خصائص "الرسالة" الفكرية:

1) استمرارية "خط الإمام" في دعوة الغرب: يأتي هذا الخطاب "الرسالة" استمراراً لما خطه الإمام الخميني في عدم إهمال الغرب ببعث رسائل تُعبر عن هوية الثورة الإسلامية ورؤيتها الحضارية، والخطاب الأول في هذا "الخط" هو ما أرسله الإمام الخميني في 22 جمادى الأولى 1409هـ إلى ميخائيل جورباتشوف رئيس الاتحاد السوفيتي – آنذاك – مع شخصية دينية مرموقة هو آية الله جوادي آملي، وكان فحوى الخطاب هو دعوة جورباتشوف إلى "الإيمان" وإلى "التوحيد"، وسُمي هذا الخطاب بعد ذلك بـ"نداء التوحيد" أو "دعوة التوحيد"، وكان ذلك مماثلة لما فعله النبي (ص) مع الملوك والرؤساء بدعوتهم إلى الإسلام. والإمام الخامنئي في رسالته هذه إلى الشباب في الغرب يدعم هذا "الخط الفكري" ويؤكد على التواصلية والاستمرارية في الرؤية الحضارية لإيران، وتعاملها مع "أعداء فكرتها وثورتها" بتقديم النصح والهداية والإرشاد والوعي برسالتها [إِنْ عَلَيْكَ إِلا البَلاغُ] {الشُّورى:48}.

جاءت الرسالة استمراراً لما خَطَّه الإمام الخميني (رض) في عدم إهمال الغرب

2) سياقات "الرسالة": تأتي الرسالة في ضوء حدثين عظيمين داخلياً (لدى الشيعة) وخارجياً (لدى الغرب)، وهو ما أعطى "الرسالة" – زخماً – إعلامياً كبيراً، فالحدث الداخلي يتمثل في المناسبة الأهم على الإطلاق عند الشيعة وهي "أربعينية الإمام الحسين (ع)"، والتي ينتظر فيه المراقبون حديثاً من "قائد الثورة الإسلامية" موجهاً إلى شيعة أهل البيت (ع) في أنحاء العالم، فتأتي "الرسالة" إلى الخارج وليس إلى الداخل في لفتٍ للانتباه إلى عناية القيادة بالبعد العالمي في منهجية تفكيرها واهتماماتها. والحدث الثاني هو حالة "الذعر" و"الخوف" الغربي بسبب الهجمات التي أودت بحياة العشرات في العاصمة الفرنسية "باريس"  13 /11/2015 واحتجاز رهائن لعدة ساعات، تبعها هجمة إعلامية غربية على المسلمين والإسلام ، ودعوات غلق المساجد، والمطالبة بإصدار قوانين مشددة على بنائها وفتحها ومراقبتها.

3) الواقعية: إذا كان خطاب القيادة السابقة "الإمام الخميني" إلى جورباتشوف اتسم بالتجريد والفلسفة وهو ما توافق مع مضمون الخطاب وفحواه " الدعوة إلى الإيمان والتوحيد"، فإن خطاب الإمام الخامنئي إلى الشباب في الغرب اتسم "بالواقعية"، ويبدو ذلك لتحقيق هدفية الخطاب ومقصده التي تناولت: أسباب الإرهاب ودوافعه، والدعوة إلى ضرورة تبني قواعد جديدة في شكل العلاقات مع العالم الإسلامي، و الإرهاب والعنف الغربي على العالم الإسلامي و"التناقض" في السياسة الغربية، وما أسماه بـ"القضايا المؤلمة" أو " الألم المشترك" التى تعاني منها الإنسانية بسبب السياسات الغربية، وعدم "حيادية المنظمات الدولية تجاه قضايا العالم الإسلامي, فكانت الواقعية خطّاً للرسالة, بالإضافة إلى طبيعة العقل الغربي المادي الذي سيطرت عليه الآلة والطبيعة المادي التي لا تملك إلا الإيمان بالحوادث الواقعة والمشاهدات المرئية.

4) العقلانية: اتسمت "الرسالة" بكم هائل من العقلانية، وتحكيم المنطق العلمي – العقلاني، فجاءت دعوة الشباب الغربي إلى: "تحليل ظاهرة الإرهاب" و"الكراهية العميقة" ضد الإسلام في الغرب و"انجذاب الشباب الغربي" إلى التنظيمات الإرهابية رغم المناخ الذي يدعي الحرية والديمقراطية، جاءت الرسالة استنطاقاً واستنباطاً لما أسمته "الواقع الأليم" المعاش للإنسانية المعاصرة، و"معاناة العالم الإسلامي" ودعوة الشباب الغربي إلى "المقارنة" بين ما يحدث له وما يحدث في فلسطين "فإن العائلة الفلسطينية لا تشعر بالأمن من آلة القتل الصهيونية منذ عشرات الأعوام حتى وهي في بيتها أي نوع من العنف يمكن مقارنته اليوم من حيث شدة القسوة ببناء الكيان الصهيوني للمستوطنات". ويدعو الشباب في الغرب – أيضاً – إلى إدراك دور الغرب الجوهري في دعم الإرهاب ضد العالم الإسلامي "...إن العالم الإسلامي كان ضحية الإرهاب والعنف بأبعاد أوسع بكثير وبحجم أضخم ولفترة أطول بكثير. وثانياً: إن هذا العنف كان مدعوماً وللأسف وعلى الدوام من قبل بعض القوى الكبرى بشكل مؤثر وبأساليب متنوعة".

دعا الإمام الخامنئي في رسالته الشباب الغربي لإدراك دور بلادهم الجوهري في دعم الإرهاب

5) المستقبلية: تحمل الرسالة في مضامينها رؤية مستقبلية مهمة تظهر في جانبين الأول: في المستهدف من الرسالة وهو "الشباب"، فلم تخاطب الرسالة الأنظمة القائمة التى تعتبرها مسؤولة عن دعم العنف والإرهاب بشكل مباشر، وخاطبت الشباب أملًا في تغيير الصورة الذهنية ومنهج التفكير في المستقبل. والثاني : دعوة الشباب الغربي إلى أن يتبنى في المستقبل طرح جديد لــ "أسس تعامل صحيح وشريف مع العالم الإسلامي، قائم على ركائز معرفة صحيحة عميقة ومن منطلق الاستفادة من التجارب المريرة الماضية" ويخاطبهم – أيضاً – قائلاً " أنتم الذين يجب أن تتجاوزوا الصور الظاهرية لمجتمعاتكم، وتجدوا مكامن العقد والأحقاد وتكافحوها. ينبغي ترميم الهوات بدل تعميقها". ثم تؤكد الرسالة على أهمية العلاقة بين العالم الإسلامي والغرب في ضوء علاقات صحيحة ومعرفة سليمة وعادلة "...إنني لا أنكر أهمية الأوامر الثقافية وقيمتها. وهذه الأوامر متى ما حصلت في ظروف طبيعية وشهدت احترام المجتمع المتلقي لها ستنتج التطور والازدهار". وهذا ما ترغب به "الرسالة" أن يتحقق في المستقبل بين العالمين الإسلامي والغربي.

6) التاريخية: تحرك الرسالة– أيضاً – ذاكرة الغرب نحو "قيم الإسلام" في "التعايش" و"التعامل" بعطاء الحضارة الإسلامية للغرب والإنسانية والذي لا يمكن إنكاره وأن إنعاش الذاكرة الغربية قليلًا نحو هذا الأمر ستجد فيه إضاءات واسعة ومتعددة الجوانب "...إن العالم الغربي يعرف المسلمين جيداً منذ قرون. إذ يوم كان الغربيون ضيوفاً في دار الإسلام وامتدت أعينهم إلى ثروات أصحاب الدار، أو يوم كانوا مضيفين وانتفعوا من أعمال المسلمين وأفكارهم، لم يلاقوا منهم في الغالب سوى المحبة والصبر".

7) مركزية فلسطين: مثلت القضية الفلسطينية نقطة مركزية في البعد الإيديولوجي للثورة الإسلامية منذ نجاحها 1979م، وتشغل حيزاً مهماً في العلاقات الخارجية الإيرانية المعاصرة، وتعد إيران داعماً أساسياً للمقاومة الفلسطينية منذ نجاح ثورتها، ولم تتجاوز الرسالة هذا الاهتمام؛ بل أكدته ففي إطار المعاناة التى يعيشها العالم الإسلامي تأتي قضية الشعب الفلسطيني في قلب هذه المعاناة كما تصفه الرسالة بكل وضوح

تعد إيران داعماً أساسياً للمقاومة الفلسطينية منذ نجاح ثورتها

"...إذا كانت الشعوب الأوروبية اليوم تلوذ ببيوتها لعدة أيام وتتجنب التواجد في التجمعات والأماكن المزدحمة؛ فإن العائلة الفلسطينية لا تشعر بالأمن من آلة القتل والهدم الصهيونية منذ عشرات الأعوام وهي في بيتها...إن الكيان الصهيوني يُدَّمر كل يوم بيوت الفلسطينيين ومزارعهم وبساتينهم من دون أن يتعرض أبداً لمؤاخذة جادة من قبل حلفائه، أو على الأقل من المنظمات الدولية التى تدعي استقلاليتها، من دون أن تتاح للفلسطينيين حتى فرصة نقل أثاثهم أو محاصيلهم الزراعية...".       

 

دوائر اهتمام الرسالة:

1) دائرة الثقافة:  احتلت دائرة "الثقافة "المساحة الأهم في مضامين الرسالة الفكرية، و في هذا الإطار  انتقدت بشدة ما أسمته "السياسات الثقافية للغرب" والتى تعمل على ترسيخ : المعايير المزدوجة للسياسة الغربية، وترجيح مصالحها على القيم الإنسانية، كما أن هذه السياسة مارست ما أطلقت عليه الرسالة "الغزو الناعم الصامت" للثقافات المحلية الأخرى التى أثرَت عبر تاريخها الطويل تراث الإنسانية، ومارست هذه السياسات الغربية الثقافية عليها "الغزو الثقافي", وحاولت "التطبيع الثقافي" بفرض "الثقافة الغربية" وقيمها وعاداتها وأخلاقها بقوة القهر الإعلامي والاقتصادي والسياسي وهو ما أسمته الرسالة "عنفًا صامتًا..عظيم الضرر". والذى مارست فيه السياسة الثقافية للغرب (إذلال الثقافات الغنية والإساءة لأكثر جوانبها حرمة، رغم أن الثقافة البديلة لا تستوعب أن تكون البديل لها على الإطلاق).

وتشير "الرسالة" إلى مضامين الثقافة الغربية وخصائصها والتى كانت السبب الأصيل في معاناة العالم المعاصر وهي :"الصخب" و"التحلل الأخلاقي" "اللذين تحولا إلى مكونين أصليين في الثقافة الغربية، هبط بمكانتها ومدى قبولها حتى في موطن ظهورها". وتؤكد"الرسالة" – في هذا الصدد – إلى أن العالم الإسلامي – يرفض هذه "الثقافة العدوانية المتحللة البعيدة عن القيم".

وفي نفس الوقت ورغم الألم الذي يتعرض له العالم الإسلامي من الغرب إلا أن الرسالة تؤكد على أنه لا بديل عن الحوار الحضاري والعلاقات المتكافئة بين الجانبين "...إلا أن هذه "الأواصر الثقافية" ينبغي أن تقوم على قاعدة "الاحترام والتقدير" المتبادل، فهذه هي الحالة الوحيدة التى يمكن من خلالها "أن تثمر مثل هذه العلاقات وتتطور وتزدهر وفي المقابل فإن الأواصر غير المتناغمة والمفروضة ستعود فاشلة جالبة للخسائر".

2) دائرة الإرهاب والعنف (الجذور الغربية):

 تلفت "الرسالة" انتباه "الشباب في الغرب" إلى ضرورة البحث العقلي في أسباب الإرهاب والعنف وجذوره ونشأته، وهي بدورها تحدد عدة أسباب في تحليلها لهذه الظاهرة. تتمركز جميعها حول فكرة مركزية هي "مبدأ التناقض" في العقل السياسي والثقافي الغربي والذي يطل بأفعاله وسلوكه على العالم الإسلامي الأمر الذي أفقده المصداقية بما يمارسه من ظلم بنفسه أو يدعم من يمارسه ضد المسلمين وهما كفيلين بتأجيج مظاهر العنف والتطرف ضده، ومن شواهد "مبدأ التناقض" التى توردها "الرسالة": "ازدواجية الغرب في التعامل مع حركة الصحوة في العالم الإسلامي"، و"دعم إرهاب الدولة الذي ترتكبه إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني المظلوم"، و"الحملات العسكرية التى تعرض لها العالم الإسلامي في السنوات الأخيرة، والتي تسببت في الكثير من الضحايا. والبلدان التى تعرضت لها فقدت بُناها التحتية الاقتصادية والصناعية، وتعرضت مسيرتها نحو الرقي والتنمية إما للتوقف أو التباطؤ، فضلاً عن الخسائر الإنسانية".

عملت الرسالة على كشف مبدأ التناقض في العقل السياسي الغربي من خلال دعم إرهاب الدولة الذي ترتكبه إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني

وفي تحليل لظاهرة "داعش" ترد "الرسالة" هذه الحالة إلى "ثمرة الصلات الفاشلة مع الثقافات الوافدة"، فهذه الظاهرة لم يعرفها العالم الإسلامي قبل عصر الاستعمار "... إن جماعات دنيئة مثل "داعش" هي ثمرة مثل هذه الصلات الفاشلة مع الثقافات الوافدة. فإذا كانت المشكلة عقيدية حقاً لوجب مشاهدة نظير هذه الظواهر في العالم الإسلامي قبل عصر الاستعمار أيضاً، في حين أن التاريخ يشهد بخلاف ذلك. التوثيقات التاريخية الأكيدة تدلّ بوضوح كيف أن التقاء الاستعمار بفكر متطرف منبوذ نشأ في كبد قبيلة بدوية، زرع بذور التطرف في هذه المنطقة. وإلّا كيف يمكن أن يخرج من واحدة من أكثر المدارس الدينية أخلاقاً وإنسانية في العالم ، والتي تعتبر وفق نسختها الأصلية أن قتل إنسان واحد يعدّ بمثابة قتل الإنسانية كلها، كيف يمكن أن تخرج منها نكرة مثل داعش"

ثم تطرح "الرسالة" سؤالاً استنكارياً حول ظاهرة وجود الشباب الذي تربى في الغرب في مقدمة هذه الجماعات المسلحة، "والسؤال هو : لماذا ينجذب من ولد في أوروبا وتربى في تلك البيئة الفكرية والروحية إلى هذه النوع من الجماعات؟" وتجيب "الرسالة" إلى أن السبب الرئيس في هذا الأمر هو "تلك البيئة الفكرية والروحية "الغربية" الملوثة والمنتجة للعنف والتي تغذي مثل هذه العقول وهذا الوجدان"

لماذا ينجذب من ولد في أوروبا وتربى في تلك البيئة الفكرية والروحية إلى الجماعات الإرهابية المسلحة

وهنا تدعو "الرسالة" الشباب في الغرب إلى الكشف عن أدران الثقافة الغربية وتنقيتها من "الأدران الظاهرة والخفية في المجتمع الغربي" وتشير الرسالة إلى عامل "الكراهية العميقة" كعامل مهم في نشأة الإرهاب، ويأتي ضمن ممارسات السياسة الثقافية في الغرب والتي نشأت مع حركة النهضة العلمية والتكنولوجية المعاصرة. "...وربما كانت الكراهية العميقة التى زرعت في قلوب شرائح من المجتمعات الغربية طوال سنوات الازدهار الصناعي والاقتصادي، ونتيجة حالات عدم المساواة، وربما حالات التمييز القانونية والبنيوية، قد أوجدت عُقداً تتفجر بين الحين والآخر بهذه الأشكال المريضة".

وتنتقد الرسالة في نفس الوقت الردود الغربية المتسرعة على ما حدث في فرنسا 13/11/2015م، ويرى أن هذه الردود لا تخضع لمنطق "العقل" و"العلم" و"البحث", وفي نفس الوقت يمكن أن تأتي بنتائج عكسية سلبية " ...إن أية خطوة هياجية متسرعة تدفع المجتمع المسلم في أوروبا وأمريكا، والمكون من ملايين الأفراد الناشطين المتحملين لمسؤولياتهم، نحو العزلة أو الخوف والاضطراب، وتحرمهم أكثر مما سبق من حقوقهم الأساسية ... إن التدابير السطحية والانفعالية خصوصاً إذا شُرعنت وأُضفي عليها الطابع القانوني، لن تثمر سوى تكريس الاستقطاب القائم وفتح الطريق أمام أزمات مستقبلية".

المستهدف الرئيس لرسالة الإمام الخامنئي هم فئة الشباب في الغرب الأوروبي وأمريكا الشمالية

3) دائرة الشباب:  المستهدف الرئيس لهذه "الرسالة" هم فئة "الشباب في الغرب الأوروبي وأمريكا الشمالية" وتأتي دائرة الاهتمام بهم من خلال دعوتهم إلى النظر إلى قضايا الإرهاب والعنف من منظور أكثر شمولية، وأكثر وعياً بهذه القضية , ومراجعة جميع مدركاتهم وعدم التسليم بما تطرحه وسائل الإعلام الغربية عليهم أو يلقيه الساسة في الغرب من بيانات، وهي دعوة بالأساس لإعمال العقل الثقافي" للشباب في الغرب بهدف تعديل نظرتهم إلى هذه القضية في إطار تغيير النظرة العامة للعالم الإسلامي وللغرب نفسه.

كما تؤكد هذه "الرسالة" للشباب في الغرب، أن العالم الإسلامي ليس في عداء مع الشعوب الغربية؛ ولكنه في عداء مع سياساتها الثقافية التى تقوم على "فرض ثقافتها" بالقوة في محاولة للقضاء على الثقافات المحلية، وأن فكرتي "العنف" و"الكراهية" بذور نشأتهما في الغرب أساساً نتيجة مبادئ السياسة الغربية التى تقوم على "التناقض" و"الازدواجية" و"دعم إرهاب الدولة". وهو ما ينبغي على الشباب في الغرب اكتشافه من أجل "تعديله" و"تغييره في المستقبل". كما يدعو الشباب إلى تحكيم منطق "العقل" و"العلم" في الاستفادة من التجارب المريرة التى عاشتها الإنسانية في ظل السياسات الغربية، وذلك ليكون المستقبل غير الحاضر "... إنني أؤمن أنكم أنتم أيها الشباب وحدكم قادرون باستلهام الدروس من محن اليوم على أن تجدوا السبل الجديدة لبناء المستقبل، وتسدوا الطريق الخاطئة التى أوصلت الغرب إلى  ما هو عليه الآن". "أيها الشباب الأعزاء، إنني آمل أن تغيروا أنتم في الحاضر أو المستقبل هذه العقلية الملوثة بالتزييف والخداع والتى تمتاز بإخفاء الأهداف البعيدة وتجميل الأغراض الخبيثة".

تعتقد رسالة الإمام الخامنئي للشباب الغربي أن إصلاح عالم أفكار الغرب هو الحل الوحيد لسيادة العدل في العالم

تعتقد الرسالة أن إصلاح "عالم أفكار" "الغرب هو الحل الوحيد لسيادة العدل في العالم، وأن هذا الأمر بيد الشباب والذين يجب عليهم القيام بالخطوة الأولى فيه وهي "إصلاح الأفكار المنتجة للعنف" وتصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام والعالم الإسلامي. والارتكاز على معرفة صحيحة وعميقة بهذا العالم. وتختتم الرسالة دعوتها للشباب في الغرب بنظرة تفاؤلية لما يمكن أن يكون عليه المستقبل بشروط ينبغي أن يحققها الشباب الغربي في أنفسهم وفي مجتمعاتهم "...إنني أطلب منكم أيها الشباب أن ترسوا أسس تعامل صحيح وشريف مع العالم الإسلامي، قائم على : ركائز معرفة صحيحة عميقة ومن منطلق الاستفادة من التجارب المريرة". "أنتم الذين يجب أن تتجاوزوا الصور الظاهرية لمجتمعاتكم، وتجدوا مكامن العُقَد والأحقاد وتزيلوها. ينبغي ترميم الهوّات بدل تعميقها", والنتيجة التى تتوقعها الرسالة وتتنبأ لها – في حالة حدوث هذا التعبير الثقافي بين الشباب في الغرب وإصلاح "عالم أفكاره" و"وجدانه" والتزام قواعد العدل والتقدير المتبادل هو بناء "ظلال الثقة والأمن والطمأنينة وإشراق المستقبل بأنوار الأمل على أرض المعمورة". وهذه النتيجة تبرز التفاؤلية في الرسالة" التي تفتح السبل أمام تهيئة مستقبل تنعم فيه الإنسانية بالسعادة والخير والعدالة.

الأهداف الرئيسة:

سعت "الرسالة" التى أطلقها قائد الثورة الإسلامية الإمام السيد علي الخامنئي إلى تحقيق مجموعة من الأهداف من خلال التأكيد على مجموعة من الأفكار والقيم الأساسية في ضوء الأحداث العالمية – خصوصاً – هجمات باريس نوفمبر 2015، والذكرى السنوية لأربعينية الإمام الحسين (ع)، فمن "الألم المشترك"  تظهر الحاجة إلى " إعادة بناء الوعي" لذا فالرسالة كانت موجهة بالأساس إلى "الشباب في الغرب"، وهدفت إلى دعوته لإعادة النظر في إدراك الحالة الإسلامية المعاصرة، وتوعيته بضرورة معالجة الخلل الإدراكي الذي سببه الإعلام الغربي في تقييم ظاهرة "العنف والإرهاب" والبحث عن جذورها الأساسية والتى يتحمل الغرب مسؤولية غرسها وأنه يجني هذه الثمار حتماً، كما جاءت "الرسالة" دعوة للبحث في السياسات الثقافية والتربوية الغربية التى أرست مبادئ "الظلم" و"الاستكبار" العالمي بما مارسته من مبادئ "التناقض" و"الازدواجية" في سياستها الخارجية، وضرورة تنقية هذه الثقافة، وتحقيق الإدراك السوي للعالم الإسلامي من خلال معرفة صحيحة وعميقة بأهداف رسالته، وتاريخه وثقافته وحضارته، وإرساء قواعد للتعامل معه على أساس : الاحترام والتقدير والحوار المتكافئ بما يحقق سعادة وخير البشرية.               

 

**الدكتور حسان عبد الله حسان: أكاديمي مصري-متخصص في الفكر التربوي الإيراني-جامعة دمياط   

  • إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي موقع arabic.khamenei.ir