بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصّلات والسّلام على سيدنا ونبينا أبي القاسم وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين الهداة المهديّين المعصومين سيّما بقية الله في الأرضين.
أشكر الله تعالى أن مدَّ في عمري، ومنَّ عليَّ بهذه الفرصة للقاء الإخوة والأخوات القادمين من جميع أرجاء البلد، والمجتمعين إلى جوار المرقد المطهر للإمام أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام في مشهد المقدسة مع بداية العام الهجري الشمسي.
انتبهوا أيَّها الأخوة والأخوات، فإني أرغب في بداية حديثي أن أتكلّم شيئاً ما عن أربعينية الإمام الحسين عليه السلام.
لقد اقترن عيد النوروز في هذا العام مع أربعينية الإمام الحسين عليه السلام، فتلوّن عيدنا وعامنا الجديد بصبغة حسينية، وتنوّر باسم أبي الأحرار وسيد الشهداء الحسين بن علي عليه السلام.
وسواء عاد أهل بيت الرسول (ص) في يوم الأربعين إلى كربلاء ـ حيث روى ذلك البعض ـ أم لم يعودوا، فليس هناك شكّ في أنّ جابر بن عبد الله الأنصاري قد طوى بمرافقة أحد كبار التابعين ـ الذي كان يسميه البعض عطية والبعض الآخر عطاءً، ويحتمل أنّه عطية بن حارث الكوفي الهمداني، وعلى كل حال هو أحد كبار التابعين الساكنين في مدينة الكوفة ـ الطريق وحلاّ عند القبر الطاهر لشهيد كربلاء.
إنّ بداية الجاذبة المغناطيسية الحسينية، بدأت من يوم الأربعين، وإنّ القوة الجاذبة التي دفعت جابر بن عبد الله الأنصاري على مغادرة المدينة والتوجّه نحو كربلاء، هي نفس الجاذبة الموجودة في قلوبنا على مرّ القرون المتمادية.
إنّ لأربعينية الإمام الحسين عليه السلام دوراً تعرّفَ من خلاله بعض الأفراد بمقام أهل البيت عليهم السلام، فأصبحت قلوبهم تنبض بمحبة وعشق كربلاء، بالإضافة إلى تعلقهم بالتربة الحسينية والمرقد الطاهر لسيد الشهداء عليه السلام.
إنّ جابر بن عبد الله الأنصاري يُعدّ من مجاهدي صدر الإسلام الأول، ومن أصحاب بدر، وقد كان إلى جانب الرسول (ص) وجاهد معه قبل ولادة الإمام الحسين عليه السلام؛ أي أنه رأى بعينه ولادته ونشأته.
ومن المسلّم أنّ جابر بن عبد الله قد رأى الرسول الأعظم (ص) لمرّات عديدة وهو يضمّ الحسين بن علي عليه السلام إلى صدره، ويقبّله في عينيه وعلى وجهه، ويُغذّيه الطعام والشراب بيده الشريفة، فأغلب الظنّ أنّ جابر بن عبد الله رأى ذلك باُم عينه.
ومما لاشكّ فيه أنَّ جابر بن عبد الله قد سمع الرسول (ص) وهو يقول: ((الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة)).
وكذلك بعد وفاة الرسول (ص) بقيت مكانة الإمام الحسين عليه السلام وشخصيته ـ سواءً في زمان الخلفاء أو في زمان أمير المؤمنين عليه السلام، في المدينة المنورة أو في الكوفة ـ ماثلة أمام عيني جابر بن عبد الله الأنصاري.
وعندما سمع جابر أنّ الحسين بن علي عليه السلام عزيز الرسول (ص) قد استشهد، وقُتل عطشاناً، انطلق من المدينة، وعند وصوله إلى الكوفة رافقه عطيّة، وقد روى ذلك، قائلاً:
وصل جابر بن عبد الله إلى شط الفرات، واغتسل فيه، ثم ارتدى ثياباً بيضاء نظيفةً، وتوجّه نحو قبر الإمام الحسين عليه السلام ماشياً بكل وقار وسكينة.
ـ إنّ الرواية التي رأيتها تقول أنه عندما وصل جابر إلى القبر قال ثلاثاً بصوت عال: ((الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر))؛ أي أنه أخذ بالتكبير عندما علم كيف استشهد عزيز الرسول (ص) وعزيز الزهراء عليها السلام مظلوماً على أيدي الطغاة وعبدة الشهوات ـ
ثم قال عطيّة: (ولقد فَقَدَ جابر بن عبد الله صوابه عند قبر الإمام الحسين عليه السلام، وأغمي عليه وسقط إلى الأرض) ـ لا نعلم ما الذي جرى بعد ذلك ـ إلا أنه يقول في هذه الرواية: عندما عاد جابر إلى وعيه، أخذ بمخاطبة الإمام الحسين عليه السلام قائلاً: (السلام عليكم يا آل الله، السلام عليكم يا صفوة الله).
أيها الشهيد المظلوم.
نحن اليوم أيضاً نقول من أعماق وجودنا في بداية هذا العام الجديد: (السلام عليك يا أبا عبد الله، السلام على الحسين الشهيد).
فلقد جعلت شهادتك وجهادك وثباتك الإسلام متألّقاً، وأحْيَت الدين المحمدي الأصيل، ولولا شهادتك لم يبقى للدين من أثر.
إن قلوبنا اليوم مشتاقة أيضاً إلى الحسين بن علي عليه السلام ، ولمرقده وقبره الطاهر، ومهما بَعُدت الشقّة، فسوف نبقى نتحدث عن ذكرى الحسين بن علي عليه السلام ومحبته.
لقد قطعنا عهداً على أنفسنا، وسنبقى على هذا العهد، بأن لا نترك ذكر الحسين واسمه ومسيرته في حياتنا أبداً، وهذه هي مشاعر كافة أفراد شعبنا وشيعة العالم بأجمعهم تجاه الإمام الحسين بن علي عليه السلام، بل هو شعور جميع الأحرار في كافة أنحاء العالم.
لقد زيّن اسم النبي الأكرم عامنا في هذه السنّة، فما الذي يمكنني قوله في صدد الرسول الأعظم (ص) في هذا العام؟
لا يسعني إلا أن أقول: بأنّ الرسول الأكرم يمثل مجموع كافة فضائل الأنبياء والأولياء، وصورة كاملة ومتكاملة لجميع الفضائل التي حملها ركب أنبياء الله وأوليائه على مرّ التاريخ.
اسم أحمد هو اسم لجميع الأنبياء فإذا بلغنا المائة فمعها التسعين جاء
عندما نذكر اسم الرسول الأكرم (ص)، فكأنما تتجسّد وتتبلور في هذا الوجود المقدس شخصية النبي إبراهيم ونوح وموسى وعيسى ولقمان، وجميع عباد الله الصالحين والعظماء، وشخصية أمير المؤمنين وأئمة الهدى عليهم السلام.
ويمكننا أن نشبّه الرسول الأكرم بأعظم النجوم المتألقة في عالم الوجود، ونعبّر عن وجوه الواسع المقدس بهذا التعبير، لماذا نمثّله بالنجوم المنيرة لا بالشمس؟
لأنّ الشمس جسم وجرم واحد، مشخّص ومحدّد ـ منير عظيم ـ أما النجوم التي نراها فإنّ بعضها تشكّل مجرّةً كاملةً، هي أكبر آلاف المرات من المجرّة التي نراها في السماء الدنيا أثناء الليل الصيفية الصافية.
والمجرّة: هي المجموعة التي تتكون من آلاف المنظومات والشموس، فوجود الرسول الأكرم (ص) كالمجرّة التي تحتوي على آلاف النقاط المضيئة من الفضيلة.
إنَّ من خصائص الرسول الأكرم (ص) هو امتلاكه العلم المقرون بالأخلاق، والحكومة المقرونة بالحكمة، وعبادة الله المقرونة بخدمة الناس، والجهاد المقرون بالرحمة، وحبّ الله المقرون بحبّ عباد الله، والعزة المقرونة بالتواضع، ومعالجة الأمور اليومية مقرونة بالنظرة البعيدة للأمور، والصدق والشفافية مع الناس المقرونة بالحنكة السياسية، والذوبان في ذات الله المقرون بالمحافظة على سلامة الجسم وصحته، والدنيا المقرونة بالآخرة، والأهداف الإلهية السامية المقرونة بالأهداف الإنسانية الجميلة.
إنّ الرسول (ص) مثال متكامل لموجودٍ لم يخلق الله أكمل منه في عالم الوجود، وهو مُبشّر ومنذر، ومطّلع على جميع أحوال البشر وشاهد عليهم، وداعيهم لطاعة الله وسراجاً منيراً في طريق الإنسانية {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إلى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا} .
إنّ تسمية العام بعام الرسول الأكرم (ص)، يمثل مجرّة ناصعة بالنسبة للشعب والحكومة، فضلاً عن كون وجود اسم الرسول الأكرم (ص) في الساحة الدولية، يمثل نقطة التقاء لجميع عقائد وعواطف كل الشعوب المسلمة بمختلف قومياتها ومذاهبها؛ ولهذا تقع على عاتقنا مسؤولية كبيرة؛ لكوننا نعيش في مثل هذا العام الذي يحمل هذا الاسم المبارك.
فينبغي لشعبنا وحكومتنا أن تعمل في هذا العام بطريقة تنسجم مع الحكمة والعلم والعدالة والأخلاق والكرامة والتواضع والعزّة والجهاد والرحمة النبوية.
وهذا لا يمكن تحقيقه في عام واحد، كما أنّ وجود النبي (ص) ليس مقتصراً على عام واحد، بل إنّ التاريخ كلّه والأعوام كلّها تابعة لوجوده المقدّس؛ لكن تسمية العام الجديد باسم الرسول الأعظم تعني أننا عازمون في هذا العام على القيام بقفزة نوعية، وخطوة كبيرة؛ للوصول إلى مجتمع وحضارة تمثّل أهداف الرسول الأكرم (ص)، وأن نجعل هذا العام عاماً للتطلّعات الكبيرة والأمل والعمل والجهاد والخدمة، والخطط المُدَبّرة، والتقدّم نحو الأمام؛ من أجل مستقبل البلد.
لنلقي الآن نظرة على الأوضاع العامة للبلد، حيث نستقبل اليوم عاماً جديداً، تسلّمت فيه حكومة جديدة مهامها.
إنّ كل حكومة تتسلّم السلطة تقوم ببيان خصائص دورتها الجديدة، وتشرع في بداية العام بتنفيذ هذه الخصائص، وهذا ليس معناه الانحراف عن المسيرة، ولا يعني تخلّي الشعب عن أهدافه الأساسية والسامية بسبب تبديل الحكومة كلا، بل معناه الاستفادة من تطورات الدورات الحكومية السابقة، مع الاقتران بالإبداع، والسرعة في العمل، وتصحيح ما ارتكب من أخطاء أحياناً، على فرض إرتكابها من قِبَل الدورات السابقة.
إنَّ مَثَل الشعب عند تغيير الحكومة التي يقوم بانتخابها بنفسه، كمثل مسافر في طريق ما، عندما يصل إلى مكان معيّن، يبدّل واسطته التي اُستُهلكت أو عجزت، بأخرى جديدة جاهزة للعمل ومنسجمة مع المرحلة المناسبة؛ ليستمر في سفره.
فإذا ما وجد انحرافاً أحياناً عن المسيرة الصحيحة في مرحلة سابقة، يعود بها إلى جادة الصواب ويستمر في مسيره للتقدم نحو الأهداف السامية؛ وهذه مهمّة الشعب التي يقوم بها تجاه الحكومة، فهو الذي يميّز بين الأشخاص الذين يحمل كل منهم شعاراً خاصاً به ويتميّز عن غيره بشخصية ومظهر معيّن، فيفضّل الشعب أحدهم، ويُنتخب من قِبَل أكثريتهم.
إنَّ الحكومة في أي دورة من دوراتها هي حكومة الشعب، تعبّر عن رغبة الشعب وإرادته، وإنَّ هدف الحكومة الجديدة التي تسلّمت مهامها قبل ستة أشهر هو: التصميم الراسخ على الخدمة الدؤوبة للشعب، ووضع جميع إمكاناتها في ميدان العمل، وإبراز الأهداف العليا للثورة، هذه هي مميزات الحكومة الجديدة.
إنَّ هذه الحكومة المنتخبة ـ ومـن خـلال اعتمادهما علـى شعـارات الثـورة والإمـام العظيـم ـ تسعى ـ من خلال بذل كل طاقاتها ـ لحلّ مشاكل وأزمات الشعب، بالإضافة إلى تقوية البنى التحتيـة للبلد بأسرع ما يمكن، وعلى أفضل صورة وأتمها للوصول إلى وضعٍ مع الاعتماد على الاستقـلال الـوطنـي، وعزّة الشعب الإيراني في المحافل الدولية.
إنَّ من بين الوسائل الرئيسية لممثلي السياسة في المجالات الدولية الخداع والتهديد، فإذا وقفت الحكومة حيال أحابيلهم وتهديداتهم واعتمدت على الشعب؛ فسوف تحقق نجاحات كبيرة.
إننا نرى ونشعر أنَّ هذه الحكومة عازمة على حفظ العزّة والاستقلال الوطني للشعب الإيراني، بما يتناسب وشأنه.
إنَّ ما تقوم به الحكومة ورئيس الجمهورية الجديد من نشاطات، وما يطلقونه من شعارات يجعلنا قادرين على أن نقول باختصار: إنّهم عازمون على قطع خطوات كبيرة نحو التقدم، في مجال توفير الخدمات، وتحقيق العلم، وتأمين احتياجات البلد.
أعزائي: يتمتع بلدنا بإمكانيات تضاهي إمكانيات البلدان المتطورة، ويمكن لنا أن نصبح في مقدمة البلدان المتطورة في العالم؛ لِما نتمتع به من قوى بشرية وقابليات طبيعية وإنسانية.
لقد بدأ التواجد في ميدان التطوّر بعد الثورة، ومن الطبيعي أن التنمية والتقدّم بلا عدالة ليس له معنى في منطق الجمهورية الإسلامية.
إنَّ التقدم المقرون بالعدالة يحتاج إلى العمل الدؤوب والعزيمة الراسخة والبرنامج الدقيق، والأهم من ذلك كله هو وقوف الشعب إلى جانب الحكومة وإبداء معونته الحقيقية؛ من أجل تحقيق التقدم المقرونة بالعدالة، الذي يليق بهذا الشعب.
فإذا ما أردنا أن يصبح هذا التقدّم المقرون بالعدالة من خصوصيات بلدنا وشعبنا، فعلينا الاستفادة من جميع المساعي التي بذلتها الحكومات السابقة، وما حققته من إبداع وإنتاج للشعب؛ بسبب جهود مسؤوليها السابقين، علينا بشد العزم من أجل الإبداع والإنتاج، وهذا ما يحتاجه البلد.
ما المقصود من الإنتاج؟ الإنتاج لا يعني الاقتصار على إنتاج البضائع فقط، بل ينبغي أن يكون الإنتاج هدفاً للشعب في مجالات واسعة، كالإنتاج في العمل والعلم والتقنية والثروة والمعرفة والفرص والعزّة والمكانة وإنتاج البضائع والكوادر الفاعلة.
إنَّ رمز سعادة شعبنا يكمن في شحذ الهمم من قِبَل الحكومة والشعب؛ لتحقيق الإنتاج في المجالات الواسعة؛ لأنّه يؤدي إلى تحقيق الاستقرار الوطني والقوّة والتقدم للبلد، وهو جهاد في سبيل الله.
إنني اليوم أقول لمسؤولي الحكومة وموظفيها وكذلك للشعب، وخاصةً الشباب: إنَّ الإنتاج في المجال العلمي والعملي والتقني، وإنتاج البضائع التي يحتاجها الناس والكوادر الفعّالة، وإنتاج الفرص والعزّة، هو جهاد في سبيل الله، والمواطن المنتج هو مجاهد في سبيل الله، فلابد لنا من طلب العلم وتحقيق الإنتاج في المجال العلمي، وجعل بلدنا بلداً علمياً.
ففي رواية عن أمير المؤمنين أنه قال: «العلم سلطان، من وجده صال به ومن لم يجده صيل عليه»؛ أي أنَّ العلم قوّة، وكل شخص أو شعب يحصل على العلم سوف تتحقق له السيادة، وكل شعب يفتقر إلى العلم، عليه أن يتهيّأ لتسلّط الآخرين عليه، فعلينا أن نجعل العلم بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى جهاداً في سبيل الله، هذا ما أريد أن أقوله للشباب والأساتذة والجامعيين.
بالإضافة إلى ذلك فإنَّ العلم وحده لا يحقق الهدف، بل لابد أن نوصل العلم بالتقنية، والتقنية بالصناعة، والصناعة بتنمية البلد، فليس هناك فائدة في الصناعة التي لا تكون سبباً لتنمية وتقدّم البلد، وإنَّ العلم الذي لا ينتج التقنية سوف لا يكون نافعاً؛ ولهذا فإنَّ مهمة الجامعات ومراكز التربية والتعليم ومؤسسات البحوث والتحقيق سوف تكون شاقة.
يمثّل التقدّم المقرون بالعدالة نهضة شاملة لا تقتصر على عام واحد، وإننا لم نكن قد بدأنا نهضتنا التقدمية هذه حديثاً، ولا نريد أن نبدأها الآن، بل بدأت في أوائل الثورة بالتناسب مع استعداد وقوّة الحكومات والمسؤولين السابقين، فقد بذل الشعب والحكومات السابقة مساعيَ كبيرة من أجل ذلك، ونحن نرى اليوم آثار ذلك في حياتنا اليومية.
إنَّ الجهود التي بذلتها الأجيال الماضية توفّر الفرصة للجيل الجديد؛ من أجل أن يخطوا خطوات كبيرة نحو التقدّم.
بناءً على ذلك فإنَّ نهضتنا لم تكن قد بدأت اليوم، بل بدأت سابقاً، ولا يمكن أن تبلغ مداها في عام واحد، إلا أننا عندما نقول: إنَّ هذا العام هو عام النبي الأكرم (ص)، فهذا يعني أنَّ علينا أن نقفز قفزة نوعية جماعية ـ الحكومة والشعب ـ من أجل تحقيق التقدّم، ويجب على كل مواطن في أي نقطة من نقاط هذا البلد، أن يخطو خطوة كبيرة نحو الأمام.
وعلى قول ذلك العالم الربّاني ـ الذي كان يريد أن يَعِظَ الناس الذين اجتمعوا في أحد المساجد المكتظّة بالحاضرين، بحيث أدى الزحام إلى أن يبقى بعضهم خارج المسجد، وكان قد قام حينذاك أحد الجالسين وقال: ((رحم الله من قام من مكانه وتقدم خطوة إلى الأمام))؛ وذلك من أجل أن يفسح المجال لدخول من بقي خارجاً. وهنا قال ذلك العالم الربّاني بعد أن يمّم وجهه نحو الناس: ليس لدي ما أعظكم به، فكل ما لديّ من كلام قد قاله هذا الرجل، وهذا كل ما أردت قوله، إنني أردت القول: أيَّها الناس، أينما تكونوا احرصوا على أن تتقدموا خطوة إلى الأمام.
عليكم أن تتقدموا خطوة إلى الأمام في مجال العبادة وفي مجال طلب العلم والإنتاج، وعلى كل من العامل ومدير المصنع والأستاذ والطالب وموظف الحكومة والباحث في الحوزة والجامعة أن يتقدموا خطوة إلى الأمام؛ لأنّه ليس هناك توقّف أو تخلّف أو تحجّر أو يأس في فكر وثقافة الرسول الأكرم (ص)، فقد حارب رسولنا الأكرم (ص) اليأس، وجعل الفرد المسلم يرفل بالأمل.
طبعاً إنَّ لدينا أعداء وهم مستاؤون من حركة شعبنا نحو التطوّر، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية.
ما ذا يريد أن يقول قادة السياسة الأمريكية للشعب الإيراني؟
انتبهوا، لكي أبين لكم ما يدور في قلوب مديري السياسة الأمريكية، فهم يتفوّهون بأمور كثيرة، لكن ما يدور في قلوبهم شيء واحد، وهو قولهم أيَّها الشعب الإيراني: أعيدوا إلينا ما أخذته ثورتكم منّا، فقد كنّا نهيمن على اقتصاد وسياسة وثقافة بلدكم قبل الثورة، وعندما كان يريد رئيس بلدكم أن يصدر قراراته الدولية، كان يأخذ الرخصة والإذن من سفيرنا.
هذا هو الواقع، فلقد كان الشاه البهلوي الملعون يتشاور مع سفير أمريكا وبريطانيا ليسمحوا له لعقد صفقات بيع النفط وإجراء الاتفاقات الدولية والعلاقات السياسية والدبلوماسية المختلفة، وحتى في طريقة تعامله مع الناس.
ما يريد أن يقوله الساسة الأمريكيون هو: إننا كنّا مسيطرين على بلدكم، وجاءت ثورتكم وأخرجتنا منه، فأعيدوا إلينا بلدكم ثانيةً لكي نتسلط عليكم؛ ولهذا تراهم اليوم يطلقون الاتهامات بشأن مسألة حقوق الإنسان، والطاقة النووية، والديمقراطية، والإرهاب، وما هي إلا إتهامات باطلة يريدون من روائها أن يقولوا: دعونا نقوم بتعيين حكومتكم كما في السابق، ونفرض هيمنتنا على اقتصادكم، ونحدد بأنفسنا في أي قطب من أقطاب العالم تكونون، مثلما يفعلون مع بعض البلدان الأخرى، وهو ما يتوقعونه من الشعب الإيراني!
سبع وعشرون سنة وأمريكا في صراع مع الشعب الإيراني، ولم يختلف اليوم عن الأمس، فما تبديه أمريكا اليوم، هو نفس الأمر الذي كان مترسخاً في أذهانهم تجاه الشعب الإيراني على امتداد سبع وعشرون سنة.
إنَّ وسائلهم العدائية عبارة عن التهديد والتخويف والترويج للحرب النفسية، وتوهين همّة الشعب وزرع اليأس في قلوبهم، والعمل على التفرقة وإثارة النعرات الطائفية، هذا ما يستخدمه أعداء الشعب الإيراني عند تمكنهم من ذلك.
إنَّهم يقومون بالضغوط الاستنزافية، وتعظيم الأمور وتضخيمها من خلال وسائل الإعلام؛ من أجل إثارة حالة عدم الاستقرار في قلوب الشعب، وزرع الشك والشبهة في إمكانية نجاحهم ومستقبلهم وكفائة مسؤوليهم، هذا ما يقوم به العدو.
ويقومون بتوجيه الضغوط لعلهم يتمكنون من بثّ الفرقة بين المسؤولين، أو يضطر أصحاب القرار في البلد للتخلّي عن قراراتهم الكبيرة، هذه هي طرق العدو ووسائله، فليس له وسائل أخرى.
يقوم الأعداء بتهديد الشعب الإيراني بالحصار الاقتصادي، وكأنّهم لم يفرضوه لحد الآن! أم لم يكن قد عانى ما عانى الشعب تحت وطأة الحصار الاقتصادي التي فرضته القوى الجائرة؟!
إنَّ ما حققناه اليوم من تطوّر، وحيازتنا على المقام الأول ـ في مجال العلم والصناعة وبعض الحرف ـ في المنطقة، لم يتحقق إلا في ظروف الحصار.
لقد حققنا تقدماً في المجال العسكري والعلمي، وكذلك في المجال الطبي، حيث حققنا تقدمّاً مدهشاً، وتقدمنا في مجال الصناعة وبعض الحرف المعقّدة جداً والتي لا تخطر على بال شعوب العالم، وتقدمنا في مجال العلوم الحياتية، وفي بعض أنواع المعارف التي لا يعطيها أصحابها لأحد بتاتاً، سوى مجموعة صغيرة من التابعين لهم، كل ذلك تحقق في ظروف الحصار.
فلو يفرضوا الحصار ربما لم نكن قد وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم، ولو أعطيناهم مبالغَ ثمناً لشراء الأسلحة المتدنية منهم، لم يكن قد يخطر ببالنا يوماً من الأيام الاستفادة من طاقات وإبداعات شبابنا.
إنّنا اليوم نقوم بصناعة الطائرات والدروع والصواريخ، ونحتل مكانة متقدمة بالنسبة لكثير من دول المنطقة، ولو كنّا قد فتحنا لهم أسواقنا ليعطونا كل ما نريد مقابل ما يأخذوه من أمولنا ـ التي يضعونها في خزائنهم ـ لم نصل اليوم إلى هذا التطوّر، فهل يمكن أن يخيفونا بالحصار بعد ذلك؟!
يدّعون بأننا مُنزوون عن المجتمع الدولي، ونحن نقول لهم: ليسنا نحن المنزوين بل أنتم، وإنَّ العالم بأسره اليوم مستاء من تصرفات الإدارة الأمريكية، ولو ذهب أي شخص إلى أي بقعة من بقاع العالم الإسلامي من اندونيسيا إلى المغرب وسأل الناس، فسيجيبونهم بأنّهم يكرهون حكّام البيت الأبيض من أعماق قلوبهم.
ولو أردنا تعييـن من يصدق عليه أنّه منزوٍ إيران أم أمـريكـا، فإنّنا نـقتـرح إجراء استفتاء في العالم الإسلامي؛ لتبيين الحقيقة أكثر، من خلال تقويـم مـدى شعـبيـة الرئيس الإيراني والرئيس الأمريكـي، ولـو أنَّ قادة أمريكا لا يخشون النتائج المذلّة لهذا الاستفتاء، فهذه الكرة وهذا الملعب فليدخلوا ساحة المواجهة.
إنَّ الشعوب اليوم وكثير من الحكومات تكره أمريكا، إلا أنَّ مصالحهم لا تسمح لهم إظهار هذه الكراهية في الملأ، مع أنّ كراهيتهم لها ليس أقل من كراهيتنا أحياناً.
إنّهم يتّهمون الجمهورية الإسلامية بانتهاك حقوق الإنسان، وهذا يعتبر من النكات المضحكة لهذا العصر! فأمريكا تعتبر نفسها اليوم الرائدة في الدفاع عن حقوق الإنسان! أي أمريكا؟
أمريكا هيـروشـيمـا، وأمريكا غوانتانامو وأبو غـريـب، وأمـريكـا الباعثة على الحرب وعدم الاستقرار في كثير من مناطق العالم، وأمريكا التعتيم والرقابة في داخل أمريكا نفسها، فإنَّ مسألة التعتيم والرقابة على الفكر والكتابة والبيان في أمريكا، هي من المسائل المهمة والمثيرة جداً التي ليس هناك وقت للإشارة إليها الآن.
إنَّهم يتّهمونا بانتهاك حقوق الإنسان، مع أنَّهم أكبر المنتهكين لحقوق الإنسان، ولو أجرينا في الوقت الراهن في العالم ـ وليس في العالم الإسلامي وحسب، بل على المستوى العالمي ـ استفتاءً عالمياً بصدد الرئيس الأمريكي الحالي، فلا ريب أنّه سيقع في نفـس الخـانـة التي وقع فـيهـا شـارون وصدام وميلوسيفيتش باعـتبـارهـم نماذج للشر.
إنَّ أمريكا في الوقت الراهن تشكّل تهديداً كبيراً للسلام والاستقرار العالمي؛ ولهذا لم يُعد شعار (الموت لأمريكا) مقتصراً على الشعب الإيراني، فإنَّكم ترون اليوم كيف تحرق الشعوب تمثال الرئيس الأمريكي في أرجاء العالم مع إطلاقهم لشعار الموت لأمريكا؛ ويعود سبب ذلك إلى أطماع النظام الأمريكي المتزايدة واستكباره وتكبره وهيمنته على الشعوب، وباعتباره أصبح ألعوبة بيد الصهاينة، حقاً إنَّه ألعوبة بيد الصهاينة.
إنَّني سوف أذكر الآن عبارة تتعلق بما يثار هذه الأيام في وسائل الإعلام العالمية المختلفة، ثم أشرع بالكلام عن مسألة الطاقة النووية. وهي مسألة المباحثات مع أمريكا، التي أصبحت موضوعاً لوسائل الإعلام التابعة للمستكبرين والمتسلطين.
لقد صرّحنا ونصرّح في الوقت الراهن أيضاً: بأننّا لا نتباحث مع أمريكا في أية مسألة من مسائل مورد الخلاف بيننا وبينهم؛ والدليل على رفضنا واضح، وهو أنَّ أمريكا تستخدم المباحثات كوسيلة لفرض رغباتها علينا.
فليس لمباحثات أمريكا مفهوم حقيقي عندما تتفاوض مع الأطراف الأخرى، حيث فقدت ذلك من مفهومها السياسي.
ما هو الغرض من المباحثات؟
الغرض من ذلك تقريب وجهات النظر بين طرفين صديقين في مسألة من المسائل، فيتباحثون من أجل أن يتحرك كل منهما عن موضع نقطة الخلاف، ويتجه نحو موضع نقطة الالتقاء؛ من أجل التوصّل إلى الاتفاق، إلا أنَّ أمريكا لا تؤمن بمباحثات بهذا المعنى، فهي تتخذ المباحثات وسيلة لفرض شروطها، وتشديد الضغوط، وبناءً على ذلك فالمباحثات مع أمريكا غير مجدية في جميع المسائل.
إنَّ ما يطرح هذه الأيام بالنسبة للتباحث مع أمريكا بصدد قضية الاستقرار في العراق، كان نتيجة للمناشدات المتكررة والمتتالية من قِبَل مسؤولي أمريكا ـ سواءً كانوا في العراق أم خارج العراق ـ لمسؤولينا، حيث لم يُعِر مسؤولينا أهميةً لذلك في بادئ الأمر، إلا أنَّهم وافقوا بعد ذلك مضطرّين؛ على أمل الوقوف للحيلولة دون المخاطر المفجعة التي يعاني منها الشعب العراقي، وإيصال وجهات نظرنا إلى الجانب الأمريكي في هذه المسألة.
ما هي وجهات نظرنا؟
إننا نريد إعلام الأمريكيين بأنَّ عليهم أن يرفعوا أيديهم عن العراق، لكي يقوم الشعب العراقي يإدارة بلده بنفسه، ويتجنبوا إثارة النعرات الطائفية من أجل استقرار العراق.
إنَّ الشعب العراقي يستطيع إدارة بلده وتحقيق استقراره بنفسه؛ لأنَّ هناك قرائن كثيرة تدل على أنَّ الأجهزة الجاسوسية الأمريكية أو البريطانية أو الصهيونية تقف على أعتاب خلفية عدم الاستقرار في العراق؛ ولهذا فإنَّ الحفاظ على الاستقرار في العراق كان هو الباعث على قبولنا المباحثات.
إلا أنه مع ذلك قام الأمريكيون أيضاً بإظهار روح التسلّط والهيمنة والدجل في هذه المسألة، فقد أخذوا يدّعون بأنّ إيران تريد أن تتباحث في مسائلها المختلفة مع أمريكا، وكذلك أخذوا يتفوهون بتعابير نابية وقبيحة كثيرة، وعلى أثر روح التكبر والدجل هذه قال البعض من المسؤولين الأمريكيين: إنَّ قبول المباحثات هو بمثابة إحضار مسؤول إيراني!.
إنني أقول: إنَّ الحكومة الأمريكية أتفه وأقلّ من أن تقوم بإحضار مسؤول إيراني.
لا يوجد لدينا مانع من المباحثات إذا ما استطاع مسؤولونا المعنيون التباحث؛ من أجل تفهيم وتنبيه الأمريكيين بمسألة من المسائل التي ترتبط باستقرار الأمن في العراق، لكن إذا كانت المباحثات بمعنى أن يفسح المجال للأطراف المتسلّطة والمغرورة والمخادعة لفرض شروطهم بالقوة، فسوف يكون هذا الأمر ممنوعاً كبقية الأمور التي صرّحنا بها.
إنَّ عزّة وثبات ومقاومة شعبنا هو سبب قدرتنا وتقدّم بلدنا، ولا نسمح بالطعن في ذلك جرّاء بعض التوهمات.
سوف أتكلم بعض الشيء عن مسألة الطاقة النووية.
إنّ خلاصة ما يريد أن يقوله العدو للشعب الإيراني هو: عدم استحقاقه لامتلاك التقنية النووية، لماذا؟ لأنَّ التقنية النووية تؤدي إلى قوتهم في مجالات مختلفة، فيريد أن يمنعهم من امتلاك هذه التقنية لكي يبقوا ضعفاء، ليتسلط عليهم بسهولة، فعلى الشعب أن يعي عمق معنى كلام العدو؛ لأنَّ القضية تكمن في أنَّ الطاقة النووية والقدرة على إنتاج الوقود النووي سوف تكون إحدى الاحتياجات الضرورية والحتمية للشعب الإيراني في السنوات القريبة المقبلة.
فإذا لم يحقق الشعب الإيراني التقنية النووية لبلده في الوقت الراهن، فسوف يمدّ هذا الشعب بعد بضعة سنوات يد العوز إلى الأجانب، والى الأعداء في بعض الأحيان؛ للحصول على الإحتياجات الضرورية جداً؛ وذلك عندما يحين دخول شبابنا سوق العمل، وتزداد نفوس الشعب الإيراني ملاييناً أخرى على ما هي عليه الآن، وسوف يكون أمرنا حينذاك كما لو أننا كنا لا نمتلك النفط في الوقت الحاضر، مع العلم أنَّ النفط يعتبر مصدراً قابلاً للنفاد وغير قابل للتعويض، ولا يبقى إلى الأبد، فإذا ما استُهلِك بالمقدار الذي يستهلكه الشعب في الوقت الحاضر، فسوف ينفد نفط الشعب الإيراني خلال عشرين سنة أو خمسة وعشرين سنة
إنَّ العالم يتّجه اليوم نحو الطاقة البديلة للنفط، التي تعتبر الطاقة النووية أهمها وأكثرها اطمئناناً على الإطلاق، ولو لم يحصل بلدنا على الطاقة النووية خلال عشرين سنة، فمن أجل إنشاء مصنعٍ ما، سوف يمد يد العوز إلى عناصر لم تكن ترغب في تقدّم الشعب الإيراني، وتحاول إراقة ماء وجهه وسلب عزّته؛ من أجل أن تتصدق عليه بشيء يسير مما تملك.
لقد قلت في وقت من الأوقات ـ هنا في مدينة مشهد المقدسة ـ لدى حضور جمع غفير من الناس: لو أنَّ هذا النفط الذي نمتلكه اليوم، كان تحت تصرف أوربا وأمريكا، لوجب علينا الخضوع لهم إزاء كل برميل من النفط يقومون بالتصدق به علينا، وهيهات أن يعطونا ذلك! فهم يرغبون في أن يكون الشعب الإيراني بعد عشرين سنة محتاجاً لهم، ويستجدي أمام أبوابهم؛ من أجل صناعته وزراعته وإدارة عجلة الحياة في بلده، هذه هي أهمية الطاقة النووية.
يقال الآن إنّ فائدة الطاقة النووية هو لغرض العلاج وتلبية الحاجات الطبية، هذا صحيح، إلا أنّ ذلك لا يُعدّ فائدة من الدرجة الأولى؛ لأنَّ الطاقة النووية تعتبر بالدرجة الأولى من اللوازم الأساسية والضرورية لبلدنا.
فلو لم يحقق مسؤولونا وموظفونا إنجازاً بناءً في مجال الطاقة النووية في الوقت الراهن، فسوف يحقَّ لجميع أفراد الشعب الإيراني أن يلعنهم بعد عشرين سنة، علاوة على أنّهم لا يستطيعون تحقيقه حينذاك، وعندما يحتاج الشعب إلى حاجة من حاجاته، فسوف يبيعونه بأغلى الأثمان، أو لا يعطونه له، أو يقومون بإذلاله والاستهانة به.
هذا هو ما تريده منّا أمريكا، وهو أن ندع ما حصلنا عليه بأنفسنا من التقنية، ليتصدقوا علينا هم بالوقود النووي.
ما هو هدفهم من ذلك؟
إنَّ هدفهم هو أن نقوم نحن بصناعة محطة للطاقة، ثمَّ نمدّ أيدينا لهم من أجل شراء الوقود لهذه المحطة، لكي يبيعونه لنا بأي ثمن أو شرط يرغبون، وهذا مثل ما لو أنَّ النفط اليوم كان ملكاً لأمريكا، واحتجنا إليه أو إلى أحد مشتقاته لأجل إنتاج الطاقة، وأردنا أن نحصل عليه من الأمريكيين، فكيف سيعاملوننا حينذاك؟ فعليكم أن تنتبهوا إلى مقدار ما يستهينون بالشعب الإيراني!
عندما نقول: إنّ الطاقة النووية، أو بتعبير أدق التقنية النووية، وعجلة الوقود والقدرة على التنمية النووية هو حقّنا المسلم، فمعنى ذلك أننا عندما لا نقوم بتحقيق هذا للشعب، فسوف يمدّ يد الاستجداء لأعدائه ومخالفيه.
إلا أنَّ الشعب الإيراني سوف لا يخضع لِما يبيّت له الأعداء.
يقولون لنا تمتلكون النفط، فماذا تصنعون بالطاقة النووية؟! هل إنَّ أمريكا لا تمتلك نفطاً؟ إنَّ أمريكا تمتلك نفطاً، فلماذا تمتلك مع ذلك الطاقة النووية! وقد صرّح الرئيس الأمريكي أخيراً: بأننا لابد أن نخصّص ميزانية أكبر من أجل إنتاج الطاقة النووية.
إنَّ العالم بأسره يتّجه نحو التقدم وتأمين الميزانيات من أجل الطاقة النووية، في الوقت الذي يمنعونه عن شعبنا!
إننا نرفض هذه اللهجة، وعلى الشعب الإيراني أن يعلم أنّ مسؤولي بلدنا سوف يرفضون ذلك، وإنّني سوف لا أخضع لهذه الضغوط بأي ثمن كان.
الطاقة النووية والتقنية النووية حقّ مسلّم لكم ـ أيّها الشعب الإيراني ـ ولا يحقّ لأيّ كان أن يغضّ النظر عن هذا الحقّ المسلّم ويتراجع عنه.
إنَّ العدو يثير الشائعات، ويروّج البعض ـ سواء كان يشعر بذلك أم لم يشعر ـ لهذه الشائعات في داخل البلد.
إنَّ حقيقة الأمر هو أنَّكم لو لم تتمسكوا بهذا الحقّ، فسوف يتراجع الشعب الإيراني مئات السنين، ويبقى متخلّفاً، وهذا ما لا يرتضيه أي مسؤول، أو مقتدٍ بالرسول الأكرم (ص)، وإنَّ العالم اليوم يعترف بهذا الحق أيضاً
يهددونا اليوم بمجلس الأمن، وكأننا لا نعرف شيئاً عن مجلس الأمن، لقد ذُقنا مرارة تصرفات مجلس الأمن، ففي زمن الحرب المفروضة، عندما كان أفراد النظام العراقي يسيطرون على بضعة آلاف من الكيلومترات من أراضينا، أصدر مجلس الأمن قراراً يقضي علينا بوقف إطلاق النار، وعدم الدفاع والمقاومة، وبما أنّ هذا القرار لم يكن لصالح بلدنا فقد رفضناه، وكل أمر يتعارض مع مصالح بلدنا فسوف نرفضه.
لقد صمد شعبنا وشبابنا وثبت مسؤولونا بكل ما يملكون من قوة، ونحن في عين الله تعالى ورعايته، وإنَّ تأمين مستقبل بلدنا مرهون بعزم وهمّة مسؤولينا وشعبنا، وسوف نبقى ـ إنشاء الله تعالى ـ مصرّين على حقّنا بالاعتماد على همّة الشعب وعزمه وإرادته القوية، ودعم صاحب العصر (عجل الله فرجه الشريف)، ونتمسك به بكل ما نملك من قوة.
اسمحوا لي أن أستغل أنفاسكم المتأججة وقلوبكم الملتهبة وأدعو قليلاً:
اللهم: بحق عزتك وجلالك وبحق النبي الأكرم (ص) أنزل رحمتك وبركتك وتفضّلك على هذه الأمة المؤمنة والمُقاوِمة.
اللهم: انصر هذا الشعب الوفي للإسلام على أعدائه.
اللهم: مهّد طريق شعبنا وشبابنا نحو مستقبل يليق بهذا الشعب.
اللهم: وفّق مسؤولي البلد لخدمة الشعب يوماً بعد آخر.
اللهم: زد بركات الإمام علي بن موسى الرضا (ع) على ساكني هذا البلد وهذه المدينة، واجعلنا من المشمولين بأدعية صاحب الزمان (عجل الله فرجه الشريف).
اللهم: زد من علوّ درجات إمامنا الراحل وشهدائنا الأبرار، واجعلنا من عبادك الصالحين، ومن خَدمة هذا الشعب.
والسّلام عليكم و رحمة اللَّه و بركاته
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ