بسم الله الرحمن الرحيم
أبارك هذا العيد السعيد و هذا اليوم الكبير و هذا الحدث التاريخي العظيم لكم جميعاً أيها الإخوة و الأخوات الأعزاء، و لكل الشعب الإيراني، و لكل الشيعة و لجميع المسلمين في العالم.
أطلقوا على عيد الغدير اسم »عيد الله الأكبر«.. إنه عيد أكبر من كل الأعياد الموجودة في التقويم الإسلامي، و أعمقها معنى، و تأثيره أكبر من كل هذه الأعياد. لماذا؟ لأن وضع الأمة الإسلامية و مسارها من حيث الهداية و من ناحية الحكومة قد تحدّد في حادثة الغدير هذه. لا كلام في أنه لم يجر العمل بتوصية الرسول الأعظم (ص) في الغدير - و طبقاً لبعض الروايات كان الرسول قد أخبر أنه لن يجري العمل بها - بيد أن قضية الغدير قضية إيجاد مؤشر و معيار و ميزان يستطيع المسلمون حتى آخر الدنيا أن يضعوا هذا المؤشر و المعيار نصب أعينهم و يحددوا وفقه المسار العام للأمة. حينما اختار الرسول الأكرم (ص) أكثر الأزمنة حساسية لإعلان قضية الولاية لم يكن هذا اختيار الرسول نفسه بل اختيار الله تعالى. جاء الوحي من الله أن: »بلِّغ ما أنزل إليكَ من ربّك«.(1) لا أن الرسول لم يكن يعلم قضية الإمامة و الولاية من خالقه قبل هذا. بلى، كانت هذه القضية واضحة للرسول منذ بداية البعثة. ثم كشفت الأحداث المختلفة طوال هذه الأعوام الثلاثة و العشرين الحقيقة و أجلتها بحيث لم يبق أي موضع للشك. لكن الإعلان الرسمي يجب أن يتم في أكثر الأزمنة حساسية و بأمر من الله: »بلِّغ ما أنزل إليك من ربّك و إن لم تفعل فما بلّغت رسالته«.(2) أي إن هذه رسالة إلهية يجب أن تلقها على الناس. ثم حين أوقف النبي المكرم الناس في غدير خم بالقرب من الجحفة، و جمع قوافل الحجاج و أعلن عن هذه المسألة، نزلت الآية الشريفة: »اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي«،(3) أكتملت النعمة و أكتمل الدين. في سورة المائدة المباركة و قبل آية »اليوم أكملت«.. هناك الآية المباركة: »اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم و أخشون«(4).. اليوم هو يوم يأس الأعداء و قنوطهم. أي إن المعيار و المؤشر قد اتضح، و متى ما أرادت الأمة و متى ما فتحت عينها على الحقيقة سوف ترى المؤشر و المعيار و لن يبقى لديها أي شك. هنا تكمن أهمية الغدير. قضية الإمامة و الولاية كما جاءت في التاريخ الإسلامي قضية إلهية. لا أن الرسول الأكرم (ص) انتخب الإمام علياً بحساباته الشخصية. مع أن الحسابات الشخصية أيضاً ترشد أي إنسان إلى أن الإمام علياً هو خليفة الرسول. إلا أن خطوة الرسول كانت خطوة إلهية. منذ بداية البعثة حينما عرض الرسول الأكرم (ص) رسالته على قبائل العرب المختلفة في مكّة و عرض عليها الإسلام - و هذه قصة طويلة في تاريخ بدايات البعثة و ما قبل الهجرة - توجّه إلى هذه القبيلة و تلك القبيلة. زعيم إحدى القبائل المذكور في التاريخ - هذه من مسلمات التاريخ و لا دور لقضايا التشيع و التسنن في طرح هذه الوقائع، بل يروها أخوتنا أهل السنة أنفسهم - قال للرسول إننا على استعداد للإيمان بالإسلام بصفة جماعية و لكن هناك شرط، و الشرط هو أن يكون هذا الأمر لنا من بعدك. أي يجب أن يكون رئيس قبيلتنا خليفة من بعدك. و قد ورد في التاريخ أن الرسول قال في جواب هذا الشخص: لا »هذا أمر سماوي«.. هذه مسألة ليست بيدي، إنما هي قضية سماوية و بيد الله. فلم تؤمن تلك القبيلة و انصرفت. إذن، مسألة خلافة الرسول تقوم على أساس الوحي الإلهي، و على أساس إرادة الخالق، و ليست بيد الرسول. و لكن إذا أراد الرسول الأكرم أن ينتخب فمن كان يجب أن يختاره؟ الشخص الذي كان سيختاره النبي الأكرم طبعاً هو من تجتمع فيه كافة المعايير الأساسية للإسلام بحدودها الكاملة. و يمكن للمسلمين في العالم أن ينظروا و يحسبوا و يقيّموا شخصية الإمام علي - صحيح أنه تروى أحاديث مختلفة في فضيلة بعض الصحابة - و ينظروا في المعايير، و يضعوها بجوار بعضها، و يقارنوا على أساس القرآن و السنة، و يروا من الذي كان سيُنتخب. علم الإمام علي، و العلم أحد المعايير. وفقاً لروايات جميع المسلمين - الشيعة و السنة - يقول الرسول الأكرم (ص) حول الإمام علي: »أنا مدينة العلم و عليٌّ بابها«،(5) فأية شهادة فوق هذه؟ و حول جهاد الإمام علي يقول الله تعالى: »و من الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله«،(6) آية قرآنية نزلت في جهاد الإمام علي و إيثاره، و لم تنـزل مثلها في غيره. و حول إنفاق الإمام علي: »و يطعمون الطعام على حبّه مسكيناً و يتيماً و أسيراً«،(7) و الإمام علي و آله الأكرمون المقربون مشمولون بالآية الكريمة: »إنما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون«.(8) و قد قال الجميع أنها نزلت في أمير المؤمنين. هذه المعايير - المعايير المتعددة للتفوق و التميّز في الإسلام - من علم، و تقوى، و إنفاق، و إيثار، و جهاد، و باقي المعايير الواردة في الإسلام تنطبق كلها على الإمام علي واحداً واحداً. من الذي بوسعه إنكار هذه الأمور في علي بن أبي طالب (عليه السلام)؟
دعوتنا لجميع مسلمي العالم هي أن يتأملوا في هذه الحقائق. إننا في عالم وحدة الأمة الإسلامية لا نصرّ أبداً على أن تقبل إحدى الفرق عقائد فرقة أخرى، لا، ليست الوحدة بهذا المعنى. الوحدة معناها التركيز على المشتركات على الرغم من العقائد المختلفة و الشعب المتفاوتة، و عدم جعل مواطن الاختلاف سبباً للاقتتال و الحرب و العداء بين الإخوة. هذه هي قضية الوحدة.
و لكن من باب التعبير عن الحقيقة و طلب الحقيقة فمن المنطقي المطالبة من جميع المسلمين أن يبحثوا و يحققوا و يلاحظوا ما كتبه باحثو الشيعة، و ما جمعه علماء الشيعة الكبار في زماننا و كتبوه و حققوه و عرضوه في العالم الإسلامي، و قد حظيت كتاباتهم بتقدير علماء الإسلام و مثقفي الإسلام و الشخصيات الإسلامية البارزة.. ليلاحظوا هذه الأعمال، و لا يحرموا أنفسهم و لا يقيّدوها. كتب المرحوم السيد شرف الدين العاملي (رضوان الله عليه)، هذه كلها حقائق جمعت و دوّنت. قضية الغدير قضية تاريخية مسلّم بها. في عشرات الكتب.. يروي المرحوم الأميني عشرات الطرق من طرق أهل السنة تروي حادثة الغدير بالشكل الذي نرويه نحن. هذا ليس شيئاً يوجد في كتبنا نحن فقط. في معنى كلمة »مولى« قد يناقش البعض و قد لا يناقش البعض. الحادثة حادثة حقيقية و واقعية و هي عرض للمعايير. واضح أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه آلاف التحية و الثناء) قمة سامقة سواء كحاكم إسلامي و حكومة إسلامية، أو كفرد مسلم.
شباب هذا الإنسان الكبير نموذج لشباب الإمة الإسلامية. أن يرى الحقيقة بكل ذلك الصفاء و الصدق و البصيرة، و يعرفها و يجري وراءها و يدافع عنها بكل كيانه، و يجوب ميادين الخطر، و لا يرى الأخطار و لا يكترث لها، و لا ينحرف عن طريق الصواب قيد أنملة، و يتبع خطى الرسول »يحذو حذو الرسول«،(9) و يسير خلف النبي خطوة خطوة، و يستسلم استسلاماً محضاً حيال الأوامر الإلهية و أوامر الرسول الأكرم (ص)، و في الوقت ذاته يضيف على علمه لحظة بعد لحظة، و يطبّق عمله على علمه في كل لحظات حياته. هذا عن فترة شباب الإمام علي. و فترة كهولته و شيخوخته عليه السلام محفوفة بالامتحانات العسيرة و الاختبارات العجيبة الغريبة، و قد أبدى في جميعها الصبر العظيم الجميل، و قدّم مصلحة الإسلام - حينما كانت مصلحة الإسلام في خطر - على كل شيء حتى على حقه المفروغ منه. كان بوسع الإمام علي حينما شعر أن حقه يُضيّع أن يثور، فهو لا يخاف من أحد. كان شخصاً إذا تقدم إلى الميدان فسوف يتبعه البعض بلا شك، و لكن »فأمسكتُ يدي حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام يدعون إلى محق دين محمد صلى الله عليه و آله«.(10) يقول: وجدت حوافز تعارض أصل الدين و هي تكبر في القلوب و تنمو، و أن ثمة أعداء و معارضين يريدون انتهاز الظرف، لذلك نزلت إلى الساحة و دافعت عن أساس الدين و تنازلت عن حقي و تجاوزت. هكذا يراعي مصلحة الإسلام بكل كيانه. و حينما جاء الدور للحكم و السياسة بحسب التقدير الإلهي، ينهال عليه الناس و يصرون عليه أن يمسك زمام السلطة، فينـزل إلى الساحة بكل اقتدار »لا يخاف في الله لومة لائم«(11) لا يخاف أي شيء، و لا تثنيه أية لومة عن مواصلة هذا الطريق. أمير المؤمنين نموذج كامل. هذا هو ذلك الإنسان السامق الذي ترى له الشيعة كل ذلك المقام و المكانة. من المناسب أن تلاحظ الأمة الإسلامية كلها هذا.
حادثة الغدير حسب نظرة المرحوم العلامة الأميني (رضوان الله تعالى عليه) صاحب كتاب الغدير، و من ثم في رأي المرحوم الشهيد مطهري (رضوان الله عليه) وسيلة لوحدة الأمة الإسلامية. لا يظن البعض أن حادثة الغدير سبب اختلاف. لا؛ لاحظوا أنهم يتهمون الشيعة اليوم أكثر من أي وقت رغم أن هذه التهم كانت في السابق أيضاً. ليلاحظوا أن التشيع نابع من عقيدة صحيحة سليمة خالصة تجاه الوحي الإلهي - هذا هو معنى التشيع - الاعتقاد بالقيم و بالمعايير، و جعل المعايير المنتهجة تلك التي اعتبرها القرآن الكريم معايير و ملاكات. و هناك حفنة من المهرجين هنا و هناك في العالم الإسلامي يتهمون الشيعة بما هم بعيدون عنه فراسخ.. قضية التزييف و الجعل، و الظهور المتأخر، و الطابع السياسي و ما إلى ذلك من كلام يذكرونه، لا، حادثة الغدير تشطب بخط البطلان على كل هذا.
ما الذي يستفيده أولئك الذين يحاولون إخراج هذه الجماعة و هذا التيار الإسلامي الهائل عن دائرة الإسلام؟ و السياسات اليوم تقف وراءهم. السياسات اليوم تروِّج لهذه الأفكار. لماذا؟ لأن الشيعة استطاعوا ببركة روح الولاية أن يفعلوا ما يتمناه كل المسلمين. كافة المسلمين الخيرين و المخلصين و الطيبين كانوا يتمنون أن يتولى الإسلام يوماً بهذا الكمال و الأحقية زمام السلطة. بقي المثقفون المسلمون في القرن أو القرنين الماضيين يتحسرون على مشاهدة مثل هذا اليوم، و قد رحلوا عن الدنيا دون أن تفارقهم هذه الحسرات. و قد أوجد الشيعة اليوم هذا الشيء و حققوه. هذا الحكم الإسلامي و هذه العظمة الإسلامية و هذه العزة الإسلامية إنما هي بفضل روح الولاية. يرى العدو هذا و يريد أن يبقى الشيعة لوحدهم و يبقى أهل البيت لوحدهم. لذلك فالاتهامات الموجهة للتشيع اليوم أكثر من أي وقت آخر. كان هناك طوال التاريخ أشخاص منحرفو الفهم و منحرفو المسير يتحدثون ضد الشيعة و يوجهون لهم التهم، و يختلقون الأكاذيبهم ضدهم. بيد أن حجم الاتهامات اليوم أكبر من كل تلك التهم، و هذا بسبب السياسات و تأثيرها، فلماذا لا يفهمون ذلك؟!
نحن أيضاً يجب أن نفهم.. نحن الشيعة يجب أن نفهم و أن نعلم أن سياسة الاستكبار اليوم هي فصل الشيعة عن غير الشيعة، و فضل الجماعات المسلمة عن بعضها و تأجيج الاحتراب فيما بينها. يجب أن لا نساعد على هذا الهدف. ينبغي أن لا نسمح للعدو بالوصول إلى هذا الهدف. هذا من واجبنا و من واجب غير الشيعة أي المسلمين في المذاهب و الفرق و الجماعات غير الشيعية. ليعلم الجميع هذا: الشيعة اليوم هم الذين يرفعون في إيران الإسلامية راية الاقتدار الإسلامي و العزة الإسلامية، و الاستكبار يشعر بالعجز أمامها.. هذا واقع.. هذا واقع. هذه المؤامرات التي حيكت طوال الأعوام الثلاثين المنصرمة ضد نظام الجمهورية الإسلامية من قبل شتى الأعداء - طبعاً على رأسهم أمريكا و أخبثهم بريطانيا - إنما هي بسبب أنهم فزعون من التحرك الإسلامي و من الصحوة الإسلامية و من عودة العالم الإسلامي إلى رشده و وعيه. يعلمون أن العالم الإسلامي إذا عاد لوعيه و يقظته و شعر بالاستقلال و شعر بالهوية و العزة فسوف تخرج هذه المنطقة الحساسة من العالم التي يسكنها المسلمون - و هي من أكثر مناطق العالم حساسية - من سيطرة الاستكبار.. إنهم يخافون هذا. و لأنهم يخافون لذلك يتآمرون و يستخدمون أدوات مختلفة. لقد عبّأ زعماء السياسات الاستكبارية - أمريكا و الصهيونية و باقي المستكبرين - اليوم كل قدراتهم عسى أن يستطيعوا عزل الشعب الإيراني و عزل نظام الجمهورية الإسلامية و احتواء تأثيره، لكنهم لم يفلحوا و لن يفلحوا في المستقبل أيضاً بتوفيق من الله و بفضله و حوله و قوته.
في هذه القضية النووية لاحظوا أن الأمر قد وصل بهم إلى بث الأكاذيب و ترويجها و اختلاقها و تضليل الرأي العام العالمي. ليست القضية قضية الإذاعة الفلانية أو الجهاز الإعلامي الفلاني، إنما مجموع الساسة الغربيين للأسف - أي هذه المجموعة المؤثرة الخاضعة غالباً لتأثير الصهاينة - أصبحت مهمتهم تضليل الرأي العام العالمي و نشر الأكاذيب، و اصطناع الشعارات الكاذبة. إننا نطلب من رؤساء البلدان هؤلاء أن لا يكذبوا كل هذا الكذب. هذه الدول الغربية، الدولة الأمريكية، و الدولة البريطانية، و بعض الدول الأوربية الأخرى، لا تضلل الرأي العالم العالمي كل هذا التضليل. هذه الأكاذيب ستنتهي بضررهم. لقد اختبروا ذلك و شاهدوا النتائج. حينما يكذبون و يتحدثون بخلاف الواقع ثم تتضح الحقيقة فلن يبقى من سمعتهم و ماء وجههم شيء. و قد حدث هذا في بعض الحالات حيث كذبوا و ضللوا الرأي العام، و مارسوا بعض الأفعال على أساس ذلك، ثم اتضحت الحقيقة. و عندئذ سوف تمسك شعوبهم بتلابيبهم نتيجة كذبهم و تضليلهم.
ما تريده إيران في إطار الملف النووي، هو العلوم التي تحتاجها. العلم الذي إنْ لم يطلبه الشعبُ الإيراني اليوم، فسوف يكون الأوان قد فاته غداً. غداً حينما لا يكون ثمة نفط و جميع عجلات الاقتصاد في العالم ستدور على أساس الطاقة الذرية، سيبقى الشعب الإيراني خالي اليدين ينتظر أن يساعده الآخرون. هذا ما يريدونه. هذه هي قضيتنا النووية، و قد ذكرتها مراراً.
إننا اليوم نعمل من أجل علمنا النووي. المهم بالنسبة لنا لكي لا تمتد أيدي أبنائنا و شبابنا و جيلنا القادم و شعبنا الإيراني الكبير نحو الغربيين بعد عشرين سنة أو بعد ثلاثين سنة. الغربيون يفرضون علينا منطق القوة اليوم بسبب النفط الذي هو ملكنا و يستخرج من أرضنا فيعطى لهم! النفط الذي يستخرج حالياً من آبار هذه المنطقة ربحه و نفعه للدول الغربية أكثر من نفعه للبلدان النفطية! النفط الذي هو اليوم ملكنا و في يدنا، مع ذلك نراهم يتعسفون بشأنه معنا! غداً إذا أردنا أن نستورد منهم الطاقة النووية لاحظوا ما الذي سينـزل بشعبنا. نظام الجمهورية الإسلامية يفكّر بذلك اليوم، لذلك يصرّ اليوم بأن يكسب هذا العلم و هذه التقنية و هذه المعرفة و هذه القدرة و الإمكانية. لكنهم يثيرون الضجيج في العالم أن لماذا تريدون اكتساب هذا العلم؟ و يوجهون التهم و يضللون الرأي العام و يقولون له إنهم يرومون الحصول على القنبلة النووية..(12) واضح و أكيد.. انتبهوا.. أكيد أن هذا حق مسلّم به للشعب الإيراني. بيد أن القضية هي أن مستكبري العالم من أجل أن يسلبوا الشعب الإيراني هذا الحق المسلَّم يعملون بشتى صنوف الحيل و الأخاديع و الإعلام. ينبغي التحلّي بالبصيرة و الوعي و اليقظة. على الشعوب في مسيرتها و في المواطن الحساسة أن تفهم ماذا يفعل أعداؤها. حينما يرى الأعداء أنهم لا يستطيعون دحر شعب بالمواجهة العسكرية و أساليب التهديد و التخويف، عندها سيبدأون استخدام طرق أخرى للإخلال. يجب أن نعي هذه الحقيقة.. طرق زرع الخلافات و العداوات و الذرائع.
من الأمور التي يركز عليها الاستكبار العالمي اليوم وجود الخلافات داخل البلاد. على البعض أن يجيبوا أمام الله على ما فعلوه حين فعلوا أشياء يفهم منها العدو وجود التفرقة داخل البلاد فتزداد جرأته. القضية هي أن نعرف العدو.. و نفهم أحابيله.. و ندرك ما نقوله و كيف يمكن للعدو أن يستفيد من كل كلمة نقولها فتزداد جرأته و يتشجّع و ترتفع معنوياته و يفتح الطرق لتدخله و نفوذه. هذه أمور يجب التنبه لها.
طبعاً شعبنا و الحمد لله شعب صبور غيور صاحب استقامة. لقد أثبت شعبنا هذا. أثبت شعبنا هذا طوال هذه الأعوام الثلاثين و قبل انتصار الثورة. نحن صابرون لكن زعماء الاستكبار و الناطقين باسمهم يقولون باستمرار إن صبرنا يكاد ينفد.. و طاقتنا تكاد تنتهي.. هذا ما يقولونه مقابل إيران.. إنكم لم تصبروا مقابل الشعب الإيراني.. متى صبرتم أنتم؟ لقد نفّذتم كل ما تستطيعونه في كل مكان ضد شعب إيران. متى صبرتم أنتم؟ ألم تتآمروا؟ ألم تشنوا الهجمات الإعلامية؟ ألم تفرضوا الحظر الاقتصادي؟ ألم تشنوا الهجوم العسكري؟ ألم تطلقوا كلابكم المسعورة في المنطقة؟ - أعني إسرائيل الغاصبة ضد نظام الجمهورية الإسلامية - متى صبرتم حتى تقولوا إن صبرنا يكاد ينفد؟! الصبور هو الشعب الإيراني. نحن الذين صبرنا و وقفنا و صمدنا.. نحن الذين غضضنا الطرف عن مؤامراتكم و إعلامكم و ضجيجكم و واصلنا طريقنا. و سوف يواصل الشعب بكل كيانه و بهمم شبابه هذا الطريق الذي أشار إليه إمامنا الراحل الكبير و دلّنا عليه، و سيبلغ القمة النهائية إن شاء الله.
لا تتركوا الجد أيها الشباب الأعزاء! لا تتركوا العمل، و لا تتركوا البصيرة. الإمام علي نموذجكم أيها الشباب. علم الإمام علي و تقواه و طهره نموذج لكم فلا تتركوه. لا تتركوا الجهاد و السعي في سبيل الله - كل ميدان من الميادين له جهاده الخاص به - و اعلموا أن غد هذا البلد سيكون أفضل بكثير من حاضره إن شاء الله. و هذا الغد هو لكم. و سوف تعينكم روح الإمام علي (عليه آلاف التحية و الثناء) و أدعية سيدنا بقية الله (أرواحنا فداه) إن شاء الله.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

الهوامش:
1- سورة المائدة، الآية 67.
2- سورة المائدة، الآية 67.
3- سورة المائدة، الآية 3.
4- سورة المائدة، الآية 3.
5- الاحتجاج، ج 1، ص 78.
6- سورة البقرة، الآية 207.
7- سورة الإنسان، الآية 8.
8- سورة المائدة، الآية 55.
9- مفاتيح الجنان، دعاء الندبة.
10- نهج البلاغة، ص 451، الكتاب رقم 62.
11- بحار الأنوار، ج 68، ص 360.
12- شعار الحضور: الطاقة النووية حقنا المسلّم به.