الخطابات

كلمته بمناسبة ميلاد الرسول الأكرم(ص)

بسم الله الرحمن الرحيمأبارك لجميع الحاضرين المحترمين، خصوصاً الضيوف الأعزاء سفراء البلدان الإسلامية والمشاركين في أسبوع الوحدة، وكذلك للشعب الإيراني العزيز والأمة الإسلامية العظيمة، وجميع روّاد العدالة وأحرار العالم، بمناسبة ولادة نبي الهدى والرحمة ورائد الحرية والعدالة.إنَّ هذه الأيام هي أيام عظيمة بالنسبة لنا وللعالم الإسلامي، حيث اقترنت ولادة الرسول الأكرم (ص) مع ولادة الإمام أبي عبد الله الصادق (ع)، وبهذه المناسبة العظيمة ـ ولادة الرسول (ص) ـ أطلقت الجمهورية الإسلامية على هذا الأسبوع اسم أسبوع الوحدة.إنّ من جملة ما يثير الإنتباه عند النظر إلى الرسول الأكرم (ص) والأمة الإسلامية، هو مصير الأمة الإسلامية والقضايا والحوادث التي تمر بها، ﴿ لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ (سورة التوبة/ 128)، وهذا المعنى مطّرداً في جميع مراحل التاريخ، فإنَّ كل ما يمرّ على الأمة الإسلامية هو فائق الأهمية بالنسبة للروح الطاهرة للرسول الأكرم (ص)، وإنَّ الوضع الذي تمرّ به الأمة الإسلامية مورد قلق بصيرته التي تشاهد العالم وتراقبه.لقد اجتازت هذه الأمة مراحل صعبة ومرّت بمنعطفات كثيرة على مرّ التاريخ، وقد وصلت اليوم إلى مرحلة مصيرية وحاسمة، ولو أنَّ الأمة الإسلامية عقدت عزمها اليوم من أجل التقدّم على الصعيد الديني والعلمي بقيادة النخب‎‎‎ السياسية والعلمية والثقافية‎، فسوف تتمكن من انتخاب طريقاً تستطيع من خلاله القضاء على التخلّف والمشاكل والصعاب والتخاذل من قبل بعض حكومات الدول في العالم الإسلامي، وهداية الأمة الإسلامية إلى طريق الوحدة وحثّهم عليه. أما الطريق الآخر فهو بقاء الأمة الإسلامية في غفلتها التي يرغب بها أعداء الإسلام، والإبتلاء بالخلافات وضيق الرؤية والأنانية وحب الدنيا وتخلّي النخب عن المسؤولية؛ مما يؤدي إلى إبتعاد الأمة الإسلامية عن سعادتها بمقدار عدّة عقود على الأقل.إنَّ الخصوصية التي يتمتع بها عصرنا في الوقت الراهن، هي كوننا نمرّ في وضع يتحتّم علينا فيه اختيار طريق الأمة الإسلامية الموحّدة.والحقيقة إنَّ التوجّه نحو طريق الرشد والصواب ليس أمراً دفعياً ـ بل هو تدريجي يعطي ثماره بعد حين ـ إلا أنَّه كلّما تأخّر النخب والمسؤولون عن النهضة الشاملة، وتخلوا عن قراراتها التي يتخذونها في مختلف بقاع العالم الإسلامي فستكون نتيجة ذلك إلحاق الضرر بالأمة الإسلامية، فعلى الجميع أن يشعر بالمسؤولية الملقاة على عاتقه؛ لأنَّ اليوم هو يوم اتحاد المسلمين.أنظروا إلى مقدار ما ينفقه العدو من أموال لفك أواصر الوحدة التي تتمتع بها الشعوب الإسلامية في الوقت الحاضر.انظروا إلى أوضاع العراق؛ وكذلك إلى المناطق الإسلامية الأخرى كيف تعاني إلى حدّ ما من الصراع مع قادة المؤامرات التي تستهدف إثارة الفرقة بين الطوائف والفرق والقوميات والشعوب الإسلامية بذرائع مختلفة. يقتلون هذا وذاك، ويزرعون البغض والأحقاد في قلب هذا وذاك، للحيلولة دون الانتباه لعدو العالم الإسلامي الأساسي، وقادة التسلّط والسيطرة على هذه المنطقة من العالم .وإذا ما كان العالم الإسلامي متّحداً لَمَا بقيت فلسطين اليوم وحيدة، ولَمَا وقعت الحكومة التي انتخبت من قِبَل الشعب الفلسطيني تحت وطأة الضغوط، ولَما كانت تُهدد بقطع المساعدات في حال كونها لا تتخلى عن مبادئها.يجب على العالم الإسلامي أن يعلن بصوت واحد وكلمة واحدة عن حمايته للشعب والحكومة الفلسطينية، ويصرّ على دعمه لأصوله وقيمه.وإذا ما كان كذلك فلن يستطع حينها الباعثون على شقاء الشعب الفلسطيني وحكومته أن يتكلّموا بهذا الشكل. إنَّ الساسة الأوربيين الذي يدّعون الإنسانية ومراعاة حقوق الإنسان صمٌ بكم، كأنّهم لا يسمعون ولا يرون ما يحلّ بالشعب الفلسطيني من فجائع، فعندما تسلَّمت السلطة الفلسطينية ـ السلطة المؤيدة من قِبَل الشعب ـ أخذوا يوجّهون لها الاتهامات ويتّخذون المواقف السيئة تجاهها، وما هذا إلا بسبب تشتت العالم الإسلامي، وأنانية النخب السياسية فيه.علينا أن نتيقّظ، ونفهم بأن وظيفتنا هي التصميم على تحديد المصير التاريخي للعالم الإسلامي، ومن الطبيعي أنّ هذا التصميم ليس منحصراً بنا شخصياً أو بوقتنا الحاضر.فاليوم ليس هناك طريقٌ أمام الأمّة الإسلامية سوى الإيمان بقدرتها والحيلولة دون استمرار الظُلامات، والتصميم على عدم الاستسلام حيال القوى الجائرة.إننا ـ نحن المسلمين ـ لا ندعو الدول الإسلامية إلى حمل السلاح والهجوم على بلدان العالم، بل نوصيها بالتمسك بحقها وقوّتها وعزّتها وتاريخها وميراثها العريق، ومعرفة قيمة ذلك والتمسك به، وعدم السماح لمعسكر الكفر والإستكبار ـ التي تسيطر عليه الصهاينة ـ بالاستهانة بذلك، هذا هو رأينا.(عزيز عليه ما عنتم) أي أنَّ الشدائد التي تمرّ عليكم وعلى العالم الإسلامي تؤذي قلب الرسول (ص)، (حريص عليكم) أي أنّه يريد أن يهديكم لتكونوا سعداء، وتمرّوا على الصراط الإلهي المستقيم ـ الذي مُهّد لكم من أجل سعادة الدنيا والآخرة ـ لتنتفعوا به وتتقدّموا.إنَّ الوجود المقدس للنبي الأكرم والرسول الأعظم (ص)، هو أهم محاور الالتقاء لتحقيق الوحدة، ولقد قلت ذلك قبل هذا: بأنَّ العالم الإسلامي يستطيع أن يحقق عرى الوحدة من محور الالتقاء هذا؛ لأنَّ جميع عواطف المسلمين تجتمع فيه، باعتباره موطن للعشق والمحبّة في العالم الإسلامي.انظروا الآن إلى مرتزقة الأقلام التي تتقاضى أجورها من قِبَل الصهاينة، كيف يكرّسون جهودهم لإبعاد المسلمين عن محور التقائهم هذا، ويحاولون الاستهانة بذلك؛ من أجل أن لا يعير العالم أهمية لمسألة الإستهانة بالأمّة الإسلامية، ومن ثمَّ إذلال العالم الإسلامي شيئاً فشيئاً.إنَّ هذه المسألة مهمّة وأساسية، فعلى السياسيين والنخب العلمية والثقافية والكتّاب والشعراء والفنانين أن يستندوا إلى محور الإلتقاء هذا ويعتمدوا عليه، ويلتفّ المسلمون جميعاً حول هذا المحور.وعليهم أن لا يعيروا أهمية إلى محاور الاختلاف، ولا يتّهم بعضهم بعضاً، ولا يكفّر بعضهم بعضاً، ولا يُخرج أحدهم الآخر من دائرة الدين، وأن ترقق القلوب في كافة أرجاء الأمة الإسلامية بذكر الرسول (ص) ومحبته، ونكون جميعنا من محبيه والمتعلقين به.إنَّ هذا الأسبوع، حقّاً هو أسبوع للوحدة، وإنَّ هذه الأيام هي حقّاً أيام للوحدة بين المسلمين.إنَّ مهمة المسؤولين السياسيين شاقة، فعلى مسؤولي الثقافة والكتَّاب والعلماء سواءً كانوا من المذهب السنّي أو الشيعي أن يجتنبوا طرح المسائل التي تثير الفرقة وتؤدي إلى الاختلاف، وأن يلتفّوا حول نقطة الالتقاء المتمثلة بالرسول (ص).وإنَّ المتوقع من عقلاء أهل السياسة ونخبهم أن يفهموا خطورة المرحلة الراهنة، وأهمية الاتحاد بين المسلمين فيها، ومؤامرات الأعداء الرامية إلى تفتيت وحدة المسلمين وتآلفهم.هذا ما نودّ أن نقوله لشعبنا وللعالم الإسلامي، ونسأل الله تعالى بشرف وعزّة وجلالة الرسول (ص) عنده أن يُوفّق العالم الإسلامي إلى هذا السبيل، وأن يكون مستقبل الأمة الإسلامية أفضل من حاضرها.والسّلام عليكم و رحمة اللَّه وبركاتهـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

100 يوم من الطوفان
أحدث التقارير المصورة