24/08/2016 م
بسم الله الرحمن الرحيم
و الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و آله الطاهرين.
أبارك أسبوع الحكومة لأعضاء هيئة الحكومة المحترمين، لرئيس الجمهورية المحترم، و معاونيه، و الوزراء المحترمين و لكل أفراد السلطة التنفيذية على مستوى البلاد. الواقع أنه كما أشار السيد رئيس الجمهورية فإن أسبوع الحكومة في كل أرجاء البلاد هو لكل السلطة التنفيذية. شكر الله تعالى جهودكم جميعاً، و منّ بآثار البركة و الخير على هذه الأعمال و الجهود إن شاء الله.
نكرّم و نحيّي ذكرى شهيدينا العزيزين رجائي و باهنر الذين كانا - كما أشاروا - شخصين نموذجيين حقاً من نواح مختلفة، من حيث الإخلاص و المثابرة. طبعاً لم تتوفر لهما الفرصة لمواصلة عملهما عدة سنين، لكن صلاحهما تبيّن حتى من بداية عملهما التي لم تعقبها تتمة. نوع العمل الذي كانا يقومان به - و خصوصاً المرحوم رجائي الذي عمل لمدة أطول - يدل على أن العمل كان سيستمر على نفس الوتيرة. الإخلاص و الرغبة و النزعة الشعبية و الجهد الدؤوب و ما شابه. لعنة الله على الأيدي المنافقة المجرمة التي ضرّجت هذين العزيزين بدمائهما. للأسف، تحاول بعض السياسات الغربية اليوم تبرئة أولئك السود الوجوه و تعميدهم، و عرض المنافقين و كأنهم مظلومون، و خلق أجواء مظلومية لهم. طبعاً لن يستطيعوا ذلك. الذين قتلوا آلاف الأشخاص في داخل البلاد، من إمام الجماعة و إمام الجمعة إلى التاجر في السوق، إلى الطالب الجامعي الشاب، إلى أعضاء الحرس و اللجان، إلى العوائل الجالسة على موائد الإفطار - و آخرين و آخرين و آخرين، آلاف الأشخاص، و لا علم لي الآن بالعدد الدقيق - إلى رؤساء البلاد مثل الشهيد بهشتي و تلك الشخصيات البارزة التي استشهدت في ذلك اليوم، و إلى هذين الإنسانين الجليلين. و إذا بالأيدي السياسية الخبيثة المغرضة - سواء في خارج البلاد أو أذنابهم أو محبوهم في داخل البلاد - يريدون الآن تطهيرهم و تجميل وجههم و طرحهم على أنهم مظلومون، و في المقابل تشويه الوجه النوراني المبارك للإمام الخميني. وجه الإمام الخميني لا يقبل التشويه. و لا شك في أنهم أخفقوا و سوف يخفقون.
يجب عليّ بهذه المناسبة أن أشكر جهود الحكومة حقاً. كانت تقارير السادة اليوم تقارير جيدة جداً، سواء تقرير السيد رئيس الجمهورية أو تقرير نائبه الأول المحترم، و تقارير الوزراء و معاوني رئيس الجمهورية. كانت في هذه التقارير نقاط إيجابية و حسنة كثيرة، و من الجيد أن تنشر هذه المعلومات بالمعنى الكامل للكلمة و تصل إلى أسماع الناس. كما أشاروا فإن الشعب هو سندنا و رصيدنا الأصلي. ثقة الشعب و أمله هو عون كل الحكومات. إننا نحتاج إلى هذا و يجب أن يتم هذا العمل [نشر التقارير] في وسيلة الإعلام الوطنية الإذاعة و التلفزيون، و ينبغي أن يذكرها الآخرون ليسمعها الناس. إنني أقدر جهود السادة.
إدارة البلاد عمل صعب. أن تكون هناك أعمال إيجابية فهذا لا يعني أنه لا توجد نواقص و مشكلات و نقاط ضعف عملية في القطاعات المختلفة. بلى، توجد نقاط ضعف، لكن إدارة البلد ليس بالعملية السهلة. أتذكر أن البعض كانوا يأتون عند الإمام الخميني و يشتكون من النواقص في قطاعات مختلفة و ما شاكل. و كان الإمام الخميني يقول عبارة واحدة هي إن إدارة البلاد عملية صعبة. كان يكتفي بقول هذه الجملة الواحدة. و هذا هو الواقع. لقد كنتُ رئيساً للجمهورية و أعلم، و الآن أيضاً أنا على علم بالأمور و الأعمال في فترات الحكومات المختلفة، العملية صعبة حقاً. هذا التنوع و هذه المديات و هذه التوقعات التي في محلها و في بعض الأحيان قد تكون في غير محلها في كل أرجاء البلاد، و الخراب و الأمور الباقية المتراكمة عن عهد الطاغوت على طول الزمن، هذه طبعاً تزيد صعوبة العمل. هناك نقاط ضعف - و سوف أشير إلى ما يبدو لي أنه عمل ينبغي المبادرة إليه، و سوف أطرح نقاطاً ضمن عدة عناوين - لكن الأعمال التي تجري أعمال مهمة.
و الأيام تمضي بسرعة. لقاؤنا هذه السنة هو لقاؤنا الرابع معكم على ما يبدو. و قد كان لقاؤنا الأول كما لو أنه أقيم بالأمس. هكذا هو انقضاء الأيام، و هكذا هو انقضاء العمر، إنه ينقضي بسرعة، و ينبغي الاستفادة من هذه الساعات و من هذه الأيام إلى أقصى حدّ. قلتُ هذه النقطة في السنة الأولى من عمر كل الحكومات - و منها حكومة سماحة السيد روحاني - و هي أنكم بمجرد أن تطرف أعينكم حتى تنتهي هذه المدة، لكن أربعة أعوام في الوقت نفسه ليست بالفترة القصيرة. افترضوا مثلاً أن لدينا في التاريخ شخص اسمه أمير كبير بتلك الشخصية المتألقة و الذي تولى السلطة قرابة ثلاثة أعوام. إذن، السنوات الثلاث و ما شابه تعتبر زمناً بحد ذاتها، و أربع سنوات ليست بالزمن القليل. و هذه السنة المتبقة على نفس الشاكلة. هذه السنة المتبقية من عمر هذه الحكومة هي سنة واحدة و يمكن العمل و التفكير لكل يوم من أيامها. الذي أرجوه هو الاستفادة من هذه الفرص، و أن يعمل السادة حتى اليوم الأخير من الحكومة، و لا تفكّروا بأن هذه الحكومة تنتهي، و هل سأكون غداً مسؤولاً في هذا الموقع أم لا، لا تفكروا بهذه الطريقة أبداً، إنما ينبغي العمل و السعي و الجد إلى اللحظة الأخيرة و إلى الساعة الأخيرة و حتى اليوم الأخير.
و لا تخوضوا في الأمور الجانبية الهامشية، فالشهور التي أمامنا شهور تسكنها تدريجياً تحديات انتخابية، و تتصاعد فيها الدعايات الانتخابية و الكلام الانتخابي و الشؤون السياسية. المخالفون يقولون شيئاً، و الموافقون يقولون شيئاً، ينبغي أن لا تشغلكم هذه الأمور، و لا تهتموا لهذه المسائل أبداً، بل أنجزوا أعمالكم. خير دعاية و إعلام للحكومة التي تتولى زمام الأمور هو عملها. إذا قلتم في الإعلام ألف كلمة و قدمتم عملاً صالحاً واحداً فإن هذا العمل الصالح يؤثر في الناس أكثر من آلاف الكلمات. إذا شاهد الناس العمل و شعروا به و لمسوه فهذا خير إعلام للحكومة، فلا تفكروا بأن تنشغلوا بالهوامش من الأمور.
طيب، نفس أسبوع الحكومة هذا فرصة مغتنمة، سواء للنخبة الذين هم خارج الحكومة أو للأشخاص الذين هم داخل الحكومة، من أجل أن يقيّموا عملهم و يزنوه «بَلِ الاِنسانُ عَلى نَفسِهِ بَصيرَة» (2). كل رؤساء الأجهزة و المؤسسات يستطيعون أفضل من غيرهم تقييم أعمالهم. أحيناً ندّعي شيئاً حول ما قمنا به على مستوى الكلام و البيان - فهو بيان على كل حال - لكننا نراجع فنجد أننا نحن أنفسنا غير مقتنعين به تمام الاقتناع. أي إن هذه التقييم مهم جداً برأيي. و كذا الحال بالنسبة للنخبة في الخارج، النخبة خارج الحكومة أيضاً ينظرون لأعمال الحكومة، و لا ضرر و لا إشكال في توجيه النقود، و لكن يجب أن يكون النقد منصفاً. النقد بمعنى الإشارة إلى مواطن الإشكال و طرح الحلول لتلك المواطن و حل العقد. هذا هو النقد الصحيح الذي لو كان فإنه حسن جداً برأيي.
إنني أؤكد و أكرر القول بأنْ توضّحوا للشعب و النخب الأعمال و الإنجازات التي تمت، و بدون مبالغة. أي أوضحوا للناس الشيء الذي تقتنعون أنتم به. هذه اللهجة الصادقة النامّة عن نظرة واقعية و نزعة واقعية سوف تؤثر في الناس. هكذا هو الحال بلا مراء.
سجّلت عدة عناوين لأذكرها، و قد كانت هناك إشارات لها خلال ما تفضل به السادة من كلمات.
العنوان الأول يتعلق بالشؤون الاقتصادية، كما أشاروا. نعتقد أن القضية الأولى في البلاد اليوم هي القضية الاقتصادية و الشؤون الاقتصادية و المشكلات و العقد الاقتصادية التي يجب حلها. رفع السيد الدكتور جهانگيري تقريراً حسناً عن لجنة قيادة الاقتصاد المقاوم. و أنْ يقول إن صلاحياتي لم تزدد فهذا ليس في الواقع خبراً جيداً بالنسبة لي، فتوقعنا هو أن يمارس القيادة بالشكل الحقيقي للكلمة. و السيد رئيس الجمهورية يثق به ثقة حقيقية، و نحن بدورنا نؤيده، إذن، من المناسب أن يستطيع ممارسة القيادة بالمعنى الواقعي للكلمة. لأنه توجد في إطار هذه الأعمال التي تم إنجازها نقاط سوف أذكرها. لقد نظرتُ في هذا التقرير، و كان تقريراً جيداً، نحو مائتي مشروع و رزم و برامج دعم إنتاج، و إحالة 2500 مشروع نصف تام للقطاع الخاص. هذه نقاط وردت في هذا التقرير، و هي مهمة. هذه أعمال يمكن طرحها و عرضها، و لكن توجد جملة من النقاط:
أولاً المتابعة من أجل تحقيق حاسم للمشاريع. لاحظوا أننا نتخذ قراراً و نبلغه و نصرّ عليه، و لكن إذا لم نسر حتى آخر الخط و لم نوصل هذا الماء الجاري من الينبوع إلى المزرعة، فإن العمل لن يتم، العمل التام هو عندما تصل كل هذه الأعمال التي قام بها و باقي زملائه في الحكومة في لجنة قيادة الاقتصاد المقاوم إلى نتائجها واحداً واحداً، بمعنى أنه يجب متابعتها خطوة بعد خطوة. هذه هي القضية الأولى التي أعتقد أنها مهمة جداً و يجب أن تحصل إن شاء الله.
ثانياً توجد في البلاد نشاطات ضخمة في الحيز الاقتصادي، سواء في القطاع الخاص أو في القطاع الحكومي. في البلاد نشاطات هائلة و متدفقة و زاخرة بالنشاطات الاقتصادية. ليعقد المسؤولون كل جهودهم على جعل هذه النشاطات متناغمة مع هذه السياسات، و إذا كان هناك نشاط غير متناغم مع هذه السياسات فليحولوا دونه. هذا فعلاً من الأعمال الأساسية. هناك الكثير من الأعمال تجري الآن في المضمار الواقعي للاقتصاد - ذلك الاقتصاد الواقعي - و بعض هذه الأعمال لا يتطابق مع هذه السياسات. بعضها لا يتطابق. التي تتطابق ليجر الترويج لها و إشاعتها، و التي لا تتطابق ليجر الحؤول دونها، أو عدم مساعدتها على الأقل. يجب عدم مساعدتها على الأقل. و قد بعثت نداء حول حالة أو حالتين من هذه الأمور المطروحة عن طريق حضرة السيد حجاري بأن يسألوا ما هي مكانة هذه الحالة أو هذا العمل على وجه الخصوص في مجموع سياسات الاقتصاد المقاوم؟ ينبغي أن تكون هذه القضية قابلة للإيضاح، بمعنى أن كل واحد من هذه الأعمال التي تتم و تنجز ينبغي أن يكون لها مكان في مجموعة السياسات التي تنظمها بمعيّة مجموعة الحكومة.
النقطة الثالثة هي أن توضع كل إمكانيات البلاد في ساحة العمل. طبعاً أشاروا لحسن الحظ، و قد كان لنا مؤخراً لقاء مع السيد حجتي (3)، و كلام السيد نعمت زاده (4) ينشر في الصحافة و الإعلام و يمكن الإطلاع عليه - لم يقولا شيئاً اليوم لننتفع منهما - خصوصاً بالنسبة للصناعة و الزراعة، الواقع أن هناك أعمالاً كثيراً يجب أن توضع في ساحة العمل، فهي تمثل إمكانيات و طاقات عظيمة. و لديّ بشأن الزراعة و حول الغابات كلام سأقوله للسيد حجتي نفسه، سأقوله له بشكل خصوصي إن شاء الله.
النقطة الرابعة هي صناعة الخطاب. لاحظوا أن السيد الدكتور ستاري شدّد في كلامه على قضية العلم و الاقتصاد العلمي المحور و الشركات العلمية المحور و ما إلى ذلك - و أشار إلى ذلك بعض الأصدقاء الآخرين - و هذا ناجم عن خطاب يعود لعشرة أعوام أو إثني عشر عاماً. أي عندما تطرح قضية تحطيم الخطوط الأمامية للعلم و النهضة البرمجية و إنتاج العلم، و تتابع و تطرح في الجامعات، و تتحول إلى خطاب، فستكون النتيجة إنني عندما أجلس هنا أحياناً و تأتي المجاميع الجامعية - الطلبة الجامعيون أو الأستاذة - نجد أنهم يطرحون نفس هذا الكلام الذي قلناه مثلاً على شكل مطالبات. هذا سيكون خطاباً. إنه خطاب و هو حالة حسنة و جيدة. عندما يكون هذا ستتحقق هذه الحالات من التقدم العلمي. لدينا الكثير من حالات التقدم في شؤون الفضاء و في المجال النووي و في النانو و في تقنيات الأحياء و سائر الحقول، لدينا حالات مهمة من التقدم العلمي، و هذا التقدم ناتج عن صناعة خطاب. عندما يصار إلى صناعة خطاب سيفكر الجميع بهذا الخطاب، أي سيظهر لدى الجميع تحفّز و دوافع بهذا الاتجاه، و كأنما ظهرت جادة واسعة و طريق كبير يرغب الجميع بالسير فيه. إذن، صناعة الخطاب مهمة جداً. طبعاً لا يمكن صناعة خطاب بتكرار عبارة الاقتصاد المقاوم. يجب أن لا نعمل بطريقة نكرّر فيها هذه الكلمة دائماً بحيث تمجّها الأفواه، لا، ينبغي تبيينها و إيضاحها.
و نقطة أخرى - أقولها للسيد جهانگيري - هي أن المتوقع في الاقتصاد المقاوم قفزة واسعة. لاحظوا أن للأجهزة المسؤولة و للحكومة أعمالها الدارجة العادية في مجالات الاقتصاد - في كل قطاعات و أقسام هذه الوزارات الاقتصادية المتعددة - و هي أمور تجري و تدور، و هي أعمال يجب أن تجري و تنجز، و لكن من الأمور المتوقعة في الاقتصاد المقاوم أن يصار إلى أعمال استثنائية و قفزات كبيرة. لنفترض مثلاً - و قد سجلت هنا - أن السيد رئيس الجمهورية قال «إطلاق سبعة آلاف وحدة صناعية»، هذا عمل جيد، و هو من هذا القبيل، تابعوا هذا العمل. قال إننا نطلق سبعة آلاف وحدة صناعية، جيد جداً، هذا جيد، أي إن هذا أكثر من العمل الدارج العادي لأجهزتنا و مؤسساتنا. تابعوا هذه المشاريع التي تمثل قفزات و حالات تقدم فوق الاعتيادية، فهي جيدة جداً. هذه عن النقطة التالية الخاصة بعدم الاقتناع بالأعمال اليومية العادية للأجهزة الاقتصادية، و مطالبتها بأعمال استثنائية.
نقطة أخرى حول الشؤون الاقتصادية تتعلق بالأعمال و المشاريع الأساسية الجذرية و لكن الممكنة، أي إنها ليست بالأعمال الصعبة: مثل «توزيع اتخاذ القرارات في المحافظات» - و هو ما أشاروا له و هم يفكرون فيه لحسن الحظ - هذا عمل جيد، أي اتجهوا نحو إخراج اتخاذ القرارات عن حالة التمركز و وزّعوها على مستوى المحافظات. أو «توجيه التسهيلات المصرفية نحو الإنتاج»، و قد قلتُ ذلك اليوم للسيد وزير الاقتصاد المحترم (5) و السيد سيف (6)، استخدموا اليوم كل علمكم و كل ما درستموه من أجل توجيه هذه السيولة النقدية الهائلة نحو الإنتاج، أي ينبغي أن تركّزوا كل هممكم على هذا الهدف. إذا حصل هذا الشيء - و أعتقد أنه ممكن، بمعنى أنه ممكن التنفيذ من قبل السادة الذين يتولون المسؤوليات - فهو مهم. «تشجيع الصادرات»، أحياناً تكون لنا تشجيعات، و لكن لا يوجد ثبات و استقرار في هذه التشجيعات، فهي تزيد أو تنقص و تتغير، و الذي يعمل في الصادرات لا يتفاءل خيراً، أي إنه يخاف و يقلق. لأن التصدير مهم و جدي للغاية، لذلك ينبغي الاهتمام بتشجيع التصدير. و قضية أخرى هي «دفع أثمان المحاصيل الزراعية»، و هي بدورها قضية مهمة.
المحاربة الجادة لتهريب البضائع - و نفس هذه القضية المتعلقة بتحطيم البضائع المهربة - على جانب كبير من الأهمية. طبعاً قال لنا بعض من لهم علاقة بهذه الأمور إن بعض هذه البضائع يمكن إعادة تصديرها، أي إعادتها و تصديرها. لا بأس، لا كلام لنا على هذا، أي إنني أعلن هذا الآن. حين قلنا لتحطّم هذه البضائع المهرّبة حتماً فهذا لا يشمل التهريب الجزئي و أصحاب الأحمال و ما شابه، إنما نتحدث عن عصابات التهريب و الأعمال الكبيرة، و التي تؤثر على سوق البلاد.
و قضية البيروقراطيا التي تعتبر مسألة قديمة و لا نريد الآن تكرارها. في بعض الأحيان تشتد البيروقراطيا إلى درجة تبعث على تبرم صناع المشاغل و المهن و المستثمرين، فينفد صبرهم و لا يعودوا مستعدين للعمل.
و مسألة أخرى هي الدعم الجاد للاقتصاد العلمي المحور، و الحمد لله على أن السيد ستاري أوضح هنا و اعترف في الواقع - اعترف بمعنى من المعاني - أن الكل يساعدونه، و الواقع أن هناك حاجة للمساعدة، و على الجميع مساعدة المعاونية العلمية، على جميع الأجهزة المساعدة. إذا كان الواقع على هذا النحو و الجميع يساعدونكم، فالحمد لله. علينا أخذ قضية الاقتصاد العلمي المحور مأخذ الجد، ينبغي أن ننظر لهذه الشركات العلمية المحور نظرة جدية. ربما أمكن القول إن هناك الآن في البلاد ملايين الشباب مستعدين للعمل، و إذا قدمت لهم المساعدة فيمكنهم فعلاً التقدم في هذه المجالات و تنشيط قطاعات مختلفة.
بل لقد سمعتُ أنه في بعض الحالات و في بعض الأقسام الحكومية - و من المناسب أن يتابع حضرة السيد رئيس الجمهورية هذه المسألة إن شاء الله - أنهم يوافقون على بعض هذه المشاريع من الأجانب و يمنحونهم الإمكانيات، لكنهم لا يمنحون هذه الإمكانيات للشركات العلمية المحور الداخلية التي تستطيع إنجاز هذه المشاريع! هذه هي التقارير التي وصلتنا و نتمنى أن تكون بخلاف الواقع إن شاء الله، لكنها تقارير موجودة، أعتقد أنه ينبغي متابعة هذه الأمور فهي مهمة. هذا عن الاقتصاد العلمي المحور. و هناك قضية القرى و الأرياف، و هناك الكثير من الكلام في هذا الخصوص، و الوقت يكاد يدركنا.
العنوان الآخر الذي أروم طرحه هو قضية السياسة الخارجية، و التي كانت منذ البداية من أولويات حكومة حضرة السيد الدكتور روحاني، سواء في الإعلام أو في الخطوات الحكومية المتخذة. لقد كان هذا عملاً مهماً، و أنا أوافقه. لقد كنتُ مؤمناً منذ السابق بالنشاطات الدبلوماسية و العمل الدبلوماسي، و أعتقد أنه يجب السعي و العمل في هذا المضمار.
هناك عدة نقاط في هذا الخصوص: النقطة الأولى هي أن نوزّع قدراتنا الدبلوماسية على مستوى العالم بشكل صحيح، بمعنى أن حصة آسيا يجب أن تعطى لآسيا بما يتناسب و حجمها و قدراتها، و حصة أفريقا على نفس النحو، و حصة أمريكا اللاتينية كذلك. إذن، ينبغي توزيع دبلوماسيتنا بشكل جيد و متناسب.
و نقطة أخرى هي أننا يجب أن تكون لنا مواقف فاعلة في الدبلوماسية في كل مكان. ينبغي على المرء خصوصاً في قضايا مثل قضايا المنطقة - و هي اليوم قضايا جد معقدة، قضايا منطقتنا، قضايا سورية و العراق و لبنان و شمال أفريقيا، و في هذا الجانب، أي في الجانب الشرقي، أفغانستان و باكستان و ما شاكل، إنها قضايا معقدة للغاية، و السياسات هنا متشابكة جداً و متخاصمة و مؤثرة بعضها على البعض الآخر - ينبغي على المرء أن يخوض غمار الساحة بمنتهى الدقة و الوعي و القدرة على الفعل، و بشكل فعال و مؤثر، و قد كان هذا هو حالنا و الحمد لله في بعض المواطن التي خضناها.
النقطة الثالثة في خصوص القضايا الدبلوماسية هي توظيف الدبلوماسية لأجل الاقتصاد. على الأجهزة الاقتصادية أن يكون لها تواصل دائم مع وزارة الخارجية في مجال الشؤون الاقتصادية. طيب، ألسنا نقول على سبيل المثال يجب نقل التقنية المتطورة الفلانية من البلد الفلاني، أو التصدير للبلد الفلاني - حيث نشدد على التصدير - طيب، ينبغي على وزارة الخارجية في هذه المجالات أن تكون محوراً للعمل. لقد سمعنا و رأينا حالات أن وزارة تتفاوض مفاوضات اقتصادية في بلد من البلدان، لكن وزارة الخارجية لا علم لها أبداً! هذا مضرّ و خسارة. و بالطبع فإن هذا واجب ذو طرفين، فمن واجب الأجهزة و المؤسسات أن تتعاون و تتماشى مع وزارة الخارجية على هذا الصعيد، و من واجب وزارة الخارجية أن تخطط و تبرمج لهذه القضية، بمعنى أن عليها البرمجة و التخطيط في قطاع خاص - و طبعاً يوجد في وزارة الخارجية على ما يبدو قسم اقتصادي، أي إنه كان منذ السابق - و تنشيطه. هذه أيضاً نقطة. ما يعتمد عليه في الدبلوماسية هو العمل الثابت الأكيد الموقّع الذي يمكن الاحتجاج به. هذا شيء مهم في قضايا علاقاتنا بخارج البلاد، و يجب التدقيق فيه.
قضية برجام [الاتفاق النووي] طبعاً هي الأخرى من جوانب السياسة الخارجية، و لأنني تحدثت مرات عديدة عن برجام لا أروم التطرق لهذا الموضوع مرة أخرى، و قد كان لنا أحاديثنا و لا تزال مع حضرة السيد الدكتور روحاني رئيس الجمهورية المحترم بشكل مستمر تقريباً حول هذه الموضوعات.
على كل حال ما أريد قوله في خصوص برجام هو أن نتذكر تحايل و سوء حسابات الطرف الغربي - و خصوصاً أمريكا - و لا نكون على الإطلاق في صدد تبرير سوء حسابات الطرف المقابل و سوء تصرفاته و خيانته. إنه يسيئ التعامل و يتحايل - و واضح الآن أن الأمريكان يتحايلون و يسيئون الأداء - فلنأخذ هذا التعامل السيّئ بنظر الاعتبار و نهتم له.
ثانياً: لنتعلم التجارب، أن تعطينا هذه الحكومة أو حكومة أخرى في أمريكا أو البلد الفلاني وعداً و كلاماً، فلا يمكن الاعتماد على هذا الوعد و الكلام على الإطلاق. لا بأس، هو يعد بشيء و أنتم تعدون بشيء. نظم شخص قصيدة و بعث رسالة للخليفة و حضر عند الخليفة و قرأ قصيدته، فأمر الخليفة أن يعطوه كذا من الذهب - مائة ألف دينار من الذهب مثلاً - و كتب هذا الأمر على ورقة و أعطاها للشاعر و قال له إذهب و استلم. فذهب الشاعر إلى صاحب الخزانة و أعطاه الورقة، و قال له أعطني مائة ألف، فقال له الخازن: و ما المناسبة؟ فقال نظمت قصيدة. فقال له: و إن كنت نظمت قصيدة؟! أنت نظمت قصيدة فأعجبته، و هو كتب هذه الورقة فأعجبتك، فهذا مقابل ذاك، قم و اذهب! (7). هكذا هو الحال. هو يقول شيئاً و يعد وعداً يفرحنا، فلنعده نحن أيضاً وعداً يفرحه، و لكن لا نعطيه شيئاً نقدياً حاضراً ثم نبقى حائرين هل سيفي بوعوده أو يسدد ديونه أم لا؟ كلا.
على كل حال نحن نقدر الذين تحملوا المشاق و بذلوا الجهود ليل نهار في قضية برجام. إن لي نقودي و مؤاخذاتي على برجام، و قد قلت هذا، قلته لكم و قلته في العلن أيضاً، بيد أن هذه مؤاخذة على الطرف المقابل و ليست على طرفنا أو على عناصرنا. لقد بذل عناصرنا جهودهم و عملوا ما استطاعوا العمل، لكن الطرف المقابل طرف خبيث و عديم المروءة.
العنوان الثالث حول قضية العلم و التقنية. في قضية العلم و التقنية نحتاج حقاً من أجل تقدم البلاد إلى أن تكون قضية العلم و التقنية قضية مطروحة في البلاد. أي إن من النقاط الثلاث الأصلية و من الأركان الثلاثة الرئيسية التي يعتمد عليها البلد اليوم - و ربما كان أعمقها - قضية العلم و التقانة التي حققنا فيها حالات جيدة من التقدم و الحمد لله. بذلت جهود و جرت أعمال و توبعت، لكن نمو تقدمنا تضاءل. بعث لي السيد الدكتور فرهادي (8) تقريراً - لأنني قلتُ في كلمة لي بأن نموّنا قد انخفض - يقول فيه: لا، إن نموّنا العلمي جيد. لا كلام لي، و أنا أعلم، و ما بعثه لي ليس جديداً عليّ، ما قلتُه و لم يجر التنبه له هو قضية السرعة و التسارع، سرعة النمو. لاحظوا أننا متأخرون عن الأطراف المقابلة و عن منافسينا مسافات طويلة، و إذا أردنا اللحاق بهم و سرنا بالسرعة التي يسيرون هم بها، فستبقى هذه المسافة دوماً. علينا أن نسير بسرعة أكبر من سرعته بعدة مرات لنستطيع اللحاق به أو قد نسبقه. هذا هو ما أقوله. لقد سجلنا هذه السرعة لعدة سنوات. عندما تزداد السرعة فهذا شيء حسن، لكن السرعة انخفضت، و هذا ما أقوله. هذا ما ينبغي أن يهتم له السيد الدكتور فرهادي. على كل حال، هذا هو ما اهتم به، أي ينبغي أن تزيدوا من السرعة، و إلّا فأنا أعلم أن هناك نمواً، و نحن نسجّل نمواً و نتقدم إلى الأمام، و هذا طبيعي، لكن النمو العادي ليس كافياً. إنها سرعة نمونا التي اشتهرت في العالم و انتشرت، و راح البعض يحسدون، و صار البعض يقلقون! لقد قلق البعض في العالم من تقدمنا العلمي. لقد كان هذا بسبب أن سرعتنا كانت سرعة جيدة. و قد تحدثنا عن مسألة الشركات العلمية المحور.
و المعاونية العلمية الآن راضية و الحمد لله. لقد كتبتُ هنا «لا يجري دعمهم من قبل الأجهزة»، لكنه يتفضل الآن بالقول إنهم يدعمون، حسناً جداً، إذا كنتم راضين فما عسانا أن نقول؟ قضيتنا قضيتكم.
و خطاب التقدم العلمي أيضاً يجب أن يستمر، و ينبغي أن لا تسمحوا بتوقفه. أنتم جميعاً - جميع الأعزاء - من الجامعيين، أولاً أوصي أن لا يقطع المسؤولون الأعزاء علاقتهم بالجامعات، لتكن لهم علاقاتهم و زياراتهم مع الجامعات. أين ما تكونوا، و كيفما تكونوا، و مع أية مجموعة جامعية تتعاملون، شددوا على قضية خطاب إنتاج العلم و التقدم العلمي و النهضة البرمجية و السرعة العلمية، ليكن الأمر بحيث يشعر كل أستاذ و كل طالب جامعي و كل باحث أن واجبه القيام بهذا العمل. هذه أيضاً نقطة حول هذا الموضوع.
و نقطة أخرى حول ميزانية البحث العلمي. ميزانية البحث العلمي أولاً قليلة، و ثانياً حتى هذه المقررة لا تعطي كلها. نحن طبعاً حصلنا على وعد من إحدى الحكومات - و لا أدري أي السادة كانوا - بأن يرفعوا ميزانية البحث العلمي إلى واحد و نصف بالمائة و إثنين بالمائة و في أقصى الحدود ثلاثة بالمائة، و لكن الواحد و نصف بالمائة شيء أعطونا وعداً به. ثم عندما جاء الجامعيون إلى هنا و ألقوا كلماتهم قالوا: ما هذا الكلام؟ إن الواقع هو ستة أعشار بالمائة و خمسة أعشار بالمائة و ما شابه، ثم حتى هذا المقدار لا يعطونه كله! طيب، يجب أن تكون الأمور الآن بحيث تمنح ميزانية البحث العلمي.
و نقطة أخرى هي قضية التعاون بين الجامعة و الصناعة و التي أكدت عليها منذ سنوات من الآن، و أصرّ عليها إصراراً شديداً. رحم الله المرحوم والدها - المرحوم الدكتور ابتكار - (9)، جاء هنا و قلتُ له إنني طلبت هذا من رئيس الجمهورية. فقال: «عجباً، هنا بالضبط تكمن عقدة عملنا الأصلية». قال إن هذه هي القضية الأساسية، و لم يمهله الأجل على كل حال، رحم الله المرحوم ابتكار. هذه القضية مهمة على كل حال، أي ينبغي وضع تشجيعات لكلا الطرفين، سواء للصناعة التي تنفق الأموال على البحث العلمي - بالتالي عندما تريد الصناعة أن تستفيد من البحوث العلمية الجامعية فإنها تنفق أموالاً ، فخذوا هذه التكاليف بالحسبان، أو من ضمن الإعفاء الضرائبي، أو شيء من هذا القبيل - أو قسم مراكز البحث العلمي و الجامعات التي تعمل على البحث العلمي، شجّعوا الطرفين. كلا الجانبين يجب أن يشجعان على التقارب من بعضهما.
عنوان آخر أروم الإشارة له هو قضية الأمن. الحمد لله على أن للبلد اليوم درع أمني قوي. لاحظوا ما يدور حولنا و ما يحدث. أفغانستان في شرقنا و أحداث باكستان. و في غربنا هذه البلدان الجارة العربية و العراق و سورية و اليمن و ما يحدث في منطقة غرب آسيا، و الأحداث التي تجري حولنا في ليبيا و مصر و باقي الأماكن. حينما يرى المرء هذه الأحوال يدرك أي نعمة كبيرة هذا الأمن الذي نعيشه اليوم و الحمد لله. هذا الدرع الأمني يستوعب البلاد لحسن الحظ، و يجعلها مصونة من هذه الآفات الأمنية. الناس يعيشون براحة، و اعتقد أن الأمن من الأمور التي يحسن بالمسؤولين المحترمين أن يتحدثوا عنها و يذكّروا بها الناس في كلماتهم، فهناك «نعمتان مجهولتان، الصحة و الأمان»، إحداهما الأمان. طالما كان الأمان متوفراً لا ينتبه أحد إلى وجوده. بينما إذا انعدم الأمن فحين تريد الخروج من بيتك إلى مكان عملك يكون الجوّ غير آمن، و تريد الذهاب إلى المدرسة فلا يكون هناك أمن، و تريد التوجّه للجامعة فلا تجد أمناً، و تروم السفر من مدينة إلى أخرى فلا يكون هناك أمن. الحمد لله على أن البلد في الوقت الحاضر يتمتع بالأمن، و هذا يعود إلى جهود قواتنا العسكرية و الأمنية. يجب تقديم الشكر لهم حقاً و تقويتهم.
و يبدو لي أنه يوجد هنا ثلاثة أجزاء تسترعي الاهتمام. الأول السد الدفاعي الوطني و هو أساس القضية، و هو الروح الثورية و الدينية للشعب. أحد العناصر الثلاثة الأصلية لصيانة أمن البلاد هو حقاً الروح الثورية و الدينية للشعب، و التي تشجع و تحرض قواتنا على أداء مهامها بصورة صحيحة. هذا أحد العناصر و ينبغي المحافظة عليه.
و الثاني هو الجانب التشكيلاتي و التنظيمي عندنا، و هو تنظيماتنا العسكرية و تشكيلاتنا الأمنية. يجب تشجيع هؤلاء و تقديرهم و مساعدتهم، فهم يعملون حقاً.
و العنصر الثالث هو القضايا التقنية و أدواتنا و وسائلنا، و هذه الأشياء التي يصنعونها من قبيل هذا الصاروخ الذي رفع الستار عنه قبل أيام السيد الدكتور روحاني. هذه أشياء مهمة، إنها مهمة جداً، و لها تأثيرها البالغ في الحفاظ على أمن البلاد. أن يستطيع البلد الدفاع عن نفسه، و أن يعلم الآخرون بذلك و بوجود هذه القدرات الدفاعية في البلاد، فهذا مهم جداً. لاحظوا أي ضجة أثاروها حول منظومة أس 300 التي أردنا شراءها، و أية تحركات تكمن وراء هذه الضجة. كم توجهوا و سافروا إلى روسيا من أجل منع هذا الشيء، و الحال أن أس 300 لا يراد منها قصف مدينة معينة، بل يراد منها ضرب المهاجم. هذه هي بالتالي، أي إن العدو لا يستطيع إطاقة حتى وجود قوة دفاعية في بلادنا. لا يستطيع أن يطيق أن تكون لكم قدرات دفاعية.
إذن، من الأمور الأساسية جداً أن نقوي أدواتنا الدفاعية، و أي واحد من هذه العوامل الثلاثة - أي معنويات الشعب، و حفظ و تقوية تشكيلات الأجهزة المسؤولة عن الأمن، و عامل الأدوات و المعدات - يجري زعزعته و إضعافه فسيكون ذلك في ضررنا، و كل من يعمل على إضعافها يكون قد عمل حقاً بضرر البلاد.
العنوان الخامس هو القضية الثقافية. الثقافة هي الأولوية البالغة الأهمية للبلاد. تشمل الثقافة الأدب و الفن، إلى أسلوب الحياة إلى الثقافة العامة إلى الأخلاق و السلوك الاجتماعي. لدينا واجباتنا و مسؤولياتنا في هذه المجالات. أجهزتنا الثقافية تتحمل مسؤولية حقيقية في هذا المضمار. ما الذي سيحدث إذا لم يدققوا في مجالات الأفلام و المسرح و السينما؟! إنني لا أميل إلى الجزم و الضغوط و القمع في هذه المجالات، و تعلمون ذلك، إنني أعتقد اعتقاداً راسخاً بالتحرر الفكري، لكن التحرر الفكري يختلف عن التحلل و التسيب، و يختلف عن السماح للعدو بتوجيه ضرباته للبلاد عن طريق دهليز التحرر الفكري و حرية العمل. إن القوى المؤمنة المتدينة و الشباب الثوريين يقومون اليوم بغالبية الأعمال الصالحة في البلاد، هذه الشركات العلمية المحور، و الأعمال و المهمات المختلفة و النشاطات، هذه يتم إنجازها غالباً من قبل الشباب المؤمن المتدين. و لنفترض أن هناك مسرحية أو فيلماً يتم إنتاجه يحاول استئصال إيمان الشباب من جذوره، فهل هذا حسن؟ أليس هذا شيئاً يشعر الإنسان منه بالخطر؟ هناك قضيتان، قضية الهجوم و قضية الهجوم المضاد. إننا على الصعيد الثقافي نعمل بشكل ضعيف على صعيد الهجوم، و نعمل بنحو ضعيف على صعيد الهجوم المضاد أيضاً. أعتقد أنه ينبغي العمل في هذه المجالات. الثقافة بجوهر الدين و بجوهر الثورة هي أساس أمرنا، و ينبغي العمل على هذا الصعيد فعلاً.
النتاجات الثقافية، الكتاب، و السينما، و المسرح، و الشعر، و الصحافة، و كذلك الشخصيات الثقافية، توجد شخصية ثقافية مثلاً كرّست عمرها كله في سبيل الثورة، و هناك شخصية ثقافية لذعت الثورة متى ما استطاعت، كيف سيكون تعاملكم مع هذين الشخصين؟ أنتم باعتباركم مسؤولين حكوميين و مسؤولين ثقافيين أو مسؤولي وزارة الإرشاد مثلاً، أو مسؤولي وزارة العلوم، أو في منظمة الإعلام الإسلامي - و الأمر لا يختص بمهام الحكومة فقط، بل ينسحب على الآخرين أيضاً - أو الإذاعة و التلفزيون، كيف هو تعاملكم مع هذين الشخصين؟ هذا على جانب كبير من الأهمية. الشخص الذي قضى عمره في خدمة الثورة و في خدمة الدين، هل يحظى بتكريمكم و ترجيحكم مقارنة إلى الشخص الذي لم تكن له أية خطوة طوال عمره في سبيل الدين و الثورة، بل و وجّه الضربات و اللذعات لهما في بعض الأحيان؟ هذه أمور مهمة و نقاط ينبغي التفطن لها. إذا لم نتفطن لهذه النقاط و نتجّه، نتيجة التأثر بالأجواء، نحو الشخص الفلاني المعارض من أعماقه للثورة الإسلامية و للحكومة الإسلامية و للنظام الإسلامي، فهذا بخلاف التحرك الثقافي العقلاني. إذن، أعتقد أن يجب أن تكون هناك روح تحرر فكري و يجب أيضاً أن تتوفر البرمجة العادلة. لا عدم البرمجة و التسيب الثقافي و لا الجزم الفكري و التحجر و الاستبداد الثقافي، لا أوافق أيّاً من هذين الجانبين للقضية. الطريق الصحيح هو أن نبرمج و نوجّه و نساعد على نماء الحالات الإيجابية و نحول دون الضربات و الآفات و الهجمات و ما إلى ذلك. أي ينبغي أن يكون لنا هجماتنا و هجماتنا المضادة كلاهما.
العنوان السادس - و هو الأخير حسب الظاهر أو قريب من الأخير - يتعلق بالخطة حيث يوجد لدينا تأخير في الخطة الخمسية السادسة. الخطة السادسة قضية مهمة حقاً. أهمية الخطة واضحة بالنسبة لكم و تعلمون كم هي مهمة، فالخطة تحقق التنسيق و الانسجام و تحقق التآزر، و تربط سلسلة البرامج المتتابعة بأهداف الأفق. بمعنى أنه لو كانت سلسلة البرامج هذه منقطعة هنا في الوسط لما استطعنا التوصل إلى النتائج، و هذا شيء واضح. إذن، الخطة على جانب كبير من الأهمية. و للخطة إجراءاتها و عملياتها المحددة في دستور البلاد: سياسات يتم تبليغها و إعلانها، و الحكومة تعد برامجها على أساس هذه السياسات، ثم تتحول هذه البرامج إلى قانون يلزم الجميع بالعمل بتفاصيله. و إذن، لمجلس الشورى الإسلامي أيضاً دوره في سياق هذه الخطة و العملية. أعتقد أنه ينبغي أن تنجزوا هذه المهمة بأسرع ما يمكن و تتقدموا بها إلى الأمام، و لا تدعوها تتوقف أكثر من هذا. و المهمة الأساسية في الخطة تتعلق طبعاً بالقطاع الاقتصادي، و ينبغي إدراج الاقتصاد المقاوم. و على الصعيد الثقافي ينبغي أن تكون الثقافة بنفس تلك الخصوصيات التي تحدثنا عنها. و في قطاع العلم و التقنية - و هذه القطاعات الثلاثة مهمة جداً - يجب أن تكون الأمور بنفس تلك الخصوصيات التي سبق ذكرها، و لا بدّ من الاهتمام بالبحث العلمي و التنمية العلمية.
نقطة أخرى تتعلق بالفضاء الافتراضي، و أريد أن أرجو من حضرة السيد رئيس الجمهورية أن يتابع هذه القضية، فالفضاء الافتراضي حقاً عالم متطور لا يقبل التوقف، أي إنه بلا نهاية فعلاً. كلما نظر الإنسان وجد أن الشيء الذي له أول و ليس له آخر هو الفضاء الافتراضي. كلما تقدم الإنسان في هذا الفضاء استمرت مدياته بلا نهاية. هذا الشيء يوفر لكل بلد فرصاً كبيراً، و توجد إلى جانب ذلك تهديدات و أخطار، و علينا أن نفعل ما من شأنه الاستفادة إلى أقصى درجة من تلك الفرصة، و أن ننأى بأنفسنا ما استطعنا عن تلك التهديدات. و قد تأسس المجلس الأعلى للفضاء الافتراضي لهذا السبب. افترضوا مثلاً أنه لم تكن هناك أية إشارة لهذه القضية في تقرير السيد الدكتور جهانگيري. أشار بسطر واحد فقط بأننا فعلنا كذا في القطاع الفلاني، مثلاً وفرنا هذه الأمور في القطاع الفلاني المؤثر في شبكة المعلومات الوطنية. أشار إلى أنظمة البحث، لأن نظام البحث بدأ منذ سنوات، هم الذين يصممون أنظمة البحث، و ربما كان الشباب هنا و هناك قد صمموا لحد الآن العشرات من أنظمة البحث و أنتجوها، أي إنها ليست بالشيء الجديد، و قد أكد هو على هذا الشيء، لكننا لم نتقدم في الشبكة الوطنية للمعلومات - و هي شبكة داخلية مهمة جداً - و مع أن السيد واعظي (10) يؤمن بهذه القضية و الأعزاء كلهم يؤمنون بها لكنها لم تتقدم إلى الأمام. ينبغي أن نتابع هذا الأمر إن شاء الله حتى لا نتحمل خسائر لا تعوض.
و المسألة الأخيرة هي قضية هذه الرواتب الضخمة، و التي كانت هي الأخرى النقطة الأخيرة في كلمة السيد الدكتور روحاني. الذي أرجوه هو أن لا تمروا بهذه القضية مرور الكرام. نعم، إثارة هذه القضية بذلك المعنى - و على حد تعبيره إعادة القراءة و إعلان إحصائيات بأن فلان يقبض كذا و فلان يقبض كذا - قد لا تكون عملية إيجابية جداً، و لكن من ناحية ثانية فإن ما تفعلونه في المقابل مهم جداً، أي قولوا للناس ما الذي فعلتموه. لقد انخرمت ثقة الناس في هذه القضية. لاحظوا، الناس لا يهضمون الكثير من هذه الأرقام الكبيرة و ما شابه، لكنهم يفهمون جيداً معنى راتب قدره ستون مليون تومان و خمسون مليون تومان و أربعون مليون تومان. الشخص الذي دخله في الشهر الواحد مليون تومان أو مليون و مائتا ألف أو مليون و خمسمائة ألف، يفهم جيداً ما معنى الخمسين مليوناً. ليسوا قلائل في البلاد الأشخاص الذين لا تزيد رواتبهم عن هذه الأرقام. ينبغي عدم التفريط بثقة الجماهير بهذه الممارسات، و قد قال السيد روحاني، و هو على صواب، إن ثقة الناس و أملهم و تفاؤلهم هو رصيدنا الأساسي. تبذلون كل هذه الجهود المضنية و تعملون و تجدون، ثم يأتي شخص فيضيّع كل هذه الجهود فجأة براتب غير عادل. أليست هذه المسافة بين خمسين مليوناً و مليونٍ واحدٍ غير عادلة؟
أليس لديكم اليوم في أجهزتكم الحكومية أشخاص يستلمون رواتب بمقدار مليون أو مليون و مائتي ألف، أو مليون و خمسمائة ألف، أو مليونين؟ إنهم كثر. طيب، و إذا بشخص يستلم ثلاثين مليوناً أو أربعين مليوناً! أليس هذا بخلاف العدالة؟ تعاطفوا مع الناس ليشعر الناس أنكم تتحملون نفس الآلآم التي يتحملونها، و أثبتوا أن لديكم عزيمة راسخة للتصدي لهذه القضية و الحيلولة دونها و عدم السماح باستمرارها. أثبتوا هذا للناس. على كل حال هذه نقطة مهمة. أعتقد أنه ينبغي عدم التماس الأعذار للمخالف أبداً، و ينبغي أن يكون التصدي حاسماً، و الأمر لا يختص بالسلطة التنفيذية، فهذا المعنى جار و سار في كل السلطات و كل الأجهزة. و على الجميع مراعاة ذلك. السلطة التنفيذية أمام الأنظار و هي أوسع من غيرها. في التصدي يجب أن لا تكون السلطة التنفيذية وحدها هي التي تتصدى، و حين يتعلق الأمر بالسلطة القضائية - في الموطن الذي يجب أن تتدخل فيه السلطة القضائية - فيجب عليها التصدي.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

الهوامش:
1 - في بداية هذا اللقاء الذي أقيم بمناسبة أسبوع الحكومة تحدث حجة الإسلام و المسلمين الشيخ حسن روحاني رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية، و السادة إسحاق جهانگيري النائب الأول لرئيس الجمهورية، و سورنا ستاري المعاون العلمي و التقني لرئيس الجمهورية، و بيجن نامدار زنگنه وزير النفط، و علي ربيعي وزير التعاون و العمل و الرفاه الاجتماعي، و عباس آخوندي وزير الطرق و البناء، و محمد باقر نوبخت معاون رئيس الجمهورية و رئيس منظمة التخطيط و الميزانية، رافعين تقارير عملهم.
2 - سورة القيامة، الآية 14 .
3 - السيد محمود حجتي وزير الجهاد الزراعي.
4 - السيد محمد رضا نعمت زاده وزير الصناعة و المعادن و التجارة.
5 - السيد علي طيب نيا وزير الاقتصاد و المالية.
6 - السيد ولي الله سيف المدير العام للبنك المركزي الإيراني.
7 - ضحك الحضور.
8 - السيد محمد فرهادي وزير العلوم و البحث العلمي و التقنية.
9 - المرحوم الدكتور تقي إبتكار مستشار سابق لرئيس الجمهورية في الشؤون العلمية و التقنية، و والد الدكتورة معصومة إبتكار مديرة منظمة البيئة و عضوة حكومة الدكتور روحاني.
10 - السيد محمود واعظي وزير الاتصالات و تقنية المعلومات.