بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله العزيز الحكيم الذي رفع رأس الشعب الإيرانـي و نصره مرةً أخرى فـي أحد أرقى الاختبارات التاريخية ، و عقد بأصواته المباركة الدورة السابعة لمجلس الشورى الإسلامي فـي موعدها القانونـي .
سلام الله على رسول الإسلام المكرم صلى الله عليه و آله و جميع الأنبياء الإلهيين و على الأئمة المعصومين سيما الإمام المهدي الموعود أرواحنا فداه ، ملهمي الشعب الإيرانـي و مُوقدي المشاعل فـي طريق البشرية .
السلام على روح مؤسس الجمهورية الإسلامية و شهداء طريق الحرية و الشموخ فـي إيران الذين فسّروا معنى الإسلام ، و حطموا أصفاد الأسر ، و فتحوا طريق استقلال الشعب و شموخه ، و نسفوا قلعة الاستبداد القديمة ، و أرسوا بناء حكومة الشعب الدينية بالهمة العالية للشعب العظيم .
أربع و عشرون سنة من التشريع طوال ست دورات لمجلس الشورى الإسلامي انقضت بحول الله و قوته من دون توقف بكل صعوباتها و منعطفاتها ، و لم يصبر الشعب الإيرانـي فـي أول تجربة خالدة له على مر التاريخ ، وبهمته و عزيمته المحمودة ، حتى على يوم واحد من التأخير و التأجيل فـي هذه المهمة الكبرى ،ولم يرتضِ فراغ المجلس التشريعي . والآن يبدأ المجلس السابع فـي موعده القانونـي ، و ها أنتم النواب الجدد تجتمعون فـي بيت الشعب ، المركز الرئيس للتحرك نحو المستقبل .
أرى من واجبـي أن أشكر من أعماق قلبـي فضل الله علينا فـي إقامة المجلس فـي موعده و المشاركة الهائلة للجماهير فـي انتخابات الأول من إسفند . إن انتصار الشعب على مؤامرة «تأخير المجلس» الاستكبارية المعقدة ظاهرة لا تنمحي من الذاكرة ، و هي جيّاشة بالعبر لحاضر النظام الإسلامي و مستقبله ، و لم تتحقق إلاّ بفضل إلهي خاص . إن التعاون و المواكبة و المساعي الجهادية التـي بذلها المسؤولون و العاملون فـي الانتخابات فـي وزارة الداخلية و مجلس صيانة الدستور المحترم مهدت الأرضية لهذه الرعاية المعنوية و الإلهية ، وتقديم الشكر لكل واحد من هؤلاء هو واجبـي الأكيد و الدائم .
كما أرى من واجبـي أن أشكر نواب المجلس السادس على كل واحدة من الخطوات التـي اتخذوها لصالح تقدم البلاد و تنميتها و بنيّة خدمة الشعب ، و أثمن من الصميم ، على وجه الخصوص ، الإدارة المثابِرة المتعِبة لحضرة السيد كروبـي رئيس المجلس السادس المحترم .
الآن وقد دخلتم أيها الإخوة و الأخوات الى مجلس الشورى الإسلامي باختيار الشعب الإيرانـي فـي إطار انتخابات نزيهة و حرة و من بعد تنافس حماسي ، و جلستم على مقاعد تمثيل هذا الشعب المؤمن الحر ، أرى من الضروري الإشارة إلى جملة نقاط :
1- النيابة فـي المجلس إنما هي حضور فـي ميدان خدمة الشعب . إعتبروا هذا التوفيق الكبير عطية إلهية و اشكروا الله عليها ، و التزموا بشرطها الملزم ألا و هو عدم الغفلة عن واجب الخدمة . إعتبروا المجلس فعلاً ـ و ليس باللسان فقط ـ بيت الشعب .
2- أنتم مختارو شعب أثبت حبه للنظام الإسلامي و قيمه السامية . الالتزام الذي يقع على ذممكم نتيجة هذا الاختيار مُبَيَّنٌ بكل وضوح فـي مواد الدستور و خصوصاً فـي قَسَم النيابة . التزموا فـي كل الأحوال بأهمية و عمق و أبعاد هذا القَسَم .
3- الجماهير تجنح دوماً للنواب المؤمنين ، الخدومين ، الميالين للعدالة ، و الأمناء ، و الساعين فـي سبيل عزة البلاد و استقلالها ، وقد اختارت للنيابة فـي كل دورة الأشخاص الذين اعتبرتم متمتعين بهذه الخصوصيات . ثمنوا ثقة الناس و احرسوا هذه الخصوصيات فـي المجلس .
4- أية أحاديث أو أفعال فـي المجلس تفضي إلى استنزاف النظام و تأجيج التحديات الفئوية ، تزعزع التضامن الوطنـي و تزرع الأمل فـي نفوس الأعداء للتغلغل الى صفوف الجماهير و المسؤولين ، و تخيب آمال الشعب فـي قدرة نوابه على معالجة الأمور و تجعله مرتاباً فـي صدقهم ، ولاشك أنها تتحرك فـي اتجاه معاكس لواجبات النيابة . نائب المجلس فـي هذه الحالة سيكون وكيلاً بلا موكل و جالساً على أريكة لا تناسبه .
5- أنتم على علم بالاحتياجات و المطالبات الحقيقية للجماهير : توفير فرص العمل ، مكافحة الفساد المالـي ، رفع الحرمان عن المناطق المحرومة ، احتواء التضخم و مجابهة الغلاء ، دفع عجلة خدمة الشعب إلى الأمام ، نشر الثقافة و الأخلاق و الارتفاع بمستواهما ، ازدهار العلوم و الأبحاث ، تحمل مسؤولـي الدولة لمسؤولياتهم وتقديمهم الإجابات ،هذه هي بعض أبرز تلك الاحتياجات ، و هي ما تجعل العدالة الاجتماعية ممكنة و تحقق التقدم و التنمية . الحاجات الموهومة المصطنعة من قبل الاعلامويين الأجانب و المعادين يجب أن لا تحل محل هذه المطاليب الحقيقية .
6- الارتباط الحقيقي بالجماهير يستلزم التواجد بينهم و عدم الابتعاد عن مستوى حياتهم المتوسط . التبسط فـي العيش و تجنب الإسراف و تحاشي إنفاق بيت المال للشؤون الشخصية و غير الضرورية ، شرط لازم للحفاظ على هذه الآصرة . إن إشاعة ثقافة الأعيان و البهرجة و الأسفار المكلفة الفارغة إلى الخارج من جيوب الجماهير ، ممارسات لا تناسب شأن النيابة ، و من عوامل فصم الوشائج بين النائب و الجماهير .
7- النظرة الوطنية لكافة القوانين و البرامج المصادق عليها فـي المجلس من واجب كافة النواب . توجد فـي المجلس مختلف أنواع الأذواق و الميول السياسية و القوميات الإيرانية و أتباع الديانات و أهالـي المناطق المختلفة فـي البلاد . ينبغي تلبية جميع الميول الإقليمية و القومية و القطّاعية فـي ضوء الرؤية الوطنية ، ولابد من سن قوانين مفيدة ، و عميقة التأثير ، و جامعة ، و مدروسة بدل القوانين السطحية أو المؤقتة و القليلة التأثير .
8- استقلال النواب و شخصيتهم المتينة الرصينة مما يتطلع إليه كافة الموكلين . يجب أن لا يؤثر فـي النائب أي تطميع أو تهديد ، ولايصده عن شأن النيابة و واجباتها . إختيار الأكفّاء و النزوع نحو القيم و الشجاعة هي المعيار الصحيح لأقوال النواب و أفعالهم .
9- التواصل المنطقي مع السلطات الأخرى على أساس التعاون و التعاطف ، واجب مهم آخر من واجبات المجلس . يتحقق الشكل المتكامل لهذا الواجب حينما يترافق مع الإشراف القانونـي و تكريس حالة تحمل المسؤولية فـي السلطات الأخرى ، و هي من الوظائف الأخرى الملقاة على عاتق المجلس . التواصل و التفاهم مع مجلس صيانة الدستور المحترم ، و هو جزء من السلطة التشريعية ، يحتل الأولوية طبعاً فـي هذا السياق . و الارتباط بأصحاب الرأي فـي الأوساط العلمية و العملية و الاستفادة من تجاربهم و أفكارهم القيمة سيضاعف من إثراء المجلس الذي هو بحد ذاته ، ولله الحمد ، تركيبة علمية و تخصصية و ذات خبرة .
10- تمر بلادنا و منطقتنا اليوم بظروف خاصة . تواجد القوات المعتدية و المحتلة الأمريكية و الإنجليزية فـي العراق ، و استفزازاتهم الاستكبارية الحمقاء ، ولاسيما جرح المشاعر الدينية و الغيرة الوطنية للمسلمين أوجدت واقعاً حساساً . و هناك أيضاً إثارة التهديدات التـي تستهدف تضعيف منزلة الجمهورية الإسلامية و عرقلة أو إيقاف مسيرتها العلمية و التقنية .
إن أياً من هذه الأمور لن تستطيع النيل من العزيمة الراسخة للمسؤولين أو زعزعة الخطوات الثابتة للشعب و الحكومة . يتحمل نواب الشعب فـي المجلس وظيفة ثقيلة فـي هذا الخصوص ، إذ ينبغي أن تحقق أقوالهم و أفعالهم التماسك الشعبـي ، و العزة الوطنية ، و الإيمان و الأمل والسعي ، واليقظة والوعي ، و الأخلاق ، و الفضيلة ، و التحرر ، و العزم ، و الإرادة الفولاذية للبلاد . إن مثل هذا المجلس سيكون بلاشك عصارة الفضائل و على رأس الأمور بشكل طبيعي .
أسأل الله تعالى لكم التوفيق فرداً فرداً .
و السلام عليكم و رحمة الله .
السيد علي الخامنئي
السادس من خرداد 1383 2

 

1 20 شباط 2004 م
2 26 /5/2004 م