أعزّي بحرارة جميع الأخوة والأخوات الذين تجشّموا عناء السفر والحضور إلى هذا المكان من أماكن بعيدة للإعراب عن آلامهم بهذا المصاب الجلل، آمل أن تبقى روح الإمام العظيم والباطن النوراني لهذا الرجل الإلهي مصدر إلهام للشعب الإيراني وسائر المسلمين كي يستطيعوا بناء طريق المجد الإسلامي المرضي لله.
لقد كان لثورتنا بُعدَين: بعد داخلي، وآخر خارجي. ففي بعدها الداخلي قد استبدل الشعب الإيراني المضحّي الحياة الثقافية الغربية والملوثة بفساد القوى الاستكبارية بالحياة الإسلامية،  وها نحن نشهد اليوم تقدّمًا كبيرًا في معنويات الشعب الإيراني على هذا الصعيد، فإذا ما أردنا مقارنة الوضع الحالي اليوم مع ما كان سائدًا قبل انتصار الثورة وما كانت تفعله الأيادي الاستكبارية زمن العهد البائد لوجدنا اختلافًا هائلًا، وبالطبع لا ندّعي أنّ حياتنا اليوم هي حياة إسلامية كاملة، ولكننا نعتقد وبالقياس مع الماضي بتقدّم لمراتب نحو الحياة الإسلامية، ويجب أن نسعى للاقتراب منها أكثر فأكثر. فالحياة الإسلامية الطيبة تعني السعادة في الدنيا وحسن المآب في الآخرة والرفاه المادّي متزامنًا مع السمو الروحي والمعنوي، ولقد أحدثت ثورتنا هذه الحركة في بلادنا وتقدّمت بفضل اليد الإلهية لإمامنا وقائدنا، فأصبحنا بحمد الله الشعب النموذجي بين شعوب العالم. 
وتأتي أهمية البعد الخارجي في ثورتنا في مستوى بعدها الداخلي، إذ استطاعت ثورتنا في بعدها الخارجي أن تُعرّف الشعوب المسلمة على بعضها وأنشأت بينها علاقات من الود والتعاطف. لقد سعى الاستعمار وطوال الأعوام المتمادية إلى تمزيق الجسد الإسلامي أو وضع المسلمين في خلاف داخلي في ما بينهم، حيث العرب في مواجهة الفرس، وكلاهما في مواجهة الأتراك، وسائر الثلاثة في مواجهة الشعب الباكستاني، والجميع في مواجهة سائر الشعوب الإسلامية، كان هدف الاستعمار من هذا العمل هو وضع الحدود الجغرافية والعرقية بين الشعوب وبين الدول. وما تلاحظونه اليوم من رفع علم القومية والوطنية على يد بعض القادة والرؤساء من عملاء الاستعمار فإنّه انتهاج لتلك الخطوط والمناهج الاستعمارية. 
فجاءت ثورتنا لتقوم بتقريب الشعوب الإسلامية وتعريفها في ما بينها، واليوم تشعر الشعوب والدول الإسلامية وببركة الثورة الإسلامية بانبعاث الروح الإسلامية من جديد، فعاد العرب يفخرون بأمجادهم الإسلامية بعد أن كانوا يفخرون بعروبتهم في ما لو كانوا أحرارًا في وجدانهم وإيمانهم، كما عادت الشعوب الإسلامية في شبه القارة الهندية وأفريقيا وسائر الشعوب المسلمة في آسيا تفخر بإسلامها.
 لقد تحول الإسلام ببركة الثورة إلى قيمة مفيدة، واقترب المسلمون من بعضهم مع شعورهم بالإسلام، وفي الجهة المقابلة فإن أعداء العالم الإسلامي أعني الاستكبار العالمي والشرق والغرب المتغطرس وأمريكا المعتدية قد اشتد خلافهم للإسلام من أعماق وجودهم، وباتوا يستوحشون من الوحدة الإسلامية وانفتاح الشعوب المسلِمة على بعضها. 

ينبغي علينا ونحن نجلس للعزاء من أجل الإمام الراحل أن نستشعر هذَين البعدَين بكل جدية، وإلاّ فإذا ما تناسينا طريق ووصية الإمام التي لن تُنسى أبدًا إن شاء الله، فإنّ جميع الجهود التي بذلها الإمام وكل معاناته ستذهب أدراج الرياح.
إنّ كِلا بعدَي الثورة اليوم له أهميته بالنسبة إلينا، فعلى مستوى البعد الداخلي يتعيّن على جميع طبقات الشعب والمسؤولين والعلماء الأعلام والمعلمين والمؤلفين والكتّاب والسياسيين والمنتجین والمخططين أن يسعوا في دفع مسيرة المجتمع أكثر نحو الحياة الإسلامية وفي تقريبنا من القيم، وعلى مستوى البعد الخارجي للثورة أيضًا يتوجّب على جميع الشعوب الإسلامية وفي طليعتها العلماء والمفكرون والذين يؤثّرون على أذهان الناس السعي باتجاه حفظ وتقوية وإرساء دعائم الوحدة والتقارب والتعارف بين الشعوب.
 وفي مراسم الحج حيث حَرَمَ المرتزقة أيادي الاستكبار العالمي شعبَنا وعلى مدى عامَين من زيارة بيت الله الحرام ومرقد الرسول الأكرم سيدنا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، يجب على زوّار بيت الله التأكيد على أهمية العودة إلى الإسلام والاتحاد والتضامن الإسلامي بين أفراد الشعوب. إنّنا نؤكد لكل الشعوب الإسلامية وللجاليات الإسلامية في البلدان غير الإسلامية أنّ شعبنا لن ينسى عهده الإلهي والإسلامي الذي يربطه بسائر المسلمين في العالم وأنه سيوليه أهمية، وهذا ما أوصى به الإمام. 

إنّني أوصي إخواني وأخواتي الذين شرّفوا من نقاط نائية وكذا إخواني الباكستانيين المحترمين أن لا ينسوا أبدًا مهمتهم في العمل والسعي من أجل بناء مجتمع إسلامي كامل من الداخل، ومن أجل بناء علاقات أخوية مستحكمة إسلامية من الخارج؛ وهذان هما الركنان الأساسيان للثورة الإسلامية. 
آمل من الله سبحانه أن يمدّ المسلمين جميعًا بعونه كي يتمكنوا من السعي في طريق انتصار الإسلام في العالم، ويوفقهم ولا سيما شعب إيران العظيم كي يتمكن من الاستمرار في طريق المجد والشرف الذي عرّفنا إليه إمامنا العظيم. 
أرجو أن تبلغوا سلامي إلى جميع الأخوة والأخوات الأعزاء عندما تعودون إلى مدنكم، وأسأل الله سبحانه أن يؤيدكم بنصره وأن يوفقنا جميعنا لرضا الإمام الراحل وأن يشمل حالنا دعاء حضرة بقية الله (أرواحنا فداه). 
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته