بسم الله الرحمن الرحيم
الجلسة هذه طيبة و قيمة جداً . اجتمعت هنا طائفة من المبرزين و الواعين و ذوي الكفاءات و المتخصصين . هذا أولاً و ثانياً تمر علينا الذكرى السنوية لكوكب علمي ساطع فـي تاريخنا الملئ بالمفاخر ، و أعنـي به نصير الدين الطوسي . يوم نستعيد فيه ذكري ذلك الإنسان الكبير . ثالثاً : حضر اجتماعنا هذا عدد من مسؤولـي القطاعات التنفيذية فـي البلاد ممن لهم صلة بالقضايا التـي تعانـي منها هذه الفئة . و قد أدلوا ببعض الإيضاحات كانت مفيدة . و أريد أن أشير فيمايلي إلى عدة نقاط :
النقطة الأولى هي أن كلياتنا الصناعية كانت على امتداد سنوات ما قبل الثورة و ما بعدها مراكز تحتضن خيرة المواهب فـي هذا البلد . منذ الفترة التـي أستطيع استذكارها ـ فترة الشباب و الارتباط بالجامعات و الطلبة الجامعيين و المناخات الجامعية ـ ضمت الكليات الصناعية و الهندسية و المراكز العلمية ذات الصلة بالهندسة على اختلاف شعبها ، ضمت أفضل الطلبة الجامعيين تفكيراً و أكثرهم توثباً و نشاطاً . لنضع هذه الحقيقة إلى جانب حقيقة أخرى هي مستوى الذكاء و النباهة العالـي نسبياً لدى الأجيال الإيرانية ، و هذا من الأمور الأكيدة و ليس مجرد شعار أو دعاية . ذهنية الإيرانيين و ذكاؤهم أعلى من متوسط الذهنية و الذكاء لدى باقي شعوب العالم . هذا كلام علمي و إحصائي و نتيجة بحث و تحقيق . ماضينا أيضاً يدل على هذا . الثقافة و الحضارة الإيرانية فـي مختلف أحقابها تعد مؤشراً بارزاً و راية خفاقة لشعوب العالم . و فـي الحقبة الإسلامية أيضاً كان الشعب الذي استطاع أن يستلهم من الإسلام العلوم و الفلسفة و المعارف المختلفة و أساليب الحياة ، و يشيّدها ضمن إطار منطقي متين ، و يعرضها على العالم كله ، هو الشعب الإيرانـي عموماً، و هذا ما يوافقه الآخرون و يؤيدونه .
خذوا بنظر الاعتبار كتلة وطنية ذكية و صاحبة مواهب وافرة و ثرة ، تبعث خيرة أبنائها و أذكاهم تقريباً إلى الأقسام الصناعية و الهندسية . فما ستكون النتيجة ؟ ما يتوقعه المرء من هذه المجموعة ـ و هم زبدة البلد و الأمة و نخبتها و خيرة عقولها ـ سيكون بطبيعة الحال توقعاً كبيراً جداً . و للأسف يجب القول إن هذا التطلع لم يتحقق فـي عصورنا الماضية التـي سبقت الثورة . و لهذا أسباب سأشير لها على وجه الإيجاز . أضف إلى ذلك التنوير و التفكير الاجتماعي الحي لدى الطلبة الجامعيين فـي هذا القطاع . كما أشاروا و هم على صواب فإن أعلى نسبة من الطلبة المجاهدين و الواعين و الناشطين فـي الميادين السياسية كانت فـي هذه الكليات الصناعية .
النقطة التالية هي أن البلد حين يعيش ظروف انحدار اجتماعي أو سياسي أو صناعي ، ستكون أعظم خسارة يُمنى بها هي عدم استثمار أرصدته . هذه حالة طبيعية فـي فترات الانحدار . لقد أمضينا فترة انحدار و انحطاط مؤسفة للغاية طوال ما يقارب المائة سنة. تبدأ هذه الفترة من أواسط العهد القاجاري و تستمر إلى نهاية العهد البهلوي . أي كنا حتى خلال العهد البهلوي الذي يعد فترة تحديث حسب رؤية المسؤولين الحكوميين و المستنيرين آنذاك ، نتحرك حركة انحدارية رجعية للأسف . لماذا نصف ذلك بالانحطاط ؟ قد لا تكون لنا إنجازات كبيرة على الصعد العلمية و الصناعية فـي بدايات العهد القاجاري أيضاً ، لكنـي لا اعتبره عصر انحطاط ، و أعتقد أن الانحطاط بدأ من أواسط الحقبة القاجارية فما بعد . لماذا ؟ لأن الشعب الإيرانـي فـي هذا العصر نأى عن حركته الطبيعية التـي كانت تتسارع حيناً و تبطؤ حيناً ، أي إن الشعب الإيرانـي أصيب بنوع من السحر و الانبهار . لا يمكن لشعب من الشعوب أن يكون رائداً على الدوام . الشعب الموهوب قد يكتسب ، لأسباب مختلفة ، سرعة و تقدماً فائقاً أحياناً ، و قد يعتريه البطء فـي أحيان أخرى . ولكن قد يصاب الشعب حيناً بالانبهار أو الخضوع لسحر معين ، و قد وقع هذا الانبهار لشعبنا . الانبهار أمام ماذا ؟ أمام وجود فتـي حي ذي نظرة تفصيلية و عامة لقضايا العالم . و ما هذا الوجود إلاّ الحضارة الصناعية الغربية و ما أحرزه العالم الغربـي من تقدم علمي . دخل هذا الكيان الغربـي إلى الساحة بعقلية احتلال العالم ، لذلك كان مفيداً لنفسه و ضاراً للعالم . أثقل لفترة طويلة من الوقت كالكابوس على الشعوب النائمة كشعبنا و شعوب آسيا و أفريقيا و مناطق أخرى من العالم ، فحال دون أن تواصل هذه الشعوب حركتها الطبيعية التـي قد تتسم بالسرعة حيناً و بالبطء حيناً آخر . لقد سحرها الغرب .
منذ أواسط العهد القاجاري ، بدأت علامات التطور الغربـي تظهر فـي بلادنا تدريجياً . توجه مستنيرونا إلى أوربا أو قرأوا كتابات الغربيين ، لذلك تعرفوا على تقدمهم و وجدوا أنفسهم عاجزين تافهين حيالهم . من الكلمات المكرورة التـي أطلقها مستنيرو عهد الثورة الدستورية (المشروطة) أن علينا اتباع الغربيين و حسب ، و العمل بكل ما يقولونه فـي كافة شؤون حياتنا . هذه عبارات تروى عن تقي زاده و غيره و هي صحيحة النسبة إليهم ، فقد كانوا يقولون : علينا العمل بوصفة الغربيين مائة بالمائة حتى نتقدم . أي إن الابتكار ، و الإبداع ، و النظرة المحلية للقضايا العلمية و الصناعية لم يكن لها أي محل فـي حساباتهم . خذوا هذه الأقوال بنظر الاعتبار و انظروا بالمقابل إلى الطرف الذي أوصتنا هذه الأقوال باتباعه ، ما هي حقيقته ؟ إنه الثورة الصناعية و العلمية و التقدم العلمي الذي لا تقتصر نظرته على حدود بلده ، إنما ينظر للعالم كمخزن كبير يجب أن يستفيد منه و يبتلعه ليمكنه مضاعفة حجمه و تنمية ذاته . المحطة الزمنية التـي أشرت إليها هي بعد أكثر من مائة عام على بداية الاستعمار . أي إن البرتغاليين ، و الإسبانيين ، والإنجليز ، و الهولنديين و غيرهم من الأوربيين كانوا قد تمددوا على مناطق ثرية و بكر فـي العالم ، منها منطقتنا و منطقة المحيط الهندي ، و شبه القارة الهندية ، و أندونيسيا ، و أفريقيا ، و مناطق مختلفة أخرى ، فاكتشفوا تلك الثروات العجيبة البكر . و قد كان لطباع الأوربيين أيضاً دورها فـي هذه العملية . بعض هذه الطباع إيجابية و بعضها سلبية . أنا لستُ ممن يعتبر كل طباع الغربيين و سماتهم سلبية ، لا ، لهم سمات إيجابية أيضاً : يتقبلون الأخطار ، شجعان ، مثابرون . ركبوا السفن و البحار و تحركوا للوصول إلى البلدان و المناطق البكر ، أي مخازن الثروات الطبيعية . فتحوا آسيا و أفريقيا و أمريكا.
ماذا سيكون حالنا حينما يقول مفكرنا و عالمنا السياسي فـي إيران إننا يجب أن نكون نماذج مصغرة للغربيين مائة بالمائة ، و لابد أن نتبعهم ؟ لو كان ذلك الذي نروم أن نكون أتباعاً و نماذج مصغرة له إنساناً منصفاً عادلاً لا يقصد التعدي و النهب لكانت القضية مقبولة و حسنة ، ولكن مَن كان ذلك الجانب ؟ إنه كائن معتد متطاول ينظر لآفاق العالم الرحبة كمخزن مواد يحتاجها لتنميته و رقيه الحياتي . أصبحنا نحن نماذجه المصغرة ، و قد دخل بلداننا و لم يمنحنا العلم و الصناعة و لم يربّنا تربية علمية و ثقافية كما يفعل الأستاذ المخلص حين يربـي تلاميذه . إننا فـي عهد التحديث العلمي و الصناعي فـي إيران و على حد تعبير البعض عهد المدرنيزاسيون ـ و أنا لا أرتاح لمثل هذه التعابير ـ أصبحنا كعامل بناء بسيط يخضع لأوامر معمار أو مهندس . ما الذي يستطيع أن يفعله عامل بناء بسيط ؟ نعم ، له دوره فـي بناء البيت ، لكنه دور جسمانـي محض لا نسبة للتفكير فيه : أعطِنا الطين ، أعطِنا الطابوق ، أعطِنا الجص ، أو ارصف هذه على بعضها . لهذا أقول إنها كانت فترة انحطاط .
كان الإيرانـي الذكي الموهوب مضطراً فـي هذا المناخ لأحد فعلين : إما أن يستسلم لهذا الوضع ، و إما أن يخرج من البلد و ينخرط فـي خدمة الآخرين . المهندسون الذين يعملون اليوم فـي مضمار الصناعات العسكرية و الجوية ـ الصناعات التـي اكتسبنا معارف معينة عنها طوال السنوات الماضية ـ فـي إيران و يستطيعون صناعة الطائرات و أعقد قطع الغيار ، و صاروا متمكنين من الصناعة العكسية ، كانت مهمتهم آنذاك أن يأخذوا لائحة ضبط الطائرة يتجولون بها و يعودون ليقولوا هل هذه القطعة سليمة أم لا . و إذا كانت هناك قطعة معطوبة يخرجونها و يسلمونها للمهندس الأجنبـي ليأخذها على حسابنا إلى أمريكا بالطائرة فيصلحوها أو يبدلوها هناك و يعودوا بها . لم يكن مسموحاً لنا بأكثر من هذا . هذا المهندس أو الإنسان الذكي الموهوب القادر على التطور عليه إما أن يتحمل هذا الوضع و هو ما حصل غالباً حيث يتأقلمون مع هذا الوضع ، أو إذا كان مغامراً بعض الشىء فسيغادر البلد و يذهب ليخدم الآخرين دون أن يعود أبداً . و قد فعل الكثيرون هذا . إلتقيت ببعضهم بعد الثورة و تحدثت إليهم و تعرفت عليهم .
التقارير التـي قدمها السادة الوزراء كانت جيدة طبعاً ، بيد أنها لا تعبر أبداً عن الواقع الذي كان قائماً يومذاك و القائم فـي الوقت الراهن . الواقع أبعد من هذا بكثير . لم تسنح الفرصة للسادة لرفع تقارير مفصلة . البلد و النظام يومذاك لم يكن ليُفسح المجال لمهندسنا كي يصنع و يبحث و يحقق و يتطور علمياً ، بل و حتى لكي يستثمر و يشغّل . لقد ذكرت هذه النقطة فـي حديث سابق بعد أن زرت سد (دز) و ربما كنتم قد سمعتموها . بعد أن بنت لنا الشركات الأجنبية جزءاً من سد (دز) أوكلت تشغيل محطته الكهربائية لمدة قصيرة لإحدى الشركات الداخلية . بعد ذلك أرادوا زيادة سعة المحطة . و حين رأت الشركة الأمريكية التـي أخذت على عاتقها زيادة سعة المحطة أن الطرف المُشغِّل إيرانـي قالت يجب أن يخرج هؤلاء ، و لم تسمح لنا بالعمل . طردت الحكومة الإيرانية المشغّل الإيرانـي و أوكلت تشغيل محطة الطاقة فـي سد (دز) لشركة إيطالية . عندها أبدى الأمريكيون استعدادهم ظاهرياً لتكميل الخمسين بالمائة المتبقية من سعة المحطة . إذن ، لم يكن من المسموح للإيرانـي أن يتطور أبداً حتى فـي مجال التشغيل و الاستثمار . لذلك لا يوجد لدينا فـي مضمار الصناعة ـ سواء الصناعة التقنية أو الصناعات الإنشائية و العمرانية و الهندسية المختلفة آنذاك ـ شيئاً جديراً بالذكر و العرض من صناعة إيران . و الحال أن كوادرنا ذات الكوادر ، و جيلنا اليوم لا يختلف عن جيلنا بالأمس . هؤلاء الشباب الذين استطاعوا اليوم تشييد السدود ، و محطات الطاقة ، و الطرق السريعة ، و سكك الحديد ، و المعامل المتنوعة ، و تصميم السيارات و الطائرات و الأسلحة و التقنيات النووية المعقدة ، كانوا موجودين أيضاً فـي أجيالنا السابقة ولكن لم يكن من أثر لهذه الإنجازات . هذه أكبر خدمة قدمتها الثورة للبلاد . أعتقد أن أعظم خدمة على الصعيد العلمي هي أنها أكسبتنا الإيمان بأننا قادرون .. العبارة التـي كان الإمام يقولها : «نحن قادرون» .
كانوا يقولون لنا يومذاك : اصنعوا الأباريق ، أباريق طينية كانوا يصنعونها فـي الماضي ، و ليس حتى أباريق نحاسية ! كنا نستورد من الخارج حتى مقبض المسحاة ، و كذلك باقي الأشياء التـي نستهلكها و نحتاجها دائماً لصناعتنا . مستوى الحياة كان يتقدم و الحاجات كانت تتضاعف يوماً بعد يوم ، و كان يجب علينا أن نطلب كل هذا من الآخرين و نستورده . و قد كان المخططون و المبرمجون يومذاك يفخرون بهذا ! فـي عام 44 أو 45 ذهبنا لزيارة صديق فـي مشهد و صادف أن حضر تلك الجلسة أحد أعضاء مجلس الشورى الوطنـي آنذاك . كنا فـي أيام الشباب و الحماس و نكثر الحديث عن التبعية و هيمنة الأجانب و ما إلى ذلك دون أن نلتفت إلى أن هذا الرجل نائب فـي المجلس . نائب المجلس فـي ذلك الحين معناه الشخص الذي ورد اسمه فـي لائحة البلاط ليكون نائب المنطقة الفلانية ، إذ لم تكن ثمة انتخابات حينها . و ردّ علىَّ قولـي بتفرعن و غطرسة و غرور و غضب ، فقال مثلاً : ما الذي تقولونه أنتم و ما الذي تعترضون عليه ؟ الأوربيون و الغربيون يعملون لنا اليوم كالخدم . لدينا النفط ، و لدينا المال ، نعطيهم المال فيكونوا عمالنا يعملون لنا كالخدم ! هذا هو منطق نائب برلمانـي فـي ذلك الحين ! هذا ما أسميه عهد انحطاط . التفكير الذي ساد يومها هو : لماذا ننتج ؟ لماذا نصنع ؟ لماذا نتعلم ؟ نقعد فـي بيوتنا كالأسياد و هم يأتوننا بما تحتاج و يزودوننا بما يلزمنا من معدات . لدينا أموال النفط ننفقها و نعيش حياة الأرستقراطيين . هذا كان منطق شخصية سياسية رفيعة المستوى يومذاك . هذه هي الثقافة التـي سادت أجهزة إدارة البلاد فـي ذلك الأوان . لذا كانت تلك المائة عام فترة انحطاط .
جاءت الثورة و قلبت هذا الواقع . و قد ساعدنا ظرفٌ معين ـ و هذا ما لابد أن أقوله لكم ـ هو سخط العالم الصناعي و العالم الغربـي علينا . الحظر و السخط و الانزعاج الذي أبدوه حيالنا منذ مطلع الثورة و إلى الآن . البعض تذوب قلوبهم قلقاً لهذا الحظر . و أنا أقول لهم كلا ، لقد ساعدنا هذا الحظر . ذكرتُ مراراً هذه الخاطرة : حين كنا بحاجة للأسلاك الشائكة فـي بداية الحرب ، فاشتريناها من بلد أجنبـي و كان يجب أن تمر عبر الاتحاد السوفيتـي فلم يسمحوا بذلك لأنهم يدعمون العراق ! الأسلاك الشائكة لا هي قنبلة ذرية ، و لا مدفعية ، و لا دبابات ، و مع ذلك لم يسمحوا بعبورها ! كانوا يعادوننا لهذا الحد . حينما كنا نريد شراء مدفعية لا يبيعوننا ، و إذا أردنا شراء دبابات لا يبيعوننا ، نريد شراء أسلاك شائكة فلا يعطوننا ، نريد إمكانات و معدات معينة فلا يعطوننا . لكن المهربين يبيعون بأثمان مضاعفة و كنا مضطرين بالتالـي لتأمين هذه المستلزمات بأثمان عالية على قدر الحاجة . النتيجة التـي أثمرها هذا الحظر هي أننا اليوم من البلدان العشرة الأولى فـي صناعة الدروع . و بلدنا فـي مجال تخصيب اليورانيوم من البلدان العشرة أو الأحد عشر فـي العالم التـي تمتلك هذه التقنية بهذا المستوى . و هي تقنية محلية . نحن نختلف عن ذلك البلد الذي ساعده الاتحاد السوفيتـي فـي حينها لأنه ضمن الكتلة الشيوعية . البعض يطرحون الصين لتفضيله علينا . الصين استمد كل إمكاناته من الاتحاد السوفيتـي خلال الأعوام العشرة الأولى لثورته . حينما لم تكن العلاقات بينهم قد ارتبكت بعد . أما نحن فلم تساعدنا أية قوة علمية أو صناعية فـي أية سنة من السنين . كل ما فعلناه فعلناه بأنفسنا .
من الكلمات التـي كنا نقولها دوماً قبل الثورة إننا نشتري القمح من أمريكا و يشيد لنا الاتحاد السوفيتـي مخازن القمح . زرت فـي بداية الثورة منطقة الجنوب و شاهدت أن شباب جهاد البناء و مهندسيكم قد بنوا مخزن غلال بسعة قليلة . أتخطر أننـي سجدتُ هناك ، لأن مخزن الغلال بناء صعب و ليس سهلاً جداً . حينما ينظر الإنسان لظاهره قد يبدو له شيئاً بسيطاً ، لكنه بناء صعب ، و قد استطعنا تشييد هذا الشىء الصعب . و نحن اليوم من البناة المعروفين لمخازن الغلال ذات السعة الكبرى . و قد بنيناها لكثير من البلدان الأخرى . إذن ، سخط العالم الغربـي علينا و عدم تماشيه معنا لم يفض إلى الإضرار بنا . البعض ينظر لهذا كفاجعة و يقولون إن الحظر الاقتصادي يلحق اللعنات بتقنيتنا . نعم ، الحظر قد يرفع الطريق المبلّط من أمام الإنسان ، لكن الطريق المبلّط ليس لصالحنا دوماً . أحياناً قد تكون الطرق التـي يشقها الإنسان بنفسه و يمشي عليها أنفع كثيراً لتقوية عضلاته . و قد يتخذ أحياناً طرقاً مختصرة . الطريق المبلّط الذي مده الآخرون يؤدي بنا إلى المكان الذي يرومه من مدوا هذا الطريق . إذا أردنا أن نمد طريقاً بأنفسنا فقد نمد طريقاً مختصراً بعض الأحيان ، و نجعل الطريق أسهل و أكثر اختصاراً . نحن نرى سبب انحطاطنا فـي هذا الانبهار . لقد خرجنا من تلك الحال الآن . من أعظم الخدمات التـي قدمها لنا نظام الجمهورية الإسلامية ـ كماقلت ـ ما حققه لنا فـي ميدان العلم و التقنية حيث جعلنا نؤمن أننا قادرون . مثل هذا الإيمان موجود اليوم و نحن قادرون فعلاً . لقد حققنا تقدماً جيداً جداً فـي مجالات الاقتباس ، و صناعة قطع الغيار ، و التقليد الصناعي ، و اللحاق بالنماذج التقنية العالمية المعاصرة .
النقطة الثالثة هي أن هذا لا يكفي إطلاقاً ، إذ لا يزال البون شاسعاً بيننا و بين العلوم العالمية . كان هذا البون كبيراً جداً خلال عهد الانحطاط ، لكنه ليس كذلك فـي الوقت الحاضر . لقد استطعنا التقدم إلى الأمام ، لكن البون لا يزال قائماً . حين قلت إن إنتاج العلم ليس معناه اكتساب علم الآخرين ـ و لا شك أن علينا اكتساب علم الآخرين ـ فالمعنى الذي قصدته هو أن نحطّم حدود العلم و نفتحها و نكتشف آفاقاً جديدة ، و هذه مهمة صعبة بالطبع . علينا التمكن من القفزات التقنية. يجب أن نستطيع إضافة شىء إلى التقنيات العالمية الموجودة . علينا أن نستطيع عرض إختراع إيرانـي مائة بالمائة فـي الأسواق العالمية . قطعنا لحد الآن طريقاً جيداً جداً ؛ هذا مما لا شك فيه . أنا على معرفة بالأمور إلى حد كبير . منذ سنوات و الاحصاءات تصلنا من قطاعات و مؤسسات مختلفة فنقرأها . أعلم أننا تطورنا كثيراً ، بيد أن هذا التطور لا يكفي المجتمع الإيرانـي . المجتمع الذي يتألق أطباؤه ومنجموه و علماء اجتماعه الذين عاشوا قبل ألف عام بعد عدة قرون فـي كل العالم ، لا يكفيه هذا التقدم طبعاً . و اليوم أيضاً مع أن عالَم الطب قد لا يستفيد كثيراً من بحوث ابن سينا قبل ألف عام ـ رغم اعتقادي أن العلم المعاصر يمكنه أن يستفيد منها فـي بعض المجالات ـ لكنه حين ينظر إليها يثنـي عليها و يبدي إعجابه بها . و كذا الحال بالنسبة لبحوث محمد بن زكريا الرازي ، و نصير الدين الطوسي ، و الخيام ، و الخوارزمي و غيرهم . هذه هي مكانتنا ، لذا يعد هذا التقدم قليلاً فـي حق شعبنا . قبل أيام زار أحد شخصياتنا السياسية بلداً إسلامياً مهماً لا أريد ذكر اسمه . و قال رئيس جمهورية ذلك البلد أمام الحضور غير الإيرانيين و الأجانب و كانوا من بلدان أوربية ـ لا فـي اجتماع خاص حتى يُحمل الأمر على المجاملة و المصانعة ـ إننا كمسلمين نفخر بإيران ، بإيران اليوم و نظام الجمهورية الإسلامية ، و بإيران القديمة فـي التاريخ الإسلامي . قال إن الإيرانيين هم الذين حققوا التطور الإسلامي و وضعوا العلوم الإسلامية و شكلوا الحضارة الإسلامية و جعلوها متوثبة ، و أسسوا لها بمعنى من المعانـي . إننا نتوقع هذا من أنفسنا . نريد أن نصل فـي مضمار العلوم و التقنية إلى مرتبة تناسب مكانة الشعب الإيرانـي . ليست هذه مجرد رؤية وطنية يغلب عليها الكبرياء ، و لا هي ضرب من العنصرية . إنها نظرة إنسانية عامة للبشرية كلها ، لأننا إذا استطعنا التحرك فـي طليعة مسيرة العلم البشري فلن تكون لنا نزعات احتلال و فتوحات من تلك التـي أبداها الغرب ، و لن تكون لنا دوافع انتهازية حيال الشعوب . علومنا ستكون لصالحنا و لصالح الشعوب الأخرى . قدم رئيس جمهوريتنا فـي زيارته الأخيرة لبعض البلدان الأفريقية مشاريع و برامج معينة ، و رفع لـي تقريراً ، و قال إننا نستطيع تنفيذ بعض هذه المشاريع بسهولة ـ حتى بشكل أحدث و أكثر تطوراً مما يفعله الغربيون ـ لكنهم ينفذون هذه المشاريع للبلدان الأفريقية بتكاليف مضاعفة . و لا حيلة لهذه البلدان سوى أن يبرموا عقداً مع تاجر غربـي ليأتي و ينجزها لهم بتكلفة مضاعفة . لو كنا نحن الطرف لما تعاملنا بهذه الطريقة ، بل كنا نتماشى مع تلك البلدان . لا بمعنى أننا نصرف النظر عن الأرباح الوطنية ، بل بمعنى أننا لا نرى أرباح الاستكثار و التعدي و التطاول حلالاً لنا . إذا كانت لنا علوم فسوف نزود الآخرين بها . ثمة الآن بلد ـ بل ربما بلدان ـ طلبنا منه يوماً أداةً نحتاجها لمهماتنا العسكرية . و مع أن هذه الأداة كانت من صنع بلد آخر لكنهم لم يعطونا إياها رغم كل محاولاتنا ! لم يكن مسموحاً لهم أن يعطونا . طبعاً لم تكن علاقات ذلك البلد سيئةً معنا ، ولكن لم يكن مسموحاً له أن يعطينا ذلك الشىء . تعود هذه القضية للسنوات الأولى من عقد الستينات2. البلد الذي لم يكن يومذاك على استعداد لتزويدنا بالمُنتج المصنّع ، نعطيه اليوم تقنية صناعة ذلك الشىء بعد أن اكتسبناها بأنفسنا و لم يكن قادراً على اكتسابها . نبيعها له طبعاً . إذا تقدمنا فـي الصناعة و العلوم سيكون ذلك لصالح العالم و الشعوب المختلفة ، و لصالح العالم الإسلامي بالدرجة الأولى . إذن قولنا إننا يجب أن نتقدم و نحطّم حدود العلم و نفتحها لا يعبر عن نظرة عنصرية أنانية ، أي : لأننا إيرانيون إذن يجب أن نفعل هذا . نعم ، لنا كبرياؤنا الوطنـي و هذا ما لا ننكره . ننظر إلى ماضينا و نشعر بالعزة و الشموخ . لقد كنا شعباً تقبل الإسلام بأذرع مفتوحة ، و تعرفنا على أهل البيت قبل الكثيرين غيرنا ، و بذلنا كل تلك الجهود فـي سبيل نشر الإسلام ، و احتضنا المظلومين من أهل البيت الذين لم يكونوا آمنين فـي ديارهم فـي المدينة و مكة و الكوفة . لاحظوا كم تحتضن الأرض الإيرانية من مراقد السادة العلويين ! من هم هؤلاء السادة ؟ لم يكونوا إيرانيين . جاءوا إلى إيران و استقبلهم الإيرانيون بأذرع مفتّحة . بل قاتلوا من أجلهم أحياناً و بذلوا الجهود فـي سبيلهم . من مازندران و كيلان ـ منطقة شمال سلسلة جبال البرز ـ نهض عدد من الإيرانيين و توجهوا إلى اليمن و أقاموا هناك الحكم الشيعي الزيدي . اليمنيون شيعة زيديون و كانت حكومتهم زيدية ، و هذا ماتم بفضل الجنود الإيرانيين و المجاهدين المدافعين عن الإسلام و التشيع . توقعاتنا المستقبلية ناتجة عن اعتزازنا الوطنـي . هذا ما لا ننكره . لكن المسألة لا تقتصر على هذا و إنما هي مسألة نظرة إنسانية و إسلامية كما ذكرت .
طبعاً لابد من بحوث ، و لابد من ميزانية خاصة ، و لابد من مناخ مشجع و فرص كافية للعمل . و لابد من تواصل الجامعة مع الصناعة . هذه كلها من مستلزمات العمل . و المسؤولية تقع طبعاً على عاتقنا ، على عاتق المسؤولين ، على عاتق الحكومة . لا شك فـي هذا . و قد توفر المناخ المناسب ـ و الحمدلله ـ لدى الحكومة فـي الأعوام الأخيرة بعد الإصرار و التكرار . يريدون إنجاز هذه المهام و قد أنجزت بعضها و الحمدلله . غير أن العنصر الرئيس و اللاعب الأصلي و البطل الحقيقي فـي هذه الساحة هو أنتم : الكوادر البشرية التائقة للعمل و التـي تشق طريقها كالنبات حتى فـي كبد الصخور الصماء ، فتنبت و تتفتح . يجب أن تحيوا روح التطور و الاستكمال فـي الأروقة الهندسية و التقنية فـي البلاد ، سواء المنظومات المماثلة لكم ممن تفضلتم بالمجيئ اليوم إلى هنا ، أو النظام الهندسي المختص بهندسة البناء و العمران و ما شاكل ، أو سائر الأقسام الهندسية .
النقطة الأخيرة تتعلق بقضايا هندسة البناء و بناء المدن و بناء المنازل و ما شاكل . و هي مسألة على جانب كبير جداً من الأهمية . من الخطأ أن لا نفكر إلاّ عندما يقع زلزال . علينا استلهام العبر من الماضي . قبل أكثر من سنة وقع زلزال بم . و بعد مدة قصيرة وقع زلزال بلده و المنطقة الشمالية و تسبب فـي خسائر ، لكنه لم يسترع الانتباه إلى جانب زلزال بم الكبير . و قد وقع الآن زلزال منطقة زرند . فـي أي ساعة و أي يوم قد يقع زلزال فـي منطقة من هذا البلد . ما الذي تقوله لنا هذه الحوادث ؟ تقول لنا يجب الاهتمام بقضية الأبنية و تشييد الوحدات السكنية . البيت ملجأ كل إنسان و مأمنه . العائلة و هي المؤنس الأهم و الأول لكل إنسان تسكن داخل البيت غالباً . أطفال المرء و زوجه و هو نفسه يقطنون فـي فضاء البيت ، لذلك يجب أن نعمل ما يُشعرهم بالأمن . و لنا فـي هذا الميدان أيضاً ـ كما أشاروا ـ ماضٍ حافل بالمفاخر و الاعتزاز . خذوا من العهود القديمة بناء تخت جمشيد و طاق المدائن إلى أن نصل للأبنية الضخمة فـي العهد الإسلامي و العصور المختلفة الأخرى ، و التـي شيدت بأنماط و عمارات متنوعة ، ولكن بسمات عامة من قبيل المتانة ، و الجمال ، و المواد الإنشائية الجيدة ، و التلائم مع البيئة ، و الاقتصاد فـي النفقة بلاشك . و هذه هي الأصول التـي تأخذونها أنتم أيضاً بنظر الاعتبار فـي هندسة البناء . أتذكر عن عهد الطفولة أنهم أرادوا ذات مرة تعمير جانب من بيتنا القديم الذي كان قد مضى على بنائه فـي حينها مائة عام أو ثمانون عاماً . كان عمري آنذاك عشرة أعوام أو اثنـي عشر عاماً و كنت أساعد العمال و البنائين فنسحب الطابوق القديم ليرصفوا مكانه طابوقاً جديداً . حينما كان البنّاء يريد استخراج الطابوق القديم كان يضرب عليه بالمطرقه و يحطّمه . ما كان بوسعه أن يستخرجه سليماً دون تحطيم . كان مثل الحجر . تحول هذا الطابوق فـي فترة حياتنا إلى طابوق منخور مشؤوم رأيتموه . هذا هو عهد الانحطاط . كل شىء يؤثر فـي كل شىء . جاءت مواد إنشائية جديدة لكن الدقة فـي إنتاج المواد و استخدامها تضاءلت . و انحسر التلاؤم مع البيئة الذي كانوا يراعونه فـي الماضي . لاحظوا أن بناياتنا القديمة فـي كل منطقة شيدت بما يتلاءم و تلك المنطقة . و قد شيدت وفق الاعتبارات و القيم الإسلامية . البناية التـي ترونها فـي شمال البلاد أو جنوبها تختلف عن ما ترونه فـي شرق البلاد (خراسان مثلاً) . لكل منها شكل و طبيعة معينة . حتى المساجد و الأبنية الكبيرة القديمة تتباين عن بعضها بهذه الفروق ، فالاشكال الهندسية تتغير حسب الحاجة و بما يتلاءم مع البيئة و نوع الاستخدام . كانوا يفكرون بطريقة صحيحة و يعملون بطريقة جيدة . هنا يجب أن لا تقعوا فـي خطأ ، فأنا لست من أنصار بناء البيوت اليوم كما كانت تبنى قبل مائة و خمسين سنة ، لا ، علينا أن نكون مبتكرين ، و أن نستفيد من الحاجات المتجددة . يجب أن نستفيد من الأمور الحديثة التـي ظهرت نظير قضية البيئة التـي لم تكن محل ابتلاء فـي ذلك الحين . علينا الاستفادة من قضية الاقتصاد فـي استهلاك الطاقة و ما إلى ذلك . و يجب الانتفاع من الأدوات و المواد الإنشائية الجديدة التـي ظهرت و لم تكن موجودة فـي السابق . هذا مما لا ريب فيه . ولكن يتعين كذلك ملاحظة محفزات العمل و الدقة اللازمة و الركائز التـي ينهض عليها و هذا ما كان يلاحظه الإيرانيون القدماء فـي حينه . يجب أن لا نتوانى فـي هذا الأمور .
لدي بعض المعلومات حول النظام الهندسي و القانون الذي تم سنه و القضايا التـي أشار إليها السادة . هذه أمور جيدة ولكن يجب أن تنقلوها إلى طور الفعل و التحقق . لا تتركوا هذه الأمور لرفوف الغفلة و النسيان . أي إن المهندس المحاسب أو المهندس المشرف يجب أن يعتبر نفسه مسؤولاً فعلاً . قالوا إن شريحة المهندسين تشعر بالضيق و الخجل حين تطرح هذه الأمور . نعم ، ينبغي أن نعتبر أنفسنا مسؤولين بالفعل . الجميع مسؤولون ، لاسيما الأقسام و المؤسسات ذات النشاط الأكبر فـي هذه الميادين . المهندس المشرف يجب أن يكون أميناً ، كالطبيب الذي حين يحدد المرض يكتب له الدواء المناسب . فإذا حدد المرض و لم يكتب الدواء المناسب أو كتب دواءً ضاراً أو أهمل فـي عملية التشخيص فسوف يتعرض لملامة نفسه و ضميره و الآخرين . و فـي الحيز الهندسي أيضاً ينبغي تكريس هذه الثقافة بكل جد . أي إن المهندسين المشرفين و المهندسين المحاسبين و المهندسين رسامي الخرائط و المهندسين العاملين فـي الأقسام المختلفة يجب أن يشعروا جميعاً أنهم مسؤولون حقاً . ليس الجمال شيئاً ثانوياً . يظن البعض أن الجمال شىء تشريفي ، لا ، الجمال من ضروريات الحياة الإنسانية ، الجمال يسهل الحياة و يجعلها حلوة ، يجعلنا قادرين على احتمال البيئة المحيطة بنا . تارةً يسير الإنسان فـي شارع فيرى أمامه كل الأبنية ذات أشكال مناسبة و تراكيب جميلة محببة ساحرة ، و تارةً يسير فـي شارع فيرى أبنية غير متناسقة و مشوّهة و مفروضة بالإكراه على الأرض و البيئة الطبيعية ، أين هذا من ذاك ؟ هذا يختلف عن ذاك . و كذا الحال بالنسبة لما فـي داخل البيوت و الأماكن العامة . الجمال مبدأ مهم جداً فـي البناء . مراعاة الاعتبارات المحلية و لاسيما الإسلامية مهم جداً فـي بناء المدن و البيوت . قلت للأعزاء الذين يتحملون جهوداً كبيرة فـي بناء مدينة بم أن لا يكتفوا بمتانة البناء و الاقتصاد فـي النفقة ـ هذه أمور ضرورية و قد أنجزوا أعمالاً جيدة جداً ـ ولكن اجعلوا الإنسان حين يدخل شارعاً فـي مدينة بم يشعر باللذة و الراحة حين ينظر لظاهر الأبنية هناك . كل مدننا يجب أن تكون هكذا . طبعاً ينبغي علينا أن نولـي اهتماماً خاصاً للأعمال الفورية و ذات الأولوية و منها تحديث الأنسجة البالية . لدينا الكثير من المدن مثل بم . زلزال درجته أكثر من ستة ريخترات ، و كل هؤلاء الضحايا يبعث الرعدة فـي الإنسان حقاً . زرت معظم المدن الإيرانية و تفقدتها و تجولت فـي أزقتها . بعض هذه المدن لو تعرضت لمثل هذا الحدث فستكون خسائرها فوق حد التصور . ينبغي التفكير فـي هذا و العمل له . كانت لـي فـي السنة الماضية العديد من الاجتماعات مع مسؤولـي الحكومة و المسؤولين المعنيين بعد حادثة بم . الكل كانوا متحمسين لإنجاز هذه المهمات . جرت العديد من النقاشات و التوصيات و التأكيدات ، و قد أنجزت بعض الأعمال . لكنـي أريد القول يجب إبداء اهتمام مضاعف بهذه الأمور . قتل لحد الآن مئات الأشخاص فـي هذا الزلزال الأخير . هذا ما يعرفنا مسؤولياتنا الكبيرة أكثر .
على كل حال ، أتمنى من الله أن يعينكم إن شاء الله . كان يوماً طيباً جداً بالنسبة لـي لأنـي التقيتكم أنتم الواعين و النخبة و المتخصصين و العلماء . لدي الكثير مما أقوله لكم و أدري أن لديكم الكثير مما تقولونه لنا ، لكن الفرصة ليست أكثر من هذا . أتمنى أن تشملكم الأدعية الزاكية لسيدنا بقية الله إن شاء الله ، و أن يوفقكم الله و أن نستطيع جميعاً النهوض بالواجبات الثقيلة الملقاة على عواتقنا أمام الله تعالى و أمام الناس .
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .

1 1965-1966 م .
2  بداية عقد الثمانينات من القرن العشرين للميلاد.