بسم الله الرحمن الرحيم
أرحب أولاً بالإخوة و الأخوات الأعزاء ـ نواب المجلس السابع المحترمين ـ و لابد لنا أن نعد هذا اللقاء لقاءً مباركاً بعون الله ، و نتمنى أن يكون تواجدكم فـي مجلس الشورى الإسلامي و موقع التشريع مباركاً لكم و للشعب الإيرانـي أيضاً .
أرى من الضروري أن أشكر شعبنا العزيز مرة أخرى لتواجده الذكي الواعي عند صناديق الاقتراع للمجلس السابع . إنه عمل كبير ناتج عن الإدراك و الشعور الصادق . لم يسمح الشعب الإيرانـي كما أراد الأدعياء و أعداء هذا النظام أن تبقى الجمهورية الإسلامية بدون مجلس و بدون سلطة تشريعية حتى ليوم واحد . و أشكركم أيضاً أيها النواب الأعزاء للتجاوب الذي أبديتموه حيال ما قلناه فـي أول المجلس و النداء الذي وجهناه إليكم . إن هذه الإرادة و الحوافز المتبادلة و ترابط الإرادات على المطاليب و الأهداف السامية الكبيرة أمر جد مبارك . كما أشكر حضرة السيد الدكتور حداد عادل لكلمته اليوم و التـي كان اللفظ و المعنى فيها على أرقى المستويات و كانت سليمة و إيجابية تماماً و تحاكي مطامحنا .
أريد أن أتحدث قليلاً عن الآية التـي تلاها هنا أخونا العزيز ﴿ وَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ . كل ما تمتلكونه من مكتسبات دنيوية إنما هو متاع حياة قريبة تنقضي فـي طرفة عين . ليست حياةً باقية . إن هذا المتاع ليس أموالاً فقط . هذه الفرص ، هذه المسؤوليات ، هذه المراتب والمواقع التـي تتوفر لـي ولكم ، هي كذلك أيضاً من زاوية ارتباطها بشخوصنا . و نيابة المجلس هي أيضاً من هذه الأشياء ﴿ وَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ ، إذا كان الله هو الهدف فـي هذا الأمر ، حينذاك ﴿ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ . إذا كان هدفنا من نيابة المجلس و من المسؤوليات الحكومية و من التربع على المناصب و المواقع المختلفة ـ من المكان الذي تشغلونه إلى المكان الذي أشغله أنا ، إلى المكان الذي تشغله الحكومة ، إلى الأماكن التـي يشغلها مختلف المسؤولين فـي شتى المستويات ـ هذا الشأن الظاهري و الامتيازات الظاهرية ( و هي فارغة ، و لا شىء فـي داخلها ، و تبدو ميزة و متاعاً فـي ظاهرها ، إلاّ أنها ليست متاعاً حقيقياً ) فلا شكَّ أننا قد خُدعنا ، لإننا نعطي شيئاً مقابل ما نأخذه . إنكم طوال فترات أعماركم لا تأخذون شيئاً من جانب واحد ، تأخذون شيئاً و تعطون شيئاً . ما نأخذه هو هذه الأشياء التـي نحصل عليها طوال حياتنا ـ من علم ، و معنوية ، و مال ، ومنصب ، ومكانة فـي أعين الناس ، وشعبية و غير ذلك ـ أما الذي نعطيه فأهم من كل هذا و هو أعمارنا و حياتنا ﴿ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾ . إننا نمنح مقابل كل مكتسباتنا شيئاً ما على نحو مستمر و بلا توقف ، و هو زمن مهلتنا و فرصتنا فـي هذه الحياة . هذا ما يكاد ينتهي . الرصيد الأصلي ينقص ذرةً ذرةً ، كالثلج الذي يمسكه الإنسان بيده و يذوب . علينا تحويل هذا الرصيد إلى رصيد . إنكم تقولون فـي مضمار القضايا الاقتصادية العامة للبلاد أن النفط المستخرج رصيد وطنـي و يجب أن لا ننفقه على المعيشة اليومية ، بل ينبغي تحويله إلى رأس مال دائم .
نظير هذه الحالة تماماً تنطبق علي و عليكم . نحن نعطي رصيداً لا يتجدد هو العمر ، و علينا أن نأخذ مقابله رصيداً يبقى لنا . هذا الجاه و الجلال ، هذه الشعبية ، هذا الموقع السياسي ، و هذا المال لا يبقى للإنسان . الذي يبقى هو «ما عند الله» ، إنه الـ ﴿ خير و أبقى ﴾ ، هذا هو الذي يبقى ، و هذا ما ينبغي أن يكون الغاية من النيابة . فـي هذه الحالة لن تصيبكم خسارة، سواء بقيت شعبيتكم فـي أعين الناس أو لم تبق ، و سواء انتُخبتم فـي الدورة التالية أم لا ، و سواء ألقيت فـي هذه الدورة على عواتقكم أعباء كبيرة أو لا ، كل ما يحدث سيكون خيراً « كل ما يقع للسالك فـي الطريقة فهو خير له » . كل ما سيحدث سيكون خيراً لكم ، لماذا ؟ لأنكم تمارسون صفقة و تجارة مربحة . إذا أردتم العمل لله ، فليكن قيامكم ،و قعودكم ، و توقيعكم ، و خطاباتكم ، و مصادقاتكم ، و رفضكم من أجل تنفيذ الواجب . ولأنها من أجل أداء الواجب لذا سوف تسجل فـي الديوان الإلهي ﴿ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ﴾ . إنهم يحصون كل شىء ، حتى الأشياء التـي ننساها نحن . حين نكون فـي منتهى الحاجة سيعيدونها إلينا بكل أرباحها و فوائدها ، لذلك لن نكون قد خسرنا . و كل ما نفعله غير هذا سيكون معناه أننا خُدعنا . و أنا أيضاً كذلك ، و أنتم أيضاً كذلك . ليس ثمة أي فارق بيننا من هذه الناحية .
أما بخصوص محتوى المسؤولية و مضمونها ، فثمة طبعاً واجبات على عاتق الإنسان إذا أخذناها بنظر الاعتبار سيحصل هذا الشىء الذي ذكرناه . أهم شىء بخصوص مجلس الشورى الإسلامي هو أن هذا المجلس مظهر حكومة الشعب الدينية . النموذج الذي قدّمه النظام الإسلامي بخصوص حكومة الشعب الدينية ، و آثاره على مستوى السياسة العالمية ، كان تجربة ناجحة دون شك . الكيان الذي تؤثر فيه أصوات الشعب و إرادته و شخصيته و مطالباته لرسم مستقبل المجتمع ، و يكون إطار هذا التحرك متمثلاً بالقيم المعنوية و الإلهية هو الشىء الذي تحتاج إليه الإنسانية اليوم ، و تعانـي من غيابه . هذه الحروب ، و حالات الاستكبار و الظلم ، و الهوة الطبقية ، و نهب ثروات الشعوب ، و الفقر المذهل الذي يسود شطراً هائلاً من سكان العالم ، كله نتيجة غياب المعنوية . حالات الفساد و الشعور بالعبثية والتهتك التـي تشاهد لدى شتى أجيال الإنسانية على مستوى العالم ، كلها بفعل ضمور المعنوية . بدأوا العمل قبل مائة عام ، أو قبل مائتـي عام ، أو قبل ثلاثمائة عام ، و اليوم راحت نتائج عملهم المرة تتجلى للعيان . و هذا ككل أحداث التاريخ التـي لا تظهر آثارها مباشرة ، إنما تتجلى فـي العالم بعد مرور الوقت الطويل ، كالأمراض التـي تظهر أعراضها آجلاً أو الأمراض بطيئة العلاج أو التـي لا علاج لها . على الرغم من الثروة الطائلة الكبيرة التـي تمتلكها الكثير من بلدان العالم التـي تسمى متقدمة ـ كل هذا المال ، كل هذه الثروة ، كل هذه العلوم ، كل هذه التقنية ، كل هذه الدقة العلمية فـي حياة البشر ـ لا تشعر الإنسانية بالسعادة و العدالة ، و لا يُستأصل الفقر من جذوره . هذا نتيجة انحسار المعنوية . لقد جئنا نحن الشعب الإيرانـي لندرج المعنوية على نحو جوهري و مبدئي و جذري ـ لا على نحو الوبال أو المجاملة ـ فـي نموذجنا الجديد . هذه هي حكومة الشعب الدينية . مظهر هذه الحكومة الشعبية هو مجلس الشورى الإسلامي . إنه مجلس شورى ، و هو أيضاً مجلسٌ إسلامي . منتخب من قبل الجماهير ، و ذو توجه إسلامي يتبدى فـي مواد عديدة من الدستور و فـي قَسَم النيابة . هذا نموذج لا نظير له . طبعاً من المتوقع أن يشنوا الدعاية ضده ، أو يبخسوا البضاعة على حد تعبير تجار السوق ، و يحاولوا إسقاطه فـي أعين الناس و إظهاره و كأنه عديم القيمة . هذه حيل معروفة . أحياناً يهوِّنون فـي العالم أرقى المكتسبات و الموروثات الثقافية لشعب من الشعوب و يجعلونه يشمئز من تلك المكتسبات . هذه ممارسة معروفة فـي العالم . على أن حقيقة الأمر هي ما نشعر به . المجلس هو أهم مظاهر حكومة الشعب الدينية . إذن ، لا تغفلوا عن موقعكم . إنتبهوا أين هو هذا المكان و ما معنى مجلس الشورى الإسلامي . لا تغفلوا عن أهمية اتخاذ القرارات و المواقف فـي هذا المجلس . هنا مركز النظام الإسلامي و قمته ، و بتعبير آخر فهو معرضه الخارجي البادي للعيان .
إننا غير قانعين بأن لنا مجلس شورى إسلامياً . لنا مجلس شورى إسلامي منذ خمس و عشرين سنة . ينبغي لنا أن نجد و نتابع الآليات التـي تطوِّر المجلس يوماً بعد آخر فـي هذا الاتجاه الصحيح صوب أهدافه ، و تضاعف من كفاءته و تأثيره فـي البلاد حتى يستطيع التأثير بشكل حقيقي ويجعل حركة البلاد العامة متقدمةً ومتسامية يوماً بعد يوم من خلال سن القوانين و الاشراف المناسب و اتخاذ المواقف الصحيحة ، خصوصاً أن أعداء النظام الإسلامي أرادوا لنا دوماً مجلساً عديم الدور و عديم التأثير ، أو ذا تأثير سلبـي ، كلا ، يجب أن يكون المجلس مؤثراً و جلياً و ناشطاً و ذا دور. الجهود كلها ينبغي أن تنصبّ بهذا الاتجاه . كما أننا لا نقنع و لا نكتفي بالقول أن لنا برلماناً على غرار البلدان التـي تسمى نفسها ديمقراطية ، كلا . لتلك البرلمانات إلى جانب نقاط قوتها التـي قد تمتلكها ـ ولابد أنها تمتلكها ، إذ ليس ثمة مؤسسة من دون نقاط قوة و نقاط ضعف ـ نقاط ضعف أساسية . علينا تحاشى نقاط ضعفها الأساسية .
أتذكر أن الإمام فـي بدايات الثورة كان يكرر أن ثمة فـي المجالس الأخرى فـي العالم صدامات شنيعة و عراك بالأيدي ، و كان يفخر أن هذه الأمور غير موجودة فـي مجلسنا ، إنما هناك تباحث و جدل . هذا هو المهم . ينبغي أن ننظر ما الذي يفعله الآخرون مما يعد نقاط ضعف لديهم فنجتنبه . من الدارج فـي كثير من مجالس البلدان الرأسمالية أن يذكر النائب علناً و يعبّر عملياً بأنه راعى مصالح الشركات و الكارتلات و الطبقات المختلفة . فهو لا يستحي من ذلك . الغايات و المصالح التـي تتبعها الشركات الكبرى و المراكز المالية العملاقة ـ و التـي يصدر عنها الحجم الأكبر من الظلم فـي العالم ـ يعمل هؤلاء فـي المجالس للتشريع لصالحها و تدبير شؤونها . هذه هي أكبر نقاط ضعفهم . نائب الشعب ينبغي أن يكون نائب عموم الشعب ، و خصوصاً نائب الذين يحتاجون أكثر من غيرهم لتواجد ممثلهم فـي مستويات اتخاذ القرار ، أولئك الذين تقطعت بهم السبل و يعانون من حرمان أكبر . إذن ، ثبّتوا لأنفسكم بالدرجة الأولى نيابةَ الجماهير المحرومة . صحيح أن كل واحد منكم نائب كل الشعب الإيرانـي ، وليس نائب جماعة خاصة ، أو منطقة معينة أو نائب الذين منحوه أصواتهم فقط ـ المجلس يمثل كل الشعب الإيرانـي ـ ولكن مع ذلك هنالك بعض شرائح الشعب الإيرانـي يحتاجون إلى تواجد ممثلهم فـي مواقع اتخاذ القرار أكثر ، لأنهم محرومون ، و لأنهم يعانون الفقر و شحة الإمكانات و التمييز ، و يتضررون من الفساد الذي يجترحه الآخرون . إذن ، اعتبروا أنفسكم بالدرجة الأولى نواباً لهؤلاء .
النقطة المهمة جداً هي أن توظفوا كل الفرص و الإمكانيات العملية التـي يتمتع بها المجلس . إذا اُريد يوماً لمؤسسة معينة أن تحدد أنجح مجلس إيرانـي بعد الثورة ، فلاشك أن أنجح مجلس هو المجلس الذي استطاع استخدام كل طاقاته العملية . إمكانية التشريع من الإمكانيات المهمة جداً . أدوات الإشراف فـي أيديكم . لا تستهينوا بديوان المحاسبات . كنت أقول كراراً للمسؤولين و العاملين فـي المجالس السابقة أن ينظروا لديوان المحاسبات بمنتهى الجد ، لأنه وسيلة مهمة جداً . و أقول هذا لكم أيضاً . طبعاً هنالك من أصغوا و هنالك من لم يصغوا ، ولكن اصغوا أنتم . ديوان المحاسبات مهم جداً . الميزانية الهائلة لهذا الشعب هي الوارد الرئيسي العام الوحيد للشعب و الذي يوضع تحت تصرف الأجهزة المختلفة . ينبغي أن يكون من الواضح كيف أنفقت هذه الميزانية . عملية إنفاق الميزانية و تحديد صحة أو سقم الأعمال المنجزة من أهم أدوات الإشراف عندكم ، فلا تغفلوا عن هذا. إذا أردتم استخدام أدوات الإشراف فابذلوا كل جهدكم لتكون علاقتكم بالأجهزة التنفيذية و الأجهزة الخاضعة لإشرافكم علاقةً قانونية . بعض العلاقات المشبوهة إنما هي فـي ضرركم على الإطلاق . لا نريد الإشارة إلى أحد أو شىء أو جماعة . ولكن يمكن الافتراض ذهنياً قيام علاقات مشبوهة وغير صحيحة بين بعض النواب و بعض الأجهزة التـي يشرفون عليها. هذا ما ينال من عملية الإشراف بالتأكيد ، ويسلب القدرة على الإشراف ، و يسلب من المجلس الإمكانية العظيمة التـي منحها له القانون ، و عندها لن يكون المجلس مؤثراً .
القضية المهمة الأخرى هي المكانة السياسية للمجلس . أنتم نواب الشعب و عصارته و خلاصته .مواقفكم المتعلقة بالقضايا السياسية و الدولية تشير بمعنى ما إلى مواقف الشعب الإيرانـي . يمكن لهذه المواقف أن تكون على نحوين : بمقدورها أحياناً أن تبعث الأمل لدى العدو فـي مزيد من التدخل ، و تضاعف من وقاحته و طمعه و جرأته ضد النظام الإسلامي . و بوسعها أن تكون على العكس تماماً ، حيث تُشعِر العدو أن فـي الشعب الإيرانـي و نوابه صلابةً و صموداً و وعياً للمصالح و المكاسب ، و إصراراً على المصالح و المكاسب الوطنية ، و عدم انسجام مع الذين جعلوا كل همهم و غمهم اتخاذ المصالح الوطنية ألعوبةً و ترسّم طريقٍ للسيطرة على هذا الشعب . هذه هي مشكلتنا اليوم مع الأعداء الذين نخاصمهم فـي العالم . أيها الإخوة و الأخوات الأعزاء ! ثمة فـي العالم نقطة عظيمة الفائدة و النفع فـي منطقة حساسة جداً من الناحية الاستراتيجية ـ السياسية و العسكرية ـ اسمها إيران ، كانت لسنوات طوال فـي قبضة القوى المستكبرة ـ روسيا ذات يوم ، و بريطانيا يوماً آخر ، و أمريكا فـي يوم آخر ـ ثم إذا بهذا الشعب ينتزع البلد من مخالبهم اعتماداً على فكرة معينة و إرادة معينة . يريد هؤلاء السيطرة ثانيةً . المعركة كلها من أجل هذا . نحن لا خصام لنا مع أحد . نزاع النظام الإسلامي مع الذين يتحدونه إنما هو بسبب هذه القضية . ليست هنالك مشكلة أخرى . لكل بلدان العالم فـي تعاملهم مع بعضهم تحديات حتمية و طبيعية ـ وهذه غير مهمة ـ المهم هو أن الشعب الإيرانـي و النظام الإسلامي صامد و يروم الدفاع عن هويته و استقلاله و عزته الوطنية . ويريد البعض حلحلة هذه الإرادة و العزيمة . هذا هو سبب المعركة . يجب أن يكون للمجلس فـي هذه المعركة المبدئية الأساسية المصيرية الحاسمة موقع واضح ، ذلك أنكم نواب هذا الشعب . تشاهدون هذا الشعب فـي الانتخابات ، و فـي التظاهرات و المسيرات ، و أثناء إطلاق الشعارات ، و ترونه فـي المطالبات ، ترون من هو و ما هو هذا الشعب . ينبغي أن يكون المجلس مرآةً كبرى للاقتدار الوطنـي و العزة الوطنية و الإصرار على المصالح المالية ومواجهة السلطويين و المتجبرين العالميين و الدوليين . هذه طاقات و فرص مهمة يتمتع بها المجلس.
النقطة الأخرى هي أنكم نخبة من مائتين و تسعين شخصاً اجتمعتم من أنحاء البلاد ، و هذه فرصة نادرة جداً . مائتان و تسعون شخصاً هم نواب الشعب ، من النخب و الطبقات الأخرى ، يجتمعون فـي مركز تحت سقف واحد و يبقون مع بعضهم لأربع سنوات . هذه فرصة نادرة و استثنائية . هذا هو مكان التحديات المنطقية و النقاش و الجدل السليم بشأن قضايا البلاد الرئيسة . أنا لا أعارض إطلاقاً المجادلات داخل المجلس ، بل أوافقها بالتأكيد . كان الإمام (رضوان الله عليه) يقول كراراً إن المجلس محل المباحثة ، كمباحثة طلبة الحوزة . إثنان من الطلبة حينما يتباحثان مع بعضهما فقد يصرخان على بعضهما أحياناً ، بيد أن هذا الصراخ ليس بدافع الضغينة ، و لا بدوافع سياسية ، و لا بدوافع شخصية . إن هذا الشخص يدافع عن الحقيقة التـي يرى إنها حقيقة ، و ذلك الشخص ينافح أيضاً عن رؤيته . و كثيراً ما يصلان إلى نتيجة واحدة . ثمة فارق بين صخب أصحاب التخصص و الجدل المنطقي بين العلماء و أصحاب التجربة و الاختصاص ، و بين غوغائية المدارس الابتدائية . حينما يدخل الإنسان مدرسة ابتدائية يسمع ضجيجاً و صخباً عالياً ، و حين يدخل فضاءً علمياً يرى مجموعة من الأفراد جالسين يتناقشون مع بعضهم، هنا أيضاً تعلو الأصوات و يرتفع الضجيج . بيد أن تلك الضجة تختلف عن هذه . الضجة الابتدائية ضجة حزبية و صخب ذو طابع سمسري حيث يمسك البعض بتلابيب بعض طمعاً فـي جيفة الدنيا . إنها ضجة قبيحة لا تناسب مستوى المجلس . أما الجدل العلمي و النقاشات التخصصية ، لاسيما فـي اللجان ـ و اللجان هي محل هذه الأحاديث ـ فهي جد سليمة و صحيحة . بهذا الأسلوب يتم تأمين حيوية المجلس و هي شىء لابد منه .
أي نوع من التنمية نتوخاها ؟ هذه النقطة الأساسية مطروحة دائماً فـي النقاشات الاقتصادية و غير الاقتصادية . البعض يريدون قذف كلام يبعدون به أذهان الجماهير عن قضاياهم الرئيسة : النموذج الصينـي ، النموذج اليابانـي ، النموذج الفلانـي . نموذج التنمية فـي الجمهورية الإسلامية و بمقتضى الظروف الثقافية و التاريخية و الموروث و المعتقدات و الإيمان الذي يتحلى به هذا الشعب ، نموذجٌ محلي تماماً و خاص بالشعب الإيرانـي نفسه . يجب عدم تقليد أي مكان ، لا البنك العالمي ، و لا صندوق النقد الدولـي ، و لا البلد اليساري الفلانـي ، ولا البلد اليمينـي الفلانـي . لكل مكان مقتضياته . هنالك فارق بين الانتفاع من تجارب الأخرين ، وبين اتباع النماذج المفروضة و الموحاة ، و المنسوخة غالباً . أرى أحياناً أن بعض الأساليب التـي تقترح للمجالات الاقتصادية و الثقافية و غيرها مقتبسة من الأخرين ـ المفكر الأجنبـي الفلانـي قال كذا ، و المفكر الفلانـي من البلد الفلانـي قال كذا ـ و كأنهم يستشهدون بآيات من القرآن ! الكثير من الأساليب منسوخة . تم تجريبها قبل ثلاثين سنة ، أربعين سنة ، خمسين سنة ، ثم جاءوا بأسلوب أفضل ، أما نحن فنريد الآن استخدام أسلوبهم المنسوخ فـي التربية و التعليم ، و فـي القضايا العلمية ، وفـي المهام الجامعية ، و فـي الأمور الاقتصادية ، وفـي التخطيط و الميزانية . لا ، هذا غير صحيح . تتعين الاستفادة من التجارب و العلوم ، لكن ينبغي اختيار النموذج و الأسلوب بشكل محلي و ذاتـي تماماً .
من النقاط الأساسية فـي عمل المجلس أن ابتداء عملكم هو فـي سنة الاجابة و تحمل المسؤولية . إن مهمتكم فـي ميدان الاجابة لها بعدان ، يجب أن تجيبوا ، و يجب أيضاً أن تطالبوا بالإجابات . إذا أرادت الحكومة أن تجيب يمكن لإجابة الحكومة أن توجه للرأي العام ـ و هي شىء محبذ و قد شجعتُ الإخوة فـي الحكومة دوماً أن يوضحوا و يتحدثوا للرأي العام ـ بيد أن الآلية و الأسلوب القانونـي هو إجابة الأجهزة التنفيذية أمام المجلس . ينبغي عليكم المطالبة بالإجابة ، و أيضاً تقديم الإجابة فيما يتصل بمهماتكم . حددوا أولوياتكم . لقد تم انتخاب كل واحد منكم من منطقة معينة ، رفعتم شعارات ، و أطلقتم كلاماً و أعطيتم وعوداً ، اجمعوا هذا و انظروا ما هي الأولويات . حددوا هذه الأولويات و صنفوها ، بل و ارسموا لها جدولاً زمنياً حين ينبغي متابعتها فـي اللوائح التـي تقدمها الحكومة ، و حين يجب تأمينها بمشاريع المجلس نفسه ، و عندما يجب حصولها عن طريق الإجابة و مطالبة الأجهزة الحكومية بتقديم الإيضاحات ، ثم ارفعوا تقاريركم للناس و قولوا توخّينا سن هذا القانون ، أردنا مواجهة هذه المشكلة ، و كان الوقت اللازم ستة أشهر، و قد وصلنا فـي نهاية الستة أشهر إلى هنا . قول السيد الدكتور حداد عادل إننا سنقدم فـي السنة المقبلة شهادةً مقبولة ، ممكن فـي حال رسمتم الأولويات و خططتم و وضعتم جدولاً زمنياً و قلتم إننا نتابع هذه الأولويات . ولا يمكن القيام بكل الأعمال فـي ليلة واحدة . ثمة أولويات . تشخيص الأولويات و متابعتها أمر مهم . فـي هذه الحالة ستجيبون الجماهير ، و ستطالبون الأجهزة الخاضعة لإشرافكم بالإجابة و تحمّل المسؤولية .
يتوجب أن لا تفوتوا حتى يوماً واحداً . هذه نقطة اقولها غالباً للإخوة و الأخوات المسؤولين فـي مواقع معينة ، و أقولها لكم أيضاً . احياناً يتصور فريق أن لديهم من الوقت أربعة أعوام و أن الشهرين أو الثلاثة الأولى لا شىء . لا يا سيدي ! حتى اليومان و الثلاثة الأولى مهمة . يجب عدم التفريط حتى بيوم واحد . أربع سنوات وقت طويل شريطة الانتفاع من كل ساعاته و أيامه . نحن لا نتوقع الشىء الكثير . ينبغي الاستفادة بنحو سليم من كل الوقت المقرر للمجلس ، عندئذ ستكون أربعة أعوام زمناً يُعتد به حقاً .
أميركبير من الأسماء المجللة بالفخر فـي تاريخنا . لقد كان أميركبير على رأس الحكومة فـي بلادنا لمدة ثلاث سنوات ، مايدل على أن ثلاث سنوات زمن طويل . جميع الأعمال التـي أنجزها أميركبير ، و كل الذكريات الطيبة التـي حفظها التاريخ و شعبنا عن هذه الشخصية إنما هي حصيلة هذه السنوات الثلاث . و بالتالـي ، ليست هذه الأعوام الأربعة بالوقت القصير ـ إنه وقت طويل جداً ـ شريطة أن يستخدم كل هذا الوقت بشكل صحيح .
فتشوا عن المثل الحقيقية فـي قوالبها و لبوسها العملي . يجب عدم المطالبة بالمثاليات غير العملية و غير التنفيذية ، لا ينبغي الاقتناع بالقليل و الابتعاد عن تلك المثل . ما ينبغي جعله نصب العينين دوماً هو أفق العشرين سنة . إن هذا الأفق مهم جداً . و أقول لكم إن هذا الأفق عملي تماماً بشهادة الخبراء و المتخصصين فـي هذا الشأن . أي أنه يخلو تماماً من الطموحات المجنحة الفارغة و عديمة الركائز . أنظروا بشكل صائب ، و دققوا ، و اقرأوا أفق العشرين سنة . إننا الشعب الإيرانـي بدستورنا الجامع و بأركان النظام هذه ـ إذا عملوا بشكل جيد و صحيح ـ نستطيع فـي غضون عشرين عاماً البلوغ ببلادنا إلى نقطة الذروة و القمة المرسومة فـي هذا الأفق . خذوا السياسات بعين الاعتبار ، فالسياسات مرسومة على أساس هذا الأفق . يجب أن تتناسق القوانين مع هذه السياسات ، أي أنها يتوجب أن تستقر داخل السياسات و تتحرك باتجاه هذا الأفق المقرر على أساس الإسلام . ينبغي إنفاق كل الوقت و الهمم و الأعمال لهذه الأهداف ، و الواقع أنه يجب الذوبان فـي هذه الأهداف .
عبارة «الذوبان فـي الولاية» يستخدمها فـي الغالب معارضوكم الذين يرومون تسجيل بعض النقاط و طرح بعض المضامين ، و إلاّ قليلاً ما سمعت هذه العبارة من شخصيات محترمة . أنا لا أفهم معنى الذوبان فـي الولاية . ما معنى الذوبان فـي الولاية ؟ ينبغي الذوبان فـي الإسلام . الولاية نفسها ذائبة فـي الإسلام . يوم قال الشهيد الصدر « ذوبوا فـي الإمام الخمينـي كما ذاب هو فـي الإسلام » كان المؤشر الوحيد لصحة الطريق هو شخص الإمام ، لم يكن ثمة دستور ، ولا جمهورية إسلامية ، و لا نظام ، ولا أجهزة . كانت هناك قامة شامخة و علم سامق فـي مسرح الاضطراب و الصخب و التيارات و الخطوط المختلفة ، ألا وهو الإمام . وقد قال الشهيد الصدر ذوبوا فيه ، و كان على حق ، فالذوبان فـي الإمام كان ذوباناً فـي الإسلام . ليس الأمر على نفس الشاكلة اليوم . الذوبان فـي القيادة ذوبان فـي شخص معين ، و هذا لا معنى له إطلاقاً . ومن هي القيادة ؟ القيادة أيضاً يجب أن تذوب فـي الإسلام لتنال الاحترام . إحترام القيادة إنما هو فـي ظل ذوبانها فـي الإسلام و فـي هذه الأهداف . إذا وَضَعَ خطوةً معوجةً واحدةً فسوف يسقط . ما من أحد يذوب فـي الشخص و فـي الجهة ، ينبغي الذوبان فـي تلك الأهداف ، ينبغي الذوبان فـي الإسلام . يجب الذوبان فـي الأهداف الإسلامية السامية التـي حددها الله تعإلى لنا . الواقع أنه ينبغي الذوبان فـي الشعب . سمّروا أعينكم على هذه الأهداف و على نقطة الذروة الرفيعة تلك . الإسلام ، و العزة الوطنية ، و الاستقلال ، و العدالة الاجتماعية ، و تقليل الفجوة بين طبقات المجتمع ، هذا ما نحتاج إليه اليوم بشدة . قانون واحد منكم بوسعه تعميق الهوة بين الفقير و الغنـي ، و بمقدوره التقريب بينهما بقدرما . ينبغي أن تطمحوا إلى تقليل هذا البون و ردم هذه الهوة .
من أهم الأعمال مكافحة الفساد . إن مكافحة الفساد ليست قضية أخلاقية صرفة . إن إدارة البلد رهن بمكافحة الفساد . قبل سنتين أو ثلاث حين كتبت تلك الرسالة لمسؤولـي البلاد بشأن مكافحة الفساد ، كان ذلك عقب عمل طويل الأمد و دراسة و بحث واسع و شامل . فـي أي اتجاه تحركنا نجد أنه ما لم يُكافح الفساد فستبقى جميع الأعمال مبتورةً عالقةً . كل هذه الأعمال الإيجابية تجري فـي البلاد ـ الأعمال التـي أنجزت ليست قليلة ـ بيد أن وجود الفساد يحبط بعضها. تصوروا مسبحاً يُملأ بالماء من عدة آبار عميقة بأنابيب واسعة الأقطار ، لكن المسبح لا يمتلئ . حينما ننظر نجد أن جدران المسبح متصدعة و قاعه مثقوب . كل ما يريقونه من ماء من هذه الجهة يخرج من تلك الجهة . اسقوا القنوات التـي قررتموها ، فالمياه لا تصل أبداً . هكذا هو الفساد فـي المجتمع . الفساد المالـي كالأرضة ، أو الأيدز ، أو السرطان لابد من مكافحته . طبعاً يجب عدم تضخيم الأمور . البعض يثير الصخب و يضخّم المشكلات و يتحدث و كأن هذا السرطان قد تفشى فـي كل مكان ، كلا ، ليس الأمر كذلك . لدينا كل هذه الأيدي النظيفة ، و الوجوه النظيفة ، و الشخصيات النزيهة فـي الأجهزة و المؤسسات المختلفة من أعلى المستويات إلى أدناها . و هؤلاء هم الأكثرية . غير أن نقطة فساد واحدة تلوث الكيان برمته . حينما يمرض موضع معين فـي الجسم و يصاب بالوجع ـ حينما يفسد الضرس مثلاً ـ لايستطيع الإنسان أن ينام فـي الليل . القلب سليم ، المعدة سليمة ، الرئة سليمة ، دورة الدم سليمة ، بيد أن ضرساً واحداً غير سليم يسلب الإنسان النوم . هكذا هو الفساد . ينبغي مكافحة الفساد بجد .
أنتم إحدى ركائز هذه المكافحة . يوم طرحتُ قضية مكافحة الفساد كنت أتوقع أن يبادر مجلس الشورى الإسلامي و يقف فـي الصفوف المتقدمة و يتحرك فـي هذا الميدان حتى لا تعود بنا حاجة للمتابعة ، لكن هذا لم يحصل للأسف . هم لم يفعلوا ذلك فافعلوه أنتم . طبعاً على حد تعبير اخينا الظريف النبيه لا يمكن تنظيف الزجاجة بمنديل مُتسخ . إذا أراد الإنسان مقارعة الفساد ينبغي أن يحذر أولاً من أن يُبتلى هو بالفساد . راقبوا أنفسكم و راقبوا الوضع فـي داخل المجلس . اليد النظيفة ، الذيول الطاهرة ، اللسان النزيه ، و العين العفيفة بوسعها تطهير كل شىء فـي نطاق السلطة الواسعة التـي تمتلكونها .
تتمة لهذه التوصية ، أقول لكم أيضاً احذروا المزالق . حين يدعو الإمام السجاد ( عليه الصلاة و السلام ) فـي الصحيفة السجادية لجنود الإسلام ، فمما يشدد عليه هو أن يا إلهي انزع من قلوبهم حب «المال المفتون» أي المال الذي يسبب الفتنة . المال شىء خطير و فتّان للغاية و يزل الكثيرين . نلاحظ شخصيات كبيرة فـي التاريخ زلت بهم الأقدام حين بلغوا هذا الموضع . إذن حاذروا جداً . ما هو اسم هذا الحذر و المراقبة فـي الشرع المقدس ؟ التقوى . حين يوصي القرآن من أوله إلى آخره بالتقوى كل هذه التوصيات المؤكدة فمعنى ذلك هذه المراقبة و المواظبة و الحذر . نفس الإنسان تطمح إلى المزيد . حينما قرأت فـي الصحف أنكم قررتم إعادة النظر فـي بعض أمور المجلس و بعض التصرفات غير الضرورية ، فرحت من الأعماق و دعوتُ لمؤسسي هذا المشروع . إفترضوا مثلاً أن لشخص بيتاً ، ويريد بيتاً ثانياً . لديه امتياز و يريد امتيازاً آخر . أنا شاكر فعلاً لأنكم سلكتم هذا الطريق و أبديتم هذه الهمّة . واصلوا هذا الطريق و أصروا على هذه الأفعال . تصرفوا بشكل منطقي و صحيح ما استطعتم . طبعاً نحن لا نوصي و لا نتوقع أن يعانـي نواب المجلس الجوع و العطش مثلاً و يعيشوا زاهدين ـ لا نحن هكذا و لا أنتم ـ ما نقوله هو يجب عدم التمادي و الإسراف و أن لا تكون الأمور بلا قواعد و الإنفاقات و التكاليف عبثية . قد لا يكون مجموع كل هذه الإنفاقات مبلغاً كبيراً جداً فـي المجلس ، لكنكم حين أغلقتم هذا الطريق وفرتم نموذجاً للجماهير و المؤسسات و رسمتم الطريق و الاتجاه الصحيح . عملكم هذا قيم جداً و جيد جداً ، واصلوا هذا الطريق .
المسألة التالية ترجيح المصالح العامة على المصالح الإقليمية . هذه أيضاً من الأمور السهلة جداً باللسان ، لكنها صعبة جداً فـي التطبيق العملي . لقد كنت حيناً ما فـي المجلس و أدري ما هي النيابة . ولنا تعاملنا مع المجلس منذ سنين طوال . لا ترجحوا المصالح الإقليمية على المصالح العامة . أقول من باب المثال إنه من جملة التوصيات التـي كنت أوصي بها منظمة الإدارة و الميزانية ، و الحكومات ، ورئيس الجمهورية منذ سنوات ، و أوصيهم الآن أيضاً ، و أخيراً أوصيت رئيس منظمة الإدارة و الميزانية الذي تولى مهامه حديثاً هي إنهاء المشاريع نصف التامة فـي البلاد بسرعة . لدينا عدة آلاف من المشاريع نصف المنتهية . مشاريع كان يجب أن تتم خلال ثلاث سنوات أو أربع سنوات لكنها استمرت عشر سنوات أو أكثر أحياناً . لماذا ؟ جزء من ذلك يعود لضعف الإدارة ، و جزء آخر يعود إلى شحة الأرصدة . إذا أردنا إتمام المشاريع غير التامة يجب أن لا نضيف مشاريع جديدة ، و إلاّ بقيت جميع هذه المشاريع نصف تامة . و من البديهي أننا إذا استطعنا إنفاق أموالنا لبناء مدرسة يجلس فيها الطلاب خلف رحلاتهم فـي الصفوف لكان ذلك أفضل من البدء ببناء مدرستين تبقى كلتاهما فـي مرحلة البناء و الإعداد و لا تنتهي . وبالتالـي لن يجلس طالب فـي صفه . نفترض ان الهمم عالية و نبدأ بناء مدرستين من دون أن تنتهي حتى واحدة ، هل هذا أفضل أم أن ننفق ذات التكاليف على بناء مدرسة واحدة ننهيها ليذهب الطلاب إلى صفوفهم ؟ المشاريع الإقليمية : مطار فـي المكان الفلانـي ، طريق فـي المكان الفلانـي ، خط سريع فـي المكان الفلانـي و ... ثمة توقعات ، و النائب ينقل هذه التوقعات إلى المجلس لتُنقل من هناك إلى الحكومة و تكون النتيجة مزيداً من الضغوط . و المسؤولون فـي الحكومة يستسلمون أخيراً لأي سبب من الأسباب و يتعهدون بهذه الإنجازات ، ولكن ما هي النتيجة ؟ النتيجة هي أن مشاريعنا نصف المنتهية إذا كانت بحدود أربعة آلاف مشروع ، ترتفع إلى خمسة آلاف مشروع ، ثم ترتفع إلى عشرة آلاف مشروع . المهمة صعبة ولكن يجب تحملها .
الكلام كثير طبعاً . يقول :
صدرٌ كبيرٌ من الكلام يتموّج فـي فمنا
لدينا كثير من الكلام معكم ، ولكن ينبغي ملاحظة الوقت أيضاً .
المسألة الأخيرة هي الانضباط . أريد أن أقول لكم إنه فـي أحيان كثيرة حينما كان التلفاز فـي الماضي يعرض المجلس ، و كنت أشاهد المقاعد الفارغة ، أشعر بالخجل و الحياء من الناس و أنا مقابل التلفاز ! لقد قلنا لهؤلاء الناس احضروا عند صناديق الاقتراع ، وقد جاءوا و حددوا النواب ، فما هو الحال الآن ؟ هذه قضية مهمة . تنظرون إلى المجلس فترون أربعة مقاعد خالية و واحد جالس من بعده خمسة مقاعد فارغة . إننـي هنا حين أشاهد هذا المنظر من التلفاز أشعر بالخجل حقاً . هذا عدم انضباط و ينبغي عدم قبوله للمجلس إطلاقاً . الحضور فـي الوقت المحدد ، و الحضور فـي اللجان ، و الحضور فـي القاعة الرئيسية و مزاولة العمل أمور مهمة جداً .
بالأمل الذي عقدته الجماهير عليكم و الصورة التـي انطبعت فـي أذهانهم أتمنى إن شاء الله أن يكون سلوككم و تحرككم مضافاً إلى التوفيق الإلهي بحيث يتعزز هذا الأمل لدى الناس يوماً بعد يوم ، و أن يفرح الناس و يبقوا فرحين إن شاء الله لأنهم بعثوا للمجلس نواباً صالحين مثلكم . فـي هذه الحال سنكون نحن أيضاً داعين لكم دائماً .
والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته .