لن يمحى الزلزال المرير الذي وقع صباح 6/2/2023 من أذهان الشعبين السوري والتركي. ففي ذلك اليوم، ضرب زلزال بقوة 7.8 درجة على مقياس ريختر جنوبي تركيا وشمالي سوريا، ما أسفر عن مقتل وجرح الآلاف. بعد هذه الكارثة، كانت جمهورية إيران الإسلامية من أوائل الدول التي سارعت بكل قوتها لمساعدة ضحايا الزلزال في سوريا وتركيا. في هذا الصدد، زار رئيس «جمعية الهلال الأحمر الإيراني»، الدكتور بيرهادي كوليوند، تركيا وسوريا والمناطق المتضررة من الزلزال من أجل تسهيل وتسريع عملية تقديم المساعدات هناك، كما التقى وتحدث مع كبار المسؤولين في البلدين. في هذا السياق، أجرى موقع KHAMENEI.IR مقابلة معه.

 

- بدايةً نرجو أن تحدثنا عن زياراتك الأخيرة إلى سوريا وتركيا ومتابعة تقديم الإغاثة إلى ضحايا الزلزال.

كان الهدف من هذه الزيارات متابعة ما تقدمه فرق الإغاثة الإيرانية من مساعدات في المناطق المتضررة من الزلزال في تركيا، وإقامة مخيمات إيواء طارئة، والحضور مع فرق الإنقاذ في هذه المناطق خلال الأيام الأولى للزلزال في تركيا وسوريا.

التقينا أيضاً كبار المسؤولين في سوريا بدءاً من رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة ووزير البيئة وليس انتهاءً برئيس «الهلال الأحمر السوري»، كما التقينا رئيس «الهلال الأحمر التركي» ومسؤولي الأزمات الأتراك ومسؤولين في وزارة الصحة ومسؤولي المحافظات بالإضافة إلى الحديث مع الناس في تركيا ومتابعة الإجراءات المتخذة خلال هذه الرحلات.

 

* ما حجم المساعدات التي قدمتها الجمهورية الإسلامية إلى سوريا وتركيا وما المراحل التي تضمنتها عملية تقديم المساعدات؟

بلغ وزن الشحنات المرسلة إلى تركيا عبر 16 رحلة جوية وبرية نحو 500 طن من خيام وبطانيات وسجاد وعبوات غذائية ومستشفيات متنقلة بالإضافة إلى فرق الكلاب المدربة وقرابة 300 شخص من فرق البحث والإنقاذ والعلاج والإسعاف والإنقاذ. وبلغ حجم الشحنات المرسلة إلى سوريا 320 طناً من أدوية وحليب أطفال ومستلزمات صحية وخيام وبطانيات وسجاد ومواد غذائية، إلى جانب فرق إغاثية ذات خبرة وإمدادات كاملة. تجدر الإشارة إلى أن «الهلال الأحمر الإيراني» كانت من أوائل المجموعات التي وصلت إلى تركيا وسوريا والمناطق المتضررة من الزلزال لتقديم الإغاثة. كما أنشأت فرق الإنقاذ في «الهلال الأحمر» مركز عمليات في محافظة أديامان، وأول مخيم طوارئ بسعة 200 خيمة في منطقة أديامان التركية، وأحضرت 5 كلاب بحث، و18 جهاز بحث، و14 جهاز تقطيع خرسانة وحديد. كذلك جرى إرسال 6 سيارات إنقاذ و7 سيارات دفاع مدني لتقديم خدمات أفضل إلى هذه المناطق المتضررة من الزلزال. وبحثنا في 98 شقة مدمرة، وعثرنا على 61 قتيلاً مع انتشالهم، والمساعدة في إنقاذ 11 شخصاً.

 

ما برنامج «الهلال الأحمر» والجمهورية الإسلامية الإيرانية لمواصلة تقديم المساعدات إلى ضحايا الزلزال في سوريا وتركيا؟

انطلاقاً من الأهداف الأساسية الأربعة للجمعية وأيضاً بالاستناد إلى احتياجات دولتي سوريا وتركيا المعلنة هناك استعداد كامل لإرسال المساعدات اللازمة بالقدر الممكن.

 

* أعرب مسؤولون سوريون وأتراك في تصريحاتهم عن تقديرهم للمساعدة الإيرانية. ذكرت أنه كان لديك لقاءات مع مسؤولين وشخصيات تركية وسورية. خلال هذه اللقاءات، ما الموضوعات الرئيسية التي أثيرت فيما يتعلق بالتعاون لتقديم المساعدات إلى ضحايا الزلزال؟

أعرب رئيس «الهلال الأحمر التركي» عن تقديره للمساعدات والخدمات التي قامت عليها فرق الإنقاذ الإيرانية في المناطق المتضررة من الزلزال في هذا البلد، وكانت هناك جملة مشتركة تكررت على ألسن الناس والمسؤولين في تركيا: "لن ننسى أبداً مساعدة الحكومة الإيرانية والهلال الأحمر لضحايا زلزال تركيا، فإيران كانت دائماً سباقة في مد يد العون إلى الشعب التركي في أوقات الشدة". أيضاً قال لنا رئيس «الهلال الأحمر التركي»، كرم كنيك: «أقدر المساعدة السريعة للغاية التي قدمتها "الهلال الأحمر الإيراني" التي كانت من أوائل الموجودين في المناطق المتضررة من الزلزال في تركيا».

كذلك، قال السفير التركي لدى إيران: «فور وقوع الزلزال في تركيا، توجهت فرق المساعدة والإنقاذ التابعة لـ"الهلال الأحمر" وبعض المؤسسات الإيرانية العسكرية وغير العسكرية والحكومية إلى تركيا، وعبر تقديمها المساعدات أنقذت أرواح عدد كبير من أبناء شعبنا. كما افتتحت إيران مستشفى ميدانياً في مدينة أديامان وسارعت لمساعدة شعبنا».

في اللقاء مع رئيس الوزراء السوري، ووزير الصحة، ورئيس «الهلال الأحمر»، ووزير الإدارة المحلية والبيئة، والناس في هذا البلد، وجميع المسؤولين في سوريا دون استثناء، كلهم أعربوا عن تقديرهم للدعم والمساندة التي قدمتها إيران من قيادة وحكومة وشعب، وشعروا بوقوف الإيرانيين مع ضحايا الزلزال السوري عبر «الهلال الأحمر» وأنهم حاولوا التخفيف من معاناة الشعب السوري المنكوب.

جرى التشديد في هذه اللقاءات على نقل تجارب «الهلال الأحمر الإيراني» إلى سوريا في مجال الإغاثة في الحوادث والكوارث، وتبادل الآراء حول نقل تجارب «الهلال الأحمر الإيراني» الأخرى في مجالات الدواء والعلاج والطب. كان أبرز ما ذكر هو مقدار الامتنان الصادق جراء المساعدة والدعم من قائد الثورة والرئيس والشعب الإيراني ككل إلى ضحايا الزلزال، إذ لم يتركوا إخوانهم السوريين وحدهم في هذه الأزمة.

 

* بالرجوع إلى زيارتك الميدانية إلى المناطق المتضررة من الزلزال في سوريا وتركيا، ما أهم الاحتياجات التي يواجهها هذان البلدان، وما الخطوات التي اتخذتها الجمهورية الإسلامية لتلبية هذه الاحتياجات؟

في مجال مساعدة ضحايا الزلزال في سوريا وتركيا، أطلقنا حملة «شمس الرحمة» في «جمعية الهلال الأحمر الإيراني» وقد تم جمع المساعدات من مساهمات الناس والمؤسسات.

من بين الإجراءات الأخرى لـ«الهلال الأحمر الإيراني» إرسال المساعدات بناءً على الاحتياجات المعلنة لهذين البلدين بما في ذلك الخيام والبطانيات والأدوية والمراتب والفرشات والمعدات وغيرها، من إيران إلى تركيا عبر شحنات جوية وبرية، وبمشاركة الناس والمتبرعين والمؤسسات الداعمة مثل الشركات الخاصة وجامعة العلوم الطبية والخدمات الصحية في محافظة أذربيجان الشرقية والطلاب الأتراك الذين يعيشون في إيران، بالتنسيق مع السفارة التركية.

بلغ حجم التبرعات المودعة في رقم الحساب الخاص بـ«الهلال الأحمر» لمساعدة تركيا 3 مليارات و456 مليون ريال، وبلغ إجمالي المساعدات النقدية وغير النقدية لهذا البلد 164 ملياراً و600 مليون ريال حتى منتصف شباط/فبراير، وأيضاً هناك 11 ألف و400 علبة حليب أطفال بقيمة إجمالية 6 مليارات و500 مليون ريال، وأدوية بقيمة إجمالية 9 مليارات و800 مليون ريال من التبرعات النقدية المودعة في الحساب الخاص للجمعية الهلال لمساعدة سوريا. جرى إرسال شحنات من الأدوية وحليب الأطفال بالإضافة إلى المساعدات الصحية والغذائية إلى المناطق المتضررة.

 

* إلى أي مدى أثرت العقوبات الأمريكية والغربية على سوريا في تفاقم الكارثة الإنسانية في هذا البلد؟

كان للعقوبات القاسية التي فرضتها أمريكا والغرب عامة تأثير سلبي في الأعمال الإنسانية في العالم. تمنع هذه العقوبات التنفيذ الصحيح للتدابير الإنسانية. في الزلزالين الأخيرين، وخاصة في سوريا، حالت هذه العقوبات القاسية دون إرسال المساعدات والمعدات إلى المنطقة ووقع عدد من الصعوبات في عملية الإغاثة. كانت الآثار القاسية لهذه العقوبات واضحة تماماً في سوريا على وجه الخصوص.

 

* دوماً أظهرت جمهورية إيران الإسلامية أنها كانت سباقة في تقديم المساعدة أثناء الكوارث الطبيعية والحروب في البلدان الأخرى. ما تقييمك لهذا الأمر؟

انطلاقاً من معتقدات الدين الإسلامي، واستناداً إلى آيات القرآن الكريم، تشعر جمهورية إيران الإسلامية دائماً بالمسؤولية، وكلما سمعت نداء المظلومين في أي مكان في العالم، تسارع لمساعدتهم. واستناداً إلى الأهداف السامية لـ«جمعية الهلال الأحمر»، وأينما حدثت الكوارث، فإن الجمهورية الإسلامية هي الرائدة، بما في ذلك أفغانستان وباكستان، وإيران دائماً من أوائل الدول التي تساعد جاراتها. هذا السبب في تميز «الهلال الأحمر الإيراني» في العالم، سواء في التعليم أو المساعدات. أدى الأداء الإيجابي للجمعية في الأحداث الدولية إلى جعل المكانة الدولية لهذه الجمعية من بين أفضل خمس جمعيات في العالم.

 

* بالإضافة إلى الجمهورية الإسلامية، ما الدول التي ساعدت في الإنقاذ، وكيف كان تعاون فرق الإنقاذ الإسلامية مع بعضها بعضاً؟

كانت إيران وعمان والإمارات والأردن والجزائر ومصر وباكستان من بين الدول التي قدمت مساعدات إلى سوريا. في تركيا، حضر أكثر من مئة دولة للمساعدة.