بسم الله الرحمن الرحيم (1)

من المصادفات الحسنة و المباركة إن شاء الله اقتران هذا اللقاء بذكرى ولادة سيدنا ثامن الأئمة (عليهم السلام) علي بن موسى الرضا. نتمنى أن ننتهل جميعاً إن شاء الله من بركات تلك الروح الطاهرة السامية. من أكبر مفاخر بلادنا و امتيازاتها وجود مرقده الطاهر فيها. مهما استطعنا العمل على تعظيم مكانته الرفيعة و توجيه القلوب نحوه لكان ذلك يقيناً لصالح روحنا الدينية المعنوية و لصالح بلدنا. مثلاً، يمكن للسيد آخوندي (2) أن يفكر بقضايا الطرق و القطارات السريعة إلى هناك، حتى يعملوا و يمكن للناس أن يذهبوا و يجيئوا بمسافة أقل، هذه من الأمور التي يمكنها إن شاء الله أن تكون مبعث بركة و خير للحكومة.
و نحيّي ذكرى الشهيدين العزيزين، رجائي و باهنر. أسبوع الحكومة يقام منذ سنين، و التقليد جار على أن تكون هذه المناسبة فرصة للمسؤولين الدؤوبين في الحكومة كي يرفعوا تقاريرهم بخصوص جهودهم و نجاحاتهم و عزائمهم للسنة القادمة أو لعدة سنوات قادمة، و أن يكرموا و يقدم لهم الشكر من قبل المسؤولين و الجماهير على الأعمال التي تم إنجازها، و أن تطرح بعض الأحيان نقاط و ملاحظات و تنبيهات، أو تطرح النواقص و المطالبة بتأمينها، هذا هو الهدف من أسبوع الحكومة، بيد أن النقطة الجديرة بالاهتمام هي أن أسبوع الحكومة بمثابة العيد بالنسبة للحكومة، بمعنى عودة سنوية لمناسبة معينة - و العيد بهذا المعنى - و الوقت الخاص بالبيان و الكلام و ما إلى ذلك.
المناسبة المقررة لهذا الأسبوع هي من أكثر ذكريات البلاد مرارة، أي استشهاد عزيزين بارزين هما الشهيد باهنر و الشهيد رجائي. و قد صادفت هذه الذكرى في هذا العام أسبوع الكرامة، لكن هذا الأسبوع حسب الدارج يذكّر بمصيبة استشهاد هذين الرجلين الكبيرين. أتصور أن الحكمة الإلهية التي جرت على قلوب و ألسنة المسؤولين، فحدث هذا، و صارت هذه المناسبة في هذه الذكرى، كانت من أجل أن لا يُنسى الشهيد رجائي و الشهيد باهنر من الأذهان، و يبقيا معيارين و مؤشرين أمام الأنظار و نصب الأعين. طيب، لا يمكن القول إن معيارية هذين الشخصين جاءت بسبب قوة إدارتهما أو قدراتهما و ابتكاراتهما مثلاً، لأن فترة مسؤولية هذين العزيزين لم تستمر طويلاً، و قد كان زمن المرحوم باهنر قصيراً جداً، و كانت فترة المرحوم رجائي عدة أشهر أو بحدود سنة. إنما معيارية هذين الرجلين ترجع لخصوصياتهما السلوكية و شخصيتيهما و أخلاقهما. هذا ما ينبغي أن نستذكره في أذهاننا دوماً.
الزمن بالتالي يتغير و يدور، و تأتي و تذهب أنواع التيارات الثقافية و القيمية و ما إلى ذلك - هذه هي طبيعة الزمن - تحدث تحولات في الأذهان و الأفكار، و لكن ثمة أصول ثابتة ينبغي أخذها بنظر الاعتبار دوماً. بالنسبة لنا نحن المسؤولين في نظام الجمهورية الإسلامية المقدس، بالمستطاع البحث عن هذه الأصول الثابتة في شخصية هذين الرجلين العزيزين الجليلين، و العثور عليها. لقد كنا - على كل حال - أصدقاء لهذين الشخصين سنين طويلة، خصوصاً مع المرحوم باهنر، و كذلك المرحوم رجائي، منذ ما قبل الثورة إلى فترة المسؤوليات و في مجلس الشورى و خارج مجلس الشورى، و شهدنا حقاً أن لهما خصوصيات يجب أن لا ننساها. أعتقد أن إيمانهما بهذا الطريق و هذه الأهداف التي رسمها الإمام الخميني و كانت الجمهورية الإسلامية تجسيداً لها، أعتقد أن هذا مؤشر و معيار مهم للغاية. أخلاصهما و روح الخدمة التي كانت فيهما، حيث لم يكونا يعرفا حقاً ليلهم من نهارهم في سبيل العمل و الخدمة.
الروح الشعبية و الاندكاك بالناس و الارتباط و التواصل معهم و الأنس بهم، و الاستماع لأحاديثهم عن قرب، و فتح طرق - و نحن بحكم المسؤولية نعيش حالة من القيود و الحدود و الحصار - تكون منافذ للاتصال بالناس و بصميم حياة الناس. و قد قلتُ للسيد رئيس الجمهورية عدة مرات إن زيارات المحافظات هذه عمل حسن جداً و من الأمور الإيجابية للغاية، و كنت أوصي الحكومات السابقة أيضاً بنفس التوصية، هذا أحد الطرق، الذهاب لبيوت الناس و الذهاب لمنازل الشهداء - و هذا العمل صار دارجاً و الحمد لله و هو عمل حسن - سبل للتواصل مع الناس، هذه أمور مهمة بدرجة كبيرة. إنها أعمال تحافظ و تبقي على الروح الشعبية و معرفة الناس متوقدة في داخل الإنسان. و عندما لا تكون هذه الأعمال سيغفل الإنسان عن حال المجتمع و تكون نظرته مسمّرة دوماً على الكليات، كالشخص الذي يمرّ بطائرة فوق مدينة، نعم، سوف يشاهد عموم المدينة أفضل من الشخص الذي يقف على الأرض، و لكن ما الذي يجري داخل هذه الأزقة و في الشوارع و داخل البيوت، و ما الذي يجري في المحلات التجارية، و من هم المراجعون؟ هذه أمور يدركها الذي يتجول في تلك الأزقة، و بالمقدار المحدود الممكن. النزعة الشعبية مهمة جداً.
لم يكونا منتفعين مادياً أو يقصدا الانتفاع المادي من المناصب التي يتولانها. هذه من الأمور المهمة. يجب أن لا نفكر بأننا طالما تولينا مسؤولية فلنجعل هذه المسؤولية وسيلة لتأمين مستقبلنا، كالوضع الموجود بالنسبة للمسؤولين في الكثير من بلدان العالم، حيث يجعلون هذه المناصب و المسؤوليات وسيلة ليكونوا في المستقبل أعضاء في الهيئة الإدارية للشركة الفلانية، أو يكون لهم سهم في المركز المالي الحساس الفلاني. و هناك الالتزام بأسس الثورة و ما شابه، هذه خصوصيات هاتين الشخصيتين، و يجب أن نضعها نصب أعيننا و نطابق أنفسنا معها.
من خصوصيات سلوك المسؤولين أنه يصنع ثقافة في المجتمع. فكيف نتصرف و نعمل و كيف نتحدث و كيف نعيش و من نعاشر و من نقطع علاقتنا به و لا نعاشره، سيتحول كل ذلك إلى ثقافة في المجتمع. إذن، العمل الذي تقومون به و الخدمة التي تقدمونها - في أيّ جانب و قطاع كنتم - إذا كان بالمستوى المتوقع، و الحمد لله على أنه جيد إلى حد كبير في كثير من القطاعات، إذا كانت بإخلاص و مصحوبة بعمل دؤوب و جهد بليغ، ففضلاً عن الأثر الذي ستتركه هذه الأعمال نفسها على الواقع الخارجي، ستترك آثاراً طويلة الأمد تتمثل في صناعة الثقافة. الناس ينظرون لنا و ينظرون لكم، و سلوكياتنا و طباعنا تصنع الثقافة العامة للناس. إذن، نحيّي ذكرى هذين الأخين الطيبين العزيزين السعيدين، و نتمنى أن نستطيع جميعنا إن شاء الله السير على نفس هذا الصراط.
أرى لزاماً عليّ أن أتقدم بالشكر و التقدير لأعضاء الحكومة المحترمين و خصوصاً رئيس الجمهورية المحترم على جهودهم التي يبذلونها. و تقارير اليوم كانت تقارير جيدة، و من المناسب جداً أن تذاع هذه التقارير و يسمعها الناس. أطلب من حضرة السيد سرافراز (3) أن تبث هذا التقارير بأصوات السادة أنفسهم، أي أن يسمع الناس من السيد نعمت زادة، و من السيد زنگنه، و من السيد چيت چيان، و من باقي الإخوة هذه الأعمال بأصواتهم أنفسهم. هذا جيد جداً، حيث يطمئن الناس بأن الإخوة يعملون و يبذلون الجهود و منهمكون في العمل.
لقد تم إنجاز أعمال إيجابية، و لكن ينبغي أن لا يغيب عن أذهاننا كلنا و على الدوام بأن نذكر الأشياء التي يصدقها الناس إذا نظروا لواقع حياتهم، أي أن يرى الناس أن الواقع هو بالشكل الذي نقوله لهم. عندما بدأ الدكتور السيد هاشمي مشروع الصحة هذا قبل مدة من الزمن، سألتُ البعض متعمداً، من بعض من حولي و الذين هم على اتصال بأبناء الشعب العاديين - بأقربائهم و أصدقائهم، و في زيارة مشهد أحياناً، و في أماكن أخرى - فوجدتُ أن الناس شعروا بهذا المشروع، و أيّدوا و قالوا نعم، من قبيل إننا ذهبنا للمستشفى و كان الوضع على هذا النحو. هذا جيد جداً. بعض الأعمال و الأمور خارجة عن متناول الناس و لا يراها الناس، و تصلهم آثارها الثانوية، لكن بعض الأعمال و الأمور في متناول الناس، و ينبغي طرح مثل هذه الأمور. ما أقوله الآن هو أن الهدوء و الاستقرار النسبي ملموس في الشأن الاقتصادي، و هذا ما يرفع الجميع تقاريره، و تصلنا التقارير من أطراف مختلفة، فيقولوا إن هذه حالة موجودة و قائمة. هذه من الامتيازات و هي احتواء التأرجحات و الانعطافات الحادة و عدم وجود مثل هذه التذبذبات الشديدة في المجال الاقتصادي. يجب السهر على هذا الشيء و صيانته و الحفاظ عليه.
حالة انخفاض التضخم جيدة جداً. طبعاً نحن غير راضين عن هذا المقدار من التضخم الموجود الآن، أي التضخم فوق العشرة و برقمين. و قد أشار السيد رئيس الجمهورية بأن التضخم وصل إلى ثلاثة عشر و نيف - و التضخم السنوي هو المعيار، و قياس التضخم حسب ما كان عليه في نفس الشهر من العام الماضي غير مهم و لا يؤبه له، إنما الأساس هو التضخم السنوي - لكن البلدان التي لديها تضخم من رقمين في العالم معدودة و قليلة جداً، و نحن من البلدان التي لديها تضخم من رقمين، عشرة بالمائة فما فوق. يجب أن نصل إلى تضخم دون العشرة، ينبغي أن تنصب الهمم على هذا الشيء، و يتحتم السعي للوصول إلى هذا المستوى. أحياناً يزداد التضخم بسبب بعض الحالات العارضة - الحالات العارضة الخارجة عن التحكم و أحياناً الحالات الممكن التحكم بها - و واضح أن هذه الأحوال غير دائمية، و حالات التضخم العالية لا تستمر أبداً. هذه المستويات يهبطون بها بشكل من الأشكال إلى مستويات أدنى و قد خفضوها و الحمد لله، و استطاعوا، و لكن لا تكتفوا بهذا المقدار، و خفضوا التضخم أكثر. لكن هذا جيد جداً، هذا المقدار بحدّ ذاته و هو ثلاثة عشر أو أربعة عشر يعتبر خطوة كبيرة.
المساعي التي تبذل من أجل الخروج من حالة الركود - و سوف أقول شيئاً عن الركود، و قد ذكرتُ بعض النقاط في الأحاديث الثنائية مع السيد رئيس الجمهورية - إنكم تسعون للخروج من الركود، و هذا شيء على جانب كبير من الأهمية، لأن قضية الركود قضية يمكنها التأثير على التضخم و على العمالة و فرص العمل. قضية الركود قضية مهمة في البلاد. تبذل مساع جيدة في هذا السياق.
و قضية الصحة و السلامة من المحطات الجيدة. و الأعمال العلمية التي تجري في المعاونية العلمية جيدة و قيمة. و قضية ريّ الأراضي و التي نشط النائب الأول المحترم لرئيس الجمهورية فيها، و يظهر أنكم زرتم خوزستان و إيلام و زابل و أماكن أخرى. (لم تذهبوا إلى زابل؟ نعم، إذن اذهبوا بالتأكيد إلى زابل، و حسنٌ أن اتفق و قلنا هذا). هذه أعمال جيدة بالتأكيد تم إنجازها.
كذلك الحال بالنسبة للملف النووي. و قد تحدثنا كثيراً عن القضية النووية لحد الآن، و أشرنا و استمعنا إلى الكثير من النقاط، و الشيء المهم هو أن السادة استطاعوا إنهاء هذه المفاوضات، لأن تطويل المفاوضات بحد ذاته كان قضية، و قد استطاعوا سدّ هذا الطريق، و هذا بحد ذاته عمل مهم. و إذا كان ثمة على هامش الأمر مشكلات ستستطيعون إن شاء الله بتدبيركم و تدبير غيركم من المسؤولين أن تعالجوا هذه المشكلات. على كل حال نتقدم بالشكر لكل الإخوة و الأخوات العاملين.
ثمة نقطة في بالي حول هذا الملف النووي و انتهاء القضية النووية، و هي من مواطن القلق و الهمّ عندي، و هي أن نتنبه إلى الأهداف التي تعتمل في أذهان الأعداء العلنيين للجمهورية الإسلامية، و الأعمال التي يريدون القيام بها. أكيد أن عداء أعداء الجمهورية الإسلامية لم يتبدد و لم يقل منذ بدايات الثورة و إلى الآن. نعم، في بعض المواطن يجري احتواء العداء و الممارسات العدائية - هذا مما لا شك فيه - لكن هذا لا يعني أن العداء قد انخفض مستواه. نعتقد أن عداء الكيان الصهيوني الغاصب الزائف أو حكومة الولايات المتحدة الأمريكية لنا لم يقل أبداً منذ بدايته و إلى الآن. طبعاً كل واحد لسبب، الكيان الصهيوني يعادينا لسبب، و الأمريكان يعادوننا لسبب آخر، و لكنهما سيئون معنا بنفس الدرجة و يعادوننا بنفس المستوى و لم ينخفض مستوى العداء هذا. إنهم يقومون بنفس الأعمال التي كانوا يقومون بها في اليوم الأول للثورة، لكن أعمالهم هذه تطورت، و تطورت أساليب عملهم. في زمن ما كان يعادون و يوجهون الضربات بشكل، و الآن يفعلون ذلك بأساليب و وسائل أخرى. ينبغي أن لا يغيب هذا عن أنظارنا. ليتفطن كل المسؤولين على تنوعهم - و الأمر لا يختص بوزارة الخارجية و الدكتور السيد ظريف فقط، بل يشمل كل الأجهزة على تنوعها، الأجهزة الاقتصادية و الأجهزة الثقافية - إلى هذا الشيء، و أن نحذر من العمل و اللعب داخل مخطط الأعداء، و لا تكون قراراتنا التي نتخذها، سواء على الصعيد السياسي أو على الصعيد الاقتصادي أو في مجال التجارة أو على المستوى الثقافي، مما يساعد الأعداء في تحقيق أهدافهم من الرزمة التي يقررونها.
يمكننا معرفة مقاصدهم من كلامهم و كتاباتهم و تصريحاتهم المختلفة. بمعنى أنني حين أتحدث عن العداء لستُ أخبر عن غيب، و لا هي مشاهدة منام، و لا أخيلة و أوهام، لا، إنه واقع أمام أعيننا. قد تكون تصريحاتهم بشكل آخر لكن الوقائع الخارجية - الأشياء المحسوسة و الملموسة - تدل على هذا العداء و على مؤشرات العداء، و لكن بأساليب خاصة. و يبقى ما علينا فعله مقابل هذا العداء بحثاً آخر، و لكن يجب أن لا ننسى العداء، هذا ما أروم قوله. حين لا تنسون أن هناك جبهة أمامكم، و أنهم يترصدونكم في خنادقهم و يعدون أسلحتهم، عندئذ ستعملون حسب ما يقتضيه الموقف، تنظرون تارة فتجدون أنه من اللازم أن تطلقوا النار، أو من اللازم أن تلتزموا الصمت، أو من اللازم أن تتخندقوا داخل خنادقكم، أو من اللازم أن تخرجوا من الخنادق، هذا أمور لاحقة بعدية، المهم هو أن لا ننسى وجود جبهة مقابلنا، جبهة أعداء يريدون بنا العداوة و السوء. و طبعاً، نحن لا نخاطب بهذا المسؤولين الحكوميين فقط، بل على كل أبناء الشعب، و خصوصاً العناصر الثورية المخلصة و المستعدين لخدمة الثورة، أن يتنبهوا لذلك، لكن مسؤولية رجال الحكومة على هذا الصعيد أكبر بطبيعة الحال من باقي الأوفياء للثورة.
برأيي أن الشيء الذي ينبغي القيام به على وجه السرعة هو أن تكون هناك صراحة في اتخاذ المواقف الثورية، بمعنى أن لا نجامل. أن نطرح المواقف الثورية و مرتكزات الإمام الخميني الجليل بصراحة و من دون خجل أو مجاملة أو خوف، و نعلم أنه «وَ للهِ‌ جُنودُ السَّمواتِ وَ الاَرضِ وَ كانَ اللهُ عَزيزًا حَكيمًا» (4). كل إمكانيات العالم و سننه هي جنود لله و يمكن الاستعانة بها و تجنيدها بالتوكل على الله و السير في سبيل الله.
ينبغي أيضاً أن نكون واعين نبهين، و قد قلتُ قبل أيام في كلمتي إنهم يرومون النفوذ و التغلغل، و قد يكون هذا التغلغل من مواطن مختلفة، فكونوا حذرين. تصل أنباء للمرء حيناً أن المؤسسة الفلانية مثلاً تدير جانباً من منظومتنا الثقافية - رياض الأطفال مثلاً - بشكل معين، هذا ما يدركه المرء، ثم حين يقترب يلاحظ أنه عمل خطير و كبير، لكن المرء لم يكن فاطناً له، هذا تغلغل، و هو ممكن في مجالات مختلفة كالمجال الاقتصادي و الزيارات و الوفود و في جميع الأجهزة و المؤسسات. قضية الصراحة هي إحدى النقاط.
و من النقاط أيضاً الحفاظ على هذا التلاحم المشهود لدى الشعب و الحمد لله. و حين نقول تلاحماً ينبغي أن لا يتبادر للذهن فوراً أن جميع أفراد المجتمع كالإخوة الصميميين في ما بينهم، لا، إنما المراد بذلك الحركة و المسيرة العامة. مثلاً، عندما تنظرون لمظاهرات الثاني و العشرين من بهمن ترون أن الجميع يسيرون باتجاه واحد، فهل جميع هؤلاء الناس مثل بعضهم؟ و هل كلهم من طيف و تيار واحد؟ و هل كلهم من جماعة واحدة؟ لا، لكن الاتجاه واحد، و علينا معرفة قدر هذا التوجه الواحد و الحفاظ عليه و الاهتمام به. يجب أن لا نثير مشكلات جانبية، فبعض المشكلات الجانبية تسبب التشتت، أي إنها تفسد وحدة الاتجاه هذه. لندقق في هذه القضية.
لقد سجلتُ عدة نقاط باعتبارها أولويات هذه المرحلة من الزمن سوف أذكرها، و لحسن الحظ كان في تقارير السادة اليوم نقاط تتعلق بهذه الجوانب التي سجلتها اليوم هنا، و لكن أروم التأكيد عليها. بعض هذه النقاط تكرارية و لكن لا عيب في التكرار، ففي بعض الحالات مهما كرر الإنسان شيئاً لن يكون في ذلك ضير أو إشكال. تلاحظون في القرآن الكريم أن قصة النبي موسى (ع) تكررت عدة مرات. لا إشكال أبداً في هذا التكرار، إنها تذكرة تذكرنا بمسؤولياتنا، و تعزز دوافعنا و محفزاتنا.
واحدة من الأمور الحفاظ على سرعة التقدم العلمي. المرتبة العلمية محفوظة، بمعنى أنها لم تهبط. إننا لا نزال على نفس تلك المرتبة العلمية الخامسة عشرة أو السادسة عشرة - و هي مرتبة جيدة و عالية جداً - التي كنا فيها، بيد أن التسارع قد انخفض. و قد ذكرت هذا الشيء لأعزائنا الجامعيين و أقول الآن لا تسمحوا بانخفاض سرعة التقدم العلمي في العقد الثاني من الأفق العشريني، و قد دخلنا الآن العقد الثاني من الأفق العشريني. إذا سرنا بنفس هذه السرعة فإن مرتبتنا العلمية سترتفع أكثر بالتأكيد و تكتسب أهمية أكبر، أي ربما ارتفعنا إلى مرتبة أقل من العاشرة، و هذا برأيي قضية مهمة جداً. العلم هو البنية التحتية الرئيسية للبلاد. في كل هذه الآراء و النقاط التي طرحتموها أيها السادة، في الصناعة و في الزراعة و في النفط و في الطاقة و في الصحة و العلاج و القطاعات و المجالات الأخرى، إذا أشركنا عنصر العلم و الإبداع و التقدم العلمي و مشاركة العلماء، فإن الأوضاع ستختلف تمام الاختلاف، و ستحصل قفزة. يجب أن لا نستهين بهذا الشيء، هذا هو اعتقادي. الذي اعتقده أنه مهما استثمرنا في مجالات العلم و البحث العلمي و مهما رصدنا من ميزانيات فلن يكون ذلك كثيراً، أي يجب أن لا نخاف أبداً من رصد التكاليف في هذا الميدان. في بعض المواطن لا تذهب التكاليف و الميزانيات هدراً، و هذا أحد تلك المواطن. مهما رصدنا و استثمرنا للمستقبل كان ذلك أفضل عمل يمكن أن نفعله بأموالنا و مصادرنا المالية.
و من النقاط الأساسية في هذا العقد الأول - و حسب الإحصائيات العالمية، بدأنا و الحمد لله بالتقدم العلمي و وصلنا إلى هنا - أن المسيرة العلمية تحولت إلى خطاب، بمعنى أن الأمر لم يبق محصوراً بعدة مؤسسات و أجهزة حكومية، أو بين الجامعات و الطلبة الجامعيين، بل صار خطاباً عاماً. في لقاءاتي بالمجاميع الجامعية خلال الأعوام الأخيرة خصوصاً لاحظتُ أنهم عندما يتحدثون - إما أساتذة الجامعات أو طلابها - يطرحون مطاليب هي نفسها الآراء و النقاط التي طرحناها قبل عدة سنوات في المحافل الجامعية، و أنا أفرح لذلك. ما يشير إلى أن تلك النقاط تحولت إلى خطاب و أجواء عامة و مطاليب عامة، هذا شيء قيم جداً. لنحافظ على الخطاب، أي إنني أصر على المجاميع المعنية - المجاميع الجامعية، و التربية و التعليم، و خصوصاً المعاونية العلمية، و التي يبدو أنها لم تحضر اليوم هنا - بأن تصرّ على الحفاظ على هذا الخطاب، خطاب التقدم العلمي.
ينبغي الاعتماد بالتأكيد على الشركات العلمية المحور، و قد وردت في التقارير و كانت المؤشرات جيدة. و الاستفادة التجارية من العلوم و التقنية و متنزهات العلم و التقنية و ما إلى ذلك، هي أيضاً أعمال و مشاريع جيدة و لازمة. لاحظوا، من مشكلاتنا الاقتصادية مشكلة العمالة و فرص العمل، و من أفضل سبل توفير فرص العمل متنزهات العلم و التقنية هذه، و إشراك الطلبة الجامعيين في الأعمال التقنية الممكنة التبديل إلى ثروة. يجب مساعدتهم بمقدار معين و يجب توجيههم و إرشادهم و رسم مشاريع و أعمال و مهمات علمية حقيقية لهم ليعملوا فيها. هذا التصور بأنّ كل من يتخرج يجب أن يعمل موظفاً في المنظومة الحكومية و ما إلى ذلك، فنقيم مأتماً و ندعو بالويل و الثبور لأن الخريجين كثار و ليس لدينا مكان و ليس لدينا وظائف، أعتقد أن هذه نظرة خاطئة. النظرة الصحيحة هي أن نفتح الطريق، و يجب التفكير في هذا الشيء، أي يجب البرمجة لفتح الطريق أمام طلبتنا الجامعيين منذ فترة دراستهم - منذ فترة دراستهم الجامعية مثلاً أو خلال فترة دراساتهم العليا، عندما يدخلون في المستويات العلمية العالية - ليستطيعوا أن يعملوا عملاً علمياً في مكان من الأماكن، و هناك فعلاً فرص عمل لا نهاية لها. اعتقد أن الأعمال و فرص العمل الناتجة عن العلم لا نهاية لها. مهما كان لدينا من أفراد، يمكن توفير مشاغل علمية لهم شريطة أن نعمل. كان هذا عن القضية العلمية.
و القضية الأخرى هي قضية الثقافة. الأعزاء هنا و خصوصاً المسؤولين الثقافيين في البلاد و السيد رئيس الجمهورية المحترم نفسه يعلمون درجة تدقيقي و حساسيتي تجاه القضية الثقافية. المشكلات الثقافية سببت في بعض الأحيان عدم نومي في الليل؛ بسبب الشؤون الثقافية؛ إلى هذه الدرجة تبلغ أهمية القضايا الثقافية.
هناك عملان أساسيان ينبغي القيام بهما، أحدهما المنتجات الثقافية السليمة في المجالات المختلفة، و الثاني الحؤول دون المنتجات الضارة أو البضائع الثقافية المضرة. اعتقد أن هذه من المهمات الأساسية. هناك في العالم كله مراقبة للمنتجات الثقافية و الكتاب و ما إلى ذلك، في أي مكان من العالم لا يوجد فيه هذا الشيء؟ دلونا على مكان لا يوجد فيه. السيدة ابتكار حاضرة هنا، و قد قالت لي بنفسها إنها كتبت كتاباً فلم يسمح بطباعته في أمريكا، لم يكن أي ناشر على استعداد لطباعته - لا أنْ ذلك الناشر كان متعصباً إلى هذه الدرجة، لا، إذا كان للكتاب مبيعات عالية فسوف يعمد أي ناشر لطباعته، إنما خوفاً من الملاحقة و الرقابة - إلى أن وجدوا أخيراً ناشراً في كندا مثلاً قام بنشره و هو خائف يرتعد كما أظن، أو لم يقم بنشره، فقد ذكرت لي التفاصيل قبل سنين و ربما لم تبق التفاصيل في ذاكرتي. قولوا هذه الأشياء ليعلم السادة و يدركوا بأننا حين نمنع كتاباً فلا يعني هذا أن السيد جنتي (5) فقط يفعل ذلك، لا، في أمريكا أيضاً يحدث هذا، و يحدث أيضاً في أوربا. لا أحد يجرؤ على التحدث عن الهولوكاست، و الهولوكاست بالتالي ليست قضية عقيدية. نعم، حين يأتي الدور لكاريكاتيرات مهينة لمقدسات الدين الإسلامي، يتحول السادة هناك إلى مطالبين بالحرية و مناصرين لحرية التعبير عن الرأي! و لكن، حين يحين الدور للحديث عن الهولوكاست فلا، لا توجد حرية تعبير عن الرأي. و كذا الحال بالنسبة لقضية الحجاب و غير ذلك من القضايا و الأمور. نعم، لكل بلد أصوله التي يجب حراستها، و على الأجهزة الحاكمة مراعاة هذه الأصول، و لا مجاملة في ذلك. إذا شاهدتم أن المسرحية الفلانية أو الفيلم الفلاني أو الكتاب الفلاني أو الصحيفة الفلانية تعارض أسس الثورة و الإسلام فامنعوها و تصدوا لها. أما كيف تتصدون لها فهذا بحث آخر، هذا أمر يتعلق بالأجهزة، فانظروا ما الذي تقوله الضوابط و المقررات، و لكن لا تجاملوا، و قولوا ذلك بصراحة. إذن، أساس القضية هي الغذاء الثقافي السليم و الغذاء الثقافي المضر غير السليم.
ترك الثقافة لحالها غير جائز بالمرة. و الإدارة الثقافية عملية ضرورية تماماً. و إدارتنا يجب أن تكون على أساس شعارات و أسس الثورة، بمعنى ضرورة التدقيق و المراقبة لحفظ الأساس، و هو أصول الثورة و ركائز استقلال بلد الإمام الخميني، و ما شابه. كانت هذه النقطة الثانية التي أحسب أنها من الأولويات في هذه الفترة.
و الأولوية الثالثة و هي الأكثر فورية و قرباً من باقي الأمور، قضية الاقتصاد، و لحسن الحظ نظم السيد جهانگيري جلسة اليوم بشكل فيه تركيز على الشؤون الاقتصادية. الاقتصاد اليوم مهم للبلاد من حيث مصير البلاد و تقدمها الحقيقي، و كذلك بالنسبة للصورة الخارجية للبلاد، و كذلك من حيث واقع حياة الناس. و عليه، فالاقتصاد في الحقيقة أولوية أساسية للبلاد، و مهما جرى التفكير و العمل و الجدّ و الجهد و التذكير في خصوص هذه القضية، كان ذلك مناسباً.
بخصوص الاقتصاد نعتقد أولاً أن التقدم الاقتصادي للبلاد يجب أن يكون مصحوباً بالعدالة. إننا لا نوافق الاقتصاد من دون عدالة، أي إن الثورة لا توافق ذلك، و نظام الجمهورية الإسلامية لا يقبل ذلك. يجب أن تراقبوا و تحذروا من حصول فواصل طبقية و من أن يسحق الفقراء. هذه من الشؤون الأساسية في البرمجة و التخطيط الاقتصادي العام في إيران، و سوف أشير لاحقاً للاقتصاد المقاوم، و قد لوحظت قضية العدالة و تأمين الحدود الدنيا في سياسات الاقتصاد المقاوم.
تبديل الجدّ و العمل إلى خطاب شائع في الأجواء العامة، أخال أنه من المهمات الأساسية في المجال الاقتصادي. العمل القيم في منظومة العمل اليومي، و هو ما يجب أن يزداد، و انخفاضه عيب و خلل كبير. لنحاول جعل الكسل و البطالة و عدم الاهتمام للعمل حالات منحطة و مهينة في أنظار الناس، أي يجب أن تكون البطالة شيئاً منحطاً، و العمل شيئاً قيماً. لدينا في الرواية أن الرسول الأكرم (ص) رأى شاباً فأعجبه فناداه و سأله عن اسمه مثلاً، ثم سأله عن صنعته و شغله؟ فقال الشاب إنه عاطل عن العمل و لا شغل له، فقال رسول الله: «سَقَطَ مِن عَيني» (6). هكذا هو العمل. الرسول الأكرم (ص) لا يجامل أحداً. هكذا ينبغي أن يكون الأمر. طبعاً الجانبان يطالبان و يدعيان أحدهما ضد الآخر، فالعاطل عن العمل يطالب و يقول أعطوني عملاً، و الطرف الآخر يقول اعثر على عمل، و هناك طريق وسط، و ربما أشرت له خلال كلماتي. ينبغي على كل حال تشجيع العلم و تشجيع إنتاج الثروة في البلاد، لتعمل الحكومات بهذا الاتجاه و كذلك المجلات و الصحف و المنابر الشفهية و الكتابية، لينتفعوا من هذه الفرصة و يشرحوا هذه الأمور. كانت هذه نقطة تتعلق بالعمل.
و نقطة أخرى هي إيجاد و توفير القنوات الصحيحة للعمل، و هذا كلام، أو كلمة واحدة، لكنها عملية جد كبيرة و مهمة. علينا إيجاد قنوات للعمل. حين يتحدث الإنسان عن العمل و فرص العمل و المشاغل و يشجع عليها - كما قلت - سيقول الطرف المقابل: طيب، أنا عاطل عن العمل، فما أفعل؟ علينا أن ندل الناس على طرق البحث عن العمل. شاهدتُ في التلفاز قبل أيام برنامجاً و كان برنامجاً جيداً، و قد أعدوا فيه تقريراً. يحضر شخص هناك و يقول إنني استطعت بعشرة ملايين تومان إيجاد هذا العمل الذي يعود بهذا القدر من الربح. كان الأمر حول تربية الورود. كان يقول إننا ننتج وروداً. ثم يشير إلى أن الراغبين في هذا العمل، توجد لهم أراض حكومية في المكان الفلاني و المكان الفلاني، و يمكن أن توضع تحت تصرفهم، فليذهبوا و لينتجوا الورود على سبيل المثال. أتذكر أن الأصدقاء المتخصصين في الشأن الاقتصادي جاءوا في فترة من الفترات قبل حكومتكم، و ناقشوا بكم مقدار من المال يمكن توفير عمل، و كان الكلام عن مائة مليون و خمسائة مليون لبعض الأعمال! طيب، يمكن توفير عمل بعشرة ملايين. هذا نموذج، و نموذج آخر بثه التلفاز أيضاً في برنامج آخر، امرأة تصنع أشياء، و قالت إنها استطاعت توفير هذا العمل برصيد قدره عشرون مليوناً. طيب، يظهر من ذلك أن الإمكانيات و الفرص كبيرة جداً.
و كنا هنا في جلسة أخرى مع السادة فجرى الحديث حول أن نمونا يجب أن يكون مرتفعاً، و قلنا إن نمو بعض البلدان الأوربية المتقدمة هو في الغالب إثنان أو واحد أو واحد و نصف بالمائة، و السبب هو أن الفراغات قد امتلأت و استنفذت، فمثلاً بلاد الصين التي كان لها نمو بنسبة عشرة أو أحد عشر أو إثني عشر بالمائة قد هبط نموها الآن لأن الفراغات الممكن ملؤها بالنمو قد استنفذت و قلّت بسبب النمو، امتلأت الكثير من الفراغات و ستقل أكثر فأكثر، أما نحن فأمامنا الكثير جداً من الفراغات. لذلك فإن الأصدقاء الذين كانوا يشكلون على النمو بنسبة ثمانية بالمائة في الخطة الخمسية السادسة، كان الجواب عليهم من قبل الخبراء و المتخصصين هو إننا قادرون، و هذا أمر يتطابق مع واقع البلاد، مثلما أشار السيد رئيس الجمهورية اليوم. إذن من القضايا توفير قنوات للعمل كي نرى كيف يمكن توفير فرص عمل. أما على عاتق أي قطاع من القطاعات الحكومية تقع مسؤولية ذلك؟ السيد ربيعي (7) يقول دائماً إن قضية العمالة و ما شابه ليست على عاتقي أساساً، و يخلص نفسه بهذه الطريقة، و لكن بالتالي أحد القطاعات، إما أنتم أو منظمة التخطيط، هو المسؤول. و بالطبع، فإن وزارة الاقتصاد أيضاً مسؤولة في بعض المواطن بمعنى من المعاني. و أن نعتبر وزارة الاقتصاد مسؤولة فهذا لا يتنافى مع كوننا مخلصين لكم! ثمة أمور تتعلق بوزارة الاقتصاد أو البنك، و سوف يأتي الدور للسيد سيف (8).
قضية أخرى على صعيد الاقتصاد أؤكد و أصر عليها هي قضية الإدارة الجادة للتجارة الخارجية. التجارة الخارجية شيء على جانب كبير من الأهمية. تعوّد الأجانب على مدى سنين طويلة أن تكون نظرتهم لبلدان مثل بلدنا بخصوص التجارة قائمة على أنه توجد هنا مواد خام، و عليهم أن يأتوا و يأخذوا هذه المواد الخام، و يصنعوا منها قيمة مضافة لأنفسهم. كما توجد في هذه البلاد أسواق و طلب، لذلك يمكنهم أن ينقلوا لها بضائعهم. و قد كان الجهاز الحاكم في البلاد قبل الثورة قد قبل هذه المعادلة. ذات مرة جمعتنا الصدفة في مكان ما مع أحد نواب المجلس آنذاك، و حصل نقاش، فقال لي صراحة بأن هذه الحالة جيدة جداً! أي من الجيد أن نعطي الأموال و يأتي الأوربيون كالخدم ليوفروا و ينقلوا لنا البضائع. أي إنهم كان لهم منطقهم و تبريرهم لهذه العملية، منطق أبله أحمق يأخذ البلاد لهذا الاتجاه. و نظرتنا نحن اليوم بعد الثورة نظرة أخرى، حيث نعتقد أن لا بأس بأن يكون جزء من أسواقنا للمنتجين الأجانب، و لكن ليكن جزء من أسواق هذا المنتج الأجنبي لنا، بمعنى التبادل و الاستيراد العادل. هذا شيء مهم جداً بالتالي.
ثم إن السيد نعمت زاده أشار إلى قضية الاستيراد، و إن الإنسان ليخجل حقاً لأنهم أعطوا أربعة وزارات للسيد نعمت زاده! حقاً لقد كانت هنا أربعة وزارات: الصناعة، و الصناعات الثقيلة، و المعادن، و التجارة. من الأعمال العجيبة الغريبة التي لم تتضح بالنسبة لي إلى النهاية هي سبب القيام بهذا العمل، دمج وزارة التجارة مع وزارة الصناعة و المعادن، الواقع أن هذا الشيء لم يفسر لي لحد الآن. و يومها عندما كانوا يقومون بهذا الدمج لم يكن من الواضح بالنسبة لي لماذا يقومون به. و لكن على كل حال كان هذا تشخيص مجلس الشورى و الحكومة و قاموا به. الحقيقة إنه عمل صعب، و نحن نعطيه الحق بأن يشعر بصعوبة العمل، و لكن ينبغي بالتالي أن يقوم بهذا العمل، أي إن من الأعمال البالغة الأهمية قضية التجارة الخارجية، إذ يجب أن لا تكون البلاد مجرد سوق للصناعات الخارجية و سوقاً للسيارات و سوقاً لكذا و كذا من البضائع، تمنح بكاملها لهم. و الأسوء من ذلك قضية البنوك.
و من الأمور قضية الاقتصاد المقاوم. هذه السنة هي السنة الثانية للاقتصاد المقاوم، أي إن السنة الماضية - سنة 93 - كانت بداية تطبيق سياسات الاقتصاد المقاوم. و قد رفع لي الأعزاء في الحكومة تقارير، و شكرتُ السيد جهانگيري شخصاً و لساناً عندما أبلغ خمسة عشر جهازاً بأن عليها القيام بهذه الأعمال و الواجبات. ثم أرسلوا تقريراً مفصلاً، و قد لخصوه لي طبعاً و قرأتُه و نظرتُ فيه بكامله. الأعمال التي تمت على صعيد الاقتصاد المقاوم بعضها أعمال تمهيدية، و إذا أردتُ ذكر الأمثلة فسيطول بنا المقام و يمرّ الوقت. بعض الأعمال التي وردت في التقرير لا صلة لها بالاقتصاد المقاوم، مع أنه جرى ربطها به، لكنها من الأعمال العادية الجارية للأجهزة و المؤسسات. للأجهزة بالتالي أعمالها الجارية العادية و قد رفعتُ لكم تقاريرها بأنها قامت بهذه الأعمال، و قد وردت هذه الأعمال ضمن ملفات الأجهزة و أعمالها في مضمار الاقتصاد المقاوم، و الحال أنها ليست كذلك. و بعض الأعمال لا علاقة لها أساساً ببنود الاقتصاد المقاوم. هذا القدر لا يكفي. سياسات الاقتصاد المقاوم رزمة كاملة و متجانسة. و هذه الرزمة ليست من ثمار فكر شخصي، إنما هي ثمرة عقل جمعي و جماعة من الناس، و الأعزاء الخبراء الاقتصاديون الحاضرون في هذه الجلسة بعضهم يعلمون و على اطلاع بذلك. حصل عمل واسع النطاق بشأن هذه السياسات، ثم جاءت النتيجة إلى هنا و تمّ تمحيصها و دراستها و مناقشتها و التفكير فيها، ثم انتقلت إلى مجمع تشخيص مصلحة النظام و جرت دراستها هناك، ثم جاءت و كانت النتيجة هذه السياسات المعلنة. حصيلة عملية معقولة و تدبيرية.
لذلك أيّد الجميع الاقتصاد المقاوم، أيْ إنني لا أعرف حتى حالة واحدة من بين علماء الاقتصاد و الذين لهم موقف إيجابي منا أو موقف سلبي منا، لشخص قال بتخطئة هذا الاقتصاد المقاوم و تخطئة هذه السياسات، لا، الكلّ وافقها. طيب، هذه رزمة منسجمة ينبغي تنفيذها بمجموعها، كيف يمكن تنفيذها بمجموعها؟ عندما يجري تقديم خطة تنفيذية و عملية متناسقة لها، و هذا ما قلته قبل فترة للدكتور السيد روحاني، و تقرر أن يطلب من الأعزاء إعداد الخطة إن شاء الله. هذا شيء لازم، أي إننا نحتاج إلى خطة عملية تنفيذية تتحدد فيها حصة كل الأجهزة؛ فهذه حصة هذا الجهاز من بنود السياسات و تلك حصة ذاك الجهاز. ثم ينبغي وضع سقف زمني، فالزمن مهم جداً. يجب جدولة المهام زمنياً ليتضح أن هذا العمل ينبغي أن ينجز إلى هذا الزمن، و إلّا إذا لم تحصل جدولة زمنية فلن تكون هناك أية ضمانة لتنفيذ هذه الأمور حتى على طول فترة حكومتكم. إنكم تريدون تطبيق هذه السياسات و تنفيذها و أن ينتفع الناس من منافعها، إذن، قرروا زمناً لذلك. أولاً ينبغي تشخيص الخطوات العملية اللازمة لكل فقرة و بند، و يجب أن تحدد الأجهزة المسؤولة عن التنفيذ. يجب جدولة الزمن في كل قطاع، و ينبغي إيضاح الإمكانيات اللازمة و كيفية تأمين تلك الإمكانيات. فهذه السياسات بالتالي حركة عملية و ميدانية، و عندما تقررون سبيل عمل تريدون في الواقع القيام بحركة ميدانية، و لهذا طبعاً لوازمه. ما هي لوازمه؟ و كيف يمكن تأمينها؟ ينبغي تشخيص سبيل تأمين هذه اللوازم. و إذا تمت هذه الأعمال و حصلت فستستطيعون الرصد و المتابعة لتروا هل حصل المطلوب أم لا، و هل قام الجهاز الفلاني بأعماله أم لا. و هل الأعمال جارية أم لا.
النقطة الثانية حول الاقتصاد المقاوم هي أن جميع الخطط الاقتصادية للحكومة يجب أن تندرج في مجموعة الاقتصاد المقاوم و سياساته، حتى الخطة الخمسية السادسة و الخطة و الميزانية السنوية، كلها يجب أن تتشكل على أساس هذا الاقتصاد المقاوم، بمعنى أن لا يكون أي منها في أي قطاع من القطاعات غير متطابق مع هذه السياسات، لا أن لا يكون معارضاً لها و متناقضاً معها، بل ليكون متطابقاً معها بالكامل.
نقطة أخرى هي أن تلاحظ القطاعات خارج الدولة و تؤخذ بنظر الاعتبار. قد تقومون بالإبلاغ في ما يتعلق بالوزارات و القطاعات الحكومية، و لكن ثمة قطاعات خارج الحكومة، و بوسع هذه القطاعات خارج الحكومة أن تمارس دوراً في الاقتصاد المقاوم، و منها التعبئة، و قد اطلعت على تقرير في هذا الخصوص. في رأيي أنه من الضروري جداً - إذا كان في متسع وقت السيد رئيس الجمهورية أو السيد جهانگيري على الأقل - أن تنظروا ما الأعمال التي بوسع منظومة التعبئة أن تقوم بها في خصوص الاقتصاد المقاوم و لديها القدرة عليها، إنها طاقة جيدة جداً. ليست التعبئة بالشيء القليل أو الصغير، التعبئة منظومة هائلة و جاهزة للعمل، فاطلبوهم و انظروا ما الذي يستطيعون أن يقوموا به، و سوف يأتون و يعرضون إمكانياتهم و قدراتهم و يقولون إننا قمنا بهذه الأعمال و الإنجازات. أعتقد أنها قدرات و طاقات جيدة. و قد سقت التعبئة هنا على سبيل المثال، فهناك قطاعات مختلفة، و هناك علماء اقتصاد و ناشطون اقتصاديون، بعضهم لديهم شركات و أعمال، و يمكن الاستفادة من طاقاتهم. كل هذه الأمور ينبغي أخذها بعين الاعتبار في تلك الخطة العامة، بمعنى أن لا تكون الخطة العامة خاصة بالقطاعات الحكومية. إذن، الخطوة الأولى كانت توفير هذه الخطة بهذه المميزات.
و الخطوة اللاحقة تشكيل لجنة قوية و واعية و نافذة الكلمة. أنا طبعاً على اطلاع بأن السيد رئيس الجمهورية شكل شورى، و يشارك هو نفسه فيها، و هي مبادرة حسنة جداً، لكن هذه الشورى ليست لجنة القيادة تلك. للسيد رئيس الجمهورية الكثير من الأعمال و المهام الأخرى، و التي يجب عليه متابعتها، و لا يمكن له أن يخصص كل وقته و طاقته و همته لهذه المهمة. لا بدّ من لجنة أو هيئة - كهيئة أركان القيادة التي كانت لنا في فترة الحرب، و تم تشكيل هيئة قيادة لمشاريع و مهمات أخرى، و أنتم أنفسكم يا دكتور سيد روحاني لديكم تجربة في هذه الأمور - ثمة حاجة إلى هيئة قيادة ترصد دوماً و تنظر و ترى أي جهاز استطاع التقدم، و أين تكمن المشاكل. لأن الكلام سهل و البرمجة ليست صعبة كثيراً، بيد أن العمل بهذه البرامج يختلف. عندما يريد الإنسان أن يخوض غمار الساحة و يتقدم فيها، تواجهه بعض الأحيان عقبات لم يكن قد خمّنها و قدّرها مسبقاً، و بعضها جرى تخمينها و تقديرها مسبقاً، لكنها موانع و عقبات تطرأ، و ينبغي أن تستطيع تلك اللجنة رفع هذه الموانع على وجه السرعة القصوى، و إعادة فتح الطريق و التقدم إلى الأمام. و يجب أن تكون نافذة الكلمة، بمعنى أنهم يجب أن يطيعوها، لا أن تكون كما حصل اليوم حين قال السيد جهانگيري مراراً: تكلموا لخمسة دقائق، و مدّد السادة الخمسة دقائق إلى سبعة دقائق و عشرة دقائق. كل ما تقوله تلك اللجنة ليتقبله الجميع فعلاً.
ثم اعرضوا تقدم العمل في شكل تقارير على الناس، و انظروا ما سيحصل! لنفترض أنه تمّ تدوين هذه الخطة بالشكل الذي قلناه و تشكلت اللجنة و عملت لمدة ستة أشهر على سبيل المثال، سوف يتقدم العمل بشكل ملحوظ، فتقدمون إثر ذلك هذا التقدم للناس على شكل تقرير و تقولون لهم إننا أنجزنا هذه الأعمال، و يشعر الناس بها في حياتهم، و بذلك يتحقق بشكل كامل ذلك الأمل و التفاؤل بالمستقبل الذي تريدون أن يبقى لدى الناس. القصد هو أن ترفع تقارير للشعب و الناس. و طبعاً ينبغي تعيين مؤشرات للتقييم.
هناك إلى جانب ذلك لوازم و مقتضيات قانونية و حقوقية و قضائية في مجموعة الاقتصاد المقاوم. السلطتان الأخريان مستعدتان للتعاون. السلطة التشريعية - مجلس الشورى - مستعدة للتعاون في هذا المجال، يوجد مثلاً قانون يجب أن تغيروه أو تصلحوه أو تضيفوا قانوناً جديداً إلى القوانين الموجودة، ستحتاجون لمثل هذه الأمور، أو تحتاجون في موطن من المواطن إلى عمل قضائي، كل هذه الأعمال السلطتان التشريعية و القضائية مستعدتان للتعاون فيها من أجل تحقيق الاقتصاد المقاوم.
جرت الإشارة إلى قضية الركود. هذا النمو الذي حصل و وصل إلى درجة ثلاثة بالمائة يدل على أن الركود قد تحسن وضعه بمقدار قليل، بمعنى أنه حصل تحرك ما. و ينبغي النظر في أي القطاعات يوجد هذا النمو، و في أي القطاعات يعدّ نمواً سلبياً، و محصلة ذلك النمو الإيجابي و هذا النمو السلبي كان نسبة ثلاثة بالمائة من النمو. إذا لم تكن هناك مكافحة حقيقية للركود، سيتعرض حتى هذا النمو بنسبة ثلاثة بالمائة للخطر، و سيرتفع التضخم، و ستكون هناك مشكلات بطالة. و أقول هنا إن السيد نعمت زاده إذا أراد متابعة عدد المعامل التي لا تعمل - أقصد المعامل التي يتوفر فيها كل شيء و لا تعمل الآن - و قد جاء و رفع تقريراً لنا و ذكر الأرقام و الأعداد الدقيقة، و أشار إلى عدد المعامل التي تعمل بنسبة ما دون الخمسين بالمائة، و ذكر عدد المعامل التي تعمل بنسبة ما دون السبعين بالمائة. طيب، السبعون بالمائة شيء يمكن قبوله، و لكن ما دون الخمسين بالمائة غير مقبول! بعض هذه المعامل لديها مشكلة سيولة نقدية، أي إن رساميلها المشغلة تعاني من مشكلات - و هذه مهمة البنوك و يجب على البنوك تحمل المسؤولية في هذا المضمار، و كان ثمة تلك اللجنة القيادية في الاقتصاد المقاوم لأمكنها متابعة كل هذه الأمور - لكن مشكلة بعض هذه المصانع ليست قلة السيولة النقدية، فقد استلموا القروض المصرفية، و المعمل جاهز و حاضر الآن، و لا توجد أية مشكلة، و كما قالوا فالمكائن في بعض هذه المعامل جديدة، لكنها لا تعمل، لماذا؟ لأنهم أنفقوا القروض المصرفية في مكان آخر؛ هذه تستوجب ملاحقة قضائية، يجب أن تتابعوا هذه الحالات و تطلبوا متابعتها. لهذا السبب ندعو إلى «لجنة قيادة». بوجود لجنة قيادة سيمكن متابعة مثل هذه الأمور و الحالات. إذا لم تتابع قضية الركود و لم تعالج فسيؤثر ذلك على كل المؤشرات و الأمور الاقتصادية. طبعاً هذا القانون الأخير - القانون الذي أشاروا له - قانون جيد، لكن القانون لا يكفي. لا بدّ من دعم المراكز الإنتاجية و تأمين السيولة النقدية و تأمين الأرصدة المشغلة، و التصدي الجاد للذين تركوا الوحدات الإنتاجية الجاهزة للعمل و الإنتاج، راكدة عاطلة عن العمل، كل هذه الأعمال لازمة و ضرورية. و قد قلتُ في جلسة سابقة - إحدى الجلسات التي كانت لنا مع الأعزاء - و أعود هنا لأؤكد: النظام المصرفي يجب أن يمارس دوره، بمعنى أن النظام المصرفي يتوجّب أن ينزل إلى الساحة بكل ثقله.
من الأعمال التي اقترحوها و ذكروها لنا، و قالوا إن أرضيتها جاهزة، إحالة بعض المشاريع للقطاع الخاص. طبعاً ينبغي توفير مشجعات للقطاع الخاص. توجد الآن أموال سائبة، توجد بلا شك أموال سائبة. حسب التقارير التي زوّدوني بها هناك 400 ألف مليار تومان من المشاريع الراكدة المتوقفة - و كلها حكومية - و إذا استطعنا إحالة عشرة بالمائة منها للقطاع الخاص فلاحظوا ما الذي سيحصل، سيدخل أربعون ألف مليار تومان فجأة إلى سوق العمل، و هذا على جانب كبير من الأهمية. من هذه المشاريع المتوقفة و المعطلة الآن - أي من هذه الأربعمائة ألف مليار تومان - لو منح القطاع الخاص عشرة بالمائة منها لحدث شيء مهم في البلد. هذه حقاً من الأعمال التي ينبغي البرمجة لها و العمل فيها.
و قطاع الزراعة مهم بدوره. طبعاً عقيدتي هي أن السيد حجتي يستطيع العمل حقاً. إنه في رأيي من الوزراء حسني السابقة في العمل، و يستطيع القيام بهذا العمل حقاً، لكن الشيء الذي نتوقعه منه و من المنظومة كلها هو تحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج المحاصيل الحيوية. بمعنى أن لا ينظر في مجال الاكتفاء الذاتي لكلام هذا و كلام ذاك كأن يقولوا القمح في الخارج أزهد ثمناً و ما إلى ذلك. يجب أن نصل للاكتفاء الذاتي، ينبغي أن نبلغ درجة الاكتفاء الذاتي في المواد الحيوية.
يجب الاستفادة من المهندسين الزراعيين. قلتُ للسيد روحاني ذات مرة إننا كنا في زيارة لإحدى المحافظات - و أخال أنها محافظة همدان - و حينما ذهب الأصدقاء للتجوال و البحث أبلغونا إن الزراعة في مناطق مختلفة من هذه المحافظة مزدهرة جداً. و حين سألوا تبيّن أنهم استخدموا المهندسين الزراعيين الشباب، و هم كثر في تلك المحافظة و الحمد لله. توجهوا إلى هناك، و ساعدوهم، و سمعوا كلامهم و توجيهاتهم، هذه أمور تساعد على تحسين العمل. هذه أمور بحاجة إلى برمجة و تخطيط، و هي ليست عملية صعبة جداً، تحتاج إلى دعوة عامة و تشخيص و برمجة و توزيع مهام، و هي أعمال تستطيعون القيام بها، فانتفعوا من طاقات هؤلاء.
و هناك نقطة حول استخدام التقنية. نفس قضية المياه هذه التي أشاروا لها - توزيع المياه و الاستهلاك الأمثل للمياه - على جانب كبير من الأهمية. و الحيلولة دون الاستيراد. و أعود هنا لأؤكد، و أنتم تقولون إننا منعنا الاستيراد، و لكن توجد في الأسواق فواكه مستوردة. يا أخي من أين يجب أن تستورد إيران فاكهة تكون أفضل من فاكهتنا؟ ذات مرة، في زمن رئاستي للجمهورية، جاء شخص من بلد عربي - و لن أذكر الاسم - و قدم لي هدية هي علبة جميلة جداً من التمر. فقلتُ إن هذا مصداق حقيقي لناقل التمر إلى هجر. لدينا كل هذا التمر - هذا التمر «مضافتي» و تمور جنوب البلاد المتنوعة، سواء في محافظة فارس، أو في محافظة خوزستان، أو في بلوشستان - و إذا به يأتينا بتمر، و لكن بشكل معلب. أخذت هذه الهدية في حينها إلى هيئة الحكومة و قلتُ لهم قارنوا هذا التمر بالتمر في بلادنا! تمورنا أفضل منه، و لكن كم هذا التعليب جميل. و كانت تمورنا في ذلك الحين توضع في تلك الأكياس بطريقة فلانية، و تكدّس بالركلات في حصران و تغلق رؤوسها و تعرض! و قد تحسن الوضع الآن بعض الشيء. على كل حال استيراد الفاكهة استيراد منفلت.
قضية أساسية أخرى تتعلق في الغالب بوزارة الزراعة - لكنها ليست من اختصاص وزارة الزراعة فقط - هي التركيز على القرى و الأرياف. يجب جعل هذه القضية من الأجزاء الأساسية لتخطيط الحكومة و برامجها: أن نركز على القرى و الأرياف. تحدثنا عن هذا الموضوع كثيراً على مدى سنين، لكن هذا الأمر لم يحصل على الصعيد العملي. علينا نقل الصناعات التبديلية إلى الأرياف و إلى بعض المدن. شاهدت في أرومية التفاح متساقطاً على الأرض! فقال إنه غير مجد اقتصادياً، و تكاليف العمال أكثر بكثير من الأموال التي تعود علينا من بيع التفاح، أو الخوخ، أو المشمش، أو العنب. تحتاج تلك الأماكن إلى صناعات تبديلية. لدينا في كثير من مناطق البلاد فواكه لا يكون حصادها و بيعها مجدياً اقتصادياً لأصحاب البساتين. إذا كانت لدينا صناعات تبديلية و مجففات يمكننا الاستفادة منها هناك، فيجب القيام بهذا العمل. و الإمكانيات الكامنة استثنائية، استثنائية حقاً. شاهدتُ في إيرانشهر طماطم بحجم البطيخ (الشمام)! و لم تكن واحدة مفردة خاصة، كان حصاد الطماطم بهذا الحجم. كان هناك بستان بين بمپور و إيرانشهر دعونا - حينما كنتُ منفياً هناك - و جاءونا بطماطم بحجم البطيخ! و جاءوا ببصل الواحدة منه بحجم كفي هذه! أتذكر أنني أمسكتُ البصلة في يدي و قلتُ أريد قياس حجمها لاستطيع أن أذكره للآخرين، فكان بحجم كفي هذه، و لم تكن أصابعي تنحني حين أمسك تلك البصلة. كانت بهذا الحجم الكبير! لدينا هذه المحاصيل بالتالي. في كثير من الأماكن في مختلف أنحاء البلاد توجد مثل هذه الإمكانيات. إذا اهتممنا بالصناعات الريفية و إذا اهتممنا بالأرياف و بهذه البساتين، لكان ذلك خير خدمة للقرى و الأرياف و لفقرائنا في الأرياف و الأماكن الأخرى.
و قد دوّنت هنا شيئاً عن قطاع المعادن، و لكن أدركنا الوقت (و لا نروم الضغط كثيراً على السيد نعمت زاده). ما رفعوه لي في التقارير هو أننا نستثمر كحد أعلى خمسة عشر بالمائة من احتياطيات المعادن و المناجم في البلاد، خمسة عشر بالمائة! علينا أن نجعل المعادن بديلاً للنفط، علينا أن نستطيع ذلك حقاً. قلت قبل سنين - ربما قبل عشرين سنة - للحكومة آنذاك إن علينا أن نفعل ما من شأنه أن نستطيع متى ما أردنا إغلاق آبار النفط في بلادنا، فلا نخاف من قلة الزبائن و لا من قلة الأسواق و لا من حاجتنا لأموال النفط. يجب أن نصل إلى هذا الطور. علينا التفكير بشكل حقيقي من أجل توفير بديل للنفط. تلاحظون أي وضع حصل للنفط! إشارة واحدة من القوى الكبرى و العناصر الخبيثة في المنطقة بعضهم لبعض تؤدي إلى هبوط النفط فجأة من مائة دولار إلى أربعين دولاراً! كم شهر استغرق هبوط النفط من مائة دولار إلى الآن؟ هذه البضاعة لا يمكن الوثوق بها، و لا يمكن اعتبارها جزءاً من مصير اقتصاد البلاد لتمشية أمور البلاد و تكاليفها، و ربط هذه الأمور بمثل هذه البضاعة. النفط نفطنا، لكن أمره بيد آخرين و عائداته أغلبها للآخرين. أكثر من المقدار الذي نستفيده من تصدير النفط، تستفيد منه تلك الحكومة المستوردة للنفط في أوربا أو غير أوربا، حيث تجبي الضرائب و غير ذلك. نحن نعطي نفطنا و نأخذ المال، و هي تأخذ النفط منا و تأخذ المال من شعبها. أرباح تلك الحكومات من بيع النفط أكثر من أرباح حكومتنا، فأية صفقة خاسرة هذه؟ في بعض المواطن كنا مضطرين لإنتاج النفط، و لم يكن أمامنا سبيل غير ذلك، و لكنني للحقيقة لا أفرح من أعماق قلبي عندما أسمع بزيادة صادرات النفط و إنتاجه، أفكر دوماً بأن علينا أن نجد بديلاً له. و على ذلك، لو أردنا أن نجد بديلاً فالمعادن من أفضل البدائل.
ثم ينبغي أن نتجنب بشدة بيع خامات المعادن. لدينا معادن قيمة. في محافظة كرمان أو في جنوب خراسان، لدينا أحجار قيمة للغاية. أن نقلع هذه الأحجار هكذا مباشرة و نبعثها إلى إيطاليا ليقوموا هم بتبديلها و يربحوا قيمتها المضافة عشرة أضعاف، و قد يبعثونها مرة أخرى في بعض الأحيان لنا و يصدرونها إلى داخل البلاد، فهذا ما يحزّ في النفس. إذن، هي بدورها قضية. و اعتقد أن قضية القطاع الخاص مهم أيضاً في مجال المعادن. و المحافظات كما يرفعون لي من تقارير، المحافظيات و أفراد من هذا القبيل، يقولون و يصرحون بأنهم يستطيعون إشراك القطاع الخاص في قضية المعادن و بعض المجالات الأخرى.
و قضية المياه التي دونتها على جانب كبير من الأهمية. و إشارة السيد چيت چيان صحيحة تماماً. انخفاض المياه الجوفية قضية بالغة الإهمية. هذه البرمجة التي يقولون إنهم قاموا بها ليست كافية - البرمجة تمثل خمسين بالمائة من العمل أو أقل - يجب متابعة الخطة و البرامج و السير و العمل. و أنتم طبعاً أهل لهذه الأعمال و الحمد لله. و هناك بالإضافة إلى الاقتصاد في استهلاك المياه، إصلاح نظام الري، و إصلاح أسلوب الزراعة في كل منطقة.
النقطة الأخيرة تتعلق بالخطة الخمسية السادسة (9) و يكاد الوقت يفوت عليها. لا بدّ لكم أن تعدوا الخطة الخمسية السادسة بأسرع ما يمكن إن شاء الله، و كما قلنا سلموها لمجلس الشورى الإسلامي متطابقة تماماً مع الاقتصاد المقاوم و بسرعة. لأنني أعتقد أنها يجب أن يصادق عليها هذه السنة، أي ينبغي القيام بهذا العمل بأسرع ما يمكن. اسحبوا مجلس الشورى إلى العمل و إلى وسط الساحة، حتى يتابع الأعزاء في مجلس الشورى الأمر بشكل جاد، و سيستطيعوا إنجازه إن شاء الله.
ساعدكم الله و أعانكم، «هُوَ الَّذي اَنزَلَ السَّكينَةَ في قُلوبِ المُؤمِنينَ لِيزدادوا ايمانًا مَعَ ايمانِهِم» (10)، منّ الله بالسكينة و الطمأنينة على قلوبنا جميعاً، و هذه السكينة و الطمأنينة على الضد من حالة اضطراب الأذهان و الأفكار و طوفانها، و هذا من شأنه ازدياد حتى إيمان الإنسان: «لِيزدادوا ايمانًا مَعَ ايمانِهِم»، بمعنى أن ذلك الاطمئنان يؤدي إلى زيادة الإيمان. و الطمأنينة تحصل بفضل الثقة بالقدرة الإلهية، لذلك يقول بعد ذلك: «وَ للهِ‌ جُنودُ السَّمواتِ وَ الاَرضِ وَ كانَ اللهُ عَليمًا حَكيمًا» (11). أعانكم الله، و نحن ندعو لكم دائماً، و سيكون العمل من أجل الناس و العمل في سبيل الله و بإخلاص ضمن برامجنا جميعاً إن شاء الله، و سيبارك الله تعالى و يتقبل الأعمال.
و السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته.‌

الهوامش:
1 - قبيل كلمة الإمام الخامنئي في هذا اللقاء، تحدث حجة الإسلام و المسلمين الدكتور حسن روحاني رئيس الجمهورية، و الدكتور إسحاق جهانگيري النائب الأول لرئيس الجمهورية، و المهندس محمد رضا نعمت زاده وزير الصناعة و المعادن و التجارة، و المهندس چيت چيان وزير الطاقة، و المهندس بيژن نامدار زنگنه وزير النفط، و المهندس محمود حجتي وزير الجهاد الزراعي، و الدكتور حسن قاضي زاده هاشمي وزير الصحة و العلاج و التعليم الطبي، رافعين تقاريرهم عن العمل في وزاراتهم.
2 - وزير السكن و الإعمار.
3 - رئيس مؤسسة الإذاعة و التلفزيون.
4 - سورة الفتح، الآية 7 .
5 - وزير الثقافة و الإرشاد الإسلامي.
6 - بحار الأنوار، ج 100 ، ص 9 .
7 - وزير التعاون و العمل و الرفاه الاجتماعي.
8 - ابتسام الإمام الخامنئي و ضحك الحضور.
9 - الخطة الخمسية السادسة للتنمية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
10 - سورة الفتح، شطر من الآية 4 .
11 - م ن .