يُشير الإمام السجاد (ع) في الدعاء الرابع والأربعين من «الصحيفة السجادية»، المتعلّق بهذا الشهر، قائلاً: «الحمد لله الذي جعلنا من أهله»، أي لسنا غافلين عن النعم الإلهية، ونحمده ونشكره. لقد فتح أمامنا طرقاً لنصل من خلالها إلى حمده. وقد حدّد لنا الغايات والسّبُل وأمرنا بالسير في هذه الطرق. 
ثمّ يصل إلى هذه العبارة: «والحمد لله الذي جعل من تلك السبل شهره، شهر رمضان»، أي الحمد لله الذي جعل إحدى تلك السبل التي توصلنا إليه، إلى الكمال وبصيرة معدن العظمة، شهرَ رمضان هذا. الإمام (ع) يعبّر بتعبير «شهره». لقد جعل شهر الله واحداً من هذه السبل. وهذا له معنى كبير جدّاً. لو فكّرنا، فإن الشهور كلها شهور الله وهي ملك لله. حينما يحدّد مالك الوجود كلّه جزءاً من الوجود وينسبه إلى نفسه بصورة خاصة، يتبيّن أنّه يولي ذلك الجزء من الوجود أهمّية وعناية خاصّة. وواحد من تلك الأجزاء هو «شهر الله»، وهذه النسبة الخاصة نفسها كافية لفضيلة شهر رمضان.
«شهر رمضان، وشهر الصيام، وشهر الإسلام». شهر الصيام، أي شهرٌ صيامه من الوسائل الفعّالة جدّاً في تهذيب النفس، لأن فيه تحمّل الجوع ومكافحة الأهواء والشهوات، وشهر الإسلام، أي شهر «إسلام الوجه لدى الله»، أي التسليم لله. حسناً، إنه إنسان شاب وعندما يصوم هو جائع وعطش، والغرائز كلها تدعوه نحو الأهواء والشهوات لكنه يقف في وجه هذه الغرائز كافة، فلأيّ شيء؟ من أجل تنفيذ أمر الله. هذا تسليمٌ لله. ولا يوجد لدى المسلم في أيّ يوم من أيّام السنة بصورة طبيعية هذا التسليم كله لله كالتسليم على نحو عادي، ذاك الذي يكون لديه في أيّام شهر رمضان. إذن هو «شهر الإسلام»، أي شهر التسليم.
~الإمام الخامنئي 3/2/1995