- في بعض الأحيان، عندما تحدث أعمال شغب في مكان ما في البلاد، يقول بعضهم إنه يجب أن يُسمع صوت الشعب الإيراني. في رأيك ما أهداف هؤلاء الأشخاص ونياتهم؟ أي صوت يمكن تسميته صوت الشعب الإيراني؟

مَن يقولون إن أصوات المعارضين لا تُسمع وينصحون النظام بالاستماع لأصوات المعارضة ليس لديهم تحليل صحيح، وأساؤوا فهم المسألة. نحن نعيش في محيط عابر للحدود الوطنية، ويجب تحليل أفعالنا وردود أفعالنا على المستوى العالمي. يوجد اليوم قطب مهيمن في العالم قولب جميع المجتمعات وفرض نمط عيش علمانياً على العالم الغربي وبقية الدول في العالم. وقف مجتمعنا بسبب الثورة الإسلامية وإرادة الشعب الدينية ضد هذه الهيمنة ونمط عيشها. لذلك إن الصوت الحقيقي هو الذي يصدح ضد الظالم، وصوت الذين يظهرون الاستقامة. أولئك الذين لا يستطيعون التحليل عبر هذه الزاوية لن يستطيعوا التمييز بين الجهة الثورية وبين الظالمة. الظالم هو النظام الرأسمالي العالمي الذي يستخدم القوة والهيمنة بالطرق شتى لإزالة العوائق التي تواجهه، والثوريون هم المجموعة التي تقف أمام هذا الظالم.

إذا فقد شخص ما في الداخل روح الصمود، فلن ينهض. يصف بعض المحللين خطأً أعمال الشغب بأنها حركة اجتماعية، في حين أن أعمال الشعب الأخيرة ليست نهضة ولا تسعى إلى إحداث نهضة. إنهم يسعون إلى التفلّت عن الاستقامة، لا التحرر من الهيمنة. إذا حللنا هذه الأحداث بأسلوب صحيح، فسنكتشف أي مجموعة لها صوت وأي مجموعة ليس لها. أولئك الذين يقولون إننا سئمنا شعار «الموت لأمريكا» والاستقامة أمام الهيمنة هم أنفسهم الذين رحبوا بالاتفاق النووي بكل شغف ثم رأوا أنه ليس أكثر من سراب. هؤلاء أنفسهم يحتجون الآن ليس على الهيمنة والظلم بل على الاستقامة أمام الهيمنة. من يرون أن لهم صوتاً هم الجماعات التي تعدّ الغربيين مرجعية لها ويقولون إن علينا التخلي عن قيم الثورة الإسلامية والانضمام إلى نظام الهيمنة حتى نتمكن من أخذ نصيبنا في هذا النظام العالمي الحالي، ونرضى بعبوديتنا لهم لقاء سهم قليل.

 

- ما جذور هذه المطالب التي يروم الإعلام الغربي إلى تلفيقها باسم الشعب الإيراني؟

طبعاً لا بد من سماع أصوات المعترضين، وهذا لا يتعارض مع حقيقة أن قنوات التواصل في المجتمع يجب أن تكون قوية بما يكفي لسماع أصوات الفئات المختلفة، وتوفير الظروف لتعدد قنوات التواصل وتنوعها، لتتمكن فئات المجتمع من التعبير عبرها عن مطالبها. لدينا هذا الخلل في قنوات التواصل، لكن هذه المطالب التي يُنادى بها أحياناً، مثل خلع الحجاب والاختلاط، تنسجم مع نمط العيش العلماني ونظام الهيمنة. هذه المطالب هي نفسها التي طرحها بايدن وماكرون في الاجتماع الذي كان تحت عنوان حقوق الإنسان في إيران، وهي ليست من سنخ ثورية أو مطالبة بالكمال والارتقاء، فأولئك لا يسعون وراء نمط عيش راقٍ. إنهم يسعون وراء نمط عيش تكون عناصره الكسل والتعب، وفي الحقيقة، يبحثون عن حياة يعتقدون أنها أسلوب الحياة الغربي. إنهم يميلون أكثر إلى ما يرونه في الإعلام الغربي، دون الالتفات إلى العواقب والمضاعفات.

 

- النقطة الأخرى الجديرة بالملاحظة في هذا السياق أن جزءاً من المجتمع يدعي الثقافة، ثم يبهّت أحداثاً مثل المسيرات الهادرة في 13 آبان و22 بهمن هذا العام وتشييع جثامين الشهداء في سنوات مختلفة أو حتى التشييع العظيم للجنرال قاسم سليماني. ما تحليلك لهذه القضية؟

المثقف المذكور ليس مثقفاً بالمعنى الحقيقي، لأن قضية النظام الحاكم قبل أربعين عاماً أو خمسين على سبيل المثال كانت قضية وطنية، وكانت وظيفة المثقفين انتقاد السلطة الحاكمة. لكن عندما صارت العمليات عابرة للحدود واتجهت بقية دول العالم نحو أن تصير عابرةً للحدود، يُعد انتقاد النظام الحاكم في هذه الحالة نوعاً من التنسيق مع السلطة العابرة للحدود. هذا النوع من الثقافة ما هو إلا رقص وتناغم مع القوة العابرة للحدود ولا تمكن تسميته ثقافة إطلاقاً.

في هذه المرحلة، ينتقد مدّعو الثقافة الجماعة المعارضة للظالم ويقللون من شأنهم، إذ يعد هذا العمل خدمة لسلطة النظام الرأسمالي، ولا يهم هل هو ماركسي أو ليبرالي، لأنهم وكلاء نظام الهيمنة. لهذا هم ينظرون إلى المناسبات والأحداث الوطنية بنظرة تجاهل، لأن هدفها المقاومة، وهم لا يتقبلون مقاومة الهيمنة إطلاقاً.

إذا كان لديهم نقد لنظام الهيمنة، فإنه نقد يحوي في طياته انحيازاً مثل الحركات البيئية التي تريد بقاء النظام الرأسمالي مع مراعاة حقوق الأقليات، أو أن يجري الحفاظ على البيئة لكن مع بقاء الأجندة العالمية التي هي سبب الدمار. على سبيل المثال، يتعلقون بنوع من الكائنات ويهتمون بالأقليات ويسعوا للحفاظ عليها، لكن يقبلون البقاء تحت إطار نظام الهيمنة.

في مثل هذه الظروف، يُعدّ النظام الحاكم في إيران نظاماً ثورياً ويريد تغيير نظام الهيمنة. هؤلاء المثقفون يعارضون أي رأي وتيار يكون في اتجاه التحول وضد نظام الهيمنة، ويدعمون المجموعات التي تقف أمام في وجه مجموعة المقاومة.