية، وما يترتب على ذلك من احتياجات، وما يُتطلّع له في هذا المجال. إنني أستفيد وأنتفع شخصياً من كلمات الأخوة من خلال ما يدلون به من مقترحات في هذا الاجتماع، الذي يُعقد في كل عام، فقد اتّضح لي الكثير من المسائل جرَّاء ذلك، وقد اُتّخِذت إجراءات مناسبة وجيدة في هذا المجال أيضاً.لاشكّ في أننا قمنا بتجربة من أجل التوجّه نحو حركة جديدة في مجال التقدّم والنمو العلمي في البلد، كالتقدَّم في البحوث والإختراعات والإبداعات المختلفة، وإنَّ هذه الحركة وإن كانت قد بدأت في بداية الثورة، لكنَّها تطوّرت بشكل أكثر وأفضل في الأعوام الأخيرة، إلا أنَّها إلى الآن في خطواتها الأولى؛ لهذا فإننا بحاجة أيضاً إلى آراء، ومقترحات، وإيضاحاتكم؛ من أجل تقدّم وتطوّر العلم في البلد وسوف تتحقق بعض هذه المطالب في هذا اللقاء، إن شاء الله تعالى.إنني مستعد الآن، فإنَّ الهدف من هذا الاجتماع ليس هو الإدلاء بتوجيهاتي، بل لديّ رغبة كبيرة بأن أكون مستمعاً.وعلى كل حال سوف أتحدّث قليلاً ـ لو كان هناك متّسعاً من الوقت ـ إلا أنني أرجّح كثيراً أن أكون مستمعاً في هذا الاجتماع.إنَّ ما سمعته من مطالب ـ بحسب رأيي ـ كان مفيدة ومتنوّعة، ويمكن أن يكون لبعض الأخوة تحفّظات تجاه بعضها، إلا أنّ طرح هذه المواضيع في هذا الاجتماع يعتبر مفيداً بالتأكيد؛ فهو يفتح لأذهاننا وأذهان المسؤولين والموظفين الأبواب؛ لتتجّه شيئاً فشيئاً نحو جوانب وآفاق مختلفة على صعيد المسائل الجامعية.إنّ ما أريد قوله في هذه الفرصة القصيرة، مسألتين أو ثلاث مسائل مختصرة. الأولى هي: إننا عندما نريد أن نتحدّث عن الإحتياجات المختلفة للمجتمع والمحيط الجامعي والعلمي، يمكن أن ينصّ حديثنا على جهتين، ومنطقين، المنطق الأول: التشجيع والتحفيز، والمنطق الثاني: التثبيط والتخييب للآمال.إنَّ رجائي هو أن يقوم الأساتذة والمسؤولون المحترمون باستخدام المنطق الأول في كل المجالات ـ في الحصة الدراسية، والمجامع العلمية، وأثناء إلقاء التقارير ـ لا المنطق الثاني.إنَّ سرعة التقدّم التي حصلنا عليها في الأعوام القليلة الأخيرة ـ حسب الإحصاءات التي قُدّموها لي، وهي في حوزتي الآن ـ قد بلغت الدرجة الأولى على مستوى العالم.إنني لم أكن قد راجعت ذلك مؤخّراً، إلا أنني رأيت هذه الإحصائية قبل ما يقارب شهر ونصف، وقد كانت إحصاءات مدروسة ودقيقة.إنَّ التقدّم العلمي الذي بلغناه قد وصل إلى المراتب الأولى على مستوى العالم، وليس على المنطقة فحسب، إلا أنّ ما لمسناه بأيدينا، وتوصّلنا إليه فعلاً، لم يكن بالمقدار الذي نرتضيه.فلابدّ من النظر إلى هاتين الحقيقتين مع بعضهما، فكلاهما صحيح، ، ففي نفس الوقت الذي تعتبر فيه نهضتنا، نهضة عظيمة ومليئة بالحيوية والنشاط، توجد لدينا نواقص كثيرة في الوقت الراهن، بحيث إنَّ المكانة التي وقفنا عليها، ليست بالمكانة التي ترضينا باعتبارنا إيرانيين ومسلمين، ولدينا تطلّعات كبيرة في الآفاق الرحبة، فعليكم أن لا تجعلوا هذه النهضة المتسارعة ينتابها الفتور، بل أن عملوا على تقويتها.لقد قلت قبل عام ونصف تقريباً في إحدى المحافل العلمية ـ التي تشبه محفلكم هذا، حيث كان الحاضرون من الشباب والجامعيين والزبد وأمثال ذلك ـ : إنني أتوقّع أننا سوف نعلن بعد خمسين سنة ـ لا أقول عشرة أو خمسة عشر سنة ـ بأننا قد وصلنا إلى المرتبة العلمية الأولى على المستوى الدولي في العالم؛ أي أننا سوف نقوم برسم الخطوط العلمية بأيدينا، وسوف يؤول الأمر إلى تكون أن لغتنا ـ الفارسية ـ لغة العلم على مستوى العالم، هذا هو ما يتبادر أمام عيني الآن.ومن أجل أن نصل إلى هذا الهدف، علينا أن نعتقد أولاً: أنَّ ذلك ممكن التحقق، فلو لم يكن عندكم ـ باعتباركم أساتذة، وذلك الأخ الذي يُعتبر طالباً، والشخص الثالث الذي يُعتبر مديراً ويقوم بإدارة هذه التشكيلات ـ ثقة بتحقق هذا الأمر، فسوف لن تتمكنوا من تحقيق ذلك أبداً؛ ولذلك عليكم الاعتقاد بأن ذلك ممكن الوقوع. إنَّ ما أريد قوله هو: إنَّ الأرضية لهذا الاعتقاد مهيّأة، باعتبار أنَّ قدرتنا ـ نحن الإيرانيون ـ قد أصبحت مورداً للتأييد في المجال العلمي على المستوى العالمي من طرق مختلفة، وإنَّ هذا المعنى قد تحقق وتمَّ البحث في هذه المسألة، وفي رأيي هو أمر قطعي، حيث وصل معدل القابلية التي يتمتع بها الفرد الإيراني في أكثر الجامعات العالمية تطوّراً إلى أرفع المستويات؛ أي أنَّ مستوى معدل الاستعداد الإيراني بالنسبة لمستوى معدل الاستعداد العالمي، يعتبر في القمّة.وهذا ما يُنبئ عنه وجود الموارد الطبيعية في البلد كذلك، فإننا نقع في منطقة مرموقة من العالم، ونتمتع بنسبة سكّانية جيدة، ونقع في موقع جغرافي جيد؛ وبسبب هذه النسبة من الناحية السكّانية والموقع الجغرافي، أصبحنا نتمتع بإمكانات كبيرة، فإنَّ بلدنا لا يُعد من البلدان الفقيرة.ولقد ذكرت إحصائيات ذلك من خلال الخطابات العامة التي ألقيتها، وتمَّ عرضها، ولا أرغب في تكرار هذا الأمر.إننا نمتلك 1% من مجموع سكان العالم، و1% من مساحة الكرة الأرضية أيضاً، وبذلك تكون ذخائرنا على صعيد أهم العناصر المؤسسة والداعمة للحضارة الحالية في العالم ـ أي الفولاذ، والنحاس، وبعض العناصر الأخرى ـ أكثر من 1%؛ وإذا ما وصلنا إلى نسبة 3 أو 4 أو 5% من النفط أو الغاز، فسوف نشاهد حينذاك قفزة مفاجئة على طريق التقدَّم.إنَّنا نمتلك إمكانات بشرية، وطبيعية، وتجربة في الإنتاج، ونحن نعتقد أنَّنا قد تقدَّمنا في كافة المجالات التي أقدمنا عليها، وبذلنا جهدنا فيها، وأبدينا قليلاً من التوجّه لها.حسناً، لقد بيَّن الأخ الدكتور مرندي أوجاع وآلام وحسرات واضطرابات ثلاث أو أربع سنين من أوائل الثورة في مجال نقص الأطباء، وأساتذة الجامعات، والأجواء العلمية في الجامعة، والتربية والتعليم.فما الذي يجري لنا عندما نطّلع على أحدى القصص، التي من خلالها نرى تلك العيوب الموجودة في ذلك الزمان! فمثلاً، كان يعطى موعداً لمدّة سبع أو ثمان سنوات في هذا البلد من أجل القيام بعملية جراحية للقلب، ولو أراد شخص ـ مثلاً ـ أن يذهب لإجراء عملية جراحية لقلبه، كتغيير صمامه، أو القيام بعملية ربط لأحد شرايينه أو غير ذلك، فعليه أن ينتظر ثمان سنين ليُجرى له ذلك! هذا ما كان يحدث قبل عشرين سنة، فضلاً عن أنّ الكثير من الناس كان يموت جرّاء ذلك.إننا عندما نلقي نظرة اليوم على ذلك الماضي، نرى أنَّ نهضة البلد على هذه الأصعدة، نهضة غير قابلة للتصوّر، فهي حركة نهضة رائعة جداً، فلقد سعينا، ونحن نرى نتيجة سعينا هذا أيضاً.فهذا مركز تحقيقات رويان ـ الذي أعطى الأخ الدكتور گُوراني تقريراً عنه ـ يشهد على ذلك، وكذلك مسألة الخلايا الحيّة التي تمكّن العلماء من الوصول إلى زراعتها بالرغم من إمكاناتنا المحدودة؛ وهذا شاهد على أيضاً على ذلك التقدَّم الذي حققوه في هذا المجال، وكذلك الملتقى الذي تُشكّل قبل سنتين في هذا المكان، وحضره علماء العالم، وأجريت لقاءات معهم، حيث أظهروا تأييدهم وإعجابهم بهذا التقدَّم، كل ذلك يعتبر أحدى الأحداث التي من المناسب أن نجعلها نصب أعيننا كباعث من بواعث فخرنا.إنَّ لدينا شخصيات أمثال المرحوم الدكتور كاظمي آشتياني ـ حيث أجد نفسي ملزماً أن أذكر اسم هذا الشاب الطاهر المؤمن الفاضل الحكيم، والذي كان حقَّاً مديراً ثورياً مؤمناً ـ وأيضاً هناك الكثير من أمثاله في الوقت الحاضر، ممن يعمل في القطاعات المختلفة للبلد، فضلاً عمَّا يقومون به من إنجازات رائعة أيضاً.إنَّ وضع جامعاتنا اليوم لا يمكن أن يقاس مع العشرين أو الخمسة والعشرين سنة الماضية، فإنَّ تطوّرنا الذي تحقق اليوم رائع جداً.طبعاً، إنني أريد أن أشير إشارة إلى الإحصاءات التي ذكرت أنَّها تحتاج إلى تحليل، وكذلك إلى ما قاله الأخ الدكتور ملك‏زاده.التفتوا: إنَّ هذه المعايير والمِلاكات، والعناصر التي تمنح من أجلها درجات ـ ليتمكّن الجامعي من خلالها الحصول على امتياز أو لا يتمكن ـ لا تُعد جميعها من المواد العلمية، بل قد تكون أحياناً من المواد التي لا ترتضوها أبداً، وإنني لا أرغب في التصريح بهذه الأمور في الوقت الحاضر.وقد لاحظت بنفسي أنَّكم لا توافقون على بعض المواد الأساسية المانحة للدرجات التي تحصل من خلالها الجامعات على امتياز في الإحصاءات العالمية، ولو فرضنا أنَّ هذه المعايير كان من المفترض أن يُعمل بها في عهد وزارة الأخ الدكتور ملك‏زادة أو الأخ الدكتور مرندي أو الأخ الدكتور فاضل أو الآخرين، فسوف لن يوافقوا على ذلك؛ وذلك لما نمتلك من ثقافة إسلامية وإيرانية؛ وإن كان البعض من تلك المواد يُعد من المسائل العلمية.لاشكّ في أننا مازلنا في أول الطريق ـ وقد ذكرت ذلك مسبقاً ـ وأننا نخطو الخطوات الأولى، وعلينا متابعة هذه الخطوات تدريجياً، والتقدّم إلى الأمام عبر مضاعفة الجهود، ومن خلال الإعتقاد بأننا قادرون على ذلك.إنَّ ما أريد قوله هو: أنَّكم مع ما تمتلكون من اعتقاد ورؤية مصحوبة بالثقّة والقبول، فلا ضير من قيامكم بإحصاء الإمكانات التي يمتلكها شبابنا المؤمن وما حققوه من إنجازات على طريق التقدّم، وما ينجم عن ذلك المشاكل التي تواجههم. فإنَّ هذا سوف يكون عامل مشجّع للحدّ من هذه المشاكل، والمضي قُدُما على طريق التقدّم يوماً بعد آخر.إنَّ الشباب عندما يستمعون إليكم، سوف يتشجّعون للمضي نحو التقدّم للأمام أيضاً، وتزداد قلوبهم شوقاً ورغبةً للتطوّر أكثر من ذي قبل؛ وهذا على العكس فيما لو كانت رؤيتنا رؤية سلبية، ومتشائمة، وهو ما لا أرتضيه لكم.المسألة الأخرى التي تعتبر في رأيي مسألة أساسية: هي أنَّكم ـ أيَّها الأخوة والأخوات الحاضرون هنا ـ تمثّلون النخبة والنموذج لأساتذة البلاد.إنَّ من أوّليات الأمور التي يجب أن يجعلها الأساتذة في بلدنا موضع اهتمامهم من أجل تطوَّر العلم ـ هو: الشجاعة العلمية في جميع الأصعدة، سواء كان ذلك على صعيد العلوم الإنسانية، أو التجريبية، أو التي لها علاقة بالعمل والتقنية، أو على صعيد العلوم الأساسية، سواء كان ذلك على مستوى القيام بمتابعة نظرية ما، أو زيادة الإنتاج، أو القيام بالإختراع، أو الإبتكار، أو النقد، دون اللجوء إلى السعي وراء العمل التقليدي والأعمى.إنَّ مشكلتنا الدائمة في الماضي هي أننا كنّا ننظر نظرة عمياء وتقليدية على مختلف الأصعدة ـ في جميع المجالات العلمية ـ وننتظر ما يقوم به الغربيون.ومما لاشكّ فيه أنّ الغربيين كانوا متقدّمين علينا بما يقرب على قرنين أو قرنين ونصف في مجال النهضة العلمية، وقد تمكّنوا من الوصول إلى مواقع مدهشة لا يتصوّرها العقل، وليس هناك شكّ ـ أيضاً ـ من أننا تخلّفنا وراء الركب، مع ما لنا من تراث عظيم؛ نتيجة لكسلنا امتلاكنا الحنكة السياسية.إلا أنني قلت مسبقاًً: أننا لا ندعو لعدم طلب العلم من الآخرين، ولكن ندعو إلى فكرة البقاء تلاميذ أبد الدهر؛ لأنَّ النظرة التقليدية معناها: أننا يجب أن نكون تلاميذ دائماً.إنَّ الإبداع أمر واجب، وإنَّ الثقّة بالنفس وامتلاك الروح الوطنية لدى الأساتذة تعتبر من المسائل الضرورية.ولهذا يجب أن يتحلّى أساتذتنا بالثقة بالنفس، ويقومون بتحقيق الإنجازات العلمية، هذا أولاً، وثانياً: عليهم أن يتمتعوا بالثقة بالنفس الوطنية أيضاً، وكذلك الثقة بقابليات وإمكانيات هذا الشعب، فلو أنَّ هذا المعنى تحقق عند أحد الأساتذة، فسوف يسري إلى أجواء الحصّة الدراسية، وسينتقل إلى الطالب الجامعي، فيترك أثره التربوي عليه.وثالثاً: وفرة العمل، فلقد صُدمنا بعض الشيء؛ نتيجة لما اُبتلينا به من الكسل وقلّة العمل ـ في الأقسام والقطاعات المختلفة ـ ولهذا يجب أن تبذل الجهود من أجل المواظبة على العمل، ولا ينبغي التقاعس عن ذلك.بناءً على ذلك فإنَّ التجدد والابتكار، والشجاعة في العمل، والثقة بالنفس والتحلّي بالروح الوطنية، والعمل المستمر والكثير، يعتبر علاجاً لتحقق الانجازات والتطور العلمي.علماً، أنَّ المعني بالخطاب في هذا المجال هم أساتذة الجامعات.المسألة الثالثة ـ ولعلّها تكون تابعة للمسألة التي سبقتها ـ هي: إنني طرحتُ وطالبت قبل عدة سنوات بمسألة تحقيق نهضة علمية لتطوير العلوم واختراق الحجب العلمية، واليوم ـ لحسن الحظ ـ تحوّل هذا الأمر إلى أحد المطالب العامة في المجتمع الجامعي والعلمي، حيث نرى أن ذلك أخذ يتكرر على ألسنة الجامعيين والأساتذة.ونحن أيضاً نفتخر بما تحقق لدينا من تطورات على الأصعدة العلمية والتقنية المختلفة ـ التي أصبح الكثير منها واضحاً أيضاً، وتمَّ الإعلان عنه، كالمسائل المتعلّقة بالطاقة النووية وأمثال ذلك، علماً أنَّ الكثير أيضاً لم يعلن عنه إلى الآن؛ أي أنَّه لم يكتمل العمل به حالياً، وهو في معرض الكمال والإكمال، حيث إنَّ بلدنا يمتلك الكثير من هذه المنجزات ـإنَّ نظرتنا نظرة متفائلة، وتُعرب عن قدرتنا، كما ذكرت ذلك مسبقاً، إلا أنَّه يتوجّب عليّ أن أتطرّق إلى مسألة أخرى وهي: إنَّ مسألة اختراق الحجب وكسر الحواجز العلمية في بلدنا لم يتّخذ أسلوبا جدّياً.إننا بحاجة إلى أن يبحث علماؤنا ومفكرونا، عن طرق مختصرة، فإنَّ هناك الكثير من الطرق التي لم تُكشف في هذه الآفاق اللامتناهية الموجودة في عالم الطبيعة إلى الآن، والتي يجب على الإنسانية أن تقوم بكشفها واحدةً تلو الأخرى.إننا بحاجة إلى أن يتمّ الكشف عن الطرق التي لم تُكشف إلى الآن.فلا شكّ من أنَّ مقدرتنا على صناعة آلة تقنية ـ السانتريفيوژرا فرضاً ـ والتي تستخدم في المجال النووي، حيث قام الآخرون بضاعتها والإستفادة والانتفاع بها قبلنا بعهود ـ يعتبر إنجازاً كبيراً، بإعتبارنا استطعنا إنجاز ذلك وإنتاج عناصره الجديدة بدون الاعتماد على مساعدة الآخرين، إلا أنّ هذا العمل لم يكن مبتكراً، فهو عمل قد أنجز وانصرم وحققه الآخرون قبلنا، وكان من المفترض أن نبقى نحن محرومين من الإستفادة منه إلى خمسين أو مئة سنة آتية ـ حيث لم يكن يتصوّر، أنّ بلداً مثل بلدنا وشعباً كشعبنا سوف يحصل على هذه التقنية وهذا العلم ـ إلا أنَّ شبابنا وعلماءنا ومحققينا استطاعوا أن يحققوا ذلك من خلال متابعتهم وسعيهم، وهذا الأمر يُعد أمراً قيّماً؛ إلا أنني أأكد على أن تجعلوا وجهة سعيكم ومتابعتكم في مجال العلم والتقنية نحو العمل الذي لم يتوصّل إليه الذهن البشري إلى الآن، بحيث نصل إلى الحالة التي نكون فيها قد كسرنا الحاجز الأول للعلم، وتقدّمنا خطوة نحو الأمام، وعندها نتمكّن من أن ندّعي بأننا قد حققنا الهدف، وذلك أمر يمكن الوصول إليه.بالطبع ليس هناك شك في أنَّ القيام بخطوة جديدة، يحتاج إلى متابعة الطرق التي سار عليها وقطعها الآخرون، إلا أنَّه لا ينبغي أبداً حرمان ومنع الذهن من البحث والتدقيق؛ من أجل الحصول على طرق مختصرة، وهذا ما نحتاج إليه في بلدنا.من المسائل الأخرى التي كانت ضمن كلمات الإخوة ـ أوضحها الإخوة، وقد قمت بتدوينها، من أجل الاستناد عليها ـ هي: علينا أن نجعل التحقيق تحقيقاً هادفاً في البلد من خلال التوجّه إلى احتياجات البلد ـ يجب علينا وجوباً أكيداً أن نجعل البحث والتحقيق مورد توجّهنا، ونُوليه أهمية أكبر ـ أي أننا نرى نواقص البلد الضرورية، فنجعل التحقيق ينصب في البحث على ذلك، وقد استندنا إلى ذلك من خلال ما تحدّث به بعض الأخوة، وهو أمر صحيح جداً.وذلك يستلزم أن يكون لدينا بنگاً للمعلومات ومركزاً إدارياً؛ لكي يتمكّن الجميع من الإطلاع على الأمور، وما اُنجز من أعمال، وماذا نحتاج للقيام بإكمال بحثاً من البحوث؛ من أجل التمكن من جمع الأقسام المختلفة والتنسيق بينها.هذه أيضاً إحدى المسائل المندرجة تحت المسألة السابقة ـ التي أشار إليها بعض الإخوة مكرراً، وقمت بتدوينها أيضاً ـ وهي: علينا أن نجعل نظام منح الإمتيازات العلمية في الجامعات متناسباً مع الأمور التي ذكرناها سابقاً، وإلا فإنَّ مجرد أن تنشر مقالة أو عدّة مقالات ـ مثلاً ـ في مجلة (آي. أس. آي)، ليس أمراً كافياً؛ أي أنَّه يجب على محققنا وباحثنا أن لا يسعى ـ من أجل الحصول على درجة علمية ـ وراء إعداد وتأليف مقالة ليس لها أي فائدة بالنسبة للبلد، ولا تملأ أي فراغ من الفراغات التحقيقية فيه.نعم، قد يكون ما يطبع في هذه المجلة نافعاً بالنسبة لذلك الشخص نفسه، أو لشخص آخر ومكان آخر، إلا أنَّه ليس نافعاً للبلد؛ لأنَّ ما قام به في هذا المجال كان من أجل الحصول على درجة علمية وحسب.فليس من الصحيح المطالبة بانحلال النظام، فإنَّ النظام المتّخذ لمنح الإمتيازات العلمية، وإعطاء الشهادات، يجب أن يتناسب مع مسألة كون التحقيق منسجماً مع احتياجات البلد، وكونه امتدادا لسلسلة من التحقيقات والبحوث.إننا نمتلك أحياناً أحدى حلقات الوصل المفقودة ـ في إحدى السلاسل ـ على صعيد من الأصعدة؛ مما يجعل الحصول على هذه الحلقة أمراً بالغ الأهمية.إذاً جعل التحقيق العلمي تحقيقاً هادفاً من خلال التوجَّه إلى احتياجات البلد واحتياجات الصناعة وبقية القطاعات، هو إحياء للبلد.من المسائل الأخرى: مسألة تربية طلبة الجامعات الدينية.إنَّ لدينا على مستوى البلد اليوم ـ ولحسن الحظ ـ الكثير من الأساتذة المؤمنين والمخلصين، ممن يمتلك إيماناً دينياً عميقاً، وشعوراً بالثقة بالنفس الوطنية.إنَّهم تربية عهد الثورة، وهم يشتغلون ـ لحسن الحظ ـ الآن بالتدريس في مواقع علمية عالية، وفي مختلف الاختصاصات الجامعية، وهذا ما يبعث على الفخر والاعتزاز. إنَّ التربية الدينية، يجب أن تكون إحدى أهداف شريحة أساتذة الجماعات في البلد، وإنَّ الطالب الجامعي يجب أن يكون متديّناً ويمتلك الثقة بالنفس الوطنية ـ الثقة بالنفس الوطنية التي تحدّثنا عنها ـ المنتجة، خلافاً لِما أسمعه أحياناً ـ عن بعض الجامعات والحصص الدراسية ـ من أنَّ الأستاذ يأتي ليتكلم عن البلد بصورة تجعل الطالب الجامعي يتنفَّر من كونه إيرانياً.وهذا ما يُعد ظلماًً؛ لأنَّه عمل يخالف مصلحة هذا الشاب، وهذا الجيل.يجب العمل على دفع الشاب للتعلّق بهويته ومعتقداته الوطنية، بالشكل الذي يجعله يفتخر أنَّه إيراني، وإنَّ ذلك مدعاة للإفتخار أيضاً.ـ حقَّاً ـ إنَّ الانتساب لإيران مدعاة للافتخار، علاوة على أن إيران اليوم أصبحت أكثر عزّة في العالم الإسلامي؛ نتيجة لمواقفها السياسية والعالمية.فلو أنَّكم ـ اليوم ـ ذهبتم إلى جميع المناطق في العالم الإسلامي، سوف تجدون أنَّ نظام الجمهورية الإسلامية والشعب الإيراني، هو أعز الشعوب في أعين أفراد الشعوب الأخرى، بدءاً من شرق العالم الإسلامي إلى غربه، ومن آسيا إلى أفريقيا، فإنَّ الأمر على هذه الشاكلة في جميع المناطق.حسناً، لماذا لا يبتهج الشاب الإيراني بالمكانة التي حصل عليها، فضلاً عما له من ميراث ثقافي، ومفاخر تاريخية، وبالإضافة إلى ما يتمتع به البلد من إمكانات بشرية وطبيعية؟ ولماذا نجعله متشائماً؟ إننا نلاحظ أحياناً أموراً من هذا القبيل، وبالطبع فإنَّ التصدّي لها يعتبر من التكاليف التي تقع على عاتق الأخوة والأخوات الحاضرين الأعزاء وبقية الأساتذة من أبناء البلد.إنَّ إحياء وتنمية الهوية الإسلامية والدينية والإيرانية للشباب، تعتبر من أهم المسائل التي تقع على عاتقنا، وهي تساعد كثيراً على تقدَّم البلد أيضاً.لقد انتهى الوقت، وإنني اليوم راضياً كل الرضى بهذا الاجتماع.أقدّم شُكري الخالص لجميع مَنْ تعاون وساهم من أجل حصولنا على الفائدة المتوخّاة من هذا الاجتماع، سواءً كانوا من الأخوة أو الأخوات الحاضرين، أو الأشخاص الذي تحدّثوا أو الأخوة الذين تحمّلوا مسؤولية القيام بإدارة هذا الاجتماع، وأتمنّى أن ينزل الله تعالى عليكم ـ أيَّها الإخوة والأخوات الأعزاء ـ وعلى الشريحة العلمية والجامعية في البلد ـ بركاته ورحمته في هذا الشهر الكريم ـ بالخصوص ـ وفي جميع أيام السنة. والسّلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته‏  

100 يوم من الطوفان