أولاً لا بدّ من الإشارة إلى رؤية الإسلام في خصوص الأرض و الكرة الأرضية و هذه المنظومة التي تمثل مهد حياة الإنسان و محل ولادته و نشأته و من ثم عودته؛ رؤية الإسلام حول الأرض و ما في الأرض. يقول القرآن الكريم في موضع من المواضع: «وَ الاَرضَ وَضَعَها لِلاَنام». بمعنى أن الله خلق الكرة الأرضية للإنسان، و هي ملك الجميع، و ليست ملكاً لبعض البشر، و ليس للبعض فيها حق أكثر من الآخرين، و لا هي لجيل دون جيل غيره. إنها اليوم لكم، و هي غداً لأبنائكم و لأحفادكم و لنسلكم إلى النهاية. هكذا هو الحال في كل مكان من سطح الكرة الأرضية. خلقت الأرض للبشر و هي ملكهم. يقول تعالى في آية أخرى: «خَلَقَ لَكم ما فِي الاَرضِ جَميعًا». خلق كلّ ما في الأرض لكم أيها البشر، و عليه لأن كل ما فيها هو لكم و لصالحكم فيجب أن لا تخرّبوه. و كل شيء في الأرض له قيمته. ثمة أشياء قد تبدو بالنسبة للإنسان السطحي ذات قيمة، و قد تبدو بعض الأشياء في نظره عديمة القيمة، لكنها كلها ذات قيمة. و قد كان في بلادنا ذات يوم أناس يقولون ما فائدة هذه المادة المتعفنة، و يقصدون بها النفط. و ثمة أشخاص قد يستلذون بالخضار في مناطق البلاد الشمالية بينما لا يرتاحون للصحاري. كل هذه الأشياء شبيهة ببعضها، و كلها نعم الله و مواهبه و كلها ملك للإنسان و ليس من حق الإنسان تخريبها. ليس من حقه تخريب البساتين و لا الحدائق و لا الغابات و لا المراتع و السهوب و لا الصحاري. كل هذه الأنواع من الطبيعة تعود للإنسان و هي ملكه، و ينبغي أن ينتفع منها. 
و يقول تعالى في آية أخرى: «وَ استَعمَرَكم فيها». الله تعالى خالق هذه الأرض و خالقكم أمركم بإعمار هذه الأرض، بمعنى تفعيل الإمكانيات الكامنة في هذه الكرة الأرضية. ثمة الكثير من الإمكانيات لا تزال مجهولة، ثم يتعرف عليها الإنسان لاحقاً، ثم يدرك أهميتها و قيمتها. هذه المهمة تقع على عواتقكم، و يجب عليكم أنتم أن تنهضوا بها. و اليوم حيث نتصور أننا نستثمر كل إمكانيات الأرض، لكن واقع الأمر ليس بهذا، فقد يمكن الاستفادة من الماء و التربة و الهواء و المواد الجوفية و المواد التي على الأرض أكثر مما تستثمر الآن بملايين المرات، و بطرائق لا علم لنا بها في الوقت الحاضر. على البشر أن يجدوا دوماً إمكانيات و خيارات جديدة و ينتفعوا منها لصالح الحياة البشرية. 
ثمة آية أخرى حول ألدّ الخصام، و هم أخبث الأعداء و أكثرهم لجاجة و تعنتاً، حيث يذكر الله تعالى لهم بعض الصفات. من هذه الصفات: «اِذا تَوَلّى‌ سَعى‌ فِي الاَرضِ لِيفسِدَ فيها وَ يهلِك الحَرثَ و النَّسل». إنهم يهلكون الحرث و النسل و يفسدونهما. يدمرون الزراعة و الخيرات و النباتات و الأجيال البشرية.
لو نظرتم اليوم في سياسات العلم لوجدتم أناساً يقومون بهذا الشيء بالفعل مع كل الشعوب أو مع الكثير من الشعوب؛ إهلاك الحرث و النسل. هذا شيء يعتبره الله فساداً، ثم يقول: «وَ اللهُ لا يحِبُّ الفَساد». كانت هذه عدة آيات قرآنية قرأتها، و هناك العشرات من الروايات و الأحاديث في نصوصنا الدينية في الإسلام ذات مضامين راقية حول الأرض و البيئة. هذه الآيات التي قاموا هنا بتلاوتها من جملة الآيات التي تشير للمنتجات على الأرض و كلها للبشرية و لكم. قضية البيئة قضية على جانب كبير من الأهمية. خلاصة أهمية هذه القضية عبارة عن مسؤولية الإنسان حيال الطبيعة، حيث يجب عليه أن يشعر بالمسؤولية تجاه الطبيعة و البيئة. كما نشعر بالمسؤولية حيال البشر و الناس، ينبغي كذلك أن نشعر بالمسؤولية تجاه الطبيعة. لقد أراد الإسلام و الأديان الإلهية أن تحافظ على التوازن بين الإنسان و الطبيعة. هذا هو الهدف الأساس و الرئيسي. عدم الحفاظ على هذا التوازن ناجم عن عوامل أهمها أنانيات الإنسان و تعطشه للتسلط و الهيمنة و التعسف و الغطرسة التي لدينا نحن البشر. عندما يحدث هذا - أي عندما لا يجري الحفاظ على هذا التوازن - تحصل أزمة البيئة، و عندها سوف تطال تبعات و أضرار أزمة البيئة كل البشر و جميع الأجيال. 

~الإمام الخامنئي ٢٠١٥/٣/٦

 

ستکون زراعة الأشجار إن شاء الله، سواء فی هذا الیوم و هذه الأیام المعروفة بأیام زراعة الأشجار أو فی باقی الأیام التی یمکن زراعة الأشجار فیها، سبب برکة و عمران للبلاد. و حقیقة القضیة هی أن النباتات و الأشجار بالنسبة لکل بلد و لکل جماعة بشریة سبب برکة، لذلک أوصی شرعنا الإسلامی المقدس و أحادیثنا بالأشجار و المحافظة علیها و الحیلولة دون قطعها. هذه توصیة إسلامیة. و الناس جمیعهم فی الوقت الحاضر مهتمّون بهذه القضیة، و ربما أمکن القول إن الناس و المجتمعات البشریة کانت مهتمّة بقضیة الأشجار دوماً. 
و لکن یجب أن أوجّه عتاباً لمجموعة المسؤولین عن قضیة الأشجار و غرس الأشجار و الغابات و ما شاکل، و هو أننا هنا نغرس الأشجار واحدة واحدة، لکن الأشجار تقطع بالمئات و الآلآف فی الأماکن التی یجب أن لا تقطع. هذا إشکال کبیر قائم. هذا بالإضافة إلی إحالة المعمورات و المساحات الخضراء فی أطراف المدن الکبری خطأ و غصباً لأشخاص أرادوا إساءة استغلال الأرض و لا زالوا یستغلونها، و تبدّلت المساحات الخضراء إلی إسمنت و حدید و ما إلی ذلک - و هذه مصیبة للمدن - و تعرّضت و تتعرّض مجموعة الغابات فی البلاد لتهدیدات و أخطار جادة، فیجب الحیلولة دون ذلک بکل جدّ.

~الإمام الخامنئي ٢٠١٣/٣/٥