إنّني أطالب بجديّة بحفظ أمن الزوّار من العالم الإسلاميّ جميعاً خاصّة أمن الزوّار الإيرانيّين. هم مسؤولون، مسؤولون عن صون هذا الأمن، وألا يسمحوا بتكرار الفجائع السابقة.
الحجّ هذا العام بشرى عظيمة حيث أنه بعد توقف دام عامين، فتح الله المتعالي هذا الباب مرة أخرى أمام الزوّار الإيرانيّين ومن سائر البلاد الأخرى. هذا ليس لطفاً من أحد. إنه القبول لاشتياقكم، أنتم والحجاج الكرام، من رب العالمين. أسأل الله أن يكون حجكم جيداً إن شاء الله، وأن يكون محفوفاً بالسّلامة والأمن واستجابة الدّعاء ونيل التفضّلات الإلهيّة.
يقول الله المتعالي أنّ الحجّ عمود حياة البشر. هذا أمرٌ في غاية الأهميّة. هو "قياماً للنّاس"... ليس ملكاً لأشخاص جيلٍ معيّن، وجموعٍ معيّنة، وفئة محدّدة، هو ملكٌ للنّاس والبشريّة. هو قيامٌ من أجل البشر.
نكرّر مئة مرّة، ثمّ يعلو من هناك صوت أحدهم ليتحدّث عن قضيّة الشيعة والسنّة ونقاط الاختلاف بينهم. لماذا يفعلون هذا الأمر؟ لماذا يخدمون العدوّ في أعمالهم؟ لا يعلمون أنّ البريطانيّين يتقنون بثّ الخلافات. وواحدة من الهوّات والشقوق التي لطالما استغلّها البريطانيّون، كانت الهوّة بين الشيعة والسنّة؟ لا تفعلوا هذا!
الحجّ مظهر اتّحاد الأمّة الإسلاميّة. حاولوا أن لا يمسّ موضوع الاتّحاد أيّ خلل. الأئمّة (عليهم السّلام) كانوا يذهبون ويشاركون في صلاة الجماعة التي كانت تُقام في المسجد الحرام بإمامة شخصٍ آخر، كان الإمام الصّادق يذهب ويشارك. كان يتعمّد أن يشارك ويرى الآخرون ذلك.
التعايش من أهمّ القضايا في حجّ، فلا بدّ لأشخاص يمتلكون ثقافات وألوان ولغات متعدّدة أن يتعايشوا معاً هنا، «لارَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا جِدالَ فِي الْحَج» . ما هي مشكلاتنا في العالم اليوم؟ مشكلات البشر لا مشكلات المسلمين فقط. هي أنّهم لا يجيدون التعايش ويمارسون الغطرسة بحقّ بعضهم البعض ويسيئون الكلام. الحجّ يُعلّم التعايش.
[المسؤولون في] هذه الحكومات العربيّة وغير العربيّة الذين صافحوا الصهاينة لن يجنوا أيّ منفعة من هذا العمل؛ لا شيء. شعوبهم معارضة. هؤلاء يجلسون هناك ويحتسون القهوة، وشعوبهم هناك في الأسفل ترفع القبضات وتطلق الشعارات. هذا الأمر إذاً يضرّ بمصلحتهم.
التسوّق في الحجّ عيبٌ مهما كانت النيّة... بدل أن تصرفوا وقتكم في تلك الأسواق ذات الإشكال من أجل شراء هديّة لأحدهم، فلتصلّوا ركعتين في المسجد الحرام من أجله، فلتطوفوا عنه حول الكعبة، فلتدعوا له، فلتقرأوا من أجله نصف صفحة من القرآن، هذه هي الهديّة الحقيقيّة. إذا أردتم إهداء أحدهم هديّة فلتشتروها من هنا، لماذا تشتروها من هناك؟ هذه مساعدة لمن؟ بأيّ ثمنٍ روحيّ ومعنويّ؟
بلاء الصهيونيّة اليوم هو بالنسبة للعالم الإسلاميّ بلاءُ واضح ومباشر وفوريّ. لطالما كان الصهاينة بلاء، حتّى قبل تأسيس الكيان الصهيونيّ المزيّف، حينها أيضاً كان أصحاب رؤوس الأموال الصهاينة بلاء في العالم على الجميع، لكنّهم اليوم بلاء على العالم الإسلاميّ بشكل خاصّ. لا بدّ من فضح هذا الأمر بأيّ شكل تجيدونه وتقدرون عليه.
الأمر الوحيد الذي يدفع الحكومات لإقامة العلاقات مع الكيان الصهيوني هو إرادة أمريكا، يرغبون بالعمل وفق مشيئة أمريكا. لأنّ ضغوط أمريكا تُمارس، فهم يرغبون في العمل بإرادتها، هذا فقط هو السّبب. وإلّا فإنّها لا تحمل لهم حقّاً أيّ فائدة.
«جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاس»... للقيام هنا بُعدٌ مادّي، «لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُم». المنافع تشمل المنافع الماديّة أيضاً لكنّها تشمل أكثر المنافع المعنويّة والأخلاقيّة. ما تقومون به من أعمال في الحجّ يُعلّمكم كيف تختارون أركان الحياة.