بسم الله الرحمن الرحيم

مبروك عيد ولادة السيدة الطاهرة المعصومة (سلام الله عليها) و ولادة قائد الثورة الكبير الجليل عليكم جميعاً أيها الإخوة الأعزاء، و البلابل الصادحة الغرّيدة في روضة محبّة أهل البيت (ع) و ولاية آل بيت الرسول (ص).
نشكر الله فهذه إحدى النعم الكبرى التي منّ الله بها علينا، و هي أن تكون هذه الولادات و السير و أزمنة الاستشهاد مصدر إلهام للمجتمع الإسلامي و الشيعي بشكل مستمر و متواتر. يجب معرفة قدر هذا الشيء على أتمّ وجه. في ولادة الإمام علي بن أبي طالب (ع)، و ولادة الرسول الأكرم (ص)، و ولادة الإمام الحسن (ع)، و ولادة الإمام الحسين (ع)، و ولادة فاطمة الزهراء (ع)، يجب إحياء ذكرى هذه النجوم الزاهرة و هذه الأعلام المنيرة الهادية للإنسانية في القلوب. هذا شيء مغتنم جداً. و لله الحمد على أن جلستنا هذه مستمرة بفضل أنوار فاطمة الزهراء (سلام الله الزاكيات عليها) منذ سنين طويلة، و هي تفيض بالخير و البركة علينا و على أجواء عملنا و أجواء حياتنا بل و أجواء بلادنا. (1)
لا ريب في أن الذهن البشري المحدود لا يستطيع حساب و قياس أبعاد الشخصيات السماوية و الأفلاكية من قبيل السيدة فاطمة الزهراء (سلام الله عليها). و قد كانت هذه الفكرة مشهودة في أشعار الأعزاء الذين قرأوا أشعارهم هنا، فالعقول لا تقدر على تقييم و تقدير و قياس هذه الأبعاد المعنوية، و لكن يمكن الاستهداء بالسلوكيات و جعلها نموذجاً يقتدى به. المقامات و المراتب المعنوية شيء، و السلوكيات التي أمام أعيننا شيء آخر. لا بمعنى أننا قادرون على أن نظهر في أنفسنا نسخة أخرى لتلك السلوكيات، ليس هذا هو المقصود، و لكن يمكن الاقتداء و اتباع النهج. قال الإمام علي بن أبي طالب: «اَلا وَ اِنَّكم لا تَقدِرونَ عَلى ذلِك وَ لكن اَعينونى بِوَرَعٍ وَ اجتِهادٍ وَ عِفَّةٍ وَ سُدادٍ» (2).. بعد أن عرض أسلوب حياته - حيث كان يعيش كل ذلك الزهد رغم مقامه الشامخ و ما يتوفر له من إمكانيات و خيرات - قال إنكم لا تستطيعون أن تكونوا مثلي، و لكن تستطيعون أن تساعدوني.. بأيّ شيء؟ «بِوَرَعٍ».. بورعكم و تقواكم و عزوفكم عن الذنب و اجتهادكم و سعيكم.. هذا هو واجبنا أنا و أنتم. لقد رسموا لنا الأهداف، الأهداف الفردية الشخصية و الأهداف الاجتماعية و السياسية و العامة. هدفنا الأسمى على الصعيد الشخصي هو الوصول إلى ذروة الكرامة الإنسانية. و قد وعد الجميع بأن يستطيعوا القيام بهذا التحليق العالي اللامحدود، و قدراتكم أيها الشباب أكبر منا. هذا عن الأهداف الشخصية.
و الأهداف الاجتماعية الكبرى هي تحقيق الحياة الإسلامية الطيبة و المجتمع الإسلامي.. المجتمع الذي يوفر لأفراده فرصة السير نحو هذا الهدف: المجتمع العامر، و المجتمع الحرّ، و المجتمع المستقل، و المجتمع الذي يتمتع بأخلاق سامية، و المجتمع المتحد المتلاحم، و المجتمع المتقي الورع. هذه هي أهداف المجتمع الإسلامي. الدنيا التي تكون مقدمة للآخرة، الدنيا التي تأخذ بيد الإنسان بلا شك نحو الجنة.. تحقيق مثل هذه الدنيا هدف اجتماعي و سياسي عام للإسلام. لقد رسموا هذه الأهداف أمامنا، فما هو الطريق لهذه الأهداف؟ و كيف يمكن الوصول لهذه الأهداف؟ كما قال: «اَعينُوني» - و القول للإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - أي ساعدوني، بمعنى أن ما أنفق الإمام علي بن أبي طالب (ع) كل حياته و سعيه و جهاده في سبيله، و هو توفير مثل هذه الدنيا للبشرية على مرّ التاريخ.. ساعدوني لتحقيق هذا الهدف. كيف؟ «بوَرَعٍ».. «وَ اجتِهادٍ» أي بالسعي و الجد و المحاولة و عدم الكسل و عدم البطالة و عدم التعب و عدم اليأس و القنوط. حينما تتكون هذه الحركة العظيمة عندها ستسرّون القلب المبارك لفاطمة الزهراء (سلام الله عليها)، و تفرحون قلب أمير المؤمنين، فقد بذلوا كل تلك الجهود و الجهاد في سبيل هذا الهدف.
أعزائي.. أيها الشباب الأعزاء.. هذه الفرصة متوفرة اليوم لشعب إيران، و لم تكن بالأمس متوفرة، فقد كان هذا الأمر بالأمس صعباً، و اليوم و في عهد الجمهورية الإسلامية تتوفر هذه الفرصة لكل أبناء المجتمع بأن يسيروا على الدرب القويم و يعيشوا بطريقة صحيحة و على نهج الإيمان و العفاف. لا أن طريق المعصية مسدود، لا، طريق المعصية مفتوح دوماً، لكن طريق الحياة الصالحة و العيش بإيمان و عفة تحت ظل الإسلام مفتوح هو الآخر. و بالطبع فإن الحياة على هذا النمط لها لذاتها و لها أيضاً صعابها. «كذلِك جَعَلنا لِكلِ‌ نَبَيٍّ عَدُوًّا شَياطينَ الاِنسِ وَ الجِنِّ يوحي بَعضُهُم اِلى‌ بَعضٍ زُخرُفَ القَولِ غُرورًا» (3).. كان هناك دوماً أعداء أمام خط الأنبياء. فمن هم هؤلاء الأعداء؟ إنهم شياطين الإنس و الجن. مقابل هذا الصف العريض الطويل في ظاهره هناك صف المؤمنين الفولاذي القوي. لقد جرّب الشعب الإيراني هذا الشيء و تبين أن بالإمكان الانتصار على الأعداء، كما حصل لشعب إيران لحد الآن و الحمد لله. يجب أن نبذل مساعينا، فدرس حياة الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) لنا هو: السعي و الاجتهاد و الجد و الحياة الطاهرة كما كانت تلك الإنسانة الجليلة كلها معنوية و نوراً و نقاء: «الطُّهرَةِ الطّاهِرَةِ المُطَهَّرَةِ التَّقيةِ النَّقيةِ الرَّضية الزَّكية» (4).. طهر هذه السيدة الكبيرة و تقواها و نورها هو الشيء الذي خيّم على معارفنا طوال تاريخ التشيع.
الشيء الذي من المناسب أن أذكره في هذه الجلسة أكثر من سائر الأشياء يتعلق بالمسؤولية الجسيمة التي يتحملها مداحو أهل البيت (ع) في الوقت الحاضر. أيها الإخوة الأعزاء.. لقد شاعت تقاليد مدح أهل بيت الرسول (ص) و الثناء عليهم - و هي مفخرة كبرى - في مجتمعنا لحسن الحظ، و تجذرت. و قد كانت موجودة في السابق لكنها كانت محدودة، بينما امتدت هذه المائدة في الوقت الحاضر و توسعت. لقد فتحت هذه الساحة. الكثير من الأفراد - آلاف الأشخاص - ينشطون اليوم على هذا الصعيد في مختلف أنحاء البلاد مستعينين بالذوق و الفن و شتى صنوف البيان و أنواعه. طيّب.. هذه فرصة بطبيعة الحال، و كل فرصة مصحوبة بمسؤولية. عندما لا تستطيعون أن تخاطبوا أحداً فستكون مسؤوليتكم في حدود معينة، و حينما تستطيعون مخاطبة الناس فإن مسؤوليتكم ستتجاوز بالطبع الحدود الشخصية إلى حدود المخاطبين.. المسؤولية سوف تتسع و تكبر. أنتم تستطيعون التحدث للناس بفنون الشعر و الأصوات و الألحان، و هذا يستتبع مسؤولية. كل هذه الفرص و الإمكانيات تصطحب معها مسؤولية، و يجب أن تستطيعوا أداء هذه المسؤولية بصورة جيدة. إذا استطاع مداحو أهل البيت (ع) أداء هذه المسؤولية كما يليق بمرتبتهم و مقامهم فسوف يحدث تحول على مستوى البلاد.
لقد قلت مراراً إنكم تلقون مقطوعة شعر في مجلس من المجالس بأداء حسن و يكون الشعر ذا محتوى و مضمون جيد و ذا قيمة تعليمية، و هذا شيء قد يكون أحياناً أكبر تأثيراً من محاضرة لمدة ساعتين أو ثلاث ساعات يلقيها أمثالنا. هكذا هو الحال في بعض الأحيان. طيّب، هذه فرصة جيدة جداً. إذا كان هؤلاء الآلآف من المداحين و القرّاء الدينيين في شتى أرجاء البلاد و في المجالس و المحافل و الذين يخاطبون الناس و يقرأون لهم، إذا كانوا يراعون حدود و ضوابط هذا العمل الكبير لاحظوا أيّ شيء سيحدث. يستخدم أعداؤنا مئات الوسائل و الألسن و المنابر و مختلف الأعمال لتخريب العقيدة و الأعمال و المسيرة في نظام الجمهورية الإسلامية بالدرجة الأولى و في العالم الإسلامي بالدرجة التالية. و الكثير من أبناء الشعب يفهمون و يرون و يعلمون ما يقوم به الأعداء من قنوات تلفزيونية و إذاعية و مختلف أساليب التواصل الحديثة الألكترونية و غيرها، و هناك أمور نعرفها نحن أكثر و لا يعلم بها كل أبناء الشعب، و لا يدرون أية أعمال معقدة تحدث لإضلال ذهنيات الناس و تغيير مسار حركة هذا الشعب، و تركيع الإسلام، و عدم تحول المجتمع الشيعي و المعارف الشيعية إلى نموذج يقتدى في العالم الإسلامي.. تجري الكثير من الأعمال و الأمور.
مقابل هذه المساعي التي يقوم بها العدو لدينا إمكانيات و فرص فريدة. نعم، يمكن الردّ عليهم عن طريق الإنترنت و طرائق مماثلة - و طبعاً فإن حجم عملهم على تلك الأصعدة أكبر بكثير - لكن لدينا وسائل فذة و فريدة، و منها أنتم أي مداحو أهل البيت (ع). هذه المخاطبة المباشرة وجهاً لوجه و استخدام أدوات الفن لنقل المفاهيم للمخاطبين بشكل جمعي كبير - أي إن القضية ليست قضية إثنين أو ثلاثة أو عشرة من مداحي أهل البيت (ع) بل آلاف الأشخاص الذين يضطلعون بمدح أهل البيت (ع) على مستوي البلاد - هي من الوسائل الفريدة التي نمتلكها و لا يمتلكونها. و هذه المنابر من الوسائل الفريدة أيضاً. و كذا الحال بالنسبة لمجالس العزاء و الهيئات الدينية. إذا كانت مضامين منابرنا و مجالس مدح أهل البيت (ع) و الهيئات الدينية و المراثي، مضامين مناسبة فلن تستطيع أية وسيلة أخرى أن تواجهها، بمعنى أنها وسيلة فذة و فريدة تماماً. لاحظوا.. هذه هي الفرصة.. يجب عدم تضييع هذه الفرصة و عدم التفريط بهذه الإمكانية.
و الأسوء من خسران هذه الفرصة هو أن نوظفها في الطريق السيّئ. إذا أفضت جلساتنا الدينية و مدائحنا و منابرنا و قراءاتنا إلى جعل من يحضرون المنبر غير مؤمنين و يائسين من المستقبل، نكون قد أهدرنا هذه الفرصة و كفرنا هذه النعمة. إذا نهض الناس من تحت منابرنا أو مدائحنا من دون أن يكتسبوا أيّ وعي حيال وضعهم و واجباتهم نكون قد خسرنا هذه الفرصة. و إذا كانت جلساتنا - لا سمح الله - جلسات تضرّ بالوحدة فقد فوّتنا هذه الفرصة. و إذا كانت طريقة كلامنا أو مضامين كلامنا بشكل يساعد أعداءنا على تحقيق أهدافهم نكون قد بدلنا هذه النعمة الإلهية إلى نقمة.. « بَدَّلوا نِعمَتَ اللهِ كفراً» (5).. ينبغي التدقيق في هذه الأمور و الحذر. لقد قلنا مراراً، و هذه القضية واضحة بالنسبة للناس الواعين و المطلعين على أوضاع العالم و العالم الإسلامي وضوح الشمس بأن الخلافات المذهبية بين المسلمين اليوم وسيلة و ورقة بيد أعدائنا. إنها سيف بيد أعدائنا هذه الخلافات المذهبية و الطائفية. إعلان الخلافات و التصريح بالتعارضات العقيدية و ذكر الأشياء التي تؤجّج الأحقاد من الوسائل التي يستفيد منها عدونا أقصى درجات الاستفادة.
و نأتي نحن فنتصرف بطريقة تحقق مقاصد العدو..! هذا هو «بَدَّلوا نِعمَتَ اللهِ كفراً». في الجلسات ينبغي عدم تشديد الأحقاد المذهبية.. كم يجب تكرار هذا الشيء؟ لقد كرّرناه مراراً، معنى ذلك أنهم غير مستعدين للإصغاء. إذا أردتم أن تهدوا الشخص الذي لا يوافق مذهبكم و لا يقبل عقيدتكم الحقة، فماذا تفعلون؟ هل تبدأون بالإساءة لمقدساته و سبّها؟ إن هذا سيبعده تماماً عنكم و يهبط بأمل هدايته إلى الصفر. ليس هذا هو السبيل لهدايته. ترون اليوم أن العالم الشيعي يواجه هجوماً. الذين لم يسمعوا باسم الشيعة و السنة - عملاء الاستكبار - يشددون الآن دوماً في إعلامهم على أن إيران شيعة، و جماعة الشيعة في العراق، و الجماعة الشيعية في البلد الفلاني! يشددون دوماً على قضية الشيعة و السنة، لماذا؟ لأنهم وجدوا هذه طريقة و وسيلة جيدة لإيجاد النقار و الشقاق بين المسلمين. نعم.. نحن نفخر بأننا شيعة علويون، و نفخر بأننا تعرفنا عن مقام الولاية و مرتبتها. لقد رفع إمامنا الخميني الجليل راية ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) فكانت وسيلة لأن يشعر العالم الإسلامي - من شيعة و غير الشيعة - بالفخر بإسلامه، فهل نفعل اليوم ما يجعل هذا الشعور بالفخر و مشاعر الحب التي عند العالم الإسلامي تجاه الشيعة تتبدل إلى عداء و بغضاء و أحقاد؟ هذا هو الشيء الذي يريده العدو، و يجب أن لا نسمح به. هذه نقطة على جانب كبير من الأهمية. دققوا فيها و يجب عليكم أن تدققوا فيها أكثر من الآخرين. لا نفعل شيئاً يساعد على نجاح العدو في مقاصده و يُبري له سيفه. لقد أوصانا كبراؤنا و علماؤنا و مراجعنا و الشخصيات الكبرى في العالم الإسلامي دوماً بهذا المعنى. هذه نقطة و هي نقطة جد أساسية و مهمة.
النقطة الثانية هي أن تحذروا في مناخات المراسم الدينية من وقوع أيّ شيء خارج حدود الضوابط الشرعية. دققوا في هذا الجانب و كونوا نبهين. مناخ مدح أهل البيت (ع) و التراتيل الدينية مناخ طاهر نقي، فلا نسمح للأدران الشائعة للأسف في عالم الفن بين الناس غير المتقيدين و غير الملتزمين أن تتسرب إلى مناخ الفن الإسلامي و الديني في البيئات الدينية وتترسخ فيها.. احذروا من هذا الشيء. المناخ مناخ طاهر طيّب نقي عفيف. هكذا يجب أن يكون المناخ الذي نريد فيه أن نعرض المعارف الإسلامية بلغة الشعر.
لنحاول أن تكون المضامين و المحتويات التي ندرجها في أشعارنا ذات قيمة تعليمية في كل كلمة من كلماتها. و لا فرق بين أن تكون المناسبة مصيبة و عزاء و بين أن تكون مجرد مدح، فكل هذه المناسبات يمكن أن تكون أشعارها بشكل تعليمي. في فترة الحماس و الهياج الثوري، و في شهر محرم الأخير من عهد الطاغوت و شهري محرم و صفر الذين جاءا مباشرة بعد انتصار الثورة، كانت الهيئات الدينية في مختلف المدن ترتل مراث توعّي الناس و تثقفهم و تزيدهم بصيرة كما تفعل الخطابات المطولة البليغة. ينبغي أن يكون الحال هكذا دوماً. اجعلوا المراثي غزيرة المعاني و المضامين. هذا الشيء الذي يقوم به قراء المراثي عمل جد جذاب و لافت. تقليد قراءة المراثي و السلوكيات التي تقع في قراءة المراثي أعمال على جانب كبير من الأهمية. إنها حالة استثنائية خاصة بالمجتمع الشيعي، أي إنها خاصة بنا، و هي غير موجودة في أماكن أخرى بهذا الشكل في المراسم الدينية. هذه من امتيازاتنا. و يجب جعل هذه المراسم كبيرة المحتوى و المضمون. إذا جرى الاهتمام إن شاء الله لهذه الأشياء فإن مداحي أهل البيت (ع) سيكونون من أكثر رواد الإصلاح تأثيراً في النظام الفكري و العملي للمجتمع الإيراني، و هذا شيء يمكن أن يتحقق. و الآن أيضاً يشاهد المرء أنه أين ما كان هناك مداح لأهل البيت (ع) يشعر بالمسؤولية و ملتزم و يقرأ الأشعار الصحيحة الجيدة و بأساليب و أطوار صحيحة، فهو مؤثر حقاً و يوعّي مخاطبيه و مستمعيه، و هذه من الأعمال التي ليس من الأكيد أن ترتقي أية صدقة جارية إلى مستواها في التقدم بالمجتمع إلى الأمام. فقلّ ما يكون هناك عمل له كل هذه القيمة عند الله تعالى، إنه عمل على جانب كبير من الأهمية. و أنتم تتمتعون و الحمد لله بهذه النعمة: الصوت الحسن و القدرة على الأداء الجيد و بألحان جيدة، فإذا أرفقتم هذا بالخصوصيات التي أشير لها يلوح أنه سيتحقق أحد الأعمال الكبيرة في التقدم نحو أهداف النظام الإسلامي و الجمهورية الإسلامية.
و لحسن الحظ ليست قليلة الأشعار الجيدة في هذا الزمن.. فهناك الكثير من الشعراء المجيدين و الشعراء الدينيين و الشعراء الذين يتناولون في أشعارهم مختلف القضايا و بقصائد حسنة متينة، و قد انتفعنا من بعضهم اليوم و الحمد لله و كانت قصائدهم جيدة جداً. في الماضي كان مداحو أهل البيت (ع) مضطرين لحفظ الأشعار، و قد غيّرتم اليوم ذلك التقليد، و أرحتم أنفسكم، و صرتم تمسكون بالأوراق في أيديكم.. لا بأس، يمكن كتابة الأشعار الجيدة و قراءتها و هذه فرصة متوفرة و الحمد لله. الشيء المتاح لنا اليوم هو من أكبر نعم الله.
مداحو أهل البيت (ع) بهذه القدرات الواسعة و بهذه الإمكانيات و الفرص الكبيرة، هم باعتقادي من النعم الإلهية على بلادنا و شعبنا. و الشعراء الذين ينظمون الشعر و يمدّون هؤلاء المداحين بالأشعار و يعدّونهم ليستطيعوا النهوض بهذه المسؤولية، يقومون - للحق و الإنصاف - بعمل كبير. نسأل الله تعالى التوفيق لكم جميعاً أيها الأعزاء، و خصوصاً أنتم الشباب - و أمامكم ساحة عمل واسعة - و نتمنى أن تكونوا كلكم مأجورين مثابين إن شاء الله، و أن تحظوا بنظرات سيدنا بقية الله الأعظم الإمام المهدي المنتظر (أرواحنا فداه).
و السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته.‌
الهوامش:
1 - بدأت هذه الجلسات تقام منذ سنة 1984 م .
2 - نهج البلاغة، الكتاب رقم 45 .
3 - سورة الأنعام، شطر من الآية 112 .
4 - كامل الزيارات، ص 310 .
5 - سورة إبراهيم، شطر من الآية 28 .