الخطابات

كلمته في الشعراء العرب‎

بسم الله الرحمن الرحيم إنَّ هذا الاجتماع ـ كما أوضح الدكتور آذر شب ـ يمتلك معنىً رمزياً ونموذجياً وذلك لعدة اعتبارات.أولاً: باعتباره يمثّل تكريماً للقدس؛ فهو ليس اجتماعاً سياسياً، بل إنّه اجتماعاً معنوياً وروحياً وعاطفياً.إنَّ الاجتماعات السياسية لها معانيها الخاصة، إلا أنَّ الاجتماعات التي تُظهر الشعور والعاطفة تمتلك معنىً أعمق في بعض الأحيان.ثانياً: إنني كلّما نظرت إلى ساحة الشعر وخصوصاً الشعر العربي، أجد أنّ الشعراء العرب في جميع الأقطار العربية، أبدوا نماذج بارزة من الشعر، مع كون القضية الفلسطينية كانت في بواكير سنيها، سواء كان ذلك في لبنان أو سوريا أو مصر أو العراق أو الحجاز أو بلدان شمال أفريقيا، إلى الدرجة التي نظّم فيها بعض الشعراء ديواناً خاصاً عن فلسطين وقاموا بنشره، والبعض الآخر نظّم عدّة دواوين.فقد قرأت اسماً لأحد الشعراء كتب خمسة دواوين مقتصرة على قضية فلسطين وقام بنشرها، إلا أنّه في السنوات الأخيرة لا يجد الفرد أثراً أو خبراً عن هذه الحركة الشعرية العظيمة.يوجد هناك شعراء في البلدان العربية ينشدون عن فلسطين، إلا أنَّ المتوقّع أكثر من هذا بكثير؛ والسبب هو أنّ الشعر خصوصاً في اللغة العربية وفي العالم العربي ـ كبقية الفنون الأخرى ـ يكون أكثر بروزاً وتأثيراً ونفوذاً في النفوس ، فإنَّ الشعر في اللغة العربية والعالم العربي له مكانة خاصة.لقد شهدنا خلال سِنِي الانتفاضة أحداثاً كبيرة، ولقد طوت القضية الفلسطينية مراحل مهمّة جداً، فمن المناسب أن تُبرز هذه الأحداث في الشعر العربي، وفي كلام العرب الفصيح، والشعر الملحمي العربي، وفي تلك الكلمات العربية الفاخرة؛ لتترك أثرها في القلوب والنفوس، لقد تحقق الضعف في هذا الأمر ـ على وفق معرفتي ـ وللأسف.نحن نرغب من خلال هذه الوسيلة وفي هذا الاجتماع، أن نُعرب عن رغبتنا وشوقنا الحقيقية في إنشاد الأشعار من قبل الشعراء العرب بصورة عملية، ونريد إبراز مقدار شوقنا للشعر الذي يُنشد من أجل فلسطين والقدس والانتفاضة والحركة المنطلقة نحو النصر الفلسطيني ـ إن شاء الله تعالى ـ ونتمنّى أن يحتلّ الشعر العربي في هذه المجالات والميادين مكانة أرفع وأفضل يوماً بعد الآخر.ثالثاً: إننا نريد القيام بتكريم الشعراء، فإنني أرغب في إظهار الاحترام والتقدير الذي أكِنّه في قلبي وفكري إلى الشعراء؛ والخطباء من خلال هذه الوسيلة.إننا نعلم بمنزلة الشعراء، فلقد كانوا يلعبون دورهم الدائم في جميع المجالات السياسية والدينية على مرّ التاريخ الإسلامي.لقد استطاع الشعراء الملتزمون في بعض الأحيان ـ منذ بداية الإسلام مروراً بالعصور المختلفة حتى زماننا المعاصر ـ أن يهزّوا مجتمعاً ويدفعوه نحو التحرّك، وأن يظهروا أرقى الأفكار وأدقّها، وينقلوها إلى أذهان جميع طبقات المجتمع.هذا الأمر يستحق الاحترام والتجليل، فإنني أعتقد بوجوب التقدير لهذه الثلّة من الشعراء ـ الشعراء القيمين الملتزمين حقاً ـ هذا يمثّل جانب آخر من اجتماعنا، وهو رغبتنا الحقيقية بتكريم الشعر والشعراء. وإنني أقول للشعراء المحترمين الحاضرين في هذا الاجتماع: إنَّ الإنسان يشاهد مناظراً متنوّعة في التلفاز، فيتأثر ـ حقاً ـ جرّاء البعض منها، من قبيل الأوضاع التي تمرّ بها الشعوب والبلدان، والحوادث المرّة التي تقع في العالم، إلا أنَّ المنظر الذي يُبكي الإنسان ـ يبكيني بالذات ـ هو الأحداث التي تُعرض عن فلسطين في التلفاز.هذا المقدار من الظلم الذي يقع على الشعب الفلسطيني اليوم، وتتمكّن الكاميرات من تصويره، هو أقل بكثير من الحقائق بالتأكيد، ومع ذلك فإنَّ هذا المقدار يبعث على البكاء والانفعال حقاً.إنني لا أشكّ من أنّ هذا هو شعور جميع الأشخاص الذين يمتلكون الرقة، ولا زالت عواطفهم حيّة، وعندما يشاهدون التلفاز ينتابهم هذا الشعور.حسناً، عليكم أن تصوّروا هذا البكاء وهذا الهَمّ الباطني وهذا الشعور في لغة الشعر، وتتركوه للأشخاص الذين لم يعرفوه ولم يشاهدوه، وتضعوه بين يدي التاريخ؛ لترى أجيالنا القادمة ما الذي حدث في الشرق الأوسط في هذا التاريخ وهذه البرهة من الزمن، وخاصة في فلسطين وفي القدس الشريف.لقد كان هذا الاجتماع من أجل هذا.طبعاً كنت أنوي أن أقرأ مقاطع من الشعر العربي لأحد الشعراء المعروفين، إلا أنني عزفت عن ذلك، وارتأيت أنَّ من الأفضل الاستفادة من الشعراء الحاضرين في هذا الاجتماع.إننا في الانتظار الآن، وإن شاء الله تعالى يضع الإخوة والأخوات الشعراء ـ سواء كانوا من الجمهورية الإسلامية أو الضيوف الأعزاء ـ خصوصاً الشعراء العرب ـ أو البلدان المختلفة أو شعراء خوزستان ـ كل ما في جعبتهم من الشعر؛ لنستفيد منه وننتفع به.والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته  

100 يوم من الطوفان
أحدث التقارير المصورة