قبل البدء، أطلب من الإخوة و الأخوات الحضور في هذا الاجتماع قراءة سورة الفاتحة لأرواح شهداء الأيام الأخيرة في أرض فلسطين المقدسة.

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على الرسول الأعظم الأمين و على آله الطاهرين و صحبه المنتجبين.
أرحب بكم أيها الضيوف الأعزاء و العلماء و المفكرون و السياسيون و المجاهدون و المرابطون في خنادق الإسلام العقيدية و الجهادية.
لقد اجتمعتم للتداول و تبادل الآراء و التفكير في الحلول بشأن أكبر مصيبة نزلت على الأمة الإسلامية في التاريخ المعاصر بفعل دسائس الاستعمار، أي احتلال فلسطين و القدس الشريف. تزامنُ هذا المؤتمر مع ذكرى ولادة الرسول الأعظم (صلى الله عليه و آله و سلم) في العام الذي زيّنه شعب إيران بالاسم المبارك لهذا النبي العظيم، ينبغي أن يكون ملهماً لنا جميعاً معاني الجهاد و الاتحاد و العزم الراسخ و الثقة بالوعود الإلهية، و ممهداً لرحمة الله و نصرته إن شاء الله.
الحقبة الراهنة هي حقبة الصحوة الإسلامية، و فلسطين تقف في القطب من هذه الصحوة. مضى على احتلال فلسطين اليوم قرابة الستين عاماً و الشعب الفلسطيني المظلوم أمضى فترات مزدحمة بالمحن و الاختبارات المختلفة؛ من المقاومات المظلومة و القليلة الأمل في بداية القضية و التشرد و الغربة و مشاهدة تدمير بيوتهم و ديارهم و مذابح أعزائهم و ذويهم، إلى اللجوء للمحافل الدولية و إلى الاتجاه نحو المعاملات السياسية غير المجدية و قمار كله خسارة تمثل بالتفاوض مع المحتل و توسيط القوى التي كانت هي نفسها المجرم الأصلي في بروز و استمرار هذه المحنة. حصيلة هذه التجارب التاريخية رفعت الجيل الجديد و المتوثب لذلك الشعب الرشيد الشجاع إلى قمّة الصحوة و التحرر و خلقت بركان الانتفاضة. و في الجبهة المقابلة تم السير في طريق ذي مراحل متفاوتة، من العنجهية المنفلتة التي لا تعرف الرحمة و المذابح و التدمير الغاضب و الاعتداءات العسكرية على الجيران و ادعاء ما بين النيل و الفرات إلى التطاولات السياسية و الاقتصادية على المنطقة باستغلال ضعف و خيانة بعض ساسة العالم الإسلامي، و فجأة مواجهة صحوة الأسد الفلسطيني الرابض و انتفاضة عارمة لشعب ثائر طفح به الكيل.
حصيلة هذه العملية المليئة بالأحداث المعتمدة في كل الأحوال على أموال و قوة الحكومتين البريطانية و الأمريكية و دعمهما المخجل للمجرمين الصهاينة، هي اليوم تزلزل و تردد و يأس ساسة الكيان الغاصب و مواجهتهم لموجة الصحوة الإسلامية الصاخبة المتصاعدة. صحيح أن فلسطين في الوقت الحاضر ساحة لأقسى جرائم ضد الإنسانية يرتكبها الصهاينة الغرباء الغاصبون ضد أصحاب فلسطين المظلومين، و أفجع المظالم الاستثنائية التي ترتكب علناً و بفخر من قبل الحكومة الصهيونية و يعلن عنها، و لكن نظرة لعرض و طول هذه القصة الممتدة على مدى ستين عاماً تشي بوضوح بحقيقة صادمة ذات عبر، ما هي إلا تحول الساحة، و انقلاب مواطن الاقتدار بين الجبهتين، سواء في فلسطين نفسها أو في الشرق الأوسط و العالم الإسلامي الذي تم التخطيط لفاجعة اغتصاب فلسطين و تنفيذها من أجل الاستيلاء و السيطرة عليه لمدة طويلة و بشكل مضمون.
تصوروا فلسطين في عقد الإربعينيات من القرن العشرين: أرض في قلب العالم العربي، بلد فقير، حكومة ضعيفة، شعب غير مطلع، و جيران نصبهم الاستعمار؛ أثرى و أكثر حكومة غربية تسلحاً و شراً تنتزعه بتحريض من الصهاينة من يد المسلمين و تعطيه لحزب عنصري إرهابي متجبر. كل الحكومات الغربية و كلا القطبين السياسيين المتخاصمين في العالم يساعدون هذا الكيان، و الحكومات العميلة في المنطقة مثل إيران البهلوية و غيرها تتنكر للإسلام و العروبة و تعمل لخدمته، و توضع الأموال و الأسلحة و العلوم و الصناعة تحت تصرفه من قبل كل الأطراف، و تعمل أمريكا و كأنها القيّم عليه و محاميه و متولي شؤونه، و الاتحاد السوفيتي لا يعارض أمريكا أبداً في هذه القضية فقط. و قرارات منظمة الأمم المتحدة بمستوياتها الضعيفة و المحافظة تهمل تماماً من قبل الحكومة الصهيونية الزائفة المتمردة، و يهاجم الكيان الغاصب بتأييد من أمريكا و أوربا، مصراً و سورية و الأردن و لبنان عسكرياً و يحتل أجزاء منها بقصد الاستيلاء الدائم، و يتحدث دون تهيّب عن الاغتيالات و القتل و النهب، و يهدّد، و يتولى الإرهابيون المعروفون فيه زمام الحكم الواحد تلو الآخر، و آخرهم مجرم «صبرا و شاتيلا» المعروف. بقيت الحكومة الغاصبة لعشرات الأعوام في الساحة الفلسطينية بوجهها العنيف الوقح و غير المرن الذي لا يقبل الهزيمة.
في الجبهة المقابلة و بعد ذلك الضعف و الانكسار الأول و إخفاق المساعي غير التامة للسنين الأولى، تتبين نتائج التجارب واحدة واحدة، و تخرج الذرائع الفكرية و العملية من قومية و يسارية ماركسية و أمثال ذلك من ساحات الاختبار مخفقة فاشلة. و يخلق الإيمان الديني - الذي يلتزم الشعب به أشد الالتزام - بهمم المجاهدين الصابرين المقاومين تدريجياً نقاطاً مضيئة في الأفق المغلق المزدحم بالأحزان فيصنع بذلك الآمال. و في ذلك الحين تبزغ شمس «الثورة الإسلامية» فجأة من المشرق، و اسم فلسطين محفور إلى جانب اسم الله و الشريعة الإسلامية على الراية العالية لهذه الثورة الإلهية.
منذ ذلك الحين يتغير مسار الأحداث و يبدأ سياق زوال الحكومة الغاصبة و اضمحلال السيطرة المطلقة لأمريكا على المنطقة التي كانت طوال عقود متمادية من الزمن شريكة جرائم الحكومة الغاصبة، و تنبعث الجماعات الجهادية المؤمنة بالإسلام في فلسطين و لبنان و تكوّن جيل المجاهدين الصادقين الصلبين، و يحتيي الجهاد و الشهادة و تستعيد القوة الحقيقية - أي قوة الشعب الذي ترسخت فيه عزيمة الصمود و المقاومة و التضحية - مكانتها في معادلات فلسطين و المنطقة. و يقلب دمُ الشباب الاستشهادي الطاهر و الحضورُ الميداني للمجاهدين المناضلين الفدائيين كل حسابات طلاب الدنيا من عباد المادة و اللاهثين وراء الملذات، و يفتحان ساحة جديدة ينتصر فيها الدم على السيف.
و اليوم و بعد ستين سنة على تلك البداية المشحونة بالمحن، تزيد جبهة الحق بآمال جديدة و دوافع الإيمان - الذي تنجذب إليه الأجيال الصاعدة تباعاً - و بروح شبابية فتية و بكل عزم و جزم، تزيد من قوتها في الساحة الفلسطينية يوماً بعد يوم، و تفرض الهزائم العسكرية و السياسية الواحدة تلو الأخرى على العدو في لبنان و فلسطين، و تتجه بملحمة جهادها نحو الفتح المبين، و كأن كلام الله الصادق يخاطبهم: «وعدكم اللَّه مغانم كثيرةً تأخذونها فعجّل لكم هذه، و كفّ ايدي النّاس عنكم و لتكون آية للمؤمنين و يهديكم صراطاً مستقيما. و اخرى لم تقدروا عليها قد احاط اللَّه بها و كان اللَّه على كلّ شيء قديرا».
و في المقابل فإن جبهة الباطل تعاني من التفرقة و التردد و التيه عقب حالات التراجع المتتابعة و خسارة الآمال الأولية الكاذبة. حاميتهم الأصلية - أي أمريكا - تواجه هي نفسها مشكلات لا حلّ لها في الشرق الأوسط و تتعرض لكراهية متفاقمة من قبل شعوب هذه المنطقة بل شعوب كل العالم. و شعار من النيل إلى الفرات يُختزل إلى شعار الأمن و في داخل الجدار الذي أحاطوا أنفسهم به، و لا يعرفون طريقاً لمواجهة فلسطين الثائرة سوى الدبابات و القنابل و الاغتيالات و السجون و البلدوزرات، أي نفس الأدوات التي جعل استخدامها طوال عشرات الأعوام الماضية الشعب الفلسطيني فولاذاً صلباً في الوقت الحالي، و لن تكون آثارها في المستقبل أيضاً غير زيادة مقاومة هذا الشعب.
إخوتي و أخواتي.. الشعب الفلسطيني اليوم يقف وسط ساحة جهاد صعب طويل الأمد، و هذا ليس الجهاد الفلسطيني فقط بل هو جزء كبير من جبهة واسعة لجهاد العالم الإسلامي مع المستكبرين المعتدين السفاحين الناهبين. لقد استيقظ العالم الإسلامي و استعاد شعار سيادة الإسلام مكانته الأولى بين الشباب و الجامعيين و المثقفين في كل البلدان الإسلامية. إيران الإسلامية التي نمت و أنبتت فكرة الديمقراطية الدينية تزداد قوة يوماً بعد يوم، و الإسلام الأصيل الذي طرحه الإمام الخميني، مهذباً من شوائب الالتقاطية و الانحرافات و الجمود و التحجر، يمتد في الساحات السياسية للكثير من البلدان و يضرب بجذوره في شرق العالم الإسلامي و غربه. و الطعم المرّ المسموم لليبرالية الديمقراطية الغربية التي حاولت الدعايات الأمريكية بتزويرها و زيفها طرحه باعتباره الدواء الشافي، آذى روح الأمة الإسلامية و جسمها و سجّر قلبها ناراً. العراق و أفغانستان و لبنان و غوانتانامو و أبو غريب و طوامير سرية أخرى، و قبل ذلك مدن غزة و الضفة الغربية، ترجمت لشعوبنا مفردة الحرية و حقوق الإنسان الغربية التي يعدّ النظام الأمريكي أوقح المبلغين لها و أقلهم حياء. إن الليبرالية الديمقراطية الغربية اليوم مفضوحة مكروهة في العالم الإسلام بنفس ما كانت عليه الاشتراكية و الشيوعية في الشرق بالأمس. الشعوب الإسلامية تروم كسب الحرية و الكرامة و التقدم و العزة في ظل الإسلام. لقد ضاقت الشعوب المسلمة ذرعاً بهيمنة الأجانب و المستعمرين طوال مائتي سنة، و تعبت من الفقر و الذلة و التخلف المفروض.
إننا نستطيع و من حقنا أن نردّ على الحكومات السلطوية إذلالها و تكبّرها؛ إنه الشعور الصادق للشعوب و الجيل الحالي في العالم الإسلامي من شرق آسيا إلى قلب أفريقيا، و هو ساحة جهاد معقد و متنوع و صعب و طويل الأمد. و إذا اعتبرنا فلسطين راية هذا الجهاد فلن نكون قد قلنا شيئاً جزافاً. على كل العالم الإسلامي اليوم أن يعتبر قضية فلسطين قضيته؛ هذا مفتاح رمزي يفتح على الأمة الإسلامية أبواب الفرج. يجب أن تعود فلسطين إلى الشعب الفلسطيني و تدير الحكومة الفلسطينية الواحدة المنتخبة من قبل كل الفلسطينيين بلادها برمتها. مساعي بريطانيا و أمريكا و الصهاينة على مدى خمسين عاماً لمحو اسم فلسطين من خارطة العالم و هضم هذا الشعب داخل الشعوب الأخرى، لم تفض إلى نتيجة، و جاءت نتائج الضغوط و الجور و القسوة معكوسة. إن شعب فلسطين اليوم أكثر حيوية و شجاعة و كفاءة من أسلافه قبل ستين عاماً. هذا السياق الذي ظهر في ظل الإيمان و الجهاد و الانتفاضة المجيدة يجب أن يستمر ليتحقق الوعد الإلهي إذ يقول سبحانه و تعالى: «وعد اللَّه الّذين امنوا منكم و عملوا الصّالحات ليستخلفنّهم في الارض كما استخلف الّذين من قبلهم و ليمكننّ لهم دينهم الذي ارتضى لهم و ليبّدلنّهم من بعد خوفهم امنا يعبدونني لا يشركون بي شيئاً و من كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون».
و في دائرة أوسع أيضاً، أي في العالم الإسلامي يمكن تحقيق هذا الهدف السامي، أي التحرر من هيمنة و تعسف و تدخل المستعمرين و الحياة في ظل الإسلام، و هذا بالطبع رهن بجهاد من نوع آخر. إنه جهاد علمي و سياسي و أخلاقي. و قد اختبره الشعب الإيراني في الأعوام السبعة و العشرين الماضية و قطف ثماره الحلوة. أساس هذا الجهاد المقدس هو النزعة الإيمانية و النزعة الشعبية و النزعة العلمية، و خصوصيته أن كل خطوة راسخة فيه تجعل الخطوة اللاحقة أكثر رسوخاً، و قطع أي شوط فيه يجعل الشوط التالي أسهل و أكثر إمكاناً.
الشرط الأساسي للنجاح في جهاد فلسطين و جهاد العالم الإسلامي هو الإصرار على المبادئ. يستهدف العدو دوماً اختطاف المبادئ و الأصول، و يصرّ بمخادعاته و وعوده و تهديداته على صرف النظر عن الإصرار عليها. بإلغاء المبادئ أو الاستهانة بها يضيّع العالم الإسلامي العلامات و المؤشرات الهادية، و يرتهن لقواعد يحددها العدو، و النتيجة معلومة. في كثير من الأحيان يوصينا البعض منا و من شعوبنا، تبعاً للعدو، بالتخلي عن مبادئنا و يسمّي ذلك تكتيكاً أو تدبيراً! مهما كانت دوافع هؤلاء - الضعف أو الغفلة أو الطمع أو الخيانة - فهم مصداق كلام الله: «فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى ان تصيبنا دائرة فعسى اللَّه ان يأتي بالفتح او امر من عنده فيصبحوا على ما اسرّوا في انفسهم نادمين». إنهم لا ينتفعون أي شيء من مساعدة العدو. لقد أثبتت أمريكا و الغرب مراراً إنهم لا يرحمون حتى المستسلمين لهم، و حينما ينتهي تاريخ استهلاك المتعاونين معهم يقذفونهم جانباً بكل سهولة.
و البعض الآخر يستعرضون قوة العدو و يخوّفون طلاب الحق من الاصطدام و الاحتكاك معه. ثمة مغالطة خطيرة كامنة في هذا الكلام.
أولاً العدو الذي يتجنب الإنسان العاقل الاحتكاك و الاصطدام به ليس العدو الذي يستهدف هوية ذلك الإنسان و مصالحه الحيوية و أساس وجوده. المقاومة أمام مثل هذا العدو حكم قاطع من أحكام العقل الإنساني، إذ من البديهي أن الخسارة الأكيدة الناجمة عن الاستسلام لهذا العدو هي نفسها الخسارة المحتملة الناتجة عن مواجهته، مضافاً إلى الذلة و الامتهان.
الاستكبار العالمي اليوم - و الناطق باسمه هو رئيس جمهورية أمريكا الحالي - يهدد العالم الإسلامي بصراحة و يتحدث عن حرب صليبية. و الشبكة الصهيونية المستكبرة و المنظمات التجسسية الأمريكية و البريطانية تعمل على إثارة الفتن في كل العالم الإسلامي. المقدسات الإسلامية تتعرض للإهانة علناً في وسائل الإعلام بأموالهم و تشجعيهم، و حتى الوجه الملكوتي للرسول الأعظم (ص) لم يسلم من جسارتهم السخيفة. تنتج الآلاف من الأفلام السينمائية و الألعاب الكومبيوترية و ما إلى ذلك و تعرض في الأسواق بهدف تشويه وجه الإسلام و المسلمين. و هذا كله فضلاً عن جرائمهم في التطاول على البلدان الإسلامية و مذابح فلسطين و العراق و أفغانستان و تدخلهم الوقح في البلدان الإسلامية لتأمين مصالحهم السياسية و الاقتصادية غير المشروعة. الاستسلام مقابل مثل هذا العدو على الضدّ تماماً من حكم العقل، و المقاومة هو السبيل الوحيد الذي يوصي به العقل و الشرع.
ثانياً المبالغة في قوة العدو هي بحد ذاتها من حيله و أحابيله. المال و القوة السياسية و العسكرية و المعدات الحربية الحديثة و الوفيرة، تخيف الحكومات المحرومة من دعم شعوبها. الانتصار العسكري على نظام مثل نظام صدام الذي لم يكن يحظى بدعم شعبه و لا يعرف جيشه شيئاً عن الإيمان و الجهاد، ليس دليلاً على قوة. لم تستطع أمريكا الانتصار على الشعب العراقي. بمقدار ما استطاع العراق اختبار ادعاءات أمريكا في الديمقراطية و فضحها، استطاع تحدي قوتها المطلقة التي لا تهزم و الاستهزاء بها. الشعوب و الحكومات المعتمدة على الشعوب إذا كانت تتمتع برصيد الإيمان بالله و الإيمان بالذات، و إذا انتهجت نهج المقاومة، فلن تهزم أبداً، و سيهديها الصبرُ على صعوبات الجهاد النصرَ و سيبطلُ الخرافة الكاذبة لعدم إمكانية هزم العدو المعتدي. الحاضر و الماضي غير البعيد يثبتان هذا و سيثبتانه بعد الآن أيضاً إن شاء الله.
الحلقات المترابطة للمؤامرة الأمريكية حول إيران و العراق و سورية و لبنان و الهادفة إلى السيادة على شرق أوسط بزعامة الكيان الصهيوني، سوف لن تنجح أبداً و لن تنتج شيئاً سوى الخسارة المهلكة للساسة الأمريكان. إذا صادف و اتبعت الحكومة الأمريكية العقل و الضمير فيجب أن تقلع عن اللجاجة حيال الشعب العراقي، و لا تعارض أصوات هذا الشعب بشأن حكومته المنتخبة، و تحترم الحكومة المنتخبة من قبل الشعب الفلسطيني، و تحتوي حليفها الشرير المتمرد أي الحكومة الصهيونية الغاصبة، و تطلق سراح السجناء المظلومين في غوانتانامو و أبي غريب و سائر سجونها الخفية بلا تأخير، و توقف التآمر ضد سورية و لبنان و الجمهورية الإسلامية الإيرانية، و لا تشعل بجهلها منطقة الشرق الأوسط و الخليج الفارسي الحساسة.
و في الختام أقول للشعب الفلسطيني الشجاع المقاوم:
لقد رفعتم رأس العالم الإسلامي بجهادكم و صبركم و مقاومتكم المشرقة و صرتم شعباً نموذجياً. الأعباء الجسيمة لهذه المحنة الكبرى لم تحن ظهوركم، و دماء شهدائكم الطاهرة جذرت عزيمتكم و صبركم. لم يستطع عدوكم بقسوته و دمويته و مذابحه و تخريبه و اختطافه للبشر و وحشيته أن يفرض عليكم التراجع، و أنتم اليوم أقوى من أي وقت مضى. دماء شهداء كبار مثل «الشيخ أحمد ياسين» و «فتحي الشقاقي» و «الرنتيسي» و الشباب الاستشهاديين و سائر شهدائكم المظلومين قد انتصرت لحد الآن على سيف العدو، و ستنتصر أكثر بعد الآن بحول الله و قوته. إننا في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، و الكثير من المسلمين و الأحرار في كل العالم يقيناً، نعتبر أنفسنا شركاء في مأساتكم و محنتكم. شهداؤكم شهداؤنا، و محنتكم و أحزانكم محنتنا و أحزاننا، و انتصاركم انتصارنا.
الأمة الإسلامية الكبرى لا يمكنها أن تبقى صامتة و غير مبالية كما يفعل الغرب المزور حيال الظلم الذي يلحق بكم، و أن تمدّ يد الصداقة لعدوّكم. كل من يفعل هذا يكون قد ناصبكم العداء، و لا شك في أن الشعوب المسلمة بريئة من هذا الذنب الكبير. من واجب الأمة الإسلامية مساعدتكم بأيّ شكل ممكن و مدّ يد المعونة لكم في هذا الطريق المبارك. ثقوا بالوعد الإلهي، و احتسبوا آلامكم و أوجاعكم المضنية و دماءكم المسفوحة ظلماً و الشدائد التي تتعرضون لها كل يوم، عند الله، و قولوا ما قاله سيد شهداء العالم الحسين بن علي (عليهما السلام) في اللحظة التي قتلوا بها طفله الرضيع بالسهم المسموم و هو بين ذراعيه: «إنما يهوّن الخطب عليّ أنه بعين الله». و اعلموا أن الله قد ضمن النصر النهائي للمؤمنين و المجاهدين الصابرين. «و تمّت كلمة ربّك صدقاً و عدلاً، لا مبدّل لكلماته و هو السّميع العليم».
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.